أثنى علي عبدي
(أثنى علي عبدي)
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
ما مناسبة المقطع لما قبله؟
ابتدأت الآيات بالوصف بالربوبية والرب هو السيد والمصلح والقيوم على الشيء، وهذا يوحي بالكبرياء والعزة والجبروت والقهر، وصف نفسه بالرحمة لئلا يظن ظان أن هذه الربوبية قائمة على العسف والظلم، وليجتمع الطمع مع الخوف، ولئلا يظن ظان أن هذه الربوبية يشوبها حاجة منه لخلقه جل وإنما هي محض رحمة وشمول إحسان.
فهاتان الصفتان هما أساس صفاته التي ترجع إليها بقية الأسماء فالله كما وصف نفسه ( كتب على نفسه الرحمة ) جل وعلا، وقد جاء في الحديث المتفق عليه عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» وجاء أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي “
ما هو الفرق بين الرحمن والرحيم وما هي دلالة الجمع بين هذين اللفظين؟
لماذا نبحث في هذا الفرق؟
قد يتساءل متسائل: ما هي ضرورة وأهمية معرفة الفرق بين الرحمن والرحيم؟ ولم هذا الترف العلمي والغوص في الدقائق؟
وفي الحقيقة فقد سألت نفسي هذا السؤال قبل الشروع في هذا البحث، ثم رأيت أن وضع هذا البحث في خانة الترف العلمي أو العلم غير الضروري من الأخطاء الشنيعة، فهذان الكلمتان اسمان من أشهر أسماء الله الحسنى فهل يمكن أن نصنف البحث في معرفة أسماء الله الحسنى، فمن الضروري للمتدبر لكتاب الله عز وجل أن يعرف ما هي المشاعر التي ينبغي أن تنقدح في نفسه وهو يقرأ هذه العبارة ( الرحمن الرحيم )، وما هي الرسائل التي يحملها مثل هذا الاقتران في أكثر سورة يكررها الإنسان في حياته، وذلك في كل ركعة، وقد بحث العلماء قديما في هذه المسألة ومما قالوه فيها:
أن هذان الاسمان بمعنى واحد؟
وروي هذا عن قطرب حيث قال: المعنى فيهما واحد، وإنما جمع في الآية للتوكيد.
وقد رده السهيلي قائلا: وقول قطرب أنهما بمعنى واحد فاسد، لأنه لو كان ذلك لتساويا في التقديم والتأخير، وهو ممتنع.
وقد أصاب السهيلي في رده لقول قطرب، وليس ذلك للتساوي في التقديم والتأخير فحسب، بل لأنهما لو كانا بمعنى واحد فما الفائدة من صياغة الكلمة على وزن ( فعلان ) مرة وعلى وزن ( فعيل ) مرة أخرى.
كما أن الفاتحة من المواضع التي اختصر فيها الكلام فيبعد في مثل هذه المواضع التوكيد بتكرار الكلمة بهذا الشكل، بل إن عمق الكلام في القرآن، وعمق معانيه، يوحي بأن وراء هذا الاستخدام بهذا الشكل ما وراءه.
الرحمن أبلغ من الرحيم أو الرحيم أبلغ من الرحمن؟
وهذا السياقات من السياقات البحثية التي اعتنى بها أهل العلم في بحثهم في هذه المسألة، فقال قوم الرحمن أبلغ وقال قوم الرحيم أبلغ، ولعل الذي دفعهم لمثل هذا التساؤل ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الرحمن والرحيم ( هما اسمان لطيفان أحدهما ألطف من الآخر )، فانطلقوا من هذا القول للبحث في أيهما ألطف، فبحثوا في أيهما أبلغ.
والذي يظهر أننا لا يجب أن نبحث في ( أيهما أبلغ أو ألطف ) بل أن نبحث عن ( الفرق بينهما )، وهذا التوجه هو الأهم في وهو محور بحثنا هذا، فليحذر الباحث أن ينحرف عن وجهته بمثل هذه التساؤلات التي قد توجه تفكيره في الاتجاه الخاطئ، وسنرى لاحقا كيف أن اسم الرحمن ليس لطيفا بالمعنى الكامل.
أصل المسألة؟
طالما أننا نبحث في الفرق بين الاسمين، لا بد لنا أن ننظر في أصل المسألة حتى ننطلق في الاتجاه الصحيح، فأصل الفرق بين الاسمين هو في الفرق بين صيغة ( فعلان ) ودلالتها، وصيغة ( فعيل ) ودلالتها، فالرحمن على وزن فعلان والرحيم على وزن فعيل وكلاهما مشتق من الفعل ( رَحِمَ ) المتعدي، وانتبه جيدا لقولنا ( المتعدي ) فسينبني عليها مستقبلا ما سينبني.
أولا: صيغة فعيل.
الذي يظهر في ( الرحيم ) أنها على وزن فعيل التي يراد بها المبالغة من اسم الفاعل ( راحم )، أي كثير الرحمة واصلها، وهذا الذي ذهب إليه سيبويه أعني أنها اسم مبالغة، ولا تسل لم ابتدأت بالاسم الثاني فسيأتيك الجواب.
ثانيا: صيغة فعلان.
صيغة فعلان هي إحدى صيغ الصفات المشبهة باسم الفاعل، والصفات المشبهة هي مجموعة من الأوزان تستخدم للإشارة إلى قيام المعنى في الفاعل، ومن هذه الأوزان ( فعل، أفعل، فعيل، ووزننا محل البحث فعلان )
صيغة فعلان تستخدم مع بعض هذه الصفات للدلالة على ( الامتلاء إلى الحد الأقصى ) مثل غضبان: أي الممتلئ غضبا، وقيل للدلالة على ( الخلو والامتلاء ) مثل شبعان، وعطشان.
صيغة فعلان هذه تدل على صفة مؤقتة غير دائمة في صاحبها.
وهي لا تستخدم إلا في الأفعال اللازمة التي تشير إلى صفات ذاتية ليست متعدية للغير.
وأكثر ما يلفت النظر في هذه الدلالات الثلاثة ( اللزوم، الامتلاء أو الامتلاء إلى الحد الأقصى، الوقتية ) هو اللزوم، إذ كيف ترد مثل هذه الصيغة المستعملة مع الأفعال اللازمة، كيف ترد مع فعل متعدٍ، وربما كان هو السبب الذي دفع العرب إلى استغراب مثل هذا الاسم حيث تساءلوا ( وما الرحمن ) لأنهم لم يعتادوا سماع صيغة ( فعلان ) إلا في الأفعال اللازمة، وربما كان سؤالهم تعنتا، وربما كان أيضا هذا هو السبب الذي دفع ابن مالك إلى إنكار أن يكون ( الرحمن ) صفة مشبهة كما قال في شرح التسهيل، إذ أن مثل هذا الاشتقاق لا يكون إلا لصفة قائمة في ذات الشخص كالصفات الشخصية، أما ( رحم ) فهو فعل متعد لأنه يستوجب راحما ومرحوما، فما السبيل إلى الإجابة عن مثل هذا؟
قال بعض أهل العلم، أن الفعل المتعدي إذا صار كالسجية لموصوفه ينزل منزلة أفعال الغرائز والصفات الذاتية، وهذا جواب جيد إلا أن أجزاء الصورة لا تكتمل به، إذ تصبح الصفتان الرحمن والرحيم بنفس المعنى.
ثم نظرت في المسألة فهداني الله أن رأيت أنه ربما كان المقصود بمثل هذا الاشتقاق الإشارة إلى أمر دقيق، وهو أن المراد بهذا الاسم الإشارة إلى أن الله (ممتلئ بالرحمة إلا أن هذه الرحمة غير واصلة ) بمعنى أن (الرحمة عنده كثيرة إلا أنها قاصرة عليه لم تتعدى إلى غيره) فكأنها صارت صفة ذاتية شخصية لازمة.
قادني هذا إلى أن اسم الرحمن اسم جلال ومهابة وعظمة ورهبوت، بعكس اسم الرحيم، الذي يدعوك إلى الطمع في رحمة هذا الراحم كثير الرحمة، والسر في الرهبة التي يحملها هذا الاسم هو تصور إله عنده كل الرحمة إلا أن هذه الرحمة ممنوعة عنك، بسبب ما اجترحت يداك طبعا، وهذه صورة في غاية الحسرة والأسى والحزن، أضف إلى ذلك ما يحمله الوزن من معنى الخلو، أو الوقتية أو الطروء.
ولأن هذا القول فيه من الغرابة ما لا يخفى، رأيت أن أرجع إلى كتاب الله عز وجل الذي أنزله الله ( تبيانا لكل شيء ) وأنزله ( ليحكم بينكم )، ثم أتتبع المواضع التي جاء بها اسم الرحمن لعلها تعضد هذا الرأي أو تأتي على بنيانه من القواعد.
الرحمن في القرآن
وردت كلمة الرحمن في القرآن سبعا وأربعون مرة إذا استثنينا البسلمة من السور جميعها، في خمس مواضع منها جاءت مقترنة مع الرحيم، وتوزع العدد كالتالي
إجمالي |
مفصل |
سورة |
الآية |
1 |
1 |
الفاتحة |
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
2 |
1 |
البقرة |
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ |
3 |
1 |
الرعد |
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) |
4 |
1 |
الإسراء |
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى |
5 |
1 |
مـــــريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم |
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا |
6 |
2 |
يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) |
|
7 |
3 |
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) |
|
8 |
4 |
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) |
|
9 |
5 |
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) |
|
10 |
6 |
قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) |
|
11 |
7 |
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) |
|
12 |
8 |
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) |
|
13 |
9 |
لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) |
|
14 |
10 |
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) |
|
15 |
11 |
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) |
|
16 |
12 |
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) |
|
17 |
1 |
طه |
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) |
18 |
2 |
وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) |
|
19 |
3 |
يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) |
|
20 |
1 |
الأنبياء |
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) |
21 |
2 |
وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) |
|
22 |
3 |
قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) |
|
23 |
4 |
قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112) |
|
24 |
1 |
الفرقان |
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) |
25 |
2 |
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) |
|
26 |
3 |
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) |
|
27 |
1 |
الشعراء |
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) |
28 |
2 |
النمل |
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) |
29 |
1 |
يس |
إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) |
30 |
2 |
قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) |
|
31 |
3 |
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) |
|
32 |
4 |
قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) |
|
33 |
1 |
فصلت |
تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) |
34 |
1 |
الزخرف |
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) |
35 |
2 |
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) |
|
36 |
3 |
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) |
|
37 |
4 |
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) |
|
38 |
5 |
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45) |
|
39 |
1 |
ق |
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) |
40 |
1 |
الرحمن |
الرَّحْمَنُ (1) |
41 |
1 |
الحشر |
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) |
42 |
1 |
الملك |
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) |
43 |
2 |
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) |
|
44 |
3 |
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) |
|
45 |
4 |
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) |
|
46 |
1 |
النبأ |
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) |
47 |
2 |
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) |
لقد جئت ببدع من القول؟
لا أبدا، فقد حام البرزباذاني حول هذا المعنى فيما نقله عنه الزركشي في البرهان قائلا: ( وذكر البرزاباذاني أنهم غلطوا في تفسير الرحمن حيث جعلوه بمعنى المتصف بالرحمة قال: وإنما معناه الملك العظيم العادل لدليل:
{الملك يومئذ الحق للرحمن} إذ الملك يستدعي العظمة والقدرة والرحمة لخلقه لا أنه يتوقف عليها
{وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن} وإنما يصلح السجود لمن له العظمة والقدرة و
{إني أعوذ بالرحمن} ولا يعاذ إلا بالعظيم القادر على الحفظ والذب
{وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} أي: وما ينبغي للعظيم القادر على كل شيء المستغني عن معاونة الوالد وغيره أن يتخذ ولدا
{الرحمن لا يملكون منه خطابا}
{وخشعت الأصوات للرحمن}
{قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن} ولا يحتاج الناس إلى حافظ يحفظهم من ذي الرحمة الواسعة
{إلا آتي الرحمن عبدا}
{إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن}
{وربنا الرحمن المستعان}
{من خشي الرحمن بالغيب}
ولا مناسبة لمعنى الرحمة في شيء من هذه المواضع ).
وكلامه هذا ليس ببعيد البتة عن ما اخترته من دلالة لاسم الرحمن، بل إن اختياري هذا لا يتعارض مع ما ذكر من تفاسير في آية ( الرحمن الرحيم ) فمما قيل فيها: أن الأولى صفة لذاته والثانية صفة لفعله وهذا تقريبا عين ما ذهبت إليه، بل إن كلامي لا يزيد عن هذا القول إلا أنه أوضح شيئا يسيرا، أو أنه يعتبر تفسيرا لهذا القول.
وكذلك قول من قال أنهما اسمان لطيفان أحدهما ألطف من الآخر لا يعارض مع ذهبنا إليه، فإن اسم الرحمن مع أنه اسم رهبة وجلالة إلا أنه مشتق من الرحمة أصلا فالله عز وجل كأنه يخوف عباده في هذا الاسم بعدم وصول رحمته إليهم، ومع أن هذا الأمر في غاية الخوف أقصد عدم وصول الرحمة إلا أنه يبقى أقل وقعا من عبارة ( أليس الله بعزيز ذي انتقام ) مثلا، فلأجل هذا كان الرحمن اسما يحمل مهابة وجلالة مغشاة بالرحمة، فكان لطيفا إلا أن الرحيم أي الذي يرحم، ألطف لأن وصول الرحمة في هذه الحالة مؤكد.
ومثله قول من قال: أن الرحمن لجميع الخلائق وأن الرحيم خاص بالمؤمنين أو بالمؤمنين يوم القيامة خاصة، وهذا أيضا لا يعارض اختياري فإن الرحمة واصلة حتما للمؤمنين يوم القيامة أو قبلها، وأنه رحمان بالنسبة للعباد جميعا جل وعلا لأن اتصافه بهذا لا يعني بالضرورة وصول الرحمة إلى خلقه جميعا باعتبار رحمة الهداية والتوفيق.
ختاما
إذا أتتك مقالتي هذه، فلا تستعجل في قبولها فإن فيها جدة، ولا تستعجل بردها فأصولها ليست فاسدة، وسرعة القبول والرفض كلاهما يدلان على سذاجة غير محمودة، وتأمل فيها وضعها في زاوية زوايا فكرك لعلها تفتح لك أبوابا.
ما الذي نستفيده من كل ما سبق؟
لا شك أن المقصود من تكرار الكلام هو استحضار معان معينة في نفس القارئ وتذكيره بها، ولا بد للقارئ أو التالي لكتاب الله أن يعلم معاني هذا الكلام حتى تنقدح في نفسه المعاني الصحيحة، فلا بد إذا من البحث في دلالات الألفاظ، فما بالك لو كان هذا اللفظ اسما من أسماء الله الحسنى، بل واسم له تميزه وخصوصيته، إذ أنه من الأسماء التي لم يتسم بها إلا الله عز وجل، إذ يجوز وصف الإنسان بأنه رؤوف وأنه رحيم ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) وأنه سميع وأنه بصير ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعناه سميعا بصيرا )، أما الرحمن – فمثل اسم الله – فلم يتسم أحد به قط.
فينبغي للقارئ المتدبر حين يسمع أو يقرأ اسم الرحمن أن تجيش في نفسه مشاعر التعظيم والخضوع والخشية من أن يحرم من رحمة الله الذي وسعت رحمته كل شيء والذي كتب على نفسه الرحمة، فينشأ في نفسه عطش وحاجة ولهفة على رحمته، ثم يأتي اسم الرحيم ليبل الصدى ويشفي العليل.
هذا هو المراد فيما يظهر – والله أعلم – من هذين الاسمين وتتابعهما بهذا الشكل، فالأول يحرك فيك الشوق للرحمة والثاني يبشرك بوصولها إليك، وهذان معنيان مختلفان كل الاختلاف عن تعبيرنا: أن الرحمن ذو الرحمة الواسعة والرحيم ذو الرحمة الواصلة.
وبعض المعاني يكفي الإشارة فيها، وأما الإسهاب في شرحها فيفسد جمالها.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved