حمدني عبدي

(حمدني عبدي)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)

ما مناسبة هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟

ذكرنا سابقا أن هذا المقطع بمثابة التهيئة والتوطئة لما سيأتي بعده من السؤال، ومن التوفيق وحسن الطلب أن يقدم السائل مدحا وثناء وتمجيدا بين يدي طلبه، وذلك أقرب للإجابة.

ما هي المعاني التي يحملها هذا التعبير ( الحمد لله )؟

الحمد مرفوع في جميع القراءات المروية، وأصل الكلام النصب على أنه بدل من الفعل وتقدير الكلام ( نحمد حمدا )، ومثله قولنا: شكرا والمعنى ( أشكرك شكرا )، ثم عدل عن النصب إلى الرفع على الابتداء، هم لا يعدلون عن الأصل إلا وهم يرمون إلى غرض عدلوا لأجله، وهذا العدول يدل على ثلاثة معان:

الأول: الدلالة على الدوام والثبات بمصير الجملة إسمية بدل أن كانت فعلية.

الثاني: الدلالة على العموم المستفاد من أل الجنسية الدالة على الاستغراق، فيكون المعنى كل أنواع الحمد لك.

الثالث: الدلالة على الاهتمام المستفاد من تقديم كلمة الحمد على غيرها،

ما معنى الابتداء بالخبر ( الحمد لله )؟

هذا الخبر هنا توجيه لطيف إلى حمد الناس، فمعناه الأمر، ومن رحمة الله أن السورة لم تبتدئ بالأمر ( احمدوا الله ) وإنما بالخبر، لأن الأمر يفيد التكليف، فساق الخطاب بصيغة الخبر البعيدة عن التكليف والتي تحمل في طياتها لطفا في التوجيه نحو الأمر.

ما وجه استخدام الحمد دون مرادفاتها كالمدح والشكر؟

مواضع الاختلاف

المدح

الحمد

الشكر

تعريفه

حسن الثناء

الثناء باللسان على الجميل الاختياري

الثناء على الإنسان بمعروف يوليكه

سببه

يكون عن يد وغيرها

لا يكون إلا عن يد

طريقه

يكون

باللسان

يكون بالفعل واللسان والجنان

موضعه

يكون للصفات الاختيارية والأمور الجبلية

يكون للفواضل و للفضائل لما تؤديه من أفعال اختيارية

لا يكون إلا للنعمة

محله

يكون على الفعل والصفة

لا يكون إلا على الفعل

صفات المحل

يكون للحي والميت

لا يكون إلا للحي

زمنه

قد يكون قبل الإحسان

لا يكون إلا بعد الإحسان

صفته

قد يكون محمودا ومذموما

لا يكون إلا محمودا

تعلقه

متعلق بالفضائل باختياره وغير اختياره

متعلق بالإحسان إليك وإلى غيرك

ما يكون معه

قد يكون من غير محبة

لا يكون إلا عن محبة

أحواله

قد يكون تهكما واستهزاء

لا يكون إلا على جهة التفضيل

عكسه

الهجو

الذم

الكفر

ما مناسبة ذكر لفظ الجلالة ظاهرا هنا؟

ذكر لفظ الجلالة ظاهرا هنا ( الله ) يجعل القلب يتلهف ويتلذذ بهذا الذكر، ويمتل أنسا واطمئنانا، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب كما جاء عند البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ».

ومعلوم أن المحب يأنس ويرتاح لذكر اسم محبوبه بل ويشتهي سماع اسمه دائما، وفيه يقول الشاعر:

يا مَن يُذكِّرني بعـهد أحبَّتـي     طاب الحديثُ بذكرهم ويطيبُ

أعِدِ الحديثَ عليَّ من جنباتِه     إنَّ الحديث عن الحبيب حبيبُ

ما هي مناسبة استخدام لفظ الجلالة خاصة دون غيره من الأسماء؟

ظهر لنا في استخدامه في هذا الموضع مناسبتان:

الأولى: أن هذا الاسم يدل على الجلالة والمهابة، وذكره قبل ذكر الرب لأجل التعظيم والتفخيم.

الثانية: أن الراجح في معنى اسم الله أنه مأخوذ من الإلاهة وهي العبادة، ولكن الله اختص به نفسه جل وعلا، والإتيان بلفظ الجلالة ( الله ) مناسب غاية المناسبة لمقصد السورة من الحديث عن العبادة كما جاء في الآية التي قسمها الله بينه وبين عبده كما سيأتي.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها إضافة الرب إلى العالمين؟

إضافة الرب إلى العالمين لبيان شمول الربوبية لجميع أصناف الخلق، فالعالمين جمع عالم، والعالم اسم لأصناف الأمم، فكل صنف منها عالم، فهو اسم لكل جنس يُعلم به الخالق، وتالي هذه اللفظة لا بد أن يستحضر عظمة الخلق وشمولية الربوبية.

ما معنى الرب؟

الرب لها ثلاثة معان:

الأول: السيد المطاع ومنه قوله تعالى ( معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ) أي سيدي على أحد أقوال التفسير، وكما قال لبيد بن ربيعة: وأهلكن يوما رب كندة وابنه ورب معد بين خبت وعرعر.

الثاني: المربي المصلح للشيء، أي الذي يرعاه حالا فحال، ومنه قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم فسماها ربيبة وربه يربه بمعنى رباه والرب بمعنى المربي والسائس

الثالث: المالك للشيء، ومنه قوله تعالى ( ارجع إلى ربك ) أي إلى الذي يملكك.

ما هي مظاهر الربوبية؟

ذكرنا أن الرب بمعنى المالك والسيد والمصلح، وتتجلى مظاهر الربوبية في أربعة أشياء:

1- تربية خلقية يكون بها نموهم وكمال قواهم النفسية والعقلية.

2- تربية هداية فطرية.

3- تربية هداية شرعية.

4- تربية معيشية بتسخيره لهم كل دابة ومادة وتيسير أرزاقهم.

ونحن إذ فصلنا هذا التفصيل لأجل أن يستحضر القارئ هذه المعاني وهو يقرأ قوله تعالى ( رب العالمين ) وأن يعرف مناطات الحمد لهذا الرب المنعم، وحتى ينطق قلبه بهذه الكلمات قبل أن ينطق بها لسانه.

 2019 04 12 23h46 04

 

Map Shot 1

2019 04 12 23h29 45

Map Shot 3

Map Shot 4

Map Shot 9

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved