ولعبدي ما سأل
(ولعبدي ما سأل)
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
ما مناسبة هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟
ههنا تهيأ لأصحاب هذه المناجاة أن يسعوا إلى طلب الغرض الأعظم ألا وهو الهداية، وهذا هو توجيه كون الفاتحة بمنزل الديباجة للكتاب الذي أنزل هدى للناس ورحمة، فتتنزل هاته الجملة مما قبلها منزلة المقصد من الديباجة، أو الموضوع من الخطبة، أو التخلص من القصيدة، وهذا هو الذي دعانا لاختيار ( سؤال الهداية كمقصد للسورة )
ما مناسبة استخدام لفظ الصراط دون غيرها؟
الصراط هنا أحد أسماء الطريق، وسمي الصراط صراطا لأنه يبتلع المارة، وأصلها من سرط، وأكثر من تكلم على الصراط غلب جانب السهولة واليسر في المرور، والذي يظهر لي قضية الغيبة في الصراط وليس السهولة في المرور، يقول ابن فارس في المعجم ( (سَرُطَ) السِّينُ وَالرَّاءُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى غَيْبَةٍ فِي مَرٍّ وَذَهَابٍ. مِنْ ذَلِكَ: سَرَطْتُ الطَّعَامَ، إِذَا بَلَعْتَهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا سُرِطَ غَابَ. وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: السِّرَاطُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الذَّاهِبَ فِيهِ يَغِيبُ غَيْبَةَ الطَّعَامِ الْمُسْتَرَطِ. )
فالذي يظهر أن استخدام هذه اللفظة هنا للإشارة إلى قضية غيبة الناس في هذا الطريق، وأن هذا الطريق لا رجعة فيه، لأن الناس تغيب فيه لا تظهر بعد ذلك، فالأمر جد وليس بالهزل، ومن سلك الطريق غاب فيه فلا إقالة بعده.
وبنوا الصراط على زنة فِعال لأنه مشتمل على سالكه اشتمال الحلق على الشيء المسروط وهذا الوزن كثير في المشتمِلات على الأشياء كاللحاف والخمار والرداء والغطاء والفراش والكتاب إلى سائر الباب، [و]يأتي لثلاثة معان:
أحدها: المصدر كالقتال والضراب.
والثاني: المفعول نحو الكتاب والبناء والغراس.
والثالث: أنه يقصد به قصد الآلة التي يحصل بها الفعل ويقع بها كالخمار والغطاء والسداد لما يخمر به ويغطى ويسد به؛ فهذا آلة محضة والمفعول هو الشيء المخمر والمغطى والمسدود.
ومن هذا القسم الثالث إله بمعنى مألوه؛
ما المقصود بالصراط المستقيم؟
الذي نراه والله أعلم وأحكم أن مثل هذه الأسئلة فيها من التكلف ما فيها، والسلف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يسألون مثل هذه الأسئلة ولا يدققون هذه التدقيقات، إذ أن المعنى العام معروف لا يخفى على أحد، وكثيرا ما نفسد روعة الكلام والمعاني بمثل هذه الأسئلة التي لا تحمل مزيد علم ولا فائدة.
ما مناسبة تقييد الصراط بأنه مستقيم؟
هذه اللفظة تشعر أن توجه الإنسان في أصل خلقته وفطرته – التي فطره الله عليها – هي إلى الله عز وجله مباشرة، ووجهه نحوه، فإن ترك يسير سيرا طبيعيا مستقيما كما هو في أصل وجهته التي خلقه الله عليها لوصل إلى نعمة الله، لكن الحال أنه تأتيه الصوارف فتصرف وجهه يمينا وشمالا عن المضي نحو وجهته التي كان عليها ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله )، والخط المستقيم هو أقرب مسافة بين القاصد ووجهته التي يريدها.
فالأصل في الإنسان أنه مهدي إلى التوحيد بفطرته كما قال الله عز وجل( ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ( 172 ) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ( 173 ) ) فالإنسان في طبيعته مفطور على التوحيد يسير فيه إلى الله مباشرة لو ترك دون أن ينحرف ذات اليمين أو ذات الشمال.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها تعدية فعل الهدى بنفسه في هذه الآية؟
يقول ابن فارس في المعجم :(هَدَيَ) الْهَاءُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلَانِ [أَحَدُهُمَا] التَّقَدُّمُ لِلْإِرْشَادِ، وَالْآخَرُ بَعْثَةُ لَطَفٍ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ هِدَايَةً، أَيْ تَقَدَّمْتُهُ لِأُرْشِدَهُ. وَكُلُّ مُتَقَدِّمٍ لِذَلِكَ هَادٍ. قَالَ:
إِذَا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي الْبِلَا … دِ صَدْرُ الْقَنَاةِ أَطَاعَ الْأَمِيرَا
وَيُنْشَعَبُ هَذَا فَيُقَالُ: الْهُدَى: خِلَافُ الضَّلَالَةِ. تَقُولُ: هَدَيْتُهُ هُدًى. وَيُقَالُ أَقْبَلَتْ هَوَادِي الْخَيْلِ، أَيْ أَعْنَاقُهَا، وَيُقَالُ هَادِيهَا: أَوَّلُ رَعِيلٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ. وَالْهَادِيَةُ: الْعَصَا، لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ مُمْسِكَهَا كَأَنَّهَا تُرْشِدُهُ.
وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: نَظَرَ فُلَانٌ هَدْيَ أَمْرِهِ أَيْ جِهَتَهُ، وَمَا أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ، أَيْ هَدْيَهُ. وَيَقُولُونَ: جَاءَ فُلَانٌ يُهَادِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، إِذَا كَانَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا. وَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ ثُمَّ رَمَيْتُ بِآخَرَ هُدَيَّاهُ، أَيْ قَصْدَهُ.
ما مناسبة سؤال الهداية مع أننا على الهداية مسبقا؟
سؤال الهداية مع وجود أصلها عند المسلم له دلالتين:
الأولى: طلب الزيادة، فكل إنسان تنقص منه هذه الهداية وتزيد، فوجب عليه أن يسأل الله الزيادة دائما.
الثانية: طلب الاستمرار، وأن يختم للعبد على هذه الهداية.
ما دلالة تكرار كلمة الصراط؟
أصل الكلام أن يقال: إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، ولو قيل لهذا لأوهم معرفة الحق بالرجال، لكن لما قال: اهدنا الصراط المستقيم عرفنا الصراط بذاته، فالقاعدة أن الحق يعرف بالحق ولا يعرف بالرجال.
ما دلالة استخدام نا الدالة على الجماعة في سؤال الهداية وفي الإقرار بالعبادة وطلب الاستعانة كذلك في المقطع السابق ( إهدنا – نعبد – نستعين )؟
فيها عدة مناسبات:
منها: أنها دليل على شعور المسلم العميق بالجماعة وبأنها جزء منه كما أنه هو جزء منها وحضورها في باله وذهنه أبدا، وأن جماعة المسلمين تتساوى أقدامهم في عبادة الله والتحرك له، ولهذا تكلم هنا باسم الجماعة، والجماعة هنا هي جماعة عموم المسلمين.
وهذا فيما أراه من أهم المعاني التي يشير إليها الجمع في هذه السورة، فقط طغت فكرة التدين الفردي عند المسلم خاصة في الآونة الأخيرة من عمر الأمة الإسلامية تحت ضغط سلطة الثقافة الغالبة من المناداة بالحرية وأشباهها من الدعوات، وتحول الإسلام في أذهان الكثيرين من نظام أمة إلى مجموعة من العبادات الفردية.
فهذا الجمع ينفي نفيا قاطعا فكرة التعبد الفردي فالعبادة نظام أمة وليس نظام تعبد فردي
ومنها: أن في هذا النداء توجه إلى الله عز وجل بجماعة المسلمين، فكأن العبد يقول : أتوجه إليك يا رب باعتباري فردا من هذه الأمة التي أنعمت عليها، أن تهديني الصراط المستقيم، وهذا كما يقول العبد للملك المعظم شأنه نحن عبيدك ومماليكك وتحت طاعتك ولا نخالف أمرك فيكون هذا أحسن وأعظم موقعا عند الملك من أن يقول: أنا عبدك ومملوكك ولهذا لو قال: أنا وحدي مملوكك استدعى مقته؛ فإذا قال: أنا وكل من في البلد مماليكك وعبيدك وجند لك كان أعظم وأفخم لأن ذلك يتضمن أن عبيدك كثير جدا وأنا واحد منهم وكلنا مشتركون في عبوديتك والاستعانة بك وطلب الهداية منك فقد تضمن ذلك من الثناء على الرب بسعة مجده وكثرة عبيده وكثرة سائليه الهداية ما لا يتضمنه لفظ الإفراد فتأمله.
وإذا تأملت أدعية القرآن رأيت عامتها على هذا النمط نحو ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ونحو دعاء آخر البقرة وآخر آل عمران وأولها وهو أكثر أدعية القرآن الكريم).
ومنها: أن في هذا الاستخدام دليل على حرص المسلم على إخوانه، ورغبته الشديدة على أن يكون لهم من الهدى مثل ما له من النصيب، فلا يطيب العيش إلا برؤيتهم على الصراط المستقيم، ولا يكتمل نعيم الجنة إلا بوجودهم معه.
ومنها أن هذا التعبير يشير إلى أن العبد عابد لله تعالى على طريقة غيره من أهل العبادة المرضية؛ فهو لا يشذ عنهم بما لا يجوز ولا يتفرد بما لا يقبل من عبادة مبتدعة ونحوها.
ومنها أيضا: الإشارة إلى القياد العالمية التي هيأتها البعثة المحمدية ونقلتها من بني إسرائيل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
ما مناسبة التعبير عن المهتدين بأنهم الذين ( أنعمت عليهم )؟
المتأمل في هذا التعبير يرى أن المراد منه هم ( المهتدون ) على الصراط المستقيم، لكن لم يعبر عنه بلفظ المهتدين وإنما بلفظ ( الذين أنعمت عليهم ) وكأن هؤلاء الذين قالوا ( إياك نعبد وإياك نستعين )، لم يطلبوا النعمة ابتداء وإنما طلبوا الاستقامة، ولكنهم عرضوا بالنعمة تعريضاً، فلم يقولوا أنعم علينا ولا قالوا: صراط الذين هديتهم، وفيه أيضاً إشارة إلى أن الهداية من الإنعام بل هي أكبره بل لا يكاد غيرها يذكر معها وهذا من أكمل الأدب ومن أدلة المعرفة العالية بالله تبارك وتعالى.
فالمتأمل يرى
من هم المقصودون بالمغضوب عليهم والضالين؟
ذهب أكثر المفسرين إن لم يكن كلهم إلى أن المراد باليهود هم المغضوب عليهم، وأن المراد بالضالين هم النصارى، وعللوا هذا بأن اليهود علموا الحق ولم يتبعوه وأن النصارى ضلوا عن الحق فلم يعلموه ولم يتبعوه، وهذا يحتاج إلى مزيد بحث وتمحيص، لأن السؤال الذي يظهر هنا هو أنه يوجد في كلا الفريقين من عرف الحق ولم يتبعه، وفي كلا الفريقين من جهل الحق فضل عنه، وأجيب عن هذا بأن كل أمة وصفت بما غلب عليها، وهذا جواب فيه نوع قوة.
وسؤال آخر يظهر أيضا: أن من جهل الحق لم يحاسب أصلا، فكيف نحاسب من لم يعلم طريق الحق أصلا، وهذا التفسير يلقي في النفس أن الجهل هو السبب الوحيد لترك الحق إلى جانب العلم وهذا فيه نظر، فإن الإعراض من أسباب ترك الحق، بمعنى أن الإنسان قد يعلم الحق ثم يعرض عنه وينشغل عنه، وهذا من أسباب الضلال وليس الجهل فحسب، ومن أسباب الضلال أيضا إيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فكثير من كلا الفريقين – اليهود والنصارى – يعلم الحق ولكنه يؤثر ما هو فيه من المكاسب الدنيوية من مال أو جاه على اتباع الحق.
فهذه القسمة بين من علم ولم يتبع فكان من المغضوب عليهم ومن جهل فلم يتبع فكان من الضالين، قسمة حولها تساؤلات.
وقد لاحت لي قسمة ربما تكون أكثر رسوخا، وهي قسمة المضلين والضالين، فإن استخدام لفظ الضالين في آخر السورة يشير إلى القسيمه وهو الضالين كما قال الله تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) )، وليس هذا الموضع الوحد الذي جاءت به هذه الثنائية، فالمتتبع لهذه القضية في القرآن يجدها في كل مكان فيه، مرة باسم الذين استكبروا والذين استضعفوا، ومرة بالذين اتبعوا والذين اتبعوا، ومرة بالضعفاء والذين استكبروا، إلى غير ذلك، وقد أفرده الشيخ فريد الأنصاري بمؤلف خاص.
ولو تأملت هذه الثنائية لوجدت لمن فسر المغضوب عليها والضالين باليهود والنصارى فإن اليهود هم الذين أضلوا النصارى، ومن المعروف أن شاول الطرسوسي اليهودي المعروف ببولس الرسول الذي ادعى الدخول في دين النصرانية هو الذي أدخل عقيدة الصلب والفداء في النصرانية، وهو يعتبر أهم رجل في المسيحية بعد المسيح عليه السلام، والعهد الجديد المكون من 27 كتابا يحوز بولس 14 كتاب من إجماليها أي 52% من العهد الجديد، وإذا أضفت لها كتابي إنجيل لوقا وأعمال الرسل كتابي لوقا تلميذ بولس، حاز على 60% من العهد الجديد، وقد كان شاول هذا يضطهد النصارى وقتل منهم خلقا كثيرا، حتى رأى نورا كما يدعي هو وهداه إلى النصرانية بعقيدتها الحالية المرتكزة على الصلب والفداء.
والمتأمل في عقائد كثير من المذاهب الضالة المنتسبة منها للإسلام يجد الأمر قريبا مما جاء به بولس فهم ينسبون شيئا من صفات الله لأحد من خلقه ليدخلوا الشرك فيها، سواء كان من الأولياء أو الصالحين أو الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا قرينة على أن هذه الضلالات ترجع إلى مشكاة واحدة وهي هؤلاء اليهود الذين لم يكتفوا بالضلال فحسب ولكنهم بذلوا وسعهم في إضلال الناس.
وهذه القضية لا تنطبق عليهم فحسب كما ذكرنا ولكن على كل من سعى في إضلال الناس من شياطين الإنس والجن.
فعلى هذا القول يصبح لهذا التفسير وجه لكن من ناحية أخرى وهي ثنائية الإضلال والضلال.
على هذا، لماذا لم يذكر المضلون صراحة وعبر عنهم بالمغضوب عليهم؟
هذ اللفظ فيه معنى زائد، فإن الثنائية ( المضلين والضالين ) واضحة من مجيء لفظة المضلين، فإنه لا بد لكل ضال من مضل، وأما لفظ المغضوب عليهم فزاد في المعنى شيئا آخر لهؤلاء المضلين، فوصفهم بالغضب بسبب كونهم مضلين، ولو أنه قال: غير المضلين ولا الضالين لفات هذا المعنى، فتبارك الله الذي لا ينزل مثل هذا الكلام سواه.
وفي هذا تحذير شديد من اتباع صراط المضلين فإن عاقبته الغضب.
ما هي دلالة التعبير عن الأصناف الثلاثة بهذا الشكل؟
أما الصنف الأول فقد ذكرهم الله بلفظ:
أنعمت عليهم: فأبرز الضمير الدال على الله للإشارة إلى أن الهدى من الله وحده وهذا رد إلى موضوع العبادة والاستعانة، ودائما يبرز لفظ الرب أو الضمير الدال عليه حين الحديث عن النعم وما شابه.
وفيه أيضا إلى أن الهدى نعمة من الله، لا على المستوى الفردي فحسب بل على مستوى الأمة، وتأمل حال الأمم التي أنهكتها المذاهب الأرضية من اشتراكية وشيوعية ورأسمالية وتحررية ، كلما برز مذهب منها سقط وخلفه أخوه.
أما الصنف الثاني فذكروا بلفظ المغضوب: بالمبني على من لم يسم فاعله وفي هذا إشارة إلى التركيز عليهم وعلى الغضب النازل عليهم وأغفل ذكر الغاضب ليعم كل شيء إذ يمقتهم كل شيء الخالق والمخلوقين، وفيه أيضا إشارة إلى أنهم استحقوا الغضب أصالة بسبب أنفسهم واجتهادهم في صرف الناس عن الحق.
أما الصنف الثالث: فذكروا بلفظ الضالين: وفي هذا إشارة إلى ثبوت الضلال عليهم وأنه من فعلهم خاصة وبما كسبت أيديهم.
فأعطى كل صنف ما هو الأليق به.
كلمة أخيرة..
بعيدا عن التطويل والتكاثر في بيان أهمية هذه السورة العظيمة، يبقى العلم الحقيقي في هذه السورة هو استحضار هذه المعاني كلما قرأتها وسقاية القلب بها كلما سمعها الإنسان في صلاته أو رددها بلسانه، وأن يجعل هذه السورة ومعانيها نبراسا يهتدي به في الظلم، وحاشا لله الكريم الرحيم أن يضل عبدا سأله الهداية بإقبال وصدق وانكسار وافتقار سبع عشرة مرة كل يوم، وهو يناجيه ، واقف بين يديه مقبل عليه.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved