(في عرصات القيامة)
المادة مفرغة من محاضرات للدكتور أحمد عبد المنعم
(في عرصات القيامة)
( ولو ترى إذ الظالمون.. )
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)
ما هو موضوع هذا المقطع؟ وما مناسبته لما قبله؟ وما مناسبته لمقصد السورة؟
ذكرنا سابقا أن كل السبب الرئيسي للرفض هو: عدم الإيمان بالحساب، وهي مجرد حيلة نفسية للهروب، لأن مشكلته ليست عدم الاقتناع، ولكن المشكلة أنه لا يريد حسابا على أعماله، ولأجل هذا ولشدة وضوح الأمر ولشدة تعتنتهم على الرغم من ذلك، لم يناقشهم الله عز وجل في موضوع يوم الدين، ولكنه تجاوز ذلك إلى وصف حالهم يوم يأتيهم يوم الدين، فتجاوز مرحلة الإقناع إلى مرحلة وصف حالهم يوم القيامة، وهذا ظاهر في هذه النقلة المفاجئة من قولهم لن نؤمن بهذا القرآن وبين ما تلاها من حوار بين المستضعفين والمتسكبرين في الآخرة.
وأي صورة، وهم يلعنون بعضهم بعضا ويكفر بعضهم ببعض.
ما مناسبة قوله ( لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ) هنا؟
هنا تتكرر قضية مهمة وهي ضرب المؤمنين في صلب قوتهم ألا وهو الوحي والقرآن، لأن الداعية في هذه السورة لا يملك مالا ولا عتادا ولا قوة، إلا قوة القرآن والوحي،
ما دلالة قوله ( ولو ترى ) ؟
هذا من أعظم الإشارات الدالة للتعجب.
ما دلالة قوله ( الظالمون )؟
الظالمون هنا يشمل المستضعفين والمستكبرين وهذا الشمول مهم جدا لأنه لا عذر لهؤلاء المستضعفين في اتباع هؤلاء المستكبرين.
وهذا ظاهر في قوله المستكبرين، والألف والسن والتاء للطلب أي أنهم طلبوا من الآخرين أن يجعلوا أنفسهم كبراء، ولولا المستضعفين لما استكبر هؤلاء، وكلاهما مصاب بالعمى، فالمستكبر يرى نفسه أعلى من الناس والمستضعف يرى نفسه أقل من الناس، فكلاهما مريض.
ما دلالة تكرار الذين استكبروا والذين استضعفوا ثلاث مرات هنا؟
هذا التكرار للتركيز على السبب الرئيس في المشكلة وهي: المستضعفين الذين اتبعوا اصحاب المال والقوة، وكلما تكررت الألفاظ في موضع كانت الرغبة في إبرازها من قبل المتكلم أكبر، وذلك لينتبه السامع لها ويوليها اهتمامه.
ما دلالة قولهم ( أنتم ) بدلا من قوله ( صدكم ) مثلا أو ( سعيكم )؟
لولا حرف امتناع للوجود، وهذا الحرف من أعظم ما يصد أهل العمل عن عملهم، فيقولون لولا كذا لفعلت كذا فلا بد للداعية أن يتخلص منه تماما.
ما دلالة قوله ( بل مكر الليل والنهار ) هنا؟
هذا الكلام يأتي في سياق فضيحة المستضعفين لهؤلاء المستكبرين والتشهير بهم في عرصات يوم القيامة، وهذا فيه إشارة أيضا إلى الجهد الهائل الذي يبذله كبراء أهل الباطل في سبيل الصد عن سبيل الله، فهم يتعبون ويسهرون في الليل والنهار وينفقون في سبيل الشيطان والصد عن سبيل الله.
وتنتهي الآيات بملخص لجهدهم ( أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) وجعل الأنداد هنا هو ما جعلهم مستضعفين حيث عظم هؤلاء المستكبرين في نفوسهم إلى درجة أن جعلوهم لله أندادا.
ما دلالة ذكر الأغلال هنا؟
كما جعلوا الأغلال على عقولهم عاقبهم الله بأن جعل الأغلال في أعناقهم،
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved