في شأن موسى عليه السلام

موسى عليه السلام

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)

ما هو موضوع هذا الفصل وما هي علاقته بمقصد السورة؟

هذه القصة وما بعدها تكاد تكون شرحا لقوله تعالى ( فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون )، والسؤال الذي يخطر على بال القارئ أول ما يخطر هو عن سبب افتتاح الحديث عن سلسلة الأمم بقصة موسى عليه السلام، مخالفا بذلك الترتيب الزمني المعروف، والذي يظهر أن فيها عدة مناسبات:

منها: أن قصة موسى هي أغنى القصص بالأحداث فلذلك كانت أكثر القصص ذكرا في القرآن عموما لأن فيها جانبا يخدم غرض كل سورة سيقت فيها القصة.

ومنها: أنها أقرب القصص عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ومنها: علاقة القصة ببني إسرائيل، فالحديث عن بني إسرائيل حاضر وبقوة في العهد المكي لمن تأمله، وهذا دليل على وجود صلات بين أهل مكة وبين اليهود في المدينة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم المكي، وقد جاء في آخر السورة ذكر لهم ولعلمهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو النبي حقا ( أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل )، فالقرآن يبين لهم أن علماء بني إسرائيل كانوا يعلمون النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي مرسل حقا.

وقد شملت القصة المواقف التالية:

الأول: الحوار بين موسى عليه السلام وبين رب العالمين

الثاني: الحوار بين موسى عليه السلام وفرعون

الثالث: الحوار بين السحرة وفرعون.

الرابع: اجتماع السحرة بموسى.

الخامس: خروج موسى بقومه مع ختام القصة.

ونلاحظ هنا مثلا عدم ذكر مشاهد أخرى: مثل مشهد أم موسى وما حصل معها الذي ذكر في سورة القصص، أو مشهد توبة فرعون بعد أن رأى العذاب المذكور في سورة يونس، أو التفاصيل المذكورة في سورة الأعراف، وكل مشهد من هذه المشاهد يحمل رسالة لقارئ هذه السورة يدور حول هذا المقصد، مقصد المؤثرات الجمعية، ويحمل رسائل للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن بعده من ورثته في مثل هذا الظرف الذي جاء فيه الأمر بالجهر بالدعوة ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وتلك المخاوف التي بدأت تعتمل في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وستعتمل في ورثته من بعده في أيام غربة الدين، من الجهر الدعوة بين أظهر الشعراء وأتباعهم من الغاوين.

ما مناسبة ذكر تخوفات موسى عليه السلام؟ وما هي المعاني التي ينتهي إليها الحوار هنا؟

كأن هذه التخوفات تحكي تخوفات النبي صلى الله عليه وسلم حين سيقول الله له في آخر السورة: وأنذر عشيرتك الأقربين، فقد هيأه وطمأنه هنا بهذه التخوفات، أن: لا تخف سأكون معك كما كنت مع موسى في كل مخاوفه.

وتأمل قوله جل وعلا سابقا: وإن ربك لهو العزيز الرحيم، ربك: أي الذي يرعاك ويحوطك، وهو العزيز الغالب لأعدائك المانعهم عنك، وهو الرحيم بك وبمن معك لا يتركك.

ولذلك جاء بعدها مباشرة حرف الإبطال كلا، أي: لا يقتلونك.

وهذه ليست رسالة للنبي صلى الله عليه وسلم وحسب، بل هي رسالة لكل ورثته أن: لا تخافوا ولا تحزنوا، إني معكم أسمع وأرى، فاستمسكوا بالذي أوحي إليكم وأنذروا قومكم ولا تخشوا شيئا.

ما مناسبة رد فرعون بهذا الكلام على موسى عليه السلام ابتداء؟

بعد أن كلف موسى بالرسالة، جاء إلى فرعون وعرض عليه الأمر كما أمر الله تعالى فطوى الله ذكر هذا لعدم الحاجة إليه هنا، وانتقل الحديث إلى شبهتين ألقاهما فرعون على موسى، لا علاقة لهما بما جاء به فهي ( أسئلة مضللة ) لصرف الانتباه وتشتيته عن القضية الرئيسة، وهي: إرسال بني إسرائيل مع موسى وإعتاقهم من ظلم فرعون وملئه، فاعترض فرعون باعتراضين:

الأول: تربيتهم لموسى عندهم وبقاءهم عنده سنوات.

الثاني: قتل موسى للقبطي ظلما وعدوانا بحسب زعمه.

فأجاب موسى عن النقطتين بأحسن جواب:

فأجاب عن الثانية: بأنه قتله للقبطي كان خطأ وليس قصدا وعبر عن هذا بقوله ( وأنا من الضالين ) وليس ( وأنت من الكافرين ) بحسب زعم فرعون، وأن مثل هذا لا يؤاخذ عليه.

وأجاب عن الأولى: بأنه ليس من حق فرعون الامتنان على موسى إذ أن ما قد جرى، جرى بسبب استعباد فرعون لبني إسرائيل واضطهادهم، وسعيه في قتل ذكورهم، مما جعل أمه تلقيه في اليم، فالتقطه آل فرعون وعرفوا كونه إسرائيليا لشكله، وربوه مع ذلك، فالإحسان إليه مع الإساءة إلى قومه ليست منة، وكان الأولى أن يربى في حضن أمه لولا ظلم فرعون.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها سؤال فرعون عن رب العالمين مستخدما اسم الاستفهام ما؟

هذا فيه إشارة إلى سوء أدبه مع الله عز وجل وتكبره، فقد سأل عن رب العزة جل وعلا باسم الاستفهام الدال على غير العاقل.

ما مناسبة الاسترسال بعدها بقوله: فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين؟

الكلام هنا يحمل رسالة لفرعون: أن الأمور بعواقبها وأن الله بعد أن فررت منكم أصلح حالي وعلمني وهداني وأرسلني، فليس الكلام هنا مجرد زيادة وإطناب، بل هو يقول لقارئه: أن الإنسان ابن يومه لا أمسه، والأمور بعواقبها فلا عجب فإن الله يجعل رسالته حيث شاء.

ما مناسبة التذييل بقوله: إن كنتم موقنين؟

إن كنتم موقنين بمعنى: إن كنتم مستعدين للإيمان طالبين معرفة الحق، غير مكابرين ولا معاندين، وفي هذا تهييج لهم على الإيمان.

ما مناسبة توجه فرعون بالكلام إلى من حوله بدل أن يرد على موسى حججه وكلامه؟

هذه هي سنة المفسدين الذين يسعون إلى صرف الناس عن الحق وعن الإيمان، يستثيرون نفوس الجمع حولهم حتى لا تتمكن منهم حجج موسى لأنها حجج حق تلاقي النفوس فتذوق حلاوتها وتدخل فيها، فيسعون إلى التأثير عليهم قبل أن يذوقوا حلاوة الحق ويدخل قلوبهم وتستأنس به نفوسهم.

ما مناسبة الحجة الثالثة: رب المشرق والمغرب وما بينهما؟

انتقل موسى عليه السلام هنا إلى ما لا قبل لهم بجحده وهو التصرف العجيب المشاهد كل يوم مرتين من مشرق الشمس ومغربها، كما انتقل إبراهيم من الاستدلال بطلوع الشمس من المشرق بعد أن استدل بالإحياء والإماتة ( قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) فكانت حجة موسى حجة ابراهيمية.

ما مناسبة تهديد فرعون بعدها لموسى بالسجن؟

لما لم يجد فرعون لحججه نجاحا ورأى شدة شكيمة موسى في الحق وخاف أن يستجيب له الناس، انتقل إلى التخويف ليقطع دعوة موسى من أصلها، وهذا شأن من قهرته الحجة فينصرف من الحجاج إلى التهديد.

ما مناسبة انتقال موسى من الحجاج القولي إلى الآيات البينات؟

وكأن هذه الآيات تحاكي ما سيكون عليه الحال لو أتى النبي صلى الله عليه وسلم قريشا بآيات بينات، فهي تجربة تاريخية شبه مطابقة لحال النبي صلى الله عليه وسلم، وتأمل كيف كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآيات، ويستشرف حال قومه لو أتاهم بآية بينة، وكيف سيكذبونه كما كذب فرعون فحينها لن يكون أمامهم سوى إنزال عذاب يستأصلهم، فكان ترك إنزال الآيات رحمة بهم حيث آمنوا لاحقا بل وثبتوا على إسلامهم حين ارتدت العرب، على الرغم من أنهم لم يدخلوا في الإسلام إلا بفتح مكة.

ما مناسبة الانتقال إلى المشهد التالي: مشهد الحوار مع السحرة؟

السحرة في تلك القصة كانوا هم أصحاب التأثير الجمعي، كانوا بمثابة الشعراء أيام مكة، فقد كانوا متصفين بصفة تخالف صفات الأنبياء، وهي: طلب الأجر، فذكرت السورة ذلك جليا، وعلى التقسيم الذي سيأتي لاحقا ( الطواغيت، الغاوين، جنود إبليس ) كان السحرة هم جنود إبليس الذين يطوعون الناس لعبادة الطواغيت.

ما مناسبة حديث السورة عن طلب السحرة للأجر؟

هذه الفكرة خيط ممتد أوله هنا يظهر في كل مرة في قوله تعالى ( وما أسألكم عليه من أجر )، فجاء الحديث عن طمع السحرة بالأجر هنا ليبين لك الفرق بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة، بين الساحر وبين النبي، بين من يدعو إلى الله وبين من يدعو إلى نفسه.

ما مناسبة ذكر إيمان السحرة وما تبعها من أحداث؟ وما هي المعاني التي ينتهي إليها ذكر القصة ههنا؟

ذكر قصة الإيمان هنا فيها عدة معان لعدة جهات:

منها: للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تيأس ولا تحرن فإنك لا تدري متى يؤمنون، فقد كان السحرة يدافعون عن فرعون في أول اليوم ولم يأت آخره إلا وقد اتبعوا موسى وهارون، فاستمر على دعوتهم فإنك لا تدري متى يكون نفعهم للدين، وكل رسالة هنا للنبي صلى الله عليه وسلم هي رسالة لمن بعده من ورثته.

ومنها: للمشركين في قريش الذين يسمعون هذا القرآن: وهم يعلمون علم اليقين أن هذا القرآن هو من عند الله: أن آمنوا وادخلوا في الإسلام كما دخل هؤلاء السحرة في الإيمان بعد أن علموا أن ما جاء به موسى ليس سحرا، وأنتم تعلمون أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليس كذبا، فحري بكم أن تكونوا مثلهم.

ما مناسبة الانتقال بعدها مباشرة إلى مشهد خروج بني إسرائيل وهلاك فرعون؟

طوت السورة هنا أحداثا كثيرة بين مشهد إيمان السحرة وبين هذا المشهد، وذكرت هذه الأحداث في سور أخرى، وذلك لأنها لا تخدم الغرض الذي جاءت لأجله هذه السورة.

وذكرت السورة ههنا قضية حشر فرعون للناس وتهييجهم على موسى، ثم إهلاك فرعون بعد ذلك وختام القصة بقوله تعالى ( إن في ذلك لآية )

آية للمشركين: أن احذروا أن تبقوا على ما أنتم عليه من العناد والكفر فتهلكوا كما هلك فرعون، وقد حصل هذا لبعضهم ممن قدر الله هلاكهم على عداوة الدين، وذلك يوم بدر.

وآية للمؤمنين: أن سننجيكم كما أنجينا موسى وقومه، وإن تراءى الجمعان وعدمت الأسباب كما عدمها موسى وقومه.

 

 

Map Shot 1

 

 

Map Shot 2

 

 

Map Shot 3

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved