في ختام السورة

( في ختام السورة )

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)

ما هو موضوع هذا المقطع، وما مناسبته لما قبله، وما مناسبته لمقصد السورة؟

هذا المقطع يمثل خاتمة السورة، وفذلكة لها وهو يختصر كافة معانيها التي ابتدأت بالمقدمة وانتهت بالحديث عن البعث، ولكنها جاءت هنا معروضة في قالب آخر، ومكسوة بثوب آخر من الألفاظ. كما سيأتي في بحث المناسبات في هذا المقطع.

ما مناسبة الابتداء بقوله تعالى: وما علمناه الشعر وما ينبغي له؟

هذا فيه عودة إلى قوله تعالى: تنزيل العزيز الرحيم في بداية السورة.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين؟

وأما قوله تعالى: لينذر من كان حيا، ففيه عودة إلى قوله تعالى في بداية السورة: وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من اتبع الذكر.

أما قوله تعالى ويحق القول على الكافرين: ففيه أيضا عودة إلى قوله تعالى في بداية السورة: لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون.

ما مناسبة تعدد القراءات في قوله تعالى: لينذر؟

جاء في قراءة: لتنذر، مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم

وفي قراءة: لينذر، أي القرآن

وفي هذا إشارة إلى كونهما نسيجا واحدا، وأن كلامه لا يتعدى البلاغ بالقرآن، وهذا فيه عودة إلى قوله تعالى سابقا ( وما علينا إلا البلاغ المبين ).

ما مناسبة ذكر الأنعام والتفضل بها؟

بعد أن خوفهم سابقا رغبهم هنا فكأنه يقول لهم: إن لم تعتبروا بمن سبقهم من الأمم وهلاكهم ( أولم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون ) فاشكروا النعم على الأقل.

وهذا فيه عودة أيضا إلى ذكر التفضل عليهم بالفلك في نهاية المقطع الثاني الخاص بالدلائل الكونية.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله تعالى: مما عملت أيدينا؟

لتذكيرهم بأنه هذه الأنعام من صنع الخالق لا أحد دونه، واختيرت الأنعام لأنها مرتبطة بالإنسان ارتباطا وثيقا.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها: فهم لها مالكون؟

الجملة الإسمية تفيد الدوام والاستمرار، ولم يقل يملكونها.

ما مناسبة قوله تعالى بعده: واتخذوا من دونه؟

فيها استمرار لما سبق،وكأنها تقول لهم: كان الأولى بهم أن يوحدوا إلا أنهم أصروا على الكفر بعد كل هذه الآيات واتخذوا من دونه آلهة.

وفيه أيضا عودة إلى قول الرجل الصالح: إن يردن الرحمن بضر لا تغني عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون.

ما مناسبة التعبير عن الشرك باتخاذ الآلهة؟

الاتخاذ بمعنى الافتعال فهو فيه تكلف، وكذلك الشرك فيه تكلف أما التوحيد فهو طبيعي منساق مع الفطرة لا يحتاج إلى تكلف أو غيره.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله تعالى: من دون، دون غيرها منالألفاظ؟

لم يقل من غير الله مثلا، لبيان انحطاط ما هو غير الله وسفول منزلته.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله لا يستطيعون نصرهم؟

لم ينصروهم: ربما ينصرونهم لاحقا أو ربما عندهم القدرة

أما قوله لا يستطيعون: فنفى عنهم القدرة تماما

ما تفسير : وهم لهم جند محضرون؟

فيه أسلوب تهكم فكأنه يقول أنتم تطلبون النصرة من الأصنام وأنتم لها جند وخدم.

واختير لهم الجند: لمناسبة الكلام عن النصرة سابقا وطلب النصرة منهم، كما أن الجند فيه معنى القهر فكأنهم مقهورون لهم.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: فلا يحزنك قولهم؟

جاءت هذه الآيات بعد الحديث عن كفرهم مباشرة كأنها تقول للنبي صلى عليه وسلم: أنظر كيف أشركوا بالله ونحلوا له شركاء، فلا تحزن إن كذبوك فقد أتوا بما هو أعظم من هذا بكثير.

والتسلية والتثبيت وتخفيف الحزن عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى بارز ظاهر في السورة كلها من أولها إلى آخرها، وإن كان لم يأت بألفاظ ظاهرة، إلا أن القارئ يشعر به وهو يقرأ في السورة من أولها إلى آخرها، حيث أقسم له بأنه من المرسلين ليثبته ولينفي عنه الحزن والأسى من تكذيبهم، ثم ذمهم ليصغرهم في عين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر له قصة المرسلين والرجل الصالح أيضا لما فيه من المشابهة لأحواله صلى الله عليه وسلم، ثم طوف به في الكون الفسيح ليخرج من الحالة المحدودة المؤقتة إلى آفاق أرحب وأوسع، ثم ذكره بالآخرة وما سيكون فيها حتى يطمئن غاية الاطمئنان إلى أن العاقبة له.

والداعية لا يحزن ولا يتعب إلا عندما يقاتل بقوة نفسه لا بقوة الله ومعيته.

ما مناسبة قوله تعالى: أولم ير الإنسان؟

هذا فيه عودة إلى قضية البعث التي استغرقت المقطع الثالث من السورة في بيانه، وجاء هنا ليبين لهم بالدليل على إمكانية البعث.

ما مناسبة التذييل بقوله وهو بكل خلق عليم؟

حتى لا يظن ظان أنه فقط عليم بالعظام، بل هو عليم بكل الخلق.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها تكرار الاسم الموصول الذي؟

لمزيد اهتام وبيان.

ما مناسبة قوله تعالى بعده: أوليس الذي خلق السموات .. ؟

فيه انتقال إلى دليل الآفاق في السموات والأرض بعد الحديث عن الدليل في الأنفس، وكله في سياق الحديث عن البعث الذي استغرق المقطع الثالث كما ذكرنا.

ما مناسبة قوله تعالى: فسبحن الذي بيده؟

هذه فذلكة لكل ما سبق، إي: إذا علمتم كل ما سبق فالواجب عليكم أن تسبحوه، وهذه هي النتيجة والخلاصة وهي: تسبيح الله أي تعظيمه، والسبب: أنه هو الذي بيده ملكوت كل شيء، والملكوت للمبالغة ولا تصلح للبشر.

 

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

Map Shot 3

 

Map Shot 4

 

Map Shot 5

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved