( بين الخلق والهدى )

( بين الخلق والهدى )

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)

ما هو موضوع هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هي مناسبته لما قبله من الكلام؟

تتابعت الآيات هنا أيضا في الاستشهاد بنماذج مرئية من خلق يزيد بعضه على بعض، الاستشهاد على قضايا أخروية لتكون أشد حضورا في الذهن، وهنا يأتي الحديث على باب سادس من أبواب الرحمة وهو العلم، فبدأت الآيات بالتعجيب من اختلاف الثمرات والألوان مع كون الماء واحدا، لينتقل الكلام فجأة إلى الحديث عن العلماء، وكأن الآيات تقول لنا:

أرأيتم كيف أنزل الله ماء واحدا من السماء فأخرج ثمرات مختلفا ألوانها، والاختلاف ممتد إلى الجبال والطرق والناس والدواب والأنام، كذلك حال الناس في العلم فإن الله جعل الناس مختلفين في هذا الأمر، وزاد بعضهم في العلم على بعض فإن أردتم هذا الرزق فاطلبوه من الله وحده فإن مفاتح الرحمة بيده وحده، يعطي من يشاء ويمن من يشاء.

وتأمل قوله تعالى ( ويزيدهم من فضله ) في آخر المقطع، واربطه بما سبق من الحديث عن الزيادة في الخلق وعن فتح أبواب الرحمات في بداية السورة ، وبقوله ( يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) في وسطها، تجد الكلام متصلا ببعضه،

ما مناسبة ربط العلم بالخشية؟

ربط الله عز وجل العلم بالخشية، لأن من عرف الله حق المعرفة خشيه حق الخشية، إذ أن من جهل قيمة الشيء لم يلق له بالا، أما من عرف الله خاصة بما ذكر في أول السورة بانفراده جل وعلا بابتداء الخلق والتصرف فيه بالزيادة كما يشاء، وأن مفاتح الرحمة بيده يفتح أبوابها على من يشاء ويمسكها عمن يشاء، خشيه حق خشيته، وأدى حقه على أكمل وجه.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله ( كتاب الله )؟

قال الله عز وجل في الآية : إن الذين يتلون كتاب الله بدلا من القرآن مثلا، فجاء باسم العلم المضاف إلى لفظ الجلالة، وذلك لتعظيمه ورفع شأنه.

ما مناسبة التذييل بقوله عزيز غفور؟

الوصف بالعزة هنا لأجل الترهيب، والوصف بالمغفرة لأجل الترغيب، وغالبا ما يجتمع الأمران في البيان.

ما مناسبة التذييل لاحقا بقوله غفور شكور؟

جاء هذا التذييل بعد وعده إياهم بقوله ( ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ) أي: بشرناهم بذلك وقدرناه لهم لنوفيهم أجورهم، ثم ذيل هذا الوعد بما يحققه وهو أنه صاحب الغفران والشكران، فإن المغفرة تأتي على تقصير العباد المطيعين، والشكر مضاعفة حسناتهم التي يأتون بها منة منه وفضلا، فالأول تخلية والثانية تحلية.

ما مناسبة الحديث عن هذه الأمور الثلاثة ( تلاوة الكتاب وإقامة الصلاة والإنفاق )؟

تلاوة الكتاب عبادة باللسان، وإقامة الصلاة عبادة بدنية، والإنفاق عبادة مالية، فكأن نتيجة الخشية كانت هذه الثلاث، عبادة باللسان وبالبدن وبالمال.

 Map Shot 4

Map Shot 3

 

 

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved