أمثلة من أهل الابتلاء

( أمثلة من أهل الابتلاء )

( ولقد فتنا الذين من قبلهم )

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)

ما موضوع هذا المقطع؟ وما هي مناسبته لما قبله؟ وما هي مناسبته لمقصد السورة؟

يعرض هذا المقطع نماذج ممن تعرضوا للابتلاءات، بشتى أنواعها، وكأنها بقسمها الأول شرح مفصل لقوله تعالى ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) وهي القصص التي جاء فيها التفصيل، أما القسم الثاني والتي جاءت مجملة فكانها شرح مفصل لقوله تعالى ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ) خاصة أن الآيات ذكرت تفصيل العذاب الذي أصابهم.

وعرضت هذه الآيات لقصة نوح في آيتين، ومما تفردت به ذكر مدة مكثه في قومه.

ثم شرعت في قصة ابراهيم عليه السلام وفصلت في حديثه هو مع قومه وما قال لهم قبل إلقاءه في النار وبعد أن أنجاه الله منها.

ثم ذكرت قصة لوط بشكل مشابه لما جاء في قصة ابراهيم عليه السلام.

ثم ذكرت قصة شعيب مقتضبة مفردة في آيتين.

ثم جمل الحديث عن عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان.

والمتأمل يرى ذكر إنجاء الله عز وجل للثلاثة رسل الأولين، نوح وابراهيم ولوط، وإغفاله في الباقي شعيب وهود وصالح وموسى عليهم السلام جميعا، بل ذكرت نهايات أقوامهم ولم تأت الآيات على ذكر إنجاءهم لأن الحديث هنا كما ذكرنا سابقا له علاقة بالتركيز على ظن الكافرين وأنهم قد يسبقوا الله عز وجل ويفلتوا من أقداره.

ما هي مناسبة ذكر قصة نوح لمقصد السورة وللسياق وما هي أبرز معالمها؟

سيقت قصة نوح لتثبيت معنين فيما يبدو لنا:

الأول: منى ( ولقد فتنا الذين من قبلهم )، والذي تميزت به هذه القصة هنا هي ذكر طول مدة لبث نوح في قومه وهي تسعمائة وخمسون عاما وهي مدة طويلة جدا مقارنة بما لبثه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في مكة، فكأنها تقول لهم وللدعاة جميعا من بعدهم:

أستطلتم البلاء؟ كم لبثتم لأجل الدعوة؟ أبوكم نوح لبث ألف سنة إلا خمسين عاما ولم يبالي فكم لبثتم أنتم؟ فلا تستطيلوا مدة البلاء طالما أنكم على الحق.

الثاني: تثبيت معنى ( ساء ما يحكمون ) وهذا واضح في قوله في آخر القصة فأنجيناه واصحاب السفينة أي أنه تم أخذ قومه بعذاب وفي هذا تعريض بالمشركين بقدرة الله على أخذهم بعذاب كما أخذ قوم نوح بالعذاب.

ما مناسبة اختيار لفظ ألف سنة إلا خمسين عاما؟

الألف له هيبة حتى يقع في النفوس.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها تخصيص ذكر السنوات ؟

عند تدبر الكلام في قصة نوح نلاحظ أن التركيز هنا جاء على مدة مكثه بخلاف سورة نوح مثلا حيث كان التركيز على قوله ودعوته وتنوع أساليبها.

وذكر السنوات هنا له غرضين:

الأول: بالنسبة للمؤمنين ألا تستطيلوا البلاء مهما كان فقد بعث نوح قبلكم فلبث في قومه أضعاف أضعاف ما لبثتم، فلم يترك الدعوة ولم ينصرف عنها، وأنتم أولى بذلك الصبر لقصر مدتكم.

الثاني: بالنسبة للمشركين ألا تظنوا أنكم قد سبقتم بطول بقائكم على الرغم من عنادكم، فقد عاند قوم نوح نوحا سنوات طويلة ثم أخذهم العذاب، وما ذلك منكم ببعيد.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها ذكر الأخذ والإنجاء هنا؟

التنصيص على الأخذ هنا فيه تعريض بالمشركين بأن الله سيأخذهم بعذاب، وذكر الإنجاء فيه بشرى للمؤمنين بأن الله منجيهم، وليس هذا التعريض والبشرى ليس للمشركين والمؤمنين في ذلك العصر فحسب، بل للمشركين والمسلمين في كل العصور، ولكل من قرأ كتاب الله في أي عصر ومصر.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قول الله عز وجل: فأخذهم الطوفان وهم ظالمون؟

هذه العبارة وراءها من المعاني ما وراءها، وهي أن الله لا يعذب على مجرد وجود الظلم وإلا لعذب من ظلم وتاب فإن الظلم وجد منه، ولكنه يعذب على الإصرار على الظلم، وذلك مأخوذ من قوله ( وهم ظالمون ) بالجملة الاسمية، يعني: أنه أهلكهم جل وعلى وهم على ظلمهم، ولو أنهم تابوا وتركوا ما عليه من الظلم ما أهلكهم.

ما هو محل عود الضمير في قوله تعالى: وجعلناها؟

قيل أنها راجعة للسفينة سواء من جهة أنها كانت أول سفينة صنعها بشر، أو من ناحية كفاية الأقوات لهم ونضوب البحر قبل نفاد الأقوات أو حفظها من الموبقات في البحر.

وقيل أنها راجعة غلى الواقعة أو إلى النجاة أي جعلنا الواقعة أو النجاة وليس السفينة آية للعالمين.

ولا تعارض بين التفسيرين ولا مانع أن يكون المراد كلا الأمرين وهذا من اتساع المعاني التي تنتهي إليها الألفاظ القليلة.

ما هي مناسبة ذكر قصة ابراهيم لمقصد السورة وللسياق وما هي أبرز المعاني فيها؟

ابراهيم عليه السلام من أكثر الناس الذين تعرضوا لابتلاءات وهذا معروف من سيرته عليه السلام ولا مجال لتفصيل ذلك الآن، إلا أن السورة عرضت لجوانب من قصة إبراهيم عليه السلام لها تعلق بموضوع السورة:

من أبرزها: استمرار ابراهيم بالدعوة على الرغم من إلقاءه في النار منها، إذ تعرض القصة مشهد عودته إلى الدعوة حال خروجه من النار، واستمراره في دعوة قومه وتعرية باطلهم حتى بعد نجاته من النار، وفي هذا رسالة إلى القارئ المتدبر: أن استمر واستمسك في دعوتك وحقك وتعرية باطلهم مهما أصابك.

منها: ثبات ابراهيم على بيان حالهم بيانا تاما، وأن ما هم عليه ما هي إلا أوهام وأكاذيب صنعوها ابتغاء مصالح أكثرها مادي، وفي هذا انحراف للبوصلة لأن مالك الرزق الحقيقي هو الله عز وجل، وفي هذا أيضا رسالة للمسلمين بألا يخافوا على الرزق وتحضير لهم لما سيكون لاحقا من الهجرة أولا، ومن توقف أفواج الكافرين على بيت الله الحرام وجاء التصريح بهذا في سورة التوبة ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ).

ومنها: أن حقيقة الشكر لله عز وجل هو توحيده بالعبادة وهذا مأخوذ من قوله ( فاعبدوه واشكروا له )

ومنها: التنبيه على حصر مهمة الرسول بالبلاغ وحسب.

ومنها: التنبيه على السير في الأرض والنظر في أحوالها للاعتبار والاتعاظ.

ومنها: التنبيه على قدرة الله عز وجل ( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ) ( وما أنتم بمعجزين )

ومنها: التنبيه على أن الآخرة ولقاء الله فيها إنما هي رحمة من الله، وهذا مهم جدا لمن هم في مثل هذه الحالة من طول البلاء فإن هذه الفكرة من أهم المثبتات، لأن يقينهم بالآخرة وما سيلاقونه فيها من مكرمات مما يعينهم على إبقاء البوصلة باتجاه ولاية الله.

ومنها: التأكيد على انفضاض الولايات التي كانت في الدنيا حول الطواغيت وبسببهم، انفضاضها في الآخرة، وتبرؤ الأتباع بعضهم من بعض.

ومنها: لفت النظر إلى شدة موقف الكفار في تكذيبهم وإصرارهم على تكذيب ابراهيم مهما كانت الدلائل والبينات والحجج على ذلك ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا .. ) وسيأتي مثل هذا أيضا في قصة لوط، ومثل هذا المعنى من أهم المثبتتات لأصحاب الدعوة فكأنها تقول لهم: إياكم أن تيأسوا من شدة رفض أقوامكم لدعواتكم وانظروا في أحوال من كان قبلكم مثل ابراهيم ولوط عليهما السلام وكيف كان رد أقوامهم عليهم.

ومنها: التنبيه على أن كفر قوم ابراهيم لم يكن عن شبهة ولا جهل، وإنما عناد ومكابرة فإن نجاته من النار كانت آيات موجبات لإيمان من يريد أن يؤمن ( إن في ذلك لآيات لقوم يومنون ).

ومن أبرزها: التنبيه على قضية قلة الأتباع، فنبي الله ابراهيم مع كل هذه الحجج الباهرة ونجاته من النار، مع ذلك لم يتبعه سوى رجل واحد وهو لوط، فلا عبرة بكثرة الاتباع والعبرة إنما هي بالتزام الطريق.

ومن أبرزها: التنبيه على قضية الهجرة بقوله ( إني مهاجر )

ومن أبرزها: التنبيه على أن الهجرة إنما هي هجرة لله.

ومن أبرزها: التنبيه على الرعاية والربوبية فيما يتعلق بالهجرة بقوله ( ربي ).

ومن أبرزها: هذه النهاية الجميلة المبشرة التي تدخل السعادة والسكينة في قلب قارئها المتدبر ممن طال عليه البلاء، في آخر آية من قصة ابراهيم عليه السلام.

ما مناسبة قوله تعالى : واتقوه بعد قوله: اعبدوا الله؟

العبادة هنا فيها إشارة إلى فعل الواجبات، والأمر بالتقوى هنا فيه إشارة إلى الامتناع عن المحرمات، لأن الامتناع عن المحرمات يجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، فكأنه جاء فيها ترهيب بعد ترغيب.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله إنما تعبدون من دون الله أوثانا؟

هذه العبارات في هذه الآية كأنها تشير إلى موضوع مهم وهي أن تغيير الأسماء لا يغير من الحقائق، وأنهم مهما سموا آلتهم فإنها لن تعدو أن تكون أوثانا لا تضر ولا تنفع.

ما مناسبة قوله تعالى إنما تعبدون .. إلى آخر الآية؟

هذا الكلام هنا تفصيل للخبر في الجملة التي قبلها ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) فكأنها شرح وتوضيح لماذا كان الإيمان بالله خير من عبادة الأصنام.

ما هو سبب تعب أهل الكفر في تنصيب هذه الأوثان؟

إشباع حاجة الإنسان للغيب خاصة الأتباع من أجل أن يتوقفوا عن البحث والسؤال.

ما مناسبة الحديث عن الرزق هنا؟

المال والرزق من أهم الأسباب التي تدفع كبراء أهل الباطل للحفاظ على باطلهم، لأن التفاف الناس حول هذه الطواغيت بغض النظر عن حقيقتها، يفرز واقعا معينا في المجتمع، يستفيد منه هؤلاء الكبراء أولا في بيع باطلهم لهؤلاء الناس، فإذا جاء التوحيد غير الواقع الذي كان في المجتمع، وبالتالي يسلب هؤلاء الكبراء كثيرا من ميزاتهم المالية، ولذلك يحارب هؤلاء الإسلام أشد الحرب لأنه يحرمهم ميزاتهم التي كانوا عليها في واقع الكفر، ولذلك نبه إبراهيم عليه السلام على هذه النقطة وذكرت هنا صراحة.

ما دلالة التعريف في الرزق الأول والتنكير في الثانية؟

وأما التنكير في الأولى: فكأنه قال لهم إن الذين تدعون من دون الله لا يملكون لكم أي رزق.

الألف واللام في الأولى للاستغراق: أي ابتغوا عند الله كل الرزق وأي نوع منه.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها التذييل بقوله إليه ترجعون؟

هذه الجملة تعليل لما سبق من الأمر بالعبادة والشكر، فكأنها تقول: طالما أنكم سترجعون غلى الله وسيجزيكم على شكركم وبادتكم ثوابا وعلى ضدها عقابا فالزموا ما سبق من العبادة الشكر لله، وهذا ترتيب وتعليل للعبادة بإثبات البعث والرجوع إلى الله.

ما مناسبة قوله ( وإن تكذبوا .. ؟

هذه الآيات من قوله وإن تكذبوا إلى قوله وأولئك لهم عذاب أليم،

المواضيع

ما مناسبة قوله تعالى ( قل سيروا في الأرض .. ) الآية؟

الكلام في هذه الآية مشابه لما قبلها إلا أن فيه معنى زائد وهو أمرهم بالسير في الأرض وتتبع الآيات إذ لم تكفهم ما يشاهدونه في مكانهم من الآيات، فأمرهم بالسير والاستدلال بأحوال إيجاد المخلقوات وتعاقب الأمم وكيفية مجيء الأمم خلائف بعد الإهلاك.

وإنما أمر بالسير لأن السائر يرى مشاهدات جمة من الأرض بجبالها وأنهارها ويمر على منازل الأمم حاضرها وباديها فيرى أشياء وأحوال لم يعتد رؤية أمثالها.

ما هي مناسبة ذكر الولي والنصير بعد الإعجاز في الأرض والسماء؟

بعد أن نفى الإعجاز في الأرض والسماء، وذلك لا يكون إلا في حالة الهرب، نفى عنهم ايضا الإعجاز في حالة الثبات فكانه قال لهم: إن حاولتم الهروب فلن تعجزني أن أدرككم في الارض أو في السماء وإن ثبتم للمواجهة فليس لكن لا ولي يشفع ولا نصير يدفع.

ما مناسبة ذكر معجزين بصيغة الاسم؟

لم يقل لا تعجزون ولكن قال: وما أنتم بمعجزين فإن النفي بصيغة الفعل لا يدل على نفي الصلاحية، فإن قولنا لا تعجزون يفهم منه أنهم لا يعجزون الآن ولكن قد يصلحون للإعجاز مستقبلا، أما قولهم وما أنتم بمعجزين يعني أنهم لم ولن يصلحوا للهرب، ومثله قولنا فلا لا يخيط وفلان ليس بخياط.

ما معنى تخلقون إفكا؟

فيها معنيين:

إما أنه ينحت بيده

أو يكذب بمعنى يخترع كذبا يروجه على الناس

ما مناسبة تنكير رزقا وتعريف الرزق؟

تنكير رزقا هنا بمعنى: أنهم لا يملكون لكم رزقا أي رزق، وأما التعريف هنا فللاستغراق بمعنى: فابتغوا عند الله الرزق كل الرزق

ما مناسبة قوله واعبدوه؟

قولان

إما واعبدوه لتنالوا هذا الرزق

أو ابتغوا الرزق بالسنن التي وضعها ولا يشغلنكم الضرب في الأرض عن العبادة.

لمن الخطاب موجه؟

قيل لقوم ابراهيم وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم.

ما مناسبة قوله مودة بينكم؟

مودة بينكم: هذه الكلمة تختصر سياسة فكرة يلتف الناس حولها مثل الوطن أو الوطنية في عصرنا الحاضر، وكذلك الأصنام، إنما جعلت لأجل أن يلتف الناس حولها ويبذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيلها.

في مكة كان يوجد مركز في المدينة لم يكن يوجد مركز مما سهل دخول الإسلام، وكذلك فإن الوضع في مكة كان مرتبا أما في المدينة فكان مفككا وأقرب للفوضى، وقد قضى كبراء القوم في الحروب السابقة ولم يبق إلا شبابهم فسهل عليهم الدخول في الإسلام.

ما مناسبة جعل الإنجاء آية في قصتي نوح وابراهيم، والهلاك في قصة لوط؟

جعل الله الآية في نوح وإبراهيم بالنجاة حيث قال: ﴿فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية﴾ (العنكبوت: ١٥ ) وقال: ﴿فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات﴾ (العنكبوت: ٢٤ ) وجعل ههنا الهلاك آية فهل عندك فيه شيء ؟ نقول نعم، أما إبراهيم فلأن الآية كانت في النجاة لأن في ذلك الوقت لم يكن إهلاك، وأما في نوح فلأن الإنجاء من الطوفان الذي علا الجبال بأسرها أمر عجيب إلهي، وما به النجاة وهو السفينة كان باقيا، والغرق لم يبق لمن بعده أثره فجعل الباقي آية، وأما ههنا فنجاة لوط لم يكن بأمر يبقى أثره للحس، والهلاك أثره محسوس في البلاد فجعل الآية الأمر الباقي وهو ههنا البلاد وهناك السفينة، وههنا لطيفة: وهي أن الله تعالى آية قدرته موجودة في الإنجاء والإهلاك فذكر من كل باب آية وقدم آيات الإنجاء لأنها أثر الرحمة وأخر آيات الإهلاك لأنها أثر الغضب ورحمته سابقة.

لمن تم توجيه الكلام في قوله تعالى وإن تكذبوا فما بعده؟

للمفسرين في هذا الأمر قولين:

الأول: أنه كلام اعتراضي قاله الله عز وجل لقريش إذ كذبوا نبيهم صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أنه تمام كلام ابراهيم في حواره مع قومه.

ومثل هذا الأمر في غاية الأهمية، لأن وراء مثل هذين الاحتمالين في التفسير أهمية كبيرة جدا، إذ أنها تبدو قطعة واحدة متكررة في قصتين زمنيتين مختلفتين أو في حالين مختلفين، وعندما تتطابق هاتين القصتين في هذه الجزئية فهذه رسالة مفادها:

أن السنن واحدة والقصص واحدة والأحداث واحدة تختلف في بعض التفاصيل، إلا أن المشاهد متطابقة في عدة مواضع، وحتى لو اختلفت الوجوه والأزمان والأشخاص فلا تزال سنن الله جارية في خلقه.

ما هي مناسبة ذكر قصة لوط لمقصد السورة وللسياق وما هي أبرز معالمها؟

لوط عليه السلام هو امتداد لابراهيم عليه السلام، فهو كان تحت رعايته وقد رباه ولقنه الهدى فكأنه استمرار له وهذا يشبه الداعية أو العالم حين يخص شخصا ما بوقته وجهده فيكون هذا الشخص امتدادا لهذا العالم أو الداعية.

تشابه قصة لوط عليه السلام قصة ابراهيم في الهجوم اللاذع الذي شنه عليه كل منهما وفي تعرية باطل قوم كل منهما، على الرغم من تغلغل الفاحشة في قوم نوح وتشربهم لها، فاستطاع أن يصدح أمامه بالحق كاملا دون مواربة وهذه نتائج تربية ابراهيم ليه السالم، وقد توسعت قصة لوط هنا في ذكر مساوئهم وأفعالهم الشنيعة، لكنها ركزت على أشياء مختلفة عما كان جاءت قصة ابراهيم بذكرها، وربما كان هذا لاجتماع هذه الصفات في قريش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح أن إتيان الذكور لم يكن موجودا عندهم ولكن شابهوا قوم لوط في اجتماعهم في ناديهم على المنكرات والتي أهمها الكيد لهذه الدعوة المباركة.

وتميزت أيضا هذه القصة بتحديهم بالإتيان بالعذاب، وفي هذا تعريض بكفار قريش إذ فعلوا مثل ما فعلوا ، وسيأتي الجواب لاحقا عن هذه الجزئية والحديث عنها موسعا في أواخر السورة.

كما لفتت القصة النظر أيضا إلى موضوع إنجاءه من العذاب، وفي هذا أيضا بشرى للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه بالنجاة كما جاء في قصة ابراهيم عليه السلام.

لكننا نجد أن قصة ابراهيم ركزت على استمراره بالدعوة وهدم الباطل بعد النجاة،بينما ركزت قصة لوط على ( إلا امرأتك كانت من الغابرين ) وذيلت بها آيتين متتاليتين، ولعل في هذا تعريض بمن لم يؤمن من قوم النبي صلى الله عليه وسلم المقربين وتحذيرا لهم، كما أن فيه توجيها للنبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الدعاة، أن سيتخلف عنكم مقربون، وسيكونون في الغابرين فلا تاسوا عليهم ولا تحزنوا فليسوا منكم ولا أنتم منهم.

ما هي مناسبة ذكر قصة مدين وما بعدها لمقصد السورة وللسياق وما هي أبرز معالمها؟

جاءت قصة مدين وما بعدها بشيء من الاختصار، والذي يظهر أن هذا الاختصار بسبب ورود تفاصيلها في مواضع عديدة سابقة والمراد هنا التذكير بها فقط، والذي يظهر أيضا أنها للاستدلال عل ما ذكر في آخرها ( وما كانوا سابقين )، وفي هذا أيضا عودة لما ذكر سابقا في أول السورة ( أن يسبقونا )، وجاء في هذه القصص عدة إشارات مهمة:

منها: التهديد الشديد في قوله ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) وفي هذا تهديد وأي تهديد للمشركين.

ومنها: التنبيه على الاعتبار بالمساكن.

ومنها: التنبيه على دور الشيطان في تزيين العمل الباطل.

ومنها: التنبيه على وقوع هؤلاء الأقوام في هذه الطامة وهي عبادة غير الله على الرغم من كونهم كانوا أصحاب بصائر ونظر وفكر، وفي هذا تعريض بالمشركين بأنهم أصحاب عقول ونظر وأنه لا يليق بهم مثل هذا، وأن عليهم ألا يستسلموا لتزيينات الشيطان.

كيف تقبل أهل سدوم عيب لوط عليهم ما يفعلون؟

هذه المدينة كان فيها تعددية دينية لذلك لم يكن هناك مواجهة فمثل هذه المجتمعات يتم فيها تقبل الآراء الأخرى دون بطش بها، لكن ما يعيب هذه المجتمعات انفتاحها على الفواحش وشيوعها فيها بشكل ظاهر.

ما دلالة ارسال لوط لوحده؟

الاعتماد على الأكفاء الذين يستطيعون التحرك من تلقاء أنفسهم دون توجيه وتلقين مستمر، وحصل مثل هذا لمصعب رضي الله عنه حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لوحده فكان نعم الرسول.

يجادلنا في قوم لوط نفسية الداعية إن فيها لوطا نفسية المربي.

ما معنى إن فيها لوطا؟

يعني أليس وجود لوط فيها كاف لنزول العذاب.

الخلاصة ثبت لوط لما رأى ابراهيم ثبت ونحن كذلك يجب علينا الثبات كما ثبت الغلام في المرة الثانية لما رأى شيخه ثابتا

تقسيم قصص العنكبوت؟

الأولى في الرد على الحسبان الأول

الثانية في الرد على الحسبان الثاني

تبين لكم من مساكنهم؟

تبين كم قوة الله وصدق وعده

أو كم كانوا على حضارة وقوة.

كانوا مستبصرين؟

قيل أنهم كانوا أهل بصيرة في الدنيا.

وقيل أن الأنبياء على حق ولكن أعرضوا.

ما دلالة تنوع العذاب؟

استحضار عظمة الله وقدرته في ملكه يعذب من يشاء بما يشاء.

Map Shot 5

 

 

Map Shot 6

 

 

Map Shot 7

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved