سورة التحريم
(بسم الله الرحمن الرحيم)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)
1- نَبَّأَ/ أَنْبَأَ: صيغة الفعل المضعَّف تدل على الكثرة والقوة؛ لذا عُبِّر بها عن الخبر التام الذى قد حدث فعلًا: { نَبَّأَتْ بِهِ}، { نَبَّأَهَا بِهِ}، والوحى الإلهي: { نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} . ينما عُبِّر بصيغة المهموز (أنبأ) في مقام السؤال عمَّن نقل هذا النبأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم. {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}، وصيغة المهموز أنسب بهذا المقام لدلالتها على التعدية، أي نقل النبأ.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)
1- سكت / أصغى: إن اللفظين “سكت-أصغى” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى ترك الكلام، ولكن الاستعمال القرآني للفظين كان مرتبطًا بالأصل اللغوي لكلٍّ منهما، حيث استعمل السكوت بمعنى السكون وهدوء الغضب، كأنه كان ناطقًا فسكت. بينما استعمل الإصغاء بمعنى الميل، وهو الأصل الدلالي للمادة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)
1- قوله {خيرا منكن مسلمات مؤمنات} ذكر الجميع بغير واو ثم ختم بالواو فقال {وأبكارا} لأنه استحال العطف على ثيبات فعطفها على أول الكلام ويحسن الوقف على ثيبيات لما استحال عطف أبكارا عليها وقول من قال إنها واو والثمانية بعيد وقد سبق ( أسرار التكرار )
2- قوله تعالى {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم} بغير واو {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} بزيادة واو في هذه الواو أقوال إحداها أن الأول والثاني وصفان لما قبلها أي هم ثلاثة وكذلك الثاني أي هم خمسة سادسهم كلبهم والثالث عطف على ما قبله أي هم سبعة عطف عليه {وثامنهم كلبهم} وقيل كل واحد من الثلاثة جملة وقعت بعدها جملة وكل جملة وقعت بعدها جملة فيها عائد يعود منها إليها فأنت في إلحاق واو العطف وحذفها بالخيار وليس في هذين القولين ما يوجب تخصيص الثالث بالواو وقال بعض النحويين السبعة نهاية العدد ولهذا كثر ذكرها في القرآن والأخبار والثمانية تجري مجرى استئناف كلام ومن هنا لقبه جماعة من المفسرين بواو الثمانية واستدلوا بقوله سبحانه {التائبون العابدون الحامدون} إلى {والناهون عن المنكر} الآية وبقوله {مسلمات مؤمنات قانتات} إلى {ثيبات وأبكارا} الآية وبقوله {وفتحت أبوابها} وزعموا أن هذه الواو تدل على أن أبوابها ثمانية ولكل واحد من هذه الآيات وجوه ذكرتها في موضعهاوقيل إن الله حكى القولين الأولين ولم يرضهما وحكى القول الثالث فارتضاه وهو قوله {ويقولون سبعة} ثم استأنف فقال {وثامنهم كلبهم} ولهذا عقب الأول والثاني بقوله {رجما بالغيب} ولم يقل في الثالث فإن قيل وقد قال في الثالث {قل ربي أعلم بعدتهم} فالجواب تقديره قل ربي أعلم بعدتهم وقد أخبركم أنهم سبعة وثامنهم كلبهم بدليل قوله {ما يعلمهم إلا قليل} ولهذا قال ابن عباس أنا من ذلك القليل فعد أسماءهم وقال بعضهم الواو في قوله {ويقولون سبعة} يعود إلى الله تعالى فذكر بلفظ الجمع كقوله {أما} وأمثاله هذا على الاختصار . ( أسرار التكرار )
3- ثلاثة رابعهم/ خمسة سادسهم/ سبعة و ثامنهم : زيدت الواو بعد السبعة، وهذه الواو سمَّاها بعض المفسرين والنحاة: واو الثمانية. وهى مطَّردة بعد الرقم سبعة في القرآن الكريم والعرب تقول: إن الرقم سبعة هو نهاية العدد؛ ولذلك كثر ذكرها في الأخبار في التعبير عن الكثرة، واعتبروا ما بعدها بدءًا للعدِّ من جديد، لذلك عطف بالواو. والمتأمِّلُ فيما بعد الواو في آيتي التحريم والتوبة، يجد أنَّ الواو لا مناص من ورودها؛ لأنَّ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هما شيءٌ واحدٌ مكوَّنٌ من صفتين، ففُصِل بينهما بواو العطف. وفى آية التحريم: الثيبات و الأبكار نوعان مختلفان؛ فوجب الفصل بينهما بالواو. .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
1- أشِدَّاء / شِداد: إن الاستخدام القرآني لكلمتي “أشدَّاء ـ شِدَاد” يُظهر اشتراكهما في معنى القوة. والملمح المميز لكلمة “أشدَّاء” هو القوة المعنويَّة. بينما الملمح المميز لكلمة “شداد” هو القوة المادِّية.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)
1- ثم مأواهم جهنم / ومأواهم جهنم : جاءت (ثم) في آية آل عمران، لأن هذه الآية قد سبقت بقوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد). وتقلبهم في البلاد يستغرق وقتاً وإن كان قليلاً، فذكر حرف العطف الدال على التراخي: (ثم). أما الآيات الأخرى فقد عطفت بالواو زمني. لم تتضمن ما يدل على التراخي أو وجود فاصل زمني، فناسب ذلك العطف بالواو الدالة على الاشتراك في الحكم دون الدلالة على التراخي. وهذان في الآخرة وليس بينهما فاصل زمني . وفي الآيات الأخرى لم تذكر الحياة ومتاعها، فجيء فيها بالواو دون( ثم)، لإفادة وقوع هذه الأحكام جميعها عليهم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)
1- زوج / امرأة: إن لفظي “زوج ـ امرأة” بينهما تقارب دلالي؛ إذ يشتركان في الدلالة على العلاقة بين الرجل والمرأة. ويختص لفظ الزوج بملمح المشاكلة والمجانسة؛ ولذلك جاء في سياق النعمة والخير. بينما يختص لفظ “المرأة” بملمح الأنوثة؛ لذلك جاء في سياق ذكر الحمل والولادة وما هو من مقتضيات صفة الأنوثة..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12)
1- قوله {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها} وفي التحريم {فنفخنا فيه} لأن المقصود في هذه السورة ذكرها وما آل إليه أمرها حتى ظهر فيها ابنها وصارت هي وابنها آية وذلك لا يكون إلا بالنفخ في حملها وتحملها والاستمرار على ذلك إلى ولادتها فلهذا اختصت بالتأنيث وما في التحريم مقصور على ذكر إحصانها وتصديقها بكلمات ربها وكأن النفخ أصاب فرجها وهو مذكر والمراد به فرج الجيب أو غيره فخصت بالتذكير . ( أسرار التكرار )
2- فنفخنا فيها / فنفخنا فيه: جاء الضمير التالي لحرف الجر في آية الأنبياء مؤنثاً ، بينما جاء مذكراً في آية التحريم ، وذلك لان المقصود في سورة الانبياء ذكر مريم عليها السلام فأعاد الضمير عليها ، بينما المقصود في آية التحريم ذكر إحصانها وعفتها ، فعاد الضمير على الفرج ، وهو مذكر.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved