علو الدعوة في سورة الأعلى
استمرار الدعوة في سورة الأعلى
ما هي أسماء السورة؟
اشتهرت باسمين ( سبح اسم ربك الأعلى ) كما ورد في صحيح البخاري والأعلى كما عليه أكثر المفسرين
كم عدد آياتها
تسعة عشر آية بلا خلاف
ما هي موضع نزولها؟
هي مكية
هل ورد في فضلها شيء؟
ورد فيها أحاديث في الصحيحين منها:
عن جابر بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الصبح بأطول من ذلك رواه مسلم
عن النعمان بن بشير، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية»، قال: «وإذا اجتمع العيد والجمعة، في يوم واحد، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين». رواه مسلم
ولا شك أن هذا التكرار في الجمعة والعيدين يوم شهود الناس دليل على أهمية هذه السورة مع قرينتها سورة الغاشية وعلى اشتمالها على معان كثيرة مهمة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون حاضرة في أذهان الناس.
ما هو مقصد السورة الرئيسي؟ وما هي القرائن التي تدل على ذلك؟
الظاهر أن هذه السورة وبعد ربطها بما سبقها كما سبق تبعث رسائل تطمين للنبي صلى الله عليه وسلم بأن العلو والسؤدد سيكون له ولدعوته، وأنه لن يناله ما نال أصحاب الأخدود من الشهادة والفناء، وأن دعوته محفوظة وأنه محفوظ بشخصه صلى الله عليه وسلم كما جاء في سورة الطارق، ليس هذا فحسب بل إن هذه السورة تطمئن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه بعد أن ( سنقرئك فلا تنسى ) سيكون لك زيادة في الأمر وهو ( ونيسرك لليسرى )، فلن يصيبك ما أصاب أهل الأخدود، ولن يضرك الكيد المذكور في الطارق، بل أنت محفوظ منصور ودعوتك محفوظة منصورة وستُيَسَّر لليسرى ليتسنى لك القيام بالمهمة الكبرى ( فذكر )، وهذا هو المحور الذي تدور عليه السورة.
ولقد مكثت سنوات أبحث عن مقصد مناسب لهذه السورة يتناسق مع تتابع المعاني فيها فلم أعثر على ما تطمئن له النفس إذ أنني كنت أنظر في السورة لوحدها، ثم يسر الله فكرة ربط هذه السورة بما قبلها من السور وتحديدا البروج والطارق ظهر لها نوع وجه واتساق مع ما قبلها فالحمد لله على ما امتن به، وتبقى هذه وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ والله الموفق.
ما هي المقاطع الرئيسية في السورة؟
السورة ابتدأت بالحديث عن تعظيم الله وذكر بعض الصفات الدالة على ذلك والحديث عن هذا كان كالتوطئة والتهيئة لما بعده من ذكر حفظ الرسالة وتيسيرها للنبي صلى الله عليه وسلم ثم أمره له بالتذكير بعد الضمانات السابقة ثم انتقل بعدها إلى ذكر أحوال الناس في الاستجابة إلى هذه الرسالة وأسباب ذلك ومآلاته وانتهى الكلام بربط هذه الرسالة بسابقاتها.
والشكل التالي يوضح المقاطع الرئيسية في السورة
الكلام على المقطع الأول: تنزيه الله وتعظيمه
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
ما موضوع هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟
هذا المقطع يتحدث عن تنزيه الله وعلوه، وأفعاله التي كان بها هذا العلو، فاسمه أعلى لأنه خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى إلى آخر الآيات.
وكأن هذه الآيات تقول لك في بداية السورة: أن الأعلى المعظم الذي له من الأفعال كذا وكذا، لا يصعب عليه أن نقرئك يا محمد فلا تنسى وأن نيسرك لليسرى.
ما وجه البدء بالأمر سبح؟
التسبيح هو التنزيه عن النقائص ومصدره سبحان وهذه الكلمة بكل مشتقاتها لا تستخدم إلا مع الله ونلاحظ أن الإنسان عندما يرى شيئا غريبا عجيبا يقولها من تلقاء نفسه وهذا له علاقة مباشرة بموضوع السورة
والابتداء بهذا يؤذن بأنه سيلقي إليه عقبه بشارة وخيرا كما سيأتي وهذا فيه براعة الاستهلال بخلاف إلقاء البشارة والضمانات ابتداء
ما وجه تعلق التسبيح هنا بالاسم؟
يأتي التسبيح أحيانا متعلقا بالله مثل قوله ( وسبحه ليلا طويلا ) وأحيانا متعلقا بالاسم كما في هذه السورة والظاهر أن الفرق بينهما: أن تسبيح اسم الله يكون بالنطق بذكره ذكرا يليق بجلاه ويشمل ذلك استحضار المعاني لأن هذا هو المقصود من الألفاظ وبهذا يتكرر المعنى على ذهن المتكلم ويتجدد ما في نفسه من تعظيم الله وهذا مناسب لما سيأتي لاحقا من قوله ( وذكر اسم ربه فصلى) ومثل هذا حين يكون التسبيح متعقلا بوقت من الأوقات ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) فالتحديد بالوقت خاص بالفعل لا بالتفكر ومثل هذا تعدية الفعل بالباء
وأما تسبيح الله فيكون بتفكر العبد في عظمة الله وترديد ذلك في ذهنه.
وفي المحصلة فإن فمآل الأمرين واحد وذلك أن كلا الأمرين يراد به الإشارة إلى معرفة أن الله منزه عن النقائص.
ما هو وجه ذكر الرب؟
المقصود بذكر الرب هنا استحضار صفات الربوبية على ما سيأتي تفصيل بعضها لاحقا في الآيات التالية والرب في اللغة لها ثلاثة معان: السيد والمصلح والمربي، إضافة إلى الإشارة إلى جانب الحياطة والرعاية التي سيحاط بها النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته.
وإضافة الرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مراده التعظيم والتشريف للنبي صلى الله عليه وسلم فيكون له حظ زائد على التكليف بالتسبيح.
وقد أجري على لفظ ( ربك ) صفة ( الأعلى ) وما بعدها من الصلات فهو مستحق للتنزيه لصفات ذاته ولصفات إنعامه على خلقه كما سيأتي بيانه
ما هو وجه ذكر الأعلى دون غيرها؟
الأعلى اسم يفيد الزيادة في صفة العلو أي الارتفاع والارتفاع معدود في عرف الناس من الكمال والعظمة
وهذا الاسم اسم تفضيل وعندما يقترن اسم التفضيل بأل ولا يذكر معه مفضل فهو في أعلى درجات التفضيل ودونها أن يكون مضافا كقولنا ( عمرو أفضل الرجال ) ودونها أن يكون مجردا من أل ومن الإضافة ( عمرو أفضل من زيد )
فجاءت هذه الصيغة لتدل على أن الله علي في أعلى درجات العلو وهو علو حقيقي على العرش فوق السماء كما يقول أهل السنة والجماعة وهذا مناسب غاية المناسبة للمقصد الرئيس من السورة وهو علو الدعوة واستمرارها فإن الأعلى لا يعثر عليه أن يعلي شأن الدعوة وأن يبلغ بها الآفاق.
ما وجه مناسبة ذكر الصفات بعد وصفه بالأعلى عز وجل؟
بعد أن أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والأمة من بعده بتنزيه الله الأعلى جاء بثلاث أمور دالة على ما سبق وصفه به وكأن قائلا يقول: كيف عرفتم أنه أعلى؟ فجاء الجواب فيما سيأتي
وذكرت هذه الصفات بعد الاسم الموصول للدلالة على أن الصفات المذكورة تصلح أن تكون وصفا مميزا للموصوف ويمكن أن يعرف بها وأنها هي المرادة في التعريف بما سبق من الصفة.
ما هي الصفات الواردة بعد الأمر بالتنزيه؟
ذكر بعدها ثلاث موصولات:
الأول: الخلق والتسوية
الثاني: التقدير والهداية
الثالث: الإخراج والتغيير
وكل هذا يصب في سياق السورة فإن الله عز وجل قادر على أن ينشئ هذه الدعوة وأن يقدر لها طريقها حتى تستوي على سوقها، وإذا ما قدر أن مرضت فإن الذي أحيى المرعى قادر على أن يخرجها مرة أخرى.
ما وجه ذكر الاسم الموصول بعد كل صفة على حدى؟
ذكر الاسم الموصول مكررا مع كل صفة للدلالة على أن كل صفة تصلح لوحدها أن تكون دلالة مستقلة على ما سبق ذكره من صفة وهذا أبلغ في المعنى والدلالة في إرادة كل صفة على حدى.
ما وجه التعقيب بالتسوية بعد ذكر الخلق؟
الخلق هو التقدير قبل القطع من مثل قولهم : خلق الأديم للسقاء كما قال زهير:
ولأنت تخلق ثم تفري وبعـ ـض القوم يخلق ثم لا يفري
وأما التسوية فهي اعتدال واستقامة بين شيئين والسوي هو الذي لا عيب فيه
ولم يذكر مع الخلق شيئا ليدل على عموم الخلق فالله الأعلى هو خالق كل شيء.
والتعقيب بالفاء يشير إلى أن التسوية هي المقصودة من الصلة وأن ما قبلها تهيئة لها وقدم الخلق لأنه مقدم على التسوية وإن كان حصول التسوية مقارنا لحصول الخلق.
التسوية أمر زائد على الخلق فقد يكون خلقا غير سوي متفاوت غير ملتئم وليس هذا محلا للمدح فذكر الله هنا خلقه عز وجل وذكر أمرا زائدا على ذلك وهي حسن الخلق وتناسقه وتناسبه ليتناسب مع التفضيل الزائد في صفة العلو المذكورة آنفا فالخلق لا يكون منقبة إلا أن كان الخلق مستويا معتدلا لا عيب فيه
ما وجه التعقيب بالهداية بعد التقدير؟
ذكر التقدير في مواضع عديدة في كتاب الله منها قوله تعالى: ( إنا كل شيء خلقناه بقدر) ومنها قوله تعالى: قد جعل الله لكل شيء قدرا) وقد جمع موسى عليه السلام هذان الأمران في التعريف الشامل بالذات الإلهية فقال: ( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)
والمقدار هو كمية الشيء المضبوط
المقصود بالهداية هنا أن الله جعل في النفوس والطبائع والأخلاق أشياء محددة فهو قدر الماء ينبع ويجري ثم هدانا للشرب منه إن عطشنا ولولا تلك الهداية لما عرف العطشان أن الماء هو الذي يرويه ولما عرف الجائع أن الطعام سيشبعه وهذه الهداية شاملة للدواب جميعها ومما يؤكد ذلك قضية المرعى المذكورة لاحقا.
ما مناسبة ذكر المرعى وجعله غثاء أحوى لما سبق من الصفات؟
المرعى هو النبت الذي ترعاه البهائم السائمة والغثاء: هو اليابس من النبت والأحوى: هو الموصوف بالحوة بضم الحاء وتشديد الواو وهي لون سمرة قريب من السواد
هناك عدة مناسبات:
منها: أن الصفة السابقة أي الهداية خاصة بذوات الأرواح كالإنسان والحيوان وغيره ولا تشمل النباتات فهي لا تحتاج إلى هداية تهتدي بها، فناسب هنا أن يذكر المرعى تذكيرا بخلق جنس النبات من شجر وغيره وخص المرعى بالذكر دون النبات لما يشعر به مادة الرعي من نفع الأنعام به ونفعها للناس الذين يتخذونها
ثم ذكر صفة اللون لأنه أول ما تقع عليه العين فتعرف تغيره وفي هذا إشارة إلى عظيم قدرته تعالى وتصرفه الإنشاء والإنهاء وهذا مناسب غاية المناسبة لما سيذكر أيضا لاحقا من شأن الدار الآخرة وأحوال الناس فيها ومنها: أن فيه إيماء إلى أحوال الناس في الاستجابة للقرآن وإلى أن الشريعة ستكمل ويبلغ الله ما أراد الله فيها كما يكمل المرعى ويبلغ نضجه
ومنها: أن فيه إيماء إلى مصير الخلق كلهم إلى الفناء والدار الآخرة بعد انتقالهم من طور إلى طور كما قال تعالى ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة )
ومنها: أن فيه إشارة إلى أن مدة نضارة الحياة للأشياء تشبه المدة القصيرة كما أن المرعى لا يكون نضيرا إلا مدة قصيرة من الزمان فيما يراه الناس عيانا في كل مدة كما قال تعالى ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلنا من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح ) ومثل هذا تشبيه الله للحياة الدنيا بالزهرة قال تعالى ( زهرة الحياة الدنيا ) في إشارة إلى قصرها وسرعة زوالها.
ومنها: أن فيه إشارة أيضا إلى إنزال الغيث وهي مع التسوية والهداية مما لا يقدر عليه إلا الله
ومنها: الإشارة إلى أحوال الناس تجاه هذه التذكرة وقد جاء مثل هذا في قوله صلى الله عليه وسلم ( مثل الله ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» رواه البخاري.
الكلام على المقطع الثاني: ضمان الرسالة ( سنقرئك ونيسرك فذكر )
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
ما وجه ذكر الضمان بعدم النسيان بعدما سبق من الآيات؟
ذكرنا سابقا مناسبة الصفات الواردة لهذا القسم وكل هذا يعتبر توطئة وتهيئة لهذا القسم الذي
وهنا عدة إشارات:
الأولى: أن هذا الأمر دليل على عظمة القرآن وعلوه وقدره إذ جاء الحديث عنه بعد الحديث عن علو الله وقدره مباشرة
الثانية: الحديث عن الخلق والتسوية فيه من الدلائل الدالة على اللطف والحفظ الكثير فالمخلوق في بطن أمه كان ضعيفا لا يملك تسوية خلقه فسواه الله على أحسن صورة وحفظها له حتى خرج وبعد أن خرج قدر له الأمور وهداه فناسب بعد كل هذا أن يطمئن الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه على الرغم من الكيد والتكذيب والاستهزاء إلا أن الله هو الذي سيتولى إقراءك هذا القرآن يا محمد.
الثالث: المناسبة بين تعظيم الله وحفظ العلم والتيسير فعلى قدر حظك من الأول يكون حظك من الآخران وهذا معنى مهم ينبغي للإنسان الانتباه له والتركيز عليه
ما دلالة وجود السين في قوله سنقرئك؟
ابتدأ أولا بالإقراء مع السين الدالة على الاستقبال إشارة إلى تأكيد حصول الفعل خاصة وأنها اقترنت بفعل حاصل في وقت التكلم فإنها تقتضي أن يستمر ويتجدد وهذا إشارة إلى أنه وإن كان قد خاف من نسيان بعض ما أوحي إليه على قلته فإنه سيتتابع ويتكاثر فلا يخشى نسيانه مع تزايده.
وفي هذه الآية معجزة فإن الله قد أخبر بها أمرا غيبيا مخالفا للعادة وقد وقع فكان هذا من أوجه بيان قدرته، ولا يتكفل بمثل هذا إلا عظيم.
ما دلالة نسبة الإقراء إليه؟
في هذه النسبة إشارة إلى أن العلم الذي سيتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم هو كله من الله فإذا كان الله هو الذي أنزله فهو أيضا الذي سيحفظه واستخدم معها ضمير الجماعة الدال على العظمة في حال الخطاب
وفي هذا إشارة إلى أن العلم إنما هو من الله وهذا الأمر من أهم ما يجب على طالب العلم الانتباه له فما يحصل له من العلم إنما هو من الله وحده لا من اجتهاده وتحصيله.
ما وجه الالتفات من ضمير الغيبة في المقطع السابق إلى ضمير المتكلم في هذا المقطع؟
المقطع السابق كان الحديث فيه عن عظمة الله فناسب أن يسوق الله الخطاب بصيغة الغائب لأنه أنسب للمدح وفيه إشارة إلى تعاليه في القدرة.
أما في المقطع الحالي فكان الحديث فيه ضمان من الله والضمان إذا كان بصيغة المخاطبة كان أشد وأوقع في النفس وأدعى إلى الاطمئنان بتحقق المراد.
لاحظ عودة الكلام إلى ضمير الغيبة مرة أخرى في قوله ( إنه يعلم الجهر وما يخفى ) في سياق حمده لنفسه جل وعلا إشارة إلى تعاليه في العظمة.
هل لا في قوله فلا تنسى نافية أم ناهية؟
لا نافية بدليل ثبوت الألف المقصورة في نهاية الفعل ولو كانت ناهية لكان الفعل مجزوما وللزم حذفها دليلا على الجزم
كما أن سياق الضمان في هذه الآية يناسب كونها نافية لا ناهية خاصة مع كون النسيان أمر خارج عن إرادة الإنسان.
كما أن هناك آيات نسخت ونسيت بعد ذلك فهذا دليل على أن ذلك كان بأمر الله
كيف يمكن الجمع بين هذه الآية وبين الآيات التي كان ينسى النبي صلى الله عليه وسلم بعضها في الصلاة كما في الصحيح؟
هذا النسيان يجعل الله له من الأسباب ما يذكره بها بحيث لا يتخلف عن ذلك تشريع وهذا هو المقصد الأساسي في السورة ونسيان النبي صلى الله عليه وسلم لاحقا لبعض الآيات لا يتنافى مع الحفظ الموعود به في هذه الآيات لأن ذلك النسيان كان من طبيعته البشرية وكان لاحقا بعد أن حفظ الصحابة عنه رضوان الله عليهم.
ما مناسبة ذكر الجهر والإخفاء ههنا؟
هذه الجملة اعتراضية ولها عدة مناسبات يستفاد منها عدة معان:
الأول: وهو مناسب لعموم اللفظ: أن الذي يعلم الجهر وما يخفى من العباد جميعا قادر لا يعجز عن قدرته شيء فمن كانت هذه حاله لن يصعب عليه أن يحفظ لك التنزيل في صدرك.
الثاني: وهو مناسب لخصوص السياق: أي أن يعلم جهرك مع جبريل عليه السلام ويعلم ما تخفي في نفسك من مخافة النسيان فاطمئن ولتقر عينك فإننا سنقرئك فلا تنسى مما نقرئك شيئا.
الثالث: أن يكون المعنى فلا تنسى إلا ما شاء الله أن ينسى فإنه أعلم بمصالح العبيد وأعلم بما فيه مصلحتهم فيبقيه على الجهر وما ليس لهم فيه مصلحة فيخفيه.
ما وجه التعبير عن الجهر بالاسم وعن الإخفاء بالفعل؟
السر في ذلك أن الجهر ظاهر فناسب معه ذكر المصدر الصريح بينما ما يخفى مصدر مؤول من الاسم الموصول وصلته وهو لا يدل على المخبر به مباشرة بل فيه انقطاع خفيف ثم يصل إلى المصدر وهذا مناسب للإخفاء.
كما أن التعبير بكلمة ما الدالة على العمومية والشمول ظاهر في الإشارة إلى شمول العلم لكل شيء يتم إخفاؤه مهما كان حاله.
كما أن الإخفاء يدرك مرة بملامح الوجه ومرة من نبرة الصوت ومرة من حركة الأعضاء وغير ذلك فيمكن أن يعرف مرة ولكن قد يخفى مرات كثيرة ولا يعرف لكن اله يعرف حتى لو تكرر الخفاء مرة بعد مرة لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ما هو المقصود باليسرى؟
اليسرى مؤنث الأيسر وهي صيغة تدل على قوة الوصف لأنها مؤنث أفعل.
قيل الجنة وهذا بعيد والراجح أن المقصود أمران:
الأول: وعد الله له بأن ييسر له الشريعة فيجعلها يسيرة لا حرج فيها.
الثاني: وعد الله إياه بأنه يسره لتلقي أعباء الرسالة فلا تشق عليه ولا تحرجه
فاشتمل الكلام على تيسيرين: تيسير مع كلف به النبي صلى الله عليه وسلم وتيسير النبي للقيام بما كلف به وهذا – أقصد تنزيل الشيء الميسر منزلة الميسر له والعكس – مبالغة في ثبوت الفعل للمفعول على طريقة القلب المقبول كقول العرب
ومن هذا ما ورد في الحديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما) وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا منفرين)
ما هي مناسبة الأمر بالتذكير بعد ما سبق ؟
بعدما ذكر قدرته جل وعلا وذكر ضمانتان للنبي صلى الله عليه وسلم وهما:
حفظ الرسالة وتيسيره لليسرى
ناسب أن يذكر الأمر بالتذكير وكأن ما سبق توطئة وتهيئة لهذا الأمر فإن المتصدي للتذكير إذا علم أن ضامنا قد ضمن له هذان الأمران وهما حفظ رسالته من الضياع والنسيان والتحريف وضمن له السهولة والتيسير في أمره وكان هذا الضامن قديرا خالقا هاديا محييا مميتا تصدى لهذه المهمة بصدر منشرح وبهمة عالية
والأمر هنا القصد منه دوام العمل بالتذكير وهو تبليغ القرآن للناس وتذكيرهم بالدار الآخرة التي يدور عليها الكلام في القسم الثالث.
الكلام على المقطع الثالث: أحوال الناس في مقابل الدعوة
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)
ما هي دلالة الشرط في قوله إن نفعت الذكرى؟
المدعوون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم مقطوع بانتفاعه وقسم مقطوع بعدم انتفاعه وقسم محتمل والقسم الثاني خاص بمن أخبر الله بحالهم كأبي لهب وأبي جهل
والذي يظهر أن الجملة اعتراضية وأن قوله إن نفعت الذكرى توجيه للنبي صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في التذكير لأن لا أحد يستطيع معرفة متى تنفع الذكرى ولا حتى هو صلى الله عليه وسلم إلا فيما بين له ربه فإذا كان الحال ما وصفنا يتبين أن الشرط غير مراد بذاته لأنه متعلق بأمر غير معلوم فكأن الله يقول لنبيه: استمر بالتذكير ولا تتوقف فإنك لاتدري متى تنفع الذكرى وهذا المعنى معنى مباشر قوي ومنها قوله ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) وهذا من ثمل قوله ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) ومعناها : فذكر بالقرآن فيتذكر من يخاف وعيد.
ويكون المعنى: فذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع واقتصر على القسم الواحد لدلالته على الثاني.
وقد كان هذا ديدن النبي صلى الله عليه وسلم طول حياته فقد كان لا يقطع بعدم نفع أحد بل لا يزال على رجاء منه وإن استبعده وإن اشتد الأمر ولا يحقر أحدا أن يدعوه ولا ييأس من أحد وإن اشتد عليه الأمر بل إن الله قد نهاه عن أن يذهب نفسه حسرات عليهم لشدة حرصه عليهم صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا أيضا إيماء إلى أن في القوم ناس لن تنفعهم الذكرى وتجهيز للنبي صلى الله عليه وسلم لتلقي مثل هذا الأمر وهذا يناسب ذكر الصنف الثاني في المقطع الثالث كما سيأتي الكلام عليه.
وإيراد مثل هذه الألفاظ التي تحتمل عدة معاني بعضها قريب يقويه السياق وبعضها بعيد يشار إليه من أعظم وجوه الإعجاز في كتاب الله فلينتبه لمثل هذا.
ما هو وجه الإتيان بالخشية وما هو الفرق بين الخشية والخوف؟
أمثل ما قيل في الفرق بين الخوف والخشية ما أورده الزركشي في البرهان حيث قال ما مفاده: أن الفرق بينهما ينحصر في أمرين:
الأول: أن الخشية أعلى من الخوف وهي أشد الخوف فإنها مأخوذة من قولهم شجرة خشية إذا كانت يابسة وذلك فوات بالكلية والخوف من قولهم ناقة خوفاء إذا كان بها داء وذلك نقص وليس بفوات ومن ثمة خصت الخشية بالله تعالى في قوله سبحانه {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}
الثاني: أن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قويا والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة قالوا شيخ للسيد الكبير والخيش لما عظم من الكتان والخاء والواو والفاء في تقاليبها تدل على الضعف وانظر إلى الخوف لما فيه من ضعف القوة وقال تعالى {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} فإن الخوف من الله لعظمته يخشاه كل أحد كيف كانت حاله وسوء الحساب ربما لا يخافه من كان عالما بالحساب وحاسب نفسه قبل أن يحاسب وقال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} وقال لموسى {لا تخف} أي لا يكون عندك من ضعف نفسك ما تخاف منه من فرعون
فإن قيل: ورد: {يخافون ربهم} ؟
قيل: الخاشي من الله بالنسبة إلى عظمة الله ضعيف فيصح أن يقول يخشى ربه لعظمته ويخاف ربه أي لضعفه بالنسبة إلى الله تعالى
وفيه لطيفة وهي أن الله تعالى لما ذكر الملائكة وهم أقوياء ذكر صفتهم بين يديه فقال: {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} فبين أنهم عند الله ضعفاء ولما ذكر المؤمنين من الناس وهم ضعفاء لا حاجة إلى بيان ضعفهم ذكر ما يدل على عظمة الله تعالى فقال {يخشون ربهم} ولما ذكر ضعف الملائكة بالنسبة إلى قوة الله تعالى قال {ربهم من فوقهم} والمراد فوقية بالعظمة
ومن تتبع استعمال لفظي الخشية والخوف في القرآن تبين له قوة ما ذكر فإن الخشية تستخدم في سياق إبراز جانب قوة المخشي منه والخوف يستخدم في سياق إبراز جانب ضعف الخائف.
ما هو وجه إيراد فعل التجنب بهذه الصيغة ؟
الجنب والجنابة هي البعد عن الشيء ومنها الجار ذو الجنب أي الجار البعيد.
ويتجنب على وزن يتفعل وهي صيغة تدل على عدة معان أبرز ما يقتضيها السياق هو:
التكثير والمبالغة: فكأن هذا الأشقى يبالغ كثيرا في تجنب هذه الذكرى
ومنها: التكرار في مهلة : وكأن هذا الأشقى يداوم على هذا التجنب ويصر عليه ويمارسه على طول هذه الفترة لا أنه أمر به وانقطع
ومنها: التكلف فكأن هذا الأشقى يحمل نفسه على هذا التجنب ويحرص عليه حتى يكون له.
ومنها: الطلب: فكأن هذا الأشقى طلب الجنابة وهي البعد عن الذكرى
كما أن الإتيان بالفعل تجنب بصيغة المضارع يدل على التجدد والحدوث فكأن الأشقى لا ينقطع أبدا عن تجنب الذكرى والابتعاد عنها.
ما وجه التعبير عن المتجنب بالأشقى؟
إيراد الأشقى بهذه الصيغة تدل على بلوغ أسفل دركات الشقاء وهذه الصيغة من أدل الصيغ على الزيادة والمبالغة كما مر في الحديث عن صيغة الأعلى.
لاحظ مناسبة هذه الألفاظ لبعضها ولموضوع السورة وهو تعظيم الله ( الأعلى – الأشقى – الكبرى ) كما سيأتي في وصف النار.
وجاء بالصلة والموصول للتنبيه على صفة هذا الأشقى وهي دخول النار.
ما المقصود بالتعبير ( ثم لا يموت فيها ولا يحيى)؟
جاء بالجملة بعد ( ثم ) التي تفيد التراخي الرتبي والتراخي الرتبي يعني أن الجملة التي قبل ثم مقصودة أساسا وأن ما بعدها دونها في القصد.
المعنى أنه لا يموت فيرتاح ولا يحيا حياة طيبة بدون عذاب ولو أنه جاء لا يموت فيها بدون ولا يحيى لربما احتمل المعنى أن العذاب الذي سيعذب به هذا الأشقى خفيف لا يموت منه الناس عادة فأتت كلمة ولا يحيى فحولت المعنى هذا التحويل العجيب الذي لا يدل إلا على المراد منه.
وقد جاء مثل هذا المعنى في سورة طه في قوله عز وجل ( إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى )
وفي هذا رد على من قال أن الإتيان بمثل هذه العبارات إنما يراد به مراعاة الفواصل وهذا قول بعيد فسبحان من أعجز الناس بمثل هذا.
ما هي مناسبة ذكر الفلاح هنا؟
الفلاح نجاح المرء فيما يطمح فقد جمع فيها جميع أنواع الخير فهو يجمع معنيي الفوز والنفع وذلك هو الظفر بالمبتغى من الخير
ما هي دلالة إيراد الفلاح بصيغة الماضي مع أنه أمر مستقبل؟
إيراد قد مع الفعل الماضي يريد بها تحقق وقوعه وإثبات ذلك وأتى بالفعل بصيغة الماضي مع أن الفلاح أمر منتظر في المستقبل وهذا يقع كثيرا في القرآن والقصد منه إثبات النتيجة إثباتا لا يخالجها أي شك فكأن الأمر قد تم وانتهى ومن هذا قوله الرجل (هلكت) إذا صادفه أمر مهلك مع أنه لم يهلك بعد إلا أنه لعظم هذا الأمر المخوف عبر عن تحقق الهلاك بالفعل الماضي.
لاحظ أيضا التناسب بين فعلي (تجنب) و (تزكى) والإتيان بهما بهذه الصيغة الدالة على التكلف في مقابل بعضهما ومناسبتهما لجو السورة العام المليء بالمبالغة والزيادة.
ما هو وجه التعقيب بالصلاة بعد التزكية والذكر؟
الزكاة في اللغة تأتي بعدة معان: منها الطهارة ومنها الزيادة والنماء ومنها: الصلاح، وكلها يحتملها السياق ويناسبها ويدل عليها.
هذا التعقيب فيه إرشاد عظيم: وهو أن الصلاة هي علامة التزكية الحقيقية للقلوب فلا بد للقلب الزكي أن تظهر آثاره على أفعال الإنسان وأول هذه الآثار وأعظمها هي الصلاة وعلى قدر إقامتها تكون الزكاة في قلب العبد وعلى قدر النقص فيها يكون النقص في طهارة قلبه.
لاحظ أيضا ذكر جملة (اسم ربه) هنا والتي تتناسب مع قوله في بداية السورة (سبح اسم ربك الأعلى) وكيف تأتي جمل السورة متناسبة متناسقة مع بعضها ومناسبة لجو السورة العام ومقصدها.
وقد رتبت هذه الخصال الثلاث في الآية على ترتيبها الطبيعي:
فأولا: تأتي إزالة الشر والباطل من النفس فعبر عنها بقوله ( تزكى )
ثانيا: يأتي استحضار عظمة الله ومعرفة صفاته وحكمته وعبر عنها بقوله ( ذكر اسم ربه )
ثالثا: الإقبال على طاعته وعبادته وهو المشار إليه بقوله ( فصلى ) ثم يأتي بعد ذلك كل الأعمال الصالحة والانتهاء عن الأعمال الخبيثة.
وذكر في هذه الأمور الثلاثة أصول صلاح النفس.
ما هو وجه ذكر التزكية هنا ثم التعقيب بإيثار الحياة الدنيا بهذه الطريقة؟
هذا التركيب السابق يحتاج إلى وقفة ليتبين لنا عظمة هذا التركيب بهذا الشكل:
فإنه قد ذكر الأصل والسبب في الأول وهي الخشية دليل على عدم وجودها في الثاني
وذكر الثمرة في الثاني وهو الشقاوة دليل على وجود ضدها في الأول وهي السعادة
فاكتفى في موضع بذكر السبب وفي موضع بذكر الثمرة ولا شك أن هذا دليل حي على أن القرآن العظيم على أحسن ما يكون من البراعة في التركيب وبداعة الترتيب وكثرة العلوم مع الاختصار وعدم التكرار
لم لم يذكر المؤثر عليه؟
لم يذكره لأن الحياة الدنيا تدل عليه والمعنى أنكم لا تتأملون فيما عدا حياتكم هذه ولا تتأملون في حياة ثانية.
وهذا الكلام ليس خاصا بالكفار بل إن للمؤمنين حظا منه على طول الدهر وذلك حظ مناسب لمقدار ما يتشبه الواحد منهم بالكفار في إيثارهم الحياة الدنيا
لم لم يقرن ( أبقى ) باللام للتناسب مع ما سبق ( الأعلى – الأشقى – الكبرى )؟
لا حاجة لهذا في هذا الموضع فإن الآخرة لا يقابلها إلا شيء واحد وهو الدنيا فاكتفي بمثل هذه الصيغة في التفضيل.
ما مناسبة ذكر الصحف وإبراهيم وموسى؟
الذي يظهر والله أعلم أن ذكر ابراهيم وموسى خاصة هنا فيه بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بحفظه ونجاته، فإن ابراهيم نجا من شدائد عظيمة منذ أن حاولوا حرقه بالنار، ثم من الملك الظالم، ثم علت دعوته واستمرت واذن في الناس بالحج فأتوه رجالا وعلى كل ضامر وبلغت دعوته الآفاق، وحفظت دعوته واستمرت في بنيه، وموسى كذلك نجا عليه الصلاة والسلام من مهالك عديدة من القتل الأول، ثم من النهر، ثم من فرعون بعد أن قتل المصري خطأ ثم من فرعون حين أراد قتله لاحقا، واستمرت دعوته في بني إسرائيل.
فهي بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بتيسيره لليسرى كما يسر إبراهيم وموسى من قبل.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved