حفظ النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)
ما هو مقصد هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟
بعد كل هذه المحطات تتوقف الآيات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت الآيات نازلة له بخصوصه فلا مانع أن تكون هذه الآية سنة جارية في ورثته من بعده.
ما مناسبة حيثيات المقطع لمقصد المقطع وكيف سارت المعاني فيه؟
ابتدأت الآيات بتقريرٍ وهو ( خلق الله للسموات والأرض بالحق ) ليكون هذا التقرير تأكيدا للب الآية وحقيقة خالدة في نفس الدعاة ( وإن الساعة لآتية ) إذ لا معنى للخلق بدونها فيكون عبثا تعالى الله عما يقولون، ثم ذكرت الآية الشعور الذي ينبغي أن تملأ هذه الحقيقة قلب الداعية بها تجاه المكذبين المستهزئين – الذين أطالت السورة في ذكرهم في المقطع الأول – ألا وهو ( الصفح الجميل ) إذا لا معنى لأن يمتلئ قلب المؤمن غضبا وألما وحسرة في مقابل هذا التكذيب، طالما أن يوم الدين يملأ فكره وشعوره، هذا اليوم الذي سيحاسب فيه كل على عمله، وسيفصل فيه بين الخلائق، سيما وأن هذا الترتيب إنما هو من صنع الله العليم بخلقه ( إن ربك هو الخلاق العليم ).
ثم تحدثت الآيات عن سبب عظيم من أسباب الحفظ وهو القرآن وخصصت ذكر فاتحته لما فيها من الحفظ وأسبابه، سواء كان الحفظ شفاء أو هدى أو غير ذلك وليس هذا موضع تفصيل.
ثم ذكرت الآيات أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بحفظ أهم الجوارح : القلب، وحفظ طريقه: البصر، وكأن الآيات تقول له ولمن بعده: ( احفظ قلبك نحفظك )
فالآيات التي تحدثت عن القرآن والفاتحة خصوصا، توسطت الحديث عن حفظ الصدر وحفظ القلب، فتأمل هذا.
ثم ختمت الآيات بذكر الجمع بين حفظ الدين وحفظ النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت ذلك في بداية السورة، فقررت أن الله حافظ دينه من هؤلاء الذين يريدون الانتقاص منه فيأخذون بعضه ويتركون البعض، وأن الحفظ سيكون للدين جملة كما نزل، كما قررت حفظ النبي صلى الله عليه وسلم من المستهزئين – الذين فصل المقطع الأول في أحوالهم وقالتهم – ودلته على ما يحفظ الله به قلبه من الحزن وصدره من الضيق وهي الصلاة والاستمرار عليها، وختمت السورة بتذكيره صلى الله عليه وسلم بالدوام على العبادة – والتي هي من أهم أسباب الحفظ كما مر سابقا مرارا – حتى يكتب الله له الأجل.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved