الاستجابة لله في سورة الرعد

ما هي الأسماء الواردة فيها ؟

لا يعرف لها اسم سوى الرعد

مكان نزولها؟

اختلف في مكية هذه السورة ومدنيتها واستدلوا على ذلك بما يلي:

فأما من قال أنها مكية: فلأن مواضيعها جرت مجرى السور المكية من تهديد المشركين وتقريعهم والحديث عن وحدانية الله وأمور العقيدة وهذا واضح غاية الوضوح.

وأما من قال أنها مدنية فاستدل بآيات فيها، منها قوله تعالى ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ومنها قوله تعالى ( ومن عنده علم الكتاب )

والذي يظهر أنها مكية وقد ألحقت بها بعض الآيات مثل الآيات التي سبق ذكرها وأما معظم مواضيعها فجارية على أسلوب معاني القرآن المكي.

كم عدد آياتها ؟

عدت آياتها ثلاثا وأربعين من الكوفيين وأربعا وأربعين في عد المدنيين وخمسا وأربعين في عد أهل الشام.

هل ثبت شيء في فضلها ؟

ورد في فضلها بعض أحاديث لكن لا يصح منها شيء.

ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك؟

المتأمل في هذه السورة يلحظ بشكل واضح غنى مواضعيها وتنوع أساليبها ويكاد فبعض المعاني تجمعها عدة آيات، بينما تحتوي بعض الآيات منفردة على موضوع لوحدها، وهذا مما يصعب كثيرا مهمة الوصول إلى مقصد السورة.

ولما كان اسم السورة والسياق الذي جاء به فيها من أعظم القرائن التي تشير إلى موضع السورة بحثنا في هذا القرينة المهمة فوجدنا أن اسم السورة وهو ( الرعد ) قد جاء في الجملة التالية ( ويسبح الرعد بحمده ) فهي تصف حال الرعد وهو يعظم الله تعالى جل وعلا، فهو مع كونه مخلوق عظيم مخيف إلا أنه في تنزيه دائم لله مستجيبا لكبريائه جل وعلا، ولو ابتعدنا قليلا لتتسع دائرة الرؤية فننظر في السياق الذي أتت به هذه الجملة، نجده يتحدث كله عن هذا المعنى منذ أن يبتدأ بقوله تعالى: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا، ثم يتبعه بذكر إنشاء السحاب الثقال ثم الرعد – الذي سميت السورة باسمه – ثم الملائكة وهي تسبح من خيفته ثم الصواعق التي يرسلها كيف يشاء، فهذا المقطع من السورة من أوله إلى آخره يتحدث عن تعظيم الله عز وجل وبيان قدرته وعلمه وخضوع المخلوقات لجلاله، ناهيك عن النظر إلى ما يسبقه وما يتبعه من هذه المعاني التي تعرضها السورة في جو مهيب.

ثم تأتي سجدة في أواخر هذا المقطع، كما أتت في سورة السجدة التي كانت تعالج موضوع ( الخضوع والإخبات لله ) لتعزز هذه الهيبة والقوة في النفوس، وليظهر أثر الاستجابة على المتدبر لهذه السورة.

ومما يؤيد هذا المعنى المراد، التفصيل الدقيق في ذكر خلق السموات والأرض والتدبير الإلهي وعلم الله بالغيوب وبيان قدرته وامتنانه على الناس بالنعم.

ومما يؤيد هذا، استخدام لفظ الجلالة ( الله ) في بداية المقاطع الجزئية وهذا الاسم إنما يأتي لتربية المهابة والجلالة في نفوس السامعين بعكس اسم الرب والذي يأتي لاستحضار معاني الحياطة والرعاية.

واستحضار معاني الهيبة والقوة الإلهية، وعمارة النفوس بالله، من أهم مقاصد القرآن إن لم نقل أنها مقصده الأساس، فطريقة القرآن هي التركيز على بناء عقدي سليم بدلا من ملاحقة المفردات السلوكية، وإن كان لم يعرض عنها إعراضا تاما، فإذا صلحت العقيدة والأفكار وامتلأت النفوس بتعظيم الله واستحضار هيبته، صلح سلوك الفرد بكل تفاصيله، ولا سبيل لإصلاح سلوك الفرد سوى هذا السبيل، فمن هذا البناء العقدي الصافي السليم تنطلق كل الخيرات، فكما أن هذا المعنى في سورة الملك ذكر ليؤسس لخشية الله بالغيب فقد ذكر هنا ليؤسس لمعنى هام وهو الاستجابة لرب العالمين، وهذا واضح في قوله ( للذين استجابوا لربهم الحسنى ) بعد أن ضرب لهم مثلا يرونه كثيرا، وبعد هذا الجو المليء بالتخويف في الآيات التي سبقت ذلك، وقد ذكرت الآ

 

يات حال المستجيبين وحال مخالفيهم، ثم أتبع هذا الحديث عن المستجيبين والمعرضين بمجموعة واحدة من الآيات تضم بين جنباتها مواضيع متنوعة أبرز معانيها التهديد لمن لم يستجب، وهذا في غاية المناسبة لذكر القدرة الإلهية في بداية السورة وسنفصل لاحقا في المواضيع التي تناولتها هذه المقاطع.

وأما ما شاع وانتشر من أن مقصد السورة هو ( بيان قوة الحق وضعف الباطل ) فيظهر أنه مأخوذ من الآية التي تحدثت عن ذلك ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها … ) وهذا بعيد فيما نرى باعتبار أن الربط بينها وبين اسمها بعيد خاصة وأن هذا لا يتناسب مع جو السورة فهو وإن كان مليئا بقوة الحق – إذا اعتبرنا أن الله هو الحق – فضعف الباطل لا تكاد تجد له ذكرا بهذا الشكل، وإنما السياق في القدرة والتهديد لأجل الاستجابة لله جل في علاه.

والذي دعانا لاختيار ( الاستجابة لله ) هو احتواء هذا التركيب على شقي السورة وهي : المقدمات التي انطلقت منها والنتائج التي وصلت إليها.

فالمقدمات هي الأوصاف التفصيلية لله وهي التي انتثرت على طول المقطع الأول وكانت واضحة الظهور في المقطع الثالث المليء بالتهديد والتخويف، واخترنا لفظ الجلالة ( الله ) دون سواه لتكرره كثيرا في بدايات الآيات في أثناء الحديث عن صفاته من جانب، ولأنه دائما ما يكون في مواضع الحديث عن الهيبة والعظمة في القرآن من جانب آخر.

وأما النتائج فهي الاستجابة، وهي التي استغرقت الحديث عنها في المقطع الثاني وكانت واضحة أيضا في المقطع الثالث، في الآيات التي تتحدث عن الدعوة إلى الاستجابة بشكل مباشر أو غير مباشر.

Map Shot 1

 

Map Shot 2

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved