مقدمة

(المقدمة)

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿۱﴾ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿۲﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿۳﴾ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٤﴾ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿٥﴾ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٧﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿۸﴾ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿۹﴾ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿۱۰﴾ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿۱۱﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿۱۲﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿۱۳﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿۱٤﴾ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿۱٥﴾

ما هو موضوع هذا الفصل؟ وما علاقته بالمقصد؟

هذا الفصل يعتبر مقدمة للسورة، وقد افتتح بالحديث عن الساعة واقترابها من الناس، في مقابل غفلتهم وإعراضهم، وتطرق أيضا إلى مواضيع أخرى على ما سيأتي بيانه وبيان مناسبته لمواضيع السورة ومقصدها.

والمتأمل في هذه المقدمة يلمح بما لا يدع مجالا للشك جو التهديد والوعيد والتخويف في المقدمة

ما مناسبة الافتتاح بالحديث عن اقتراب الحساب؟

هذه هي الحلقة الأولى في تصوير حالة التكذيب التي انغمس بها المشركون في مكة بعد سنوات الدعوة الطويلة، وما سيصيبهم نتيجة هذا التكذيب إن استمروا على ما هم عليه.

والاقتراب: صيغة على وزن الافتعال للدلالة على شدة القرب.

والمراد بالناس هنا: المشركين المكذبين أصل عموما بدلالة الآية التالية، وقد يدخل فيه من تشبه فيهم ممن كذب بشيء من الرسالة دون أن يصل به الأمر إلى الكفر المحض.

وقدمت الناس لزيادة الترهيب وإن كان حقها التأخير فأصل الكلام: اقترب حساب الناس، فاختلف الترتيب وجاء النظم على ما جاء لهذا الغرض.

وربما كان الاقتراب لأجل أن يكون كل آت قريب وإن طال زمنه وتأخر، وإنما البعيد ما مضى وانقرض.

والحساب: يحتمل معان: الأول: الساعة، فإن الحساب يكون فيها، الثاني: موتهم فإن من مات قامت قيامته، الثالث: إهلاكهم كما سيأتي في مواضع عديدة من السورة وهو الأقرب.

وشبه الحساب بمن يطلبهم وهم غارين معرضين عن اقتراب العدو منهم.

وأصل الغفلة الذهول عن الشيء، وأصل الإعراض: صرف العقل عن الاشتغال به، وحاصل الأمر أنهم صرفوا عقولهم عن الاشتغال بالحساب وهذا أدى إلى غفلتهم عنه.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: ما يأتيهم .. الآية؟

هذه الآية تكاد تكون شرحا للجملة السابقة: وهم في غفلة معرضون، وهي في بيان تمكن الغفلة منهم وإعراضهم، إلى درجة أنهم لم ينتفعوا بتكرر نزول آيات القرآن آية بعد آية، وهو ما يفيده قوله تعالى: محدث، فإن القرآن لو نزل مرة واحدة لربما وجدوا لأنفسهم عذرا في عدم الاهتداء، أما وأنه يأتيهم مرة بعد مرة ليذكرهم فلم ينتفعوا به، بل إن إطلاق لفظ الذكر على القرآن إنما يراد به المبالغة في وصفه بالتذكير، فإن ضممنا له صفة محدث، اكتملت صورة التذكير مرة بعد مرة.

وربما كان فيه إشارة إلى كفر الأمم من قبلهم، وكأن ملة الكفر واحدة وكأنما كفار قريش حلقة من حلقات الكفر السابقة إذ كانت الكتب تنزل عليهم وكانوا في كل مرة يسمعون الذكر المحدث وهم يلعبون.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: لاهية قلوبهم .. الآية؟

ما زال الكلام في سياق وصف جوانب إعراضهم، والتنويع في بيان توغلهم في التكذيب، إلا أن هذه الآية جاءت بأمر زائد وهو الصد عن سبيل الله، فقد اتصلت بما قبلها بوصف قلوبهم باللهو بجملة اسمية تدل على الثبات والدوام والاستمرار، فكأنها تقول: هذا هو حال قلوبهم ثابتة على اللهو، وهم فوق ذلك يسرون الكلام الخفي لمن أقبل يريد الإسلام كي يلقوا عليه الشبهات ويصدوه عن سبيل الله، بإلقاء شبهتين:

الأولى: بشرية النبي صلى الله عليه وسلم.

والثانية: كونه سحرا.

واستنكروا عليهم بقولهم: وأنتم تبصرون: أي أتأتون السحر وبصركم سليم وأرادوا به العلم البديهي لأن المبصرات لا تحتاج إلى تفكير لكي يتم إدراكها.

ومثل هذا الكلام يشير إلى بداية إقبال للناس من خارج مكة وظهور للإسلام بينهم وهذا ما حصل فعلا مع أهل المدينة.

وأما إسرارهم هنا فلكي لا يطلع عليها النبي صلى الله عليه وسلم ويرد عليها، فإنها حجج متهافتة باطلة، وهذه الآية تظهر إحدى الآليات التي يستخدمها أهل الباطل لتمرير باطلهم، وهي الإسرار لأتباعهم ومن يخافون انصرافه عنهم حتى لا يرد عليهم أهل الحق فيدمغونه بحقهم وسيأتي لاحقا.

ولأجل هذا جاءت الآية بعدها تأمره صلى الله عليه وسلم بأن يعلمهم بأن الله يعلم أقوالهم كلها سرها وجهرها، ولأجل ذلك جاء هنا لفظ: القول بدا من السر أو النجوى.

ما مناسبة الآية التي بعدها: بل قالوا .. الآية؟

لا زال الكلام في سياق الحديث عن تكذيبهم وتصريف وجوه الكلام في ذلك، وانتقل الكلام هنا من الحديث عن صدهم وغفلتهم ولهوهم ومن ثم عن إسرارهم لمن رأوا بوادر الاستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم عنده، إلى الحديث عن بهتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع الكذب المضطربة التي لا يصح اجتماعها في شان واحد.

وهذا الانتقال واضح في الابتداء ببل: التي تستخدم للإضراب الانتقالي، وشأنها مختلف عن شأن ما بعدها من حروف الإضراب، فإن الأولى إضراب حكاية الله عز وجل عن أحوالهم، وأما ما بعدها فإضراب للانتقال بين أقوالهم المختلفة المضطربة.

وهذا ثاني مأخذ من المآخذ عليهم: وهو الاضطراب، بعد المأخذ الأول وهو الإسرار مخافة الرد عليهم.

وفرعوا على ترددهم، أو فرع كل فريق منهم على مقالته نتيجة واحدة: وهي المطالبة بمعجزة تدل على صدقه.

ثم جاءت الآية التي تليها لتبين السبب في عدم إنزال الآيات: وهو استحقاقهم للهلاك بعد نزول الآيات عليهم وعدم إيمانهم، كما أهلكت القرى التي قبلهم بعد أن طالبوا أنبياءهم بالآيت ولم يؤمنوا بها، وحصل هذا جليا مع ثمود وفرعون.

وإنما لم ينزل الله على قريش آية لأنه كان يريد أن يستبقيهم ليكون منهم مؤمنون وتكون ذرياتهم حملة هذا الدين في العالم، ولو أرسلت عليهم الآيات البينات لكانت سنة الله أن يعقبها عذاب الاستئصال للذين لا يؤمنون بها، وقد كان ما أراده الله فإن الجزيرة ارتدت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا المدينة ومكة، ثم استمروا في حمل هذا الدين.

ما مناسبة التهديد بعده مباشرة بقوله تعالى: ما آمنت قبلهم من قرية.. الآية؟

المقصود من الآية التهديد: فإنهم لما أصروا وعاندوا وطلبوا الآيات هددهم الله بمصير من كان من قبلهم من الأمم التي طلبت الآيات ثم لم تؤمن فأهلكها الله، فهي تعريض لقريش بالهلاك، والتهديد هنا جواب طبيعي جدا لما سبق من تعنتهم وتكبرهم عن اتباع الحق، إضافة إلى ما سبق من لهوهم وإعراضهم وغفلتهم، ولله در القرآن ما أعدله وأحكمه إذ واجههم بالتهديد بعد أن ظهر عيانا إصرارهم على التكذيب على الرغم من يقينهم بتهافت حججهم واصطناعها، وهذه هي الطريقة التي سلكها القرآن والتي يعلمنا أن نسلكها مع هؤلاء المعاندين المستكبرين، فليس بعد الغفلة والإعراض واللهو والكيد والسخرية والعناد إلا التهديد.

وفي الآية أيضا بيان سبب عدم إنزال الآيات حسب طلبهم، فإن سنة الله جارية في إهلاك من طلب الآيات ونزلت عليه ثم لم يؤمن، إلا أن الله رحم هذه الأمة إكراما لنبيها واستبقاء لها فمنع عنهم الآيات حتى دخلوا في دين الله – من بقي منهم إلى الفتح – ثم كانوا عماد نصرة الدين بعد ذلك.

ما مناسبة الآية التي بعدها: وما أرسلنا قبلك إلا رجالا .. الآية؟

لما أراد المشركون الاحتجاج بسنن الأولين، رمتهم الآيات بمثل ما احتجوا به لدحض شبهاتهم، وذلك أن الوحي لم ينزل إلى على رجال بشر مثلهم، فليست بشرية النبي صلى الله عليه وسلم مطعن في الوحي ولا مأخذ في تكذيبه، فإنما هو امتداد لما سبقه من البشر الرسل، وجعل من قبلهم من اليهود والنصارى حكما في مثل هذا، وأحال مشركي قريش عليهم ليسألوهم فإن هذا من أدلة الثقة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.

والكلام هنا التفات من اسلوب الغيبة إلى الخطاب المباشر، وأسلوب الخطاب المباشر أبلغ في التقريع والتأنيب.

ثم استكملت الآيات الرد عليهم في إثبات بشرية الرسل الأولين، بأنهم لم يكونوا أجسادا لا حياة فيها بدلالة ما كانوا يأكلونه من طعام، وهذا نظير قوله: ( وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِلَّآ إِنَّهُمۡ لَيَأۡكُلُونَ ‌ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشُونَ فِي ٱلۡأَسۡوَاقِۗ)، وزاد على الاستدلال لتحقيق بشريتهم بقوله تعالى: وما كانوا خالدين.

وختمت هذه الحلقة بتهديدهم بالهلاك مرة أخرى، وذلك بقوله تعالى:

ثم صدقناهم الوعد: أي بإنجاءهم وإهلاك المشركين ونصرهم عليهم.

فأنجيناهم ومن نشاء: هذا في حق الأنبياء ومن آمن معهم، وفيها احتباك وتقديرها: فأنجيناهم ومن شئنا وسننجي رسولنا ومن نشاء منكم، وفي هذا معنى مختبئ خلف هذا التعبير: وهو تأميلهم بأن يؤمنوا، وهذا من لطف الله بعباده في ترغيبهم بالإيمان.

وأهلكنا المسرفين: وفي هذا تعريض بمشركي قريش، ولم يقل: ونهلك المسرفين لفسح المجال لهم ليؤمنوا فاكتفى بالتعريض بالتهديد مع عدم التصريح بالوعيد.

ووصفهم بالمسرفين ههنا وبالظالمين في موضع آخر لبيان شمول حالهم لمجموعة من الصفات التي استحقوها نتيجة كفرهم وعنادهم على ما هم عليه.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها استخدام ثم التي تدل على التراخي في الحديث عن صدق الوعد للمرسلين؟

واستخدم في صدق الوعد ثم التي تدل على التراخي للدلالة على طول بلاءهم وصبرهم على هذا الطول، وهذا مما يؤيد نزول السورة في أواخر العهد المكي.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: لقد أنزلنا إليكم .. الآية؟

هذه الآية جاءت لتعيد للأذهان معنى الذكر الذي جاء في أول السورة في قوله تعالى: ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث، وتحييه في النفوس، وكأنه جواب عن طلبهم الآيات، فكأن هذه الآية تقول: تريدون آية؟ هذا القرآن الذي أنزلناه عليكم وفرضناه عليكم هو أعظم آية أرسل بها النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أعظم من الآيات التي أرسل بها الأولون: كناقة صالح وعصا موسى، فحري بهم أن يؤمنوا به.

وقد صدرت بحرف التحقيق لتأكيد هذه الحقيقة والتنبيه عليها.

وزيادة في المعنى عدي فعل الإنزال بإلى بدلا من اللازم.

والذكر هنا له معنيان:

الأول: من التذكير مبالغة به، أي فيه تذكيركم تذكيرا حقيقيا كاملا بالحساب الآتي إليكم قربيا، وفيه من الحقائق والهداية إلى سعادة الناس ما يوجب عليكم أن تتدبروه وتحفظوا معانيه في ذاكرتكم وتستدعوا منها عند كل مناسبة ما يلائمها للعمل به والاهتداء بهديه وبأحوال الأمم والمكذبين وإهلاكهم وعاقبة تكذيبهم، وإنجاء الرسل والمؤمنين، والتوحيد، وهكذا دواليك في مواضيع السورة كلها.

الثاني: من السمعة والشرف والرفعة: أي فيه شرفكم ومجدكم وسؤددكم.

وكلا المعنيين صالح، يسمح به السياق.

والتذييل بقوله تعالى أفلا تعقلون: من أحسن التذييل وأنسبه للمعنيين:

فعلى المعنى الأول يكون التقدير: أفلا تعقلون فتتبعون هذا الكتاب ليذكركم بما أنتم عنه غافلون معرضون لاعبون.

على المعنى الثاني يكون التقدير: أفلا تعقلون فتتبعون هذا الكتاب ليكون فيه شرفكم ومجدكم.

والاستفهام هنا للحض والحث.

ما مناسبة قوله تعالى بعدها: وكم قصمنا من قرية.. الآية؟

كما جاءت الآية السابقة لتجدد الحديث عن الذكر، جاءت هذه الآية لتجدد الحديث عن الإهلاك، ولتهددهم به بعد أن نوهت بالكتاب وبكونه آية واضحة لهم، وبكونه سبب لرفعة شأنهم وعلو منزلتهم إن هم اتبعوه وأخذوا ما به.

كما جاءت لتؤكد ما جاء سابقا من الحديث عن صدق الوعد وإنجاء الرسل، وفيه تعريض بنصر النبي صلى الله عليه وسلم وإهلاك مكذبيه.

والقصم: هو الكسر الشديد الذي لا يرجى بعد التئام ولا انتفاع إذ تتباين فيه أجزاء المكسور فلا يصلح بعدها للالتئام، وفيه غاية التهديد كما هو جو السورة العام.

وجملة ﴿وأنشأنا بعدها قوما آخرين﴾ معترضة بين جملة ﴿وكم قصمنا من قرية﴾ وجملة ﴿فلما أحسوا بأسنا﴾ إلخ. فجملة ﴿فلما أحسوا بأسنا﴾ إلخ تفريع على جملة ﴿وكم قصمنا من قرية﴾ . وضمير ”منها“ عائد إلى ”قرية“، والاعتراض هنا لتهديدهم بالاستبدال بعد الاستئصال، وإشارة إلى سنن الله الماضية في خلقه كما قال جل وعلا: ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها.

وتأمل تصوير حالهم وهم يركضون هاربين من قراهم حين شعروا باقتراب العذاب والهلاك منهم، وتأمل التهكم بهم وبحالهم في قوله تعالى لعلكم تسألون وما تحتمله من المعاني:

إما تسألون: عن ما أصابكم فتعلموا حينها كيف تجيبون.

أو تسألون: إلى الإيمان فتأبون كما أبيتم من قبل بما عندكم من الأنفة والحمية والعظمة.

أو تسألون: في الحوائج والمهمات كما يكون الكبراء والرؤساء فتجيبون السائل على مهل بما يخالف أحوال الراكض المستعجل اليوم.

وتأمل التفريع على مقولتهم: يا ويلنا إنا كنا ظالمين، وكيف أنهم استمروا في مقولتهم هذه يرددونها لشدة ذهولهم، حتى هلكوا عن آخرهم، وأفاد هذا المعنى قوله تعالى: حصيدا خامدين.

والدعوى والدعاء بمعنى.

وتأمل كيف ختمت السورة مقدمتها بصورتهم وهم هالكون عن آخرهم.

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

Map Shot 3

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved