بين يدي السورة

تعظيم الله في سورة الحج

ما هي أسماؤها الواردة فيها؟

الحج ولا يعرف لها اسم سواه.

أين نزلت؟

هذه السورة يشبه أن تكون مختلطة، أي نزل بعضها بمكة ونزل بعضها بالمدينة، فإن بعض مواضعيها مكي مثل:

الحديث عن البعث

والحديث عن الأتباع والمتبوعين في قوله تعالى: (ومن الناس من يجادل في الله)

الحديث عن الانصراف عن الدين بسبب الابتلاء: (ومن الناس من يعبد الله على حرف)

الوعد بالنصر: (من كان يظن أن لن ينصره الله)

الحديث عن المؤمنين والكافرين

الحديث عن استعجال العذاب

الحديث عن إهلاك القرى السابقة

الحديث عن التوحيد في عدة مواضع

الحديث عن الآيات الكونية

وبعض مواضعيها مدني:

مثل الحديث عن الحج ومناسكه

الحديث عن الجهاد والتمكين

الحديث عن الهجرة

وإن كان الظاهر أن الطابع الأعم الأغلب فيها مكي، إلا أن فيها آيات نزلت بعد الهجرة ولا شك مثل آيات الهجرة وآيات التمكين فإنها لم تكن إلا بعد الهجرة وقيام دولة الإسلام.

هل ورد شيء في فضل هذه السورة؟

الحقيقة أنه لم يثبت شيء في فضل هذه السورة خاصة، إلا أن المتأمل فيها يجد فيها من الخصائص ما لم يجتمع في سورة أخرى، وقد سميت سورة الأحبار لكثرة معانيها وعمق هذه المعاني حيث لا يقدر على استنباطها إلا العلماء، وقيل أن من خصائصها التشابك فيها بين المكي والمدني، والحضري والسفري، والنهاري والليلي، وفيها المحكم والمتشابه فهي بحق سورة التنوع، إلا أننا لم نقف على بيان وتوضيح لهذه المقولة، ولم تأت أماكن العبادة وأصناف الملل مجموعة إلا في هذه السورة فقد انفردت بذكر الصوامع دون غيرها من السور، وانفردت بذكر المجوس دون غيرها من السور، وقد انفردت أيضا بوجود سجدتين فيها أيضا دون غيرها من السور.

عدد آياتها؟

وعُدَّتْ آياتُها عِنْدَ أهْلِ المَدِينَةِ ومَكَّةَ: سَبْعًا وسَبْعِينَ. وعَدَّها أهْلُ الشّامِ: أرْبَعًا وسَبْعِينَ. وعَدَّها أهْلُ البَصْرَةِ: خَمْسًا وسَبْعِينَ: وعَدَّها أهْلُ الكُوفَةِ: ثَمانًا وسَبْعِينَ.

ما هو مقصد السورة؟ وما هي القرائن التي دلت على ذلك؟

اختلف أهل العلم في مقصد هذه السورة، والذي يظهر والله أعلم أن مقصد السورة هو التعظيم، تعظيم الله وتعظيم حرماته وشعائره، وهذا واضح لعدة قرائن:

الأولى: اسم السورة وهو الحج: ومعناه القصد إلى معظم كما جاء في معجم العين: ( والحَجُّ: كثرة القَصْد إلى من يُعَظَّم، قال:

كانت تحُجُّ بنُو سَعْدٍ عِمامتَه … إذا أَهَلُّوا على أنصابِهم رَجَبا

حَجُّوا عِمامتَه: أي عظَّمُوُه)

ولم يذكر ابن فارس وغيره التعظيم بوضوح وإنما رجحوا معنى القصد عموما، وضم الأزهري العظم إلى القصد في معنى الكلمة، وضم العسكري القصد مع الاستقامة إلى الكلمة فإن الحاج يقصد البيت لا يميل إلى غيره، وهو معنى حسن لو ضممناه إلى القصد والتعظيم.

الثاني: وصف زلزلة الساعة بالشيء العظيم في أول آية منها.

الثالث: ذكر التعظيم صراحة في قوله تعالى (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) وقوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

الرابع: ذكر التعظيم ضمنا وذلك في مثل الذباب، وقوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره)، ومشهد سجود الخلق كلهم لله، في مقابل الرافضين للسجود الموصوفين بالمهانين، وذكر مجموعة واسعة من أسماء الله الحسنى الموجهة للتعظيم.

الخامس: وجود السجدتين وقد انفردت الحج بوجود سجدتين فيها تأكيدا على معنى التعظيم.

والتعظيم هو الرابط بين جملة هذه المواضيع التي جاءت السورة تنتقل بينها وتعرض تفاصيلها:

فالإيمان بالبعث والنشور وقدرة الله عليه من مظاهر أو دواعي التعظيم

والانصراف وراء شيطان رجيم والانحراف حين الابتلاء من مظاهر عدم التعظيم

وسجود المخلوقات كلها لله من مظاهر التعظيم

واستحضار إهلاك القرى المكذبة من مظاهر التعظيم

وطلب تعجيل العذاب من مظاهر عدم التعظيم

والحج إلى بيت الله المحرم من مظاهر التعظيم

والصد عنه من مظاهر عدم تعظيم حرمات الله

وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد التمكين من مظاهر التعظيم

واستحضار أجر الهجرة من مظاهر التعظيم

والاعتبار بالمخلوقات والتدبير من مظاهر التعظيم

وترك الجدال من مظاهر التعظيم

والتوحيد من مظاهر التعظيم.

وعلى رأس كل هذا التقوى وهي علامة التعظيم الظاهرة ومنشؤه الباطن وثمرته في الجوارح وفي القلب، وهكذا يشترك كل ما سبق من مواضيع مكية ومدنية في مقصد السورة، فجاء بعضها مكي وبعضها مدني.

وقد اختار مصنفوا المختصر في التفسير جزاهم الله خيرا التعظيم كمقصد للسورة، إلا أنهم أضافوا الاستسلام لله تعالى معه لوروده في قوله تعالى (فله أسلموا وبشر المخبتين)، والذي يظهر أن الاستسلام لله تعالى معنى منفصل عن التعظيم، فيبعد أن يكون المقصد معنيين منفصلين، ناهيك عن أن الاستسلام لله تعالى هو مقصد سورة البقرة، جاءت مفصلة إياه وشارحة له.

وقدم البقاعي رحمه الله معنى التقوى وجعله مقصدا لهذه السورة، والذي يظهر لنا والله أعلم أن التقوى مرتبطة بالتعظيم ارتباطا وثيقا، ربطت السورة بينها وبين التعظيم في موضعين من المواضع الثلاثة التي ذكرت بها التقوى في السورة:

يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم

ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

فجعل التقوى الظاهرة في الموضع الأول نتيجة تعظيم الإنسان لله واليوم الآخر، وجعل التقوى الباطنة – تقوى القلوب – سببا لتعظيم شعائر الله الظاهرة.

إلا أن حضور التعظيم أوضح في هذه السورة وهو ما دعانا إلى اختياره كمقصد لها والله أعلم.

واختار بعضهم الحج كمقصد لها، إلا أن هذا يضعفه وجود مواضيع أخرى منفصلة تماما عن الحج: كالحديث عن التمكين والهجرة وآيات الله الكونية وإهلاك الأمم، فيجب على الدارس أن يبين المناسبة بين هذه المواضيع وبين الحج كمقصد للسورة حتى تكتمل الصورة، إذ أن أهم ما في المقصد أن يكون جامعا للمعاني الواردة فيها، فينظم جميع هذه المواضيع في سلك واحد ونسق واحد.

وإنما اختير الحج لما يحمله من مظهر التعظيم في طياته.

التشابه بين النساء والحج؟

السورة الوحيدة التي افتتحت بما افتتحت به سورة الحج هي سورة النساء، وهذا ما يدعون إلى تلمس الارتباط بين هاتين السورتين من حيث الألفاظ والتراكيب من جهة ومن حيث المقصد والموضوع من جهة أخرى.

أما من حيث الألفاظ والتراكيب:

1-   عليم حليم في سورتي الحج والنساء ففي الحج (وإن الله لعليم حليم) وفي سورة النساء (وصية من الله والله عليم حليم) وبم يرد الاسمان مقترنان بصيغة الرفع إلا في هذين الموضعين.

2-   عفو غفور في سورة الحج والنساء ففي الحج (إن الله لعفو غفور) وفي النساء ورد في موضعين (إن الله كان عفوا غفورا) (وكان الله عفوا غفورا)

3-   سميع بصير في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج ورد بصيغة الرفع (إن الله سميع بصير) وفي سورة النساء بصيغة النصب مرتين (إن الله كان سميعا بصيرا) (وكان الله سميعا بصيرا)

4-   العليّ الكبير في سورة الحج والنساء ففي سورة الحج (وأن الله هو العليّ الكبير) بصيغة الرفع وفي سورة النساء في حال النصب (إن الله كان عليا كبيرا)

5-   الغني الحميد في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج في حالة الرفع (وإن الله لهو الغني الحميد) وفي سورة النساء في حال النصب (وكان الله غنيا حميدا)

6-   في سورة الحج (الله يحكم بينكم يوم القيامة) وفي سورة النساء (فالله يحكم بينكم يوم القيامة)

7-   في سورة الحج (إن ذلك على الله يسير) في حال الرفع وفي سورة النساء (وكان ذلك على الله يسيرا) مرتان في حال النصب

8-   ملة إبراهيم في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج (ملة أبيكم إبراهيم ) وفي سورة النساء (واتبع ملة إبراهيم حنيفا)

9-   الرسول شهيد في سورتي الحج والنساء ففي الحج (وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم) وفي النساء (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)

10-       تكرر فيها النداء بـ (يا أيها الناس) أربع مرات تتبعها في السورة تجدها مفتتح كل قسم من أقسام السورة، وتكررت كلمة (الناس) فيها 14 مرة، واقترن النداء بيا أيها الناس في مفتتحها بالأمر بالتقوى (اتقوا ربكم)، وسورة النساء افتتحت بنداء عام (يا أيها الناس) وتكرر فيها لفظ الناس 15مرة وفيها 3 نداءات (يا أيها الناس)، واقترن النداء بيا أيها الناس في مفتتحها بالأمر بالتقوى (اتقوا ربكم).

11-       لم يرد وصف الشيطان بأنه (مريد) في القرآن إلا في سورتي الحج (ويتّبع كل شيطان مريد) والنساء (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا)

12-            في السورتين حديث عن إضلال الشيطان ففي الحج (كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضلّه ويهديه إلى عذاب السعير) وفي النساء (ولأضلنهم ولأمنينهم ..) (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)

13-       الخسران الممبين في سورتي الحج والنساء، في الحج (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) هذا لمن يعبد الله على حرف وفي النساء (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا)

14-       الضلال البعيد في سورتي الحج والنساء، في الحج (يدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد) وفي النساء تكرر وصف الضلال البعيد 4مرات بالنصب (ضلالا بعيدا) ولم يتكرر في القرآن في غير هذه السورة (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) (ومن يشرك بالله فقط ضل ضلالا بعيدا) (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقط ضل ضلالا بعيدا) (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا)

15-            الذين آمنوا وعملوا الصالحات في سورتي الحج والنساء، ففي سورة الحج تكرر ذكرهم وذكر جزائهم 4 مرات وفي سورة النساء 3مرات

16-            ذكر الجلود في التعذيب لم يرد إلا في سورتي الحج والنساء ففي الحج (يُصهر به ما في بطونهم والجلود) وفي النساء (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب)

17-       الصدّ عن سبيل الله في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام) وفي النساء (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله فقد ضلوا ضلالا بعيدا)

18-       الحديث عن إبراهيم الخليل في سورتي الحج والنساء ففي الحج تمكين الله تعالى لإبراهيم وتشريفه بالبيت وإرساء قواعد التوحيد والأذان للناس بالحج (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) وفي سورة النساء تشريفه بالخلّة والإمامة (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا وتخذ الله إبراهيم خليلا)

19-       عاقبة الشرك في سورتي الحج والنساء ففي الحج (ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء…) وفي النساء (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) ولم يرد هذا التعبير (ومن يشرك) إلا في هاتين السورتين.

20-       وصف خوّان في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج ورد مقترنا بالكفور (إن الله لا يحب كل خوّان كفور) وهو مناسب لما ورد في السورة (إن الإنسان لكفور) وفي سورة النساء اقترن بالأثيم (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) وهو مناسب لتكرار لفظ أثيم في السورة 6مرات (بهتانا وإثما مبينا) (فقد افترى إثما عظيما) (وكفى به إثما مبينا) (ومن يكسب إثما) (ومن يكسب خطيئة أو إثما) (فقد احتمل بهتانا وإثما عظيما)

21-       مشيد ومشيّدة لم ترد في القرآن إلا في سورة الحج والنساء ففي سورة الحج (وبئر معطلة وقصر مشيد) وفي النساء (ولو كنتم في بروج مشيّدة)

22-   في سورة الحج (وما أرسنا من قبلك من رسول) وفي سورة النساء (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)

23-   عليم حكيم في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج (ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) وفي سورة النساء تكرر الاسمان الكريمان (عليما حكيما) 7مرات تعليقا على قضايا الميراث وقضايا تشريعية أخرى وهي كلها صادرة عن علم وحكمة. (فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما) (وكان الله عليما حكيما)

24-   الصراط المستقيم في سورة الحج والنساء ففي سورة الحج (وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) وفي سورة النساء ورد الحديث عن الصراط مستقيم في موضعين (ولهديناهم صراطا مستقيما) (ويهيدهم إليه صراطا مستقيما)

25-   العذاب المهين في سورتي الحج والنساء ففي سورة الحج (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين) وفي سورة الحج تكرر ذكر العذاب المهين 4مرات (وله عذاب مهين) (وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) 3مرات

26-   في سورة الحج (ليدخلنّهم مدخلا كريما) وفي سورة النساء (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما)

27-   سورة النساء انفردت بصيغة (إن الله لا يغفر إن يشرك به ويغفر دون ذلك لمن يشاء) وتكررت فيها، وسورة الحج ورد فيها التوحيد الخالص لله لا شريك له في أكثر من موضع على طول السورة.

28-   في سورة النساء تعظيم لله عز وجل من خلال ما ورد فيها من أسمائه الحسنى في خواتيم الآيات: ٥٥ اسما، وسورة الحج تعظيم لله عز وجل من خلال ما ورد فيها من أسمائه الحسنى ٢٨ اسم ما عدا اسم الجلالة واسم الرب

29-   جاء في سورة النساء الجهاد لرفع الظلم عن المستضعفين ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان .. ) الآية، وجاء مثلها في سورة الحج ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) وقوله تعالى ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد .. )

30-   ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ﴾

في سورة الحج

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ، يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ ﴾ مطلع سورة النساء الامر بتقوى الله وتذكير باصل الخلق وبدايته، ومنطلق وجوده، ومطلع سورة الحج الامر بتقوى الله وتذكير بيوم القيامة، ومصير الانسان، مع تصوير مشهد الام التي تتخلى عن رضعيها، وان كانت سورة النساء تحدث عن الارحام ومراعاتها، كامر في الدنيا، فان سورة الحج بينت ان اهوال القيامة تنسي هذه الارحام. وان كانت سورة النساء تحدثت عن بداية رحلة الانسان ووجوده على الارض فإن سورة الحج بينت المقصد والنهاية المتمثل بالعودة الى الله تعالى

وأما من حيث المناسبة بين المقصدين:

فإن مقصد سورة النساء هو حفظ حقوق الضعفاء، وسورة الحج تدور حول تعظيم الله عز وجل، فكأن اجتماع هذين المعنيين يقول لك: أن رأس حفظ الحقوق هو تعظيم الله عز وجل، فالقانون لا يحمي الضعفاء وإنما يفصل بين طرفين متساويين في القوة، أما في حال اختلاف القوة فليس إلى حفظ الحقوق سبيل إلا أن يعظم القوي ربه جل وعلا ويعلم أنه راجع إليه فيثمر هذا التعظيم تقوى لله عز وجل فيمتنع عن ظلم الضعفاء في المجتمع.

والعلاقة بين السورتين أوسع من أن تحيط بها كلمات معدودات ولكنها محاولات لفتح الطريق وإثارة الأذهان فحسب، لعل الله يهيء من يكمل الطريق.

 

 

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

 

 

Map Shot 3

 

Map Shot 4

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved