مفاتح الغيب
( مفاتح الغيب )
يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
ما هو موضوع هذا المقطع، وما مناسبة الابتداء به، وما مناسبته لمقصد السورة؟
مضت السورة تحكي حكمة الله في نواح عدة: فأثبتت الوحدانية، ونفت الشريك، وأثبتت البعث، وذكرت حكاية لقمان، وحضت على مكارم الأخلاق، وذمت التأكيد الأعمى وساقت الأدلة على قدرته وحكمته، ثم جاءت هاتان الآيتان بمثابة ختام للسورة وفذلكة للسورة، أي إذا علمتم كل ما سبق: فذلك كذا وكذا.
فهي بمثابة الخلاصة والخاتمة بعد هذه الجولة على كل ما احتوته من فصول المناظرة أو مشاهدها وبعد أن جالت في ضروب مختلفة وأشكال متنوعة من أولها غلى آخرها، فتختم بالتذكير بذلك اليوم العظيم، مخاطبة الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم.
ولما ختم المقطع السابق بالحديث عن البحر وأهواله، ذلك البحر الذي لهوله تتكشف حقائق الضعف والعجز الإنساني، يأتي السياق هنا ليذكرهم بالهول الأكبر، يومها يكون شعور العجز والضعف أكبر.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها خطاب الناس جميعا بالأمر بالتقوى؟
بعد أن ذكر جميع أصناف الناس: صبار شكور- مقتصد – ختار كفور: خاطبهم جميعا بقوله يا أيها الناس.
هذا فيه إشارة غلى أن الناس جميعا مأمورون بتقوى الله، وأن تقوى الله من الحكمة لارتباطها بالسورة وبمقصدها، وأن منها معرفة الله ونعمه على خلقه وشكره عليها بالتوحيد.
ما مناسبة ذكر إجزاء الوالد عن الولد والعكس هنا بدلا من الذكر العام بالنفوس؟
جاء ذكر الولد والوالد هنا بدلا من ذكر ( لا تجزي نفس عن نفس شيئا ) مثلا لمناسبات:
منها: ما ذكر سابقا من قصة لقمان وابنه
ومنها: أن الوالدين هما أولى بالشفقة من غيرهما خاصة على الأبناء، وعلى الرغم من ذلك لا يجزيه عنه شيئا في ذلك اليوم، فغيره من باب أولى.
ومنها: أن وقت نزول السورة كان في مكة وكان فيها أبناء مسلمون وآباء كافرون فربما تخيل بعض الآباء أن إسلام أبناءهم ربما سينفعهم أو وقع في مثل هذا في ذهن بعض الأبناء، فجاءت هذه السورة لتنفي هذه الصورة تماما.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها اختلاف النظم بين جملتي جزاء الآباء عن الأبناء والعكس؟
قال تعالى ( لا يجزي والد عن ولده ) ثم قال ( ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ) فاختلف النظم بين الجملتين، حيث أوثرت الجملة الثانية بطرق من التوكيد:
منها: أنها نظمت جملة اسمية
ومنها: توسط ضمير الفصل فيها ( هو ) فهو يزيد المعنى اختصاصا وتأكيدا
ومنها: جعل النفي فيها منصبا على الجنس.
وهذه الزيادة في التأكيد، لأن غالب الأبناء والشباب كانوا على الإسلام، أما الآباء والأمهات كانوا غالبا على الشرك، فأرادت الآيات حسم أي مطمع للأبناء في نفع آباءهم في الآخرة بشيء.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها استخدام كلمة ( مولود ) بدلا من ( ولد )؟
جاءت الكلمة على وزن مفعول بدلا من الوزن الجامد لتدل على ناحية البنوة وتسلط الضوء عليها أكثر.
ما هي مناسبة ختام السورة بمفاتح الغيب؟
الختام هنا جاء يحمل رسالة: إذا كان الله وحده هو الذي يملك مفاتح الغيب، أفلا يملك مفاتح الحكمة، وعنده معاقدها يدلكم عليها.
لماذا جاء التعبير عن الساعة بالعندية دون غيرها؟
لأن علم الساعة عنده وحده جل وعلا لا يشاركه فيه أحد سواه.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها استخدام فعل التنزيل مع الغيث؟
لم يقل مثلا: يعلم الغيث كما قال يعلم ما في الأرحام، لأن المراد بالغيث هو النزول لا سواه، وهو ما ينفع، فكم يخيب المقبل، وكم مرة احتشد الغيم وبرقت وأردعت ولم ينزل غيث، فالنفع هنا مرتبط بالنزول لا بغيره ولا يستطيعه أحد إلا الله، أما رؤية السحاب وما سواه فيعلمه كل أحد.
مادلالة نفي الدراية عن النفس في الرزق والأجل؟
الدراية فيها تكلف زائد عن العلم، فإن الدراية لا تكون إلا بعد بذل الجهد والتعب في تحصيل المعلومة، فكأن الآية تقول: مهما بذلتم من جهد لتعلموا أرزاقكم وآجالكم فلن تعلموا عنها شيئا إلا ما كان في علم الله.
ما دلالة اجتماع الحديث عن الأرزاق والآجال؟
هذا فيه إشارة إلى أن الآجال مدركة أصحابها ولا بد كما أن الأرزاق مدركة أصحابها ولا بد.
ما مناسبة التذكير بالعليم الخبير؟
هذا فيه غاية المناسبة لما سبق الحديث عنه من مفاتح الغيب، الذي يشمل العلم أصلا، ومعرفة النهايات كما يشير إليه اسم الخبير، فالخبير هو العليم بنهايات الأمور ونتائجها وعلى ما ذا ستستقر.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved