لمحة سريعة عن سورة الأنفال

 بقلم الأستاذة سهى عرابي

 

   تُعالج السورة موضوعًا واحدًا تقريبًا، هو العلاقة بالآخَرِ (ونعني بالآخر: غير المسلم ) سِلْمًا وحربًا، والأخلاق الإسلامية المطلوبة في هذه العلاقة .

    نزلت السورة في بداية تشكِّل الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، منبهةً على مبادئَ عامَّة، وقواعدَ أساسيَّة في التعامل مع الآخَرِ .

    وتذكرنا السورة بالأهداف من وراء الصِّدام الواقع حينها بيْن المسلمين والمشركين، مبينةً في الوقت نفسِه أن سببَ الصراع لا يمكن أن يكون غرضاً دنيوياً أو مكاسب ماديةً ، لترقى بطريقة تفكيرهم وتسمو بأهدافهم .

   وكلما في السُّورة ينبئ بالعناية والرِّعاية الإلهية التي حفت المقاتلين في بدر ، التي فيها نزلت السورة ، وقدرة الله على حِفْظ ونصْر وتمكين الدولة الناشئة، إذا هي سارتْ كما يرسم لها الوحي، وكما يوجِّهها النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم.

   والسورة تبدأ بمقدِّمة موجزة عن حادثة  “الأنفال”،  مبينةً  علاقةَ الموضوع بالإيمان ، وتقدم للمتلقي تعريفًا رقيقاً ودقيقاً لمن يستحق أن يطلق عليه اسم المؤمِن الحق.

 الأنفال – الآية 2 : “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ”

   فيمن نزلت سورة الأنفال :

   

   سورة (الأنفال) هي السورة الثامنة في ترتيب السور القرآنية، وهي سورة مدنية بالإجماع، وموضوعها العام الغنائم وسياسات الحرب والسلم.

  أما فيمن نزلت هذه السورة ..

   قال ابن إسحاق : فلما انقضى أمر بدر، أنزل الله عز وجل فيه من القرآن “الأنفال” بأسرها ، فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه : “يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين”.. فكان عبادة بن الصامت – فيما بلغني – إذا سئل عن الأنفال ، قال : فينا معشر أهل بدر نزلت ، حين اختلفنا في النفل يوم بدر ، فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقنا ، فرده على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقسمه بيننا على السواء ، وكان في ذلك تقوى الله وطاعته ، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وصلاح ذات البين . 

  النداءات الإلهية للمؤمنين :

   

   في أثناء  سرد أحداث غزوة بدر الكبرى  ، جاءت النداءات الالهية للمؤمنين ست مرات بوصف :” يا أيها الذين آمنوا”  كحافز لهم على الصبر والثبات ..

    والنداءات الست الالهية المباركة هي على الشكل التالي:

  1- تحذير المؤمنين من الفرار من المعركة بقوله تبارك وتعالى:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)

  2- الأمر بالسمع والطاعة لأمر الله  وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) 

  3- الأمر باستجابة المؤمنين لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم :

   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)  

  4- تحذيرالمؤمنين من الجاسوسية، والجاسوسية هي افشاء سر الأمة للأعداء : 

   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27).

  5- حث المؤمنين على التمسك بالتقوى :

   

   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) 

  6- الصمود في وجه العدو والصبر عند اللقاء :

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)

   “وما رميت إذ رميت …”:

   إن القرآن ، وبعد شرح مستفيض للأحداث المتلاحقة لمعركة بدر ، وبعد النصر العظيم الذي حققه المسلمون،  يعقب تعقيباً قوياً لتنبيه المسلمين بأن  النصر الذي حققوه إنما نسبة الفضل  فيه لا يكون إلا لله سبحانه  وتعالى، وذلك لتربية النفوس على عدم تعليق أي فعل أو رجاء إلا بالله  .

(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)[الأنفال، 17

     أسماء سورة الأنفال  :

   عُرفت هذه السورة باسم سورة (الأنفال) منذ عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبه كتبت تسميتها في المصحف حين كتبت أسماء السور.

   وسميت بهذا الاسم لكونها افتتحت بآية فيها اسم (الأنفال)،  ولأنها بينت حُكم الأنفال. 

   وتسمى هذه السورة اجتهادياً سورة (بدر) لأنها تناولت موقعة بدر بإسهاب وبشكل تفصيلي. .

    فقد روى السيوطي في (الإتقان) عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال، قال: تلك سورة بدر.

   وغزوة بدر هي أول معركة في الإسلام، وسماها الله تعالى في هذه السورة بيوم الفرقان ، لأنه اليوم الذي فرّق الله به بين الحق والباطل .

   وذكر البقاعي أن من أسمائها أيضاً (الجهاد)، قال: لأن الكفار كانوا دائماً أضعاف المسلمين، وما جاهد قوم منا قط إلا كانوا أكثر منهم.

  الجو العام في مكة  قبل معركة بدر :

السبب الرئيسي الذي أدى للصدام بين الطرفين كان ما يعرف( بالحرابة ).. أي قطع الطريق على المسلمين للقتل والنهب والترهيب والأذى وما يتبعه من سبي للنساء والذراري .. 

    وأمَّا مظاهر الحرابة ، فتتجلَّى في:

1- المكر الهادف إلى:

    أ- محاولة سجنِ النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – سجنًا يمنعه من إبلاغ الدَّعوة، ونشْر الرسالة.

   ب- محاولة اغتياله، عن طريق عصابة مجرِمين مختلطين، يصعُب الانتقام والقِصاص منهم.

  ج- محاولة نفيه إلى جِهةٍ يكون نفيها إليها سببًا للقضاء على دعوته، وإخراجه مرغمًا مِن أرْضه ووطنه.

وهذا ما بينتْه الآية: ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) [الأنفال: 30] .

2- الظلم الواقع على أصحابه، والذي طالهم في مكة أجمعين ، ولاحقهم بعدَ الهجرة إلى الحبشة :

  ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) [البروج: 8].

3- الإنفاقات السخية على الحَرْب ضدَّ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – والمؤمنين في الدولة الفتية .

  ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [الأنفال: 36]،       

4- التخويف والتهديد، الذي جعل المسلمين في أشدِّ الخوف، يخافون أن يتخطَّفهم الناس ، ومهدَّدون لا يستطيعون أن يعبدوا الله كما يشاؤون.

   ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) [الأنفال: 26].

5- صد المسلمين عن المسجد الحرام ومنعهم من عمارته.

     ( يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ) [الأنفال: 34]،   

6- مشاقَّة المسلمين، ومحاربتهم ظلمًا وعدوانًا :

    ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ )[الأنفال: 13]،

ويعبر القرآن عن الشدة التي لاقاها المسلمون وكأنما كانوا يصرخون :

  ( هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ)[المائدة: 59].

أو( أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)[غافر: 28].

  

وتؤكِّد السورة على أنَّ هذا الوضع غيرُ سليم، وأن الحق اتَّضح .. فهؤلاء المشرِكون أخرجوهم وآذوهم وقاتلوهم، وبالتالي  فالإذن قد جاء من الله بقِتالهم ؛

   ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )[الأنفال: 39].

  نسخت الأنفال توارث المهاجرين والأنصار …:

  عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهما قالَ : 

(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) ، كانَ الرَّجلُ يحالفُ الرَّجلَ ليسَ بينَهُما نسَبٌ فيرثُ أحدُهُما الآخرَ فنُسِخَ ذلِكَ في الأنفالِ فقالَ تعالى :

 (وَأُولُو الْأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أوْلَى بِبَعْضٍ )

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني 

   غايات الصراع :

    لا تُطلِق السورة الصِّراع أبديًّا ، وإنما الصِّراع مرتبط بأسبابه، فهو يتوقَّف بمجرَّد رجوع المعتدين عن الاعتداء، وذلك بأن تكون “كلمة الله هي العليا”؛ لكي تضمنَ الحرية للناس، فيعبدوا ربَّهم لا يخافون، ويتابعوا حياتهم بسلامٍ….   على أساس:

– ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) [الكافرون: 6]، 

و- ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )[البقرة: 256]،  

و- (( يا ويح قريشٍ لقد أكلتهم الحربُ ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائرِ العربِ . فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا ! وإن أظهرني اللهُ عليهم دخلوا في الإسلامِ وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوةٌ ، فما تظن قريشٌ ؟ فواللهِ لا أزال أجاهدُ على الذي بعثني اللهُ به حتى يظهرَه اللهُ أو تنفردُ هذه السالفةُ – يعني الموتَ )) …حديث صحيح ..

 وعلى أساس الاحتواء لا الإلغاء ، مع الدعوة بالحِكمة والموْعظة الحَسَنة، والجِدال بالتي هي أحسن .

فالصِّراع إذًا محدَّد الغاية والهدف، ليس من أجْل الصِّراع، وإنما مِن أجل قيمةٍ أسْمى : 

 ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )[الأنفال: 39].

  لذا فينبغي النظرُ إلى الحرب باعتبار الغاية وليس الغنائم…. وأما ما سيترتب عن الحرب لاحقاً من مغانم دنيوية فلا ضير من كسبها ..  

     ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ) [الأنفال: 69].

  حكم الأسرى في الإسلام :

     إن الإسلام يوجب معاملة الأسرى معاملة إنسانية …

     يقول تعالى في وصف الأبرار من عباده :

     (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) الإنسان الآيتان8 -9 .  

ويخاطب الله نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام في شأن أسرى بدر فيقول : 

  (يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الأنفال:  70 .

   فهو يأمره أن يخاطبهم بما يلين قلوبهم، ويجذبهم نحو الإسلام.

  أما الأحكام المتعلقة بالموقف مع الأسرى،  فقد نص القرآن على ذلك في آية صريحة من آياته في سورة محمد أو سورة القتال ، وهي قوله تعالى : 

  (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) سورة محمد : 4.

أي لا أسر قبل إثخان العدو ….

  من التعاليم الحربية التي أدخلها الإسلام في نظم الحرب  أن لا يتم الأسر للأعداء في المعركة قبل (إثخان العدو) . ومعنى إثخانه : إضعافه وكسر شوكته ، حتى لا يعود لقتال المسلمين مرة أخرى .

   من أجل هذا عاتب اللهُ النبيَّ والمسلمين بعد معركة بدر لأنهم سارعوا إلى الأسر، والعدو لم يزل قويَ الشوكة ، فلا بد أنه سيفكر في الثأر لنفسه والانتقام من المسلمين ، والعودة إلى قتالهم لاحقاً .

   وفي هذا جاء قوله تعالى :

    (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال: 67 .

وفي الآية إشارة تحمل لوماً للمسلمين لأنهم كانوا يريدون من الأسر أن يستفيدوا مالياً من الفداء الذي يمنح لهم في مقابل إطلاقهم ،

  وهومعنى قوله:    ( تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا)الأنفال   67

    يؤيد هذا قوله تعالى في سورة محمد:

   (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) سورة محمد: 4 .

والمراد بشد الوثاق : الأسر ، ولكن لا ينبغي أن يكون همّ المقاتلين من أول الأمر أسر العدو ، بل يجب أن يكون الهدف الأول إضعاف قوتهم ، وتحطيم شوكتهم ، ولا سيما أن الأسر فيه مَظنّة ابتغاء الدنيا بالفداء بالمال .

  شكل العلاقات مع غير المسلمين :

     تضبط السورة علاقات المؤمنين بغيرهم ومن هذه الضوابطَ :

1- أخْذ الحَيْطة والحذر خشية غدرهم، 

لأن منهم من  ( يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ) [الأنفال: 56].

2- عدم غَدْرهم، وردّ العهود إليهم إنْ خِيف منهم غَدْرٌ:

  ( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ )[الأنفال: 58] .

3- الاستعداد لمواجهة العدو:

  

 (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)  الأنفال – الآية 60

وأخْذ العُدَّة ليس بهدف الحرْب ولا للرغبة فيها، وإنما من أجل:

   • إرْهاب العدو: وهو ما يُعرَف بالرُّعْب التوازني، الذي يَحول دون الصِّدام المباشر .

   • إرْهاب الأعداء المجهولين الذين يُبيِّتون للمسلمين الكيد، فهؤلاء يردَعُهم التسلُّح؛ ولذلك حين غلب المسلمون قريشًا دخل الناس في دِين الله أفواجًا؛ لأنَّ كثيرًا من الناس لا يكونون إلاَّ مع الغالب.

4- الإنفاق في سبيل الله لتحقيق غاية “الإعداد” ..

     

     فإذا كان أولئك ( يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [الأنفال: 36]، فهؤلاء ينفقون أموالَهم للدعوة إلى سبيل الله، وحِماية جُنْد الله.

5- إن شريعة الإسلام تفضل السلم على الحرب ، ولكن مع الالتزام  بالضوابط السابقة، مِن الإعداد؛ حتى لا يطمع الذي في قلْبه مرض، والحَذَر حتى لا يَمِيلُوا عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً.

  (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الأنفال

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved