كشف زيوف الشرك والكفر في سورة الزخرف

ما هي الأسماء الواردة فيها ؟

سميت في المصاحف العتيقة والحديثة سورة الزخرف، وبذلك ترجم لها الترمذي في كتاب التفسير من «جامعه» ، وسميت كذلك في كتب التفسير. وسماها البخاري في كتاب التفسير من «صحيحه» سورة حم الزخرف بإضافة كلمة حم إلى الزخرف  

مكان نزولها؟

وهي مكية. وحكى ابن عطية الاتفاق على أنها مكية وهي معدودة السورة الثانية والستين في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة فصلت وقبل سورة الدخان

كم عدد آياتها ؟

وعدت آيها عند العادين من معظم الأمصار تسعا وثمانين، وعدها أهل الشام ثمانيا وثمانين.

هل ثبت شيء في فضلها ؟

ورد في الحواميم أحاديث لكن لا يصح فيها شيء.

ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك؟

من المعلوم أن السورة الواحدة تطوي بين جنباتها عدة معان رئيسة، وفي أثناء البحث عن مقصد هذه السورة قد تتنازعك المعاني فيما بينها، إلا أن اسم السورة يبقى محددا رئيسا في توجيه هذه المعاني للمقصد، وفي حالتنا هذه لم يعرف للسورة اسم سوى الزخرف، ولا يصح في مثل هذا المقام دعوى تسمية السورة بهذا الاسم لورود هذه الكلمة ( الزخرف ) فيها فقط، لأنه قد ورد في غيرها من السور فقد ورد في القرآن الكريم أربع مرات في سور الأنعام ويونس والإسراء وفي محل الدراسة هنا، وهذا يثير تساؤلا مهما سيقودنا للوصول إلى المقصد وهو:

لماذا اختصت هذه السورة بالذات بهذا الاسم دون السور الثلاث الباقية؟

والظاهر أن السبب هو تعلق مقصد السورة تعلقا مباشرا بهذا الاسم أو بهذه الكلمة ( الزخرف )، وكذلك بالمعنى الذي يشير إليه هذا الاسم، وبمكان وجوده في السورة مع ما حوله من المعاني، فقد وردت كلمة ( الزخرف ) في سياق الحديث عن الزينة ومتاع الكافرين في حياتهم الدنيا، بخلاف المعنى الوارد في سورة الأنعام مثلا فإنه ورد في سياق الحديث عن تزيين القول وتزييفه فيما يوحيه الشياطين إلى أوليائهم ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )، والزخرف في الأصل هو الذهب ثم استعير للزينة وشبه به كل مموه مزين، وقد جاء في السورة بهذا المعنى، أي الذهب أو الزينة ، وقد تتبعنا القضايا الرئيسية التي عالجتها السورة وظهر لنا أن المراد بالزخرف هنا ليس ما يتعلق بالدنيا فقط، مع أن الكلمة وردت في سياق الحديث عن زخرف الدنيا، وربما كان هذا هو السبب الذي حدى بكثير ممن اعتنى ببيان المقاصد باختيار هذا المقصد للسورة وأعني به ( بيان حقيقة الدنيا )، إلا أن هذا الاختيار يعكر عليه عدم وجود جواب قوي عن الرابط بين هذا المقصد وبين بقية أجزاء السورة.

فالمقصد – بحسب فهمنا وقد نصيب وقد نخطئ – لا يقتصر على بيان حقيقة الدنيا، وإنما يمتد ليشمل مجموعة من المغالطات المنطقية وأقوال الزور التي يعتمد عليها الباطل وأهله ليروجوه بين الناس وليلبسوا عليهم دينهم الحق ألا وهو التوحيد، فجاءت هذه السورة لتحذر من هذه المغالطات، وقد عرضت السورة لعدة أمور:

أولها: الشرك وقد ابتدأت السورة به وختمت به، وقد سلكت منهجا بديعا في نفي استدلالات أهل الباطل التالفة على شركهم، وبيان تناقضاتهم في اعتقاداتهم.

ثانيها: التقليد الأعمى للآباء وأعقبته بمثال مشاهد وهو ابراهيم عليه السلام لمناسبة هذه القصة لهذه المغالطة في عدة جوانب كما سيأتي.

ثالثها: الاغترار بالمال والثراء واعتباره دليلا على الحق في أمر الديانة والعقيدة.

رابعها: الاغترار بقرناء السوء، واتبعت هاتان المغالطتان بقصة موسى عليه السلام مع فرعون وذكرت الآيات جوانب من هذه القصة تخدم غرضها تحديدا، وذكرت هذه القصة كدليل وشاهد على هاتين المغالطتين لمناسبتها لهما كما سيمر لاحقا.

والزيوف الثلاثة الأخيرة متعلقة بالكفر، أما الشرك فقد بدا واضحا في بداية السورة ونهايتها.

وكما ابتدأت السورة بتفنيد حججهم التي استدلوا بها على الشرك اختتمت السورة بقصة عيسى عليه السلام ناعية عليهم جدلهم العقيم كما سيأتي لاحقا، ولتتخلص السورة منها تخلصا سلسا إلى ذكر مشاهد الآخرة ولتؤكد في ختامها على التوحيد كما ابتدأت به.

وكما رأينا فقد رتبت هذه المواضيع وما تفرع منها من أغراض جزئية على نسج بديع رائع في التقديم والتأخير والأصالة والاستطراد على حسب دواعي المناسبات، وتجديد نشاط السامع لقبول ما يلقى إليه، وما يلزم من حجج وأمثال وترغيب وترهيب، فمن استهلال حسن فخم، إلى تقريرهم، إلى الإجابة عن تناقضاتهم، إلى عرض أسباب استمساكهم بباطلهم هذا مع الأمثلة المضروبة، إلى موعظة بليغة وختام حسن، وتأمل كم أودية المعاني وحقولها ومجالاتها وتعددها واختلافها، وكم جماعة ستلقى وكم أفكارا ستواجه وكم جنسا من الناس سترى، وتأمل كيف أن النفس لا تكاد تسكن مع هذه الرحلة في مطرح إلا وقد انتقلت في مطرح آخر، وكل ذلك من صلب مذاقات البيان، فمن خبر الملائكة ومن عبدوهم، إلى من قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة، ثم تلتقي بشيخ الأنبياء ، ثم تعود إلى مكة حيث المال والجاه، ثم القرناء، وتمضي مع فرعون وهو يقول ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) إلى آخر المعاني والآيات.

ومما يؤيد هذا قوله عز وجل في بداية السورة ( والكتاب المبين ) وقوله ( لعلكم تعقلون ) فكأن السورة جاءت لتؤسس للعقلية السليمة المنطقية في تناول الأمور والتفكير فيها، وإيقاظ التعقل والتفكير واستنفار طاقات التدبر.

وقد حام الطاهر والدكتور محمد أبو موسى وغيرهم أيضا، حول هذا المعنى ولكن لم يطرقوه مباشرة، فتراهم دائما يذكرون كلمات تشير إلى هذا مثل: التناقض، التفكير، التعقل، المتناقضات.

screenshot 105

Map Shot 1

 

Map Shot 2

Map Shot 3

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved