( في ختام السورة )

( في ختام السورة )

قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)

ما هو موضوع هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هي مناسبته لما قبله من الكلام؟

يشبه هذا المقطع أن يكون تلخيصا لما سبق من معان على طول السورة وكلما تدرجت فيه أحسست بالاقتراب من نهاية الكلام، وبداية المقطع فيه عودة إلى أول ما بدأت به السورة، وهو توحيد الألوهية وذلك في قوله في أول السورة ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو فأنى تؤفكون )، ثم تمضي الآيات في تقرير معنى الربوبية، بتقرير قيوميته في إمساك السموات والأرض على الرغم من شرك هؤلاء الناس،

ما مناسبة ترتيب هذه الأمور الثلاثة في بداية المقطع؟

في بداية المقطع جاء التعجيز بثلاثة أمور:

أولها: الخلق من الأرض

ثانيها: الشرك في السموات

ثالثها: كتاب فيه بينات من الله

ولو أنك رددت هذا الكلام على ما جاء في أول السورة، من كون الله فاطر السموات والأرض وهو الذي يزيد في الخلق ما يشاء، وأن مفاتح الرحمة بيده وحده، لوجدته يعود إليه، ولا عجب في ذلك فإن للمقاطع ارتباط وعودة على المطالع.

وقل في الأية التي بعدها ما قلت في هذه الآية.

ما مناسبة التذييل بقوله ( إنه كان حليما غفورا )؟

في ذلك التذييل إشارة إلى أن هذا الإمساك هو باب من أبواب حلمه على الناس ومغفرته لهم ولو أنه آخذهم بذنبهم لأزال الأرض ومن عليها والسماء ومن فيها، إلا أنه لكونه حليما غفورا أخر عليهم ذلك.

ما مناسبة قوله تعالى ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم .. ) الآيات؟

هذه الآيات تأتي في بيان تكذيبهم للرسل، وقد جاء هذا المعنى منثورا في طول السورة يغيب ثم يعود، ولو تأملت في بداية السورة قوله تعالى ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ) بعد الحديث عن توحيد الألوهية، لوجدته مطابقا لما جاء في آخرها من الحديث عن توحيد الألوهية قبل هذه الآية ثم تكذيب الرسل عقبها مباشرة.

ما مناسبة النسبة إلى الأولين أولا ثم إلى الله ثانيا؟

نسبت السنة إلى الأولين أولا لأنه سنته إما الإهلاك بسبب الكفر أو النجاة بالهداية، ثم أضافها إلى الله لأنها تميزت وعلمت فأضافها لذاته العلية تعظيما لها وتفخيما.

وأيضا فإن المراد من سنة الأولين استمرارهم على الإنكار واستكبارهم عن الإقرار وسنة الله استئصالهم بإصرارهم فكأنه قال: أنتم تريدون الإتيان بسنة الأولين، والله يأتي بسنة لا تبديل لها ولا تحويل عن مستحقها.

ما مناسبة ذكر التحويل بعد التبديل؟

لما ذكر التبديل علم أنه لن يتم استبدال العذاب بثواب أو مكرمة، ثم ذكر التحويل ليتم تهديد المسيء بنفسه فالعذاب محيط بالمسيء نفسه لا بغيره، وهذا معنى مطرد في طول السورة لو تأملته أيضا.

ما مناسبة قوله تعالى ( أولم يسيروا في الأرض .. ) الآية؟

في الآية حث على الاعتبار بمن سبق وهذا المعنى تكاد تجده في كل مقطع من مقاطع السورة يخبو ثم يبزغ كما ذكرنا سابقا في بداية الكلام على السورة.

ما مناسبة ختام السورة بقوله تعالى ( ولو يؤاخذ الله الناس .. ) الآية؟

من جمال المعاني في هذه السورة انتهاؤها بالحديث عن نعمة الإمهال، وهي رحمة ونعمة من أعظم النعم، وكأنها تترك تحذيرا أخيرا للكافرين بأن يسمعوا ويطيعوا ولا يغتروا بتأخير العذاب عنهم، فإن الله مطلع على أحوالهم وما فعلوه وسيجزي كل واحد بما فعل.

Map Shot 4

Map Shot 3

 

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved