(زيف التقليد الأعمى)

بعد أن نفت الآيات أي مستند عقلي منطقي على كفر الكفار، وبينت فساد مبانيهم المنطقية، انتقلت إلى بيان بعض زيوفهم في اعتقاداتهم الباطلة، وابتدأت هذه الزيوف والمغالطات بمغالطة ( التقليد الأعمى لسنة الآباء والأجداد.

ثم بينت الآيات أن الوقوع في مثل هذه المغالطة ليس من سنة هؤلاء القوم وحدهم، بل إنها سنة ماضية فيمن قبلهم، ولمزيد من العظة والتذكرة، ذكرت الآيات نهايتهم الوخيمة، قائلة للكفار: إياكم وسلوك طريق من قبلكم في اتباع آبائهم وتقليدهم الأعمى لهم، فإن فعلتم فستكون عاقبتكم مثل عاقبتهم فاحذروا.

ثم يذكر هذا المقطع مثالا حيا ومعلوما لدى الجميع على رجل تجاوز هذه المغالطة بتوفيق الله ألا وهو ابراهيم عليه السلام، فلم يستسلم عليه السلام لما وجد عليه آباءه من الشرك والكفر، وإنما أعمل عقله في هذه العقيدة وجاهد في الله حتى هداه الله سواء السبيل.

 كما أن في ذكر قصته هنا مناسبة أخرى مهمة جدا، ألا وهي أن ابراهيم عليه السلام هو أبو قريش الذين يفتخرون بالنسبة إليه، فما بالهم تركوا عقيدة أبيهم ابراهيم الذي يفتخرون بنسبهم إليه، واتبعوا عقيدة عمرو بن لحي وما جاءهم به من الشرك.

ولم يكتف إبراهيم عليه السلام بهذا بل أخبرت الآيات أنه جعل قالة التوحيد هذه وصية لأبناءه من بعده ينقلونها إلى من حولهم، وقد ورد بيان هذا في سورة البقرة ومثله في سورة يوسف، فبقيت هذه الكلمة قبلة يهتدي بها من حاد عن التوحيد.

 ولم يخل عقبه على مر الزمان من موحدين، سواء كانوا نصارى على دين عيسى عليه السلام الحق كورقة بن نوفل أو من المتحنفين الذين بقوا على دين ابراهيم كزيد بن عمرو بن نفيل وأمية بن أبي الصلت.

إلا أن ما رجاه إبراهيم عليه السلام من رجوع أكثر عقبه إلى التوحيد بل عاندوا وبقوا على ما هم عليه من الشرك، ومتعهم الله وأنعم عليهم ولم ينتقم منهم ولم يستأصلهم إلى أن بعث لهم النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لحكمة يعلمها الله يرتبط بها وجود العرب زمنا طويلا بدون رسول.

وهنا ملحظ مهم ألا وهو اقتصار القصة على سرد الحوادث بني ابراهيم وبين قومه المكذبين، وما في ذلك من مناسبة لمقصد السورة وهدم تناقضاتهم.

ما مناسبة استخدام كلمة ( مترفوها ) هنا؟ وما دلالتها؟

جاءت كلمة ( مترفوها ) هنا لتفرق بين فئتين في اتباع الباطل: فئة تتصدى للحق وتجتهد في تزيين الباطل للفئة الثانية، والتي هي الفئة التي ليس لها عداوة حقيقة مصلحة مع الحق، وإنما هم تبع، يتبعون كل ناعق، وكل شبهة يلقيها المترفون وأصحاب المصالح عليهم، وسيأتي الحديث مطولا عن هاتين الفئتين في الزيف الثالث، وكيف أن مصيرهم واحد، سواء منهم من كانت عداوته أصلية أو من اتبع.

 

 

 

 

 

screenshot 101

 

screenshot 102

 

 

 

 

 

Map Shot 2

Map Shot 1

 

Map Shot 3

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved