تهديد الشاكين اللاعبين في سورة الدخان

ما هي الأسماء الواردة فيها ؟

سميت هذه السورة حم الدخان، وسميت في المصاحف وكتب السنة سورة الدخان.

مكان نزولها؟

مكية كلها ونفى ابن عطية الخلاف في شيء منها.

كم عدد آياتها ؟

عدت آيها ستا وخمسين عند أهل المدينة ومكة والشام، وعدت عند أهل البصرة سبعا وخمسين، وعند أهل الكوفة تسعا وخمسين.

هل ثبت شيء في فضلها ؟

ورد فيها أحاديث لا تصح.

ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك؟

يعتبر اسم السورة محددا أساسيا من محددات العثور على مقصد السورة ومحورها، وقد وردت كلمة الدخان مرتين في القرآن، مرة في معرض الحديث عن أصل خلق السماء في سورة هود ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) ولا متعلق لها هنا، فإن الحديث هنا عن الدخان جاء في معرض التهديد بعذاب أليم يصيب الكافرين فإن الدخان علامة للنار ونحوها من العذاب والمصائب، فإذا جاءت السماء بدخان فهذا كناية عن عذاب لا يملك الناس دفعه ولا الخلاص منه، وهذا تهديد في غاية القوة، وامتد هذا التهديد والوعيد على طول أجزاء السورة ومقاطعها.

هذا إذا هو المقصد الأولي للسورة، ولكي نحصل على مقصد أكثر تحديدا ووضوحا، تعالوا ننعم النظر إلى السياق الذي جاء به الاسم، جاء الاسم في ثاني آية بعد المقدمة، فقد ابتدأ جسم السورة بقوله تعالى ( بل هم في شك يلعبون )، ولا نبالغ إن قلنا أن هذه الجملة هي قطب رحى السورة، فإن موضعها هنا يقول: إن من أدار ظهره لهذا الكتاب المبين الذي له من العظمة ما سبق ذكره والذي يدلك ويرشدك إلى الله عز وجل الذي له أيضا من العظمة ما سبق ذكره،  ليس من الجد في شيء بل هو لاعب عابث ركبه الشك وعدم أخذ الأشياء بما يلزمها من نظر وتدبر، ثم أتبع وصف حالهم هذا بقوله ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) فجاء في الآيتين ( وصف حالهم ثم تهديدهم بالعذاب ) وبهذا يتبين لنا المقصد الدقيق لهذه السورة ألا وهو تهديدهم بالعذاب والنكال جزاء بما كسبت أيديهم من الشك واللعب في هذا الأمر العظيم الذي جاءت به الرسالة، خاصة وأنم قد بلغوا في الشك واللعب مبلغا جعلهم يعودون إلى كفرهم وجحودهم بعد أن رأوا العذاب بأم أعينهم وأحاط بهم من كل جانب ولهجوا لله بالدعاء والتضرع أن يكشف عنهم العذاب، ثم لم يلبثوا أن عادوا إلى كفرهم وضلالهم جهلا وعنادا واستكبارا.

كما نلاحظ أن الآية الأولى في جسم السورة ( بل هم في شك يلعبون ) هي الوحيدة التي جاءت خارج الآيات المسورة بالأمر بالارتقاب التي ابتدأت بقوله ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) في بداية السورة وانتهت بقوله ( فارتقب إنهم مرتقبون ) في ختامها مما يعطي هذه الآية مزية ومكانة بازرة في السورة، فكأنما هي خيط معلق بمقدمة السورة ممسك بجمسها الذي يبتدأ بالأمر بالارتقاب وينتهي به.

وإلى نحو هذا أشار البقاعي رحمه الله حين قال: ( مقصودها الإنذار من الهلكة لمن لم يقبل مافي الذكر الكريم الحكيم )

ما هو الرابط بين سورة الدخان وسورة الزخرف؟

هاتان السورتان لهما بداية واحدة، مما يدل على أنهما شيء واحد وأن الدخان إنما هي استمرار للزخرف، وامتداد لها، وبالنظر إلى مقصدي السورتين يشبه أن يكون الرابط: تهديدا ووعيدا لأولئك الذين لم يتهتموا بأمر التوحيد، فسلموا عقولهم لأولئك المفسدين الذين زينوا لهم الباطل شركا وكفرا، وأن ما فعلوه ليس عذرا بهم بل هو أشبه باللعب والشك في ما أتاهم من العلم والوعد والوعيد، فكانت السورة تهديدا للشاكين اللاعبين الذين سلموا عقولهم لزخرف الباطل فصدهم عن التوحيد.

screenshot 09

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

 

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved