بين يدي السورة

المسارعة في سبيل الله في سورة العاديات

ما هي الأسماء الواردة فيها ؟

تسمى سورة ( العاديات ) أو ( والعاديات ) ولا خلاف في اسمها.

مكان نزولها؟

اخْتُلِفَ فِيها، فَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ وعَطاءٌ والحَسَنُ وعِكْرِمَةُ: هي مَكِّيَّةٌ. وقالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ وابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ: هي مَدَنِيَّةٌ.

ومن مال إلى مدنيتها فلأجل ذكر الجهاد وخيل الجهاد فيها وهذا لم يكن في مكة، ومن مال إلى مدنيتها فلأجل كونها من المفصل والمفصل من المكي وعليه أكثر المفسرين.

وأما مسألة نزول ذكر الجهاد فيها وهي مكية فمن أهم النقاط التي يجب الانتباه لها، لأن فيها تنبيها إلى أمر مهم جدا وهو تجهيز المسلمين وإعدادهم لما سيكون لاحقا من شأن الجهاد وما سيصاحب ذلك من بذل في الأنفس والأموال، فنزول السورة في هذا الوقت فيه بشارة للمسلمين: بأن أبواب الجهاد ستفتح لكم قريبا وسيكون لكم خيل تغزون بها في سبيل الله، ولكن هذا الجهاد لن يكون دون تكاليف، فإياكم أن تستسلموا لشح أنفسكم أو تستصعبوا تكاليف الجهاد وتضنوا بأنفسكم أو أموالكم في سبيل الله، ولتكن الآخرة هي صاحبة الحضور الأكبر في حياتكم لتستعينوا بها على البذل في سبيل الله.

كم عدد آياتها ؟

آيُها إحْدى عَشْرَةَ.

هل ثبت شيء في فضلها ؟

لم يثبت في فضلها شيء

ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك، وما مناسبة الاسم للمقصد؟

من الظاهر تقسيم السورة إلى ثلاثة أقسام كما سيأتي شرحه:

الأول: يقسم الله عز وجل فيه بخيل الجهاد – على التفسير الراجح كما سيأتي -.

الثاني: وهو جواب القسم، على أن الإنسان ينسى النعم ويعد المصائب.

الثالث: جاء كتعقيب وعلاج للمشكلة التي سبق عرضها في المقطع الثاني.

وهذه التراتبية هي الوحيدة التي تجيب على العديد من الأسئلة من قبيل:

ما هو الرابط بين المقسم به وجواب القسم؟

يقسم الله عز وجل بالخيل التي تقدم في الجهاد والهلكة طائعة لأمر صاحبها الذي أطعمها وسقاها – كما رجح تفسيره -، في مقابل الإنسان الذي ينسى نعم ربه ويعد المصائب، وهذا هو وجه المناسبة بين القسم وجوابه.

فهي سورة تعلمنا المسارعة في البذل والعطاء والمجاهدة في سبيل الله قبل فوات الأوان وبدء الحساب والبعث والنشور، ومن هنا من اسمها ( العاديات ) أي الجاريات بسرعة يظهر أن هذا هو المقصد في هذه السورة وهو ( المسارعة في سبيل الله )، لأن العدو لا يكون إلا لمن أراد أن يصل إلى غايته بأقصر وقت، ليفوز دون أن يشغله ما يمكن أن يعيقه من نوازع حب الذات المودعة فيه.

لماذا لم تختاروا جحود الإنسان ونكرانه أو إيثاره للعاجلة على الباقية كمقصد لهذه السورة؟

فعلا اختار ناس من أهل العلم هذه النقطة كمقصد للسورة، باعتبار أن السورة تتحدث عن طبيعة تكوين الإنسان النفسية وحبه لنفسه ولذاته، إلا أنه قد رجح عندنا ( المسارعة ) كمقصد فيها باعتبار اسمها، فالعاديات كاسم له يدل على المسارعة وإبراز هذا المعنى فيه، ولا بد للباحث عن المقصد أن يبقي على اسم السورة أمام عينيه وهو يبحث عن مقصدها ويختار معنى قريبا مرتبطا به.

من أوجه البلاغة والتناسب في السورة:

نلاحظ أن مبنى هذه السورة الكريمة كلها قائم على الحدث الفردي والتتابع الثنائي له:

فإذا نحن نظرنا في أول السورة وجدنا أن الله تعالى يقسم ب ” العاديات ضبحا ” فهذا مقسم به فردي , ثم بعد ذلك يأتي وصف تابع لهذا المقسم به وهذا الوصف وصف ثنائي ( موريات قدحا , مغيرات صبحا ) , ثم يأتي بعد ذلك توصيف بالفعل لهذا المقسم به وهو توصيف ثنائي كذلك ( أثرن به نقعا , وسطن به جمعا ) , ثم يأتي بعد ذلك المقسم عليه , فالله أقسم بالعاديات الموصوفة وصفا ثنائيا مثنى ( وصف بالاسم وبالفعل !) والمقسم عليه قوله تعالى ” إن الإنسان لربه لكنود ” , ونجد كذلك أن التتابع الثنائي يصدق في جواب القسم , فبعد هذه الآية تأتي آيتان ” إنه على ذلك لشهيد” و ” إنه لحب الخير لشديد “.

ثم بعد ذلك تعلق بجملتين فعليتين مترابطتين وهما قوله تعالى ” أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور “، وتختم السورة بآية واحدة تقريرة منفردة كما ابتدأت بآية منفردة ” إن ربهم بهم يومئذ لخبير ” فانظر إلى هذا التقسيم العجيب :

آية يتعلق بها آيتين اسميتين وآيتين فعليتين ثم يتعلق بها إثنان من المقسم عليهما، ثم التعقيب عليه بجملتين تنتهي بجملة مفردة.

فإذا نجن عرضنا لبعض الأوجه البلاغية في السورة نجد التالي :

تقارب بين الضبح والصبح ! وبين العاديات والموريات !

سجع بين ” ضبحا و قدحا و صبحا

سجع بين قوله تعالى ” نقعا و جمعا ” وقوله ” كنود و شهيد و شديد ” وكذلك قوله ” القبور و الصدور و خبير

فأثرن به ” وفي الآية التالية ” فوسطن به

تقابل بين البعثرة والتحصيل ” بعثر ما ” و ” حصل ما

Map Shot 1

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved