الكلام على عموم السورة :

1-  أسماؤها؟

اشتهرت تسمية هذه السورة في عهد الصحابة والتابعين باسم «سورة اقرأ باسم ربك» وسميت في المصاحف ومعظم التفاسير «سورة العلق»

وعنونها البخاري: «سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق» وكل الأسماء في نفس المنحى.

ولم ترد كلمة علق بالجمع إلا في هذه السورة ووردت أربع مرات مفردة وكل المواضع في سياق الخلق.

2-  مكان نزولها ووقته؟

وهي مكية باتفاق.

وأول خمس آيات منها هي أول ما نزل من القرآن كما في الصحيح عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: «ما أنا بقارئ»، قال: ” فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني، فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم} [العلق: 2] ” فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال: «زملوني زملوني» فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: «لقد خشيت على نفسي» فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو مخرجي هم»، قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي

3-  عدد آياتها؟

وعدد آيها في عد أهل المدينة ومكة عشرون، وفي عد أهل الشام ثمان عشرة، وفي عد أهل الكوفة والبصرة تسع عشرة وهو الموجود في مصاحفنا الآن.

4-  المقصد الرئيس من السورة ؟

محور السورة ومقصدها هو ( التمكين للدعوة في الأرض) وإن قيل ( قوة الدعوة وضعف أعدائها ) أو نحوه لم يكن بعيدا.

5-  ما هي علاقة المقصد بالاسم؟

في اسمها ( العلق ) أو ( اقرأ باسم ربك ) إشارة إلى ضعف ذلك المخلوق الذي يعارض الدعوة وهوانه وأن الذي كان علقة صغيرا لا يعلم شيئا لن يستطيع إيقاف قطار الدعوة السائر لينير البشرية كلها.

وهذ جاء بمناسبة حادثة أبي جهل التي رواها مسلم في صحيحه تامة وأخرجها البخاري دون ذكر الآيات معها عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» قال: فأنزل الله عز وجل – لا ندري في حديث أبي هريرة، أو شيء بلغه -: {كلا إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى، أرأيت الذي ينهى، عبدا إذا صلى، أرأيت إن كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، أرأيت إن كذب وتولى} [العلق: 7]- يعني أبا جهل – {ألم يعلم بأن الله يرى، كلا لئن لم ينته لنسفع بالناصية، ناصية كاذبة خاطئة، فليدع ناديه سندع الزبانية، كلا لا تطعه} [العلق: 14]، زاد عبيد الله في حديثه قال: وأمره بما أمره به. وزاد ابن عبد الأعلى {فليدع ناديه} [العلق: 17]، يعني قومه

6-  ما هو وجه المناسبة بين هذه السورة والسورة التي قبلها؟

انتهت سورة التين بالحديث عن الله وأنه أحكم الحاكمين وصدرت الأمر بالقراء باسمه جل وعلا.

سورة التين فيها الحديث عن الخلق من جانب حسنه وانتكاسة الإنسان حال إعراضه والعلق أيضا تحدثت عن هذين الأمرين الخلق والإعراض

7-  ما هي مناسبة المقطع للمطلع؟

في المطلع كان الحديث موجها للنبي بشكل خاص بالأمر بالقراءة وذكر امتنان الله على عباده بالخلق والتعليم والإشارة إلى ربوبيته جل وعلا، وفي نهاية السورة أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالسجود الذي هو كناية عن الصلاة وعموم الطاعة في نهاية الأمر، فكأن معنى الكلام: إذا كان الله – يا أيها الإنسان – هو الذي خلقك وعلمك وأحاطك بالحفظ والرعاية والعطاء فواجبك إنما هو التقرب إليه بالطاعات والخضوع والانقياد له، وهذا دليل على علاقة وثيقة بين النعم والعبادة.

8-  الكلام على عموم السورة؟

بدأت السورة بالحديث عن الدعوة من خلال الأمر بالقراءة والتي هي وسيلة الحصول على العلم الذي هو أكبر نعمة على العبد بعد نعمة الخلق.

فكيف قابل العبد هاتان النعمتان الكبريان؟ نسي الإنسان هاتان النعمتان واغتر بما لديه من خلق وعلم فشعر بالاستغناء عن الخلق، وعن خالقه ومعلمه ومربيه، فطغى وتجاوز الحد، ونسي أنه مهما بلغ من الخلق والعلم فإن مرده إنما هو إلى الله، ثم ذكر الله مثالا صارخا لهذا الإنسان الذي اغتر بما لديه وهو أبو جهل فرعون هذه الأمة، فوبخه وأنبه، وأتبع ذلك بأقوى صور التهديد لذلك المغتر بما يتناسب مع مفهومه هو للقوة.

كل ما سبق كان بمثاب التمهيد والتهيئة للفكرة الأخيرة الواردة فيها حيث طمأن نبيه في خاتمة السورة بأن لا يلقي بالا لهذه المعوقات التي تعترض سبيل الدعوة وليستمر في طاعته وعبادته وتقربه من ربه فإن الله ناصره ومؤيده ومقربه.

وهكذا تتكامل المقاطع في هذه السورة الكريمة لتصل إلى النتيجة النهائية وهي استمرار الدعوة وتمكنها، مع ملاحظة ضعف أعداء الرسالة مهما بلغوا من الخلق والعلم

 Map Shot 1

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved