التهديد بهلاك القرى

التهديد بهلاك القرى

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ(42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ(43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ(44) فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ(45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ(47) وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ(48)

ما هو موضوع هذا الفصل وما هي علاقته بمقصد السورة؟

ما أجمل هذا المقطع وهو يأتي لغرضين:

أولا: يأتي ليسلي النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بعد أن أخرجوا من ديارهم وارضهم بعد عشر سنوات من الاضطهاد والأذى، بأن ما أصابهم قد أصاب الأنبياء قبلهم، وحكاية قصص أصحاب نفس الطريق مما يهون على الإنسان طريقه.

ثانيا: يأتي ليهدد المشركين بهلاكهم كما أهلك الذين من قبلهم، حتى وإن أمهلهم الله مدة وأملى لهم.

بل إنه يأتي ليؤكد ما جاء سابقا من قوله تعالى ( ولينصرن الله من ينصره) وقوله تعالى: (إن الله لقوي عزيز)، وقوله تعالى: (ولله عاقبة الأمور)، فكل ما سبق قد يطلب سامعه وتاليه دليلا مشاهدا على ذلك، فيأتي خبر القرى التي أهلكها الله دليلا مشاهدا على ذلك، خاصة مع ما جاء من ألفاظ من نحو (فأمليت للكافرين) حتى لا يتشكك متشكك بسبب طول الفترة وتأخر نزول النصر.

وهذا كله يصب في سياق تعظيم الله عز وجل، وحق له أن يعظم وهو الذي أهلك هذه القرى كما قصت الآيات.

وتأمل المشهد الذي تحكيه الآيات:

خاوية على عروشها: وعروشها أي أسقفها وقد نزلت جدرانها على الأسقف بعد سقوطها على الأرض.

بئر معطلة: أي يمكن أن يستقى منها، فيها ماء وأدوات السقي، إلا أنه لا أحد في تلك الديار يسقي فيها فصارت معطلة.

قصر مشيد: أي مبني على أحسن بناء مرتفع مجصص.

ما مناسبة الآية التي بعدها؟

الآية التي بعدها للتعجيب من أحوالهم والإنكار عليهم كيف كفروا مع ظهور أمر القرى الهالكة، والحال أنهم بدل أن يعظموا أمر الله وحرماته فتمتلئ قلوبهم بالتقوى، عميت قلوبهم فمع أنهم كانوا يبصرون مهالك الأمم السابقة إلا أنهم لم يعتبروا.

ووصف القلوب بأنها التي في الصدور زيادة في التقرير والتشخيص.

ما مناسبة الآية التي بعدها ( ويستعجلونك بالعذاب)؟

الآية هنا في زيادة تقبيح أفعالهم من طلب الاستعجال بالعذاب فإنهم قالوا: لو كان محمد صادقا لعجل لنا العذاب استهزاء وسخرية، فجاءهم الجواب في جملتين:

الأولى: ولين يخلف الله وعده: أي مهما تأخر فالله لا يخلف وعده إياهم بالعذاب ووعده المؤمنين بالنصر والتمكين.

الثاني: زيادة في توضيح المعنى لمن استبطأ النصر فإن الأزمنة عند الله ليست كما هي عند البشر.

ما مناسبة الآية التي بعدها ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ..)؟

مبنى هذه الآية شبيه بالآية السابقة لها، إلا أن الأولى قصد منها بيان كثرة الأمم التي هلكت حتى لا يتوهم أن الإهلاك قاصر على من ذكر من الأمم، لذلك ذكر هناك الإهلاك دون الإملاء، أما الآخرة فقصد فيها أن تأخير الموعد لا يقتضي إبطاله، ولذلك ذكر فيها الإملاء أولا ثم بعد ذلك الأخذ المناسب للإملاء من حيث أنه دخول في القبضة بعد بعده عنها.

والتذييل هنا بقوله تعالى (وإلي المصير) للإشارة إلى عدم الإفلات.

 

 

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

 

 

Map Shot 3

 

Map Shot 4

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved