(التكذيب رغم العلو الظاهر)

(التكذيب رغم العلو الظاهر)

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)

ما مناسبة هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟

في هذا المقطع الغني بالمعاني، يختلط الحديث عن عظمة الله وقدرته ونعمه على خلقه بالحديث عن تكذيب هؤلاء بالبعث – كما كذب الذين من قبلهم – على الرغم من الدلائل البينات على عظمة الله وقدرته وملكوته وجبروته، وعلوه على خلقه، وقدرته على تعذيب هؤلاء المكذبين، ويختم الله عز وجل كل ما سبق بالأمر بالصبر على تكذيبهم فإن لله سننا تسير في هؤلاء.

وقد يظن المتعجل أن هذا الانتقال من موضوع إلى موضوع عيب في السياق القرآني، والحقيقة أن هذا الانتقال من أسلوب إلى أسلوب ثم الرجوع إلى الغرض تجديد لنشاط الذهن وتحريك للإصغاء إلى الكلام وهو من أساليب كلام العرب في خطبهم وطوالهم، وسماه السكاكي : قرى الأرواح، وجعله من آثار كرم العرب.

وتنوع الكلام هنا بين صيغة الخطاب لهؤلاء المكذبين، استعطافاً بعتابهم، لأنه عند التذكير بعذابهم أقرب إلى إيابهم، وبين صيغة الغيبة إيذانا بالغضب عليهم.

ووصل التهديد والوعيد لهؤلاء المكذبين إلى درجة أن الله عز وجل أمر نبيه أن يسأله النجاة والاستثناء إن أراد إنزال العقوبة الموعودة بهؤلاء الكافرين وهذا غاية التهديد والوعيد، إذ تشعرك مثل هذه العبارات أن العذاب نازل أو يكاد على هؤلاء.

ما مناسبة ذكر اختصاصه باختلاف الليل والنهار بعد ذكر الإحياء والإماتة؟ وما مناسبة التذييل بعدها؟

دل هذا الذكر بعد لام التخصيص ( له ) على أن الله عز وجل هو المتصرف فيهما بالتغير والزيادة والنقصان، ومن ثم فليس لليل والنهار تأثير بذاتهما على الإحياء والإماتة وإنما المتصرف بالإحياء والإماتة هو المتصرف أصلا باختلاف الليل والنهار، وهذا يتوصل إليه بإعمال العقل ولذلك ختمت بقوله ( أفلا يعقلون )

ما مناسبة تلقين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( قل رب إما ترين ما يوعدون )؟ وما دلالته؟

سبق الكلام عن النذارة بالعذاب وعن التهديد به في المقطع الماضي، فلقن الله نبيه في هذا المقطع بأن يسأله النجاة من العذاب إيماء إلى أنه منجيهم من العذاب بحكمته ورحمته وحمايته لأوليائه، وإيماء إلى أن الله يري نبيئه حلول العذاب بمكذبيه كما هو شأن تلقين الدعاء كما في قوله ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فكان بعد هذا التلقين استجابة لهذا الدعاء كما جاء في صحيح مسلم: قال الله استجبت .

وفي قوله ( أن نريك ) أيضا إيماء إلى أنه في منجاة من أن يلحقه ما يوعدون به وأنه سيراه مرأى عين دون أن يكون فيه.

وجيء مع حرف الشرط بما الزائدة للتوكيد، لزيادة تحقيق ربط الجزاء بالشرط كما في قوله ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ ) والمعنى: إذا كان ما يوعدون حاصلا في حياتي فأنا أدعوك يا رب ألا تجعلني معهم حينئذ.

ما مناسبة الأمر بعد ذلك بقوله ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة )؟

بعد أن وعد الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه منجز وعيده من الذين كذبوه، أعقب ذلك بأن أمره بأن يدفع مكذبيه بالتي هي أحسن أعراضا عنهم وتربصا بهم حين يأتيهم العذاب، وتفويضا أمر المعتدين عليه لله عز وجل فهو يتولى الانتصار لمن توكل عليه وأنه إن قابل الإساءة بالإحسان كان انتصار الله أشفى لصدره وأرسخ في نصره، وهكذا كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لنفسه وكان يدعو ربه.

ما مناسبة مجيء  الاستعاذة من( همزات الشياطين) بعد الأمر ( إدفع بالتي هي أحسن السيئة )؟

لأن دفع السيئة بالحسنة يحتاج الى استعاذة بالله من الشيطان

إذ أن النفس يصعب عليها هذا المقام والشيطان يستغل هذه الصعوبة

ونجد  التتابع  ايضا في سورة فصلت .

ما مناسبة ترتيب هذه الأدلة؟

سيقت أدلة عظمة الله وقدرته على البعث في القسم الأخير بطريقة الترقي، فابتدأ بالسؤال عن مالك الأرض ومن فيها لأنها أقرب العوالم لإدراك المخاطبين، ثم ارتقي إلى الاستدلال بربوبية السموات والعرش، ثم ارتقي إلى ما هو أعم وأشمل وهو تصرفه المطلق في الأشياء كلها ولذلك اجتلبت فيه أداة العموم وهي ( كل ).

Map Shot 1

 

Map Shot 2

    

Map Shot 4

Map Shot 5

Map Shot 6

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved