( الباب الثاني: إحياء الموتى )
( الباب الثاني: إحياء الموتى )
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)
ما هو موضوع هذه الآية وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هي مناسبته لما قبله من الكلام؟
هذا باب ثان من أبواب الرحمة التي لا يملكه إلا الله، وهو إحياء الأرض بالماء بعد موتها، ومن براعة الكلام لم يدع القرآن مثل هذا المعنى يمر دون التذكير بالمهم، وهو الدار الآخرة، فجاء الكلام وكأنه ممر للتذكير باليوم الآخر، وكأن الآيات تقول للناس:
أرأيتم الرياح وما أرسلناه فيها من خير فأحيينا الأرض ورزقناكم بها بما نملكه نحن من مفاتح الرحمة، فلا تنشغلوا بهذا عن التدبر والتفكر، فإنما هي تذكرة لكم لتتذكروا أن من أحيا هذه الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الأرض بعد موتها.
وتأمل ارتباط النشور هنا، بقوله سابقا وإلى الله ترجع الأمور، وبقوله إن وعد الله حق، وما سيأتي لاحقا من استذكار لمعاني الآخرة.
ما مناسبة ورود هذه الآية هنا؟
هذه الآية جاءت هنا معترضة للسياق، ولو أننا وصلنا الكلام الذي قبلها بالذي بعدها لكان السياق حسنا مترابطا لا يعيبه شيء، إلا أن الله عز وجل وضع هذه الآية التي تتحدث عن الأرض وأحياءها بالماء النازل من السماء في وسط سياق الحديث عن الهدى والضلال وأسباب انصراف الناس عنها، ولم يكن ذلك عن عبث أو خلل، ولكنه إنما أراد أن يلفت نظر القارئ المتدبر إلى أنه:
كما أن الله أرسل ماء إلى الأرض الميتة فأحياها كذلك أرسل الرسل إلى هؤلاء ومعهم ما فيه حياة قلوبهم، ولو شاء لأحياها ولكنهم هم الذين أعرضوا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
ومثل هذا يشبه أن يكون ( خياطة للمعاني ) أي تداخل المعاني مع بعضها يبرز هذا مرة وهذا مرة كما يبرز الخيط مرة ثم يغيب للتأكيد على تداخلها وترابطها، واشتباك بعضها ببعض.
ما مناسبة جعل فعل الإثارة بالمضارع بخلاف البقية؟
الإثارة هذه بالمضارع لتفيد التجدد والاستمرار وكأنها تقول للداعية: استمروا في استثارة الخير والحق في قلوب الناس حتى يستجيبوا للخير والحق.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved