( الاعتبار بالله وصفاته .. الخلق والعلم )
( الاعتبار بالله وصفاته .. الخلق والعلم )
بسم الله الرحمن الرحيم
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)
ما موضوع هذه الآيات وما مناسبتها لمقصد السورة؟
هذه الآيات هي مطلع سورة التغابن، وهي تستعرض صفتين لله عز وجل:
الأولى: الخلق
الثانية: العلم
وهذا واضح في الشكل الموجود في آخر السورة.
وأما مناسبتها لمقصد السورة فهي بمثابة التمهيد لما سيساق لاحقا من الحديث عن كفر الكافرين نتيجة غفلتهم عن تدبر صفات الله وأفعاله.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها الابتداء بالتسبيح؟
التسبيح عموما يفيد التعظيم والتنزيه عن النقائص، وفيه معنيان:
الأول: بالنسبة للكافرين تريد تأنبيهم والتعريض بهم، أن كل من في السموات والأرض ينزه الله عن النقيصة إلا أنتم.
الثاني: بالنسبة للمؤمنين إرشادا لهم وتعليما لهم بأن يستمروا على تعظيم الله عز وجل وتنزيهه.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها تقديم المسند على المسند إليه في قوله ( يسبح لله ما في السموات وما في الأرض) ؟
حق الكلام أن يقال: يسبح ما في السموات وما في الأرض لله، إلا أن الآيات قدمت المفعول به على الفاعل، وهذا يفيد قصر التسبيح عليه وحده.
ما مناسبة التفريع بالفاء بقوله ( فمنكم كافر ومنكم مؤمن )؟
هذه الجملة معطوفة على جملة هو الذي خلقكم بالحق، والمراد منها التعجيب من حالهم، وكأنها تقول للناس: الله وحده هو الذي خلقكم ولم يشاركه في الخلق أحد غيره، فما بال أكثركم كفر؟
ما مناسبة الاعتراض بجملة ( بالحق ) وما دلالتها ومناسبتها؟
قوله بالحق جملة معترضة بين خلق السموات والأرض وبين جملة فصوركم فأحسن صوركم، والحق هنا فيه إيماء إلى إثبات البعث والجزاء، فإن تخلف الجزاء عن الأعمال في الدنيا مشاهد، فكثيرا ما نرى الصالحين في كرب ونرى أهل الفساد في نعمة، فلو كانت هذه الحياة قصارى حياة المكلفين لكان كثير من أهل الصلاح غير لاق جزاء على صلاحه، ولانقلب أكثر أهل الفساد وهم مسرورون بما نالوه من شهواتهم وهذا كله بخلاف الحق وحاشاه.
وهذه الكلمة وما بعدها، من قوله إليه المصير توطئة وتهيئة للحديث عن تكذيب البعث لاحقا في السورة.
ما مناسبة ذكر الملك والحمد؟
جاءت هذه العبارات بعد ذكر التسبيح وكأنها تعليل له، فكأن قائلا يقول: لماذا يسبح لله مافي السموات وما في الأرض فيأتي الجواب هنا: لأنه المالك سبحانه أولا، وليس هذا فحسب، بل هو يدبر هذا الملك لا بالعسف والظلم والقوة، ولكن بالعدل والرحمة والحكمة ولأجل ذلك استحق الحمد.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved