(إذا سلب لم يترك)

المادة مفرغة من محاضرات للدكتور أحمد عبد المنعم

(إذا سلب لم يترك)

( فمزقناهم كل ممزق )

 

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)

ما هو موضوع هذا المقطع؟ وما مناسبته لما قبله؟ وما مناسبته لمقصد السورة؟

هذا المثال الثاني مثال الكافرين المعرضين، به جاءت تسمية السورة، وجاء فيها ذكر نعمتان:

الرزق: جنتان

الأمن: سيروا فيها ليالي وأياما آمنين.

وبهاتين النعمتين امتن الله على قريش ( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) ففي هذه القصة رسالة لقريش: كما أنا سلبت من سبأ نعمهم فأنا قادر على سلب هاتين النعمتين منكم.

تخيل عندما يقرأ مؤمن مستضعف أيام قريش هذه الآيات: لا بد أن يشعر بالثبات والعزة وما أحوج المؤمنين اليوم إلى مثل هذا الثبات وهذه العزة.

وذا المقطع يحمل رسالة للمؤمنين: أن اطمئنوا بسبب ما أنتم عليه من الاستقامة والمنهج لا بسبب ما أنتم عليه من التمكين والسعة ( فإن أصابه خير اطمأن به )

وهذه القصة تحمل أيضا رسالة مفادها: أن أي دولة أو قرية أو جماعة مهما بلغت من القوة والسعة والتمكين يمكن – في طرفة عين – أن تزول عنها النعم ويزول عنها ما هي فيه من النعمة والسعة، بأمر الله وحده.

فالله هو الذي يقبض ويبسط، ومثل هذه الآيات تجعل للقلب وجهة واحدة وهي الله وحده، فهو من يعطي بلا سبب ويسلب بأقل الأسباب.

كما أن الحيثيات المذكورة من النعم في هذه السورة تدل على النقاط التي ينبغي للدولة العناية بها والاهتمام بها وهي:

الرزق

الأمن

التنقل

ما مناسبة التذييل بكلمتي ( رب غفور )؟

الظاهر أن فيه إشارة إلى الإمهال لأنهم استمروا فترة طويلة على على كفرهم.

كيف وقع السد؟

الله عز وجل لم يذكر كيف وقع السد ليرسل رسالة: أنه إذا شاء شيئا كان حتى لو لم تتوفر أسبابه، كل عطايا سليمان توقفت بسبب دابة الأرض تأكل منسأته وكل عطايا سبأ تعطلت بأي سبب كان بأمر الله وحده.

وفي يأجوج ومأجوج عبرة أمر الله عيسى عليه السلام أن يخرجوا إلى الجبال لأن لا طاقة لأحد بقتالهم ثم كانت نهايتهم بأقل الأسباب بالنغف.

ما مناسبة وصف السدر بالقليل؟

لأن السدر أحسن من الخمط والأثل فوصفه الله بالقليل إشارة إلى قلة العطاء، فتخيل كم مدى الحسرة التي هم فيها وتخيل

ما مناسبة الحديث عن القرى والسير فيها بعد الحديث عن السد؟

والقرى التي باركنا فيها هي الشام: ومن اليمن إلى الشام كانت هناك محطات استراحة فلا يحتاج أن يتزود شيئا، لا يلبث أن يمشي الماشي حتى يجد قرية يستريح فيها ويأكل منها ثم يمضي.

الحديث عن القرى والسير هنا يندرج تحت الحديث عن نعمة الأمن، فالسد فيه حديث عن نعمة التوسعة في الرزق ( أطعمهم من جوع ) ثم جاء الحديث هنا عن النعمة الأخرى ( وآمنهم من خوف ).

ما دلالة كلمة ( فيها )؟

كلمة فيها تدل على تلاصق القرى وقربها من بعضها فكأنهم لم يخرجوا منها أصلا، وكأنها متلاقصة مع بعضها.

ما دلالة تقديم الليالي على الأيام؟

لأن الخوف في الليل يكون أكثر منه في النهار لذلك قدمها.

ما وجه طلبهم للمباعدة بين الأسفار؟

قيل: أنها من باب بطر النعمة، فلما ذكروا بهذا الأمر ردوا جحودا وإعراضا وقالوا: لو كان هذا من عند الله فلا نريده وحتى لو ذهبت القرى نستطيع السفر.

وقيل: أن الكبراء في البلد تساووا مع بقية القوم في الراحة وعدم الحاجة للخدمة فدعا هؤلاء أن يباعد بين الأسفار حتى يتميزوا بما عندهم من الخدم والراحة، وقيل: على قراءة ( ربنا باعَدَ ) أن الفقراء هم من اشتكوا من هذا الأمر بعد أن تباعدت الأسفار وهذا من الاستهزاء.

وقيل: أنهم طلبوا المباعدة بين القرى حتى يعملوا ما يريدوا من المعاصي دون أي يراهم أهل هذه القرى.

وقيل أنهم كرهوا شعورهم أن يكونوا محتاجين لله دائما ومضطرين إلى التزام أوامره دائما حتى تدوم عليهم النعم، وهذا من جهل الإنسان يعتقد أنه سيخرج خارج قدرة الله عز وجل فمهما أوتي من أسباب لن يخرج من قدرة الله.

ما معنى صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه؟

إبليس ينظر في الناس ويكون له تفرس فيهم، فهو لما نظر في حال سبأ رأى أنهم هدف سائغ للإضلال، فإبليس ينظر في الناس ويتوجه نحو من يمكن أن يسيروا في طريق الضلال والغواية، وهو مع أنه ليس له عليهم سلطان ولا قوة أن يضلهم ولكنه يتربص وينتظر ويدعو إلى سبيله فمن استجاب خاب وخسر.

ما دواء تجاوز دعوات إبليس؟

الدواء موصوف في الآية التالية وهي قوله تعالى ( إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ) أي كلما ازداد يقينك بالآخرة كلما ازددت بعدا عن الشيطان،

Map Shot 1

Map Shot 2

 

 

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved