في ختام السورة

(في ختام السورة)

(فصل الختام)

​​ ۞ وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذ يَمُوجُ فِي بَعۡضۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضۡنَا​​ جَهَنَّمَ يَوۡمَئِذ لِّلۡكَٰفِرِينَ عَرۡضًا ﴿١٠٠﴾ ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا ﴿١٠١﴾ أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيٓ أَوۡلِيَآءَۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ نُزُلا ﴿١٠٢﴾ قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ﴿١٠٣﴾ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ﴿١٠٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ​​ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنا ﴿١٠٥﴾ ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴿١٠٦﴾ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنَّٰتُ ٱلۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا ﴿١٠٧﴾ خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلا ﴿١٠٨﴾ قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدا ﴿١٠٩﴾ قُلۡ إِنَّمَآ​​ أَنَا۠ بَشَرٞ​​ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ​​ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلا صَٰلِحا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ﴿١١٠﴾

ما هو موضوع هذا الفصل، وما مناسبته لما قبله؟ وما مناسبته لمقصد السورة؟

بعد أن ذكر ذو القرنين أن هذا السد سيكون دكاء حين يأتي وعد الله، لا بد للقارئ المتدبر أن يسأل متى سيكون دكاء؟ وإن صار دكاء ما الذي سيحصل حينها؟ وهنا يأتي هذا المقطع لينقل القارئ المتدبر آخذا بتلابيبه من مشهد ذي القرنين إلى مشهد الحساب والجزاء في الدار الآخرة حين يصبح هذا السد دكاء.

وهذا الانتقال السلس مثال عملي عن حسن التخلص في الانتقال من موضوع إلى موضوع دون أن يشعر القارئ بذلك.

من المراد بقوله: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض؟

اختلفوا على أقوال بحسب عود الضمائر:​​ 

القول الأول: وتركنا بعض​​ يأجوج ومأجوج يوم بناء السد يختلطون ببعضهم البعض في الفساد لوحدهم دون الناس.

القول الثاني: وتركنا بعض يأجوج ومأجوج يوم دك السد يوم القيامة يختلطون بالناس في الفساد.

القول الثالث: وتركن بعض الناس يوم القيامة يموج في بعض.

وكل هذا مشفوع بالجمع يوم القيامة بعد​​ نفخة الصور،​​ 

ما مناسبة الحديث بعدها عن النار في قوله جل وعلا: وعرضنا جهنم يؤمئذ للكافرين عرضا؟

الحديث هنا مثني على الحديث عن النار عقب قصة صاحب الجنتين، وتشعر أن الكلام عن جهنم ههنا نابع من الحديث عن النار في قوله جل وعلا (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا)، وهكذا تثنى المعاني وتضطرم بعد أن تخبوا لتبقى حية في النفوس على طول السورة.

ما مناسبة تعريف الكافرين بالصلة في قوله: الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا؟

هذا الكلام مثني على قوله جل وعلا آنفا (وما نرسل​​ المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا * ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا)، والكلام كله نابع من رحم قوله تعالى (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا).

وهذا الكلام في غاية الأهمية فهو يوضح بجلاء أن سبب كفر الكافرين لم يكن الجهل، وإنما كان الإعراض والنسيان وترك الانتفاع بالسمع والأبصار والأفئدة التي أعطاها الله عز وجل للناس حتى ينتفعوا بها، فلما عطلوها ختم الله على قلوبهم وجعل على سمعهم وأبصارهم غشاوة، وكانت عاقبتهم النار كما جاءت الآيات.

وهل كان صممهم وعماهم هذا: لانشغالهم أم للختم الذي صار على أسماعهم والقولين مؤداهم واحد.

ما مناسبة قوله جل وعلا: أفحسب الذين كفروا​​ أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء؟

هذا الكلام مرتبط بخيط رفيع بقوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا) وهو يبين بجلاء أساس المعركة: وهو صرف العباد عن عبادة رب العباد إلى عبادة الطواغيت، الذين نصبوا أنفسهم آلهة من دون الله، فغرض الفتنة هو صرف الناس عن عبادة الله إلى عبادة من دونه من العباد.

وتأمل كيف جاءت هذه المعاني مرتبطة ارتباطا وثيقا بقوله جل وعلا آنفا: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا) وكل هذا نابع من رحم قوله جل وعلا في أول السورة: (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا)

ما مناسبة قوله جل وعلا بعدها: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا.. الآيات؟

 

في ناس اجتهدوا اجتهاد موسى وذو القرنين لكن بالباطل، فالكل يغدو فبائع نفسه أو معتقها.

ما مناسبة قوله جل وعلا: أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه؟

هذا فيه توطئة وتهيئة لما سيأتي في آخر السورة من الحديث عن آيات الله ولقائه.

​​ 

آخر آيتين في السورة؟​​ 

آيات الله ولقاء الله.

ما مناسبة الانتقال بعده مباشرة لقوله جل وعلا: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا؟

جاء الانتقال هنا مفاجئا على عادة السياق القرآن في بعض المواضع بالانتقال المباشرة من موضوع إلى موضوع مقابل له، وهذا على عادة السياق​​ القرآن في مقابلة الحديث عن الجنة بالحديث عن النار والعكس بالعكس، وحديثه عن المؤمنين ثم عن الكافرين والعكس بالعكس.

ونزلا هنا مرتبطة بقوله جل وعلا آنفا (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) وهي هنا على سبيل الإكرام والذكر، وهناك على سبيل السخرة والهزء.

ما مناسبة قوله تعالى: لا يبغون عنها حولا؟

للإشارة إلى راحتهم واستقرارهم بعد سعيهم الحثيث على طول السورة، وهنا تكون الراحة.

 

ما مناسبة: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي؟

إياك أن تظن أن كل القصص هذه عجيبة، لو عندك بحر ومن بعده سبعة أبحر ما نفد الحديث عن الآيات والعجائب​​ والخلق.

 

ما مناسبة الختام بقوله تعالى: قل إنما أنا بشر مثلكم؟

 

 

 

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved