سورة ق
(بسم الله الرحمن الرحيم)
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)
1- مسألة: قوله تعالى: (والقرآن المجيد) أين المقسم عليه؟ جوابه: قيل: محذوف، تقديره: لتبعثن وقيل: المقسم عليه: (ق) مقدما على القسم لدلالته على الإعجاز. وقيل: (قد علمنا ما تنقص) ، وحذفت اللام للبعد بينهما. وقيل: (إن في ذلك لذكرى) . وقيل: غير ذلك.( كشف المعاني )
2- ما اللمسة البيانية في عدم ذكر جواب القسم فى أوائل سورة ق؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
جواب الشرط يُحذف في القرآن كثيراُ للتعظيم وهذا ورد كثيراً في القرآن كما في قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) سبأ) وقوله تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) الانشقاق) (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال) وذلك حتى يذهب الذهن كل مذهب وهذا أمر عظيم.
جواب القسم ليس بالضرورة أن يُذكر بحسب الغرض منه فإذا اقتضى أن يُجاب القسم يُجاب (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً {68} مريم) (وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ {38} النحل) وقد يُحذف إما للدلالة عليه أو للتوسع في المعنى فيحتمل المعنى كل ما يرد على الذهن وهذا في القرآن كثير (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ {1}) لا يوجد جواب للقسم في سورة ق وكذلك في سورة ص (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ {1}) لا نجد جواباً للقسم حُذف لاحتمال كل ما يرد في سياق الآيات فلا يريد تعالى جواباً بعينه لكنه يريد أن وسع المعنى.
بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)
1- قوله تعالى {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون} بالواو وفي ق {فقال} بالفاء لأن اتصاله بما قبله في هذه السورة معنوي وهو أنهم عجبوا من مجيء المنذر وقالوا هذا المنذر ساحر كذاب واتصاله في ق معنوي ولفظي وهو أنهم عجبوا فقالوا {هذا شيء عجيب} فراعى المطابقة والعجز والصدر وختم بما بدأ به وهو النهاية في البلاغة . ( أسرار التكرار )
2- مسألة: قوله تعالى: (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب (4) وفى سورة ق (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب (2) الأول بالواو والثانى بالفاء؟ جوابه: أن ما قبل سورة ق يصلح سببا لما قالوا بعده، فجاء بالفاء. وما قبل سورة ص لا يصلح أن يكون سببا لقولهم: (ساحر كذاب) فجاء بالواو العاطفة. ( كشف المعاني )
3- عجيب/ عُجَاب: إن لفظي (عجيب ـ عُجَاب) بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنَّ كليهما دالٌّ على شدة العجب. ولكن كلمة (عُجاب) أكثر مبالغة من (عجيب)، وهذا مستفادٌ من البناء الصرفيِ، كما في: طويل ـ طُوَال.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
4- قال تعالى في سورة ق (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)) وفي سورة هود (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)) وفي سورة ص (أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5))مادلالة اختلاف هذه الصيغ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
أولاً صيغ العربية ودلالتها ثم التوكيد وعدمه. عجيب تدخل في صيغ المبالغة أو صفة المشبّه(فعيل، فعال، فُعّال) صيغة فُعّال من حيث المبالغة أكثر من فعيل نقول هذا طويل فإذا أردنا المبالغة نقول طوال. فعيل صفة مشبهة أو مبالغة، فعال أبلغ من فعيل باعتبار مناسبة لمدّة الألف ومناسبة لمدّة الصوت أحياناً صوت الكلمة يناسب المعنى فمدّة الألف أكثر من الياء فجعلوها للصفة الأبلغ. عُجاب أبلغ من عجيب.
مسألة التوكيد وعدم التوكيد أخبر عن العجيب لكنه غير مؤكد في الأولى ثم الثانية آكد.
لو عدنا إلى الآيات في الأولى (بلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)) عجبوا أن جاءهم منذر منهم فجاء بلفظ (عجيب) والثانية أن امرأة عقيماً وعجوز وبعلها شيخ فكيف تلِد والعقيم أصلاً لا تلِد ولو كان رجُلُها فتى فهي عقيم وعجوز وفي الآية من دواعي العجب ما هو أكثر من الآية الأولى لذا دخل التوكيد بـ (إنّ واللام) تأكيدا العجب ناتج عن أن مُثير العجب أكثر. أما في سورة ص (أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)) هم عجبوا أن جاءهم منذر منهم أولاً ثم عجبوا أن جعل الآلهة إلهاً واحداً فصارت دواعي العجب أكثر من سورة ق التي تعجبوا فيها من أن جاءهم منذر منهم فقط. إضافة إلى ذلك في سورة ص هناك أمر آخر هو جعل الآلهة إلهاً واحداً وهو مشركون عريقون في الشرك فقاتلوه بسبب كلمة التوحيد فالعجب أكثر بعد وصفه بأنه ساحر وكذّاب فجاء بلام التوكيد وجاء بالصفة المشبهة المبالغة عُجاب.
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)
1-ما الفرق بين (فوقهم) و (من فوقهم)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
(من) تفيد ابتداء الغاية يعني يعني ليس هناك فاصل لما قال فوقهم تحتمل المسافة القريبة أو البعيدة (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) ق) كم بينك وبين السماء؟! كثير، ما قال من فوقهم لا يصح. (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) الملك)، (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت).
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12)
1- قوله {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد} وفي ق {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود} إلى قوله {فحق وعيد} قال الخطيب سورة ص بنيت فواصلها على ردف أواخرها بالباء والواو فقال في هذه السورة {الأوتاد} {الأحزاب} {عقاب} وجاء بإزاء ذلك في ق {ثمود} {وعيد} ومثله في الصافات {قاصرات الطرف عين} وفي ص {قاصرات الطرف أتراب} فالقصد للتوفيق بالألفاظ مع وضوح المعاني . ( أسرار التكرار )
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13)
1- اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :
قوم لوط في معاصيهم لا يشبهون معاصي قوم أي نبي آخر، حالة خاصة وهي حالة إتيان الذكور من العالمين (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) الأعراف) هذه لم ترد في الأنبياء الآخرين وما سبقهم بها من أحد. في قصة سيدنا لوط ما قال لهم كما قال الأنبياء الآخرون (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) مع أنه في سورة الشعراء قال كما قال الأنبياء الآخرون (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) الشعراء) لكن التركيز على هذه الفاحشة إتيان الذكور من العالمين وهذه المعصية قضية خاصة بالذكور لا بالإناث، خاصة بالذكور وإخوان لوط ذكور وليست أخوات، الرجال، الذكور يأتون الذكور بخلاف الأقوام الأخرى التي هي عامة ولا يقول قوم لأن هذا يدل على العموم، عموم القوم أما إخوان لوط فالتركيز على هذه المسألة (إتيان الذكور) فقال إخوان لوط لا إخوان صالح أو إخوان هود.
قوم لوط وردت في العقوبة صحيح أن الفاحشة عمّت الذكور لكن القوم كذبوا وحتى النساء كذبت، وما وردت كلمة قوم لوط في القرآن إلا في عقوبة القوم وبعدها تأتي الآيات أنه أهلكهم، والعقوبة لا تخص الذكور وإنما هي عامة. أصل المسألة أن هذه المعصية (إتيان الذكور) ما سبقهم بها من أحد فقال إخوان لوط ولم يذكر عقوبة وإنما قال (فكيف كان وعيد) لكن كل المواطن التي ورد فيها قوم لوط يذكر بعدها العقوبة والعقوبة لا تخص الذكور وإنما القوم كلهم. فكلمة قوم لوط وردت في العقوبة لأن العقوبة عمّتهم.
وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
1-(كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق) لماذا لم يقل كذبوا ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
(كل) لها قواعد في التعبير. (كل) إذا أضيفت إلى نكرة هذا يراعى معناها مثل (كل رجل حضر) (كل امرأة حضرت) (كل رجلين حضرا) إذا أضيف إلى نكرة روعي المعنى وإذا أضيفت إلى معرفة يصح مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، مثال: (كل اخوتك) اخوتك جمع يجوز أن يقال كل إخوتك ذاهب ويقال كل إخوتك ذاهبون، يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى. إذن إذا أضيفت إلى نكرة روعي المعنى كل رجل حضر، كل رجلين حضرا، كل امرأة حضرت. (كل) لفظها مفرد مذكر ومعناها تكتسبه بحسب المضاف إليه. إذا أضيفت لنكرة يراعى المضاف إليه وإذا أضيفت لمعرفة يجوز مراعاة اللفظ والمعنى. نوضح القاعدة: كل الرجال حضر وكلهم حضر، إذا قطعت عن الإضافة لفظاً جاز مراعاة اللفظ والمعنى (كلٌ حضر) (كلٌ حضروا) يجوز، (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ (285) البقرة) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق) مجموعة قوم نوح وعاد وفرعون قال كلٌ كذب الرسل، (كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) البقرة). إذن من حيث القاعدة النحوية أنه إذا قطعت عن الإضافة هذا سؤال (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لفظاً جاز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى يمكن أن يقال كلٌ في فلك يسبح وكلٌ في فلك يسبحون لكن هل هنالك اختلاف في المعنى في القرآن ليختار هذا أو ذاك؟ هذا هو السؤال. من حيث اللغة جائز. القرآن استخدم الاثنين (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) الأنبياء) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) الإسراء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق). مما قيل في هذا الخلاف قال: الإخبار بالجمع يعني عندما يقول قانتوت حاضرون يسبحون يعني كلهم مجتمعون في هذا الحدث ولما يفرد يكون كل واحد على حدة ليسوا مجتمعين. لما يقال كلٌ حضروا يعني مجتمعون ولما يقال كلٌ حضر يعني كل واحد على حدة. قال تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كلهم يسبحون في آن واحد، (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ) يوم القيامة كلهم مع بعضهم، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) كلٌ على حدة، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) كلٌ على حدة كل واحد في أزمان مختلفة.
سؤال: هل هي لغوية معروفة أو خصوصية في القرآن الكريم؟
أصل اللغة ما ذكرنا والقرآن كسى بعض الكلمات دلالات خاصة به في سياق القرآن.
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
1- الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن: إن ألفاظ (الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن) بينهما تقارب دلالي، حيث تشترك في ملمحين دلاليين هما:( العلم المحيط، الرعاية ). وتفترق هذه الألفاظ في بعض الملامح الدلالية المميزة حيث يختص ( المهيمن ) بملمح القدرة والسيطرة . وينفرد ( الحفيظ بملمح دوام الرعاية ( التعهد )، ويشترك (الحفيظ والرقيب ) في ملمح دلالي غائب في (المهيمن)، هو المحاسبة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
2- (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) رقيب عتيد كيف يسجلا أعمالنا؟(د.فاضل السامرائى)
هنالك ملكان يسجلان ما يلفظ من قول تسجيل الأقوال الرقيب الذي يراقب كل حرف وكل كلمة وقيل كل عمل والعتيد هو الحاضر المهيأ (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) عتيد يعني حاضر، (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف) أي أحضرت، عتيد معناه حاضر مهيأ، إذن رقيب عتيد ملكان أحدهما يكتب الحسنات والآخر يكتب السيئات كل لفظة تصدر منه يكتبها هاذان الحسنة يكتبها أحدهما والآخر يكتب الآخر وقلوا ملك الحسنات هو الآمر الأول فيقال أنه إذا تكلم الشخص بكلمة فأراد أن يكتبها فيقال له تريث لعله يستغفر فإن لم يستغفر يقال له اكتبها، إذن رقيب عتيد هما ملكان لكل واحد، كل شخص هنالك ملكان موكلان به يكتب أحدهما الحسنات والآخر السيئات وهاتان صفتان للملكين. كل الملائكة رقيب عتيد فيكف يكون عَلَم؟ رقيب عتيد هذه صفة، العَلَم ما أطلق شيء ولم يتناول غيره ما أشبهه، كل واحد عنده رقيب عتيد فيكون يكون علماً؟ العَلَم يكون خاصاً. رقيب عتيد صفة رقيب من المراقبة كل حركة يراقبها وليس فقط كل قول، والآخر عتيد مهيأ حاضر لهذه المسألة إذن رقيب صفة مراقبة وعتيد من الحضور التهيأة كل واحد له هذان أحدهما موكل بكتابة الحسنات والآخر بكتابة السيئات ما يلفظ من قول إلا كتبه أحد هذين الملكين.
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)
1- قوله {وقال قرينه} وبعده {قال قرينه} لأن الأول خطاب الإنسان من قرينه ومتصل بكلامه والثاني استئناف خطاب الله سبحانه به من غير اتصال بالمخاطب الأول وهو قوله {ربنا ما أطغيته} وكذلك الجواب بغير واو وهو قوله {لا تختصموا لدي} وكذلك {ما يبدل القول لدي} فجاء الأول على نسق واحد . ( أسرار التكرار )
2- مسألة: قوله تعالى: (وقال قرينه هذا ما لدي عتيد) ثم قال: (قال قرينه ربنا ما أطغيته) بغير واو جوابه: قيل الأول: هو الملك من الحفظة، يقول للإنسان: أي ما لدى من أعمالك. والثاني: قرينه من الشياطين مخاطبا لربه تعالى. فانقطع الكلام عن الأول، فجاء مستقبلا بغير واو. ( كشف المعاني )
3- هل يمكن توضيح ما هو القرين؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
قد يكون من الإنس ومن الجن كما وضح ربنا تعالى والقرين هو المصاحب. (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات) هذا إنس، (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57)) هذا شيطان إنس. (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) الزخرف) هذا من الجن، (وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا (38) النساء) (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ (25) فصلت) قد يكون من الإنس وقد يكون من الجن. (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) يجوز من الإنس والجن لكن الدلالة واحدة وهي المصاحبة.
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27)
1- قوله {وقال قرينه} وبعده {قال قرينه} لأن الأول خطاب الإنسان من قرينه ومتصل بكلامه والثاني استئناف خطاب الله سبحانه به من غير اتصال بالمخاطب الأول وهو قوله {ربنا ما أطغيته} وكذلك الجواب بغير واو وهو قوله {لا تختصموا لدي} وكذلك {ما يبدل القول لدي} فجاء الأول على نسق واحد . ( أسرار التكرار )
قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)
1- الأوبة / التوبة / الإنابة : تشترك في معنى واحد وهو الرجوع . وأعم هذه الألفاظ ( آب – أوباً- أوبةً) فهو مطلق الشروع . التوبة تتميز بصدورها عن الذنب سواء أكانت رجوعا من العبد عن المعصية الى الطاعة , أو قبول الله توبة عبده . أم ندماَ على الذنب . أما الإنابة فهي رجوع الى الله, وإقبال عليه، وصدور عن أمره في كل قول وفعل . فتميز الإنابة بملمح الإقبال على الله والصدور عن أمره. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36)
1-في سورة ق (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)) لم عبّر عن الأمم الذين أُهلِكوا بالقرن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
ما هو القرن؟ أحد معانيه مائة عام وليس هو المعنى الوحيد. القرن هو القوم من الناس الذين يعيشون في زمن واحد، أي مجموعة من الناس يعيشون في زمن واحد يسمون القرن، في كتب اللغة القرن أهل زمان واحد.
إذا ذهب القرنُ الذي أنت فيهُمُ وخُلِّفت في قرنٍ فأنت غريب
إذا ذهب الناس الذين تعرفهم وعشت بينهم ونشأت بينهم وخلّفت في قوم آخرين فأنت غريب. إذن القرن ليس معناه فقط مائة سنة وإنما هذا أحد معاني القرن. القرن هم القوم المقترون في زمن واحد، الذين يعيشون في زمن واحد.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
1- مسألة: قوله تعالى: (والقرآن المجيد) أين المقسم عليه؟ جوابه: قيل: محذوف، تقديره: لتبعثن وقيل: المقسم عليه: (ق) مقدما على القسم لدلالته على الإعجاز. وقيل: (قد علمنا ما تنقص) ، وحذفت اللام للبعد بينهما. وقيل: (إن في ذلك لذكرى) . وقيل: غير ذللك.( كشف المعاني )
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)
1- اللُّغوب/ النَّصَب: إن لفظي “اللُّغوب – النَّصَب” متقاربان في الدلالة؛ حيث يشتركان في معنى التعب. ويتميَّز كلٌّ منهما بملمح دلالي فارق: فالنَّصَبُ: التعب والعناء نفسه أثناء مزاولة الأمر. واللغوب: الإعياء بعد الانتهاء من عمل شاقٍّ، ويكون في البدن والنفس.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
2-ما الفرق بين النصب واللغوب؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
النصب هو التعب والإعياء واللغوب هو الفتور وهو نتيجة النصب، نيجة النصب يفتر الإنسان. النصب أولاً ثم اللغوب. النصب تعب ثم نتيجة الإعياء يحصل فتور. وقسم من أهل اللغة يفرّق يقولون النصب تعب البدن واللغوب تعب النفس. قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38) ق) يعني أيّ فتور. في الجنة قال (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) فاطر). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) ما مسنا من لغوب يعني حتى الفتور ما مسّنا فكيف بالنصب؟! الشيء القليل ما مسنا فما بالك بالكثير؟ في التوراة قالوا خلق الله السماء والأرض في ستة أيام ثم تعب فارتاح يوم السبت!.
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)
1- قوله {قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} وفي طه {وقبل غروبها} لأن في هذه السورة راعى الفواصل وفي طه راعى القياس لأن الغروب للشمس كما أن الطلوع لها . ( أسرار التكرار )
وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
1- ما الفرق بين إدبار وأدبار؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة ق (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)) وقال في سورة الطور(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)).
الأدبار جمع دُبّر بمعنى خلف كما يكون التسبيح دُبُر كل صلاة أي بعد انقضائها وجاء في قوله تعالى في سورة الأنفال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)). أما الإدبار فهو مصدر فعل أدبر مثل أقبل إقبال والنجوم ليس لها أدبار ولكنها تُدبر أي تغرُب عكس إقبال.
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved