سورة فصلت

(بسم الله الرحمن الرحيم)

حم (1) تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إنني لكم منه نذير وبشير (2) هنا، وفى الأحزاب والبقرة وحم السجدة قدم البشارة؟ جوابه: لما قال هنا (ألا تعبدوا إلا الله) ناسب تقديم النذارة على عبادة غير الله تعالى، وفى الأحزاب والبقرة كان الخطاب له، فناسب كرامته تقديم البشارة، وكذلك في (حم) ناسب ذكر “الرحمة ووصف الكتاب ” تقديم البشارة والله أعلم. ( كشف المعاني )

2-             بشيرًا ونذيرًا / نذير وبشير قُدِّم الإنذار على البشارة في آية هود؛ لأنه متصل بقول الله عز وجل : {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}، والخطاب فيه للناس؛ فناسب ذلك تقديم الإنذار على البشارة   أمَّا في آيات البقرة والأحزاب والفتح فقدمت البشارة ؛ لمقام المخاطب ـ وهو النبي صلى الله عليه وسلم ـ كرامة له . وفى آية فصلت قدمت البشارة أيضًا لتقدم ذكر الرحمة، والبشارة رحمة؛ فناسب ذلك تقديم البشارة وتأخير الإنذار..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)

1-ما دلالة تكرار (هم) في الآية (وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) فى بعض السور بينما في سورة الأعراف لم يكرر (هم) (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45))؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نعرف الحكم النحوي لماذا التكرار؟ التكرار يفيد التوكيد. (هم كافرون) آكد من عدم ذِكر (هم). من أهم أغراض التكرار في اللغة التوكيد. إحدى الآيتين مؤكدة والأخرى ليست مؤكدة. نوضح المسألة أولاً في الأعراف (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)) من دون تكرار. لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله. نأخذ آية شبيهة بها في سورة هود (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)) كرّر (هم). لو لاحظنا الآيتين: زاد على الأولى الإفتراء على الله الكذب (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا) أما في الأولى فما قال وإنما قال (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا). في سورة هود قال (الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) زاد على الأولى الإفتراء على الله الكذب وكذبوا على ربهم. إذن زاد على الصد عن سبيل الله وبغيها عوجاً الكذب على الله هل له درجة واحدة؟ كلا. لو أردنا أن نضع (هم) نضعها في المكان الذي وضعت فيه لأن هؤلاء زادوا الافتراء والكذب على الله فاستحقوا التوكيد.

نأتي إلى سورة يوسف وآيات أخرى: في سورة يوسف (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)) أيّ الأشد، الكافر أو الظالم؟ الكافر أشد لأن الظالم قد يكون مسلماً. هناك قال (الظالمين) وهنا قال (كافرون) أيهما الأولى بالتوكيد؟ الكافرون أولى فوضع (هم) مع الكافرين.

في سورة فصلت (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)) من الأشدّ، المشرك أو الظالم؟ المشرك أشدّ فقال (وهم كافرون) إذن هو يؤكد حيث ينبغي التوكيد. أقل ما ذكر في الأعراف (وهم بالآخرة كافرون) فلم يؤكد وكل المذكور بعده أشدّ إما أن زاد الإفتراء على الله فكرر وأكّد وإما أنه وصفهم بالكفر وهو أشد من الظلم ووصفهم بالشرك وهو أعظم من الكُفر. إذن وضع كل تعبير في مكانه في البلاغة. التكرار يفيد التأكيد. زيادة في الكفر بالآخرة وإلا لم يؤكّد. هم أنفسهم يؤكدون مفرهم. يعني عذا أشد كفر لأن الكفر بعضه أشد من بعض وهو ليس مرتبة واحدة فلما ذكر أموراً أشدّ أكّد الكفر وكانوا أكثر كفراً وأبعد في الكفر (هم كافرون).

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)

1-             قوله تعالى: (خلق الأرض في يومين) ثم قال تعالى: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) ثم قال: (ثم استوى إلى السماء) … (فقضاهن سبع سماوات في يومين) فظاهره ثمانية أيام وقال تعالى في عدة مواضع (خلق السماوات والأرض في ستة أيام) جوابه: أنه أضاف اليومين اللذين دحي فيهما الأرض، وأخرج ماءها ومرعاها إلى اليومين اللذين خلق فيهما الأرض فصارت أربعة أيام. فقوله تعالى: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) إلى آخره، معطوف على (خلق الأرض) تقديره: خلق الأرض وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام. ( كشف المعاني )

وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)

1-             قوله تعالى {في أربعة أيام} أي مع اليومين الذين تقدما قوله {خلق الأرض في يومين} لئلا يزيد العدد على ستة أيام فيتطرق إليه كلام المعترض وإنما جمع بينهما ولم يذكر اليومين على الانفراد بعدهما لدقيقة لا يهتدي إليها كل أحد وهي أن قوله {خلق الأرض في يومين} صلة الذي و {وتجعلون له أندادا} عطف على قوله {لتكفرون} و {وجعل فيها رواسي} عطف على قوله {خلق الأرض} وهذا تفريع في الإعراب لا يجوز في الكلام وهو في الشعر من أقبح الضرورات لا يجوز أن يقال جاءني الذي يكتب وجلس ويقرأ لأنه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف بأجنبي من الصلة
فإذا امتنع هذا لم يكن بد من إضمار فعل يصح الكلام به ومعه فيضمر خلق الأرض بعد قوله {ذلك رب العالمين} فيصير التقدير ذلك رب العالمين خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ليقع هذا كله في أربعة أيام ويسقط الاعتراض والسؤال وهذه معجزة وبرهان.
( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (خلق الأرض في يومين) ثم قال تعالى: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) ثم قال: (ثم استوى إلى السماء) … (فقضاهن سبع سماوات في يومين) فظاهره ثمانية أيام وقال تعالى في عدة مواضع (خلق السماوات والأرض في ستة أيام) جوابه: أنه أضاف اليومين اللذين دحي فيهما الأرض، وأخرج ماءها ومرعاها إلى اليومين اللذين خلق فيهما الأرض فصارت أربعة أيام. فقوله تعالى: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) إلى آخره، معطوف على (خلق الأرض) تقديره: خلق الأرض وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام. ( كشف المعاني )

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)

1- كَرْه/ كُرْه: إن الملامح الدلالية المميِّزة للكَرْه في هذه الآيات: المشقة، والإجبار (ضد الطَّوْع والإرادة)، وعدم قبول النفس للأمر عن رضا. والملمح الأخير هو الملمح خاصة”. الفارق بين الكُره والكَرْه، حيث يشتركان في ملمحين هما:

الشدة والمشقة، كونه مفروضًا من الخارج. ويتميز المضموم بملمح الرِّضا، بينما يتميز المفتوح بعدم الرِّضَا. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)

1-             قوله تعالى: (خلق الأرض في يومين) ثم قال تعالى: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) ثم قال: (ثم استوى إلى السماء) … (فقضاهن سبع سماوات في يومين) فظاهره ثمانية أيام وقال تعالى في عدة مواضع (خلق السماوات والأرض في ستة أيام) جوابه: أنه أضاف اليومين اللذين دحي فيهما الأرض، وأخرج ماءها ومرعاها إلى اليومين اللذين خلق فيهما الأرض فصارت أربعة أيام. فقوله تعالى: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) إلى آخره، معطوف على (خلق الأرض) تقديره: خلق الأرض وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام. ( كشف المعاني )

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمْ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)

1-             قوله {ولو شاء الله لأنزل ملائكة} وفي حم فصلت {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة} لأن في هذه السورة تقدم ذكر الله وليس فيه ذكر الرب وفي فصلت تقدم ذكر رب العالمين سابقا على ذكر الله فصرح في هذه السورة بذكر الله وهناك بذكر الرب لإضافته إلى العالمين وهم جملتهم فقالوا إما اعتقادا وإما استهزاء {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة} فأضافوا الرب إليهم . ( أسرار التكرار )

فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)

1-             أعاد في قصة عاد {فكيف كان عذابي ونذر} لأن الأولى في الدنيا والثانية في العقبى كما قال في هذه القصة {لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى} وقيل الأول لتحذيرهم قبل إهلاكهم والثاني لتحذير غيرهم بهم بعد هلاكهم ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (في أيام نحسات) . وفى القمر: (في يوم نحس مستمر) وفى الحاقة: (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) . جوابه: أن ” اليوم ” يعبر به عن ” الأيام ” كقولهم: يوم الحرة، ويوم بعاث، وقد يراد به اليوم الذي بدأ به الريح، يقال: كان آخر أربعا في الشهر. ( كشف المعاني )

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)

وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)

1-             قوله {وأنجينا الذين آمنوا} وفي حم فصلت {ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} نجينا وأنجينا بمعنى واحد وخصت هذه السورة بأنجينا لموافقته لما بعده وهو {فأنجيناه وأهله} وبعده {وأمطرنا} {وأنزل} {فأنبتنا} كله على لفظ أفعل وخص حم فصلت بنجينا لموافقته ما قبله {وزينا} وبعده {قيضنا لهم} وكله على لفظ فعلنا . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم) وقال (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) . جوابه: أن ذلك في من علم الله تعالى أنه لا يؤمن. أو يكون عاما مخصوصا بمن علم الله ذلك منه. ( كشف المعاني )

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)

1-             قوله {حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم} وفي الزخرف وغيره {حتى إذا جاءنا} {حتى إذا جاءونا} بغير {ما} لأن حتى ههنا هي التي تجري مجرى واو العطف نحو قولك أكلت السمكة حتى رأسها أي ورأسها وتقدير الآية فهم يوزعون إذا جاءوها و {ما} هي التي تزاد مع الشروط نحو أينما وحيثما و {حتى} في غيرها من السور للغاية . ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم) وقال تعالى في النمل: (حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي) فحذف (ما) جوابه: أنه إذا أريد تحقيق جزاء الشرط لبعده من معناه أكد (بما) على عادتهم عند قصد التأكيد بزيادة الحروف، وإذا لم يكن الجزاء بعيدا من معنى الشرط لم يحتج إلى تأكيد. ولفظ “المجىء” لا يعقل منه، ولا يفهم شهادة السمع والبصر فاحتاج إلى تأكيد الشرط ب (ما) وسؤال الخلق عند مجيئهم في القيامة مفهوم منه لعلمهم أن الحشر لذلك فلم يحتج إلى توكيد. . ( كشف المعاني )

وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)

1- الخَبْءُ / الإخفاء/ الدَّس/ السَّتْر/المباراة: إن ألفاظ ” الخَبْءُ ـ الإخفاء ـ الدَّس ـ السَّتْر ـ المباراة” متقاربة دلالياً، فكلها تدل على الإخفاء والاستار، ويتميز كل منها بملمح دلالي فارق في الاستعمال القرآني، فالإخفاء :أعم هذه الألفاظ، وه الستر والكتمان . والخبء: إخفاء شيء ثمين . والدس : المبالغة في الإخفاء والستر . والستر: هو الوقاية والمنع. 2-الإخبات/ الخشوع إخفاء شيء يستحيا منه خاصة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنْ الأَسْفَلِينَ (29) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم) وقال تعالى فى السجدة (تتنزل عليهم الملائكة) الآيات. جوابه: أن آية السجدة: وردت بعد ما تقدم ذكر الكفار من الأمموعقابهم، فناسب ذلك بسب ما أعد للمؤمنين من النعم والأمن وثوابهم. وآية الأحقاف: مساقة على الاختصار، فناسب ما وردت به. ( كشف المعاني )

نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)

1- الشهوة / اللَّذَّة / الهوَى: إن هذه الألفاظ بينها تقارب دلالي حيث تشترك جميعها في معنى الحب والرغبة، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه : فالشهوة: تختص بالمحسوسات ولا يظهر أثر ذلك على البدن فهي الميل للذة ، وهو أمر نفسي لا بدني ، كما أن الشهوة تكون محمودة آناً ، وتكون مذمومة آناً أخرى .

واللذة: تختص بالمحسوسات التي تظهر آثارها على البدن كلذة الطعم ،ولذة النظر وغيرها. أما الهوى : فهو مصدر اللذة والشهوة ،ولذلك يختص بالآراء والأفكار والاعتقادات ،وهو مذموم دائماً لأنه يهوي بصاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33)

1- ابْتَهَلَ / دَعا : كلا اللفظين  يشتركان في معنى الطلب والسؤال ، إلا أن الابتهال خاص باجتماع القوم يدعون على الظالم أو الكاذب من الفريقين . بينما الدعاء عام في عدة معاني هي: (  التسمية – السؤال- الحث على قصد الشيء – الاستجابة)  . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)

1- الحظ/ النصيب: إن لفظي “حظ- نصيب” بينهما تقارب دلالي، فكلاهما مشتركان في ملمح القَسْم المُعَيَّن. ولكن النصيب عامُّ في الخير والشَّرِّ، بينما الحظُّ مختصٌّ بالفضل والخير.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

           وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)

1-             قوله {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} ومثله في الأعراف لكنه ختم بقوله {إنه سميع عليم} لأن الآية في هذه السورة متصلة بقوله {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} فكان مؤكدا بالتكرار وبالنفي والإثبات فبالغ في قوله {إنه هو السميع العليم} بزيادة {هو} وبالألف واللام ولم يكن في الأعراف هذا النوع من الاتصال فأتى على القياس المخبر عنه معرفة والخبر نكرة. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فاستعذ بالله إنه سميع عليم (200) . وفى حم السجدة: (إنه هو السميع العليم (36) ، بلام التعريف. جوابه: أن آية الأعراف نزلت أولا، وآية السجدة نزلت ثانيا، فحسن التعريف أي: هو السميع العليم الذي تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان. ( كشف المعاني )

3-             مسألة: قوله تعالى: (إنه هو السميع العليم (36) وفى الأعراف: (سميع عليم) تقدم جوابه في الأعراف. ( كشف المعاني )

4-             إنَّه سميع عليم/ إنَّه هو السميع العليم: وذلك لأنَّ آية الأعراف نزلت أولًا، وآية فصلت نزلت ثانيًا، فحَسُنَ التعريف في آية فصلت، أي: هو السميع العليم الذى تقدَّم ذكره أولًا عند نزوغ الشيطان. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)

1- الإخبات/ الخشوع / الخضوع/ التضرُّع / القنوت: تشترك جميعها في معنى الامتثال لأوامر الله ، وينفرد كلٌّ منها بملمح فارق على النحو التالي: حيث ينفرد الأخبات بملمح الخفاء. وينفرد الخشوع بظهور أثر ذلك في الصوت والبصر. وينفرد الخضوع بظهور أثر ذلك في البدن كله. وينفرد التضرُّع بملمح التذلُّل. وينفرد القنوت بملمح الطاعة والاستقامة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- خاشعة / هامدة:

إن لفظي “خاشعة- هامدة” بينهما تقارب دلالي؛ يشتركان في معنى عامٍّ هو: السكون والضعف والجدب، ويختص لفظ “خاشعة” بوروده في سياق لفت الأنظار إلى البعث والنشور وآيات الله المستحِقِّ للعبادة والتوحيد سبحانه وتعالى. بينما يختص لفظ “هامدة” بملمح إظهار التقابل بين الموت والحياة المزدهرة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)

1-             الغافر/ الغفور/ الغفار/ذو المغفرة/ أهل المغفرة : تشترك جميع هذه الألقاط في إثبات المغفرة لله عز وجل، وتختلف فيما بينها بملامح دلالية تميزها: فالغافر: تتميز بالجمع بين وصف المغفرة ،ووقوع هذه المغفرة وفاعلها هو الله، وهذه يدل على الثبات والتجدد معاً.( الغفور):تفيد دوام المغفرة وكثرتها ، وقدرة الله على ذلك.( الغفار): تفيد كثرة المغفرة وتكرارها ،وتجددها، وملازمتها، وتعدد متعلقاتها ودواعيها. والتعبير(ذو المغفرة) يفيد ملكية الله عز وجل للمغفرة مع قدرته على منعها أو منحها. أما التعبير( أهل المغفرة): يفيد الجدارة والاستحقاق لهذا الوصف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)

1-             قوله {ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم} وفي {حم عسق} بزيادة قوله {إلى أجل مسمى} وزاد فيها أيضا {بغيا بينهم} لأن المعنى تفرق قول اليهود في التوراة وتفرق قول الكافرين في القرآن ولولا كلمة سبقت من ربك بتأخر العذاب إلى يوم الجزاء لقضى بينهم بإنزال العذاب عليهم وخصت حمعسق بزيادة قوله {إلى أجل مسمى} لأنه ذكر البداية في أول الآية وهو {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم} وهو مبدأ كفرهم فحسن ذكر النهاية التي أمهلوا إليها ليكون محدودا من الطرفين. ( أسرار التكرار )

2-              ريب/شك/ مِرْيَة: تشترك جميعها في ملمح عام مشترك وهو انتفاء العلم. وتفترق كل منها بملمح دلالي مميز: فالريب : يتميز بالخوف والكراهة ويستعمل بمعنى آخر وهو الحدث أو النائبة . والشك: أعم هذه الألفاظ وهو استواء الطرفين أو الاحتمالين دون ترجيح لأحدهما. أما المرية فتتميز بملمح الجدال والعناد..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)

1-             قوله {وإن مسه الشر فيؤوس قنوط} وبعده {وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} لا منافاة بينهما لأن معناه قنوط من الضيم دعاء الله وقيل يئوس قنوط بالقلب دعاء باللسان وقيل الأول في قوم والثاني في آخرين وقيل الدعاء مذكور في الآيتين ودعاء عريض في الثاني. ( أسرار التكرار )

2-             القنوط/ اليأس: إن الاستعمال القرآني لكلمتي “اليأس-القُنُوط” يوردهما بمعنى متقارب، حيث يشتركان في ملمح فقدان الرجاء، وبين الكلمتين ملمح فارق هو أن اليأس محلُّه القلب، والقنوط ظهور آثار اليأس على البدن، وهو أشد وأبلغ من اليأس.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)

1-             قوله {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته} بزيادة {منا} و {من} وفي هود {ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته} لأن ما في هذه السورة بين جهة الرحمة وبالكلام حاجة إلى ذكرها وحذف في هود اكتفاء بما قبله وهو قوله {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} وزاد في هذه السورة {من} لأنه لما حد الرحمة والجهة الواقعة منها حد الطرف الذي بعدها ليتشاكلا في التحديدوفي هود لما أهمل الأول أهمل الثاني. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ولئن أذقناه رحمة منا) وقال في هود: هو – (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء) ولم يقل: (منا) . جوابه: أن آية هود تقدم فيها لفظ (منا) في قوله تعالى: (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه) فتركت ثانيا للدلالة عليها أولا. ولم يتقدم هنا ذلك. ( كشف المعاني )

3-             مسألة: قوله تعالى: (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن) وفى حم السجدة: (ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته) . جوابه: أن آية هود تقدمها: (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه) فأغنى عن إعادتها ثانيا، ولم يتقدم ذلك في حم السجدة فذكرها. ( كشف المعاني )

4-             مسألة: قوله تعالى: (ولئن رددت إلى ربي) وفى حم السجدة: (ولئن رجعت إلى ربي) ؟ . جوابه: بعد تنتويع الخطاب: أن في لفظ “الرد” من الكراهية للنفوس ما ليس في لفظ الرجوع فلما كان آية صاحب الكهف، وصف جنته بغاية المراد بالجنان، كانت مفارقته لها أشد على النفس من مفارقة صاحب حم السجدة لما كانت فيه، لأنه لم يبالغ في وصف ما كان فيه كما بالغ صاحب آية الكهف فناسب ذلك لفظ الرد هنا، ولفظ الرجوع ثمة. (كشف المعاني )

5-             قوله {ولئن رددت إلى ربي} وفي حم فصلت {ولئن رجعت إلى ربي} لأن الرد عن الشيء يتضمن كراهة المردود ولما كان في الكهف تقديره ولئن رددت عن جنتي هذه التي أظن ألا تبيد أبدا إلى ربي كان لفظ الرد الذي يتضمن الكراهة أولى وليس في حم ما يدل على الكراهة فذكر بلفظ الرجع ليقع في كل سورة ما يليق بها. ( أسرار التكرار )

6-             إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:

الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

7 – ضُرّ/ ضَرّ/ ضَرَر/ ضِرار/ ضَرَّاء:

تشترك جميعها في معنى الشدة والبلاء . ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه: الضُرّ : اسم لحالة البلاء وهو عام .الضَرّ: إحداث البلاء وإلحاقه بالغير. الضَرَر: العاهة ” والعمى خاصة” . أما الضَرَّاء فهو البلاء الذي يصيب البدن خاصة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

8- ما الفرق بين (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا (50) فصلت) و(وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً (48) الشورى) وما دلالة استعمال (لئن) و(إذا)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نعرف الفرق بين (إذا) و(إن). إذا تستعمل فيما هو كثير وفيما هو واجب و(إن) لما هو أقلّ عموم الشرط وقد يكون آكد وقد يكون مستحيل وقد يكون قليل، هذه القاعدة. الكثير نستعمل له (إذا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ (6) المائدة) الجُنُب أقل، (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (25) النساء) كل البنات محصنات، (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة). (إذا) إما للمقطوع به أو كثير الوقوع (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا (86) النساء) (إذ) تستعمل لما هو أقل أولما هو نادر أو لما ليس له وجود أصلاً. (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ (21) يونس) عموم الناس قد تصبهم رحمة. رحمة الله تعالى تصيب عموم الناس، وإذا مس الناس الضر دعوا ربهم، إذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها، هذا كثير. (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً) هذا واحد، (ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) هذه حالة أقل من الأولى، هذه حالة تربية (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) هذه فردية وليس فقط فردية وإنما يذيقه رحمة وينزعها منه. (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ (50) فصلت) (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) هود) هذه حالة فردية أما تلك فحالات عامة. في الحالة الفردية يستعمل (إن) وفي الحالة المطلقة يستعمل (إذا). حتى لما يذكر الصفات قال (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) تصبهم عام، ولئن أذقنا الإنسان هذه أقل. فالحالات الفردية القليلة يستعمل لها (إن) وفي الحالات العامة يستعمل (إذا).

وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)

1-             قوله {وإن مسه الشر فيؤوس قنوط} وبعده {وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} لا منافاة بينهما لأن معناه قنوط من الضيم دعاء الله وقيل يئوس قنوط بالقلب دعاء باللسان وقيل الأول في قوم والثاني في آخرين وقيل الدعاء مذكور في الآيتين ودعاء عريض في الثاني. ( أسرار التكرار )

2-             صَدَّ/صَدَفَ/ أعرض/تولَّى: تشترك جميع هذه الألفاظ في معنى عام هو البعد والترك ، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه عن غيره .فالصد: يتميز بدلالته عن صرف الغير ومنعه. والصدف أو ( الصدوف): يتميز بملمح الشدة والنفور. و(الإعراض):قد لا يكون في الشر ، فقد يكون المعرض تاركاً للشر ومجانباً له. و(التولي ) : كالإعراض إلا أن فيه ملمح التباعد ، فهو أشد من الإعراض . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)

1-             قوله {أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به} وفي الأحقاف {وكفرتم به} بالواو لأن معناه في هذه السورة كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنظر والتدبر الكفر فحسن دخول {ثم} وفي الأحقاف عطف عليه {وشهد شاهد} فلم يكن عاقبة أمرهم فكان من مواضع الواو . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به) وفى الأحقاف: (وكفرتم به) ؟ جوابه: أنه يجوز أن يكون (ثم) هنا للاستبعاد من الكفر مع العلم بكونه من عند الله فإن التخلف عن الإيمان بعد ظهور كونه من عند الله مستبعد عند العقلاء، ولذلك قال تعالى: من أضل ممن هو في شقاق بعيد) ، وهو كقوله تعالى: (ثم أنتم تمترون) و “الواو” في الأحقاف واو العطف بمعنى الجمع، وجواب الشرط مقدر تقديره: إن اجتمع كونه من عند الله وكفرتم به وشهادة الشاهد وإيمانه ألستم بكفركم ظلمة ودل عليه أن الله لا يهدى القوم الظالمين. ( كشف المعاني )

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved