سورة إبراهيم

(بسم الله الرحمن الرحيم)

الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)

1-             مسألة: قوله تعالى: (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم) وقال بعده: (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) ولم يقل: (بإذن ربهم) ؟ . جوابه: أن قصة موسى عليه السلام مضت وعرفت نبوته فلا حاجة إلى توكيدها بذلك. ونبوة النبى – صلى الله عليه وسلم – باقية، وكذلك دعاؤه إلى الله تعالى فناسب التوكيد لرسالته ونبوته بقوله تعالى: (بإذن ربهم) ( كشف المعاني )

اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)

1-             مسألة: قوله تعالى: (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم) وقال بعده: (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) ولم يقل: (بإذن ربهم) ؟ . جوابه: أن قصة موسى عليه السلام مضت وعرفت نبوته فلا حاجة إلى توكيدها بذلك. ونبوة النبى – صلى الله عليه وسلم – باقية، وكذلك دعاؤه إلى الله تعالى فناسب التوكيد لرسالته ونبوته بقوله تعالى: (بإذن ربهم) ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون وفى إبراهيم: (ويذبحون بالواو وفى الأعراف: (يقتلون؟ . جوابه: أنه جعل (يذبخون – هنا بدلا من يسومونكم، وخص الذبح بالذكر لعظم وقعه عند الأبوين، ولأنه أشد على النفوس. وفى سورة إبراهيم تقدم قوله تعالى: (وذكرهم بأيام الله) فناسب العطف على سوم العذاب للدلالة على أنه نوع آخر، كأنه قال: يعذبونكم ويذبحون، ففيه يعدد أنواع النعم التي. أشير إليها بقوله تعالى: (وذكرهم بأيام الله) . وقد يقال: آية البقرة والأعراف من كلام الله تعالى لهم فلم يعدد المحن. وآية إبراهيم من كلام موسي عليه السلام فعددها. وقوله تعالى: (يقتلون، هو في تنوع الألفاظ، ويحتمل أنه لما تعدد هنا ذكر النعم أبدل: (يذتحون) من (يسومون) ، وفى إبراهيم عطفه ليحصل نوع من تعدد النعم ليناسب قوله تعالى: اذكروا نعمة الله عليكم. ( كشف المعاني )

3-             قوله تعالى: (لكل صبار شكور) لم يقل “صبور ولا شكار فما فائدة ذلك التغاير وكلاهما للمبالغة؟ . جوابه: أن نعم الله تعالى مستمرة متجددة في كل حين وأوان فناسب (شكور) لأن صيغة “فعول ” تدل على الدوام كصدوق ورحوم وشبهه. وأما المؤلمات المحتاجة إلى الصبر عليها فليست عامة بل تقع في بعض الأحوال فناسب صبار، لأن: ” فعالا” لا يشعر بالدوام كنوام وركاب وأكال، ولمراعاة رؤوس الآية . ( كشف المعاني )

4-             صَبَّار/ شكور: جاءت كلمة (صَبَّار) على صيغة (فعَّال) الدالة على الكثرة، ولم تستعمل صيغة (صبور ـ فَعُول) الدالة على المداومة؛ لأنَّ الصبر يكون على المكروه والأذى، وهو شيء لا تُطِيق النفوسُ أن تَدُوم عليه، فاكتفى بالصيغة الدالَّة على الكثرة دون أن تدل على الدوام؛ رفقًا بالعباد ورعاية للجانب البشرى الضعيف في نفوسهم. وكأنَّ في الصيغة إيماءً إلى أنه يكفى كثرة الصبر ولا حاجة إلى الدوام عليه. بينما جاءت كلمة (شكور) على صيغة (فعول) وهى صيغة مبالغة تدل على الدوام، والشكر يكون على النعم، وهى متجددة في كل وقت، فتحتاج إلى الشكر في كل حين، فاختير لذلك الصيغة الدالة على الكثرة والدوام معًا. هذا مع مراعاة فواصل الآيات والجانب الموسيقى للألفاظ.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5-             النور/ الظلمات: في جميع المواضع التي وردت فيها كلمة “النور” في القرآن الكريم جاءت مفردة، بينما جاءت كلمة “الظلمات” في جميع المواضع جمعًا. والحكمة في ذلك أن النور مصدره واحد وهو الله سبحانه وتعالى. رأمَّا الظلمات فقد تعددت أسبابها ومصادرها، كالشياطين، والأصنام والأوثان، والأهواء، ورفاق السوء، ولهذا تعددت الظلمات تبعًا لتعدد مصادرها . ومن بديع القرآن وحكمة استعماله للكلمات أنه جمع الظلمات وأفرد النور؛ إبرازًا للتناقض بينهما، حتى من حيث اللفظ، فالتناقض بين النور والظلمة له عدة أوجه:

1) تناقض المصدر والمبدأ، فالنور مصدره إلهىٌّ، والظلمات مصادرها الشيطان والهوى والطاغوت ورفاق السوء.

2) تناقض المعنى، فالنور يعنى الإشراق، والهداية والإيمان، وكلُّها من عطاء الله، بينما الظلمات تعنى الكفر والمعصية والجهل والعذاب، وكلُّها شرور تجرُّ إليها شياطين الغواية والأهواء والضلال.

             3 ) تناقض لفظي، حيث جاء النور بصيغة المفرد، بينما جاءت الظلمات بصيغة الجمع..(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

   6- ما دلالة استخدام صيغة صبّار شكور ولماذا جاءت صبّار مقدّمة على شكور؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً كلمة صبّار الصبر إما أن يكون على طاعة الله أو على ما بصيب الإنسان من الشدائد. فالصلاة تحتاج إلى صبر وكذلك سائر العبادات كالجهاد والصوم. والشدائد تحتاج للصبر.

أما كلمة شكور: فالشكر إما أن يكون على النعم (واشكروا نعمة الله) أو على النجاة من الشّدّة (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) فالشكر إذن يكون على ما يصيب الإنسان من النِّعَم أو فيما يُنجيه الله تعالى من الشِّدّة والكرب.

والآن نعود للسؤال لماذا قدّم الصبر على الشكر؟

إضافة إلى هذا فإنه إذا نظرنا في القرآن كله نجد أنه تعالى إذا كان السياق في تهديد البحر يستعمل (صبّار شكور) وإذا كان في غيره يستعمل الشكر فقط. ففي سورة لقمان مثلاً قال تعالى في سياق تهديد البحر (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)) وفي سورة الشورى (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33))

أما في سورة الروم فقد قال تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)) فجاء بالشكر فقط وكذلك في سورة النحل (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)).

وهناك أمر آخر وهو أن كلمة صبّار لم تأت وحدها في القرآن كله وإنما تأتي دائماً مع كلمة شكور وهذا لأن الدين نصفه صبر ونصفه الآخر شكر كما في قوله تعالى في سورة ابراهيم (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)).

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)

1-             قوله {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا} وقال في سورة إبراهيم {وإذ قال موسى لقومه اذكروا} لأن تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به ولما كان ما في هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد وهو قوله {جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} صرح فقال يا قوم ولموافقته ما قبله وما بعده من النداء وهو قوله {يا قوم ادخلوا} {يا موسى إنا} ولم يكن ما في إبراهيم بهذه المنزلة فاقتصر على حرف الخطاب.

2-             قوله {ويذبحون} بواو العطف قد سبق والله أعلم. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا) جوابه: تقدم في المائدة مثيله. ( كشف المعاني )

4-             مسألة قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم) وفى إبراهيم: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا) بغير نداء؟ جوابه: أن الخطاب بحرف النداء واسم المنادى أبلغ وأخص في التنبيه على المقصود، وفيه دليل على الاعتناء بالمنادى، وتخصيصه بما يريد أن يقوله له. فلما كانت آية المائدة في ذكر أشرف العطايا من النبوة والملك وإيتاء ما لم يؤت أحدا من العالمين وهو المن والسلوى وهم ملتبسين به حالة النداء حق لها وناسب مزيد الاعتناء بالنداء، وتخصيص المنادى، ولذلك أيضا قال: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) لأن ذلك من أعظم النعم عليهم، فناسب التخصيص بذكر المنادى. ولما كانت آية إبراهيم بذكر ما أنجاهم الله تعالى منه من قبل فرعون وكان ذلك مما مضى زمانه لم يأت فيه بمزيد الاعتناء كما تقدم في المائدة ( كشف المعاني )

5-             يسومونكم سوء العذاب يُذَبِّحون أبناءكم / يسومونكم سوء العذاب ويُذَبِّحون أبناءكم: جملة {يُذَبِّحُونَ} في آية البقرة بدل من {يَسُومُونَكُمْ}، وخُصَّ الذبح بالذكر لعِظَم وقعه عند الأبوين؛ ولأنه أشد على النفوس. وفى إبراهيم تقدم قوله عز وجل: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} إبراهيم/5؛ فناسب العطف على سوم العذاب، للدلالة على أنه نوع آخر، كأنه قال: يعذبونكم ويذبحون. ففيه يعدِّد أنواع النِّعَم التي أشير إليها بقوله تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}، ليحصل نوع من تعدُّد النعم بأنْ أنجاهم من محن متعدِّدة.ـ ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

6-             يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم / اذكروا نعمة الله عليكم: جاء النداء بـ “يا قوم” في آية المائدة؛ لأنه أبلغ وأخَصُّ في سياق التنبيه، وفيه إشارة إلى العناية بالمنادَى واختصاصه بالخطاب، فكان النداء مناسبًا هنا؛ لأن آية المائدة تذكر أعظم النعم وأشرفها على بنى إسرائيل: من إعطائهم النبوة، والملك، والمنِّ والسَّلوَى؛ ولذلك تكرر النداء أيضًا في الآية التالية: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}. أما آية إبراهيم فجاءت في سياق ذكر إنقاذ الله لبنى إسرائيل من بطش فرعون، وقد مضى على ذلك زمان، فهي نِعَمٌ غائبة عن أذهانهم وليست حاضرة كنعم النبوَّة والملك والمنِّ والسَّلْوَى؛ فناسب هنا حذف النداء. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

7-              (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) البقرة) ومرة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) إبراهيم) ما الفرق بين يذبّحون و (ويذبّحون)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيتين: في سورة البقرة قال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)) وفي سورة إبراهيم قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)). في البقرة جعل سوء العذاب هو تذبيح الأبناء (بَدَل)، وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، ما هو سوء العذاب؟ يذبحون أبناءكم، هذه بدل من يسومونكم، هذه الجملة بدل لما قبلها فسّرتها ووضحتها، البدل يكون في الأسماء والأفعال وفي الجُمَل، إذن (يذبّحون أبناءكم) تبيين لسوء العذاب فنسميها جملة بَدَل. في سورة إبراهيم قال (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) إذن هنا ذكر أمران سوء العذاب بالتذبيح وبغير التذبيح، سيدنا موسى يقول لبني إسرائيل أن الله سبحانه تعالى أنجاهم من آل فرعون من أمرين: يسومونهم سوء العذاب هذا أمر والتذبيح هذا أمر آخر. كان التعذيب لهم بالتذبيح وغير التذبيح باتخاذهم عبيداً وعمالاً وخدماً فيعذبونهم بأمرين وليس فقط بالتذبيح وإنما بالإهانات الأخرى فذكر لهم أمرين. إذن يسومونكم سوء العذاب هذا أمر، ويذبحونكم أبناءكم هذا أمر آخر، إذن بالتذبيح وفي غير التذبيح، سوء العذاب هذا أمر ويعذبونهم عذاباً آخر غير التذبيح. موسى يذكِّرهم بنعم الله عليهم ( اذكروا نعمة الله عليكم) فيذكر لهم أموراً. ربنا تعالى قال في سورة البقرة (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وفي إبراهيم قال على لسان سيدنا موسى (إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) أنجاكم ولم يقل هنا نجّاكم. هناك فرق بين فعّل وأفعل، نجّى يفيد التمهل والتلبّث والبقاء مثل علّم وأعلم، علّم تحتاج إلى وقت أما أعلم فهو إخبار، فعّل فيها تمهل وتلبّث. موسى يعدد النعم عليهم فقال (أنجاكم) فأنهى الموضوع بسرعة. كما قال (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) البقرة) لأنهم لم يمكثوا في البحر طويلاً فقال أنجيناكم. حتى في إبراهيم قال (فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ (24) العنكبوت) لم يقل نجّاه لأنه لم يلبث كثيراً في النار.

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)

1-             مسألة: قوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ولم يقل بعده: “لأعذبنكم أشد عذاب ” كما قال (لأزيدنكم) جوابه: من وجهين: الأول: حسن المخاطبة في التصريح بالزيادة في الخير، ولم يصرح بالعذاب في المخاطبة. الثاني: لو صرح بخطابهم بذلك لم يكن صريحا بدخول غيرهم في ذلك الحكم فعدل عن إضافة ذلك إليهم ليفيد عمومه في كل كافر مطلقا. ( كشف المعاني )

وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)

1-             قوله {وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} وفي إبراهيم {وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} لأنه في السورتين جاء على الأصل وتدعونا خطاب مفرد وفي إبراهيم لما وقع بعده {تدعوننا} بنونين لأنه خطاب جمع حذف منه النون استثقالا للجمع بين النونات ولأن في إبراهيم اقترن بضمير قد غير ما قبله بحذف الحركة وهو الضمير المرفوع في قوله {كفرنا} فغير ما قبله في إننا بحذف النون وفي هود اقترن بضمير لم يغير ما قبله وهو الضمير المنصوب والضمير المجرور في قوله {فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا} فصح كما صح . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {وإنا} بنون واحدة و {تدعوننا} بنونين على القياس وقد سبق في هود. ( أسرار التكرار )

1-             وإنا لفي شك مما تدعوننا اليه / وإننا لفي شك مما تدعونا اليه في آية هود (62) أثبتت نون الوقاية مع ( إن) وحذفت من الفعل المضارع (تدعونا)، على العكس في آية إبراهيم ، حيث تجاورت الكلمتان في القرآن كلما أثبتت النون في (إننا) حذفت من الفعل المضارع (تدعونا) وكلما حذفت من (إنا) أثبتت في الفعل المضارع (تدعوننا).( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              ما الفرق بين النبأ والخبر؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

النبأ كما يقول أهل اللغة أهم من الخبر وأعظم منه وفيه فائدة مهمة (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) النمل) وفي القرآن النبأ أهم من الخبر (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) ص) (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) النبأ). والنبأ في اللغة هو الظهور وقد استعمل القرآن الكريم كلمة خبر مفردة في موطنين في قصة موسى (29) القصص) (7) النمل) وهناك فرق بين الخبر والنبأ العظيم. وفي أخبار الماضين والرسل استعمل القرآن نبأ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) ابراهيم).

والصيغة الفعلية للنبأ (أنبأ) أقوى أيضاً منها للخبر (أخبر) (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الكهف).

3-            

قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)

1- يغفر لكم ذنوبكم / يغفر لكم من ذنوبكم: هناك ثلاثة مواضع في القرآن الكريم خوطب بها الكافرون بشأن غفران ذنوبهم، “مِن” في هذه الآيات مستعملة للدلالة على التبعيض؛ لأن الخطاب للكفار، فلم يُسَوِّ القرآن بينهم وبين المؤمنين، وإنما خاطب المؤمنين في شأن غفران الذنوب فلم تستعمل “مِن” كما في قول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11)

1-             مسألة: قوله تعالى: (قالت لهم رسلهم) . ولم يقل: قالوا لرسلهم؟ . جوابه: أن التصريح باللام آكد في تبليغ الرسالة لهم فناسب ذكرها في سياق الرسل. ( كشف المعاني )

2-             قوله {فليتوكل المؤمنون} وبعده {فليتوكل المتوكلون} لأن الإيمان سابق على التوكل لأن على من صفة القدرة ولأن {مما كسبوا} صفة لشيء وإنما قدم مما كسبوا في هذه السورة لأن الكسب هو المقصود بالذكر فإن المثل ضرب للعمل يدل عليه ما قبله {أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء}. ( أسرار التكرار )

وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)

1-             قوله {فليتوكل المؤمنون} وبعده {فليتوكل المتوكلون} لأن الإيمان سابق على التوكل لأن على من صفة القدرة ولأن {مما كسبوا} صفة لشيء وإنما قدم مما كسبوا في هذه السورة لأن الكسب هو المقصود بالذكر فإن المثل ضرب للعمل يدل عليه ما قبله {أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء}. ( أسرار التكرار )

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18)

1-             قوله تعالى {لا يقدرون مما كسبوا على شيء} وقال في البقرة {لا يقدرون على شيء مما كسبوا} لأن الأصل ما في البقرة ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل) الآية. وقال في سورة الأنعام: (فله عشر أمثالها) جوابه: أن هذه خاصة في النفقة في سبيل الله. وأية الأنعام: في مطلق الحسنات من الأعمال، وتطوع الأموال قوله تعالى: (لا يقدرون على. وفى سورة إبراهيم: (لا يقدرون على شيء مما كسبوا) وفى سورة إبراهيم (لا يقدرون مما كسبوا على شيء) جوابه: أن المثل هنا للعامل، فكان تقديم نفى قدرته وصلتها أنسب، لأن (على) من صلة القدرة. وآية إبراهيم عليه السلام: ” المثل ” للعمل، لقوله تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم) تقديره: مثل أعمال الذين كفروا، فكان تقديم (مما) تقديم نفى ما كسبوا أنسب لأنه صلة (شيء) وهو الكسب. (كشف المعاني )

3-             لا يقدرون على شيء مما كسبو ا /   لا يقدرون مما كسبوا على شيء::   المثل في آية البقرة للعامل؛ فكان تقديم نفى قدرته والجار والمجرور المتعلِّقَيْن به أنسب؛ لأن {عَلَى} هنا متصلة بالفعل “يقدرون”. وفى آية إبراهيم عليه السلام المثل للعمل؛ لقوله عز وجل: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ}، تقديره: مثل أعمال الذين كفروا؛ فكان تقديم {مِمَّا} أنسب؛ لأنَّه متعلِّق بـ {شَيْءٍ}، وهو الكسب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)

1-  ما الفرق بين أتباع وأشياع؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الأشياع هم أتباع الرجل على جماعة واحدة والأتباع هم أنصار الرجل لكن ما الفرق؟ الأشياع أنصار أيضاً لكن الأشياع أعمّ قال تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (51) القمر) المخاطَب زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أشياعهم الأمم السابقة، نحن أشياع سيدنا محمد وأتباعه الذين معه وقتها. القرآن الكريم لم يستعمل التبع إلا من كان مع الرسول وقتها، كل أتباع الرجل من كان معه (فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا (21) إبراهيم). الأشياع ليس بالضرورة واستعملها الله تعالى للمتقدم والمتأخر، تكلم عن سيدنا نوح عليه السلام (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)) ثم قال (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) الصافات) أين إبراهيم من نوح ؟ من شيعته أي من شيعة نوح، صحيح الفروع مختلفة لكن أصل الرسالة واحدة. سيدنا نوح كان أسبق بكثير من إبراهيم. فالأشياع أعمّ من الأتباع، الأتباع من كانوا معه فقط ولا يستعمل للمتأخر. التبع يكون معه والأشياع عامة وفي القرآن يستعمل الأشياع أعمّ من التبع.

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)

1- تثريب /  لوم : اللفظان يشتركان في معنى ابداء عدم الرضا بالفعل. ويختص التثريب بملمح الشدة وملمح التقبيح، بينما اللوم غير عنيف فهو أقرب الى العتاب الرقيق . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ (23) أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)

1-             قوله {ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} ومثله في الروم 34 وفي العنكبوت {وليتمتعوا فسوف يعلمون} باللام والياء أما التاء في السورتين فبإضمار القول أي قل لهم تمتعوا كما في قوله {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} وكذلك {قل تمتع بكفرك قليلا} وخصت هذه بالخطاب لقوله {إذا فريق منكم} وألحق ما في الروم به وأما في العنكبوت فعلى القياس عطف على اللام قبله وهي للغائب. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) فرق بين (خلق) و (جعل) ؟ . جوابه: أن السموات والأرض أجرام، فناسب فيهما: (خلق) والظلمات والنور أعراض ومعان فناسب فيهما: (جعل)
__________
(1) هكذا فى الأصل، ولعل الصواب: ولما تقدم فى المجادلة كتب الإيمان فى قلوبهم وتأييدهم بروح منه، أكده بقوله (رضي الله عنهم ورضوا عنه) . والله أعلم. ومثله كثير كقوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادا) أي لا تصفوا، (وجعلوا لله شركاء) وهو كثير. ( كشف المعاني )

قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ (32)

1-             قوله {أنزل من السماء ماء} وفي النمل {وأنزل لكم من السماء ماء} بزيادة لكم لأن {لكم} في هذه السورة مذكور في آخر الآية فاكتفى بذكره ولم يكن في النمل في آخرها فذكر في أولها وليس قوله {ما كان لكم} يكفى عن ذكره لأنه نفى ولا يفيد معنى الأول. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وأنزل من السماء ماء) وفى النمل: (وأنزل لكم من السماء ماء)) ؟ . جوابه: أنه لما قال هنا: (رزقا لكم) وإقرانها بالرزق أبلغ في النعمة والمنة أغنى ذكرها آخرا عن ذكرها أولا. وفى النمل: صدرها مع (أنزل) للمنة وليس ثم ما يغنى عنها بالمنة عليهم. ( كشف المعاني )

3- وأنزل من السماء ماءً / وأنزل لكم من السماء ماءً: لما قال هنا: {رِزْقًا لَكُمْ}، وإقرانها بالرزق أبلغ في النعمة والمنَّة؛ أغنى ذكرها آخرًا عن ذكرها أولًا. وفى النمل صدَّرها مع { وَأَنْزَلَ} للمنَّة، وليس ثَمَّ ما يُغنى عنها في المنة عليهم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)

1- كفار/كفور: إن كلمة (كَفَّار) تفيد التكرار والتجدُّد والاستمرار والملازمة، بينما كلمة (كَفُور) تفيد المبالغة التي ليس بعدها مزيد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

2-  ما الفرق بين ختام الآيتين (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا يتعلق بالسياق. سياق آية ابراهيم في وصف الإنسان وذكر صفات الإنسان فختم الآية بصفة الإنسان، آية النحل في سياق صفات الله فذكر ما يتعلق بصفات الله. في إبراهيم قال (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) الكلام كله في صفات الإنسان إلى أن يقول (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)) مناسب لما ذكر من صفات الإنسان. في النحل يتكلم عن صفات الله والنعم (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)) يتكلم عن صفات الله تعالى والنِعَم. إذن لما تكلم على صفات الله والنعم التي ذكرها قال (إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ولما تكلم عن صفات الإنسان قال (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) فكل فاصلة مناسبة للسياق الذي وردت فيه.

3-

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)

1-  قوله {رب اجعل هذا بلدا آمنا} وفي إبراهيم {هذا البلد آمنا} لأن {هذا} هنا إشارة إلى المذكور في قوله {بواد غير ذي زرع} قبل بناء الكعبة وفي إبراهيم إشارة إلى البلد بعد الكعبة فيكون {بلدا} في هذه السورة المفعول الثاني و {آمنا} صفته {وهذا البلد} في إبراهيم المفعول الأول و {آمنا} المفعول الثاني وقيل لأن النكرة إذا تكررت صارت معرفة وقيل تقديره في البقرة البلدا بلدا آمنا فحذف اكتفاء بالإشارة فتكون الآيتان سواء. ( أسرار التكرار )

2-  قوله تعالى: (رب اجعل هذا بلدا آمنا) . وفى إبراهيم: (هذا البلد آمنا) .
جوابه: أن البقرة دعي بها عند ترك إسماعيل وهاجر في الوادي قبل بناء مكة وسكنى جرهم فيها. وآية إبراهيم بعد عوده إليها وبناها (1) . (كشف المعاني )

3- الصَّنَم/ الوَثَن: إن لفظي “الصنم ـ الوثن” بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنهما يشتركان في عدة ملامح دلالية هي: أن كليهما جسم مادِىّ. وأنه يتخذ إلهًا معبودًا من دون الله. ويختلفان في بعض الملامح الفارقة، حيث إن الصنم: لا بُدَّ أن يكون مُصَوَّرًا منحوتًا. ولا بد أن يُصنع من خشب أو نحاس أو فضة أو ذهب. أما الوثن فهو مجرد حجر لا صورة له ولا نقش. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4- ربِّ اجعلْ هذا بلدًا آمنًا / ربِّ اجعلْ هذا البلدَ آمنًا: المشار إليه في آية البقرة هو المكان الذى أقيمت عليه مكة؛ أي لم تكن مكة قد بُنِيَتْ بَعْدُ؛ ولذلك جاء المشار إليه نكرة: {بَلَدًا}، وسياق الآية في دعاء إبراهيم عليه السلام عندما ترك هاجر وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ في ذلك الوادي. أما الآية الثانية فقد جاء المشار إليه فيها معرفة: {الْبَلَدَ}؛ لأنه ذُكِر في دعاء إبراهيم عليه السلام لمكة بعد رجوعه إليها وبنائها، فالمشار إليه معرفة موجود بالفعل. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5-  ما دلالة التعريف والتنكير في كلمة بلد بين الآية في سورة البقرة )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا) وسورة إبراهيم )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا( ؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى:

الآية الأولى هي دعاء سيدنا ابراهيم قبل أن تكون مكة بلداً فجاء بصيغة التنكير (بلداً) أما الآية الثانية فهي دعاء سيدنا ابراهيم بعد أن أصبحت مكة بلداً معروفاً فجاء بصيغة التعريف في قوله (البلد).

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)

1-  قوله {رب اجعل هذا بلدا آمنا} وفي إبراهيم {هذا البلد آمنا} لأن {هذا} هنا إشارة إلى المذكور في قوله {بواد غير ذي زرع} قبل بناء الكعبة وفي إبراهيم إشارة إلى البلد بعد الكعبة فيكون {بلدا} في هذه السورة المفعول الثاني و {آمنا} صفته {وهذا البلد} في إبراهيم المفعول الأول و {آمنا} المفعول الثاني وقيل لأن النكرة إذا تكررت صارت معرفة وقيل تقديره في البقرة البلدا بلدا آمنا فحذف اكتفاء بالإشارة فتكون الآيتان سواء. ( أسرار التكرار )

رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)



مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)

1- القاهر/ القهَّار: القاهر: اسم فاعل من القهر. والقهار: صيغة مبالغة من القهر.

والاسمان يشتركان في وصف الله عز وجل بصفة القهر، أي: الغلبة والعُلُوّ والقدرة على ما أراد طوعًا وكرهًا

إلَّا أن اسم الفاعل يدل على التجدُّد والحدوث؛ لمشابهته الفعل، فالمراد بالقاهر مجرد إثبات صفة القهر الله عز وجل وتجدُّد تلك الصفة . أما القهَّار فيدل على المبالغة في القهر كمًّا وكيفًا.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52)

1--ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة ابراهيم آية 52 و(بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

كلمة بلاغ في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ . أما في سورة ابراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) آية 42.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved