سورة الصف

(بسم الله الرحمن الرحيم)

 

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)

1-             قوله تعالى {سبح لله} وكذلك الحشر والصف ثم {يسبح} في الجمعة 1 والتغابن 1 هذه الكلمة استأثر الله بها فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل الإسراء لأنه الأصل ثم بالماضي لأنه أسبق الزمانين ثم بالمستقبل ثم بالأمر في سورة الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها وهي أربع المصدر والماضي والمستقبل والأمر للمخاطب . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى هنا: (سبح لله) وفى الحشر والصف كذلك بصيغة الماضي وفى الجمعة والتغابن: (يسبح) بصيغة المضارع؟ . جوابه: لما أخبر أولا بأنه سبح له ما في السموات وما في الأرض أخبر أن ذلك التسبيح دائم لا ينقطع، وبأنه باق ببقائه، دائم بدوام صفاته الموجبات لتسبيحه. ( كشف المعاني )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3)

1- البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)

1-             قوله {ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب} بالألف واللام في غرها {افترى على الله كذبا} بالنكرة لأنها أكثر استعمالا في المصدر في المعرفة وخصت هذه السورة بالمعرفة لأنه إشارة إلى ما تقدم من قول اليهود والنصارى ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب) بالألف واللام وسائر المواضع: افترى على الله كذبا) منكرا. جوابه: أن المراد بآية الصف: كذب خاص وهو جعلهم البينات سحرا والمراد في بقية المواضع: أي كذب كان، وعطف عليه (أو كذب بآياته) أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء) (أو كذب بالحق) وشبه ذلك. ( كشف المعاني )

3-             افترى على الله الكذب/ افترى على الله كذبًا: المراد بآية الصف كذب خاص، وهو جعلهم البينات سحرًا، والمراد في بقية المواضع: أي كذب كان؛ ولذلك نُكِّر وعُطِفَ عليه: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} الأنعام/٢١، {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ} الأنعام/ ٩٣، {أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ} العنكبوت/٦٨. وشبه ذلك.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)

1-             قوله {يريدون أن يطفئوا نور الله} وفي الصف {ليطفئوا} هذه الآية تشبه قوله {إنما يريد الله أن يعذبهم} و {ليعذبهم} حذف اللام من الآية الأولى لأن مرادهم إطفاء نور الله بأفواههم والمراد الذي هو المفعول به في الصف مضمر تقديره ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ليطفئوا نور الله واللام لام العلة وذهب بعض النحاة إلى أن الفعل محمول على المصدر أي إرادتهم لإطفاء نور الله. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {ليطفئوا} باللام لأن المفعول محذوف وقيل اللام زيادة وقيل محمول على المصدر ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) . وفي الصف: (ليطفئوا) . جوابه: أن (يطفئوا) هو مفعول يريدون وفى الصف مفعوله محذوف تقديره: يريدون الافتراء لأجل أن يطفئوا نور الله بأفواههم أى بتحريفهم الكتاب وما يقولونه من الرد على النبى – صلى الله عليه وسلم -. ويؤيد ما قلناه من إظهار المفعول وحذفه في الصف ما ختم به الآيتان وظهر ذلك بالتدبر ( كشف المعاني )

4-             يريدون أن يطفئوا نور الله / يريدون ليطفئوا نور الله: استُعمِلت الأداة “أنْ” لربط الجملتين “يريدون، يطفئوا” في آية التوبة؛ لأن “أنْ” وما بعدها في تأويل مصدر في موقع مفعول “يريدون”، والتقدير: يريدون إطفاء نور الله. بينما استعملت اللام في آية الصف؛ لأن المفعول محذوف تقديره: يريدون الافتراء؛ لأجل إطفاء نور الله بأفواههم. واللام هي الحرف المناسب للدلالة على العِلِّية. ويظهر هذا في ختام الآيتين، فآية التوبة ختمت بقول الله عز وجل: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .بينما ختمت آية الصف بقوله عز وجل: {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} . فلما أُظْهِرت “أنْ” في بدء آية التوبة؛ أظهرت في ختامها، وحيث لم تظهر في بدء آية الصف؛ لم تُذكَر في ختامها. وهذا من بديع التناسق التركيبي والتوازن الرائع بين جمل القرآن الكريم. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)

1- دَلَّ / أَرْشَدَ / هَدَى: إن لفظ “الهُدَى” ومشتقاته في القرآن الكريم يتميز بملامح دلالية ليست للدلالة و والإرشاد، وهذه الملامح الفارقة هي: اللطف، قد يكون بالبيان والتعريف كالدلالة والإرشاد، ولكن تختص الهداية بالتوفيق والإلهام. تستعمل الهداية في معنى الثواب وحسن الخاتمة. بينما الدلالة عامَّة في معنى البيان والتعريف، بقصد أو بغير قصد، إلى الخير أو إلى الشر. والإرشاد أخص من الدلالة؛ لأنه مقصور على بيان الخير والحق والنفع، دون الشر ). معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11)

يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)

1-             قوله {ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} هذه الكلمات تقع على وجهين أحدهما {ذلك الفوز} بغير {هو} وهو في القرآن في ستة مواضع في براءة موضعان وفي يونس والمؤمن والدخان والحديد وما في براءة أحدهما بزيادة الواو وهو قوله {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} وكذلك ما في المؤمن بزيادة الواو والجملة إذا جاءت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءت مربوطة بما قبلها إما بواو العطف وإما بكناية تعود من الثانية إلى الأولى وإما بإشارة فيها إليها وربما يجمع بين الإثنين منها والثلاثة للدلالة على مبالغة فيها ففي براءة {خالدين فيها ذلك الفوز} {خالدين فيها أبدا ذلك الفوز} وفيها أيضا {ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز} فجمع بين اثنين وبعدها {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} فجمع بين الثلاثة تنبيها على أن الاستبشار من الله تعالى يتضمن رضوانه والرضوان يتضمن الخلود في الجنان قلت ويحتمل أن ذلك لما تقدمه من قوله {وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن} ويكون كل واحد منها في مقابلة واحد وكذلك في المؤمن تقدمه {فاغفر} {وقهم} {وأدخلهم} فوقعت في مقابلة الثلاثة. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {يغفر لكم ذنوبكم} جزم على جواب الأمر فإن قوله {تؤمنون} محمول على الأمر أي آمنوا وليس بعده {من} ولا {خالدين} ( أسرار التكرار )

وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved