سورة الزخرف
(بسم الله الرحمن الرحيم)
حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)
1- ما الفرق بين أنزلناه (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) وجعلناه (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) الزخرف)؟
/ اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :
في سورة يوسف ذكر ما يتعلق بالإنزال، قال (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)) هذا إنزال، (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) أنزل هذا الخبر، أنزل هذه القصة لأنها كانت مجهولة عند العرب أصلاً لذلك رب العالمين عقّب عليها (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ (102) وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) ما كان معلوماً وقد أُثير سؤال (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7)) وكان سؤال اليهود: ما الذي أحلّ بني إسرائيل مصر؟ هذا سؤالهم للرسول وهذا إختبار وهم يعلمون أنه أميّ ليس عنده علم بالتوراة فسألوه وهو في مكة لكن بعثوا من يسأله من باب التحدي “ما الذي أحلّ بني إسرائيل مصر؟” فتنزل سورة كاملة للإجابة على التحدي فيبيّن لليهود أنه يعلم دقائق الأمور وفصّلها أوفى مما في التوراة. ليس هذا فقط وإنما إختار عبارات إعجازية ليست في التوراة وحتى لو كان مطلعاً على التوراة وحفظها لكان ما ذكره في القرآن أوفى. التوراة لم تذكر العزيز أبداً وإنما تذكر رئيس الشُرَط أو تذكر إسمه. القرآن سماه العزيز ثم عرفنا مؤخراً أن هذه أدق ترجمة لما كان يُطلق على صاحب هذا المنصب في ذلك الوقت. كان يسمى “عزيز الإله شمس” إسم صاحب هذا المنصب مؤخراً عرفناه، ربنا لم يقل “عزيز إله شمس” لأن هذا يكون إقراراً بأن الشمس إله. فأدق ترجمة بما يتناسب مع العقيدة الإسلامية (العزيز) التوراة ليس فيها العزيز. من أعلَم هذا الرجل الأميّ بهذه التسمية؟ التوراة تذكر دائماً موسى وفرعون والقرآن لم يذكر فرعون مع قصة يوسف وإنما يذكر الملك مع يوسف ثم عرفنا فيما بعد (من حجر رشيد) وعرفنا أن الملوك في مصر قسمان: قسم إذا كان من أصل مصري يسموه فرعون وإذا كان من الهكسوس يسموه ملك فهو ملك وليس فرعون والذي كان في زمن يوسف كان من الهكسوس فسمي ملك فهو الملك وليس فرعون. في زمن موسى كان الملك مصرياً فسمي فرعون. القرآن لا يذكر (سيدها) بمعنى الزوج إلا في قصة يوسف قال (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ (25)) بمعنى زوجها. ليس في القرآن (سيدها) بمعنى زوجها وعرفنا فيما بعد أن (سيدها) كان يستعملها الأقباط للرجال والبعول وقرأت في الكتب أن كلمة (سيدها) ليست عربية وإنما هي قبطية، إستعمالها للزوج لا تستعملها العرب وإنما هي من كلام الأقباط بمعنى بعل أو زوج. نحن عندنا ساد يسود، لكن (سيدها) بهذه الدلالة لا تستخدمها العرب وإنما تستخدم الزوج والبعل. قال تعالى في قصة يوسف (سيدها) ولم يقل في مكان آخر (سيدها). الله تعالى تحداهم بمعلومات لم تكتشف إلا فيما بعد، ذكر القصة بكل دقائقها ثم ذكر أموراً، هذه أنزلناه.
(جعلناه): لم يذكر أموراً تتعلق بالإنزال، قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) الزخرف) (أُمّ الكتاب) أين؟ في السماء، (لدينا) أين؟ عند الله عز وجل، (لعلي حكيم) أين؟ في العلو، إذن هذا ليس إنزالاً. ما يتعلق بالإنزال لأنه يتكلم وهو في السماء، في العلوّ، في الارتفاع قبل النزول: (أمّ الكتاب) أي اللوح المحفوظ، (لدينا) أي عند الله، (لعلي حكيم) مرتفع فيه سمو، فكيف يقول إنزال؟. أما الآية الأخرى فإنزال (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) الوحي إنزال. (لدينا) ليست إنزالاً، أمّ الكتاب ليست إنزالاً فتحتاج لـ (جعلناه) وليس أنزلناه. نسأل: أيّ الأنسب أنه في مقام الإنزال يستعمل أنزلناه أو جعلناه؟ الأنسب أن يستعمل أنزلناه وفي مقام عدم الإنزال يستعمل (جعلناه). نضع الإنزال مع الوحي والإنزال (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ما كنت تعلمها أنت وقومك) يعني أنزلها إليك، هذه لا علاقة لها بأم الكتاب ولدينا وكلها إنزال.
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنكُمْ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ (6)
1- لم قال تعالى فى سورة يس (من رسول) وقال في الزخرف (من نبي)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
كل لفظة ناسبت الموطن الذي وردت فيه ففى سورة الإنسان قال تعالى (ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) وقال في الزخرف (وكم أرسلنا من نبي في الأولين (6) وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون (7)) فقوله (كم أرسلنا) يفيد التكثير فإن (كم) هذه خبرية وهي تفيد التكثير والأنبياء أكثر من الرسل فإن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً فناسب كلمة نبي كمّ الخبرية. جاء في ملاك التأويل: “لما تقدم في آية الزخرف لفظ (كم) الخبرية وهي للتكثير ناسب ذلك كله من يوحى إليه من نبي مرسل أو نبي غير مرسل فورد هنا ما يعم الصنفين عليهم السلام”.
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (7)
1- مسألة: قوله تعالى: (وما يأتيهم من رسول) وفى الزخرف: (وما يأتيهم من نبي) ؟ . جوابه: أن في الحجر: ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين (10) فذكر الرسالة فقط فناسب: (وما يأتيهم من رسول) . وفى الزخرف: تقدم ذكر النبوة في قوله تعالى: (وكم أرسلنا من نبي في الأولين (6) . فناسب: (وما يأتيهم من نبي) والله أعلم. ( كشف المعاني )
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ (8) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)
1- قوله {وسلك لكم فيها سبلا} وفي الزخرف {وجعل} لأن لفظ السلوك مع السبيل أكثر استعمالا به فخص به طه وخص الزخرف بجعل ازدواجا للكلام وموافقة لما قبلها وما بعدها. ( أسرار التكرار )
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)
وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (14)
1- قوله {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} وفي الشعراء {إلى ربنا منقلبون} لأن ما في هذه السورة عام لمن ركب سفينة أو دابة وقيل معناه إلى ربنا لمنقلبون على مركب آخر وهو الجنازة فحسن إدخال اللام على الخبر للعموم وما في الشعراء كلام السحرة حين آمنوا ولم يكن فيه عموم. ( أسرار التكرار )
2- مسألة: قوله تعالى: (وإنا إلى ربنا لمنقلبون (14) وفى الشعراء: (إنا إلى ربنا منقلبون) بحذف اللام؟ . جوابه: أن هذا المحكى إرشاد من الله تعالى لعبيده أن يقولوه في كل زمان، فناسب التوكيد باللام حثا عليه. وآية الشعراء: أخبر عن قوم مخصوصين مضوا فلم يكن للتأكيد معنى. ( كشف المعاني )
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمْ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)
1- الحلية / الزينة : إن لفظي “حلية ـ زينة” في القرآن الكريم بينهما عموم وخصوص: فالحلية: لفظ خاصٌّ يُراد به الزينة الخارجية الظاهرة، وهى مادّيَّةٌ دائمًا، وأكثرها من الذهب والفضة ونحو ذلك. والزينة: لفظ عامٌّ يشمل الزينة الخارجية كالثياب والحلى، وكالنبات زينة للأرض، والنجوم والكواكب زينة للسماء، والمال والجاه والقامة وغير ذلك زينة خارجية للإنسان … كما يشمل الزينة الباطنة التي تدركها العقول والزينة النفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة … إلخ..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (20)
1- قوله {ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} وفي الجاثية {إن هم إلا يظنون} لأن ما في هذه السورة متصل بقوله {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} والمعنى أنهم قالوا الملائكة بنات الله وإن الله قد شاء منا عبادتنا إياهم وهذا جهل منهم وكذب فقال سبحانه {ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} أي يكذبون وفي الجاثية خلطوا الصدق بالكذب فإن قولهم {نموت ونحيا} صدق فإن المعنى يموت السلف ويحيى الخلف وهي كذلك إلى أن تقوم الساعة وكذبوا في إنكارهم البعث وقولهم {وما يهلكنا إلا الدهر} ولهذا قال {إن هم إلا يظنون} أي هم شاكون فيما يقولون . ( أسرار التكرار )
2- قوله تعالى: ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20) وقال فى الجاثية: (إن هم إلا يظنون (24) جوابه: أن آية الزخرف في جعلهم الملائكة بنات الله، وذلك كذب محض قطعا فناسب (يخرصون) وآية الجاثية في إنكارهم البعث، وليس عدمه عندهم قطعا، فناسب: (يظنون) . ( كشف المعاني )
3- إنْ هم إلاَّ يخرصون/ إنْ هم إلاَّ يظنُّون: آية الزخرف في جَعْلِهم الملائكةَ بناتِ الله، وذلك كذب محض قطعًا؛ فناسب ختم الآية بقوله عز وجل: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}. وآية الجاثية في إنكارهم البعث وليس عدمه عندهم قطعًا؛ فناسب ختم الآية بقوله عز وجل: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)
1- قوله {وإنا على آثارهم مهتدون} وبعده {مقتدون} خص الأول بالاهتداء لأنه كلام العرب في محاجتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وادعائهم {إن} آباءهم كانوا مهتدين فنحن مهتدون ولهذا قال عقبة {قال أولو جئتكم بأهدى} والثانية حكاية عمن كان قبلهم من الكفار وادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء فاقتضت كل آية ما ختمت به . ( أسرار التكرار )
2- مسألة: قوله تعالى: (وإنا على آثارهم مهتدون (22) ثم قال تعالى تعالى: (وإنا على آثارهم مقتدون (23) جوابه: أن الأول: لقريش الذين بعث إليهم النبى – صلى الله عليه وسلم – فادعوا أنهم وآباءهم على هدى، ولهذا قال تعالى: (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) ؟ . والثاني: خبر عن أمم سالفة لم يضعوا بأنهم على هدى بل متبعين آباءهم، ولذلك قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) ولم يقولوا: إنا على هدى كما قالت قريش. ( كشف المعاني )
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)
1- مسألة: قوله تعالى: (وإنا على آثارهم مهتدون (22) ثم قال تعالى تعالى: (وإنا على آثارهم مقتدون (23) جوابه: أن الأول: لقريش الذين بعث إليهم النبى – صلى الله عليه وسلم – فادعوا أنهم وآباءهم على هدى، ولهذا قال تعالى: (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) ؟ . والثاني: خبر عن أمم سالفة لم يضعوا بأنهم على هدى بل متبعين آباءهم، ولذلك قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) ولم يقولوا: إنا على هدى كما قالت قريش. ( كشف المعاني )
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
1- مسألة: قوله تعالى: (وإنا على آثارهم مهتدون (22) ثم قال تعالى تعالى: (وإنا على آثارهم مقتدون (23) جوابه: أن الأول: لقريش الذين بعث إليهم النبى – صلى الله عليه وسلم – فادعوا أنهم وآباءهم على هدى، ولهذا قال تعالى: (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) ؟ . والثاني: خبر عن أمم سالفة لم يضعوا بأنهم على هدى بل متبعين آباءهم، ولذلك قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) ولم يقولوا: إنا على هدى كما قالت قريش. ( كشف المعاني )
فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمْ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30) وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)
1- سِخْرِيًّا / سُخْرِيًّا: أن الكلمتين وإن تقاربَتَا صوتيًّا وصرفيًّا (إذْ لا فارق بينهما سوى كسر السين أو ضمِّها)، فإن بينهما اختلافًا كبيرًا في المعنى. فالسِّخْريُ بالكسر: السُّخْرِيَة والهُزْء. والسُّخْرِيُّ بالضم: السُّخْرة والاستعباد والياء فيهما للمبالغة، كالياء في خُصوصِيَّة، وأصلها (خصوص).( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ
(37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)
1- قوله {حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم} وفي الزخرف وغيره {حتى إذا جاءنا} {حتى إذا جاءونا} بغير {ما} لأن حتى ههنا هي التي تجري مجرى واو العطف نحو قولك أكلت السمكة حتى رأسها أي ورأسها وتقدير الآية فهم يوزعون إذا جاءوها و {ما} هي التي تزاد مع الشروط نحو أينما وحيثما و {حتى} في غيرها من السور للغاية . ( أسرار التكرار )
وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (50) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)
1- أسَاوِر/ أسْوِرَة: صيغة “أَسْوِرَة” جاءت في هذا السياق على وزن “أَفْعِلَة”، وهو من الأوزان الدالَّة على القِلَّة؛ وقد عَبَّر بها القرآن في هذا الموضع لأنَّ الحديث عن فرد واحد هو موسى عليه السلام، فاختيِرَ لذلك صيغة جمع القلة. وكلمة “أساور” ـ كما سبق ـ إمَّا أنها من صيغ جموع الكثرة، أو هي جمع للجمع، فهي أيضًا دالَّة على الكثرة؛ ولِذا عُبِّرَ بها في سياق الحديث عن نعيم الجنة، للدلالة على كثرة ما يُحَلَّى به أهلُها من الحلى وأنواع الزينة .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)
1- الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:
الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.
الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.
البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .
الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .
الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .
الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
1- مسألة: قوله تعالى: (لجعلنا منكم ملائكة) ؟ . جوابه: أي بدلكم فما الأرض. ( كشف المعاني )
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلا يَصُدَّنَّكُمْ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64)
1- قوله {إن الله ربي وربكم} وكذلك في مريم {ربي وربكم} وفي الزخرف في هذه القصة {إن الله هو ربي وربكم} بزيادة هو. قال الشيخ إذا قلت زيد هو قائم فيحتمل أن يكون تقديره وعمر قائم فإذا قلت زيد هو القائم خصصت القيام به فهو كذلك في الآية وهذا مثاله لأن هو يذكر في مثل هذه المواضع إعلاما أن المبتدأ مقصور على هذا الخبر وهذا الخبر مقصور عليه دون غيره والذي في آل عمران وقع بعد عشر آيات من قصتها وليس كذلك ما في الزخرف فإنه ابتداء كلام منه فحسن التأكيد بقوله هو ليصير المبتدأ مقصورا على الخبر المذكور في الآية وهو إثبات الربوبية ونفى الأبوة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ( أسرار التكرار )
2- مسألة: قوله تعالى: (إن الله ربي وربكم فاعبدوه) ، وكذلك في مريم. وفى الزخرف: (إن الله هو ربي وربكم) بزيادة (هو) ؟ . جوابه: أن آية آل عمران ومريم تقدم من الآيات الدالة على توحيد الرب تعالى وقدرته وعبودية المسيح له ما أغنى عن التأكيد. وفى الزخرف: لم يتقدم مثل ذلك، فناسب توكيد انفراده بالربوبية وحده. (كشف المعاني )
3- إن الله ربي وربكم / إن الله هو ربي وربكم : زيد لفظ ( هو) في آية الزخرف ، لأنها لم تسبق بما يدل على توحيد الله وعبودية المسيح عليه السلام لله، فجاء لفظ (هو) لتوكيد انفراد الله عز وجل بالربوبية وحده. أما آية آل عمران وكذا آية مريم (ان الله ربي وربكم فاعبدوه … ) فتقدمها آيات دالة على توحيد الله وقدرته وعبوديته المسيح له ، مما أغنى عن التوكيد بالضمير . ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)
4- ما اللمسة البيانية في زيادة هو في آية سورة الزخرف (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64)) عن آية سورة مريم (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36))؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى
هو: احتمال أن يكون ضمير منفصل يفيد التوكيد والحصر. يبقى السياق في الزخرف جاء في مقام عبادة عيسى واتخاذه إلهاً (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)) فهو أنكر هذا (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) حصراً بينما في سورة مريم فالآية جاءت بعد الولادة وليست في مقام اتخاذ إله لا تزال المسألة طفل تحمله أمه في المهد. أما سورة الزخرف ففي مقام اتخاذ عيسى إلهاً فنفى الله تعالى على لسان عيسى ذلك وقال حصراً (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ).
فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
1- قوله {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا} وفي حم الزخرف {فويل للذين ظلموا} لأن الكفر أبلغ من الظلم وقصة عيسى في هذه السورة مشروحة وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله تعالى حين قال {ما كان لله أن يتخذ من ولد} فذكر بلفظ الكفر وقصته في الزخرف مجملة فوصفهم بلفظ دونه وهو الظلم . ( أسرار التكرار )
2- قوله تعالى: (فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم (37) وقال في الزخرف: أبث (فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم (65) ؟ . جوابه: أن آية مريم تقدمها وصف الكفار باتخاذ الولد وهو كفر صريح، فناسب وصفهم بالكفر. ولم يرد مثل ذلك في الزخرف، بل قال تعالى: (فاختلف الأحزاب من بينهم) فوصفهم بالظلم لاختلافهم. (كشف المعاني )
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
1- الاستبشار / البهجة / الحبور / السرور / الفرح: إن الاستبشار والبهجة والحبور تأتي مترادفة ، حيث تشترك هذه الألفاظ الثلاثة في الحسن والجمال وظهور أثر ذلك على ظاهر الانسان ، ولعل في الحبور ملمحاً زائداً هو النعمة . بينما يتميز السرور عن هذه الألفاظ بكونه خفياً لاشتقاقه من السر فهو فرح خالص مكتوم في القلب ، ويختلف الفرح عنها بدلالته عن معنى مغاير هو البَطَر فهو مموماً وإن لم يصاحبه بطراً فهو محمود . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
1- الشهوة / اللَّذَّة / الهوَى: إن هذه الألفاظ بينها تقارب دلالي حيث تشترك جميعها في معنى الحب والرغبة، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه : فالشهوة: تختص بالمحسوسات ولا يظهر أثر ذلك على البدن فهي الميل للذة ، وهو أمر نفسي لا بدني ، كما أن الشهوة تكون محمودة آناً ، وتكون مذمومة آناً أخرى .
واللذة: تختص بالمحسوسات التي تظهر آثارها على البدن كلذة الطعم ،ولذة النظر وغيرها. أما الهوى : فهو مصدر اللذة والشهوة ،ولذلك يختص بالآراء والأفكار والاعتقادات ،وهو مذموم دائماً لأنه يهوي بصاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72)
1-قال تعالى في سورة المؤمنون (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)) وقال في سورة الزخرف (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)) ذكر الواو في الأولى (ومنها) وحذف الواو في الثانية (منها) لماذا؟ اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
في سورة المؤمنون السياق في الكلام عن الدنيا وأهل الدنيا وتعداد النعم قال (ومنها تأكلون) فالفاكهة في الدنيا ليست للأكل فقط فمنها ما هو للإدخار والبيع والمربّيات والعصائر فكأنه تعالى يقصد بالآية : ومنها تدّخرون، ومنها تعصرون ومنها تأكلون وهذا ما يُسمّى عطف على محذوف. أما في سورة الزخرف فالسياق في الكلام عن الجنة والفاكهة في الجنة كلها للأكل ولا يُصنع منها أشياء أخرى
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)
1- قوله تبارك وتعالى {لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون} بالجمع وبالواو وفي الزخرف فاكهة 73 على التوحيد {منها تأكلون} بغير واو راعى في السورتين لفظ الجنة فكانت هذه جنات بالجمع فقال {فواكه} بالجمع وفي الزخرف {وتلك الجنة} بلفظ التوحيد وإن كانت هذه جنة الخلد لكن راعى اللفظ فقال {فيها فاكهة} وقال في هذه السورة {ومنها تأكلون} بزيادة الواو لأن تقدير الآية منها تدخرون ومنها تبيعون وليس كذلك فاكهة الجنة فإنها للأكل فحسب فلذلك قال في الزخرف {منها تأكلون} ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا وهو قوله {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون} فهذا القرآن معجزة وبرهان . ( أسرار التكرار )
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75)
1- مسألة: قوله تعالى: (كلما خبت زدناهم سعيرا (97) ومعنى خبت سكنت. وقال في الزخرف: لا يفتر عنهم) ؟ جوابه: لا يلزم من سكون النار نقص العذاب بها إما لبقاء حرها أو لعذابهم عند ذلك بالزمهربر، ولا يفتر عنهم العذاب إما بحرها أو زمهريرها. (كشف المعاني )
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)
1- مسألة: قوله تعالى: (فأنا أول العابدين (81) وفى يونس عليه السلام: (فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله) ؟ . جوابه: إن كان له ولد بزعمكم فأنا أول الموحدين وقيل: هو تعليق على فرض محال، والمعلق على المحال محال. ( كشف المعاني )
سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
1-(إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) و (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ما الفرق بينهما؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
إذا كان السياق في العلم وما يقتضي العلم يقدم العلم وإلا يقدم الحكمة، إذا كان الأمر في التشريع أو في الجزاء يقدم الحكمة وإذا كان في العلم يقدم العلم.
أمثلة حتى تتوضح المسألة (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) البقرة) السياق في العلم فقدّم العلم، قال في المنافقين (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) الأنفال) هذه أمور قلبية، (لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) التوبة) من الذي يطلع على القلوب؟ الله، فقدم العليم. نأتي للجزاء، الجزاء حكمة وحكم يعني من الذي يجازي ويعاقب؟ هو الحاكم، تقدير الجزاء حكمة (قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ (128) الأنعام) هذا جزاء، هذا حاكم يحكم تقدير الجزاء والحكم قدم الحكمة، وليس بالضرورة أن يكون العالم حاكماً ليس كل عالم حاكم. (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ (139) الأنعام) هذا تشريع والتشريع حاكم فمن الذي يشرع ويجازي؟ الله تعالى هو الذي يجازي وهو الذي يشرع (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) الزخرف) لما يكون السياق في العلم يقدّم العلم ولما لا يكون السياق في العلم يقدّم الحكمة.
وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
1- البديع / البارئ/ الخالق / المصور / الفاطر:
جميع هذه الألفاظ لها ملمحاً دلالياً مشتركاً وهو الإيجاد سواء كان هذا الإيجاد إحداثاً أم تقديراً.
(البديع) مشتق من الإبداع وهو الإنشاء على غير مثال ولا اقتداء بسابق وفيه معنى الإحكام والإتقان، و(البارئ ) في اللغة الخالق يختص بالموجد على الحقيقة وهو الله كما يختص بمعنى التسوية والترتيب وتمييز المخلوقات بعضها عن بعض ، و(الخالق) له معانٍ متعددة يكون بمعنى التقدير ي، يستعمل في الخير والشر ، وقد يوصف به غير الله عز وجل . (المصور) يختص بملمح إعطاء المخلوق صورة من الصور وفيه معنى الإتقان .(الفاطر) يختص بملمح القابلية للهداية والإيمان.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved