سورة المائدة

(بسم الله الرحمن الرحيم)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)

1- العقد/العهد/ الميثاق: إن الألفاظ “عقد- عهد-ميثاق” بينها تقارب دلالي؛ حيث تشترك في معنى الالتزام والمحافظة. وتتدرَّج في الشدة: فأعلاها الميثاق، ثم العقد، ثم العهد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)

1-             قوله {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} وفي المائدة {قوامين لله شهداء بالقسط} لأن لله في هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة بدليل قوله {ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} أي ولو تشهدون عليهم وفي المائدة منفصل ومتعلق بقوامين والخطاب للولاة بدليل قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم} الآية . ( أسرار التكرار )

2-             البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-             البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان : جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد  ولكنها على درجات فأشدها الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة  البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)

1-             قوله {وما أهل به لغير الله} قدم {به} في هذه السورة وأخرها في المائدة 3 والأنعام 145 والنحل 115 لأن تقديم الباء الأصل فإنها تجري مجرى الهمزة والتشديد في التعدي فكانت كحرف من الفعل فكان الموضع الأول أولى بما هو الأصل ليعلم ما يقتضيه اللفظ ثم قدم فيما سواها ما هو المستنكر وهو الذبح لغير الله وتقديم ما هو الغرض أولى ولهذا جاز تقديم المفعول على الفاعل والحال على ذي الحال والظرف على العامل فيه إذا كان ذلك أكثر للغرض في الإخبار. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {واخشون اليوم} بحذف الياء وكذلك {واخشون ولا تشتروا} وفي البقرة وغيرها {واخشوني} بالإثبات لأن الإثبات هو الأصل وحذفت الياء من {واخشون اليوم} من الخط لما حذفت من اللفظ وحذفت من {واخشون ولا تشتروا} موافقة لما قبلها. ( أسرار التكرار )

3-             قوله تعالى: (فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) وكذلك في المائدة والنحل (4) . وفى الأنعام: فإن ربك غفور رحيم؟ . جوابه: لما صدر آية الأنعام بقوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي ناسب قوله:، قل، وإلى،: (فإن ربك) . وبقية الآيات المذكورات خطاب من الله تعالى للناس، فناسب: (فإن الله غفور رحيم أي: فإن الله المرخص لكم في ذلك. فإن قيل: فلم لم يقل: فإن ربكم؟ قلنا: لأن إيراده في خطاب النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يوهم غيره، لاسيما والخطاب عام. ( كشف المعاني )

4-             التمام / الكمال : الكمال وصف يتضمن التمام ( أي الخلو من النقص ) ويزيد عليه بنفي كل عيب او شائبة . فالتمام يأتي لنفي النقص . والكمال يأتي لنفي العيب  . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5-             الجوع /المَخْمَصَة /المَسْغَبَة: الجوع في اللغة: ضد الشِّبَع، وهو الإحساس الذى يصيب الحيوان بسبب خُلُوِّ المعدة من الطعام . والمخمصة في اللغة أصلها: الضمور، أُطْلِقَتْ على الجوع الشديد الذى يُورِث خَمْصَ البطن، أي ضموره ، والمسغبة في اللغة: الجوع مع التعب. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-             القنوط/ اليأس: إن الاستعمال القرآني لكلمتي “اليأس-القُنُوط” يوردهما بمعنى متقارب، حيث يشتركان في ملمح فقدان الرجاء، وبين الكلمتين ملمح فارق هو أن اليأس محلُّه القلب، والقنوط ظهور آثار اليأس على البدن، وهو أشد وأبلغ من اليأس.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

7-             مَيْت/ مَيِّت: الفارق بين اللفظين كما توضِّح السياقات القرآنية أن: الميِّت بالتشديد: يدل على حي ينتظر الموت. المَيْت بالسكون: المخلوق الذى مات فعلاً وفارقته الروح.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

8- وما أُهِّلَّ به لغير الله / وما أُهِّلَّ لغير الله به: في آية البقرة تقدم الجار والمجرور “به” المتعلقان بالفعل: “أهِلَّ”؛ لأنها في سياق ذكر المحرَّم والمحلَّل من الطعام، فَقُدِّمَ المتعلق وضميره؛ لأنه المنصوص على حرمته.

والآيات الأخرى في سياق تعظيم شعائر الله وأوامره وشكر نعمته؛ فكان تقديم اسم الله عز وجل أليق في هذه المواضع.والقاعدة في البلاغة أن الأهمَّ أولَى بالتقديم، ولا شك أن المنصوص عليه في السياق هو الأهم..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

9– (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3) المائدة) وفي آية أخرى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ (173) البقرة) ما دلالة التقديم والتأخير لـ (به)؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى:

قال تعالى في البقرة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ (173) وفي المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3). لو لاحظنا السياق في المائدة الكلام على التحليل والتحريم ومن بيده ذلك، رفض أي جهة تحلل وتحرم غير الله قال تعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) المائدة) ليس لكم أن تُحِلّوا والذي يُحِلّ هو الله تعالى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ (2) المائدة) الذي يُحِلّ هو ربنا سبحانه وتعالى، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ (4) المائدة) إذن هو سبحانه يجعل التحليل والتحريم بيده حصراً السياق ليس هنالك أي جهة تقوم بذلك ولذلك قدم  (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3) المائدة) أُهِلّ يعني رُفِع الصوت بذبحه، أُهِلّ يعني هذا باسم الله والله أكبر، هذا لفلان، هذا لفلان. إذن هنا قدم (لغير الله) لأن ربنا هو الجهة الأولى والأخيرة التي بيدها التحليل والتحريم. أما في البقرة المقام هو فيما رزق الله تعالى عباده من الطيبات وليس فيها تحليل وتحريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً (168)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173)) (كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) هذا طعام، (كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً) هذا طعام، (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) هذه الذبيحة، (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) يعني ما رُفِع الصوت بذبحه فقدم (به) لأن هذا طعام متناسب مع الطعام ومتناسب مع طيبات ما رزقهم. إذن في التحريم قال (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) قدّم (لغير الله) ولما كان السياق في الأطعمة قدّم الطعام ما أُهل به (ما أهل به) يعني الذبيحة، التقديم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) في سورة المائدة الجهة هي التي تُحلل وتُحرم، وفي المائدة قال (وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ (4)) قدّم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) لأنه لا يسمح أن يكون غير الله هو الذي يحلل ويحرم، هذا في آية المائدة لأن الكلام في التحليل والتحريم، هو سبحانه هو الذي يحلل ويحرم. هذا الكلام في البقرة في الطعام فقال (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) (به) يعني البهيمة، بذبحه. لكن مسألة الذبح هنا أو هنا متعلقة بالله تعالى أو بغير الله سبحانه وتعالى لكن التقديم والتأخير هل هي في سياق التحليل والتحريم أو في سياق الطعام.

1-  متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (واخشوني، واخشون)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا التعبير له نظائر في القرآن (اتّبعني، إتبعنِ، كيدوني، كيدونِ، أخّرتني، أخرتنِ). أما إخشوني واخشونِ فوردت الأولى في سورة البقرة والثانية وردت في المائدة. عندما تحذّر أحدهم التحذير يكون بحسب الفِعلة قد تكون فِعلة شديدة. مثلاً لو أحدهم اغتاب آخر تقول له إتقِ ربك وقد يريد أن يقتل شخصاً فتقول له إتقي الله، فالتحذير يختلف بحسب الفعل إذا كان الفعل كبيراً يكون التحذير أشد. فعندما يُطهِر الياء يكون التحذير أشد في جميع القرآن عندما يُظهِر الياء يكون الأمر أكبر.

عندنا (إخشوني) إذن التحذير أكبر. ننظر السياق في الآية التي فيها الياء (واخشوني) (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) البقرة) هذه في تبديل القِبلة فجاءت إخشوني بالياء لأنه صار كلام كثير ولغط وإرجاف بين اليهود والمنافقين حتى ارتد بعض المسلمين، هذا تبديل للقِبلة (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (143) البقرة) هي أمر كبير لذا قال (واخشوني).

الآية الأخرى في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ.(3)) هذا يأس وذاك إرجاف. هذا الموقف ليس مثل ذاك، هؤلاء يائسين فصار التحذير أقل. وفي الآية الثانية (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)) ليس فيها محاربة ولا مقابلة فقال (واخشونِ) بدون ياء. إذن المواطن التي فيها شدة وتحذير شديد أظهر الياء. والحذف في قواعد النحو يجوز والعرب تتخفف من الياء لكن الله سبحانه وتعالى قرنها بأشياء فنية.

11- ما الفرق بين أكملت وأتممت في الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي .. (3) المائدة)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

التمام نقيض النقص والكمال هي الحالة المثلى تحديداً وليس مجرد الاكتمال فقط أو سد النقص. التمام لا يقضي الكمال، الكمال تمام وزيادة. مثال: الإنسان إذا ولد تاماً كل شخص له عينان يبصر بهما ورجلين وفم هذا تمام بغض النظر عن الكمال هو تام من حيث الأعضاء كل عضو يؤدي وظيفته هذا تمام وليس كمالاً؟ الكمال قد يكون واسع العينين أحور هذا شيء آخر وهذا غير التمام. إذن الكمال هي الحالة المثلى والتمام نقيض النقص. النعمة يمكن يُزاد عليها لأن النعم لا تُحصى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (34) إبراهيم) أما الكمال لا يُزاد عليه لأنه الحالة المثلى والتمام يُزاد عليه الكمال. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الدين لا يُزاد عليه وهو الحالة المثلى لا يزاد عليه لا في سُنة ولا غيرها وضح كل شيء السنن والفروض. النعمة تزاد والكمال لا يزاد عليه فقال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) لأن الدين لا يزاد عليه وهذه هي الحالة المثلى أما النعمة يزاد عليها ولذلك في القرآن الكريم لم يستعمل مع النعمة إلا التمام لم يستعمل الكمال أبداً في جميع القرآن (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) النحل) (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ (2) الفتح) (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) المائدة) لأن النعم لا تنتهي (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) يعطيك ما تحتاج من النِعَم ويسد حاجتك يتمها عليك ولو أراد أن يزيدك فوق حاجتك لزادك. لذلك قال كمال الدين وتمام النعمة. كمال الدين لا يزاد عليه أما النعمة يزاد عليها. إذن الكمال تمام وزيادة وهي الحالة المثلى ولا يزاد عليها ولهذا من صفات الله تعالى الكمال “الكمال لله وحده”.

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5)

1-             مسألة: قوله تعالى: (محصنات غير مسافحات) . وفى المائدة: (محصنين غير مسافحين) ؟ . جوابه: أن آية النساء في نكاح الإماء، وكان كثير منهن مسافحات فناسب جمع المؤنث بالإحصان. وأية المائدة في من يحل للرجال من النساء فناسب وصف الرجال بالإحصان، ولأنه تقدم ذكر النساء بالإحصان، فذكر إحصان الرجال أيضا تسوية بينهما، لأنه مطلوب فيهما. ( كشف المعاني )

2-             محصَنات غير مسافحات / محصِنين غير مسافحين: آية النساء في نكاح الإماء، وكان كثير منهن مسافحات؛ فناسب جمع المؤنَّث بالإحصان. وآية المائدة في مَنْ يحلُّ للرجال من النساء؛ فناسب وصف الرجال بالإحصان، ولأنه تقدَّم ذكر النساء بالإحصان فذكر إحصان الرجال أيضًا تسويةً بينهما؛ لأنه مطلوب فيهما. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)

1-             قوله {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} في هذه السورة وزاد في المائدة {منه} لأن المذكور في هذه بعض أحكام الوضوء والتيمم فحسن الحذف والمذكور في المائدة جميع أحكامهما فحسن الإثبات والبيان. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) الآية. وقال في المائدة: (وأيديكم منه) ؟ . جوابه: لما تقدم في المائدة تفصيل الوضوء وتفصيل واجباته ناسب ذكر واجبات التيمم بقوله: (منه) ، وأن إيصال بعضه بالبدن شرط. وأية النساء جاءت تبعا للنهى عن قربان الصلاة مع شغل الذهن، فناسب حذفه. ( كشف المعاني )

3-             الحمد / الشكر: إن اللفظين “الحمد-الشكر” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى عام هو: الثناء بالجميل. ويتميَّز كلٌّ منهما بملامح دلالية فارقة: فالحمد: يكون على النعمة والعطاء، وعلى الصفات الذاتية. ويكون على النعمة الواصلة إليك أو إلى غيرك، وفيه محبة وإجلال ويكون باللسان دون غيره. أما الشكر: لا يكون إلَّا على النعمة والعطاء، ولا يكون إلَّا على النعمة الواصلة إليك، ويكون بالقلب واللسان والجوارح، ليس فيه معنى المحبة والإجلال.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-              فامسحوا بوجوهكم وأيديكم / فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه: في آية النساء وآية المائدة كلتا الآيتين في سياق ذكر حكم التيمم. إلا آن آية النساء لم يُثْبَت فيها حرف الجر “من”؛ لأنها في سياق النهى عن أداء الصلاة في حال اشتغال الذهن، فلا ضرورة هنا لتفصيل حكم التيمم. أما آية المائدة فقد تقدمها ذكر أحكام الوضوء وواجباته مفصلة؛ فناسب إثبات حرف الجر “من” في حكم التيمم، للإشارة إلى ضرورة الأخذ من الصعيد الطيب ووصوله إلى البدن..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5-              في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)

الفرق بين الغسل والمسح: / اللمسات البيانية (د. فاضل السامرائي)

أن الغسل المفروض فيه أن يجري الماء على العضو أما المسح فيكون بتبليل اليد ويمسح على العضو وليس هناك ماء يجري. والثابت عند جمهور المسلمين أنهم أخذوا عن رسول الله غسل القدمين وإدخال الكعبين فيهما، فلما تردنا قراءة (وأرجلِكم) نفهم أنها تعني الإقتصاد في الماء. فسرها علماء النحو وقالوا: العطف هنا على الجِوار، هو في الحقيقة يجب أن يكون منصوباً ولكن جرّه بالمجاورة كما قالت العرب: هذا جحر ضبٍّ خرِبٍ، ليس الضبّ هو الخرِب وإنما الجحر هو الخرب. عند المجاورة أحياناً يُجرّ، المعنى واضح الجحر هو الخرب ولكن لأنها جاورت مكسوراً فكسرها للمجاورة، عند المجاورة يجرّ. فسر أن هذه القبائل العربية التي قرأت بالكسر كانوا يغسلون لكن جرّوا بالكسر بالجوار. وهي في كل الأحوال تُغسل لأنه هذا الذي وردعن أصحاب رسول الله وعن آل بيت النبوة رضي الله عنهم جميعاً أن كل ماروي عنهم الغسل.

6-              قال في المائدة (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ) بينما في النساء قال (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) فما اللمسة البيانية لهاتين الآيتين في ذكر (منه) وحذفه؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

هما آيتان إحداهما في النساء والأخرى في المائدة. نقرأ الآيتين حتى يتضح الأمر. في النساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)) هذه آية النساء. آية المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)). لو نظرنا في الآيتين آية النساء وآية المائدة، آية النساء في الجُنُب وذوي الأعذار لم يذكر الوضوء إذن آية النساء هي في الجُنُب وذوي الأعذار تحديداً (وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى) أما آية المائدة ففي الجُنُب وغير الجُنُب وذوي الأعذار وذكر الوضوء، إذن هي عامة شملت الجنب وغير الجنب وذوي الأعذار وذكر الوضوء، إذن التفصيل في آية المائدة أكثر من آية النساء وذكر ما لم يذكره في آية النساء (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) فإذن كلمة (منه) نضعها مع التفصيل في آية المائدة فناسب التفصيل والزيادة في البيان فلما فصّل فصّل في البيان وزاد (منه)، و (منه) يعود على التراب. هناك فصّل وهذا أجمل. هذا أمر وهناك أمر آخر في آية النساء ختم الآية بقوله (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) لأنه ذكر السُكارى (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) بينما ختم آية المائدة (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)) ذكر رفع الحرج وإتمام النعمة ويريد أن يطهركم وهذا يستوجب الشكر فقال (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أما في آية النساء لم يذكر رفع الحرج وإنما ذكر السكارى والله عفو غفور فقال (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) فإذن الخاتمة مناسبة لما ورد وذكر (منه) مناسبة للتفصيل والبيان. وهذا نهج القرآن أن الفاصلة القرآنية لا بد أن تناسب الآية لذلك أحياناً يخالف الفواصل.

7-              (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ (6) المائدة) ما دلالة الواو في وأرجلكم؟ هل هي للعطف على رؤوسكم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

معطوفة على وجوهَكم. ليس بالضرورة أن يكون العطف على الأقرب والعطف قد يكون على الأبعد. مثال من القرآن (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم) السماء والأرض عطف على حين تمسون وحين تصبحون؟ لا، الأرض معطوفة على السموات، و(له الحمد) معطوفة على (فسبحان)، حين تصبحون معطوفة على حين تمسون. (وعشياً وحين تظهرون) معطوفة على أبعد شيء. نقول دخلت إلى السوق واشتريت كتباً ثم ذهبت إلى البزاز واشتريت قماشاً ثم ذهبت إلى البقال واشتريت كذا وكذا ثم رجعت (رجعت معطوفة على دخلت). لو قرأنا قصص الرسل في الأعراف كل قصة ثم قال (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (65)) معطوفة على (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ (59)) ثم تأتي قصة نوح ثم (وَإِلَى عَادٍ) معطوفة على (أَرْسَلْنَا نُوحًا) يعني وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً، أخاهم مفعول به منصوبة. نقول (وإلى عاد) هذ الواو واو العطف ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (73)) تكلم على عاد وما فيها ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (73)). في آية الوضوء قراءة النصب واضحة والذي يحدد الأمر هو السُنّة إذن (وأرجلَكم) معطوفة على (اغسلوا وجوهَكم). (وأرجلكم) معطوفة على أرجلكم. من حيث اللغة لا تمنع، اللغة لا تمنع العطف على الأبعد هذا حكم شرعي والذي يحدد هو ما ورد من الآثار.

8-            

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)

1-             قوله {واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور} ثم أعاد فقال {واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} لأن الأول وقع على النية وهي بذات الصدور والثاني على العمل وعن ابن كثير أن الأولى نزلت في اليهود وليس بتكرار. ( أسرار التكرار )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)

1-             قوله {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} وفي المائدة {قوامين لله شهداء بالقسط} لأن لله في هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة بدليل قوله {ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} أي ولو تشهدون عليهم وفي المائدة منفصل ومتعلق بقوامين والخطاب للولاة بدليل قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم} الآية . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور} ثم أعاد فقال {واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} لأن الأول وقع على النية وهي بذات الصدور والثاني على العمل وعن ابن كثير أن الأولى نزلت في اليهود وليس بتكرار. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) ؟ . وفى المائدة: (قوامين لله شهداء بالقسط) ؟ . جوابه: أن الآية هنا تقدمها نشوز الرجال وإعراضهم عن النساء والصلح على مال، وإصلاح حال الزوجين، والإحسان إليهن، وقوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) ، وقوله تعالي: (وأن تقوموا لليتامى بالقسط) ، وشبه ذلك، فناسب تقديم القسط وهو العدل أي: كونوا قوامين بالعدل بين الأزواج وغيرهن، واشهدوا لله لا لمراعاة نفس أو قرابة. وأية المائدة: جاءت بعد أحكام تتعلق بالدين، والوفاء بالعهود والمواثيق لقوله تعالى في أول السورة: (أوفوا بالعقود) إلى آخره، وقوله تعالى قبل هذه الآية: (واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به) الآية. ولما تضمنته الآيات قبلها من أمر ونهى، فناسب تقديم: (لله) أي: كونوا قوامين بما أمرتم أو نهيتم لله، لماذا شهدتم فاشهدوا بالعدل لا بالهوى. ( كشف المعاني )

4-             مسألة: قوله تعالى: (كونوا قوامين لله) : تقدم قريبا في النساء ( كشف المعاني )

5-             البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-             قوامين بالقسط شهداء لله / قوامين لله شهداء بالقسط: آية النساء وردت في سياق إعراض الرجال عن النساء، والإصلاح بين الزوجين، والإحسان الى اليتامى بالعدل، فناسب ذلك تقديم القيام بالقسط (أي) بالعدل. أما آية المائدة فقد وردت بعد ذكر أحكام الدين والوفاء بالعهود والمواثيق وأوامر الله ونواهيه ، فناسب ذلك تقديم القيام لله. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

7-              ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا(2) المائدة وقوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم  على أن لا تعدلوا(8) المائدة؟ لماذا جاءت مرة (على أن)  ومرة (أن)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2}) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {8}) المحذوف في الآية الأولى (على) وهو من الحذف الجائز ويسموه نزع الخافض بوجود أن ومعلوم الحرف وهذا جائز نحوياً. والسؤال هو لماذا حُذف الحرف (على) في الآية الأولى وذُكر في الثانية؟ إذا كان الحرف متعيّن يكون الذكر آكد من الحذف وإذا لم يكن متعيّناً ( أي له عدة معاني) يكون من باب التوسع في المعنى. وإذا نظرنا إلى الآيتين السابقتين نجد أن الثانية آكد من الأولى لأن الحرف ذُكر والآية الأولى نزلت في حادثة واحدة حصلت وانتهت وهي تخص قريش عندما صدوا المسلمين عن المسجد الحرام أما الآية الثانية فهي عامة وهي محكمة إلى يوم القيامة وهي الأمر بالعدل إلى يوم القيامة ثم أن الآية الأولى تدخل في الثانية لأن العدوان هو الظلم وهو عدم العدل والعدوان من الظلم وليس من العدل فالثانية آكد من الأولى والأمر بالعدل أمر عام والأولى أمر خاص جداً لذا اقتضى حذف الحرف (على) في الأولى وذكره في الثانية.

8-ما دلالة (قوامين بالقسط شهداء لله) في آية سورة النساء و (قوّامين لله شهداء بالقسط) في آية سورة المائدة؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

قال تعالى في سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً {135}) وقال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {8}) ولو أخذنا سياق الآيات في سورة النساء نلاحظ أن السورة كلها في الأمر بالعدل والقسط وإيتاء كل ذي حق حقه (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً {2}) (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً {4})  فلذلك اقتضى السياق تقديم قوّامين بالقسط.

أما في سورة المائدة فسياق الآيات في حقوق الله تعالى وفي الولاء والبراء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2}) (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {7}) الكلام في القيام بأمر الله تعالى لذا اقتضى قول قوّامين لله لأن السياق في القيام لله تعالى وفي حقوق الله تعالى.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)

1-             قوله {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم} وقال في الفتح {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} رفع ما في هذه السورة موافقة لفواصل الآي ونصب ما في فتح موافقة للفواصل أيضا ولأنه في الفتح مفعول وعد وفي مفعول وعد في هذه السورة أقوال أحدها محذوف دل عليه وعد خلاف ما دل عليه أو أوعد أي خيرا وقوله {لهم مغفرة} يفسره وقيل {لهم مغفرة} جملة وقعت موقع المفرد ومحلها نصب كما قال الشاعر … وجدنا الصالحين لهم جزاء … وجنات وعينا سلسبيلا … فعطف جنات على محل لهم جزاء وقيل رفع على الحكاية لأن الوعد قول وتقديره قال الله لهم مغفرة وقيل تقديره إن لهم مغفرة فحذف إن فارتفع ما بعده. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم) . وقال في الفتح: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) وقال هنا: (لهم) وفى الفتح: (منهم) . جوابه: أن آية المائدة عامة غير مخصوصة بقوم بأعيانهم، وأية الفتح خاصة بأصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان من جملة من صحبه منافقون فقال (منهم) وتمييزا وتفضيلا ونصا عليهم بعد ما ذكر من جميل صفاته. وأيضا: آية المائدة بعد ما قدم خطاب المؤمنين مطلقا بأحكام، فكأنه قال: من عمل بما ذكرناه له مغفرة وأجر عظيم، فهو عام غير خاص بمعينين. ( كشف المعاني )

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)

1-             قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} كرر لأن الأولى في اليهود والثانية في حق النصارى والمعنى لم ينالو منه نصيبا وقيل معناه ونسوا نصيبا وقيل معناه تركوا بعض ما أمروا به. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (يحرفون الكلم عن مواضعه) . وقال بعد ذلك: (من بعد مواضعه) ؟ . جوابه: أن الأولى هنا وأية النساء ربما أريد بها التحريف الأول عند نزول التوراة ونحو تحريفهم في قولهم موضع (حطة) : حنطة، وشبه ذلك. فجاءت (عن) لذلك. والآية الثانية: تحريفهم في زمن النبى – صلى الله عليه وسلم -، وتغييرهم عن المقول لهم في التوراة بغير معناه كأنه قال من بعد ما عملوا به واعتقدوه وتدينوا به كآية الرجم ونحوها، فـ (عن) لما قرب من الأمر، و (بعد) لما بعد. ( كشف المعاني )

3-             الصفح/ العفو/ المغفرة: إن الاستخدام القرآني لهذه الكلمات يظهر اشتراكها في معنى التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه.

والملمح الدلالي الذي يميز كلمة ( الصفح) هو ترك اللوم والمؤاخذة. في حين أن الملمح الدلالي الذي يميز كلمة ( العفو) أنه قد يصحبه لوم ومؤاخذة. بينما الملمح الدلالي المميز( للمغفرة ) هو ستر الذنب وعدم إشاعته . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-/ اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى:

(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ (13) المائدة) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ (41) المائدة) فما الفرق بين الآيتين؟ الأولى كانت في أهل الكتاب الأوائل قبل الرسول والثانية في الذين كانوا في زمن الرسول (من بعد مواضعه) بعدما استقرت. هذا بشكل عام ونفصّل الإجابة فيما بعد إن شاء الله.

وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)

1-             الحظ/ النصيب: إن لفظي “حظ- نصيب” بينهما تقارب دلالي، فكلاهما مشتركان في ملمح القَسْم المُعَيَّن. ولكن النصيب عامُّ في الخير والشَّرِّ، بينما الحظُّ مختصٌّ بالفضل والخير.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)

1-             قوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} ثم كررها فقال {يا أهل الكتاب} لأن الأولى نزلت في اليهود حين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم من التوراة والنصارى حين كتموا بشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل وهو قوله {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} ثم كرر فقال {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} فكرر {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} أي شرائعكم فإنكم على ضلال لا يرضاه الله على {فترة من الرسل} على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به والله أعلم . ( أسرار التكرار )

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

1-ما الفرق بين السبيل والصراط؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

السبيل هو الطريق السهل الذي فيه سهولة والصراط هو أوسع الطرق الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولذلك لا يُجمع في القرآن (في اللغة يمكن أن يجمع مثل كتاب كتب). إذن الصراط هو الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولم يرد في القرآن إلا مفرداً لأنه يُراد به الإسلام (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (153) الأنعام) السبيل يجمع على سبل، يأتي مفرداً ويأتي جمعاً لأنها سهلة ميسرة للسير فيها. طرق الخير تجمع وطرق الشر تجمع (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ (16) المائدة) طرق الخير، (وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) هذه طرق الشر وتستخدم سبل للخير والشر أما الصراط هو أوسع الطرق أياً كان (مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) الصافات) هو أوسع الطرق. ويأتي الصراط دائماً موصوفاً ومضافاً يدل على أن هذا طريق الخير وذاك طريق الشر. إذن الصراط الطريق الواسع والسبيل الطريق المنبثقة عنها، الطرق المتفرعة عن الصراط لذلك تجمعه سبل الخير، سبل الشر. السبيل عام وفيه معني السعة وكما قال الزمخشري سمي الصراط لأنه يسرط السالكين ويبلعهم، كم يسلكون الصراط يبلعهم. أصلها سراط بالسين من سرط ولكن أيضاً تقال صراط بالصاد لكن أصل الكلمة بالسين (سراط) وقد تكتب بحسب اللفظ. أصلها من سرط أي ابتلع لأنه يبتلع السالكين صراط يربطونها بستريت (straight) مستقيم وستريت (street) بالإنجليزية. اللغة العربية هي أقدم اللغات الموجودة المستعملة وليس هناك لغة أقدم منها وهناك بعض اللغات التي اندثرت.

* ورد في بعض آي القرآن الكريم (السموات والأرض وما بينهما) وفى بعض السور لم يرد (ما بينهما) فهل لهذا دلالة؟

كل موطن في القرآن الكريم يذكر (وما بينهما) يأتي تعقيب على من يذكر صفات الله تعالى بغير ما يستحق، تعقيب على قول النصارى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) وعلى قول اليهود (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة). بعد أن قال تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (17) المائدة) يقول بعدها (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة) لِمَ يتخذ الولد وهو الغني؟ له ملك السموات والأرض وما بينهما لا يحتاج الولد. اليهود يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه تأتي بعدها (وما بينهما) لماذا رقّيتم أنفسكم؟ هو تعالى لا يحتاج هذا حتى يتخذكم أبناء، لِمَ يتخذكم أبناء وهو الغني؟

لاحظنا أنه في كل موطن يقول (وما بينهما) تأتي تعقيب في الله على ما لا يليق. (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (17) المائدة) (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة).

موطن آخر بياني: أبداً في كل موطن في القرآن الكريم يذكر فيها (وما بينهما) يذكر ثلاث ملل: اليهود والنصارى والمسلمين. في كل موطن يذكر (وما بينهما) يذكر في السياق ثلاث ملل اليهود والنصارى والمسلمين: في المائدة ذكر الكلام على بني إسرائيل (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ (12)) ، نصارى (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ (14) المائدة)، أهل الكتاب (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة)، ثلاث ملل. في الزخرف ذكر موسى وفرعون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46)) وذكر عيسى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)) ثم قال (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)) في كل القرآن إذا قال (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)) يذكر ثلاث ملل. وإذا لم يذكرها لا يذكر.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)

1-             قوله {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء} ثم كرر فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير} كرر لأن الأولى نزلت في النصارى حين قالوا {إن الله هو المسيح ابن مريم} فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما} ليس فيهما معه شريك ولو كان عيسى إلها لاقتضى أن يكون معه شريكا ثم من يذب عن المسيح وأمه وعمن في الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم فإنهم كلهم مخلوقون له وإن قدرته شاملة عليهم وعلى كل ما يريد بهم
والثانية نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا {نحن أبناء الله وأحباؤه} فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما} والأب لا يملك ابنه ولا يهلكه ولا يعذبه وأنتم مصيركم إليه فيعذب من يشاء منكم ويغفر لمن يشاء.
( أسرار التكرار )

2-             قوله {قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا} وفي المائدة {فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح} زاد في هذه السورة {لكم} لأن ما في هذه السورة نزلت في قوم بأعيانهم وهو المخلفون وما في المائدة عام لقوله {أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} . ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح) وقال في الفتح: (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) بزيادة (لكم) جوابه: أن هذه الآية عامة في المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا، – فليس هنا مخاطب خاص. – آية الفتح في قوم مخصوصين وهم الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في عمرة الحديبية، فصرح لذلك بقوله: (لكم) . ( كشف المعاني )

4-             مسألة: قوله تعالى: (ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء) وبعده: (ولله ملك السماوات والأرض) . ما فائدة تكراره مع قوبه؟ جوابه: أن لكل آية منها فائدة: أما الأولى: فرد على قولهم في المسيح أنه الإله، فبين أن الألوهية لمن له ملك السموات والأرض وليس للمسيح ذلك، فكيف يكون إلها والله خالقه، والقادر على إهلاكه وأمه. وأما الآية الثانية: فرد على قولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه) فهو توكيد لقوله: (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) لأنهم خلقه وملكه، ولذلك قال: (وإليه المصير) فيجازى كلا على عمله إما بمغفرة ورحمة أو بعذاب ولو كنتم كما تقولون لما عذبكم لأن المحب لا يعذب محبوبه. ( كشف المعاني )

5-             مسألة: قوله تعالى: (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) الآية. وفى المائدة: (قل فمن يملك من الله شيئا) ؟ . جوابه: أن آية الفتح مع قوم مخاطبين بذلك، فناسب التأكيد والتخصيص بقوله تعالى: (لكم) . وآية المائدة: عامة لا تختص بقوم، ولذلك قال تعالى: (ومن في الأرض جميعا) . ( كشف المعاني )

6-             فمن يملك من الله شيئًا / فمن يملك لكم من الله شيئًا: أثبت حرف الجر “اللام” الدال على الاختصاص في آية الفتح؛ لأن المخاطب بها قوم معينون هم الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية. وخلت آية المائدة من اللام؛ لأن المخاطب بها جميع الناس، فلا وجه فيها للاختصاص..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)

1-             قوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} ثم كررها فقال {يا أهل الكتاب} لأن الأولى نزلت في اليهود حين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم من التوراة والنصارى حين كتموا بشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل وهو قوله {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} ثم كرر فقال {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} فكرر {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} أي شرائعكم فإنكم على ضلال لا يرضاه الله على {فترة من الرسل} على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به والله أعلم . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء} ثم كرر فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير} كرر لأن الأولى نزلت في النصارى حين قالوا {إن الله هو المسيح ابن مريم} فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما} ليس فيهما معه شريك ولو كان عيسى إلها لاقتضى أن يكون معه شريكا ثم من يذب عن المسيح وأمه وعمن في الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم فإنهم كلهم مخلوقون له وإن قدرته شاملة عليهم وعلى كل ما يريد بهم
والثانية نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا {نحن أبناء الله وأحباؤه} فقال {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما} والأب لا يملك ابنه ولا يهلكه ولا يعذبه وأنتم مصيركم إليه فيعذب من يشاء منكم ويغفر لمن يشاء.
( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء) وبعده: (ولله ملك السماوات والأرض) . ما فائدة تكراره مع قوبه؟ جوابه: أن لكل آية منها فائدة: أما الأولى: فرد على قولهم في المسيح أنه الإله، فبين أن الألوهية لمن له ملك السموات والأرض وليس للمسيح ذلك، فكيف يكون إلها والله خالقه، والقادر على إهلاكه وأمه. وأما الآية الثانية: فرد على قولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه) فهو توكيد لقوله: (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) لأنهم خلقه وملكه، ولذلك قال: (وإليه المصير) فيجازى كلا على عمله إما بمغفرة ورحمة أو بعذاب ولو كنتم كما تقولون لما عذبكم لأن المحب لا يعذب محبوبه. ( كشف المعاني )

4-              جاءت كلمة بشر (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ (24) القمر) مفرد و(بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ (18) المائدة) جمع فلماذا؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا سؤال لغوي نجيب عنه الآن: كلمة ضيف تقال للمفرد وللجمع في اللغة في سورة الحجر (قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ (68)) وفي الذاريات (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)) كلمة ضيف جاءت بالمفرد مع أن الملائكة مكرمين يعني جمع, مثلها كلمة خصم تقال للمفرد وللجمع (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص) وهذه ليست مختصة بالإفراد. وكذلك كلمة طفل تأتي للمفرد وللجمع عندنا كلمات في اللغة تأتي للمفرد وللجمع. وكذلك كلمة بشر (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ (24) القمر) مفرد (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ (18) المائدة) جمع. عندنا كلمات تكون للمفرد وللجمع منها كلمة بشر وضيف تكون للمفرد وللجمع. عندنا ضيوف وأضياف وعندنا خصم وخصوم وطفل وأطفال ورسول أيضاً تستعمل مفرد وجمع، ورسل، رسول جمع أيضاً تستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمصدر أيضاً وهذا يسمى في اللغة إشتراك. الرسول تأتي بمعنى الرسالة والإرسال، المبلِّغ هذا الأصل فيها (فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) الشعراء) (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (47) طه).

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)

1-             قوله {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} وفي غيرها {يا أهل الكتاب} و5 19 59 الخ لأنه سبحانه استخف بهم في هذه الآية وبالغ ثم ختم بالطمس ورد الوجوه على الأدبار واللعن وبأنها كلها واقعة بهم. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} ثم كررها فقال {يا أهل الكتاب} لأن الأولى نزلت في اليهود حين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم من التوراة والنصارى حين كتموا بشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل وهو قوله {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} ثم كرر فقال {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} فكرر {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم} أي شرائعكم فإنكم على ضلال لا يرضاه الله على {فترة من الرسل} على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به والله أعلم . ( أسرار التكرار )

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (20)

1-             قوله {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا} وقال في سورة إبراهيم {وإذ قال موسى لقومه اذكروا} لأن تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به ولما كان ما في هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد وهو قوله {جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} صرح فقال يا قوم ولموافقته ما قبله وما بعده من النداء وهو قوله {يا قوم ادخلوا} {يا موسى إنا} ولم يكن ما في إبراهيم بهذه المنزلة فاقتصر على حرف الخطاب. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم) وفى إبراهيم: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا) بغير نداء؟ . جوابه: أن الخطاب بحرف النداء واسم المنادى أبلغ وأخص في التنبيه على المقصود، وفيه دليل على الاعتناء بالمنادى، وتخصيصه بما يريد أن يقوله له. فلما كانت آية المائدة في ذكر أشرف العطايا من النبوة والملك وإيتاء ما لم يؤت أحدا من العالمين وهو المن والسلوى وهم ملتبسين به حالة النداء حق لها وناسب مزيد الاعتناء بالنداء، وتخصيص المنادى، ولذلك أيضا قال: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) لأن ذلك من أعظم النعم عليهم، فناسب التخصيص بذكر المنادى. ولما كانت آية إبراهيم بذكر ما أنجاهم الله تعالى منه من قبل فرعون وكان ذلك مما مضى زمانه لم يأت فيه بمزيد الاعتناء كما تقدم في المائدة ( كشف المعاني )

3-             يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم / اذكروا نعمة الله عليكم: جاء النداء بـ “يا قوم” في آية المائدة؛ لأنه أبلغ وأخَصُّ في سياق التنبيه، وفيه إشارة إلى العناية بالمنادَى واختصاصه بالخطاب، فكان النداء مناسبًا هنا؛ لأن آية المائدة تذكر أعظم النعم وأشرفها على بنى إسرائيل: من إعطائهم النبوة، والملك، والمنِّ والسَّلوَى؛ ولذلك تكرر النداء أيضًا في الآية التالية: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}. أما آية إبراهيم فجاءت في سياق ذكر إنقاذ الله لبنى إسرائيل من بطش فرعون، وقد مضى على ذلك زمان، فهي نِعَمٌ غائبة عن أذهانهم وليست حاضرة كنعم النبوَّة والملك والمنِّ والسَّلْوَى؛ فناسب هنا حذف النداء. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)

1- قاعدون/ قعود: كلتا الصيغتين جمع “قاعد”، إن جمع السلامة يفيد معنى الحدث، فالجمع “قاعدون” يدل على حدث القعود. بينما الجمع “قعود” جاء على صيغة المصدر “قعد ـ قُعودًا”، والجمع على وزن المصدر يُرَاد به الدلالة على المعنى الحقيقي للفعل .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)

1- الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- ما الفرق بين استخدام الفاسقين والكافرين في الآيتين 26 و68 من سورة المائدة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة المائدة (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)) وقال تعالى في نفس السورةً (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)) الفرق ظاهر لأن الآية الأولى في الكلام مع موسى بخصوص قومه الذين امتنعوا عن القتال فقال تعالى (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)) وقوم موسى ليسوا كفاراً وإنما كانوا مؤمنين به والله تعالى نزّل عليهم المنّ والسلوى فبنو إسرائيل إذن ليسوا كفاراً ولا يمكن أن يقال عنهم كافرون

أما في الآية الثانية فالخطاب للرسول في خطابه لأهل الكتاب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)) فهؤلاء كفرة كما جاء في قوله تعالى (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا) ولهذا جاءت كلمة الكافرين في نهاية الآية.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27)

1-             الخبر/ النبأ: بينهما تقارب دلالي؛ إذ يشتركان في ملمح العلم بالشيء. ويتميز النَّبأ بأنه أخص من الخبر، بملمحين فارقين هما: الفائدة العظيمة. الأهمية.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)

1-             مسألة: قوله تعالى: (أن تبوء بإثمي وإثمك) كيف يبوء بإثمه وقد قال: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ؟ . جوابه: بإثم قتلى، وإثم معاصيك في نفسك. ( كشف المعاني )

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30)

1- ما الفرق بين طوعت (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) المائدة) وسولت (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) طه) (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا (18) يوسف)؟/ اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

سولت معناها زينت له، يقال سولت له نفسه أي زينت له الأمر، طوّعت أشد. نضرب مثلاً” الحديد يحتاج إلى تطويع أي يحتاج إلى جهد حتى تطوعه، تريد أن تطوع وحشاً من الوحوش تحتاج لوقت حتى تجعله يطيعك، فيها جهد ومبالغة في التطويع حتى تروضه وتذلله، المعادن تطويعها يحتاج إلى جهد وكذلك الوحوش والطيور تطويعها يحتاج إلى جهد وبذل.

التسويل لا يحتاج إلى مثل ذلك الجهد. إذن سولت أي زينت له نفسه، لذا ابني آدم قال (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) كان يفكر هل يمكن أن يقدم على قتل أخيه فاحتاج وقتاً لترويض نفسه ليفعل هذا الفعل وهو ليس كأي تسويل أو تزيين بسهولة تفعل الشيء وأنت مرتاح. التطويع يحتاج إلى جهد حتى تروض نفسه وتهيء له الأمر. وفي القرآن قال تعالى (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) في قصة السامري هنا بسهولة وهذه أسهل من أن يقتل الواحد أخاه. لا يجوز في القرآن أن تأتي طوعت مكان سولت أو العكس وفي النتيجة العمل سيكون لكن واحد أيسر من واحد. سوّل وطوع بمعنى واحد لكن طوّع فيها شدّة.

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ (31)

1- بَعَثَ / أَرسَلَ : كلا اللفظين يشتركان بملمح دلالي عام هو ( التوجيه) ، إلا أن هنالك ملامح دلالة فارقة بين الكلمتين ف (البعث ) يتميز بملمح التنبيه والإيقاظ والإثارة . أما الإرسال فيتميز بملمح الرفق والرحمة، إلا في المواضع التي جاء مركباً فيها مع حرف الاستعلاء ( على). ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  متى تستعمل يا ويلتنا ويا ويلنا؟ / اللمسات االبياينة (د.فاضل السامرائى)

الويل هو الهلاك عموماً والويلة هي الفضيحة والخزي. الويل هو الهلاك (ويل للمطففين، ويل لكل همزة، يا ويلنا إنا كنا ظالمين). (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود) فضيحة قالت يا ويلتى ولم تقل يا ويلي، المرأة تقول يا ويلي وإذا أرادت الفضيحة تقول يا ويلتي.ويمكن أن تستعمل الاثنين بالمنادى يصح

واجعل مضافاً صحّ أن يُضف ليَ      كعبد عبدي عبدِ عبدا عبديا

يا عبدي، يا عبدِ، يا عبدَ، عبدا، عبديا، خمسة أصناف للإضافة فإذن الويلة هي الفضيحة والخزي قالت (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيب) يا للفضيحة وهذا بعلي شيخاً. (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) سيفضحنا، كل الأفعال التي فعلوها ستظهر يا للفضيحةّ وهناك أعمال هم لا يحبون أن يطلع عليها أحد وستفضحهم فقال (يا ويلتنا) لأن فيها أعمال وخزي وفضيحة وهم يحبون أن يستروها فقالوا (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). ورد على لسان ابني آدم (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) المائدة) يا للفضيحة والخزي والعار هذا الغراب فكّر أحسن مني. (يا ويلنا) هي ويل هلاك (ويل للمصلين) هذا للهلاك. إذن ويل للهلاك وويلة للفضيحة والخزي هذا في اللغة. ويلة تأتي يا ويلتى أو يا ويلتي أو يا ويلتنا للجمع. ويل تأتي ويل.

3- ما الفرق بين الحسرة والندامة ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الحسرة هي أشد الندم حتى ينقطع الإنسان من أن يفعل شيئاً. والحسير هو المنقطع في القرآن الكريم لما يقول (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ (4) الملك) حسير أي منقطع، إرجع البصر كرتين، ثم ارجع البصر، الحسير المنقطع. الحسير المنقطع والحسرة هي أشد الندم بحيث ينقطع الإنسان عن أن يفعل شيئاً ويقولون يكون تبلغ به درجة لا ينتفع به حتى ينقطع. (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ (30) يس) هذه أكبر الحسرات على الإنسان وليس هناك أكبر منها. الندم قد يندم على أمر وإن كان فواته ليس بذلك لكن الحسرة هي أشد الندم والتلهف على ما فات وحتى قالوا ينقطع تماماً. يقولون هو كالحسير من الدواب الذي لا منفعة فيه (أدرك إعياء عن تدارك ما فرط منه). في قصة ابني آدم قال (قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) المائدة) الندم له درجات أيضاً ولكن الحسرة أشد الندم، هي من الندم لكن أقوى من الندم يبلغ الندم مبلغاً. (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ (167) البقرة) منقطعة ولا فائدة من الرجوع مرة ثانية.

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)

1-(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27)) إلى الآية (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)) وبعدها قال (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)) ما الحكمة في ربط حالة أول قتل على الأرض ببني إسرائيل تحديداً مع أن هناك أمماً كثيرة حصل فيها قتل؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

يقال أول كتاب نزل فيه تعظيم القتل بهذه الدرجة هو التوراة، الكتب الأخرى لم ينزل فيها مع أن التوراة سُبقت بكتب أخرى لأن بني إسرائيل كانوا أشد طغياناً وجرأة في قتل الأنبياء (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ (112) آل عمران) (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ (91) البقرة) أنبياء كثرة، أصبحت سمة عندهم (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ) فبسبب هذه الفعلة العظيمة أنهم لا يتورعون عن قتل الأنبياء جاء التحذير الشديد والتحذير يكون بحسب ما يحصل من فعل فقالوا أول كتاب نزل فيه تعظيم القتل ومع ذلك كانوا أشد طغياناً. ثم أنه أول كتاب وصل إلينا والكتب الأخرى لم تصل إلينا لكن ما نقرأ فيما هو موجود وبنو إسرائيل لا يزالون وحاولوا قتل الرسول ولهم مع المسلمين شيء إلى آخر الزمان، الآن وفي المستقبل.

2- ما الفرق بين نسبة الرسل إلى الله تعالى في الآية (وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ (32) المائدة) ونسبتهم إليهم في الآية (وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ (101) الأعراف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

لما يذكر الأحكام التي تأتي عن الله تعالى يقول رسلنا ولما يتكلم بما يتعلق بموقف القرى من الرسل وما أصابهم من سوء يقول رسلهم. مثال (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) المائدة) هذه جاءت عن الله تعالى وذكر فيها أحكام. (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) يتكلم عن موقف القوم من الرسل وكان عليهم أن ينتفعوا بالرسل. هم في الحالتين رسل لكن لما يتكلم عما جاء به عن الله تعالى يقول رسلنا ولما يذكر موقفهم وما أصابهم وكان يمكن الانتفاع بهم يذكر رسلهم أي جماعتهم.

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)

1-             قوله {لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} وفي المائدة {ليفتدوا به} لأن لو وجوابها يتصلان بالماضي فقال في هذه السورة {لافتدوا به} وجوابه في المائدة {ما تقبل منهم} وهو بلفظ الماضي وقوله {ليفتدوا به} علة وليس بجواب. ( أسرار التكرار )

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)

1-             مسألة: قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) الآية. وقال في النور: (الزانية والزاني فاجلدوا) . قدم الرجال في المائدة وأخرهم في النور؟ جوابه: أن قوة الرجال وجرأتهم على إقدامهم على السرقة أشد، فقدموا فيها. وشهوة النساء وابتداء الزنا من المرأة لتزينها وتمكينها حتى يقع الرجل بها يناسب تقديم النساء في سياق الزنا. ( كشف المعاني )

2-             السارق والسارقة / الزانية والزاني: قُدِّم السارق على السارقة في آية المائدة؛ لأنَّ الرجال أقوَى وأشدُّ جرأة وإقدامًا على السرقة من النساء. بينما قُدِّمت الزانية على الزاني في آية النور؛ لأن ابتداء الزنا هو من شأن النساء؛ لتجمُّلهن وتزيُّنهن، وهنَّ اللاتي يُمكِّنَّ الرجال من الوقوع في معصية الزنا.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)

1-             الغافر/ الغفور/ الغفار/ذو المغفرة/ أهل المغفرة : تشترك جميع هذه الألقاط في إثبات المغفرة لله عز وجل، وتختلف فيما بينها بملامح دلالية تميزها: فالغافر: تتميز بالجمع بين وصف المغفرة ،ووقوع هذه المغفرة وفاعلها هو الله، وهذه يدل على الثبات والتجدد معاً.( الغفور):تفيد دوام المغفرة وكثرتها ، وقدرة الله على ذلك.( الغفار): تفيد كثرة المغفرة وتكرارها ،وتجددها، وملازمتها، وتعدد متعلقاتها ودواعيها. والتعبير(ذو المغفرة) يفيد ملكية الله عز وجل للمغفرة مع قدرته على منعها أو منحها. أما التعبير( أهل المغفرة): يفيد الجدارة والاستحقاق لهذا الوصف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)

1-             قوله {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} {يغفر} مقدم في هذه السورة وغيرها إلا في المائدة فإن فيها {يعذب من يشاء ويغفر} لأنها نزلت بعدها في حق السارق والسارقة وعذابهما يقع في الدنيا فقدم لفظ العذاب وفي غيرها قدم لفظ المغفرة رحمة منه تعالى وترغيبا للعباد في المسارعة إلى موجبات المغفرة جعلنا الله تعالى منهم يمنه وكرمه سورة آل عمران . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فيغفر لمن يشاء) الآية. قدم المغفرة. وفى المائدة: قدم. (يعذب من يشاء) ؟ . جوابه: أن آية البقرة وغيرها جاءت ترغيبا في المسارعة إلى طلب المغفرة، وإشارة إلى سعة مغفرته ورحمته. وآية المائدة جاءت عقب ذكر السارق والسارقة، فناسب ذكر العذاب، لأنه لهم في الدنيا والآخرة. (كشف المعاني )

3-             يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء / يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء: قُدِّمت المغفرة وأُخِّر العذاب في آية البقرة المذكورة ـ وكثير من الآيات ـ ترغيبًا في المسارعة بطلب المغفرة، وإشارةً إلى سعة رحمة الله ومغفرته عز وجل. أما آية المائدة فقُدِّم فيها العذابُ وأُخِّرت المغفرة؛ لأنها جاءت بعد ذكر حكم السارق والسارقة؛ فناسب ذلك تقديم العذاب؛ إشارة إلى عذابهم في الدنيا..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)

1-             قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} وبعده {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} لأن الأولى في أوائل اليهود والثانية فيمن كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أي حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها وعرفوها وعملوا بها زمانا. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (يحرفون الكلم عن مواضعه) . وقال بعد ذلك: (من بعد مواضعه) ؟ . جوابه: أن الأولى هنا وأية النساء ربما أريد بها التحريف الأول عند نزول التوراة ونحو تحريفهم في قولهم موضع (حطة) : حنطة، وشبه ذلك. فجاءت (عن) لذلك. والآية الثانية: تحريفهم في زمن النبى – صلى الله عليه وسلم -، وتغييرهم عن المقول لهم في التوراة بغير معناه كأنه قال من بعد ما عملوا به واعتقدوه وتدينوا به كآية الرجم ونحوها، فـ (عن) لما قرب من الأمر، و (بعد) لما بعد. ( كشف المعاني )

3-             يحرِّفون الكلم عن مواضعه / يحرِّفون الكلم من بعد مواضعه: في الآية الأولى جاءت “عن” لإفادة معنى المجاوزة؛ وذلك لأنها في سياق ذكر اليهود الأوائل الذين كانوا يتجاوزون ما قال الله لهم، نحو تحريفهم كلمة “حِطَّة” إلى “حنطة” ونحو ذلك من التجاوز. أما الآية الأخرى فجاء فيها حرف الجر “من” ثم الظرف “بعد”؛ للتعبير عن فعل اليهود المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم وتغييرهم ما ثبت في التوراة وآمنوا به، كآية الرجم ونحوها، فجيء بالظرف “بعد”؛ للدلالة على البُعْد الزمنى، وسُبِق الظرف بحرف ابتداء الغاية؛ لإفادة معنى إسراعهم في تغيير ما استقر عليه من نصوص التوراة بمجرد أن علموا ببعثة سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

4-              ما الفرق بين استعمال سمّاع وسميع في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

سمّاع استعملها في الذمّ (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ (41) المائدة) (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ (47) التوبة) وسميع إستعملها تعالى لنفسه (وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) واستعملها في الثناء على الإنسان (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) الإنسان) وسماع لم يستعملها إلا في الذم. إذن القرآن يخصص في الاستعمال.

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)

1- بَعُدَ / بَعِدَ: عبَّر القرآن عن البُعْدِ في المسافة بالفعل المضموم العين (بَعُدَ)، بينما عَبَّر عن الهلاك بالفعل المكسور العين (بَعِدَ).إن مراعاة القرآن التفرقةَ بين معنى الفعلين عن طريق الصيغة الصرفية، هو الأسلوب الأمثل في التعبير اللغوي، على عادة القرآن الحكيم في ذلك. ومثل ذلك استعمال الفعلين (قسط ـ أقسط) والوصف منهما (قاسط ـ مُقْسِط)، فالمجرد بمعنى الظلم والجَوْر، والمزيد بالهمز بمعنى العدل.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) الجن) ما الفرق بين المقسطين والقاسطون؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

القاسط هو الجائر والظالم من قسط بمعنى جار وظلم وأقسط بمعنى عَدَل أزال القسط أي الجور فالمقسط هو العادل والقاسط هو الظالم الجائر، أقسط هذه تسمى همزة السلب سلب المعنى هذا إلى معنى آخر مثل جار وأجار، جار ظلم وأجار أزال الظلم.

القاسط هو الجائر الظالم والقَسط بفتح القاف هو الجور والظلم بعكس القِسط بكسر القاف هو العدل. هناك قاسطون ومقسطون (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) أي العادلون والقاسطون أي الجائرون. الهمزة هي همزة السلب، قَسَط بمعنى جار وظلم وأقسط أزال القسط وأزال الظلم مثل جار وأجار، جار ظلم وأجار رفع الظلم عنه، صرخ وأصرخ صرخ يعني صنع فعل الصراخ وأصرخ أزال الصراخ (مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ (22) إبراهيم) لا تستطيعون أن تعينوني وتزيلون صراخي ولا أنا أزيل صراخكم. إذن القاسطون الجائرون.

سؤال: فى الحديد قال (وآتيناه الإنجيل) وفي المائدة قال (وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ (46)) ولم يقل في آية الحديد فيه هدى ونور؟

في المائدة ذكر قبلها التوراة وقال فيها هدى ونور فلما قال (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ (44)) وذكر الإنجيل في الآية نفسها (وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ (46)) هو ذكر التوراة وقال فيها هدى ونور وذكر الإنجيل فيه هدى ونور فلا يسكت عنه وإنما فيه هدى ونور. الهدى والنور عام في الكتب في التوراة والإنجيل والقرآن. في الحديد لم يذكر هدى ونور (وآتيناه الانجيل)؟ لا يذكر دائماً أن فيه هدى ونور هذا يحدده السياق، عندما ذكر الكتب السماوية التوراة والانجيل والقرآن في سياق واحد ذكرها، ذكر التوراة (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) المائدة) ثم ذكر آتيناه الانجيل فيه هدى ونور لما ذكر التوراة فيها هدى ونور ناسب أن يذكر الانجيل فيه هدى ونور هناك تكلم عن التوراة وذكر أمور تتعلق بالأحكام (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) هنا لم يذكر شيئاً يتعلق بالأحكام (وآتيناه الانجيل).

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)

إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)

1-             مسألة: قوله تعالى: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) وجميع الأنبياء مسلمون، ما فائدة الصفة وهي معلومة؟ جوابه: الرد على الذين قالوا: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى فأكذبهم بقوله: (الذين أسلموا) . ( كشف المعاني )

2-             قوله {واخشون اليوم} بحذف الياء وكذلك {واخشون ولا تشتروا} وفي البقرة وغيرها {واخشوني} بالإثبات لأن الإثبات هو الأصل وحذفت الياء من {واخشون اليوم} من الخط لما حذفت من اللفظ وحذفت من {واخشون ولا تشتروا} موافقة لما قبلها. ( أسرار التكرار )

3-             – قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله} كرره ثلاث مرات وختم الأولى بقوله {فأولئك هم الكافرون} والثانية بقوله {فأولئك هم الظالمون} والثالثة بقوله {فأولئك هم الفاسقون} قيل لأن الأولى نزلت في حكام المسلمين والثانية في حكام اليهود والثالثة في حكام النصارى وقيل الكافر والفاسق والظالم كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب سورة التكرار ,وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده حقا وحكم بضده فهو ظالم ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمه الله ظالم في حكمه فاسق في فعله. ( أسرار التكرار )

4-             مسألة: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وختم الأخرى: بقوله تعالى: (فأولئك هم الظالمون) . وفى الثالثة: (فأولئك هم الفاسقون) . جوابه: أن المراد بالثلاثة: اليهود، وهم كافرون. وزادهم في الثانية: الظلم، لعدم إعطائهم القصاص لصاحبه، وفى الثالثة: الفسق، لتحديهم حكم الله تعالى. وأن المراد بالثالثة: أن من ترك حكم الله تعالى عمدا مع اعتقاد الإيمان وأحكامه فهو فاسق. ( كشف المعاني )

وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)

1-             قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله} كرره ثلاث مرات وختم الأولى بقوله {فأولئك هم الكافرون} والثانية بقوله {فأولئك هم الظالمون} والثالثة بقوله {فأولئك هم الفاسقون} قيل لأن الأولى نزلت في حكام المسلمين والثانية في حكام اليهود والثالثة في حكام النصارى وقيل الكافر والفاسق والظالم كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب سورة التكرار ,وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده حقا وحكم بضده فهو ظالم ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمه الله ظالم في حكمه فاسق في فعله. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وختم الأخرى: بقوله تعالى: (فأولئك هم الظالمون) . وفى الثالثة: (فأولئك هم الفاسقون) . جوابه: أن المراد بالثلاثة: اليهود، وهم كافرون. وزادهم في الثانية: الظلم، لعدم إعطائهم القصاص لصاحبه، وفى الثالثة: الفسق، لتحديهم حكم الله تعالى. وأن المراد بالثالثة: أن من ترك حكم الله تعالى عمدا مع اعتقاد الإيمان وأحكامه فهو فاسق. ( كشف المعاني )

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47)

1-             قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله} كرره ثلاث مرات وختم الأولى بقوله {فأولئك هم الكافرون} والثانية بقوله {فأولئك هم الظالمون} والثالثة بقوله {فأولئك هم الفاسقون} قيل لأن الأولى نزلت في حكام المسلمين والثانية في حكام اليهود والثالثة في حكام النصارى وقيل الكافر والفاسق والظالم كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب سورة التكرار ,وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده حقا وحكم بضده فهو ظالم ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق وقيل ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمه الله ظالم في حكمه فاسق في فعله. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وختم الأخرى: بقوله تعالى: (فأولئك هم الظالمون) . وفى الثالثة: (فأولئك هم الفاسقون) . جوابه: أن المراد بالثلاثة: اليهود، وهم كافرون. وزادهم في الثانية: الظلم، لعدم إعطائهم القصاص لصاحبه، وفى الثالثة: الفسق، لتحديهم حكم الله تعالى. وأن المراد بالثالثة: أن من ترك حكم الله تعالى عمدا مع اعتقاد الإيمان وأحكامه فهو فاسق. ( كشف المعاني )

وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)

   1- الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن: إن ألفاظ (الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن) بينهما تقارب دلالي، حيث تشترك في ملمحين دلاليين هما:( العلم المحيط، الرعاية ). وتفترق هذه الألفاظ في بعض الملامح الدلالية المميزة حيث يختص ( المهيمن ) بملمح القدرة والسيطرة . وينفرد ( الحفيظ بملمح دوام الرعاية ( التعهد )، ويشترك (الحفيظ والرقيب ) في ملمح دلالي غائب في (المهيمن)، هو المحاسبة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-             شِرْعَة / منهاج: إن لفظي “الشرعة ـ المنهاج” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى الطريق والطريقة. وتختلف الشِّرْعة في كونها الأصل والمورد، والمنهاج الدلائل الدالَّة على ذلك المورد وكيفية التوصل إليها. وهناك توجيه آخر للأصل الدلالي للكلمتين، وهو الدخول والابتداء في الشيء. فيكون المراد بالشرعة والمنهاج بيان التناقض الجذري بين الفريقين، وأن هذا الاختلاف والتناقض يعود إلى لحظة البداية وهى لحظة اختيار الطريق والشروع فيه، وعُبِّر عن هذا المعنى بالشرعة. كما أن التناقض مستمرٌّ بين الفريقين في التزام كل منهما طريقًا بعينه ومواصلته السير على هذا الطريق، وعُبِّرَ عن هذا المعنى بالمنهاج ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-              كلمة يختلفون وتختلفون وردت في القرآن في مواضع كثيرة (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) النمل) (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (3) الزمر) (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة) ما كُنه الاختلاف؟ / اللمسات البيانية (د,فاضل السامرائى)

الآية توضح (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة) أنبئه بالأمر فقال (بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) والثانية في القضاء والفصل فصل في القضية (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) هذا حكم، قال (فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي في الذي كانوا فيه يختلفون. إما يقول قضي بينهم أو يحكم بينهم ولما يقول يحكم بينهم وقضي بينهم يستعمل فيه. أما كانوا وكنتم فالأكثر لما يقول (كانوا) الكلام عن يوم القيامة والاختلاف كان في الدنيا (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) الاختلاف في الدنيا (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) الجاثية). (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس) هذه الآن وليس في يوم القيامة (فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) لأنها تقصد الدنيا.

سؤال: هل (كان) هنا فعل ناقص؟ نعم فعل ناقص وأحياناً يأتي تام وله استخدامات كثيرة.

وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)

     1 – الحب/ الود: إن لفظي “الحب ـ الود” بينهما تقارب دلالي؛ إذ يشتركان في بعض الملامح الدلالية، وهى الميل وتعلُّق القلب. ويختص الودّ بملمح: الشعور الخالص بالحب والإقبال، كما يختص الود بدلالته على التمني. ويختص الحب بملمح الدوام والثبات، واستعماله في معانٍ كثيرة لا يستعمل فيها الود، كالتعظيم والخضوع، كما يتميز الحبُّ بأنه يستعمل في الميل إلى الخير، ويستعمل في الميل إلى الشرِّ. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58)

1-ما هو الفرق بين( استهزأ بـ) و(سخر من)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هنالك أمران في اللغة يذكران في الاستعمال القرآني: أولاً الاستهزاء عام سواء تستهزئ بالأشخاص وبغير الأشخاص (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا (58) المائدة) الصلاة ليست شخصاً وإنما أقاويل وأفاعيل (وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا (9) الجاثية) (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا (231) البقرة) (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) التوبة) إذن الاستهزاء عام في الأشخاص وفي غير الأشخاص أما السخرية ففي الأشخاص تحديداً لم ترد في القرآن إلا في الأشخاص (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) هود). إذن الاستهزاء عام أعم من السخرية ومعنى الاستهزاء هو السخرية هم يقولون المزح في خفية وهو جانب من السخرية. الاستهزاء , والأمر الآخر السخرية لم ترد إلا من فعل يفعله الشخص أما الاستهزاء فقد يستهزأ به من غير فعل. السخرية أنت تسخر منه وهو يفعل الفعل هذا أما الاستهزاء فليس كذلك. مثلاً نوح وهو يصنع الفلك هذا عمل (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) هود) هذا فعل وهم سخروا من فعل يفعله، (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ (79) التوبة) هذا فعل.

2- فى مواطن يقول تعالى (كثير) وفي مواطن أخرى يستخدم إسم التفضيل (أكثر) فلماذا ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

كثير على وزن فعيل وهي صفة مشبهة، أكثر إسم تفضيل. يعبّر بـ (أكثر) إذا كان السياق في تعداد أسوأ الصفات والإطالة في ذكرها. (أكثرهم) جاءت صيغة التفضيل هذه في مكانين في المائدة وآل عمران. في آية الحديد ذكر وانتقل إلى كلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب، فالكلام عن أهل الكتاب جزء من آية ثم انتقل بكلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب. أما في سورة المائدة فالآيات من 57 إلى 65 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65)) يستمر في ذكر الصفات فلما يطيل ذكرهم ويعدد مساوئهم يأتي بإسم التفضيل (أكثر). في آل عمران الآيات من (65) إلى (115) آيات كثيرة أفاض فيها فقال (أكثر). أما التي لا يطيل فيها فيقول (كثير). قد تشترك صيغة فعيل في المبالغة والصفة المشبهة وإسم المفعول من حيث الصيغة فقط أما إذا كان أصل الفعل متعدياً تصير مبالغة وإذا كان أصل الفعل لازماً تصير صفة مشبهة. مثال: سميع من سمع وهو فعل متعدي إذن سميع صيغة مبالغة، عليم من علم وهو فعل متعدي إذن عليم مبالغة، حتى في رحيم قالوا إذا كانت من رحِم فعل متعدي فهي مبالغة وإذا كانت من رَحُم فعل لازم تصير صفة مشبهة. وعندنا فعُل أبلغ من فعِل وأحياناً نحوِّل إلى فعُل بقصد المبالغة. طويل من طال فعل لازم فطويل صفة مشبهة وكذلك قصير وقبيح وجميل صفة مشبهة.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)

5-             قوله {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} وفي غيرها {يا أهل الكتاب} و5 19 59 الخ لأنه سبحانه استخف بهم في هذه الآية وبالغ ثم ختم بالطمس ورد الوجوه على الأدبار واللعن وبأنها كلها واقعة بهم. ( أسرار التكرار )

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)

1-ما الفرق بين الخلق والجعل؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الجعل في الغالب حالة بعد الخلق فالخلق أقدم وأسبق. جعل الزرع حطاماً ليست مثل خلق الزرع حطاماً. جعل بمعنى صيّر، هو خلقه ثم جعله (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ (60) المائدة) لا يعني خلقهم وإنما يعني صيّرهم. إذن في الغالب الجعل بعد الخلق (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124) البقرة) صيّره إماماً وليس خلقه إماماً. عندما قال تعالى(خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) يقصد حواء و (جعل منها زوجها) الكلام عن الذرية فلما ذكر حواء قال (خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) ولما ذكر الذرية قال (جعل منها زوجها).

2– ما الفرق بين ذلك وذلكم في الاستعمال القرآني (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ (23) فصلت)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

في أكثر من مناسبة ذكرنا شيئاً من هذا. طبعاً الكاف في (ذلك) حرف خطاب وقلنا حرف الخطاب في ذلك وتلك وأولئك هذا قد يطابق المخاطب ذلك، ذلكما، ذلكنّ حسب المخاطبين المشار إليه. ذلكَ المشار إليه واحد والمخاطَب واحد مفرد مذكر وذلكِ المشار إليه واحد والمخاطبة امرأة وذلكما المشار إليه واحد والمخاطب اثنين وذلكم المشار إليه واحد والمخاطب جماعة ذكور وذلكنّ المشار إليه واحد والمخاطب جماعة إناث (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ (32) يوسف) لا يدل على جمع المشار إليه وإنما أولئك، ذانك. (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ (22) الأعراف) هي شجرة واحدة والمخاطب اثنان والكاف هو حرف خطاب ليس ضمير خطاب. حرف الخطاب في اسم الإشارة فيه لغتان لغة أنه تجعل مطابقاً للمخاطب إذا مفرد أو مفردة أو مثنى أو جمع ذكور أو إناث ولك أن تجعله بلفظ واحد وهو الإفراد والتذكير أياً كان المخاطَب مثل ذلك إذا كانوا أربعة أو خمسة، تلك شجرة ذلكم كتاب، لك أن تقول ذلكم كتاب هذا ممكن وذلك كتاب هذا من حيث اللغة. إذن فيها لغتان إما أن نجعل حرف الخطاب بصيغة التذكير أياً كان المخطابين مفرد مذكر مؤنث جمع أو يطابق، فيها لغتين لكن يبقى كيف استعملها القرآن؟ مرة يستعملها مفرد ومرة يستعملها جمع. في اللغة لا يسأل عنها لأنه كله جائز من حيث الحكم النحوي لكن نسأل من الناحية البيانية أحياناً يطابق وأحياناً يُفرِد، لماذا؟ هذا سؤال آخر. هناك فرق بين الحكم النحوي اللغوي والاستخدام البياني لماذا استخدم هذا بيانياً؟ هنالك أسباب عدّة لهذا الأمر من جملتها أن يكون في مقام التوسع والإطالة في التعبير والمقام مقام توسع وتفصيل وإطالة فيأتي بالحرف مناسباً لأن (ذلكم) أكثر من (ذلك) من حيث الحروف إذا كان المقام كله مقام إطالة يأتي بكل ما يفيد الإطالة لغة وإذا كان في مقام الإيجاز يأتي بكل ما في الإيجاز لغة، مثال (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ) المخاطَب جماعة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) المائدة) (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) الحج) آية فيها (ذلك) والثانية (ذلكم) أي الأكثر؟ الذين كفروا أو الذين جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت؟ الذين كفروا أكثر، فلما كانت المجموعة أكثر جمع فقال (ذلكم) ولما كانت أقل أفرد (ذلك).

وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62)

1- الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)

1- الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)

1- البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان : جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد  ولكنها على درجات فأشدها الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة  البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُون (66)

1-  تحت / أسفل : إن لفظي ( تحت / أسفل ) في الاستعمال القرآني يشتركان في الاشارة الى جهة الانخفاض ويفترقان في ملمح دلالي مميز أن (تحت) تستعمل في التعبير عن المنفصل أو ما يمكن انفصاله .أن ( أسفل) تستعمل في التعبير عن المتصل بعضه ببعض. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين (أن) في الآية (وألو استقاموا) وبين (ولو أنهم) بالضمير هم؟

(أن) هل ذكر ضمير؟ لا، هنا ضمير الشأن محذوف يعود على الشأن وليس على المخاطبين، (وألو استقاموا) هذا حكم عام لم يخصصه بهم بينما (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (66) المائدة) هذا خاص بهؤلاء ثم هذا نسخ التوراة والإنجيل فالحكم كيف يأتي فيما بعد؟ إذن كل واحدة هي في مكانها.

3-  ما حكم التقديم والتأخير (وأن لو استقاموا )(و لو أنهم استقاموا)؟

الحكم سيكون واحداً لم يقل أنهم حتى لا يخصص فئة معينة فى آية الجن، هذا حكم عام لجميع الدنيا على مر الزمان من يستقم على الطريقة يسقى ماء غدقاً من قبل زمن نوح إلى قيام الساعة، هذا حكم عام بينما الآية الثانية حكم خاص.

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (66) المائدة) إقامة الشيء بأن تجعله قائماً وقد استعمل القرآن الإقامة (أقاموا) للدلالة على عدم الإضاعة فالشيء الذي يضيع منك يكون مطروحاً وملقى على الأرض والإنسان في حالة قيامه يكون أقدر على الأشياء.

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)

1-ما الفرق بين يا أيها النبي ويا أيها الرسول؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الرسول من الرسالة التبليغ حتى لو لم يكن نبياً (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) مريم) الرسول معه رسالة تبيلغ والنبي أعم قد يكون رسولاً وقد يكون لنفسه ليس مكلفاً بتبليغ دعوة إلى الآخرين. كلمة النبي أعم وكل رسول نبي وليس كل نبي رسول. قد يكون ليس مكلفاً بالتبليغ مثل يعقوب عليه السلام غير مكلف بالتبليغ هو نبي وإسحق نبي، المكلف بالرسالة والتبليغ هو رسول وغير المكلف هو نبي والنبي قد يكون رسولاً وقد يكون غير رسول. لما في القرآن يقول يا أيها الرسول ينظر فيها إلى جانب التبليغ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) فالنبي أعم وقد يكون رسولاً فقد يستعمل في جانب الرسالة والدعوة والتبليغ وقد يستعمل في جانب آخر في الجانب الشخصي في غير التبليغ مثال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (41) المائدة) النبي عامة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ (65) الأنفال) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى (70) الأنبياء) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ (73) التوبة) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ (28) الأحزاب) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (1) التحريم) هذا شيء شخصي بينه وبين أزواجه. إذن النبي عامة. القرآن يستخدم يا أيها الرسول إذا كان يتكلم في أمر الرسالة والتبليغ والنبي عامة.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)

1- الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-             البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان : جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد  ولكنها على درجات فأشدها الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة  البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-              * ما الفرق بين الآيات (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) و (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (69) المائدة) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {17}الحج) في رفع ونصب الصابئين وما دلالة التقديم والتأخير؟/ اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى:

قاعدة نحوية: العطف على اسم إنّ يجب أن يكون بالنصب ولكن قد يُعطف بالرفع وليس فيه إشكال. وكلمة الصابئون معطوف بالرفع على منصوب ليس فيها إشكال كما في قوله تعالى في سورة التوبة (أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) رسولُهُ تعني أن براءة الرسول من المشركين ليست مستقلّة وإنما هي تابعة لإرادة الله تعالى ولبراءته سبحانه منهم، إذن الرسول يبرأ من ممن تبرّأ منه الله تعالى فبراءة الرسول إذن لا توازي براءة الله تعالى من المشركين. وكلمة رسولُه بالرفع في الآية تعني ورسولُه كذلك (الواو هنا واو العطف) وبعض النحاة يعتبرها اعتراضية على حمل إسم إنّ قبل أن تدخل عليه إن، وفي كل الحالات فهي تفيد أنها أقلّ توكيداً.

وفي آية سورة المائدة إنّ تفيد التوكيد عندما تذكر أمر مرفوع بمعنى أنه ليس على إرادة التوكيد (الصابئون) ليست على إرادة التوكيد بإنّ. والصابئون معناها غيرمؤكد وعلى غير إرادة إنّ، ولو أراد إنّ لنصب كلمة (الصابئون). إذن لماذا لم ينصب الصابئون؟ لأن من بين المذكورن في الآية الصابئون هم أبعدهم عن الإيمان. إذن فلماذا قدّمهم على النصارى؟ ليس بالضرورة أن يكون التقديم للأفضل ولكن التقديم هنا لمقتضى السياق. فالسياق في سورة المائدة هو ذمّ عقائد النصارى ذماً فظيعاً وتكلم على عقيدة التثليث جعلهم كأنهم لم يؤمنوا بالله وكأنهم صنف من المشركين وأنهم كفروا بالله الواحد وجعلوا له شركاء (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {72} لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73}أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74)) ولهذا قدّم الصابئون على النصارى لكن رفعها للدلالة على أنهم (الصابئون) أبعد المذكورين في الضلال ولأنهم أقلّ منزلة، وكأن النصارى أشد حالاً من الصابئين حتى تكون منزلتهم أقل وقدّم الصابئين مع أنهم لا يستحقون وأخّر النصارى لأنه ذمّ عقيدتهم لكن بما أنهم أهل كتاب عطفهم على إسم إنّ بالنصب. وكلمة الصابئون تُعرب على أنها مبتدأ وليس عطف على ما سبق وهي على غير إرادة إنّ وقد تكون اعتراضية وخبرها محذوف بمعنى (والصابئون كذلك)، أما كلمة النصارى فهي معطوفة على ما قبلها.

في سورة الحج (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {17}) قال (الصابئين) منصوبة وقدمهم على النصارى, لماذا ؟

السياق في سورة الحج موقف قضاء والله تعالى لا يجوز أن يفصل بين المتخاصمين (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ولا يمكن له سبحانه أن يُفرّق بينهم ما داموا في طور الفصل (لذا جاءت الآسماء كلها منصوبة بإنّ) فالمتخاصمين إذن يجب أن يكونوا سواء أمام القاضي.

والتقديم في القرآن الكريم وفي اللغة لا يفيد التفضيل دائماً كما في قوله تعالى في سورة (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40}) مساجد هي أفضل المذكور في الآية لكن أحياناً يُقدّم ما هو أقل تفضيلاً لأن سياق الآيات يقتضي ذلك، وكذلك نرى في ذكر موسى وهارون في القرآن فأحياناً يُقدّم موسى على هارون وأحياناً هارون على موسى وهذا يكون بحسب سياق الآيات.

وفي البقرة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62)) . النصب معطوف على منصوب. الرفع في آية سورة المائدة من حيث الناحية الإعرابية ليس فيه إشكال عند النحاة لأنهم يقولون على غير إرادة (إنّ)، على محل إسم إنّ. في الأصل إسم إنّ قبل أن تدخل عليه مرفوع فهذا مرفوع على المحل أو يجعلوه جملة: والصابئون كذلك. لكن لماذا فعل ذلك حتى لو خرّجناها نحوياً؟ هي ليست مسألة إعراب فالاعراب يخرّج لأنه يمكن أن نجعلها جملة معترضة وينتهي الإشكال. لكن لماذا رفع؟ (إنّ) تفيد التوكيد معناه أنه قسم مؤكّد وقسم غير مؤكد. (الصابئون) غير مؤكد والباقي مؤكد لماذا؟ لأنهم دونهم في المنزلة، أبعد المذكورين ضلالاً، يقول المفسرون أن هؤلاء يعبدون النجوم. صبأ في اللغة أي خرج عن المِلّة، عن الدين. فالصابئون خرجوا عن الديانات المشهورة. وهم قسمان وقسم قالوا إنهم يعبدون النجوم وقسم متبعون ليحيى فهما قسمان. هؤلاء أبعد المذكورين والباقون أصحاب كتاب، الذين هادوا أصحاب كتاب عندهم التوراة والنصارى عندهم كتاب الإنجيل والذين آمنوا عندهم القرآن الصابئون ما عندهم كتاب ولكن قسم من الصابئين يقولون عندهم كتاب لكن بالنسبة لنا هم أبعد المذكورين ضلالاً ولذلك هم دونهم في الديانة والاعتقاد ولذلك لم يجعلهم بمنزلة واحدة فرفع فكانوا أقل توكيداً. النصارى معطوفة على المنصوب لأنه هو الأصل (لا تظهر عليها علامة الإعراب لأنه إسم مقصور) وهذا الأرجح وليس فيه إشكال أن تكون الصابئون مرفوعة وليس بالضرورة أن يكون العطف على الأقرب. أخّر النصارى في المائدة لأنه ذمّ عقيدتهم وفي البقرة لم يذم العقيدة ووضع الصابئين في آخر المِلل.

(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)) مع البُعد أما هنا (والصابئون).

عندما تنصب اسماً في موضعين، الاسم ورد في ثلاث مواضع: الصابئون والصابئين: في موضعين جاء منصوباً وفي موضع جاء مرفوعاً. المفروض أن نقول لِمَ رفع هنا؟ ولا نقول أن هذا خطأ في القرآن. هذا الكلام ظلم وجهل بما عليه اللغة العربية. الآية (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)) المائدة هذه الآية حقيقة الكلام كان مع الرسول في البداية (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) ثم (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)) (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)) هؤلاء الذين يؤمنون ويلتزمون بما أنزل على الرسول . لِمَ رُفِعت؟ الذين آمنوا شأنهم منتهي نقول إن الذين آمنوا. هنا عندنا في اللغة أحياناً الخبر يُحذف إذا دلّ عليه دليل. تقول : من في المكتبة؟ محمد. هناك دليل يعني محمد في المكتبة. إما أن يسبق في السؤال وإما أن يأتي بعد ذلك. في الشواهد النحوية نقول: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف (يعني نحن بما عندنا راضون) من أين علِمنا؟ بما جاء بعد ذلك. خُذ من بشر بن خازم هذا عربي فصيح قُتِل قبل البعثة بثمانين عاماً جاهلي ديوانه مطبوع يتكلم على الشقاق بين عصبته وبين عموم قومه ، ماذا يقول؟ وإلا فاعلموا أننا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق. (نا) في أننا اسم أن، لو كانت الواو عاطفة (وأنتم) كان معطوفاً على منصوب كان يقول (وإياكم) لأن (أنتم) ضمير رفع. هنا ابتدأ جملة جديدة (لما يعطف على منصوب يعطف منصوباً) إذن إننا بغاة للتقدير. إن: حرف مشبه بالفعل و(نا) اسمها) في محل نصب ثم قال (و) هذه مثل (والذين هادوا) في آية سورة المائدة، (نا) تقابل الذين آمنوا.وهي اسم إن ثم جاءت الواو في كلمة (وأنتم) كما في (والذين هادوا) في محل رفع بدليل الصابئون.

إعراب (إن الذين آمنوا): إن: حرف مشبه بالفعل، الذي اسمها في موضع نصب، آمنوا: صلة الموصول. الواو هنا استئنافية أو عاطفة لجملة يعني وخبر إن محذوف سيدل عليه ما سيأتي تقديره الكلام: إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ابتدأ كلاماً آخر معطوف على الكلام السابق (والذين هادوا والصابئون والنصارى) الذين: مبتدأ في محل رفع خبره (من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) جملتا الشرط والجواب يعني الذين هادوا هذا حكمهم (من آمن بالله واليوم الآخر) هذه جملة خبر المبتدأ (الجملة خبرية جملة خبر) فماذا عندي؟ عندي مبتدأ حُذِف خبره لدلالة ما بعده عليه (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) جاءت الواو لتعطف الجملة الجديدة المكونة من مبتدأ ومعطوفات على المبتدأ وجملة خبرية. الذين وحدها مبتدأ وهذه (هادوا) في موضع رفه وهذه معطوفة على المرفوعات وهذا شبيه تماماً قول بِشر (إننا وأنتم بغاة) أخبر عن أنتم بقوله بغاة ولو كانت الواو عاطفة على مفرد كان لا يستطيع أن يقول أنتم. عطف الجملة واستأنفت وعطفت الجملة.

هناك (إنّ) التي تأتي بعدها المبتدأ ستبقاً يكون اسماً لها منصوباً ثم جاءت الواو وجاءت الكلمة مرفوعة قبل تمام الخبر. هذه قضية تحتاج الى نظرة أو رجعة الى بعض الشعر العربي لنرى أن العرب يمكن أن تحذف المعلوم وقد ضربنا لذلك مثلاً في الجلسة الماضية. أمامنا مجموعة من الأبيات الشعرية من أقدمها بيت لِبِشر بن أبي خازم وقلت أن هذا شاعر ديوانه مطبوع قُتِل قبل البعثة بثمانين عاماً وجُمِع ديوانه وتداولته العرب/ هو يحدّث قومه وبينهم شقاق وخلاف ويبدو أنهم صاروا فريقين فيقول لهم: إذا بقينا على هذا الشقاق فنحن (أي هو ومن معه) بغاة وأنتم بغاة. عندنا في الأصل جملتان للشاعر (نحن بغاة) مبتدأ وخبر، و(أنتم بغاة) مبتدأ وخبر والجملة الثانية معطوفة.

أدخل (إنّ) ليؤكد، (نحن) ضمير رفع، لما دخلت (إنّ) ينبغي أن يقول على ضمير نصب، ضمير النصب المنفصل (إياي، إيانا، إياك، إياهم) لكن عندنا قاعدة في الضمائر بناء على كلام العرب: إذا أمكن الإتيان بالضمير المتصل لا يُعدل عنه إلى الضمير المنفصل (مثال: إما أن أقول أكرمتك ونظرياً أكرمت إياك ، لا يجوز استعمال إياك لأنه يمكن أن أقول أكرمتك). فـ (نحن) يفترض تحولت إلى (إيانا) لما دخلت (إنّ) ارتبطت بها فتحولت الى (إننا) وللتخفيف قال (إنّا). أصل الجملة كأنما قال: إنا بغاة وأنتم بغاة. إنا بغاة وأنتم بغاة هكذا جملتان منفصلتان الشاعر وجد في هذا التكرار شيئاً لا ينبغي أن يكون فأراد أن يحذف وكان بإمكانه أن يحذف الثانية (إنا بغاة وأنتم) ويكون قد حذف لكنه قال (وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة) هو له حكمة حقيقة لما حذف هو لم يُرِد أن يربط البغي بقومه، بمن معه، بفئته. لا بد من هذه المقدمة الانتقال إلى الآيات: إذن الشاعر حذف من الأول وأصل الكلام عنده (إنا بغاة وأنتم بغاة) فحذف بغاة من الأول فصارت (إنا وأنتم بغاة)فلما تسمع البيت للوهلة الأولى (وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة) ينبغي أن تدرك أنه حذف لكن لو قُريء بشكل سريع قد لا ينتبه الانسان وقد لا يفهم أنه محذوف لذا ينبغي التأنّي والتأمل في القراءة لمعرفة الحدث.

في سورة المائدة الكلام على اليهود والنصارى، مرة يذكر اليهود ومرة يذكر النصارى ثم يتكلم عن دعوتهم (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) الأمر أمر دعوة لهؤلاء أن يدخلوا في الاسلام، ثم يقول (إن الذين آمنوا والذين هادوا). نأتي الى التطبيق: (إن الذين آمنوا) تقابل كلمة (إنّا) في الشعر، الذي: اسم موصول مبني في محل نصب ولم تظهر علامة الصب على كلميتن، آمنوا: صلة الموضول لا محل لها من الإعلااب، الواو في كلمة(والذين هادوا) كالواو في (وأنتم بغاة) الواو عاطفة لجملة على جملة. أوضح الأمر أكثر: الذين آمنوا لا يحتاجون إلى أن يقال لهم (مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا) هذا القيد ليس لمن آمن بمحمد لأن الأمر أمر دعوة. لما يقول (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) تبليغ ثم يقول (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)) علماؤنا من المفسرين يقولون: ما أنزل إليكم الاسلام الذي أنزل إليكم ينبغي أن تتبعوه. الذين آمنوا يعني المسلمين والمسلمون لا يحتاج إلى أن يقيدهم ويقول (مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا). فإذا أردنا أن نعود إلى أصل العبارة في غير القرآن يفترض أن تكون: إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، هذا فريق الذين آمنوا وهو محذوف دلّ عليه المذكور.

لماذا أريد أن أعيدك إلى الشعر؟ لترتبط به. (فإني وأنتما وإن لم تبوحا بالهوى دنفان) إني دنف وأنتما دنفان، محذوف الأول يدل عليه المذكور. هذا المذكور هو خبر المذكور ومشير الى المحذوف وتقدير الكلام في غير القرآن: إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هذا فريق، والذين هادوا والصابئون والنصارى بقيد لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ما هو القيد؟ أن يكونوا مؤمنين (مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا). أن يكونوا مؤمنين حتى يكونوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لذا نقول: ينبغي أن يرتبط الكلام بكلام العربي. إن هناك حذف يدل عليه المذكور. الذين آمنوا شيء وهؤلاء شيء آخر. الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون إذا التزموا بهذا القيد الذي هو (مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا).

(والذين هادوا): الواو عاطفة للجملة. الذين: مبتدأ، هادوا: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب، الصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر لا خوف عليهم ولا هم يحزنون: جملتا الشرط والجواب خبر للذين هادوا والجملة كلها معطوفة على الجملة الأولى. فإذن نحن عندنا جملتان تماماً كقول الشاعر (إنا وأنتم بغاة) والتقدير: إنا بغاة وأنتم بغاة لكن حذف من الأول للدلالة في الثانية كقول : خليلي هل طبٌ فإني (تقديره: إني دنف) وأنتما دنفان. وبهذا (الذين هادوا): الذين صارت في محل رفع ودليل كونها مرفوعة أن الصابئون جاءت مرفوعة وهنا عطف مفردات (الذين هادوا والصابئون والنصارى) صار عندنا أن الذين هادوا مبتدأ بدليل رفع الصابئون.

حتى هذا الذي يتحدث ويقول القرآن فيه غلط في الإعراب هو يجهل العربية أو يتجاهلها والله تعالى يقول (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) لو لم يكن قلب مقفلاً لتفهمها.

في العصر العباسي لما بدأت الدراسة والفلاسفة، اعترض أحدهم في جزئية فقال له أحد العلماء: يا هذا هب أن محمداً ليس نبياً أفتنكر أنه كان عربياً؟ يعنب افرض أنه لم يكن نبياً معناه هو الّفه إذن هوعربي فتعترض على لغة العربي؟ الآن أحدث النظريات اللسانية (النظرية التوليدية التوحيدية) تقول أن ابن اللغة لديه الكفاية اللغوية في أن يدرك ما يوافق لغته وما لا يوافقها، يستطيع أن يقول هذه جملة لاحنة وهذه جملة صواب ومن غير دراسة وإنما أعني بابن الغة التي لم يدرسه. أنت الآن إذا قلن لبائع مصري أعطني كيلوين خيار يوزن لك كيلو واحد أنه تعود أن يقول في لغته 2 كيلو. لم يؤثر مع أن الرسول كل الآسئلة التي سُئلها وكل الحركات التي تحركها وكل الأقوال التي قالها في فراش نومه ألى ساحة المعركة وما بينهما سُجّلت وما سُجّل أن أحداً اعترض لم رُفِعت هنا ولم نصبت هنا لأنهم كانوا يدركون ذلك.

في سورة الحج: المجال في سورة المائدة مجال دعوة. في مجال الدعوة: الذين آمنوا صنف وهؤلاء المدعوون صنف آخر. في الحج الكلام على الفصل يوم القيامة فإذا كان عندك مجموعات تريد أن تفصل بينهم ولله المثل الأعلى ستجعلهم كتلةواحدة وتجمعهم جمعاً واحداً ثم تفصل بينهم أما ابتداء تفصل؟ إذن أنت فصلت من الأول. لاحظ الآيات في سورة الحج: لم يتكلم عن اليهود والنصارى وبالمناسبة الحقيقة الصابئون فيها كلام هل هم نوع من الموحدين خلطوا من اليهود والنصارى والعرب؟ هذا قول، وقول يقول هم من أتباع يحيى ابن زكريا لكن القول الراجح ولذلك سننظر في التقديم والتأخير لأنهم متأخرين في اليهود والنصارى وحاولوا أن يجمعوا من هؤلاء وهؤلاء لكن يرد ذكرهم بين اليهود والصارى لبيان الموقع الاعرابي وللفصل بين اليهود والنصارى ولا كما يقول النصارى ولا كما خُدِعوا بأنهم يهود مع تغيير طفيف لأن عندهم الكتاب المقدس وعند المسلمين أن النصارى الكتاب المقدس عندهم وحده. هم عندهم الكتاب المقدس: (العهد القديم) التوراة و(العهد الجديد) الانجيل ويعبدون الله بالتوراة كما نعبد نحن بالسور المكّية وهذا حوّل المسيحي المتدين الى صهيوني لأنه يعبد الله بالتوراة والتوراة فيها ما فيها.

في سورة الحج ذكر ما ذكر اليهود ولا النصارى ولا شيء من هؤلاء لكنه تحدث عن مطلق الايمان والكفر والحساب يوم القيامة لذلك لما ذكر ذكرهم أولاً بالتأكيد ثم جمعهم جميعاً حتى يأتي معنى كلمة يفصل بينهم. لاحظ الآية: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)) إذن هنا لا مجال ولا معنى لفصل المؤمنين لأن الفصل سيكون يوم القيامة ما ذكر لهم شيئاً أن هؤلاء سيفصل الله بينهم، كيف يفصلهم؟ أنت كيف تفصل بين المتلازمات؟ لا بد أن تكون متلازمة تجمعها ثم تفصل هذا يكون هكذا وهذا يكون هكذا. فلما جاء الى ذكر الفصل جمعهم وجعل العطف عطفاً طبيعياً (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) حتى يظهر أن الكلام في محل نصب. هنا صار جمع بينهما وهناك

(في المائدة) إن الذين آمنوا لهم حكم وهؤلاء لهم حكم مقيّد إذا فعلوا هذا معناه أنه سينحازون الى الايمان والاسلام. لكن هنا ليس هناك كلام على الايمان أو غيره وإنما كلام على الفصل، كيف يفصل؟ لا بد أن يجمعهم أولاً ثم يفصل. صدقت العرب  قالت: الإعراب فرع المعنى. لا بد من أن نفهم المعنى حتى نقوم بتوجيه الاعراب لذا أي جملة لها توجيه إعرابي فهي عربية وأي جملة ليس لها توجيه إعرابي فهي ليست عربية، إذا لم يكن لها توجيهاً إعرابياً فهي ليست من كلام العرب.

آية البقرة: ممكن أن تُحمل على الوجهين. أولاً: آية المائدة تكلمت عن اليهود والنصارى، وفي الحج لم يذكر يهود ولا نصارى أو أي شيء، أما هنا في البقرة فذكر اليهود فقط وتكلم فيهم كلاماً يوحي لمن يقرأه أن هؤلاء ليس لهم شفاعة ولا يمكن أن يكونوا على خير مطلقاً. لما نأتي الى الآيات نجد في هذه المواطن تجميع لمصائبهم وما صنعوا (وإذ فرقنا بكم البحر، وإذ واعدنا موسى، ثم اتخذتم العجل، لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، لن نصبر على طعام واحد، فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) تكاد تقول هل لهؤلاء من منجاة؟ هل لهؤلاء من مخلص؟ لما كان هذا ما لهم جاءت الآية في وسط الكلام عليهم كأنها يريد أن تبين أن هناك باب مفتوح لهم ولغيرهمللولوج فيه وهو الدخول في هذا الدين. خلال الكلام في الآيات التي قبلها (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)) ثم يعود إليهم مباشرة (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)) الكلام هل هؤلاء لهم مخرج؟ عند ذلك ذكر (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) هناك ما ذكر الأجر وهنا تحدث عن الأجر لأن الكلام على اليهود لوحدهم حتى يعلم الانسان أن هؤلاء وغيرهم لهم منجاة وله منفذ والمنفذ هو الايمان بالله واليوم الآخر عند ذلك يكون له أجره ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الفارق (إن الذين آمنوا) يحسن فيها أن نحملها على وجهين: إما أن تقول كما قلنا في المرة الأولى (إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ثم جاء المعطوف منصوباً لأن المعطوف على اسم إنّ يمكن أن يأتي مرفوعاً ويمكن أن يأتي منصوباً. المرفوع تكون جملة ابتدائية عند ذلك مثل (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (التوبة)) أي ورسوله كذلك بريء تمّ الكلام هنا. لكن الحديث هنا قبل تمام الخبر كأن تقول: إن زيداً وخالداً في المكتبة ولك أن تقول: إن زيداً وخالدٌ في المكتبة وهذا رأي جمهور الكوفيين في الحقيقة. أنت تستطيع أن تقول هناك جملة اعتراضية : إن زيداً في المكتبة وخالد في المكتبة. صار العطف قبلهم لكن أنا أميل الى قراءة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) قُريء والقراءة منسوبة الى ابن عباس وألى ابي عمر (وملائكتُه) معناه أن الله يصلي على النبي وملائكته يصلون وعند ذلك نكون فصلنا صلاة الله تعالى عن صلاة عباده من الملائكة وغيرهم. هذا المعنى ممكن أن نفهمه حتى مع النصب وهو الذي نميل إليه حقيقة (إن الله وملائكتَه) إن الله يصلي وإن ملائكته يصلون هنا التأكيد مراد. الواو عاطفة وملائكته معطوفة على اسم إنّ وتكون منصوبة مباشرة والخبر يكون الخبر للثاني.

هذا ليس تشتتاً هذا كلام العرب هذا المعنى كيف تتحصل على هذا المعنى لو كان المضوع كله منصوباً لو الكلام في غير القرآن لو قال الصابئين بالنصب سيختلط الذين آمنوا بالذين هادوا والصابئين بينما نحن نريد لهم أن يكونوا كياناً مستقلاً له صفته. تغيّر الوجه الإعرابي دلالة على تغيّر المعنى. تقول إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون بشرط كذا وكذا هذا الشرك لم تذكره مع الذين آمنوا لأنهم آمنوا فهي ليست مسألة تشتت.

5-              حكمة التقديم والتأخير:

الصابئون وردت في ثلاثة أمكنة: في المائدة والحج الصابئين مقدمة لغرضين: الأول لبيان الإعراب حمل الكلمة التي قبلها في موضع نصب أو موضع رفع لو وضعها بين النصارى والذين هادوا لأن كلاهما لا يظهر عليه علامة الإعراب فوضعها بالنصف فتبيّن الأول. والشيء الثاني يرتبط بالمعنى حتى لا يُفهم أن اليهود والنصارى واحد. أما في البقرة فحشرهم على الجانب التاريخي لأنه لم يذكر النصارى إنما ذكر اليهود لوحدهم فذكر اليهود ومن ورائهم بالترتيب التاريخي لأن النصارى لم يرد لهم ذكر هنا. الذين آمنوا (المؤمنون) مقدّمون على الجميع ولذلك نقول حقيقة لشبابنا وشاباتنا ولأهلنا: لا تنخدعوا بمن يقول لكم كلمات في الاعراب والنحو. ابتداء نقول كما قال ذلك العربي لأحد الفلاسفة: أحد الفلاسفة وجد أعرابياً يصلي قال: أنت تعبد الله؟ قال الأعرابي: نعم فقال : عندك دليل على وجود الله حتى تعبده؟ فنظر الأعرابي في الكون فقال : لمذا أبحث عن دليل؟ قال: أما أنا فعندي مئة دليل على وجود الله فقال الأعرابي: لأن في قلبك مئة شك فتّشت عن مئة دليل. هذا الكون يقول لا إله إلا الله. هذا القرآن العرب الفصحاء الذين كان ينهي الاسلام عندهم أن يجدوا خطأ في لغتهم (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) النحل) كانوا يقولون لا أعجمي. ومع ذلك سؤال أهل العلم لا تنخدع على الانترنت بمن كتب صفحات في بيان أن كلمة الصابئون فيها خطأ نحوي الا يستحي؟ هذا ذكر لأبنائنا ممن لا يتعمق في اللغة العربية.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)

1-  قوله {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} وقال في الحج {والصابئين والنصارى} وقال في المائدة {والصابئون والنصارى} لأن النصارى مقدمون على الصابئين في الرتبة لأنهم أهل كتاب فقدمهم في البقرة والصابئون مقدمون على النصارى في الزمان لأنهم كانوا قبلهم فقدمهم في الحج وداعى في المائدة بين المعنين وقدمهم في اللفظ وأخرهم في التقدير لأن تقديره والصابئون في كذلك . قال الشاعر : فإن يك أمسى بالمدينة رحله … فإني وقيار بها لغريب أراد إني لغريب وقيار كذلك فتأمل فيها وفي أمثالها يظهر لك إعجاز القرآن. ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين (4) وقال فى المائدة والحج: (والصابئون والنصارى) . قدم النصارى فى البقرة، وأخرهم فى المائدة والحج
جوابه: أن التقديم قد يكون بالفضل والشرف، وقد يكون بالزمان. فروعي في البقرة تقديم الشرف بالكتاب، لأن الصابئين لا كتاب لهم مشهود ولذلك قدم: (الذين هادوا) في جميع الآيات. وإن كانت الصابئة متقدمة في الزمان. وأخر النصارى في بعضها: لأن اليهود موحدون (1) والنصارى مشركون، ولذلك قرن النصارى فى الحج بالمجوس والمشركين، فأخرهم لإشراكهم بمن بعدهم في الشرك، وقدمت الصابئون عليهم في بعض الآيات لتقدم زمانهم عليهم. وقول بعض الفقهاء: إن الصابئة فرقة من النصارى باطل لا أصل له. ( كشف المعاني )

3- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-ما وجه الإختلاف من الناحية البيانية بين خاتمة آية 62 في سورة البقرة وخاتمة آية 69 في سورة المائدة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هناك فرق بين الآيتين (فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في آية سورة البقرة أما في سورة المائدة (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) المذكورين في الآيتين هم نفسهم (الذين آمنوا، الذين هادوا، النصارى، الصابئين) فلماذا جاء في سورة البقرة (فلهم أجرهم عند ربهم ولم تأتي في سورة المائدة؟ في سورة المائدة السياق كما قلنا في ذمّ عقائد اليهود والنصارى ذمّاً كثيراً مسهب. أما في البقرة فالكلام عن اليهود فقط وليس النصارى ونستعرض آيات السورتين وننظر كيف تكلم عن اليهود في الآيتين: في سورة المائدة الكلام على اليهود أشدّ مما جاء في البقرة حتى لما يذكر العقوبات يذكرها في المائدة(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {60}) أكثر من البقرة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ {65}) وسياق الغضب في المائدة على معتقدات النصارى واليهود أشدّ وما ذكرهم في المائدة إلا بمعاصيهم  فاقتضى السياق أن يكون زيادة الخير والرحمة في المكان الذي يكون الغضب فيه أقل (في سورة البقرة) وجو الرحمة ومفردات الرحمة وتوزيعها في سورة البقرة :ثر مما جاء في سورة المائدة ولم تُجمع القردة والخنازير إلا في سورة المائدة.

مبدئياً بما أن سورة البقرة جاءت أقل غضباً وذكراً لمعاصي اليهود لذا جاءت الرحمة فقد وردت الرحمة ومشتقاتها في سورة البقرة 19 مرة بينما وردت في المائدة 5 مرات لذا اقتضى التفضيل بزيادة الرحمة في البقرةوالأجر يكون على قدر العمل فالنسبة للذين آمنوا من أهل الكتاب قبل تحريفه وهم مؤمنون بالله تعالى عليهم أن يؤمنوا إيماناً آخر باليوم الآخر المقصود الذين آمنوا إيماناً حقيقياً.

أنواع العمل الصالح في السورتين: في سورة المائدة ورد ذكر 10 أنواع من العمل الصالح (الوفاء بالعقود، الوضوء، الزكاة، الأمر بإطاعة الله ورسوله، والإحسان، التعاون على البر والتقوى، إقام الصلاة، الجهاد في سبيل الله والأمر باستباق الخيرات) وفي سورة البقرة ورد ذكر 30 أو 33 نوع من أعمال الخير وتشمل كل ما جاء في سورة المائدة ما عدا الوضوء وفيها بالإضافة إلى ذلك الحج والعمرة والصيام والإنفاق والعكوف في المساجد وبر الوالدين والهجرة في سبيل الله ولإيفاء الدين والقتال في سبيل الله والإصلاح بين الناس وغيرها كثير، لذا اقتضى كل هذا العمل الصالح في البقرة أن يكون الأجر أكبر (فلهم أجرهم عند ربهم).

من ناحية أخرى (فلهم أجرهم عند ربهم) تتردد مفرداتها في كل سورة كما يلي:

1.      الفاء وردت في البقرة 260 مرة ووردت في المائدة 180 مرة

2.      لهم وردت في البقرة 29 مرة وفي المائدة 15 مرة

3.      أجرهم وردت في البقرة 5 مرات وفي المائدة مرة واحدة فقط

4.      عند وردت في البقرة 19 مرة وفي المائدة مرة واحدة

5.      ربهم وردت في البقرة 10 مرات ومرتين في المائدة.

وهذه العبارة (فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لم ترد إلا في سورة البقرة بهذا الشكل وقد وردت في البقرة 5 مرات.

وتردد الكلمت في القرآن تأتي حسب سياق الآيات وفي الآيات المتشابهة يجب أن نرى الكلمات المختلفة فيها وعلى سبيل المثال:

      (فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (الأنعام) الإيمان ومشتقاته ورد 24 مرة والتقوى وردت 7 مرات. بينما في سورة الأعراف (فمن اتقى أصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ورد الإيمان ومشتقاته21 مرة والتقوى 11 مرة.

      (فأصابهم سيئات ما عملوا) في سورة النحل تكرر العمل 10 مرات والكسب لم يرد أبداً. أما في سورة الزمر (فأصابهم سيئات ما كسبوا) تكرر الكسب 5 مرات والعمل 6 مرات.

      (فلما أتاها نودي يا موسى) (طه) تكرر لفظ الإتيان أكثر من 15 مرة والمجيء 4 مرات بينما في سورة النمل (فلما جاءها نودي يا موسى) تكررت ألفاظ المجيء 8 مرات وألفاظ الإتيان 13 مرة.

      (إن الله غفور رحيم) (البقرة) تكرر لفظ الجلالة الله 282 مرة والرب 47 مرة ولم ترد إن الله غفور رحيم أبداً في سورة الأنعم، بينما في سورة الأنعام (إن ربك غفور رحيم) تكررت كلمة الرب 53 مرة ولفظ الجلالة الله 87 مرة ولم ترد في سورة البقرة أبداً إن ربك غفور رحيم

(فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) الفاء في موضعها وهي ليست حرف عطف ولكنها جواب للذين (هي جواب شرط) ولا يُجاب عليه بغير الفاء أن جواب الشرط أو جواب اسم الشرط الذين يؤتى بالفاء ولا حرف غيرها ينوب مكانها.

(لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) تعبير في غاية العجب والدقة من الناحية التعبيرية والدقة ولا تعبير آخر يؤدي مؤدّاه. نفى الخوف بالصورة الإسمية ونفى الحزن بالصورة الفعلية كما خصص الحزن (ولا هم) ولم يقل لا عليهم خوف:

1.      لا خوف عليهم ولم يقل لا يخافون كما قال لا يحزنون لأنهم يخافون ولا يصح أن يقال لا يخافون لأنهم يخافون قبل ذلك اليوم (يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار) (إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا) وهذا مدح لهم قبل يوم القيامة أما يوم القيامة يخافون إلا مَن أمّنه الله تعالى. كل الخلق خائفون (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت) لذا لا يصح أن يقال لا يخافون فالخوف شيء طبيعي موجود في الإنسان.

2.      لا خوف عليهم معناها لا يُخشى عليهم خطر. ليس عليهم خطر فقد يكونوا خائفين أو غير خائفين كما يخاف الأهل على الطفل مع أنه هو لا يشعر بالخوف ولا يُقدّر الخوف فالطفل لا يخاف من الحيّة ولكنا نخاف عليه منها لأنه لا يُقدّر الخوف. الخوف موجود ولكن الأمان من الله تعالى أمّنهم بأنه لا خوف عليهم ليس المهم أن يكون الإنسان خائفاً أو غير خائف المهم هل يكون عليه خطر أم لا (لا خوف عليهم) وقد يخاف الإنسان من شيء ولكن ليس خوف كالطفل يخاف من لعبة لا تشكل عليه خطراً.

3.      ولا هم يحزنون: جعل الحزن بالفعل فأسنده إليهم لماذا لم يقل (ولا حزن)؟ لأنه لا يصح المعنى لأنه لو قالها تعني ولا حزن عليهم أي لا يحزن عليهم أحد المهم أن لا يكون الإنسان حزيناً لكن لا أن يُحزن عليه أحد (إما لأنه لا يستحق الحزن عليه أو لا يشعر).

4.      ولا هم يحزنون: بتقديم (هم) الذين يحزن غيرهم وليس هم. نفي الفعل عن النفس ولكنه إثبات الفعل لشخص آخر كأن نقول (ما أنا ضربته) نفيته عن نفسي وأثبتّ وجود شخص آخر ضربه (يُسمّى التقديم للقصر) أما عندما نقول (ما ضربته) يعني لا أنا ولا غيري. نفى الحزن عنهم وأثبت أن غيهم يحزن (أهل الضلال في حزن دائم). ولم يقل لا خوف عليهم ولاحزن لهم لأنها لا تفيد التخصيص (نفى عنهم الحزن ولم يثبته لغيرهم) ولو قال ولا لهم حزن لانتفى التخصيص على الجنس أصلاً ولا ينفي التجدد وقوله تعالى (لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) لا يمكن أن يؤدي إلى حزن فنفى الخوف المتجدد والثابت ونفى الحزن المتجدد (لا هم يحزنون بمعنى لا يخافون) والثابت (لا خوف) ولا يمكن لعبارة أخرى أن تؤدي هذا المعنى المطلوب.

5.      لماذا إذن لم يقل (لا عليهم خوف) ولماذا لم يقدم هنا؟ لأنه لا يصح المعنى ولو قالها لكان معناها أنه نفى الخوف عنهم وأثبت أن الخوف على غيرهم يعني يخاف على الكفار لكن من الذي يخاف على الكفار. لذا لا يصح أن يقال لا عليهم خوف كما قال ولا هم يحزنون.

6.      لماذا قال لا خوفٌ ولم يقل لا خوفَ عليهم (مبنية على الفتح)؟ لا خوفَ: لا النافية للجنس تفيد التنصيص في نفي الجنس (لا رجلَ هنا معناها نفينا الجنس كله) أما (لا خوفٌ) عندما تأتي بالرفع يحتمل نفي الجنس ونفي الواحد. والسياق عيّن أنه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون من باب المدح على سبيل الإستغراق وفي مقام المدح. وفي قراءة أخرى خوفَ (قراءة يعقوب). الرفع أفاد معنيين لا يمكن أن يفيدها البناء على الفتح، لا خوفٌ عليهم يفيد دلالتين أولاً إما أن يكون حرف الجر متعلق بالخوف خوفٌ عليهم والخبر محذوف بمعنى لا خوف عليهم من أي خطر (لا خوف) من باب الحذف الشائع ويحتمل أن يكون الجار والمجرور هو الخبر (عليهم) قد يكون هو الخبر. مثال قولنا: الجلوس في الصف: قد تحتاج إلى خبر فنقول الجلوس في الصف نافع وجيّد، وقد تحتمل معنى أن الجلوس (مبتدأ) في (الصف) خبر بمعنى الجلوس كائن في الصفّ. في الرفع (لا خوفٌ عليهم) تدل على معنيين لا خوف عليهم من أي شيء وتحتمل لا خوف عليهم وهذا متعلق بالخوف ومتعلق بالخبر المحذوف (من أي خطر). أما في النصب (لا خوفَ عليهم) لا يمكن أن يكون هذا الأمر ولا بد أن يكون الجار والمجرور هو الخبر (لا خوف عليهم) عليهم لا يحتمل أن يكون متعلقاً وهذا يؤدي إلى معنى واحد وليس معنيين أي يأخذ شق من المعنيين ويكون متعلقاً بالخبر المحذوف وليس بالخبر. فلماذا لا يصح؟ لأنه إذا تعلق بالمضاف يجب القول لا خوفاً عليهم (لآنه يصبح شبيه بالمضاف) ولا يعد مبنياً على الفتح إنما منصوباً.

لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (70) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)

1- أنصار/ ناصرون: صيغة “أنصار” جمع نصير، نحو شريف وأشراف. فهو جمع لصيغة المبالغة الدالة على ثبوت الصفة مع المبالغة فيها؛ ولذا أُطلِق على أهل المدينة ممن نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه. وصيغة “ناصرين” جمع مذكر سالم مفرده “ناصر”، ويدل على مجرد إثبات الصفة دون مبالغة فيها؛ ولذلك جاء في أكثر سياقاته لنفى النصرة عن الظالمين، فنفى عنهم مجرد النصر .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

1-             تقوله {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} كرر لأن النصارى اختلفت أقوالهم فقالت اليعقوبية إن الله تعالى ربما تجلى في بعض الأزمان في شخص فتجلى يومئذ في شخص عيسى فظهرت منه المعجزات وقالت الملكية إن الله اسم يجمع أبا وابنا وروح القدس اختلفت بالأقانيم والذات واحدة فأخبر الله عز وجل أنهم كلهم كفار. ( أسرار التكرار )

أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)

1- الأوبة / التوبة / الإنابة : تشترك في معنى واحد وهو الرجوع . وأعم هذه الألفاظ ( آب – أوباً- أوبةً) فهو مطلق الشروع . التوبة تتميز بصدورها عن الذنب سواء أكانت رجوعا من العبد عن المعصية الى الطاعة , أو قبول الله توبة عبده . أم ندماَ على الذنب . أما الإنابة فهي رجوع الى الله, وإقبال عليه، وصدور عن أمره في كل قول وفعل . فتميز الإنابة بملمح الإقبال على الله والصدور عن أمره. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَانظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)

1-  أَفَكَ / صَرَفَ: الأفك هو نوع من الصرف والتحويل ولكن باستخدام الإِفْك ( أي الكذب ) وسيلة لذلك. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في ذم الكفار والمكذبين. بينما استعمل الصَرْفْ في القرآن الكريم لمطلق الرد والتحويل. فالأفْك وسيلته هي الكذب وهو أخصّ من الصرف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين نصرّف ونفصّل ونبيّن الآيات في قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) الأنعام) و (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) الأنعام) و (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) المائدة)؟ / اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

التصريف هو التغيير (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة) تغييرها من جهة لأخرى، وعندنا الصرف والنحو والصرف هو النظر في التغييرات الحاصلة في أبنية الكلام. فالتصريف التغيير يأتي للمسألة الواحدة ويذكرها بصور شتى يغيّر فيها حتى يوصلها لك. مثلاً: إثبات الحياة بعد الموت، هذه مسألة، كيف يتوصل إليها؟ يتوصل لها بإحياء الأرض بعد موتها كمثال تمهيدي (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى (39) فصلت) يعطي مشهداً تمثيلياً يذكر أمثلة، وأحياناً يستدل بالحياة الآخرة على خلق الإنسان وتطوره (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة) هذا تصريف، يعني كل مرة يأتي بشكل حتى يثبت المسألة، يصرفها أي يغيرها بصور حتى يوصلها.

التفصيل هو إما أن يكون التبيين والفصل هو الحجز بين الشيئين وهذا الأصل. أحد أمرين: تبيين بصورة واسعة وإما يأتي بأمور متعددة مختلفة هذه وهذه وهذه يصير فصلاً وهذا موجود في القرآن. مثلاً يذكر صفة أهل الطاعة وأهل الإجرام ليسا موضوعاً واحداً وإنما يذكر أموراً متعددة من الحياة، هذا تفصيل. أما موضوع الحياة بعد الموت فموضوع واحد. هناك أمور في القرآن ليست موضوعاً واحداً: يذكر التوابين والمجرمين، أهل الطاعة وغير أهل الطاعة. مثال قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) الأنعام) إنتقل من الحب والنوى إلى الإصباح ثم الشمس والقمر ثم النجوم، مواضيع أخرى ثم ينتقل يذكر أموراً كثيرة هذه تفصيل قطعاً قطعاً، يأتي بأمور كثيرة مختلفة وليست مسألة واحدة لذا يذكر التفصيل (قد فصلنا الآيات).

التبيين هو توضيح أمر واحد كما تبين الكلمة الواحدة أو تبين المسألة الواحدة. التصريف والتفصيل فيه تبيين. على سبيل المثال (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) المائدة)، نفس القضية فاستعمل نبيّن أي نوضح. التفصيل والتصريف غير التبيين مع أن كلها إيضاح.

قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) قدم الضر على النفع هنا، وفى مواضع أخر قدم النفع على الضر كما في سورة الأنعام والأنبياء؟ . جوابه: أن دفع الضر أهم من جلب النفع وإن كانا مقصودين ولأنه يتضمنه أيضا فإذا تقدم سياق الملك والقدرة كان ذكر دفع الضر أهم، وإذا كان السياق في الدعاء والعبادة والسؤال كان ذكر النفع أولى وأهم، لأنه المقصود غالبا بالسؤال، ولذلك قال في الحج: (يدعو لمن ضره أقرب من نفعه) أي يدعوه لنفع لمن ضره أقرب من نفعه المطلوب بالدعاء. ( كشف المعاني )

2-             ضُرّ/ ضَرّ/ ضَرَر/ ضِرار/ ضَرَّاء: تشترك جميعها في معنى الشدة والبلاء . ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه: الضُرّ : اسم لحالة البلاء وهو عام .الضَرّ: إحداث البلاء وإلحاقه بالغير. الضَرَر: العاهة ” والعمى خاصة” . أما الضَرَّاء فهو البلاء الذي يصيب البدن خاصة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

3-             ضرًّا ولا نفعًا / نفعًا ولا ضرًّا: من صور التقديم والتأخير في القرآن الكريم تقديم أحد المعطوفين في موضع، وتأخيره مرة أخرى، مع ثبات المعطوفين. إن القرآن الكريم يقدِّم النفع على الضر في سياقات الدعاء والعبادة؛ لأن النفع في هذه الأحوال أهمُّ، بينما يقدِّم الضر على النفع في سياق المُلك والقدرة؛ لأن دفع الضر في هذه الحال أوجب وأولَى من جلب النفع. والقاعدة الأصولية تُقرِّر أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع إن التقديم في الألفاظ القرآنية مرتبط بمعنى الآيات السابقة واللاحقة، فيقدم اللفظ الذي يقتضي المعنى تقديمه ،وي}خر ما يستحق تأخيره.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             ضرًّا ولا نفعًا / نفعًا ولا ضرًّا: من صور التقديم والتأخير في القرآن الكريم تقديم أحد المعطوفين في موضع، وتأخيره مرة أخرى، مع ثبات المعطوفين. إن القرآن الكريم يقدِّم النفع على الضر في سياقات الدعاء والعبادة؛ لأن النفع في هذه الأحوال أهمُّ، بينما يقدِّم الضر على النفع في سياق المُلك والقدرة؛ لأن دفع الضر في هذه الحال أوجب وأولَى من جلب النفع. والقاعدة الأصولية تُقرِّر أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع إن التقديم في الألفاظ القرآنية مرتبط بمعنى الآيات السابقة واللاحقة، فيقدم اللفظ الذي يقتضي المعنى تقديمه ،وي}خر ما يستحق تأخيره.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)

1-             الشهوة / اللَّذَّة / الهوَى: إن هذه الألفاظ بينها تقارب دلالي حيث تشترك جميعها في معنى الحب والرغبة، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه : فالشهوة: تختص بالمحسوسات ولا يظهر أثر ذلك على البدن فهي الميل للذة ، وهو أمر نفسي لا بدني ، كما أن الشهوة تكون محمودة آناً ، وتكون مذمومة آناً أخرى . واللذة: تختص بالمحسوسات التي تظهر آثارها على البدن كلذة الطعم ،ولذة النظر وغيرها. أما الهوى : فهو مصدر اللذة والشهوة ،ولذلك يختص بالآراء والأفكار والاعتقادات ،وهو مذموم دائماً لأنه يهوي بصاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              ما الفرق بين الآيتين (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (171) النساء) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ (77) المائدة)؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

آية النساء قوله تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (171) النساء) في المائدة (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ(77) المائدة) لماذا قال هنا (إلا الحق) وفي الثانية (غير الحق)؟ آية النساء في القول (وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (171)) في المائدة ليس في القول هو قال (لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) ما قال لا تقولوا، أصلاً لا يصح في المعنى أن يقول لا تغلوا في دينكم إلا الحق، لا تغلوا في دينكم إلا الحق معناه أن من الغلو يكون حقاً والغلو لا يكون حقاً، لا تغلوا في دينكم إلا الحق معناه أن قسم من الغلو فيه حق معناه استثنى، إذن معنى أن من الغلو ما هو حق والغلو قطعاً ليس حقاً والغلو معناه مجاوزة الحد. (لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) هذه صفة مؤكدة مفعول مطلق (غلواً غير الحق)، أو قد يكون حال من ضمير الفاعل لكن مغالين لكن ذاك استثناء لأنه قول منه حق ومنه باطل لكن الغلو لا يكون فيه حق، هو مجاوزة الحد فكيف يكون حقاً؟! (لا) هنا ليست أداة استثناء ولا يمكن وضع آية مكان آخرى.

إذا فهمناها ولا تقولوا على الله؟

هذا أمر آخر، يجوز أن يقال خارج القرآن لا تقولوا على الله غير الحق لكن لا يمكن أن يقال لا تغلوا في دينكم إلا الحق.

3-(ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) المائدة) عبر ربنا سبحانه عن عصيان بني إسرائيل بالفعل (عَصَوا) وهو ماضلنعلم أن العصيان قد وقع منهم وتقرر ذلك. بينما عبر عن الاعتداء بالفعل (يَعْتَدُونَ) وهو مضارع فلم يقل (بما عصوا واعتدوا) ليستقر في ذهنك أن الاعتداء منهم مستمر فقد اعتدوا على محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب ومحاولة الفتك والكيد وما زال هذا شأنهم.

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)

1- السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)

1- الأمل/ الرجاء / الطّمَع : تشترك جميعها في توقع الخير ولكن يختص كل لفظ منها بملامح دلالية تميزه فالأمل يختص ب طول الزمن وبُعد المطلوب ، والرجاء يتميز بالتلازم مع الخوف ، أما الطمع يتميز بقوة الرغبة وقرب المطلوب. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)

1- الحلال / الطّيّب : إن لفظي “حلال-طيب” بينهما عموم وخصوص، فالطيب يُراد به ما في الشيء من لَذَّة. والحلال يُراد به الحكم الشرعي بإباحة الشيء. ويجمعهما كون الشيء مما تقبله النفس ويرتضيه الله عز وجل، ولكن الطيب وصف لحقيقة الشيء، والحلال حكم على الشيء.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)

1- العقد/العهد/ الميثاق: إن الألفاظ “عقد- عهد-ميثاق” بينها تقارب دلالي؛ حيث تشترك في معنى الالتزام والمحافظة. وتتدرَّج في الشدة: فأعلاها الميثاق، ثم العقد، ثم العهد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91)

1- البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)

1-لماذا يرد في القرآن أحياناً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحياناً أخرى يرد وأطيعوا الله والرسول؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون لله وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول في السياق أو أي إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {132}). والأمر الآخر أنه إذا لم تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعياً قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} النساء) و(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92} المائدة) و(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {1}و يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ {20} الأنفال) و (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} النور) و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {33} محمد) و(أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {13} المجادلة) و(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {12} التغابن) وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)

1- ما الفرق بين لا جناح عليكم وليس عليكم جناح؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

(لا جناح عليكم) جملة إسمية، (لا) النافية للجنس وجناح إسمها، وإسمها وخبرها جار ومجرور (عليكم). ليس عليكم جناح جملة فعلية (ليس فعل ماضي ناقص من أخوات كان) وقاعدة عامة الجملة الإسمية أقوى من الفعلية لأنها دالة على الثبوت الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد والوصف بالإسم أقوى وأدوم من الوصف بالفعل. إذن لا جناح عليك أقوى بالإضافة إلى أن لا جناح عليكم مؤكدة. (لا رجل) فيها توكيد وجملة إسمية فستكون أقوى. (لا) أقوى في النفي من (ليس) والنفي درجات. اللغة العربية سهلة ولكنها واسعة تعبر عن أمور كثيرة لا يمكن للغات أخرى أن تعبر عنها (كيف تعبر بالانجليزية بين لن يذهب ولم يذهب ولما يذهب وليس يذهب، لا رجل حاضراً، ليس رجل حاضراً، ما رجل حاضراً) أدوات النفي لها دلالاتها.

نضرب أمثلة حتى نرى كيف يقول ليس عليكم جناح ولا جناح عليكم (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة) هذا أمر في العبادة استخدم لا جناح، (وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (233) البقرة) هذا تنظيم أسرة، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (234) البقرة) يتعلق بتنظيم الأسرة، (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء (236) البقرة) تنظيم الأسرة. بينما (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ (93) المائدة) طعام هذا أكل لا يتعلق في العبادة، (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ (29) النور) هذه ليست في العبادة (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (61) النور) ليست في العبادة. حتى لو الدلالة واحدة وهي النفي لا بد أن يغاير بين الأدوات الموجودة العربي كان يفهم هذا الكلام وأكثر من هذا وكانوا يتكلمون بها لكنهم لا يضعوها في مكانها في كلامهم يأتوا بجمل لكن لا يمكن أن يرتبوا كلاماً بمستوى القرآن لذلك هم قالوا أي كلام بمقدار أقصر سورة في القرآن (الكوثر) هو مُعجِز لأنه كيف يجمع كل هذه الأمور وهذا الحشد البياني الهائل في هذا؟!

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)

قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103)

1-             قوله {بل أكثرهم لا يؤمنون} وفي غيرها {لا يعقلون} {لا يعلمون} لأنهم بين ناقض عهد وجاحد حق إلا القليل منهم عبد الله بن سلام وأصحابه ولم يأت هذان المعنيان معا في غير هذه السورة . ( أسرار التكرار )

2-              ما دلالة تنكير الكذب أو تعريفه؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المعرفة ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد شيئاً معيناً بأمر معين (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (69) يونس) هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق.(مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (103) المائدة) إذن هذا الكذب معرّف لأنه في مسألة معينة، يتعلق بهذه الذبائح، هذا التعريف. أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (93) الأنعام) ليس هنالك مسألة معينة ذكرها فهذه عامة.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)

1-             قوله {ما ألفينا عليه آباءنا} في هذه السورة وفي المائدة 4 7 ولقمان 21 {ما وجدنا} لأن ألفيت يتعدى إلى مفعولين تقول ألفيت زيدا قائما وألفيت عمرا على كذا ووجدت يتعدى مرة إلى مفعول واحد تقول وجدت الضالة ومرة إلى مفعولين تقول وجدت زيدا جالسا فهو مشترك فكان الموضع الأول باللفظ الأخص أولى لأن غيره إذا وقع موقعه في الثاني والثالث علم أنه بمعناه. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا} وفي المائدة {لا يعلمون} لأن العلم أبلغ درجة من العقل ولهذا جاز وصف الله به ولم يجز وصفه بالعقل فكانت دعواهم في المائدة أبلغ لقولهم {حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا} فادعوا النهاية بلفظ {حسبنا} فنفى ذلك بالعلم وهو النهاية وقال في البقرة {بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا} ولم تكن النهاية فنفى بما هو دون العلم لتكون كل دعوى منفية بما يلائمها والله أعلم . ( أسرار التكرار )

3-              ما الفرق بين وجدنا وألفينا في القرآن الكريم؟ / اللمسات البياينة (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآية التي فيها ألفينا والتي فيها وجدنا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) البقرة) وفي الأخرى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان) (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (104) المائدة). آية ألفينا وآيتين وجدنا. في القرآن الكريم لم يرد الفعل ألفى إلا فيما هو مشاهد محسوس ولذلك قال بعض النحاة أنه ليس من أفعال القلوب، قسم يدخلوه في أفعال القلوب وقسم يقولون لا ليس من أفعال القلوب وإنما في الأفعال المحسوسة المشاهدة. أفعال القلوب قلبية يستشعر بها. وهي فعلاً في القرآن لم ترد إلا مشاهدة. في هذه الآيات في القرآن (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ (69) الصافات) (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ (25) يوسف) (بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا (170) البقرة). (وجدنا) في القرآن وفي غير القرآن وردت قلبية وغير قلبية ومشاهدة وغير مشاهدة مثلاً (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً (37) آل عمران) (وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا (86) الكهف) (وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ (39) النور) (وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ (102) الأعراف) يعني وجدهم يخلفون الميعاد، (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) الأحزاب) (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (110) النساء) وجد هي أشمل وتستعمل للأمور القلبية وألفينا للأمور المحسوسة هذا في القرآن أما في غير القرآن ففيها كلام. من حيث اللغة قسم من النحاة يقول هي ليست من أفعال القلوب أصلاً، هذا حكم عند قسم من النحاة. والنحاة في (وجد) هذه لا يختلفون فيها ويقولون هي من أفعال القلوب الأفعال المحسوسة أما (ألفى) فهم مختلفون فيها قسم يقول هي قد تأتي من أفعال القلوب وقسم يقول هي ليست من أفعال القلوب. في القرآن لم ترد في أفعال القلوب وإنما هي محسوسة. ماذا ينبني على هذا؟ التعبير كيف اختلف بالنسبة لهذا الأمر؟ الذي لا يؤمن إلا بما هو مشاهد وحسوس معناه هو أقل علماً ومعرفة وإطلاعاً بمن هو أوسع إدراكاً، أقل، ولذلك عندما يستعمل (ما ألفينا عليها آباءنا) يستعملها في الذم أكثر من (وجدنا)، يعني يستعمل (ألفى) إذا أراد أن يذم آباءهم أشد من الحالة، الذم محتلف وقد تكون حالة أشد من حالة في الحالة الشديدة يستعمل ألفينا، يستعملها أشد في الذم. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) البقرة) نفى عنهم العقل، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (104) المائدة) نفى عنهم العلم. أيّ الأشد تنفي العقل أو تنفي العلم؟ نفي العقل أشد. فاستعمل ألفى في نفي العقل ونفي العقل يعني نفي العلم. نفى العقل وفي الثانية نفى العلم، العاقل يمكن أن يعلم لكن غير العاقل لا يعلم. وحتى في الآية الأخرى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان) الشيطان يدعو العاقل أو غير العاقل” يدعو العاقل لأن غير العاقل غير مكلف، يدعوهم معناه هم أصحاب عقل إذن هو يستعمل ألفى إذا أراد أن يذم أشد بنفي العقل ويستعمل وجد لما هو أقل.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ (106)

1-ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل حضر وجاء في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

فعل حضر والحضور في اللغة أولاً يعني الوجود وليس معناه بالضرورة المجيء إلى الشيء (يقال كنت حاضراً إذ كلّمه فلان بمهنى شاهد وموجود وهو نقيض الغياب) ويقال كنت حاضراً مجلسهم، وكنت حاضراً في السوق أي كنت موجوداً فيها.

أما المجيء فهو الإنتقال من مكان إلى مكان، فالحضور إذن غير المجيء ولهذا نقول الله حاضر في كل مكان دليل وجوده في كل مكان. وفي القرآن يقول تعالى (فإذا جاء وعد ربي جعله دكّاء) سورة الكهف بمعنى لم يكن موجوداً وإنما جاء الأمر. وكذلك قوله تعالى (فإذا جاء أمرنا وفار التنور) سورة هود. إذن الحضورة معناه الشهود والحضور والمجيء معناه الإنتقال من مكان إلى مكان.

ما الفرق الآن من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة المائدة: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ {106}) وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99}) .

القرآن الكريم له خصوصيات في التعبير وفي كلمة حضر وجاء لكل منها خصوصية أيضاً. حضور الموت يُستعمل في القرآن الكريم في الأحكام والوصايا كما في آية سورة المائدة وكأن الموت هو من جملة الشهود فالقرآن هنا لا يتحدث عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت فالكلام هو في الأحكام والوصايا (إن ترك خيراً الوصية) (ووصية يعقوب لأبنائه بعبادة الله الواحد) كما فى سورة البقرة(133).

أما مجيء الموت في القرآن فيستعمل في الكلام عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت كما في آية سورة المؤمنون  يريد هذا الذي جاءه الموت أن يرجع ليعمل صالحاً في الدنيا فالكلام إذن يتعلق بالموت نفسه وأحوال الشخص الذي يموت. ويستعمل فعل جاء مع غير كلمة الموت أيضاً كالأجل (فإذا جاء أجلهم) وسكرة الموت (وجاءت سكرة الموت) ولا يستعمل هنا حضر الموت لأن كما أسلفنا حضر الموت تستعمل للكلام عن أحكام ووصايا بوجود الموت حاضراً مع الشهود أما جاء فيستعمل مع فعل الموت إذا كان المراد الكلام عن الموت وأحوال الشخص في الموت.

    

فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (107)

1- آلَى/ ائتلى /أقسم/ حَلَفَ/ يمين: تشترك جميعها في معنى التوكيد ، ويختص (آلى و ائتلى ) بمعنى التقصير المصاحب للقسم ، ويزيد ائتلى بصيغته الصرفية ملمح المبالغة ويختص الحلف باقترانه بالكذب أو إضمار الكذب فيه ويختص القسم باقترانه بالصدق أما اليمين فهي في الأصل علامة على القسم والعهد ثم أطلقت على القسم والعهد المؤكد الموثق بوضع اليمين في اليمين رمزاً لقوة اليمين والالتزام والوفاء بها. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)

1-             مسألة: قوله تعالى: (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا) وقال تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) الآية. وقوله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس) والأنبياء أولى بذلك منا، فكيف الجمع بين الموضعين؟ . جوابه: أن المنفى علم ما أظهروه مع ما أبطنوه: معناه لا نعلم حقيقة جوابهم باطنا وظاهرا، بل أنا المتفرد بعلم ذلك إلا ما علمتنا، ولذلك قالوا: (إنك أنت علام الغيوب) إنما نعلم ظاهر جوابهم، أما باطنه فأنت أعلم به.
جواب آخر: أن معناه أن جوابهم لما كان فى حال حياتنا ولا علم لنا بما كان منهم بعد موتنا لأن الأمور محالة على خواتيمها. ( كشف المعاني )

2-             عالم/ عليم/علَّام: إن الاستخدام القرآني للأوصاف الثلاثة (عالم/ عليم/علَّام) يفيد اشتراكها جميعها في معنى الوصف بالعلم. غير أن البنية الصرفية لكل واحد منها تجعل له ملمحًا دلاليًا متميزًا. فالعالم: اسم فاعل من (علم)، وهو يفيد الاتِّصاف بالعلم. والعليم: صيغة مبالغة تفيد المبالغة في الوصف بالعلم، أي المحيط بظواهر الأمور وبواطنها. والعلَّام: صيغة مبالغة تفيد كثرة العلم..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (110)

1-  قوله {فأنفخ فيه} وفي المائدة {فتنفخ فيها} قيل الضمير في هذه السورة يعود إلى الطير وقيل إلى الطين وقيل إلى المهيأ وقيل إلى الكاف فإنه في معنى مثل وفي المائدة يعود إلى الهيئة وهذا جواب التذكير والتأنيث لا جواب التخصيص وإنما الكلام وقع في التخصيص وهل يجوز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أم لا فالجواب أن يقال في هذه السورة إخبار قبل الفعل فوحده وفي المائدة خطاب من الله تعالى له يوم القيامة وقد تقدم من عيسى عليه السلام الفعل مرات والطير صالح للواحد وصالح للجميع. ( أسرار التكرار )

2-  قوله {بإذن الله} ذكر في هذه الآية مرتين وقال في المائدة {بإذني} أربع مرات لأن ما في هذه السورة كلام عيسى فما يتصور أن يكون من فعل البشر أضافه إلى نفسه وهو الخلق الذي معناه التقدير والنفخ الذي هو إخراج الريح من الفم وما يتصور إضافته إلى الله تعالى أضافه إليه وهو قوله {فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص} بما يكون في طوق البشر فإن الأكمة عند بعض المفسرين الأعمش وعند بعضهم الأعشى وعند بعضهم الذي يولد أعمى وإحياء الموتى من فعل الله فأضافه إليه. وما في المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى فأضاف جميع ذلك إلى صنعه إظهارا لعجز البشر ولأن فعل العبد مخلوق لله تعالى وقيل {بإذن الله} يعود إلى الأفعال الثلاثة وكذلك الثاني يعود إلى الثلاثة الأخرى . ( أسرار التكرار )

3-  مسألة: قوله تعالى: (فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله) . وفى المائدة: (فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني) ذكرها وأنث في المائدة (؟) ؟ . جوابه: أن آية آل عمران من كلام المسيح عليه السلام في ابتداء تحديه بالمعجزة المذكورة ولم تكن صورة بعد فحسن التذكير والإفراد. وأية المائدة من كلام الله تعالى له يوم القيامة معددا نعمه عليه بعد ما مضت وكان قد اتفق ذلك منه مرات، فحسن التأنيث لجماعة ما صوره من ذلك ونفخ فيه. (كشف المعاني )

4- الأم / الوالدة: يشترك اللفظان في الدلالة على الاصل فكلمة ( أم ) تدل على معانٍ شتى : الوالدة , المرضعة , الحامل ، الأصل ، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . بينما استعملت كلمة 0 والدة ) في القرآن الكريم بدلالة أخص، فاقتصر استعمالها في وصف الوالدة ، وذلك في سياقات ترتب أحكاما شرعية خاصة بهذه الصفة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5- البديع / البارئ/ الخالق / المصور / الفاطر: جميع هذه الألفاظ لها ملمحاً دلالياً مشتركاً وهو الإيجاد سواء كان هذا الإيجاد إحداثاً أم تقديراً. (البديع) مشتق من الإبداع وهو الإنشاء على غير مثال ولا اقتداء بسابق وفيه معنى الإحكام والإتقان، و(البارئ ) في اللغة الخالق يختص بالموجد على الحقيقة وهو الله كما يختص بمعنى التسوية والترتيب وتمييز المخلوقات بعضها عن بعض  ، و(الخالق) له معانٍ متعددة يكون بمعنى التقدير ي، يستعمل في الخير والشر ، وقد يوصف به غير الله عز وجل . (المصور) يختص بملمح إعطاء المخلوق صورة من الصور وفيه معنى الإتقان .(الفاطر)  يختص بملمح القابلية للهداية والإيمان.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6- فأنفخ فيه / فننفخ فيه: ذكر الضمير في آية آل عمران، لآنها تذكير كلام المسيح عليه السلام قبل ان تكون للطير صورة، فناسب ذلك إعادة الضمير إلى الطين وهو مذكر. أما آية المائدة فتذكر كلام الله يوم القيامة للمسيح عليه السلام ، وقد سبق له مرات عديدة أن صنع من الطين طيراً بإذن الله ، فناسب ذلك تأنيث الضمير ليدل على جماعة الطير التي سبق أن صورها ونفخ فيها.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)

1-             قوله {بأنا مسلمون} في هذه السورة وفي المائدة {بأننا} لأن ما في المائدة أول كلام الحواريين فجاء على الأصل وما في هذه السورة تكرار لكلامهم فجاز فيه التخفيف لأن التخفيف فرع والتكرار فرع والفرع بالفرع أولى. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) وفى المائدة: (واشهد بأننا مسلمون) ؟ . جوابه: أن آية المائدة في خطاب الله تعالى لهم أولا، وفى سياق تعدد نعمه عليهم أولا، فناسب سياقه تأكيد انقيادهم إليه أولا عند إيحائه إليهم. وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم فاكتفى ثانيا بـ (أنا) لحصول المقصود. (كشف المعاني )

3-             اشهدوا بأنَّا مسلمون / واشهد بأنَّنا مسلمون: آية المائدة في خطاب الله عز وجل لهم أولًا، وفى سياق تعدد نعمه عليهم أولًا؛ فناسب سياقُها تأكيد انقيادهم إليه أولًا عند إيحائه إليهم.

وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم، فاكتفى ثانيًا بـ {بِأَنَّا}؛ لحصول المقصود به. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114)

1- الرازق/ الرَّزَّاق: السياقات التي وردت فيها هذه الصيغة أنها جاءت جمعًا ومضافة إلى اسم التفضيل (خير). ومعنى {خَيْرُ الرَّازِقِينَ}: أنه سبحانه وتعالى أفضل الرازقين وأكثرهم خيرًا. وهذا يعنى أن صفة (الرازق) ليست خاصَّة بالله عز وجل، ولذلك جاءت على وزن اسم الفاعل لتشمل المخلوقين، والمركب الإضافي في {خَيْرُ الرَّازِقِينَ} يخصِّص الله عز وجل بالخيريَّة والأفضليَّة. أما الوصف (رزَّاق) فورد بصورة المفرد، في آية الذاريات، وهو صيغة مبالغة على وزن (فعَّال) لإفادة كثرة الرزق وتعدُّد وجوهه، ولم يوصَف به غير الله عز وجل .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (115) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)

1- الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن: إن ألفاظ (الحفيظ ـ الرقيب ـ المهيمن) بينهما تقارب دلالي، حيث تشترك في ملمحين دلاليين هما:( العلم المحيط، الرعاية ). وتفترق هذه الألفاظ في بعض الملامح الدلالية المميزة حيث يختص ( المهيمن ) بملمح القدرة والسيطرة . وينفرد ( الحفيظ بملمح دوام الرعاية ( التعهد )، ويشترك (الحفيظ والرقيب ) في ملمح دلالي غائب في (المهيمن)، هو المحاسبة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)

1-             قوله {لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} ذكر في هذه السورة هذه الخلال جملة ثم فصل لأنها أول ما ذكرت. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى في آخر السورة: (خالدين فيها أبدا) وقال في آخر المجادلة (1) ؟ .: (خالدين فيها … أولئك حزب الله) جوابه: أنه لما تقدم وصفهم بالصدق، ونفعه إياهم يوم القيامة بالخلود في الجنة أكده بقوله: (أبدا) ولذلك أكده بقوله: (أبدا) ، ولذلك أكده بقوله: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) ( كشف المعاني )

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved