سورة الفتح

(بسم الله الرحمن الرحيم)

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3)

1-ما دلالة استخدام صيغة الجمع في القرآن مثل ضربنا، رفعنا، قلنا، أنزلنا ، فتحناوغيرها مما ورد في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

القرآن استعمل صيغة الجمع(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً {11} الكهف) (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ {1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ {2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ {3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ {4} الشرح) وصيغة الإفراد (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً {11} وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً {12} وَبَنِينَ شُهُوداً {13} وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً {14}المدثر) وفي صيغة الجمع يؤتى بما يسمى ضمير التعظيم ويستعمل إذا كان المقام مقام تعظيم وتكثير ويستعمل الإفراد إذا كان المقام مقام توحيد أو مقام آخر كالعقوبة المنفردة . لكن من المهم أن نذكر أمراً وهو أنه سبحانه وتعالى في كل موطن في القرآن الكريم وبلا استثناء إذا استعمل ضمير التعظيم لا بد من أن يأتي بعده بما يدل على الإفراد حتى يزيل أي شك من شائبة الشرك لأنه من نزل عليهم القرآن كانوا عريقين في الشرك (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ {1} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {2}) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ {3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ {4}) (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً {1} لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً {2} وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً {3}) لم يقل في آية سورة الفتح لنغفر لك بينما قال في النصر (فتحنا) لأن الفتح قد يأتي بأن يأخذ بالأسباب كالجيش وغيره ويأتي النصر من عند الله أما مغفرة الذنوب فمن الله وحده ولا تحتاج لجمع لأنه هو وحده الذي يغفر (ومن يغفر الذنوب إلا الله) فضمير التعظيم لا يمكن أن يستمر إلى نهاية الآيات فلا بد من وجود شيء يدل على الإفراد .

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4)

1-             قوله عز وجل {ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما} وبعده {عزيزا حكيما} لأن الأول متصل بإنزال السكينة وازدياد إيمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله {وينصرك الله نصرا عزيزا} وأما الثاني والثالث الذي بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة . ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (وكان الله عليما حكيما) ثم قال تعالى بعده: (وكان الله عزيزا حكيما) جوابه: لما ذكر ذلك النصر، وما يترتب عليه من فتح مكة، ومغفرة له، وتمام لنعمته عليه وهدايته مع ظهور صدهم،، وما لقوا من عنت الكفار، ختم الآية بقوله تعالى: (عليما حكيما) أي: (عليما) بما يترتب على ذلك الصد من الفتح، وصلاح الأحوال، (حكيما) فيما دبره لك من كتاب الصلح بينك وبين قريش، فإنه كان سبب الفتح. وأما الثاني: فلما ذكر ما أعده للمؤمنين من الجنات، وتكفير السيئات، وتعذيب المنافقين والمشركين، ختمه بقوله تعالى: (عزيزا) أي: قادر على ذلك (حكيما) فيما يفعله من إكرام المؤمن، وتعذيب الكافر. ( كشف المعاني )

3-             الأمن / الطمأنينة / السكينة : تشترك جميعها في سكون النفس وعدم اضطرابها وتتدرج هذه المعاني بالقوة : فالسكينة أعلاها وأشدها رسوخاً، والطمأنينة مرحلة وسط بين الأمن والسكينة . والأمن هو أعم هذه الألفاظ إذ هو سكون القلب، فإذا ما زاد هذا السكون ورسخ في القلب صار طمأنينة ، فإذا استقر غاية الاستقرار والثبات والهدوء صار سكينة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             لما ذكر ذلك النصر وما يترتب عليه من فتح مكة ومغفرة له، وتمام لنعمته عليه، وهدايته، مع ظهور صدِّهم، وما لقُوا من عنت الكفار؛ ختم الآية الأولى بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي عليمًا بما يترتب على ذلك الصدِّ من الفتح وصلاح الأحوال، حكيمًا فيما دبَّره لك من كتاب الصلح بينك وبين قريش، فإنه كان سبب الفتح.

   وأما في الآية الثانية فلما ذكر ما أعده للمؤمنين من الجنات وتكفير السيئات، وتعذيب المنافقين والمشركين؛ ختمها بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي قادرًا على ذلك، حكيمًا فيما يفعله من إكرام المؤمن وتعذيب الكافر. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5– (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح) (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح) ما الفرق بين فأنزل السكينة عليهم وأنزل الله سكينته؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

(سكينته) مضاف إلى ضميره سبحانه وتعالى. ربنا قال (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ (4) الفتح) الملاحظ في السكينة بالذات أنه حيث ذُكِر الرسول أو كان موجوداً في السياق يقول (سكينته) بالإضافة إليه تعظيماً له. وحيث كان الأمر عاماً ليس فيه الرسول يقول السكينة. مثال (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) الفتح) ليس فيه ذكر الرسول، (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح) ليس فيها ذكر لكلمة الرسول، (ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (26) التوبة) صرّح بالرسول، (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا (40) التوبة)، (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى (26) الفتح) حيث أضاف فلا بد أن يُذكر الرسول أو يظهر في السياق. هذه خصوصية للرسول وتعظيماً له وإكراماً له.

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (7)

1-             قوله عز وجل {ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما} وبعده {عزيزا حكيما} لأن الأول متصل بإنزال السكينة وازدياد إيمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله {وينصرك الله نصرا عزيزا} وأما الثاني والثالث الذي بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة . ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (وكان الله عليما حكيما) ثم قال تعالى بعده: (وكان الله عزيزا حكيما) جوابه: لما ذكر ذلك النصر، وما يترتب عليه من فتح مكة، ومغفرة له، وتمام لنعمته عليه وهدايته مع ظهور صدهم،، وما لقوا من عنت الكفار، ختم الآية بقوله تعالى: (عليما حكيما) أي: (عليما) بما يترتب على ذلك الصد من الفتح، وصلاح الأحوال، (حكيما) فيما دبره لك من كتاب الصلح بينك وبين قريش، فإنه كان سبب الفتح. وأما الثاني: فلما ذكر ما أعده للمؤمنين من الجنات، وتكفير السيئات، وتعذيب المنافقين والمشركين، ختمه بقوله تعالى: (عزيزا) أي: قادر على ذلك (حكيما) فيما يفعله من إكرام المؤمن، وتعذيب الكافر. ( كشف المعاني )

3-             لما ذكر ذلك النصر وما يترتب عليه من فتح مكة ومغفرة له، وتمام لنعمته عليه، وهدايته، مع ظهور صدِّهم، وما لقُوا من عنت الكفار؛ ختم الآية الأولى بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي عليمًا بما يترتب على ذلك الصدِّ من الفتح وصلاح الأحوال، حكيمًا فيما دبَّره لك من كتاب الصلح بينك وبين قريش، فإنه كان سبب الفتح.

وأما في الآية الثانية فلما ذكر ما أعده للمؤمنين من الجنات وتكفير السيئات، وتعذيب المنافقين والمشركين؛ ختمها بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي قادرًا على ذلك، حكيمًا فيما يفعله من إكرام المؤمن وتعذيب الكافر. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8)

مسألة: قوله تعالى: (قل إنما أنا منذر) و (إنما) يفيد الحصر. وقال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (8) ؟ . جوابه: أن ما يتقدمه التخويف يناسب أن يليه الإنذار. وها هنا كذلك لأنه جاء بعد ذكر جهنم والنار وعذاب أهلها ومحاجتهم فيها. وآية تقدمه الترجيه أو التخويف والترجيه يليها الوصفان. وآية الأحزاب كذلك، وكذلك آية فاطر، لما تقدم الأمران قال: (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا) . والله أعلم. . ( كشف المعاني )

1-          بشيرًا ونذيرًا / نذير وبشير قُدِّم الإنذار على البشارة في آية هود؛ لأنه متصل بقول الله عز وجل : {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}، والخطاب فيه للناس؛ فناسب ذلك تقديم الإنذار على البشارة   أمَّا في آيات البقرة والأحزاب والفتح فقدمت البشارة ؛ لمقام المخاطب ـ وهو النبي صلى الله عليه وسلم ـ كرامة له . وفى آية فصلت قدمت البشارة أيضًا لتقدم ذكر الرحمة، والبشارة رحمة؛ فناسب ذلك تقديم البشارة وتأخير الإنذار..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (9)

1-ما الفرق بين التعزير والتوقير وعلى ماذا تعود الضمائر فى قوله تعالى (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) الفتح)؟ / اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

التعزير القوة والنصر، عزّره أعانه، نصره، قوّاه. أما التوقير فهو التعظيم. فإذن التعزير فيه معنى التأييد والنصر وذلك قالوا كل الضمائر تعود على الله سبحانه وتعالى (لتعزروه) أي تنصروه بالسيف (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ (7) محمد) وتوقّروه تعظموه، وتسبّحوه وإن كان قسم قال تعزروه وتوقروه للرسول وتسبحوه لله تعالى. الخلاف على من يعود الضمير؟ ليس بالضرورة أن يعود الضمير على الأقرب فقد يعود الضمير على الأبعد (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا (11) الجمعة) التجارة أبعد لكن ما يقتضيه المعنى. (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) لما قال (وَتُسَبِّحُوهُ) هذه خالصة لله تعالى. قسم قال كل الضمائر تعود لله التعزير النصر والنصر لله (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ (7) محمد) ، توقروه تعظيم والتعظيم لله (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ (32) الحج) والتسبيح لله فكلها تعود على الله. وقسم قال تعزروه وتوقروه للرسول وتسبحوه لله. أنا أميل أن الضمائر تعود على الله تعالى التعزير والتوقير والتسبيح لله لأن اللغة تحتمل.

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (10)

1-ما هو إعراب كلمة (عليهُ الله) في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) الفتح)؟ وما دلالة الضمّ في (عليهُ) ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

جار ومجرور الهاء ضمير مبني على الضم في محل جر، هذه لغة قريش (عليهُ) بناء الضمير على الضم. الإعراب ليس فيه إشكال كما نقول منه وله وبه فهو نفس الضمير. نقول ضمير مبني على الضم في محل جر. هذه قراءة حفص.

هو ليس رفعاً وإنما بناء على الضم والمعروف أن هاتان لغتان لغة الحجاز هذا الضمير تبنيه على الضم مطلقاً في كل كلامها لا تكسره تقول مررت بهُ وإليهُ وعليهُ كلها تبنيه على الضم مطلقاً وسائر العرب إذا كان قبل الضمير كسرة أو ياء ساكنة تكسره وما عدا ذلك تضمه، إذا كان قبله كسرة أو ياء ساكنة تكسره مثل (بهِ، عليهِ، أنسانيهِ). عليهُ هذه لغة الحجاز استعملها في موطنين في القرآن (عليهُ) (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ (63) الكهف) فيقولون سبب الاختيار هنا، لماذا اختار هذه اللغة تحديداً؟ يذكرون أمرين عن هذه الآية (عليهُ) :

       نحن نعرف أن الضمة أثقل من الكسرة والفتحة أخف الحركات والعهد هذا الذي جاء به هو أثقل العهود هذه في بيعة الحديبية هذه مبايعة حتى الموت فلما أثقل العهود وهو البيعة على الموت جاء بأثقل الحركات وهي الضمة، هذه أثقل أنواع العهد أن تبايع على الموت فجاء باثقل شيء وهي الضمة.

       الأمر الآخر أنه لما تأتي بالضمة تفخم لفظ الجلالة (عليه الله) ولو جئت بالكسرة سترقق اللام فتفخيم لفظ الجلالة لتفخيم العهد، هذا عهد عظيم مفخّم حتى بالصوت هو أيضاً مفخم. الصوت أيضاً يربط الدلالة السين والصاد واختيار الضمة تؤثر مثل (بسطة وبصطة) (وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً (69) الأعراف) بالصاد. تقول في مكان آخر ألم يقل (عليهِ الله) لماذا لم يفخِّم؟ أقول لا لم يرد في القرآن عليهِ الله لم ترد بعد عليهِ لفظ الجلالة. إذن هنا (عليهُ) الرفع هنا لأنه اختار أثقل الحركات لأثقل البيعات وتفخيم لفظ الجلالة. قال (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ (63) الكهف) ليس فيها عهد ثقيل وليس فيها لفظ الجلالة وإنما فيها سمكة مشوية مأكول منها كيف تعود إلى الحياة؟! صار عليها ماء الحياة فذهبت تسبح في النهار عليها طاقة كالنفق (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) الكهف) (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) الكهف) هو يعجب سمكة مشوية مأكول منها كيف تمشي في البحر هذا عجب هل تُنسى هذه الحالة؟ لا يمكن أن تُنسى فكيف نسيها؟ هذه أندر حالات النسيان.

استطراد من المقدم: هذه المواءمة الموجودة في آيات القرآن حتى البناء والحركات الإعرابية تناسب الحالة التي يتحدث عنها القرآن الكريم.

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11)

1-             قوله {قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا} وفي المائدة {فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح} زاد في هذه السورة {لكم} لأن ما في هذه السورة نزلت في قوم بأعيانهم وهو المخلفون وما في المائدة عام لقوله {أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح) وقال في الفتح: (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) بزيادة (لكم) جوابه: أن هذه الآية عامة في المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا، – فليس هنا مخاطب خاص. – آية الفتح في قوم مخصوصين وهم الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في عمرة الحديبية، فصرح لذلك بقوله: (لكم) . ( كشف المعاني )

3-             مسألة: قوله تعالى: (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) الآية. وفى المائدة: (قل فمن يملك من الله شيئا) ؟ . جوابه: أن آية الفتح مع قوم مخاطبين بذلك، فناسب التأكيد والتخصيص بقوله تعالى: (لكم) . وآية المائدة: عامة لا تختص بقوم، ولذلك قال تعالى: (ومن في الأرض جميعا) . ( كشف المعاني )

4-             فمن يملك من الله شيئًا / فمن يملك لكم من الله شيئًا: أثبت حرف الجر “اللام” الدال على الاختصاص في آية الفتح؛ لأن المخاطب بها قوم معينون هم الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية. وخلت آية المائدة من اللام؛ لأن المخاطب بها جميع الناس، فلا وجه فيها للاختصاص..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12)

1-(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا (27) الأعراف) ماذا يقصد بالسوءة؟ وما وجه الشبه بين هذه السوءة وظن السوء في سورة الفتح (بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (12))؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

السوءة هي العورة.

قال (بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) الفتح) السَوْء يعني السيء، السوْء مصدر ساءه سوءاً والسُوء هو الإسم (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (22) طه) من غير سُوء أي من غير مرض أو علة أما السوْء فهو المصدر وهناك فرق بين المصدر والإسم مثلاً نقول الذبح والذِبح، الحمل والحِمل، الوضوء والوَضوء. الحَمْل مصدر والحِمل ما يُحمل (خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) طه) يحمل على الظهر، (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ (31) الأنعام) أما الحَمل هو المصدر أو ما لا يرى بالعين (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا (189) الأعراف)، الذَبح هي عملية الذَبح أما الذِبح فهو ما يُذبح كبش أو غيره (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) الصافات)، الوُضوء عملية التوضؤ والوَضوء هو الماء الذي يُتوضأ به.

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15)

1-             قوله {كذلكم قال الله} بلفظ الجمع وليس له نظير وهو خطاب للمضمرين في قوله {لن تتبعونا} . ( أسرار التكرار )

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً (16) لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18)

1- تحت / أسفل : إن لفظي ( تحت / أسفل ) في الاستعمال القرآني يشتركان في الاشارة الى جهة الانخفاض ويفترقان في ملمح دلالي مميز أن (تحت) تستعمل في التعبير عن المنفصل أو ما يمكن انفصاله .أن ( أسفل) تستعمل في التعبير عن المتصل بعضه ببعض. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (19) وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (21)

وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (22)

سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (23)

1-             منها قوله {سنة الله في الذين خلوا من قبل} في موضعين وفي الفتح {سنة الله التي قد خلت} التقدير في الآيات سنة الله التي قد خلت في الذين خلوا فذكر في كل سورة الطرف الذي هو أعم واكتفى به عن الطرف الآخر والمراد بما في أول هذه السورة النكاح نزلت حين عيروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاحه زينب فأنزل الله {سنة الله في الذين خلوا من قبل} أي النكاح سنة في النبيين على العموم وكانت لداود تسع وتسعون فضم إليهم المرأة التي خطبها أوريا وولدت سليمان والمراد بما في آخره هذه السورة القتل نزلت في المنافقين والشاكين الذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة على العموم وما في سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه والعموم في النصرة أبلغ منه في النكاح والقتل ومثله في حم {غافر} {سنة الله التي قد خلت في عباده} فإن المراد بها عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس فلهذا قال {قد خلت} . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا} كرر وقال في الفتح {ولن تجد لسنة الله تبديلا} وقال في سبحان {ولا تجد لسنتنا تحويلا} التبديل تغيير الشيء عما كان عليه قيل مع بقاء مادة الأصل كقوله تعالى {بدلناهم جلودا غيرها} وكذلك {تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} والتحويل نقل الشيء من مكان إلى مكان آخر وسنة الله سبحانه لا تبدل ولا تحول فخص هذا الموضع بالجمع بين الوصفين لما وصف الكفار بوصفين وذكر لهم غرضين وهو قوله {ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا} {ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا} وقوله {استكبارا في الأرض ومكر السيء} وقيل هما بدلان من {نفورا} فكما ثنى الأول والثاني ثنى الثالث ليكون الكلام كله على غرار واحد وقال في الفتح {ولن تجد لسنة الله تبديلا} فاقتصر على مرة واحدة لما لم يكن للتكرار موجب وخص {سبحان} بقوله تحويلا 77 لأن قريشا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت نبيا لذهبت إلى الشام فإنها أرض المبعث والمحشر فهم النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب إليها فهيأ أسباب الرحيل والتحويل فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} وختم الآيات بقوله {تحويلا} تطبيقا للمعنى . ( أسرار التكرار )

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24)

1- بكّة / مكة : بكة هي الاسم القديم ثم ابدلت الباء ميماً في الاسم الحديث فصارت (مكة ) واستقر هذا الاسم الجديد علما على أم القرى . لكن القرآن لما ذكر أولوية البيت الحرام وكونه أول بيت مقدس ناسب ذلك الاسم القديم ، ولما تعرض القرآن للوقائع الحديثة كما في آية الفتح التي تقص وقائع فتح مكة ، جاء بالاسم العربي الذي استقر علماً على ام القرى . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما اللمسة البيانية في استخدام (ما) فى قوله تعالى (قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا (129) الأعراف)واستخدام (أن)فى قوله تعالى (مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (24) الفتح)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

فعل الماضي يأتي بعد (أن) في اللغة كما جاء في قوله (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100) يوسف)، (مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (24) الفتح). لماذا هنا استخدم (ما) وهنا استخدم (أن)؟ (من بعد ما جئتنا) (ما) هذه تحتمل معنيين في اللغة هنا: الأول المصدرية والثانية الموصولة. هنا توسع في المعنى وتحتمل الأمرين.هي مصدرية بمعنى (الذي) أي من بعد الذي جئتنا به وهو الرسالة. إذن تحتمل أمرين معنيين: من بعد مجيئه هو شخصياً ومن بعد الذي جاء به من الرسالة ولذلك ما قال من بعد أن جئتنا به لتشمل المعنيين ولو قال من بعد أن جئتنا تكون تعني الموصولة لأنه يصير عائد. فهنا (ما جئتنا) ذكر أمرين لأنه كان مجيئه بالرسالة ومجئيه هو، فجمع معنيين هنا وهذا من باب التوسع في المعنى.

الفرق بين ما المصدرية وما الموصولة: السياق يحددها لكن هنالك أمر يقطع: إذا كان موجود عائد وهو الضمير الذي يعود على الإسم الموصول يقطع هذا بأنها إسم موصول. في حالة عدم وجود العائد نبحث عن المعنى هل يحتمل المصدرية أو الموصولة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (23) الأحزاب) (ما) هنا إسم موصول أي صدقوا الذي عاهدوا الله عليه. لو حذف في غير القرآن (عليه) لو قال: صدقوا ما عاهدوا الله يكون صدقوا عهد الله نفسه والعهد الذي عاهدوا عليه. (المزيد في باب التوسع في المعنى يمكن الرجوع إليه في كتابي الجملة العربية والمعنى).

إذا كان كفار مكة آنذاك فهموا العربية ولم يؤمنوا بالقرآن ونحن نؤمن بالقرآن ولا نفهم العربية ألهذه الدرجة تنحدر لغتنا العربية؟

لم تبقى لنا سليقة لأن اللغة العربية منذ زمن بعيد دخلت أقوام وصار اختلاط ألسنة وصارت اللغة تضمحل شيئاً فشيئاً وتحلّ محلها اللهجات العامية ثم هناك من يدفع لإشاعة اللهجات العامية ومحاربة اللغة العربية لأسباب كثيرة وكل جهة لها غرض لمحاربة العربية وخاصة لارتباطها بالقرآن الكريم ولم يبقى عربية في التعليم والمدارس إلا أشياء محدودة وضئيلة جداً. كان العرب يفهمون العربية لأن هذه كانت لغة العرب آنذاك يتحدثون بها. وحتى نعيد العربية إلى سليقتنا نحن نحتاج إلى جهود متضافرة وليس جهد شخص إنما جهد حكومات وجمعيات للغة العربية تكون جادّة وضرورة إفهام الناس بضرورة هذه اللغة وأنه إذا ضاعت هذه اللغة ضاع وجودهم وهنالك عدة أمور يجب أن يفهمها الناس للحفاظ على لغتهم والاعتزاز بها. واللغة العربية عجيبة وهي بالنسبة للغات الأخرى كأنها جهاز متطور ذو تقنية عالية جداً واللغات الأخرى الشائعة الآن لا تستطيع أن تعبّر عن المعاني. لو قلنا مثلاً: أعطى محمد خالداً كتاباً يقابلها في الانجليزية Mohamed gave khaled a book ولو قلنا محمد أعطى كتاباً خالداً، خالداً كتاباً أعطى محمد، وغيرها ذكرناها سابقاً، حوالي 8 جمل كل واحدة لها معنى خاص دقيق ومعناها العام هو نفسه. عندما نضع الفعل والفاعل والمفعول الأول والمفعول الثاني على الترتيب تقولها والمخاطَب خالي الذهن ليس عنده أي معلومة عن الحادث فأنت تعطيه معلومة جديدة. عندما أقول: محمد أعطى خالداً كتاباً المخاطَب يعلم أن شخصاً ما أعطى خالداً كتاباً لكن لا يعلم الشخص المعطي فكأنه يسأل من أعطى خالداً كتاباً؟ محمد. إذا قلنا: خالداً أعطى محمد كتاباً المخاطَب يعلم أن محمداً أعطى كتاباً لكن لا يعلم لمن أعطاه فكأنه يسأل لمن أعطى محمد كتاباً؟ خالداً. لو قلنا: كتاباً أعطى محمد خالداً المخاطب يعلم أن محمداً أعطى خالداً شيئاً لكن لا يعلم ما هو؟ لو قلنا: خالداً كتاباً أعطى محمد المخاطَب يعلم أن محمد أعطى شيئاً ما لشخص ما فتقدمهما على العامل حتى يكون هذا المعنى. ولو قلنا: خالداً كتاباً محمد أعطى المخاطب يعلم أن شخصاً ما أعطى شيئاً ما لشخص ما، هناك عطاء لكن لا يعرف من أعطى وماذا أعطى ولمن أعطى؟ هذه التراكيب كلها تصح نحوياً. لو قدمنا فقط على الفاعل كل واحدة لها معنى. أحياناً عندنا 25 جملة في العربية أو أكثر كل واحدة لها معنى يقابلها جملة واحدة في اللغات الأخرى. هذه الجمل موجودة في الحياة كيف نعبّر عنها؟ وهذه تدخل في البلاغة والأهمية.

هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (25)

1-(يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) الإنسان) وفي سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) الفتح) ما دلالة تأخير وتقديم المشيئة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الآية الأولى في سورة الإنسان (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)) والثانية في سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)). السياق في سورة الإنسان في غير المرحومين (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)) (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)) إلى أن يقول (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)) لما كان السياق في غير المرحومين أخّر الرحمة. والسياق في سورة الفتح في المرحومين وفي الكلام عن الله (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)) الكلام عن الله (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)) الكلام في الصحابة (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)) هذا الكلام في المرحومين، فلما كان الكلام في المرحومين قدّم رحمته (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء (25)) ولما كان السياق في غير المرحومين أخّر رحمته. (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ (28)) هذا الكلام عن الله فقدّم ما يتعلق بالله والضمير يعود إليه. من حيث البلاغة ليس (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ (31)) كمثل (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء (25)) كل تقديم وتأخير له غرض عند المتكلم البليغ، عندما يتكلم عن الله (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)) قدّم ضميره، ولما كان الكلام على الإنسان قدّم ما يتعلق بالإنسان من يشاء الإنسان (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ (31)) المشيئة لله لكن (من) للإنسان. كأننا نفهمها يُدخل الإنسانَ الذي يشاؤه الله تعالى. الكلام (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ) فقدّم ما يتعلق به وهناك يتكلم عن الإنسان غير المرحومين فأخّر الرحمة وعندما تكلم عن المرحومين قدّم الرحمة، الكلام عن الله قدّم ما يتعلق به، الكلام عن الإنسان قدّم ما يتعلق بالإنسان

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27)

1-             مسألة: قوله تعالى: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) فزاد الاستثناء من الله تعالى مع قوله تعالى: (وهو بكل شيء عليم) وهو عالم بما كان وما يكون؟ . جوابه: أن ذلك تعليم لعباده، وتأديب لهم في كل أمر سابق ومستقبل يعزم عليه .( كشف المعاني )

2-             الحلم/ الرؤيا: إن الاستخدام القرآني لكلمتي “الحلم ـ الرؤيا” يُظهر اشتراكهما في معنى: ما يراه النائم في منامه. والملمح الدلالي المميز لكلمة “الحلم”: الاضطراب والاختلاط والقبح. في حين أن الملمح الدلالي المميِّز لكلمة “رؤيا” هو: الصدق والخير والحسن.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-              (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (27) الفتح) التحليق والتقصير يكون بعد أن يتموا العمرة وليس عند الدخول.حال محكية يتكلم عن أمر قد مضى. نضرب مثالاً لو رأيت عقرب كبيرة تقول هذه العقرب تلسع صغيرة وكبيرة، صغيرة حال وهي ماضية يعني حالة كونها صغيرة.

4-              (فأرسله معي ردءاً يصدقْني) إن ترسله معي يصدقْني، أوأرسله هو يصدقُني.الضبط في الشكل هذا ما يؤثر في المعنى وهذا مما تمتاز به اللغة العربية بين اللغات الأخرى. / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (28)

1-             قوله {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم} وفي العنكبوت {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} كما في الفتح {وكفى بالله شهيدا}. – والرعد {قل كفى بالله شهيدا} ومثله {وكفى بالله نصيرا} {وكفى بالله حسيبا} فجاء في الرعد وسبحان على الأصل وفي العنكبوت أخر {شهيدا} لأنه لما وصفه بقوله {يعلم ما في السماوات والأرض} طال فلم يجز الفصل به. ( أسرار التكرار )

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)

1-             قوله {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم} وقال في الفتح {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} رفع ما في هذه السورة موافقة لفواصل الآي ونصب ما في فتح موافقة للفواصل أيضا ولأنه في الفتح مفعول وعد وفي مفعول وعد في هذه السورة أقوال أحدها محذوف دل عليه وعد خلاف ما دل عليه أو أوعد أي خيرا وقوله {لهم مغفرة} يفسره وقيل {لهم مغفرة} جملة وقعت موقع المفرد ومحلها نصب كما قال الشاعر … وجدنا الصالحين لهم جزاء … وجنات وعينا سلسبيلا … فعطف جنات على محل لهم جزاء وقيل رفع على الحكاية لأن الوعد قول وتقديره قال الله لهم مغفرة وقيل تقديره إن لهم مغفرة فحذف إن فارتفع ما بعده. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم) . وقال في الفتح: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) وقال هنا: (لهم) وفى الفتح: (منهم) . جوابه: أن آية المائدة عامة غير مخصوصة بقوم بأعيانهم، وأية الفتح خاصة بأصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان من جملة من صحبه منافقون فقال (منهم) وتمييزا وتفضيلا ونصا عليهم بعد ما ذكر من جميل صفاته. وأيضا: آية المائدة بعد ما قدم خطاب المؤمنين مطلقا بأحكام، فكأنه قال: من عمل بما ذكرناه له مغفرة وأجر عظيم، فهو عام غير خاص بمعينين. ( كشف المعاني )

3-             قوله {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا} ما في هذه السورة جاء على القياس فإن الفلك المفعول الأول لترى ومواخر المفعول الثاني وفيه ظروف وحقه التأخر والواو في {ولتبتغوا} للعطف على لام العلة في قوله {لتأكلوا منه} وأما في الملائكة فقدم {فيه} موافقة لما قبله وهو قوله {ومن كل تأكلون لحما طريا} فوافق تقديم الجار والمجرور على الفعل والفاعل ولم يزد الواو على {لتبتغوا} لأن اللام في لتبتغوا هنا لام العلة وليس بعطف على شيء قبله ثم إن قوله {وترى الفلك مواخر فيه} في هذه السورة {فيه مواخر} في فاطر اعتراض في السورتين يجري مجرى المثل ولهذا وحد الخطاب فيه وهو قوله {وترى} وقبله وبعده جمع وهو قوله {لتأكلوا} {وتستخرجوا} ولتبتغوا {والملائكة} {تأكلون} {تستخرجون} ومثله في القرآن كثير {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا} وكذلك {تراهم ركعا سجدا} {وترى الملائكة حافين من حول العرش} وأمثاله أي لو حصرت أيها المخاطب لرأيته بهذه الصفة كما تقول أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل فتأمل فإن فيه دقيقة. ( أسرار التكرار )

4-             قوله {لتجري الفلك فيه} أي البحر وقد سبق ( أسرار التكرار )

5-                 الأثر / العلامة: الأثر هو ما بقي بعد غياب الشيء أو معظمه وعلى ذلك قد يكون ظاهراَ وقد يكون خفياً يحتاج البحث والفحص للوقوف عليه ، اما العلامة ففيها ملمح الظهور والتميز.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-             زُرَّاع/ زارعون: استُعمِل “الزَّارعون” عند إرادة الوصفية؛ وذلك لأن اسم الفاعل يدل على إرادة الحدث، وهو يشابه الفعل. والمراد أن الله عز وجل هو الذى يُنبِت الزرع. أما صيغة جمع التكسير “الزُّرَّاع” فاستُعمِلَت عند إرادة الاسمية؛ وذلك لأن جمع التكسير يبعد عن إرادة الحدث ويُقَرِّب الكلمة إلى الاسمية، ومن هنا جاءت في الآية للدلالة على من كانت مهنتهم الزراعة .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

7-             أشِدَّاء / شِداد: إن الاستخدام القرآني لكلمتي “أشدَّاء ـ شِدَاد” يُظهر اشتراكهما في معنى القوة. والملمح المميز لكلمة “أشدَّاء” هو القوة المعنويَّة. بينما الملمح المميز لكلمة “شداد” هو القوة المادِّية.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

8-              في الفتح قال تعالى (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (29) الفتح) وفى الحديد قال (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) فما الفرق بين الآيتين واللمسة البيانية في كليهما؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

اختيار كل كلمة في مكانها أنسب اختيار. الزُرّاع في آية الفتح أنسب ولا يقال يعجب الكفار ليغيظ بهم الكفار، الزُرّاع أفضل. ليس هذ فقط هذا تشبيه بصورة محمودة وإنما هناك فرق بين الزُرّاع. هذه الآية في سورة الفتح في أصحاب محمد (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) اختار كلمة الزُرّاع لأن الزارع يزرع ما ينتفع به هو وينفع الآخرين وهؤلاء ليسوا كالذين ذكرهم (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) غيث نزل في الأرض وخرج النبات وقد يكون فيه أدغال وحشائش لا تنفع الناس. هناك تصريح بالزُرّاع وقّيدت الآية بـ (نبات) وهو أي نبات نبت في الأرض وقال تعالى (كمثل غيث) ولم يقل مثل زارع والغيث عندما يمطر يُخرِج حشائش الأرض التي لو خرجت في حديقتك ستقلعها. في آية الفتح ذكر الزُرّاع لأن الزارع لا يزرع الحشائش وإنما يزرع ما ينتفع به هو وينفع الآخرين. ذاك كمثل غيث، الغيث أنت لا تسيطر على ما يُخرِجه فقد يُخرِج مما تريد وما لا تريد. آية الفتح وقعت في صورة محمودة في تشبيه أصحاب الرسول (محمد رسول الله والذين معه). ثم إن الزُرّاع كأنما هناك من زرعه فخرج أي خرج بأمر مقصود. مثال ذلك قوله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران) ما قال خرجت لأن ربنا أخرجها إخراجاً، هذه الأمة الإسلامية ربنا أخرجها بالصورة التي أرادها أُخرجت للناس ولم يقل خرجت من تلقاء نفسها. (خرجت) يعني خرجت من نفسها وليست برسالة، أخرج فعل متعدي (أخرجته)، خرج فعل لازم (خرجت من البيت). (أُخرجت للناس) أي أن الله سبحانه وتعالى أخرجها على نمط معيّن كما يريد ولم تخرج من تلقاء نفسها كما تخرج الحشائش والأدغال في النبات. الزارع ينتقي ويعلم ما يزرع وهذه الأمة أُخرِجت إخراجاً إلى الناس ولم تخرج من تلقاء نفسها وفق منهج معين معدّ واختيار دقيق. هذه الأمة أُخرجت بهذا المنهج لهذا الغرض للناس كافة. تلك الآية خرج كما تخرج الحشائش بالغيث يُعجِب من يُعجِب وأما في سورة الفتح إختار الزُرّاع يزرعون وينتقون ماذا يريدون. كنتم خير أمة أخرجت للناس أخرجها ربنا بصورة معينة ولغرض معين منهج معيّن واختيار معين وباصطفاء معين (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ (75) الحج). هذا هو الفرق بين كمثل غيث أعجب الكفار نباته هذا تشبيه حالة مذمومة بينما آية الفتح في الثناء والمدح في وصف سيدنا محمد والذين معه.

* هل كلمة الزراع جمع زارع؟

الزُرّاع جمع زارع مثل كُتّاب وكاتب وواعظ وعّاظ. وعندنا زارعون جمع وأحياناً الكلمة يكون لها أكثر من جمع مثل كلمة ساجد تُجمع على سُجّد (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا (29) الفتح) وسجود (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) وساجدين (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) الشعراء) يكون هناك أكثر من جمع للكلمة. وعندنا ميّت تُجمع على ميّتون (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) الصافات) وموتى (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى (39) فصلت) وأموات (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء (154) البقرة) كلها جمع ثم تختلف بين القِلّة والكثرة ودلالات أخرى.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved