سورة الفاتحة

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

1-  بسم الله الرحمن الرحيم مسألة: إذا كان المراد بالبسملة الاستعانة به تعالى، فما فائدة إقحام الاسم بين الباء وبين لفظة الجلالة مع أن الاستعانة به لا بنفس الاسم (1) ؟ . جوابه: أن القصد به التعظيم والإجلال لذاته تعالى، ومنه: (سبح اسم ربك الأعلى ) و (تبارك اسم ربك) . لم اختصت البسملة بهذه الأسماء الثلاثة؟ أما الأول: فلأنه اسم المعبود المستحق للعبادة دون غيره، والموجد لعباده. والثاني والثالث: تنبيه على المقتضى لسؤال الاستعانة به، وهو سعة رحمته لعباده. ( كشف المعاني )
________
(1) معنى الحال: لماذا قيل: باسم الله، ولم يقل بالله وهو أصل التعبير لأن الاستعانة بالله لا بالاسم.

2-  مسألة: فما فائدة إعادتها ثانيا بعد الحمد؟
جوابه: التنبيه على الصفات المقتضية لحمده وشكره وهي: سعة رحمته تعالى لعباده، ولطفه، ورزقه، وأنواع نعمه.
فالأول: توكيد الاستعانة، والثاني: توكيد الشكر. وهذه الآية جمعت ما لم يجتمع في آية غيرها، وهو:
أنها آية مستقلة في الفاتحة عند من قال به. وهي بعض آية في النمل. وربعها الأول بعض آية في: (اقرأ باسم ربك. ونصفها الأول بعض آية في هود: (بسم الله مجراها. وربعها الثاني بعض آية فى الرحمن: (الرحمن (1) علم القرآن) ونصفها الثانى آية فى الفاتحة، وبعض آية فى سورة البقرة هو: (الرحمن الرحيم) ( كشف المعاني )

3-  مسألة: (الرحمن الرحيم) ؟ ذكر المفسرون في إيراد الاسمين مع اتحاد المعنى فيهما معاني كثيرة مذكورة في كتب التفسير لم نطل بها هنا. وأحسن ما يقال مما لم أقف عليه في تفسير: أن (فعلان) صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمه، والامتلاء منه، ولا يلزم منه الدوام لذلك، كغضبان، وسكران، ونومان. وصيغة (فعيل) لدوام الصفة، ككريم، وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة، الدائمها. ولذلك: لما تفرد الرب سبحانه بعظم رحمته لم يسم بالرحمن وبالألف واللام) (1) غيره. ( كشف المعاني )

4-  ما فائدة تقديم الرحمن على الرحيم؟ . جوابه: لما كانت رحمته في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين: قدم ( الرحمن) . وفى الآخرة دائمة لأهل الجنة لا تنقطع قيل: الرحيم ثانيا. ولذلك يقال: رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة. ( كشف المعاني )

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2)

    الحمد / الشكر:

1- إن اللفظين “الحمد-الشكر” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى عام هو: الثناء بالجميل. ويتميَّز كلٌّ منهما بملامح دلالية فارقة: فالحمد: يكون على النعمة والعطاء، وعلى الصفات الذاتية. ويكون على النعمة الواصلة إليك أو إلى غيرك، وفيه محبة وإجلال ويكون باللسان دون غيره. أما الشكر: لا يكون إلَّا على النعمة والعطاء، ولا يكون إلَّا على النعمة الواصلة إليك، ويكون بالقلب واللسان والجوارح، ليس فيه معنى المحبة والإجلال.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)

1-     1- أول المتشابهات قوله {الرحمن الرحيم مالك} فيمن جعل {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من الفاتحة وفي تكراره قولان قال علي بن عيسى إنما كرر للتوكيد وأنشد قول الشاعر : … هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أينا …
وقال قاسم بن حبيب إنما كرر لأن المعنى وجب الحمد لله لأنه الرحمن الرحيم قلت إنما كرر لأن الرحمة هي الإنعام على المحتاج وذكر في الآية الأولى المنعم ولم يذكر المنعم عليهم فأعادها مع ذكرهم وقال {رب العالمين الرحمن} لهم جميعا ينعم عليهم ويرزقهم {الرحيم} بالمؤمنين خاصة يوم الدين ينعم عليهم ويغفر لهم . ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: (الرحمن الرحيم) ؟ ذكر المفسرون في إيراد الاسمين مع اتحاد المعنى فيهما معاني كثيرة مذكورة في كتب التفسير لم نطل بها هنا. وأحسن ما يقال مما لم أقف عليه في تفسير: أن (فعلان) صيغة مبالغة في كثرة الشىء وعظمه، والامتلاء منه، ولا يلزم منه الدوام لذلك، كغضبان، وسكران، ونومان. وصيغة (فعيل) لدوام الصفة، ككريم، وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة، الدائمها. ولذلك: لما تفرد الرب سبحانه بعظم رحمته لم يسم بالرحمن وبالألف واللام) (1) غيره. ما فائدة تقديم الرحمن على الرحيم؟ . جوابه: لما كانت رحمته في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين: قدم الرحمن) . وفى الآخرة دائمة لأهل الجنة لا تنقطع قيل: الرحيم ثانيا. ولذلك يقال: رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة. ( كشف المعاني )
__________
(1) هذا المعنى اللطيف من المعاني التي تفرد بذكرها واستنباطها مؤلف هذا الكتاب
العلامة بدر الدين بن جماعة بشهادة تلميذه تاج الدين السبكى في كتابه طبقات الي الشافعية الكبرى ج 5: 232.

3- الرَّحمن / الرَّحيم: إن تجاور الصفتين (- الرَّحمن / الرَّحيم) يراد به : الثبوت واللزوم المفهوم من صيغة فعيل في اسم الله ( الرحيم)، والتجدد والاستمرار والمبالغة المفهومة من الصيغة الصرفية فعلان في اسم الله ( الرحمن). ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5)

1-  قوله تعالى {إياك نعبد وإياك نستعين} كرر {إياك} وقدمه ولم يقتصر على ذكره مرة كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين في آيات كثيرة منها {ما ودعك ربك وما قلى} أي ما قلاك وكذلك الآيات التي بعدها معناها فآواك فهداك فأغناك لأن في التقديم فائدة وهي قطع الاشتراك ولو حذف لم يدل على التقديم لأنك لو قلت إياك نعبد ونستعين لم يظهر أن التقدير إياك نعبد وإياك نستعين أم إياك نعبد ونستعينك فكرر. ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: ما فائدة العدول من الغيبة إلى الخطاب – ص 28 – في قوله تعالى: وإياك نعبد*؟ جوابه: أن الخطاب للحاضر، والاستعانة به أقرب إلى حصول المطلوب من خطاب الغائب والله أعلم. ( كشف المعاني )

3-  مسألة: إياك نعبد وإياك نستعين؟ . جوابه ( 11) : كررت إياك المفيدة للحصر إذا تقدمت: للتصريح بتوكيد حصر الإخلاص في العبادة له، وحصر الاستعانة أيضا به تعالى. ( كشف المعاني )

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

1-  كرر لفظ (الصراط) ثانيا؟ . جوابه ( 2) : لبيان وصف سالكيه المنعم عليهم. فالأول: وصفه بالاستقامة. والثاني: بوصف سالكيه من السفرة والصديقين. ولما كان الطريق تقتضي الرفيق نبه تعالى عليه بقوله تعالى: (وحسن أولئك رفيقا). ( كشف المعاني )

2- قوله تعالى: (لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (82) وقال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم (17)) فالاهتداء هنا مؤخر عن الإيمان والعمل الصالح وفى الآية الأخرى مقدم عليها؟ . جوابه: أن المراد بقوله: (ثم اهتدى) أي دام على هدايته، كقوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم (6) أي ثبتنا عليه وأدمنا. (كشف المعاني )

2-  سبيل/صراط/ طريق: جميع هذه الألفاظ تشترك في الدلالة على المسلك. إلا أن هناك ملامح فارقة تميزها. ف(السبيل) يتميز بالسهولة والوضوح، كما يتميز بإضافته الى كلمة (ابن).(والصراط) يتميز بالاستقامة والبعد عن الزيغ والضلال . و(الطريق) أعم هذه الألفاظ لأنه يشمل ما كان محمودا ً أو مذموماّ، سهلا أو صعباً. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-  لماذا اختار كلمة الصراط بدلا من الطريق او السبيل؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

لو لاحظنا البناء اللغوي للصراط هو على وزن (فعال بكسر الفاء) وهو من الاوزان الدالة على الاشتمال كالحزام والشداد والسداد والخمار والغطاء والفراش، هذه الصيغة تدل على الاشتمال بخلاف كلمة الطريق التي لا تدل على نفس المعنى.  الصراط يدل على انه واسع رحب يتسع لكل السالكين اما كلمة طريق فهي على وزن فعيل بمعنى مطروق اي مسلوك والسبيل على وزن فعيل ونقول اسبلت الطريق اذا كثر السالكين فيها لكن ليس في صيغتها ما يدل على الاشتمال. فكلمة الصراط تدل على الاشتمال والوسع هذا في اصل البناء اللغوي (قال الزمخشري في كتابه الكشاف الصراط من صرط كانه يبتلع السبل كلما سلك فيه السالكون وكانه يبتلعهم من سعته).

4-  لماذا جاءت كلمة الصراط معرفة بأل مرة ومضافة مرة اخرى (صراط الذين انعمت عليهم)؟ /(د.فاضل السامرائى)

جاءت كلمة الصراط مفردة ومعرفة بتعريفين: بالالف واللام والاضافة وموصوفا بالاستقامة مما يدل على انه صراط واحد (موصوف بالاستقامة لانه ليس بين نقطتين الا طريق مستقيم واحد والمستقيم هو اقصر الطرق واقربها وصولا الى الله) واي طريق آخر غير هذا الصراط المستقيم لا يوصل الى المطلوب ولا يوصل الى الله تعالى. والمقصود بالوصول الى الله تعالى هو الوصول الى مرضاته فكلنا واصل الى الله وليس هناك من طريق غير الصراط المستقيم. (ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا) (المزمل آية 19) (الانسان آية 29) (ان ربي على صراط مستقيم) (هود آية 56) (قال هذا صراط علي مستقيم) (الحجر آية 41)

وردت كلمة الصراط في القرآن مفردة ولم ترد مجتمعة ابداً بخلاف السبيل فقد وردت مفردة ووردت جمعا (سبل) لان الصراط هو الاوسع وهو الذي تفضي اليه كل السبل (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (الانعام 153) (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) (المائدة 16) (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (العنكبوت 69) (هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة ) (يوسف آية 108) الصراط هو صراط واحد مفرد لانه هو طريق الاسلام الرحب الواسع الذي تفضي اليه كل السبل واتباع غير هذا الصراط ينأى بنا عن المقصود.

   ثم زاد هذا الصراط توضيحا وبيانا بعد وصفه بالاستقامة وتعريفه بأل بقول (صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) جمعت هذه الآية كل اصناف الخلق المكلفين ولم تستثني منهم احدا فذكر:

الذين انعم الله عليهم هم الذين سلكوا الصراط المستقيم وعرفوا الحق وعملوا بمقتضاه.

الذين عرفوا الحق وخالفوه (المغضوب عليهم) ويقول قسم من المفسرين انهم العصاة.

الذين لم يعرفوا الحق وهم الضآلين (قل هل انبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) (الكهف آية 103-104) هذا الحسبان لا ينفعهم انما هم من الاخسرين.

ولا يخرج المكلفون عن هذه الاصناف الثلاثة فكل الخلق ينتمي لواحد من هذه الاصناف.

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)

1-              مسألة: (صراط الذين أنعمت عليهم؟ . جوابه: تصريح بإضافة النعم إليه دون الغضب، فلذلك لم يقل: غير الذين غضبت عليهم كما قال أنعمت عليهم، وهو من باب الأدب من السائل في حال السؤال ومنه: ببيدك الخير ولم يقل والشر، ونبه على ضده بقوله: إنك على كل شىيء قدير*. ( كشف المعاني )

  2-              (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) الفاتحة) لماذا ذكرت المغضوب عليهم بصيغة المبني للمجهول والضالين بصيغة إسم الفاعل؟ /(د.فاضل السامرائى)

أولاً جيء بكل منهما إسماً (المغضوب عليهم) و(الضالين) للدلالة على الثبوت الغضب عليهم ثابت والضلال فيهم ثابت لا يرجى فيهم خير ولا هدى لم يقل صراط الذين غضب عليهم وضلوا وإنما المغضوب عليهم ولا الضالين فجاء بالوصفين بالإسمية للدلالة على ثبوت هذين الوصفين فيهما. يبقى السؤال لماذا جاء المغضوب عليهم إسم مفعول ولم يقل غاضب إسم فاعل؟ مغضوب عليهم إسم مفعول يعني وقع عليهم الغضب لم يذكر الجهة التي غضبت عليهم ليعم الغضب عليهم من جميع الجهات غضب الله وغضب الغاضبين لله من الملائكة وغيرهم لا يتخصص بغاضب معين ليس غضب عليهم فلان أو فلان وإنما مغضوب عليهم من كل الجهات بل هؤلاء سيغضب عليهم أخلص أصدقائهم في الآخرة (وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) الأنعام) (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا (25) العنكبوت) إذن مغضوب عليهم من جميع الجهات من كل الجهات، حذف جهة الغاضب فيه عموم وشمول. أما الضالين فهم الذين ضلّوا.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved