سورة الأحقاف

(بسم الله الرحمن الرحيم)

حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنْ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)

1-             قوله {وذوقوا} وفي السجدة {وقيل لهم ذوقوا} القول ههنا مضمر وخص بالإضمار لطول الكلام بوصف العذاب وخصت السجدة بالإظهار موافقة للقول قبله في مواضع منها {أم يقولون افتراه} {وقالوا أئذا ضللنا} و {قل يتوفاكم} و {حق القول} وليس في الحج شيء منه. ( أسرار التكرار )

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)

1- البديع / البارئ/ الخالق / المصور / الفاطر:

جميع هذه الألفاظ لها ملمحاً دلالياً مشتركاً وهو الإيجاد سواء كان هذا الإيجاد إحداثاً أم تقديراً.

(البديع) مشتق من الإبداع وهو الإنشاء على غير مثال ولا اقتداء بسابق وفيه معنى الإحكام والإتقان، و(البارئ ) في اللغة الخالق يختص بالموجد على الحقيقة وهو الله كما يختص بمعنى التسوية والترتيب وتمييز المخلوقات بعضها عن بعض  ، و(الخالق) له معانٍ متعددة يكون بمعنى التقدير ي، يستعمل في الخير والشر ، وقد يوصف به غير الله عز وجل . (المصور) يختص بملمح إعطاء المخلوق صورة من الصور وفيه معنى الإتقان .(الفاطر)  يختص بملمح القابلية للهداية والإيمان.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2

عندنا في مزايا اللغة العربية التي لا يمكن التعبير عنها في اللغات الأخرى تعدد أدوات النفي. تقول أنا ما أذهب، أنا لا أذهب، أنا إن أذهب، أنا لست أذهب، كلها تقولها في الإنجليزية I don’t go. (إن أذهب) وردت مثلها في القرآن في قوله (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) الأنبياء) بمعنى نفي (ما). في القرآن قال (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ (9) الأحقاف) نفاها بـ (ما)، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ (34) لقمان) قال (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) الطلاق) قال ما أدري وقال إن أدري وقال لا أدري، نفاها كلها. الفرق من حيث الدلالة المعلوم المشهور أنه إذا نفيت الفعل المضارع بـ (ما) دلّ على الحال يعني ما أدري الآن، لا أدري أكثر النحاة يخصصوها للإستقبال لكن قسم من النحاة يقول هي للحال والاستقبال مطلقة وأكثرهم يخصصوها بالإستقبال والزمخشري يقول لا ولن أختان في نفي المستقبل وهذا عليه أكثر النحاة وأنا أميل أنها تكون للحال والاستقبال وأستدل بما استدل به بعض النحاة في القرآن (مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ (20) النمل) حال، (أنا لا أفهم ما تقول) حال، (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً (48) البقرة) للإستقبال فهي إذن مطلقة. خاصة هي منتهية بالألأف والألف حرف مطلق لا يمتد به الصوت فهي ممتدة. (إن أذهب) إن أقوى كما يقول النحاة. (لست أذهب) ليس فيها الكثير أنها تنفي الحال لكن فيها جملة إسمية وفعلية فهي مركبة. (لم أذهب) هذا المضارع، ما ذهبت، لمّا أذهب، إن ذهبت، لست قد ذهبت، كلها نقولها بالانجليزية I didn’t do صيغة واحدة، (ما) جواب القسم أصلاً، (لمّا) اللام كما بدأ بها سيبويه في باب نفي الفعل قال فعلت نفيه لم أفعل، والله لقد فعل نفيه ما فعل، قد فعل نفيه لمّا يفعل، ليفعلنّ نفيه لا يفعل، سوف يفعل نفيه لن يفعل، هذه النصوص موجودة وكل واحدة لها دلالة. / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)

1-             قوله {أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به} وفي الأحقاف {وكفرتم به} بالواو لأن معناه في هذه السورة كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنظر والتدبر الكفر فحسن دخول {ثم} وفي الأحقاف عطف عليه {وشهد شاهد} فلم يكن عاقبة أمرهم فكان من مواضع الواو . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به) وفى الأحقاف: (وكفرتم به) ؟ جوابه: أنه يجوز أن يكون (ثم) هنا للاستبعاد من الكفر مع العلم بكونه من عند الله فإن التخلف عن الإيمان بعد ظهور كونه من عند الله مستبعد عند العقلاء، ولذلك قال تعالى: من أضل ممن هو في شقاق بعيد) ، وهو كقوله تعالى: (ثم أنتم تمترون) و “الواو” في الأحقاف واو العطف بمعنى الجمع، وجواب الشرط مقدر تقديره: إن اجتمع كونه من عند الله وكفرتم به وشهادة الشاهد وإيمانه ألستم بكفركم ظلمة ودل عليه أن الله لا يهدى القوم الظالمين. ( كشف المعاني )

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم) وقال تعالى فى السجدة (تتنزل عليهم الملائكة) الآيات. جوابه: أن آية السجدة: وردت بعد ما تقدم ذكر الكفار من الأمموعقابهم، فناسب ذلك بسب ما أعد للمؤمنين من النعم والأمن وثوابهم. وآية الأحقاف: مساقة على الاختصار، فناسب ما وردت به. ( كشف المعاني )

2-             الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)

1-             ما في هذه السورة من التشابه قد سبق وذكر في المتشابه 14 و {أولئك} أي لم يجتمع في القرآن همزتان مضمومتان في غيرها . ( أسرار التكرار )

وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (15)

1-             قوله {ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما} ومثلها في القصص في قصة موسى وزاد فيها {واستوى} لأن يوسف عليه السلام أوحى إليه وهو في البئر وموسى عليه السلام أوحى إليه بعد أربعين سنة وقوله {واستوى} إشارة إلى تلك الزيادة ومثله {وبلغ أربعين سنة} بعد قوله {حتى إذا بلغ أشده} والخلاف في أشده قد ذكر في موضعه. ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} وفي لقمان {ووصينا الإنسان بوالديه حملته} وفي الأحقاف {بوالديه إحسانا} الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت في سعد بن مالك وهو سعد ابن أبي وقاص وأنها في سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لأبنه ولم يذكر في لقمان {حسنا} لأن قوله بعده {أن اشكر لي ولوالديك}14 – قام مقامه ولم يذكر في هذه السورة حملنه {ولا} {وضعته} موافقة لما قبله من الاختصار وهو قوله {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام وأحسن نظام ثم قال {ووصينا الإنسان} أي ألزمناه {حسنا} في حقهما وقياما بأمرهما وإعراضا عنهما وخلافا لقولهما إن امراه بالشرك بالله وذكر في لقمان والأحقاف حالة حملهما ووضعهما . ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) تقدم . ( كشف المعاني )

4-             كَرْه/ كُرْه: إن الملامح الدلالية المميِّزة للكَرْه في هذه الآيات: المشقة، والإجبار (ضد الطَّوْع والإرادة)، وعدم قبول النفس للأمر عن رضا. والملمح الأخير هو الملمح خاصة”. الفارق بين الكُره والكَرْه، حيث يشتركان في ملمحين هما: الشدة والمشقة، كونه مفروضًا من الخارج. ويتميز المضموم بملمح الرِّضا، بينما يتميز المفتوح بعدم الرِّضَا. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف(

5-              ما الفرق بين كلمة الكَره بفتح الكاف والكُره بضمها؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الكَره بفتح الكاف هو ما يأتي من الخارج يقابله الطوع كما في قوله تعالى (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) التوبة).

أما الكُره بضم الكاف فهو ما ينبعث من الداخل ففي قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة) جاءت كلمة الكُره لأن الإنسان بطبيعته يكره القتال وكذلك في قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الأحقاف) الحمل في نفس الأم ثقيل ليس مفروضاً عليها وإنما آلآم الوضع والحمل وأي إنسان لا يريد المشقة لنفسه أصلاً.

6-ما الفرق بين الآية (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) لقمان) والآية (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الأحقاف)؟ ولماذا قيل في الأولى عامين وفي الثانية ثلاثون شهراً وما هي دلالة ذكر وحذف (إحساناً)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

العامين والثلاثون واصحة باعتبار حمله وفصاله والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر وقسم من الفقهاء استندوا إلى أن أقل الحمل ستة أشهر. هذا الحمل والفصال فذكر أقلّ الحمل وهذه الفترة ليست بيد المرأة أو الرجل لكن أقل الحمل ستة أشهر والفصال في عامين والحمل ستة أشهر فهذه ثلاثون شهراً (24+6).

مسألة إحساناً: في آية أخرى قال (حسناً) (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) العنكبوت) وفي آية (إحساناً) وفي آية لم يذكرها. في العنكبوت (حسنا)، في لقمان لم ترد (إحساناً)، في الأحقاف وردت (إحساناً). أولاً المراتب: الإحسان أكرم من الحُسن، تعامل الإنسان حسناً أمر عادي لكن أن تحسن إليه هذه مرتبة أعلى من الحسن. قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) لقمان) قال (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) لقمان) بينما في العنكبوت قال (وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي)، (على أن) فيها تعهد. نقول مثلاً زوجتك ابنتي لتعينني، زوجتك ابنتي على أن تعينني، (على أن تعينني) شرط كما قال تعالى (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ (27) القصص)، (على أن) إشتراط. الوالدان في آية لقمان أشد كفراً يشترطون عليه الكفر (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي)، في العنكبوت (لتشرك بي) اللام هنا للتعليل. (على أن) أقوى للتشرط وفيها الإستعلاء. فلما كان في العنكبوت أقل المجاهدة قال (حسناً) ليست كالتي في لقمان. في لقمان قال (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) وكل وصية لقمان في المصاحبة مصاحبة الأب لابنه ينصحه ويعلمه ومصاحبة الإبن لأبيه ومصاحبته مع الناس ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأكثر وصية لقمان في المصاحبة كيف يتعامل مع الآخرين، في المصاحبة (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)). في العنكبوت ما دام المسألة أقل من ذلك صاحبهما. في الأحقاف لم يجاهداه على شيء (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا (15)) هذان أبوان مؤمنان. أولاً ذكر حالتهم. في لقمان قال (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ) لم يذكر الوضع وإنما ذكر الحمل فقط، في الأحقاف ذكر الحمل والوضع (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) لأن أحياناً الإنسان شيئاً صعباً لكن يضعه بيسر لكن هنا الحالتين كره ألا يستحق الأبوين الإحسان؟ وهما مؤمنان ومستمران (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) الأحقاف) إذن هذان الأبوان مؤمنان لذا استحقا الإحسان أعلى درجة من الحسن. في العنكبوت استحقا الحسن في المعاملة، في لقمان لما جاهداه مجاهدة قوية قال صاحبهما.

ثم هناك مسألة: الله تعالى في جميع القرآن إذا أمر بالبر والدعاء يستعمل الوالدين وليس الأبوين في القرآن كله. مع العلم أن الوالدين مثنى والد ووالدة وغلّب المذكر الوالد والأبوين مثنى وغلّب المذكر الأب والأبوان أب وأم. (وبالوالدين إحساناً) هذه عامة لم يحدد ذكر صفة من كفر أو غيره. (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) نوح) (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) إبراهيم) (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) الإسراء) لم يذكر في القرآن موقف بر أو دعاء إلا بلفظ الوالدين. في آية المواريث (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ (11) النساء). (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ (80) الكهف) ليس فيها مقام ذكر البر لذا قال أبواه أما في الدعاء فقال (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) لا يستعمل الأبوين. الأبوين يستعملها في مكان آخر.

ما الفرق بين الوالد والأب؟ التي تلد هي الأم والوالد من الولادة والولادة تقوم بها الأم وهذه إشارة أن الأم أولى بالصحبة وأولى بالبر قبل الوالد. لكن في المواريث لأن نصيب الأب أكبر من نصيب الأم استعمل الأب (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ). في الأموال يستعمل الأبوين وفي الدعاء الوالدين.

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)

1-(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) الأحقاف) لماذا عنهم وليس منهم؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

(قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة) في القرآن يستعمل (من) مع الجهة التي يُتقبّل منها والتي يصدر عنها العمل (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا (127) البقرة) أي نحن الجهة التي يصدر من عندنا العمل. لما يقول (عنهم) يتكلم عن العمل نفسه. في الأحقاف قال (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) ذكر العمل، أحسن ما عملوا أي العمل الصادر عنهم، يتقبل أحسن ما عملوا. يأتي بـ (عن) مع العمل الصادر و(من) مع الجهة التي تعمل العمل، مع الأشخاص. (عن) مع الشيء المتقبل في حد ذاته و(من) مع الشخص المتقبّل منه (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي (35) آل عمران) (فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ (27) المائدة) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ (36) المائدة) من الشخص، (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة) ربنا يستعمل (من) مع الجهة التي تعمل العمل صاحبة الشيء إنما (عن) مع العمل نفسه الذي يقبل الله عز وجل.

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (17) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18)

1-ما معنى حق القول؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

حق القول في القرآن معناه ثبت لهم العذاب. القول هو قوله تعالى (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة). كلمة حق القول إشارة إلى حق القول مني. الذي ورد في القرآن الكريم طبعاً عموم النحاة كلهم يذكرون أن حق القول المقصود به (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) أو (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) ص) حق القول في القرآن الكريم وكذلك حقت الكلمة لم ترد إلا في ثبوت العذاب هذا يمتد في جميع القرآن استقصاء بإلا بمعنى وجب لهم العذاب أو ثبت لهم العذاب مثال (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) القصص) (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) الأحقاف) (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) يس) كلها لم ترد في القرآن لم ترد إلا بهذا المعنى وهذه الدلالة، حق القول أو حقت الكلمة لم ترد إلا بهذه الدلالة.

وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (22)

1- أَفَكَ / صَرَفَ: الأفك هو نوع من الصرف والتحويل ولكن باستخدام الإِفْك ( أي الكذب ) وسيلة لذلك. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في ذم الكفار والمكذبين. بينما استعمل الصَرْفْ في القرآن الكريم لمطلق الرد والتحويل. فالأفْك وسيلته هي الكذب وهو أخصّ من الصرف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (23)

1-             قوله {أبلغكم} في قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفي قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضي لأن في قصة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة وفي قصة صالح وشعيب وقع في آخر الرسالة ودنو العذاب ألا تسمع قوله {فتولى عنهم} في القصتين. ( أسرار التكرار )

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)

1- مسألة: قوله تعالى: (كل مثل) والمذكور بعض الأمثال. جوابه: المراد من كل مثل محتاج إليه من أمر الدنيا والدين. أو يكون عاما مخصوصا كقوله تعالى: (تدمر كل شيء) . ( كشف المعاني )

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (26)

1-ما دلالة استخدام الأبصار بالجمع والسمع بالإفراد في قوله تعالى (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ (26) الأحقاف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

السمع مصدر وعندنا قاعدة أن المصدر لا يجمع إلا إذا تعدد. المشي والجلوس لا يجمع. المصدر يدل على الحدث والحدث يدل على القليل والكثير ولا يُجمع إلا إذا تعدد واختلفت أنواعه مثل ظروف وامتيازات لكن المصدر بحد ذاته لا يُجمع. السكوت والوقار لا يجمع. إذن السمع مصدر ولذلك لا يُجمع إلا إذا تعددت أنواعه واختلفت. البصر يقولون هو العين في المعجم إلا أنه مذكر وهي مؤنثة. معناه آلة الإبصار وتُجمع على أعين وعيون. لكن الفرق أن العين قد تكون عمياء والبصر العين المبصرة التي تبصر تحديداً وهم قالوا أن البصر هو العين إلا أنه مذكر وهي مؤنثة. البصر يدل على العين المبصرة. هناك أمر آخر أن الأبصار تدرك اشياء مختلفة متعددة في آن واحد مثل الألوان المختلفة يدركها البصر في آن واحد، والاختلاف في الطول والقصر والمتباعدة والقريبة يدركها في آن واحد. أما السمع فلا إذا تكلم أحد وأنت تسمع لغيره تقول له دعني أسمع. البصر مدركاته كثيرة ولذلك جمع لكثرة المتعلقات أما السمع أقلّ. أنت تبصر أشياء متعددة قريبة وبعيدة في آن واحد. يتعدد البصر لتعدد المدركات أما السمع فليس كذلك. إذن هناك أمران: كونه إذا كان بمعنى العين كما في المعجم فالعين تجمع عيون وأعين مثل آذان. إذا كان هناك أمر آخر يجمع البصر وهو تعدد مدركاته بخلاف السمع الذي ليس مثل البصر. الأفئدة هي القلوب مفردها فؤاد لكن الفؤاد يقولون من التفؤد وهو الاحتراق (فأد معناه شوى في اللغة) فؤاد يعني الأمور التي تدعو إلى المعاناة يستعمل له الفؤاد (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا (10) القصص) فيه عاطفة محترقة على ابنها. القلب مختلف أما الفؤاد يحتمل (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء (43) إبراهيم) هو كالاحتراق هم يقولون الفؤاد من التفؤد والمفتأد هو الموقد أو المشوى (عند مفتأد). (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) الهمزة) أي سوف تحرقها. لهذا جاء السمع مفرداً لعدم تعدد مدركاته أما الأبصار فتعددت مدركاته لذا جمع والأفئدة جمع في الأصل. قد يجمع السمع إذا تعدد.

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنْ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلا نَصَرَهُمْ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)

1- رهط / قوم / نفر: إن هذه الألفاظ (رهط – قوم – نفر) تشترك جميعها بالدلالة على معنى الجماعة. إلا أن لفظ ( رهط) ينفرد بملمح قلة العدد ، ودلالته على القرابة القريبة. وينفرد لفظ ( القوم ) بدلالته على القرابة عموما وبدلالته على الكثرة. وينفرد لفظ ( النفر) بدلالته على الذكور الذين ينفرون في الحرب، ولا يشترط أن يكونوا من عشيرة الرجل وأقاربه. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-قال تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ (1)) ولم يصرح بالقرآن كأن يقول استمع نفر من الجن قرآناً كما قال في آية أخرى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (29) الأحقاف) ما الفرق ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هو قال (قرآناً عجباً) ولم يقل قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن للقرآن بينما في آية الأحقاف ذكر القرآن (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) الكلام عن القرآن، ذكر وفصّل في القرآن ما لم يفصّل في سورة الجن. في سورة الجن قال (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))، بينما في الأحقاف قال (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا (29)) حضروا قراءة القرآن وأنصتوا لسماعه (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) لاحظ التفصيل، في الأحقاف فصّل في ذكر القرآن ما دعا إلى ذكر القرآن بينما في سورة الجن كان الكلام عن القرآن موجزاً وإشارة إلى القرآن (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)). في مقام التفصيل يفصّل وفي مقام الإيجاز يوجز مع أنه مفهوم.

قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)

1-             سبيل/صراط/ طريق: جميع هذه الألفاظ تشترك في الدلالة على المسلك. إلا أن هناك ملامح فارقة تميزها. ف(السبيل) يتميز بالسهولة والوضوح، كما يتميز بإضافته الى كلمة (ابن).(والصراط) يتميز بالاستقامة والبعد عن الزيغ والضلال . و(الطريق) أعم هذه الألفاظ لأنه يشمل ما كان محمودا ً أو مذموماّ، سهلا أو صعباً.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              قال تعالى (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ (2) الجن) وفي الأحقاف قال تعالى (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)) فما الفرق بين الرُشد والحق؟ وكيف نفهم اللمسات البيانية في الآيتين؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الحق ليس مناقضاً للرُشد ولا الرُشد مناقضاً للحق. الحق أعم من الرُشد، يعني يوصف بالحق أحياناً ما لا يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما لا يخبر بالحق يعني (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) هل يمكن أن يقال آنستم منهم حقاً؟ كلا. (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) ص) (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ (61) البقرة) (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ (282) البقرة) (إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (62) آل عمران) (وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (86) آل عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة) كلها لا يصح فيها الرُشد، الحق أعم من الرشد (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ (57) الأنعام) لا يصح أن يقال يقص الرُشد، (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ  (62) الأنعام) (فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ (32) يونس) الحق أعمّ. وهذا أول فرق بين الحق والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور لا يصح فيها ذكر الرُشد. الأمر الآخر أن الرُشد لا يقال إلا في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام، نقول القتل بالحق، هذا المال حق لك، إذن الله هو الحق، الجنة حق والنار حق. هنالك أمران حقيقة: أولاً الحق أعمّ من الرُشد يُخبر به عن الإنسان وغيره ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل، إذن الرشد قسم من الحق وليس الحق كله، كل رشد هو حق لكن ليس حق رشداً باعتبار الحق أعمّ. يبقى سبب الاختلاف: ما ذكره في سورة الأحقاف عن الجن أوسع وأشمل مما ذكره في سورة الجن فعمم في الأحقاف (يهدي إلى الحق) ثم ذكر أموراً في القرآن كثيرة فصّل فيها.

يبقى سبب الاختلاف: نحن ذكرنا أن الحق أعم من الرشد والرشد معناه الصلاح في الدنيا وقد يكون في الآخرة. ما ذكره في الأحقاف (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) سياق الآية أعم مما في آية الجن وأوسع وأشمل فناسب ذكر الحق الذي هو أوسع وأشمل. في سورة الجن قال (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)) ثم انصرف إلى أقسام الجن ومعتقداتهم وأنهم كانوا يقعدون مقاعد للسمع ليس لها علاقة بالقرآن أما في الأحقاف فاتسع الحديث عن القرآن والتأثير فيهم هم سمعوا القرآن وآمنوا به لم يكتفوا وإنما ذهبوا إلى قومهم منذرين ويدعوهم إلى الإيمان (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) الكلام عن القرآن متسع في الأحقاف وهذا جزء من آية في سورة الجن، في الأحقاف الكلام متسع إذن تناسب كلمة الحق التي هي أوسع من الرشد لما كان الكلام متسع أتى بالكلمة التي هي مناسبة والتي هي الحق. هذا من ناحية، من ناحية أخرى كلمة الحق نفسها وردت في سورة الأحقاف ست مرات ولم ترد في سورة الجن وكلمتا الرُشد والرَشد وردتا في سورة الجن أربع مرات ولم ترد في سورة الأحقاف. إذن من هذه الناحية صارت مناسبة. ثم نلاحظ أن هنالك أمر في آية الأحقاف هو لم يكتفي بذكر الهداية إلى الحق، هو في الجن قال (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) في الأحقاف قال (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)) لم يتوقف في آية الأحقاف عند الحق وإنما اتسع الأمر (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)). لماذا إلى طريق مستقيم؟ الحق أعم من الطريق المستقيم ثم لو لاحظنا السياق الذي ورد فيه الطريق المستقيم قال قبلها (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)) يعني هذه الدعوة ليست بدعة أنا ابتدعتها وإنما هي طريق سلكها الأنبياء والرسل والطريق هي السبيل الذي تطرقه الأرجل، السبيل الذي كثرت سابلته وميسر أما الطريق فهو الذي تطرقه الأرجل سواء كان ميسراً أو غير ميسر. يعني ساروا فيه قبله فلما قال (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) يعني طريق طرقته الأرجل. قال (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ (21)) إذن هي طريق مسلوكة، إذن هذه ليست طريقة مبتدعة وإنما سلكها الأنبياء والرسل من قبله.

3-*لماذا لم يذكر الإنجيل بعد موسى في قوله تعالى (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) الأحقاف)؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

هذا كلام الجن ويقال هؤلاء من اليهود الذين لا يعترفون بالإنجيل أصلاً. هنالك من آمن به وإن لم يُرسل إليهم. هناك جن يهود ونصارى أتباع عيسى وموسى قالوا هؤلاء من اليهود، لم يعترفوا بعيسى شأن البشر. (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا (130) الأنعام) هم كلهم مكلفين (الثقلان). قالوا هؤلاء من اليهود فلم يعترفوا بعيسى. ثم هنالك أمر آخر النصارى يعترفون بالتوراة ويعتبرون أنهم مكلفون بما جاء فيه لأن عيسى قال ما جئت لأنقض الناموس والنصارى يعتقدون بصحة ما جاء في التوراة ويعتبرون نفسهم مكلفين بما هو فيه. إذن هؤلاء الجن من اليهود الذين لا يعترفون بعيسى.

يغفر لكم ذنوبكم في الأحقاف (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) هذه عن الجن وهم من أمة محمد؟ أنا قلت ذنوبكم خاصة بأمة محمد ومن ذنوبكم عامة للجميع وتكون بحسب العمل الذي تعمله يمكن أن تغفر بعض الذنوب.

4- (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) الأحقاف) ما دلالة استعمال كلمة الطريق بدل الصراط؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً ما الفرق بين الحق وطريق مستقيم؟ الحق هي العقائد الصحيحة والأمور الثابتة الصحيحة. الطريق المستقيم ما يُسلك من الأعمال. لماذا قال الطريق ولم يقل الصراط؟ الطريق هو السبيل الذي تطرقه الأرجل يعني مسلوك هذا هو الطريق، هو قبلها قال (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى) هذا كلام الجن معنى أن هذا طريق مسلوك لم يبتدعه صاحبه (كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى) إذن سار على نفس الطريق ولم يبتدعه (يهدي إلى صراط مستقيم) طريق مسلوكة (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ (9) الأحقاف) أما الصراط فهو الطريق الواسع سمي الصراط لأنه يصرط السابلة يعني يبلعهم، هو متسع ضخم أما الطريق فليس فيه هذا المعنى فقال (طريق مستقيم).

يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)

1- يغفر لكم ذنوبكم / يغفر لكم من ذنوبكم: هناك ثلاثة مواضع في القرآن الكريم خوطب بها الكافرون بشأن غفران ذنوبهم، “مِن” في هذه الآيات مستعملة للدلالة على التبعيض؛ لأن الخطاب للكفار، فلم يُسَوِّ القرآن بينهم وبين المؤمنين، وإنما خاطب المؤمنين في شأن غفران الذنوب فلم تستعمل “مِن” كما في قول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

      2-ما الفرق بين يغفر لكم من ذنوبكم ويغفر لكم ذنوبكم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

(من) تبعيضية، للتبعيض أي بعضاً من ذنوبكم. بحسب السياق تغفر بعض الذنوب أو الذنوب جميعاً. لكن هنالك أمر وهو أنه لم يرد في القرآن (يغفر لكم ذنوبكم) إلا في أمة محمد في القرآن كله، أما (يغفر لكم من ذنوبكم) فعامّة لأمة محمد ولغيرهم.

وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)

1-             قوله {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر} وفي الأحقاف {بقادر} وفي يس 81 لأن ما في هذه السورة خبر أن وما في يس خبر ليس فدخل الباء الخبر وكان القياس ألا يدخل في {حم} الأحقاف ولكنه شابه ليس لما ترادف النفي وهو قوله {أو لم يروا} { ولم يعي} وفي هذه السورة نفى واحد وأكثر أحكام المتشابه في العربية ثبت من وجهين قياسا على باب ما لا ينصرف وغيره . ( أسرار التكرار )

2-             قوله تعالى: (أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر) وفى يس والأحقاف (بقادر) ؟جوابه: أن “قادر ” هنا: خبر إن المثبتة فلم تدخله “الباء”. وفى يس: هو خبر “ليس ” النافية، فدخلت الباء في خبرها. وفى الأحقاف: لما أكد النفى بنفي ثان وهو قوله تعالى: هو – (ولم يعي بخلقهن) ناسب دخول الباء في (بقادر) . (كشف المعاني )

3-             قادر/ بقادر: في آية الإسراء {قَادِرٌ} خبر “أنَّ” المثبَتة؛ فلم تدخله الباء. وفى آية يس {بِقَادِرٍ} خبر “ليس” النافية؛ فدخلت الباء في خبرها. وفى الأحقاف لما أكَّد النفي بنفي ثانٍ وهو قوله عز وجل: {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ}؛ ناسب دخول الباء في {بِقَادِرٍ}. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)

1- دَمْدَم / دَمَّر/ مَحَقَ/ مَحَا / أهلك : تشترك جميع هذه الألفاظ بمعنى الإطباق، إلا أن الدمدمة تختص بملامح الإطباق والمبالغة، والضيق. ويختص التدمير بملمح الهجوم ،وفيه مباغتة ومفاجئة ، وأيضاّ بملمح الإبادة الكاملة . ويختص المحق بمعنى النقص وإذهاب البركة . ويختص المحو بمعنى الإزالة والاستئصال التام. ويختص الهلاك بتعدد معانيه واتساعها حيث يشمل : العدم المطلق ، والعدم النسبي ( أي الافتقاد ) ،والموت ، والصيرورة الى الفساد والبطلان ، والعذاب بألوانه ( الفقر ، الجوع ، الخوف … الخ ) .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة ابراهيم آية 52 و(بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟ / اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

كلمة بلاغ في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ . أما في سورة ابراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) آية 42.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved