سورة الأعراف

(بسم الله الرحمن الرحيم)

المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)

1-ما دلالة البناء للمجهول أو للمعلوم مع الفعل أنزل كما فى قوله تعالى(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف)و(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2) الزمر) ؟/ اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المعروف في النحو واللغة أن المُسنَد إليه هو المتحدَّث عنه والمُسنَد هو المتحدث به عنه. من المسنَد إليه الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر وما أصله مبتدأ وخبر، من المسنَد إليه بالذات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ. إذا أراد الحديث عن نائب الفاعل بنى الفعل للمجهول وإذا أراد الحديث عن الفاعل ذكره. عموم الكلام ماذا يريد المتكلم؟ هل الكلام عن الفاعل أو عن نائب الفاعل؟. ما ورد في الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)) (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) إذن الكلام عن الكتاب والكلام عن الكتاب يبدأ بالسورة (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) فإذا كان الكلام على الفاعل ذكر الفاعل وإذا كان الكلام عن نائب الفاعل ذكره. مثال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان) يتكلم عن الله، ذكر الكتاب في (أَنزَلَهُ) لكن الكلام عن الفاعل عن المنزِل لا عن المنزَل (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان). (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2) الزمر) (إِنَّا أَنزَلْنَا) الكلام عن الله وليس عن الكتاب. فإذن هناك إذا كان الكلام عن نائب الفاعل يبنيه للمجهول. أليس هناك فرق بين (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)؟ (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الكلام عن الكتاب لكن يذكر من المنزِل فيما بعد لتعظيم الكتاب ليس للكلام عن الفاعل وإنما لتعظيم الكتاب، (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من أنزله؟ الله، إذن (أنزل إليك من ربك) هذا استكمال لتعظيم الكتاب.

إذن البناء للمجهول له أغراض؟.

طبعاً له أغراض، عن ماذا تريد أن تتحدث؟ هذا من البلاغة والبيان يركز على ما يريد التحدث عنه. حتى إذا ورد الفاعل فهو لغرض ما يتعلق بالكتاب يعني بنائب الفاعل أيضاً وليس بالفاعل لكن بما يأتي بالغرض في هذا السياق حسب الحاجة وحسب ما يريد المتحدث أن يتحدث عنه.

وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11)

1-لماذا استخدمت كلمة ابليس مع آدم ولم تستخدم كلمة  الشيطان؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {34}) وفي سورة الأعراف (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ {11}) ابليس هو أبو الشياطين كما إن آدم أبو البشر وبداية الصراع كان بين أبو البشر وأبو الشياطين. والشيطان يُطلق على كل من كان كافراً من الجن أي على الفرد الكافر من الجنّ.

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)

1-             قوله {قال ما منعك} في هذه السورة وفي ص {قال يا إبليس ما منعك} وفي الحجر {قال يا إبليس ما لك} بزيادة {يا إبليس} في السورتين لأن خطابه قرب من ذكره في هذه السورة وهو قوله {إلا إبليس لم يكن من الساجدين} {قال ما منعك} فحسن حذف حرف النداء والمنادى ولم يقرب في ص قربه منه في هذه السورة لأن في ص {إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين} بزيادة {استكبر} فزاد حرف النداء والمنادى فقال {يا إبليس} وكذلك في الحجر فإن فيها {إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين}. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {ألا تسجد} وفي ص {أن تسجد} وفي الحجر {ما لك ألا تكون} فزاد في هذه السورة {لا} وللمفسرين في {لا} أقوال قال بعضهم {لا} صلة كما في قوله {لئلا يعلم} وقال بعضهم الممنوع من الشيء مضطر إلى ما منع وقال بعضهم معناه ما الذي جعلك في منعة من عذابي وقال بعضهم معناه من قال لك ألا تسجد وقد ذكرت ذلك وأخبرت بالصواب في كتابي (لباب التفسير) والذي يليق بهذا الكتاب أن نذكر ما السبب الذي خص هذه السورة بزيادة {لا} دون السورتين قلت لما حذف منها {يا إبليس} واقتصر على الخطاب جمع بين لفظ المنع ولفظ {لا} زيادة في النفي وإعلاما أن المخاطب به إبليس خلافا للسورتين فإنه صرح فيهما باسمه وإن شئت قلت جمع في هذه السورة بين ما في ص وما في الحجر فقال ما منعك أن تسجد مالك ألا تسجد فحذف {أن تسجد} وحذف {مالك} لدلالة الحال ودلالة السورتين عليه فبقي {ما منعك ألا تسجد} وهذه لطيفة فاحفظها. ( أسرار التكرار )

3-              *لماذا جاء ذكر ابليس مع الملائكة عندما امرهم الله تعالى بالسجود لآدم مع العلم أن ابليس ليس من جنس الملائكة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم في آية سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {34}) وأمر ابليس على وجه الخصوص في آية سورة الأعراف (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ {12}) فليس بالضرورة أن الله تعالى أمر ابليس بالسجود مع الملائكة لكنه تعالى أمر الملائكة بالسجود كما في آية سورة البقرة وأمر ابليس وحده بالسجود لآدم امراً خاصاً به في آية سورة الأعراف.

4-ما الفرق البياني بين قوله تعالى (ما منعك أن تسجد) سورة ص و(ما منعك ألا تسجد) سورة الأعراف وما دلالة استخدام (لا) ؟

/ اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

قال تعالى في سورة الأعراف (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)) وقال في سورة ص (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)).

هناك قاعدة (لا) يمكن أن تُزاد إذا أُمن اللبس، وسُمّيت حرف صلة وغرضها التوكيد وليس النفي. ونلاحظ أن سياق الآيات مختلف في السورتين ففي سورة الأعراف الآيات التي سبقت هذه الآية كانت توبيخية لإبليس ومبنية على الشدة والغضب والمحاسبة الشديدة وجو السورة عموماً فيه سجود كثير.النحويون يقولون أن (لا) زائدة فهي لا تغيّر المعنى وإنما يُراد بها التوكيد ومنهم من قال أنها صلة. وليس قولهم أنها زائدة يعني أنه ليس منها فائدة إنما حذفها لن يغيّر المعنى لو حُذفت. فلو قلنا مثلاً (والله لا أفعل) وقلنا (لا والله لا أفعل) فالمعنى لن يتغير برغم أننا أدخلنا (لا) على الجملة لكن معناها لم يتغير. أما في آيات القرآن الكريم فلا يمكن أن يكون في القرآن زيادة بلا فائدة. والزيادة في (لا) بالذات لا تكون إلا عند من أمِن اللبس، بمعنى أنه لو كان هناك احتمال أن يفهم السامع النفي فلا بد من زيادتها. في قوله تعالى (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) الحديد) معناها ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء وإذا أراد الله تعالى أن يُنزل فضله على أحد لا يستطيع أحد أن يردّ هذا الفضل. فالقصد من الآية إعلامهم وليس عدم إعلامهم. لذلك قسم من النحاة والمفسرين يقولون أن اللام زائدة أو صلة.

وفي قوله تعالى (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) طه) هي ليست نافية ولكنها بمعنى من منعك من اتباعي. وفي قوله تعالى (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) الأعراف) الله تعالى يحاسب ابليس على عدم السجود ولو جعلنا (لا) نافية يكون المعنى أنه تعالى يحاسبه على السجود وهذا غير صحيح. ولهذا قال تعالى في سورة ص (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)). إذن (لا) مزيدة للتوكيد جيء بها لغرض التوكيد لأن المعلوم أن يحاسبه على عدم السجود.

لكن يبقى السؤال لماذا الإختيار بالمجيء بـ (لا) في آية وحذفها في آية أخرى؟ لو نظرنا في سياق قصة آدم في الآيتين في سورة الأعراف وص لوجدنا أن المؤكّدات في سورة الأعراف أكثر منها في سورة ص ففي الأعراف جاءت الآيات (لأقعدنّ، لآتينهم، لأملأن، إنك، وغيرها من المؤكّدات) . وكذلك القصة في سورة الأعراف أطول منها في ص ثم إن مشتقات السجود في الأعراف أكثر (9 مرات) أما في ص (3 مرات). ولتأكيد السجود في الأعراف جاءت (ما منعك ألا تسجد). ثم هناك أمر آخر انتبه له القدامى في السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة وهي أن هذه الأحرف تطبع السورة بطابعها فعلى سبيل المثال: سورة ق تطبع السورة بالقاف (القرآن، قال، تنقص، فوقهم، باسقات، قبلهم، قوم، حقّ، خلق، أقرب، خلقنا، قعيد، وغيرها) وسورة ص تطبع السورة بالصاد (مناص، اصبروا، صيحة، فصل، خصمان، وغيرها..) حتى السور التي تبدأ بـ (الر) تطبع السورة بطابعها حتى أن جعفر بن الزبير أحصى ورود الر 220 مرة في السورة. وسورة الأعراف تبدأ بـ (المص) وفي الآية موضع السؤال اللام والألف وهما أحرف (لا) فناسب ذكر (لا) في آية سورة الأعراف وناسب كذلك السياق والمقام.

وعليه مثلاً من الخطأ الشائع أننا نقول أعتذر عن الحضور وإنما الصحيح القول: أعتذر عن عدم الحضور.

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13)

1- الذُّلّ/ الصَّغَار/ المسكنة: أن كلمتي “الذُّل ـ الصَّغَار” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى الخضوع والهوان. ويتميزَّ الصَّغَار بملمح دلالي فارقٍ يُخَصِّصه، وهو: الرضا بهذه المنزلة الدنيَّةَ، أو الهبوط إلى تلك المنزلة بعد عزَّة وشَرَف. وفي الذل ملمح يميزه هو أنه مفروض بقوة خارجية، أما الصَّغَار فقد لا يكون مفروضًا من الخارج؛ إذْ هو رضا من المرء بالهوان والخضوع..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)

1-             قوله {أنظرني إلى يوم يبعثون} وفي الحجر وص {رب فأنظرني} لأنه سبحانه لما اقتصر في السؤال على الخطاب دون صريح الاسم في هذه السورة اقتصر في الجواب أيضا على الخطاب دون ذكر المنادى وأما زيادة الفاء في السورتين دون هذه السورة فلأن داعية الفاء ما تضمنه النداء من أدعو أو أنادى نحو {ربنا فاغفر لنا} أي أدعوك وكذلك داعية الواو في قوله {ربنا وآتنا} فحذف المنادى في هذه السورة فلما حذفه انحذفت الفاء . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (أنظرني) . وفى الحجر،: (فأنظرني) بالفاء؟ . جوابه: أن آية الأعراف استئناف سؤال غير مسبب عما قبله، فلا . وجه للفاء وكذلك: (إنك من المنظرين) خبر مستأنف غير مسبب عما قبله، تقديره: إن أخرتني فأنظرني. ولما جاء بفاء السببية هنا، ناسب: (فإنك من المنظرين) ( كشف المعاني )

قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15)

1-             قوله {إنك من المنظرين} في هذه السورة وفي السورتين {قال فإنك} لأن الجواب يبنى على السؤال ولما خلا في هذه السورة عن الفاء خلا الجواب عنه ولما ثبتت الفاء في السؤال في السورتين ثبتت في الجواب والجواب في السور الثلاث إجابة وليس باستجابة. ( أسرار التكرار )

2-             إنك من المنظرين / فإنك من المنظرين: سر إثبات الفاء في سورتي الحجر و ص : أن القول هنا جاء إجابة لسؤال عدو الله إبليس (قال ربي فأنظرني الى يوم يبعثون) ، فلما أثبتت الفاء في السؤال أعيدت في الإجابة، ليكون الكلام على نسق واحد . وسر حذفها في آية الأعراف أن سؤال إبليس خلا من الفاء:( قال انظرني الى يوم يبعثون)، فناسب أن تخلو الإجابة من الفاء أيضاً . هذا على مستوى تناظر التراكيب.وعلى مستوى الدلالة : لا وجه للفاء في آية الأعراف ، لأن جملة (انظرني ) جملة مستأنفة غير مسببة عما قبلها . أما في آيتي الحجر و ص/ فلهمت الفاء، لأن الجملة مسببة عما قبلها ، والتقدير (إن أخرتني فأنظرني). فهو في معنى الشرط ،وجواب الشرط يقترن بالفاء إن كان فعل طلب .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)

1-             قوله {فبما أغويتني} في هذه السورة وفي ص {فبعزتك لأغوينهم} وفي الحجر {رب بما أغويتني} لأن ما في هذه السورة موافق لما قبله في الاقتصار على الخطاب دون النداء وما في الحجر موافق لما قبله في مطابقة النداء وزاد في هذه السورة الفاء التي هي للعطف ليكون الثاني مربوطا بالأول ولم تدخل في الحجر فاكتفى بمطابقة النداء لامتناع النداء منه لأنه ليس بالذي يستدعيه النداء فإن ذلك يقع مع السؤال والطلب وهذا قسم عند أكثرهم بدليل ما في ص وخبر عند بعضهم والذي في ص على قياس ما في الأعراف دون الحجر لأن موافقتهما أكثر على ما سبق فقال {فبعزتك} والله أعلم .وهذا الفصل في هذه السورة برهان لامع وسأل الخطيب نفسه عن هذه المسائل فأجاب عنها وقال إن اقتصاص ما مضى إذا لم يقصد به أداء الألفاظ بأعيانها كان اختلافها واتفاقها سواء إذا أدى المعنى المقصود وهذا جواب حسن إن رضيت به كفيت مؤنة السهر إلى السحر . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {قال اخرج منها مذؤوما مدحورا} ليس في القرآن غيره لأنه سبحانه لما بالغ في الحكاية عنه بقوله {لأقعدن لهم} الآية بالغ في ذمه فقال {اخرج منها مذؤوما مدحورا} والذأم أشد الذم. ( أسرار التكرار )

3-              *(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) الأعراف) لماذا ردّ إبليس اللوم إلى الله سبحانه وتعالى بأنه أغواه؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

سبب الإغواء هو الابتلاء، نرجع للسبب، هو اختبره فجاء فقال (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي) هو جاء بالنتيجة بينما هو ابتلاه فاختبره فكانت سبباً في إضلاله وهو حذف السبب وجاء بالنتيجة فقال (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي) لو لم يختبره لجاز لكن هذا تنطع في الكلام. أعوان إبليس يقولون هذا الكلام أيضاً، الله تعالى اختبره فلم يسجد ورسب في الاختبار والنتيجة هو هذا الذي حصل.

ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)

1-             قوله {قال اخرج منها مذؤوما مدحورا} ليس في القرآن غيره لأنه سبحانه لما بالغ في الحكاية عنه بقوله {لأقعدن لهم} الآية بالغ في ذمه فقال {اخرج منها مذؤوما مدحورا} والذأم أشد الذم. ( أسرار التكرار )

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (19)

1-             قوله {فكلا} سبق في البقرة ( أسرار التكرار )

2-              مسألة: قوله تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا وفى الأعراف: (فكلا) بالفاء؟ . جوابه: قيل إن السكنى فى البقرة: للإقامة، وفى الأعراف اتخاذ المسكن. فلما نسب القول إليه تعالى: (وقلنا يا آدم) ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل، ولذلك قال فيه: (رغدا) ، وقال: (حيث شئتما) لأنه أعم.
وفى الأعراف: ويا آدم، فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها، لأن الأكل بعد الاتخاذ، و (من حيث) لايعطى عموم معنى (حيث شئتما) . ( كشف المعاني )

3-             وكلًا / فكلاً: استعملت الواو في آية البقرة (وكلاً) لأن القول فيها مسند الى الله (وقلنا ياآدم)، فناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل ،ولذلك قال في هذه الآية (رغداً) وقال ( حيث شئتما) لأنه أعم. واستعملت الفاء في الأعراف (فكلا) لأنه ليس فيها قول مسند الى الله عز وجل، كما أن السكنى فيها: اتخاذ للمسكن فجاءت الفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها، لأن الأكل يكون بعد الاتخاذ ولذلك لم يذكر في هذه الآية (رغداً)، وفي آية الأعراف ( من حيث شئتما ) لا يعطي عموم معنى ( حيث شئتما) في آية البقرة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20)

1- ما الفرق بين النزغ والوسوسة في الآيات (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100) يوسف) و (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا (20) الأعراف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

من حيث اللغة النزغ هو الإفساد بين الأصدقاء تحديداً، بين الإخوان، بين الناس (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ (36) فصلت) النزغ هو أن يحمل بعضهم على بعض بإفساد بينهم، هذا هو النزغ في اللغة، أن يغري بعضهم ببعض ويفسد بينهم. الوسوسة شيء آخر وهي عامة، يزين له أمر، يفعل معصية، يزين له معصية، الوسوسة عامة والنزغ خاص بأن يحمل بعضهم على بعض وأن يفسد بينهما. قال تعالى (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100) يوسف)، لم يقل وسوس. مع آدم وحواء لم يكن هناك خصومة بينهما لكن مع إخوة يوسف كان هناك خصومة فقد حاولوا أن يقتلوا يوسف، أفسد بينهم، أغروا به حتى أفسدوا. الوسوسة عامة لأنه يدخل فيها النزغ. هنا (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100) يوسف) (نزغ الشيطان) الحالة الخاصة للحالة الخاصة وهذه الحالة هي هكذا بين يوسف وإخوته، هذا هو المعنى اللغوي. يقولون أصل الوسوسة الصوت الخفي ويكون مسموعاً أحياناً وأحياناً يكون غير مسموع (الذي يوسوس في صدور الناس) أحياناً لا يُسمع وإنما يبقيه الشيطان في نفس الإنسان (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس) والصدر هو الممر إلى القلب فإذا وسوس في الصدر الشيطان يريد أن يملأ الساحة بالألغام كما يفعل الأعداء في الحرب. وقد تكون الوسوسة بالكلام المسموع، همس أو كلام خفي بينك وبين أحد بدليل أنه لما وسوس إبليس لآدم كان كلاماً باللسان (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120) طه) سماها القرآن وسوسة ثم قال (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) الأعراف) قاسمهما أي حلف لهما بالله ولذلك لما رب العالمين عاتب آدم قال آدم: يا رب ما كنت أظن أحداً يحلف بك كاذباً. الوسوسة إذن تكون في الصوت المسموع أحياناً وبالصوت غير المسموع أحياناً.

سؤال: كلمة وسوس فيها هدوء وخفية وفيها تكرار مقطع (وس/وس) فهل هي مرتبطة بكلام سيئ أو خبيث؟

هكذا يبدو من استعمالها لماذا لا يظهر هذا الكلام إلا إذا كان هناك ما يريد أن يخفيه عن الآخرين؟.

سؤال: يقولون أن الشيطان حاول أن يوسوس لآدم فلم يقدر عليه ثم تحول لحواء فقدر عليها فهل هذا صحيح؟

هو أصلاً لم يذكر حواء في الوسوسة إما قال (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ (120) طه) أو (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ (20) الأعراف) ما أفرد حواء. ربنا يخبرنا (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120) طه) ثم قال (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا (20) الأعراف) ما هنالك آية أفرد فيها حواء. إما أن يقول آدم أو يجمعهما معاً. حتى في قوله (فتشقى) هو الذي يكدح ولم يقل فتشقيا.

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)

1-ذكر تعالى في سورة الأعراف (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ (22) الأعراف) وورد (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) البقرة) فما دلالة استخدام تلكما وليس تلك؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذه لأنها هي قريبة وبعد المعصية لما عاتبهما قال تلكما وهي تعني واحدة ولكن المخاطب اثنان وليستا شجرتين وللجمع تلكم الشجرة. المخاطب آدم وحواء فقال تلكما.

هذه الكاف تسمى حرف خطاب فيه لغتان: الأولى تكون في المفرد المذكر أياً كان المخاطَب تقول تلك الشجرة سواء كان المخاطب واحد أو اثنين أو جمع، واللغة الثانية أن تجعل حرف الخطاب بحسب المخاطَب لو كانت امرأة نقول تلكِ الشجرة مثلما قال (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ (21) مريم) ويمكن أن نقول كذلكَ. (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ (32) القصص) برهانين اثنان (ذان) للبرهانين و(ك) للمخاطب، (ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي (37) يوسف) كان يمكن أن يقول ذلك لكنه يقصد الذي قاله، (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ (32) يوسف) (ذلك) إشارة ليوسف و(كُنّ) حرف خطاب للنسوة. إذن هذه الكاف هو حرف خطاب يمكن أن نجعله في حالة المذكر المفرد دائماً ويمكن أن يكون في حالة المخاطَبين

أبيني في يُمنى يديك جعلتني                    فأفرح أم صيّرتني في شمالك

أبيت كأني بين شقين من عصى                حذار الردى أو خيفة من زيالك

تعاللت كي أشجى وما بك عِلّةٌ                 تريدين قتلي قد ظفرت بذلكِ

إذن تلكما الشجرة، تلك للشجرة و (كما) للمخاطَب أي لآدم وحواء.

قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)

1- خَدَعَ / غَرَّ: إن لفظي “الخداع ـ الغرور” بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنهما يشتركان في معنى عام هو الوقوع في الشر، ويختص كل منهما بملمح دلالي يميزه عن الآخر: فالخداع يعتمد على ذكاء المخادع. والغرور يعتمد على غفلة المغرور ونقص فطنته .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

1- الخَبْءُ / الإخفاء/ الدَّس/ السَّتْر/المباراة: إن ألفاظ ” الخَبْءُ ـ الإخفاء ـ الدَّس ـ السَّتْر ـ المباراة” متقاربة دلالياً، فكلها تدل على الإخفاء والاستار، ويتميز كل منها بملمح دلالي فارق في الاستعمال القرآني، فالإخفاء :أعم هذه الألفاظ، وه الستر والكتمان . والخبء: إخفاء شيء ثمين . والدس : المبالغة في الإخفاء والستر . والستر: هو الوقاية والمنع. 2-الإخبات/ الخشوع إخفاء شيء يستحيا منه خاصة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)

1- الثياب / اللباس : يتميز اللباس بستره لجزء من البدن وهو العورة ، بينما تتميز الثياب بملامح دلالية أخرى هي الشمول والتغطية للبدن كله والتعدد والتنوع بالإضافة الى كونها زينة خارجية لا تماس الجسد مباشرة ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)

1-             الحلية / الزينة : إن لفظي “حلية ـ زينة” في القرآن الكريم بينهما عموم وخصوص: فالحلية: لفظ خاصٌّ يُراد به الزينة الخارجية الظاهرة، وهى مادّيَّةٌ دائمًا، وأكثرها من الذهب والفضة ونحو ذلك. والزينة: لفظ عامٌّ يشمل الزينة الخارجية كالثياب والحلى، وكالنبات زينة للأرض، والنجوم والكواكب زينة للسماء، والمال والجاه والقامة وغير ذلك زينة خارجية للإنسان … كما يشمل الزينة الباطنة التي تدركها العقول والزينة النفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة … إلخ..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33)

1- الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان :      جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد  ولكنها على درجات فأشدها الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة  البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34)

1-             قوله {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم} بالفاء حيث وقع إلا في يونس فإنه هنا جملة عطفت على جملة بينهما اتصال وتعقب فكان الموضع موضع الفاء وما في يونس يأتي في موضعه. ( أسرار التكرار )

يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)

1- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37)

1- افترى على الله الكذب/ افترى على الله كذبًا: المراد بآية الصف كذب خاص، وهو جعلهم البينات سحرًا، والمراد في بقية المواضع: أي كذب كان؛ ولذلك نُكِّر وعُطِفَ عليه: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} الأنعام/٢١، {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ} الأنعام/ ٩٣، {أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ} العنكبوت/٦٨. وشبه ذلك.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39)

1-             مسألة: قوله تعالى: (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (35)) . وفى الأعراف: (بما كنتم تكسبون (39)) ؟ . جوابه: أن الآية هنا في قريش وكفرهم بصلاتهم عند البيت مكاء وتصدية. وآية الأعراف: في قوم ضلوا وأضلوا غيرهم بما كسبوا من إضلال غيرهم مع كفرهم، فناسب زيادة العذاب وتضعيفه لزيادة الكسب في الضلالة. (كشف المعاني )

2-             آية الأنفال في قريش وكفرهم بصلاتهم عند البيت مكاءً وتصدية فناسب ختمها بوصف الكفر.

   وآية الأعراف في قومٍ ضلُّوا وأضلوا غيرهم، فقيل لهم: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} أي: بما كسبوا من إضلال غيرهم مع كفرهم، فناسب زيادة العذاب وتضعيفه؛ لزيادة الكسب في الضلالة. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

1- دَلَّ / أَرْشَدَ / هَدَى: إن لفظ “الهُدَى” ومشتقاته في القرآن الكريم يتميز بملامح دلالية ليست للدلالة و والإرشاد، وهذه الملامح الفارقة هي: اللطف، قد يكون بالبيان والتعريف كالدلالة والإرشاد، ولكن تختص الهداية بالتوفيق والإلهام. تستعمل الهداية في معنى الثواب وحسن الخاتمة. بينما الدلالة عامَّة في معنى البيان والتعريف، بقصد أو بغير قصد، إلى الخير أو إلى الشر. والإرشاد أخص من الدلالة؛ لأنه مقصور على بيان الخير والحق والنفع، دون الشر ). معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (183)آل عمران) وفى آية أخرى (لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الأعراف) مادلالة التأنيث والتذكير؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الأولى هي في بني اسرائيل الذين قالوا (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ (183) آل عمران) كم واحد جاءهم بقربان تأكله النار؟ قليل. أما الثانية ففى الآخرة يوم القيامة عند الحساب عندما يخاطب الله تعالى الناس، الآخرة يوم القيامة كل الرسل للدلالة على كثرة الرسل الذين بعثوا إليهم.

وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)

1-             قوله {وهم بالآخرة كافرون} ما في هذه السورة جاء على القياس وتقديره وهم كافرون بالآخرة فقدم بالآخرة تصحيحا لفواصل الآية , وفي هود لما تقدم {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} ثم قال {ألا لعنة الله على الظالمين} ولم يقل عليهم والقياس ذلك ولو قال لالتبس أنهم هم أم غيرهم فكرر وقال {وهم بالآخرة هم كافرون} ليعلم أنهم هم المذكورون لا غيرهم وليس {هم} ههنا للتوكيد كما زعم بعضهم لأن ذلك يزاد مع الألف واللام ملفوظا أو مقدرا. ( أسرار التكرار )

2-             وهم بالآخرة كافرون / وهم بالآخرة هم كافرون: آية الأعراف جاءت مطابقة للقاعدة اللغوية والقياس التركيبي ، والتقدير: وهم كافرون بالآخرة . لكن تقدم الجار والمجرور لإحداث تناسق بين فواصل الآيات المختومة بالواو والنون . أما في آية   هود فأعيد الضمير (هم) للتوكيد لانهم وصفوا في هذه السورة بالظلم والكذب على الله وحلت عليهم اللعنة بظلمهم ، فناسب ذلك توكيد أنهم ( هم ) بالآخرة كافرون .

3-              ما دلالة تكرار (هم) في الآية (وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) يوسف) بينما في سورة الأعراف لم يكرر (هم) (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45))؟/ الللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نعرف الحكم النحوي لماذا التكرار؟ التكرار يفيد التوكيد. (هم كافرون) آكد من عدم ذِكر (هم). من أهم أغراض التكرار في اللغة التوكيد. إحدى الآيتين مؤكدة والأخرى ليست مؤكدة. نوضح المسألة أولاً في الأعراف (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)) من دون تكرار. لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله. نأخذ آية شبيهة بها في سورة هود (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)) كرّر (هم). لو لاحظنا الآيتين: زاد على الأولى الإفتراء على الله الكذب (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا) أما في الأولى فما قال وإنما قال (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا). في سورة هود قال (الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) زاد على الأولى الإفتراء على الله الكذب وكذبوا على ربهم. إذن زاد على الصد عن سبيل الله وبغيها عوجاً الكذب على الله هل له درجة واحدة؟ كلا. لو أردنا أن نضع (هم) نضعها في المكان الذي وضعت فيه لأن هؤلاء زادوا الافتراء والكذب على الله فاستحقوا التوكيد.

نأتي إلى سورة يوسف وآيات أخرى: في سورة يوسف (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)) أيّ الأشد، الكافر أو الظالم؟ الكافر أشد لأن الظالم قد يكون مسلماً. هناك قال (الظالمين) وهنا قال (كافرون) أيهما الأولى بالتوكيد؟ الكافرون أولى فوضع (هم) مع الكافرين.

في سورة فصلت (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)) من الأشدّ، المشرك أو الظالم؟ المشرك أشدّ فقال (وهم كافرون) إذن هو يؤكد حيث ينبغي التوكيد. أقل ما ذكر في الأعراف (وهم بالآخرة كافرون) فلم يؤكد وكل المذكور بعده أشدّ إما أن زاد الإفتراء على الله فكرر وأكّد وإما أنه وصفهم بالكفر وهو أشد من الظلم ووصفهم بالشرك وهو أعظم من الكُفر. إذن وضع كل تعبير في مكانه في البلاغة. التكرار يفيد التأكيد. زيادة في الكفر بالآخرة وإلا لم يؤكّد. هم أنفسهم يؤكدون مفرهم. يعني عذا أشد كفر لأن الكفر بعضه أشد من بعض وهو ليس مرتبة واحدة فلما ذكر أموراً أشدّ أكّد الكفر وكانوا أكثر كفراً وأبعد في الكفر (هم كافرون).

وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمْ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)

1-             مسألة: قوله تعالى: (اتخذوا دينهم لهوا ولعبا) قدم اللهو على اللعب وفى العنكبوت وبقية المواضع قدم اللعب على اللهو؟ . جوابه: والله أعلم: أن اللهو عن الشر تركه وإهماله والإعراض عنه ونسيانه. واللعب: معروف، وهو فعل مقصود لفاعله. فلما جاء في الأعراف بعد قوله: (وما كنتم تستكبرون (48) وهو ذم لهم بالإعراض عن اتباع الحق وإهماله، ولذلك قال بعده: (كما نسوا لقاء يومهم هذ) . وكذلك آية العنكبوت، جاءت بعد قوله: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض) الآيتين دل بهما على إعراضهم عن الحق واتباعه مع علمهم به. وأما في المواضع الأخر، فجاء في سياق ذم الدنيا والاشتغال عن الله تعالى بلعبها ولهوها وزينتها. ( كشف المعاني )

2-             اللَّعِب/ اللَّهْو: يشترك اللفظين في معنى الخُلُو من الحكمة والمقصد الصحيح . ويتميز اللعب بملمح دلالي فارق حيث إنه لابد أن يكون فعلاً. بينما يتميز اللهو بملمح دلالي فارق هو انه قد لا يكون فعلاً، فقد يكون تشاغلاً وغفلة عن الجد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-             اللَّعِب/ اللَّهْو: يشترك اللفظين في معنى الخُلُو من الحكمة والمقصد الصحيح . ويتميز اللعب بملمح دلالي فارق حيث إنه لابد أن يكون فعلاً. بينما يتميز اللهو بملمح دلالي فارق هو انه قد لا يكون فعلاً، فقد يكون تشاغلاً وغفلة عن الجد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)

1-ما الفرق بين الخيفة والخفية في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة الأعراف (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ {205}) وقال تعالى في سورة الأعراف أيضاً (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {55}). في اللغة الخفية من الخفاء (إذ نادى ربه نداء خفيا) والخيفة من الخوف. ومعنى قوله تعالى (واذكر ربك في نفسك) أن تعلم ما تقول أي لا تذكر ربك وقلبك غافل، وتضرعاً من التضرع والخيفة وهو بمعنى التذلل والتمسكن والمسكنة والتوسل، ودون الجهر من القول بمعنى أن تُسمع نفسك ولا ترفع صوتك، فلو ذكرت ربك بصوت غير مسموع ولكن لم تعلم ما تقول فأنت لم تذكر ربك في نفسك.

أما الخيفة فهي إسم قد تكون مصدر للهيئة كما في الحديث (إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة) أو هو المصدر أو الشيء الذي تجده في النفس كما يقال (الجُرح) هو مكان الشق الذي يسيل منه الدم و(الجَرح) هو المصدر، فإذا أردت الحدث تقول (جَرح) وكذلك الحِمل والحَمل الحمل هو المصدر والحِمل هو ما يُحمل، وكذلك الدُهن (هو الشيء) والدَهن (عملية الدهان) وكذلك (الوَقود) بمعنى الحطب الذي يوضع في النار و(الوُقود) هو الإشتعال. والخيفة يجعلونها إما إسماً مثل الدُهن والجُرح وإما أن تكون الهيئة أي الشي الذي تجده في نفسك. إذن الخفية من الخفاء والخيفة من الخوف.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56)

1- الأمل/ الرجاء / الطّمَع : تشترك جميعها في توقع الخير ولكن يختص كل لفظ منها بملامح دلالية تميزه فالأمل يختص ب طول الزمن وبُعد المطلوب ، والرجاء يتميز بالتلازم مع الخوف ، أما الطمع يتميز بقوة الرغبة وقرب المطلوب. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3 – الرغبة / الطمع: إن الرغبة والطمع لفظان متقاربان في الدلالة؛ حيث يشتركان في معنى: طلب الشيء. وتتميز الرغبة بالسَّعة؛ ولذا اخْتُصَّتْ بتركيبها مع أحرف الجر الثلاثة: رغب/ في، إلى: بمعنى طلب الشيء بحرص والسعي إليه. رغب عن: بمعنى الانصراف والتباعد عنه. بينما تميز الطمع بملمح دلالي فارقٍ هو: شهوة النفس وكونه من جهة الهَوَى، وما ورد في غير ذلك فتأويله أن الداعي يتضرَّع ويتواضع معلنًا عدم استحقاقه، بل مجرد حرصه. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4- (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف) كلمة رحمة جاءت بالمؤنث وقريب بالمذكر فما اللمسة البيانية في هذا؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المعروف في اللغة أن كلمة قريب إذا كان القُرب للنَسَب تطابق تقول هو قريبي وهي قريبتي، هذا قريب في النسب تحديداً. وإذا لم تكن للنسب فتجوز المطابقة وعدمها قال تعالى (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63) الأحزاب) (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى) هذه ليست للنسب. هذا أمر، والأمر الثاني من جهة أخرى رحمة الله مضاف ومضاف إليه وعندنا في باب الإضافة أن المضاف يكتسب من المضاف إليه التذكير والتأنيث أو غير ذلك ويضربون أمثلة (ارى مر سنين تعرقتني) (كما شرقت صدر القناة من الدم) شرقت وصدر القناة ،(إمارة العقل مكسوفٌ) لم يقل مكسوفة وإنما قال مكسوف، (مشينا كما اهتزت رماحٌ تسفّهت أعاليها مَرُّ الرياح المواسم) (مرّ) مذكر وقال تسفهت لأن الرياح مؤنث، (الليالي أسرعت في نقضي نقضن كلي) لو حذفنا الليالي يكون الكلام صحيح. لغة يجوز أن يكتسب في مواطن إذا كان المضاف جزء أو كالجزء وليس في عموم الإضافة لا نقول جاءت غلام هند، إذا كان المضاف جزء أو كالجزء أو ما يصح الاستغناء عنه. في الآية الرحمة يصح الإستغناء عنه بحيث إذا حذفنا يبقى المعنى العام واحد (إن الله قريب من المحسنين). لغوياً يجوز حتى (كل وبعض) يمكن تذكيرها وتأنيثها بحسب المضاف إليه (وما حب الديار شغفن قلبي) الحب مفرد وشغفن مؤنث وجمع (للديار وليست للحب). إذن من حيث اللغة أولاً هي ليست من باب قرابة النسب في فيجوز فيها الوجهان ثم من باب الإضافة يجوز. يبقى سبب الإختيار لو قال قريبة ستكون الرحمة هي القريبة فقط لما قال قريب كسب معنيين رحمته وهو قريب (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (186) البقرة) فذكر التذكير يشعر بقربه هو وقرب رحمته. وقال تعالى (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) الشعراء) لم يقل خاضعة جعل الخضوع للمضاف إليه (خاضعين) هذا يجوز لأن هذا جزء، الأعناق جزء من الإنسان.

إذن من الناحية النحوية يجوز ومن الناحية اللغوية يجوز ومن الناحية البيانية يجوز.

وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

1-             قوله {وهو الذي يرسل الرياح} في هذه السورة وفي الروم بلفظ المستقبل وفي الفرقان وفاطر بلفظ الماضي لأن ما قبلها في هذه السورة ذكر الخوف والطمع وهو قوله {وادعوه خوفا وطمعا} وهما يكونان في المستقبل لا غير فكان {يرسل} بلفظ المستقبل أشبه بما قبله وفي الروم قبله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره} فجاء بلفظ المستقبل لفقا لما قبله. وأما في الفرقان فإن قبله {كيف مد الظل} الآية وبعد الآية {وهو الذي جعل لكم} و {مرج} و {خلق} فكان الماضي أليق به وفي فاطر مبني على أول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة} وهما بمعنى الماضي لا غير فبنى على ذلك فقال {أرسل} بلفظ الماضي ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذي خص به. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وهو الذي يرسل الرياح بشرا) بلفظ المستقبل، وكذلك في الروم. وفى الفرقان وفي فاطر: (والله الذي أرسل الرياح) بلفظ الماضي؟ . جوابه: لما تقدم: (يغشي الليل النهار) ناسب، ((وهو الذي يرسل) ، وأيضا تقدم قوله: (ادعوا ربكم) فناسب (وهو الذي يرسل الرياح) لأن الدعاء إنما يكون لما يأتي، وكذلك في الروم، لما تقدم قوله: (ومن آياته أن يرسل الرياح) ناسب بعده: (الله الذي يرسل الرياح) . أما الفرقان: فلما تقدم ذلك أفعال ماضية وهو قوله تعالى:
(مد الظل) و (جعله) (ثم قبضناه) (جعل لكم الليل) (وجعل النهار) ناسب ذلك: (( (وهو الذي أرسل الرياح) . وأما آية فاطر: فإنه تقدم قوله تعالى: (اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض) وهو المطر، وإنما يذكر بشكر النعم الماضية على زمن الشكر، فناسب (أرسل) ماضيا. ( كشف المعاني )

3-             يرسل الرياح/ أرسل الرياح: استعمل الفعل المضارع “يرسل” في آية الأعراف؛ لمناسبة ما تقدَّم من قول الله عز وجل: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} الأعراف/ ٥٤، وقوله عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ}، لأن الدعاء إنَّما يكون لما يأتى. وكذلك في آية الروم؛ لمناسبة ما تقدَّم عليها من قول الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ}. أما آية الفرقان فتقدَّم عليها أفعال ماضية في قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}. وأما آية فاطر فتقدَّم عليها قوله عز وجل: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ}. وهو المطر، وإنما يُذَكَّر بشكر النعم الماضية؛ فناسب استعمال الفعل الماضي: {أَرْسَلَ} ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

4-              ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {117}) .

أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الأعراف (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {57}).

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

1-             قوله {لقد أرسلنا نوحا} في هذه السورة بغير واو وفي هود 25 والمؤمنين 23 ولقد بالواو لأنه لم يتقدم في هذه السورة ذكر رسول فيكون هذا عطفا عليه بل هو استئناف كلام وفي هود تقدم ذكر الرسول مرات وفي المؤمنين تقدم ذكر نوح ضمنا في قوله {وعلى الفلك} لأنه أول من صنع الفلك فعطف في السورتين بالواو . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أرسلنا نوحا إلى قومه فقال} بالفاء في هذه السورة وكذلك في المؤمنين في قصة نوح {فقال} وفي هود في قصة نوح {إني لكم} بغير {قال} وفي هذه السورة في قصة عاد بغير فاء لأن إثبات الفاء هو الأصل وتقديره أرسلنا نوحا فجاء فقال فكان في هذه السورة والمؤمنين على ما يوجبه اللفظ وأما في هود فالتقدير فقال إني فأضمر قال وأضمر معه الفاء وهذا كما قلنا في قوله تعالى {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} أي فيقال لهم أكفرتم فأضمر الفاء والقول معا
وأما قصة عاد فالتقدير وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا فقال فأضمر {أرسلنا} وأضمر الفاء لأن داعي الفاء أرسلنا.
( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (لقد أرسلنا نوحا) بغير واو. وفى هود: (ولقد أرسلنا) ؟ . جوابه: أن هنا لم يتقدمه دعوى نبوة ورد قوم مدعى ذلك عليه، فهو كلام مبتدأ. وفى هود والمؤمنين: تقدم ما يشعر بذلك وهو قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى) الآية، فحسن العطف عليه بالواو، وتسلية للنبى – صلى الله عليه وسلم – وتخويفا لقومه بقوله تعالى: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) ، (أم يقولون افتراه) الآيات. وأما المؤمنين: فلتقدم ذكر نعمه على المكلفين بحملهم على الفلك الذي كان سببا لوجودهم ونسلهم، فعطفت عليه بالواو وبقوله: (وعليها وعلى الفلك تحملون (22) فلأنه تقدم قوله تعالى: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) فناسب العطف عليه بقوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا) الآية. ( كشف المعاني )

4-             لقد أرسلنا / ولقد أرسلنا: آية الأعراف لم يتقدمها دعوى نبوة ولا رد من قوم مدعي ذلك عليه، فهو كلام مبتدأ. وفي هود فحسنون تقدم ما يشعر بذلك (.الآية 17) فحسن العطف عليه بالواو، وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتخويفاً لقومه بقوله تعالى ( هود 12) وأما آية المؤمنون فتقدم عليها ذكر نعم الله على عباده بحملهم على الفلك الذي كان سبباً لوجودهم ونسلهم، فعطف عليه بالواو بقوله تعالى (وعليها وعلى الفلك تحملون)، ولأنه تقدم قوله تعالى( ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ) فناسب ذلك العطف عليه بالواو. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60)

1-             قوله {قال الملأ} بغير فاء في قصة نوح وهود في هذه السورة وفي سورة هود والمؤمنين فقال بالفاء لأن ما في هذه السورة في السورتين لا يليق بالجواب وهو قولهم لنوح {إنا لنراك في ضلال مبين} وقولهم لهود {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين} بخلاف السورتين فإنهم أجابوا فيهما بما زعموا أنه جواب. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قال الملأ من قومه) في نوح، وقال بعده في قصة هود: (قال الملأ الذين كفروا من قومه) ؟ . جوابه: أن نوحا لم يؤمن أحد من أشراف قومه، وهود آمن بعض أشراف قومه، فلذلك قال: (الذين كفروا من قومه) . ( كشف المعاني )

3-             قال الملأ من قومه/ قال الملأ الذين كفروا من قومه: وُصِف الملأ من قوم هود في الآية رقم “66” بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ لأن بعض أشراف قوم هود عليه السلام قد آمنوا له أمَّا الآية رقم “60” فقد خلت من الصفة؛ لأن المقصود بها جميع قوم نوح عليه السلام؛ لأنه لم يؤمن منهم أحد. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

             قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)

1- ضلال/ ضلالة: إن الصيغة الصرفية (ضلالة)- بدلالتها على المصدر واسم المرة معاً- أفادت التقليل ، بخلاف الصيغة (ضلال) الدالة على المصدر فقط، فهي تنطبق على القليل والكثير. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

             أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (62)

1-             قوله {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} في قصة نوح وقال في قصة هود {وأنا لكم ناصح أمين} لأن ما في هذه الآية {أبلغكم} بلفظ المستقبل فعطف عليه {أنصح لكم} كما في الآية الأخرى {لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} فعطف الماضي لكن في قصة هود قابل باسم الفاعل على قولهم له {وإنا لنظنك من الكاذبين} ليقابل الاسم بالاسم. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أبلغكم} في قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفي قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضي لأن في قصة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة وفي قصة صالح وشعيب وقع في آخر الرسالة ودنو العذاب ألا تسمع قوله {فتولى عنهم} في القصتين. ( أسرار التكرار )

3-             قوله {رسالات ربي} في جميع القصص إلا في قصة صالح فإن فيها {رسالة} على الواحدة لأنه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمروا قومهم بها إلا في قصة صالح فإن فيها ذكر الناقة فصار كأنها رسالة واحدة وقوله {برسالاتي وبكلامي} مختلف فيها. ( أسرار التكرار )

4-             مسألة: قوله تعالى: (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم) . وقال في قصة هود: (وأنا لكم ناصح أمين (68)) ؟ . جوابه: أن “الضلال ” فعل يتحدد بترك الصواب إلى ضده ويمكن تركه في الحال، فقابله بفعل يناسبه في المعنى فقال: (وأنصح) . “والسفاهة” صفة لازمة لصاحبها فقابلها بصفة في المعنى فقال: ((وأنا لكم ناصح) . ( كشف المعاني )

5-             النصيحة/ الوصيَّة: إن لفظي( النصيحة/ الوصيَّة) يشتركان في معنى عام هو إرادة الخير والإرشاد اليه. ملحق بالفروقا بملمح دلالي يميزه عن الآخر: فالنصيحة تتميز بملمح الإخلاص، والوصية تتميز بملمحين هما: الإشفاق، وشدة الاهتمام والتأكيد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-             وأنصح لكم/ وأنا لكم ناصح: عبر بالفعل المضارع في قصة نوح عليه السلام؛ لأن ما سبق من آيات تحدثت عن الضلال: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والضلال فعلٌ يتجدَّد بترك الصواب إلى ضده؛ فقابله بفعل يناسبه في المعنى؛ فقال: {وَأَنْصَحُ}. بينما عبر بالوصف “ناصح” في قصة هود عليه السلام؛ لأن ما سبق من آيات تحدثت عن السفاهة: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والسفاهة صفة لازمة لصاحبها؛ فقابلها بصفة في المعنى، فقال: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}..(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

7-             أبلغتكم رسالة ربِّى/ أبلغكم رسالات ربِّى: قول الله عز وجل في قصة نوح وشعيب عليهما السلام: – {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}.وقال في هود وصالح عليهما السلام: – {رِسَالَةَ رَبِّي}. وذلك لأن قصتهما ـ عليهما السلام ـ تضمَّنتا أنواعًا من التبليغات، مع طول مدة نوح؛ فجُمِعَ لذلك، وقصة هود وصالح ليست كذلك فأُفْرِد ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف).

أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ (64)

1-             قوله {فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا} وفي يونس {فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك} لأن أنجينا ونجينا للتعدي لكن التشديد يدل على الكثرة والمبالغة فكان في يونس {ومن معه} ولفظ {من} يقع على كثرة مما يقع عليه {الذين} لأن من يصلح للواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث بخلاف الذين فإنه لجمع المذكر فحسب فكان التشديد مع من أليق. ( أسرار التكرار )

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (66)

1-             قوله {قال الملأ} بغير فاء في قصة نوح وهود في هذه السورة وفي سورة هود والمؤمنين فقال بالفاء لأن ما في هذه السورة في السورتين لا يليق بالجواب وهو قولهم لنوح {إنا لنراك في ضلال مبين} وقولهم لهود {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين} بخلاف السورتين فإنهم أجابوا فيهما بما زعموا أنه جواب ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} في قصة نوح وقال في قصة هود {وأنا لكم ناصح أمين} لأن ما في هذه الآية {أبلغكم} بلفظ المستقبل فعطف عليه {أنصح لكم} كما في الآية الأخرى {لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} فعطف الماضي لكن في قصة هود قابل باسم الفاعل على قولهم له {وإنا لنظنك من الكاذبين} ليقابل الاسم بالاسم. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (قال الملأ من قومه) في نوح، وقال بعده في قصة هود: (قال الملأ الذين كفروا من قومه) ؟ . جوابه: أن نوحا لم يؤمن أحد من أشراف قومه، وهود آمن بعض أشراف قومه، فلذلك قال: (الذين كفروا من قومه) . ( كشف المعاني )

4-             قال الملأ من قومه/ قال الملأ الذين كفروا من قومه: وُصِف الملأ من قوم هود في الآية رقم “66” بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ لأن بعض أشراف قوم هود عليه السلام قد آمنوا له أمَّا الآية رقم “60” فقد خلت من الصفة؛ لأن المقصود بها جميع قوم نوح عليه السلام؛ لأنه لم يؤمن منهم أحد. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

            قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67)

                       أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)

1-             قوله {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} في قصة نوح وقال في قصة هود {وأنا لكم ناصح أمين} لأن ما في هذه الآية {أبلغكم} بلفظ المستقبل فعطف عليه {أنصح لكم} كما في الآية الأخرى {لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} فعطف الماضي لكن في قصة هود قابل باسم الفاعل على قولهم له {وإنا لنظنك من الكاذبين} ليقابل الاسم بالاسم. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أبلغكم} في قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفي قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضي لأن في قصة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة وفي قصة صالح وشعيب وقع في آخر الرسالة ودنو العذاب ألا تسمع قوله {فتولى عنهم} في القصتين. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم) . وقال في قصة هود: (وأنا لكم ناصح أمين (68)) ؟ . جوابه: أن “الضلال ” فعل يتحدد بترك الصواب إلى ضده ويمكن تركه في الحال، فقابله بفعل يناسبه في المعنى فقال: (وأنصح) . “والسفاهة” صفة لازمة لصاحبها فقابلها بصفة في المعنى فقال: ((وأنا لكم ناصح) . ( كشف المعاني )

4-             أبلغتكم رسالة ربِّى/ أبلغكم رسالات ربِّى: قول الله عز وجل في قصة نوح وشعيب عليهما السلام: – {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}.وقال في هود وصالح عليهما السلام: – {رِسَالَةَ رَبِّي}. وذلك لأن قصتهما ـ عليهما السلام ـ تضمَّنتا أنواعًا من التبليغات، مع طول مدة نوح؛ فجُمِعَ لذلك، وقصة هود وصالح ليست كذلك فأُفْرِد ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف).

أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)

1-  ما الفرق البيانى بين بسطة وبصطة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

عندنا توسيع مساحة المعنى في اللغة العربية ليس فقط مساحة معنى واسعة وإنما نوسعها أيضاً توسيع المساحة مثل الذكر والحذف (توفاهم وتتوفاهم) ليس من قبيل الرفاهية اللغوية وإنما له سبب مقصود.

الإبدال يتضرعون ويضرعون، إبدال التاء ضاد أصلها تضرع اتضرغ، يصّدق يتصدق. حتى العجيب التوسع مثل بسطة وبصطة (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) البقرة) بالسين و(وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً (69) الأعراف) بالصاد، هذا واحد وهؤلاء قوم، هي أصلها بالسين وأحياناً تبدل والصاد أظهر وأقوى كما يقول النحاة، هذا لقوم وهذا لواحد فقال بسطة وبصطة، (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ (26) الرعد) لما ذكر الرزق قال يبسط وقال (وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ (245) البقرة).

قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (70)

قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ (71)

1-             قوله {ما نزل الله بها من سلطان} في هذه السورة {نزل} وفي غيرها {أنزل} لأن أفعل كما ذكرت آنفا للتعدي وفعل للتعدي والتكثير فذكر في الموضع الأول بلفظ المبالغة ليجري مجري ذكر الجملة والتفصيل وذكر الجنس والنوع فيكون الأول كالجنس وما سواه كالنوع. ( أسرار التكرار )

2-             السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-             السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-               ما الفرق بين نزّل وأنزل؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا يستدعي أن ننظر في الفرق بين أنزل ونزل وبين إليك وعليك. أنزل ونزّل قسم غير قليل يفرق بينهما أنه نزّل تفيد التدرج والتكرار وأنزل عامة ويستدلون بقوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) آل عمران) وقالوا لأن القرآن نزل منجماً مفرقاً والتوراة والانجيل أنزلتا جملة واحدة فقال أنزل. ردوا التدرج بقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان)لأن أنزل عامة سواء كان متدرجاً أو غير متدرجاً، كلمة أنزل لا تختص بالتدرج ولا بدون تدرج. السؤال يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. ردوا التدرج في نزّل التدرج في نزّل وقالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) هذا ليس فيه تدريج (لولا هنا من حروف التحضيض). لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ (نزّل) والتي دونها يأتي بـ (أنزل). نضرب أمثلة: قال تعالى في الأعراف (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71)) وقال في يوسف (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40)) وقال في النجم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)). ننظر السياق في الأعراف فيها محاورة شديدة حيث قال (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)) فيها تهديد، كلام شديد من أولئك كيف تتركنا نترك آلهتنا ونعبد الله فقال (نزّل). في سورة يوسف قال تعالى (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40)) لم يردّ عليه السجينان وليس فيها تهديد إذن الموقف يختلف عن آية سورة الأعراف فقال أنزل. في النجم (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)) لم يردّوا عليه ولم يكن هنالك محاورة ولا تهديد، إذن الأشد (نزّل)، هذا أمر. إذن نزّل آكد وأقوى في موطن الاهتمام أشد من أنزل.

فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

1-             قوله في هذه السورة {ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم} وفي هود {ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب} وفي الشعراء {ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم} لأنه في هذه السورة بالغ في الوعظ فبالغ في الوعيد فقال {عذاب أليم} وفي هود لما اتصل بقوله {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام} وصفه بالقرب فقال {عذاب قريب} وزاد في الشعراء ذكر اليوم لأن قبله {لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} فالتقدير لها شرب يوم معلوم فختم الآية بذكر اليوم فقال {عذاب يوم عظيم}. ( أسرار التكرار )

2-             فيأخذكم عذاب أليم/ فيأخذكم عذاب قريب/ فيأخذكم عذاب يوم عظيم: خُتِمت آية الأعراف بقول الله عز وجل: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ لأن في هذه السورة مبالغة في الوعظ والوعيد والإنذار، فناسب ذلك وصف العذاب بأنه أليم. أما آية هود فختمت بقول الله عز وجل: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}؛ لأن الآية التالية حددت لعذابهم موعدًا قريبًا، وهو قوله عز وجل: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} هود/65؛ فناسب وصف العذاب بالقرب. وأما آية الشعراء فختمت بقول الله عز وجل: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فذكر اليوم؛ لتقدم قول الله عز وجل: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} فلما جاوزوا ما فرض الله وهو أنْ يشربوا يومًا، ويتركوا الناقة تشرب يومًا؛ ذُكِر في ختام هذه الآية اليوم الذى سيُعذَّبون فيه؛ لتجاوزهم في اليوم المحدَّد لهم، ووصف ذلك اليوم الموعود بأنه يوم عظيم، لا كمثل هذه الأيام التي يحيونها، بل هو يوم سينالهم فيه العذاب، وسيكون ذلك عظيمًا عليهم لا يطيقونه ولا يستطيعون له ردًّا. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)

1-             قوله {وتنحتون الجبال بيوتا} في هذه السورة وفي غيرها {من الجبال} لأن في هذه السورة تقدمه {من سهولها قصورا} فاكتفى بذلك. ( أسرار التكرار )

2-             وتنحتون من الجبال / وتنحتون الجبال: الأصل في هذا التركيب استعمال حرف الجر “من” الدال على ابتداء الغاية والتبعيض معًا، كما في آيتي الحجر والشعراء. أما آية الأعراف فقد تقدَّم فيها حرف الجر “من” في قوله عز وجل: {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا}، فاكتفى بذكرها في الموضع الأول. كما أن الآية أكَّدت تمكينهم و استخلافهم في الأرض، وعُبِّر عن ذلك بقدرتهم على نحت الجبال لا بعض الجبال. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-              (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) الحجر) (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) الشعراء) ومرة ينحتون الجبال (وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا (74) الأعراف)؟ فمتى نستخدم (من) ومتى لا نستخدمها؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيتين إحداهما في الأعراف والأخرى في الشعراء، قال في الأعراف (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)) هؤلاء قوم صالح، في الشعراء قال (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150)) نلاحظ في الأعراف مذكور فيها التوسع في العمران (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا) بينما في الشعراء الكلام عن الزرع وليس عن البناء، الكلام يدل على الزراعة أكثر (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148)) إذن في الأعراف السياق في العمران أكثر وفي الشعراء السياق في الزراعة فلما كان السياق في الأعراف في العمران ذكر (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا) ذكر القصور وقال (وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) كأنها كل الجبال ينحتونها بيوتاً فتصير كثرة بينما لما كان السياق في الشعراء عن الزراعة قال (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149)) صار أقل (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ) أقل من (وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) لذلك قال في الأعراف (فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)) إذن التوسع في العمران في الأعراف أكثر فلما كان التوسع في العمران أكثر جاء بما يدل على التوسع قال (وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) ولما لم يكن السياق في التوسع في العمران قال (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149)).

قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)

1-قوله في هذه السورة {آمنتم به} وفي السورتين {آمنتم له} لأن الضمير هنا يعود إلى رب العالمين وهو المؤمن به سبحانه وفي السورتين يعود إلى موسى وهو المؤمن له لقوله {إنه لكبيركم} وقيل آمنتم به وآمنتم له واحد. ( أسرار التكرار)

4-             مسألة: قوله تعالى: (قال فرعون آمنتم به) ؟ . وفى الشعراء: (آمنتم له) جوابه: أن الضمببر في (به) يرجع إلى رب العالمين أو إلى موسى وفى (له) يجوز رجوعه إلى موسى، أو إلى ما جاء به من الآيات، أي: لأجل ما جاء به من ذلك. ( كشف المعاني )

فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (77)

               1 – البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان : جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد  ولكنها على درجات فأشدها   الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة  البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

               فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)

1-             مسألة: قوله تعالى: (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم) فأفرد وفى هود: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم) . فجمع؟ . جوابه: أن المراد بالرجفة الزلزلة العظيمة، فصح الإفراد لأن المراد بدارهم: بلدهم المزلزل، والمراد بالصيحة: صيحة من السماء، والمراد بديارهم: منازلهم . ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى في قصة شعيب عليه السلام: (فأخذتهم الرجفة) وقال في الشعراء: (عذاب يوم الظلة) ؟ . جوابه: قيل: أصحاب الأيكة غير مدين، فلا يرد السؤال. وقيل: هما واحد، فجوابه أن الصيحة لما أصابتهم خرجوا من ديارهم هاربين إلى الصحراء فأحرق جلودهم الحر فجاءت الظلة فهربوا إليها، فصيح فماتوا في ظلالهم. . ( كشف المعاني )

3-             دار/ ديار: أُفرِد لفظ “الدار” ؛ لأن الرجفة ـ وهى الزلزلة ـ دمَّرت بلدهم تدميرًا، فجاء اللفظ واحدًا باعتبار بلدهم المدمَّر. وجُمِع اللفظ في آية هود؛ لأن الصيحة جاءت من السماء، وهى أقوى وأعنف من الرجفة، فجاء اللفظ مجموعًا لبيان عِظَم التدمير وقوته وفداحة آثاره.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)

1-             قوله {أبلغكم} في قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفي قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضي لأن في قصة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة وفي قصة صالح وشعيب وقع في آخر الرسالة ودنو العذاب ألا تسمع قوله {فتولى عنهم} في القصتين. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {رسالات ربي} في جميع القصص إلا في قصة صالح فإن فيها {رسالة} على الواحدة لأنه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمروا قومهم بها إلا في قصة صالح فإن فيها ذكر الناقة فصار كأنها رسالة واحدة وقوله {برسالاتي وبكلامي} مختلف فيها. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى في قصة نوح وشعيب: (أبلغتكم رسالات ربي) . وقال في هود وصالح: (رسالة ربي) فأفرد؟ . جوابه: أن قصة نوح وشعيب تضمنتا أنواعا من التبليغات، وإن لم يذكر هنا مع طول مدة نوح فجمع لذلك. وقصة هود وصالح ليس كذلك فأفرد. ( كشف المعاني )

4-             صَدَّ/صَدَفَ/ أعرض/تولَّى: تشترك جميع هذه الألفاظ في معنى عام هو البعد والترك ، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه عن غيره .فالصد: يتميز بدلالته عن صرف الغير ومنعه. والصدف أو ( الصدوف): يتميز بملمح الشدة والنفور. و(الإعراض):قد لا يكون في الشر ، فقد يكون المعرض تاركاً للشر ومجانباً له. و(التولي ) : كالإعراض إلا أن فيه ملمح التباعد ، فهو أشد من الإعراض . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5-             أبلغتكم رسالة ربِّى/ أبلغكم رسالات ربِّى: قول الله عز وجل في قصة نوح وشعيب عليهما السلام: – {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}.وقال في هود وصالح عليهما السلام: – {رِسَالَةَ رَبِّي}. وذلك لأن قصتهما ـ عليهما السلام ـ تضمَّنتا أنواعًا من التبليغات، مع طول مدة نوح؛ فجُمِعَ لذلك، وقصة هود وصالح ليست كذلك فأُفْرِد ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف).

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)

1-             قوله {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة} بالاستفهام وهو استفهام تقريع وتوبيخ وإنكار وقال بعده {إنكم لتأتون الرجال} فزاد مع الاستفهام {إن} لأن التقريع والتوبيخ والإنكار في الثاني أكثر ومثله في النمل {أتأتون} وبعده {أئنكم لتأتون الرجال}. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {بل أنتم قوم مسرفون} في هذه السورة بلفظ الاسم وفي النمل {قوم تجهلون} بلفظ الفعل لأن كل إسراف جهل وكل جهل إسراف ثم ختم الآية بلفظ الاسم موافقة لرءوس الآيات التي تقدمت وكلها أسماء {العالمين} {الناصحين} {جاثمين} {المرسلين} {كافرون} {مؤمنون} {مفسدين} وفي النمل وافق ما قبلها من الآيات وكلها أفعال {يبصرون} {يتقون} {تعلمون}. ( أسرار التكرار )

3-             بل أنتم قوم تجهلون/ بل أنتم قوم مسرفون: من قواعد بناء الفواصل القرآنية مراعاة التناظر بين ألفاظها حيث اختلفت فواصل الآيات في بنائها اللفظي، وبتأمُّل الآيات السابقة في كل من سورة الأعراف وسورة النمل نجد أن فواصل سورة الأعراف أغلبها أسماء “على صيغة جمع المذكر السالم”، والآيات “74 ـ 81” من هذه السورة ختمت كلها بأسماء على النحو التالي: {مُفْسِدِينَ}، {مُؤْمِنُونَ}، {كَافِرُونَ}، {الْمُرْسَلِينَ}، {جَاثِمِينَ}، {النَّاصِحِينَ}، {الْعَالَمِينَ}، {مُسْرِفُونَ}.

بينما ختمت آيات سورة النمل في معظمها بأفعال، وكانت الآيات “52-56” كلها مختومة بأفعال، على النحو التالي: {يَعْلَمُونَ}، {يَتَّقُونَ}، {تُبْصِرُونَ}، {تَجْهَلُونَ}، {يَتَطَهَّرُونَ}. وهذا التناظر في البناء اللفظي لفواصل الآيات سرٌّ من أسرار القرآن العظيم. .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)

1-             قوله {وما كان جواب قومه} بالواو في هذه السورة وفي غيرها {فما} بالفاء لأن ما قبله اسم والفاء للتعقيب والتعقيب يكون مع الأفعال فقال في النمل {تجهلون} {فما كان} وكذلك في العنكبوت في هذه القصة {وتأتون في ناديكم المنكر فما كان} وفي هذه السورة {مسرفون} {وما كان} وفي هذه السورة {أخرجوهم} وفي النمل {أخرجوا آل لوط} لأن ما في هذه السورة كناية فسرها في السورة التي بعدها وفي النمل قال الخطيب سورة النمل نزلت قبل هذه السورة فصرح في الأولى وكنى في الثانية . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم) وفى العنكبوت: (إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله) و ” إلا ” للحصر فكيف الجمع بينهما؟ . جوابه: لعل ذلك في مجالس، ففي مجلس اختصر بذكر إتيان الفاحشة وإظهارها، فناسب ذكر ” إخراجه ” كيلا يعيب عليهم ذلك. وفى مجلس عدد ذنوبهم فناسب مطالبتهم ” بإتيان العذاب ” عليها، فحصر الجواب في كل مجلس بما ذكر فيه وناسبه. أو أن الجوابين من طائفتين، فلم تجيبا إلا بما ذكر عنهما. ( كشف المعاني )

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)

1-قوله {وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} في هذه السورة وفي غيرها {فساء مطر المنذرين} لأن في هذه السورة وافق ما بعده وهو قوله {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}. ( أسرار التكرار )

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)

1-             قوله {من آمن تبغونها عوجا} ليس ههنا به ولا واو العطف وفي الأعراف {من آمن به وتبغونها} بزيادة به وواو العطف لأن القياس آمن به كما في الأعراف لكنها حذفت في هذه السورة موافقة لقوله {ومن كفر} فإن القياس فيه أيضا كفر به وقوله {تبغونها عوجا} ههنا حال والواو لا تزداد مع الفعل إذا وقع حالا نحو قوله {ولا تمنن تستكثر} و {دابة الأرض تأكل منسأته} وغير ذلك وفي الأعراف عطف على الحال والحال قوله {توعدون} و {تصدون} عطف عليه وكذلك {تبغونها عوجا} ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا) . وفى الأعراف: (من آمن به و تبغونها عوجا) بزيادة (به وبالواو) ؟ . جوابه: أن (تصدون) هنا: حال، وإذا كان الفعل حالا لم يدخله الواو. وفى الأعراف جملة معطوفة على جملة كأنه قال: توعدون، وتصدون، وتبغون. (كشف المعاني )

3-             سبيل/صراط/ طريق: جميع هذه الألفاظ تشترك في الدلالة على المسلك. إلا أن هناك ملامح فارقة تميزها. ف(السبيل) يتميز بالسهولة والوضوح، كما يتميز بإضافته الى كلمة (ابن).(والصراط) يتميز بالاستقامة والبعد عن الزيغ والضلال . و(الطريق) أعم هذه الألفاظ لأنه يشمل ما كان محمودا ً أو مذموماّ، سهلا أو صعباً.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87)

1- حكام / حاكمين: المراد ب(الحكام) القضاة الذين يحكمون بين الناس، فالمراد بها الاسمية. والمراد بالحاكمين معنى الوصفية، أي كل من اتصف بصفة الحكم. فالملمح البارز في( الحكام ) ثبات الصفة ، للدلالة على الاسمية أو المهنة. والملمح البارز في( الحاكمين ) أنه لمجرد الوصف ، دون أن يكون هذا الحكم ثابتاً أو دائماً. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمْ الْخَاسِرِينَ (92)

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)

1-             قوله {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} في قصة نوح وقال في قصة هود {وأنا لكم ناصح أمين} لأن ما في هذه الآية {أبلغكم} بلفظ المستقبل فعطف عليه {أنصح لكم} كما في الآية الأخرى {لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} فعطف الماضي لكن في قصة هود قابل باسم الفاعل على قولهم له {وإنا لنظنك من الكاذبين} ليقابل الاسم بالاسم. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أبلغكم} في قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفي قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضي لأن في قصة نوح وهود وقع في ابتداء الرسالة وفي قصة صالح وشعيب وقع في آخر الرسالة ودنو العذاب ألا تسمع قوله {فتولى عنهم} في القصتين. ( أسرار التكرار )

3-             الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

           البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

     4- أبلغتكم رسالة ربِّى/ أبلغكم رسالات ربِّى:   قول الله عز وجل في قصة نوح وشعيب عليهما السلام: – {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}.وقال في هود وصالح عليهما السلام: – {رِسَالَةَ رَبِّي}. وذلك لأن قصتهما ـ عليهما السلام ـ تضمَّنتا أنواعًا من التبليغات، مع طول مدة نوح؛ فجُمِعَ لذلك، وقصة هود وصالح ليست كذلك فأُفْرِد ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف).

وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)

1-             قوله {لعلهم يتضرعون} في هذه السورة وفي الأعراف {يضرعون} بالإدغام لأن ههنا وافق ما بعده وهو قوله {جاءهم بأسنا تضرعوا} ومستقبل تضرعوا يتضرعون لا غير. ( أسرار التكرار )

2-              ما هي اللمسات البيانية في الآيات المتشابهة (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيتين في الأنعام (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) وفي الأعراف (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف) إذن هناك (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) والآية الأخرى (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ). بناء (يتفعّل) أطول من بناء يفّعل (خمسة مقاطع/ أربع مقاطع). إذن يتضرعون بناء أطول. في (يفّعّل يضّرّع) تضعيفان (تضعيف بالضاد وتضعيف بالراء) وفي (يضّرعون) تضعيف واحد في الضاد هذا من حيث اللغة. في (يتفعّل) تفعّل هي للتدرج والحدوث شيئاً فشيئاً مثل تخطّى تمشّى تدرّج تجسّس فرق بين مشى وتمشى، ثم يقال يأتي للتكلف مثل بذل الجهد مثت تصبّر تحمّّل. (يفعّل) فيها مبالغة وتكثير (قطّع وكسّر) إذن أطول وأقل تدرج ومبالغة. قال (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ) (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ) أمم أكثر من قرية فجاء بالبناء الأطول (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) ولما قال قرية قال (يَضَّرَّعُونَ) فناسب البناء الأمم. ثم قال (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ) الإرسال إلى يقتضي التبليغ ولكن لا يقتضي المكث أرسلته إليه إرسالاً، (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ) ظرفية وصار فيها تبليغ ومكث، أيُّ الأدعى إلى كثرة التضرع الماكث أو المبلّغ؟ الماكث أدعى لكثرة التضرع، (يَضَّرَّعُونَ) جاء بكثرة المبالغة لأن فيها مكث أما (يَتَضَرَّعُونَ) لم يقل وإنما البناء الطويل لأنه أمم كثيرة قال (يَتَضَرَّعُونَ)، (يَضَّرَّعُونَ) بناء أقل لأن هو على الأقل فيها مبالغة لأن فيها مكث فناسب كل واحدة.

ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95)    

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97)

1-ما الفرق بين الفاء والواو في بعض آيات القرآن العاطفة (الأعراف 97، 98، 99، 100)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الفاء كما هو معلوم للتعقيب مع السبب، التعقيب أي يأتي بعدها مباشرة، في عقب الشيء. أما الواو فهي لمطلق الجمع ولا يدل على ترتيب أو تعقيب (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) الشورى). الفاء تفيد التعقيب وتأتي للسبب، سببية درس فنجح، الواو ليس فيها سبب. هذه أحد الأسباب درس فنجح. الآية التي ذكرها السائل (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ (97) الأعراف) جاء بالفاء، نلاحظ قبلها قال (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96) الأعراف) أفأمن أهل القرى هذا سبب ولما قال (فأخذناهم) ينبغي أن لا يأمن الإنسان للظالم. الآية بعدها عطف (أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) الأعراف) هذا عطف على سبب وليست الأولى سبباً للثانية، هذا أمر آخر مثلاً تقول لقد رأيت ما فعلت بفلان أفلا تتعظ؟ هذا سبب يدعوك للإتعاظ. لقد رأيت ما فعلت بفلان أفلا تتعظ أولا ترعو؟ هذا أمر آخر. بعد أن تأتي (أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) الأعراف) هذا على مجموع الأمرين السابقين. (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (100) الأعراف) ليس فيها تعقيب فجاء بالواو. الفاء تدل على التعقيب والترتيب والسبب فإذا كان ما قبلها سبب لما بعدها يؤتى بالفاء وإذا كان مجر العطف مطلقاً يأتي بالواو.

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100)

تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)

1-             قوله {بما كذبوا من قبل} في هذه السورة وفي يونس {بما كذبوا به} لأن أول القصة في هذه السورة {ولو أن أهل القرى آمنوا} وفي الآية {ولكن كذبوا فأخذناهم} وليس بعدها الباء فختم القصة بمثل ما بدأ به وكذلك في يونس وافق ما قبله {فكذبوه فنجيناه} {كذبوا بآياتنا} فختم بمثل ذلك فقال {بما كذبوا به} وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما في حق العقلاء من التكذيب فبغير الباء نحو قوله {فكذبوا رسلي} و {كذبوه} وغيره وما في حق غيرهم بباء نحو {كذبوا بآياتنا} وغيرها وعند المحققين تقديره فكذبوا رسلنا برد آياتنا حيث وقع. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {كذلك يطبع الله} ههنا وفي يونس {نطبع} بالنون لأن في هذه السورة قدم ذكر الله سبحانه بالصريح والكناية فجمع بينهما فقال {ونطبع على قلوبهم} بالنون وختم الآية بالصريح فقال {كذلك يطبع الله} وأما في يونس فمبني على ما قبله من قوله {فنجيناه} وجعلناهم 73 ثم بعثنا 74 بلفظ الجمع فختم بمثله فقال {كذلك نطبع على قلوب المعتدين}. ( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين (101)) . وفى يونس: (بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين (74)) ؟ . جوابه: أما آية يونس عليه السلام فلتقدم قوله في قصة نوح عليه السلام: (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) ، فعدى: (كذبوا بآياتنا) بما عداه أولا. ولم يتقدم في الأعراف ” (التكذيب ” متعديا بالباء، كقوله تعالى: (ولكن كذبوا فأخذناهم) فناسب كل موضع ما قبله. وأما قوله: (كذلك يطبع الله) ، وفى يونس (نطبع) ، فلتناسب كل آية ما تقدمها، فالأعراف: تقدمها إظهار بعد إضمار في قوله: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا) ثم قال: (أفأمنوا مكر الله) فناسب ذلك: (تلك القرى نقص عليك من أنبائها) ، (كذلك يطبع الله) . وأيضا: لما أكد أول الآية بالقسم ناسب ذلك تعظيم الطبع بنسبته إلى اسم الله تعالى، وناسب التصريح بوصفهم بالكفر الذي معناه أقبح وأشد من معنى الاعتداء، فناسب كل آية ماختمت به. ( كشف المعاني )

4-             مسألة: قوله تعالى: (كذلك يطبع الله) . وفى يونس: (نطبع) بالنون. جوابه: أنه تقدم هنا: (أفأمنوا مكر الله) الآية، فناسب التصريح بقوله: (كذلك يطبع الله) وفى يونس تقدم: ” فنجينا “، ثم ” بعثنا ” و ” جعلناهم ” فناسب (نطبع) بالنون. ( كشف المعاني )

5-              ختم/ طبع: الختم والطبع متقاربان دلاليًّا؛ حيث يشتركان في معنى: التغطية وعدم نفوذ الهداية والإيمان. ويختلفان عند ورود مادة “خ ت م” بصيغ أخرى غير صيغة الفعل، فعندئذ تعود هذه المادة إلى الأصل اللغوي وهو النهاية، وهى مستعملة في سياقات دالة على المدح، أمَّا المادة “ط ب ع” فقد جاءت في جميع المواضع القرآنية دالَّةً على الذَّمّ. ولعل هذا دليلٌ على أنَّ الطبع أقوى من الختم، وأنَّ الختم قد يكون بخير أو بشرٍّ، بينما لا يكون الطبع إلا بِشَرٍّ. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-              كذلك يطبع الله / كذلك نطبع: آية الأعراف تقدَّم عليها قول الله عز وجل: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ، فناسب التصريح باسم الجلالة. وآية يونس تقدَّم عليها عدَّة أفعال مبدوءة بالنون الدالَّة على تعظيم الذات الإلهية، في قوله عز وجل: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ * ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} ؛ فناسب {نَطْبَعُ} بالنون. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

7-              كذَّبوا/ كذَّبوا به” : عُدِّى الفعل بالباء في آية يونس عليه السلام؛ لتقدُّم قوله عز وجل في قصة نوح عليه السلام: {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} يونس/٧٣ ، فعَدَّى “كذبوا” بما عدَّاه أولًا. وأمَّا آية الأعراف فلم يتقدَّم عليها التكذيب متعديًا بالباء؛ كقوله عز وجل: {وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ} فناسب كلُّ موضعٍ ما قبله.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

8-              ما الفرق بين نسبة الرسل إلى الله تعالى في الآية (وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ (32) المائدة) ونسبتهم إليهم في الآية (وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ (101) الأعراف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

لما يذكر الأحكام التي تأتي عن الله تعالى يقول رسلنا ولما يتكلم بما يتعلق بموقف القرى من الرسل وما أصابهم من سوء يقول رسلهم. مثال (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) المائدة) هذه جاءت عن الله تعالى وذكر فيها أحكام. (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) يتكلم عن موقف القوم من الرسل وكان عليهم أن ينتفعوا بالرسل. هم في الحالتين رسل لكن لما يتكلم عما جاء به عن الله تعالى يقول رسلنا ولما يذكر موقفهم وما أصابهم وكان يمكن الانتفاع بهم يذكر رسلهم أي جماعتهم.

9- ما اللمسات البيانية في الآيات (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيتين في الأعراف (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وفي يونس (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)) هناك قال (بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ) وفي يونس (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ) واختلفت خاتمة الآيتين. أصل التركيب اللغوي خارج القرآن محتمل أن يقال كذب به أو كذبه واللغة تحتمل لكن ما سبب الاختلاف؟ لاحظنا أن الإطلاق هو سياق الآيات في الأعراف والتخصيصي سياق الآيات في يونس. قبل آية الأعراف قال (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96)) لماذا كذبوا؟ لم يذكر فأطلق التكذيب كما أطلقه في الآية التي بعدها. في يونس قال قبل الآية في الموطنين قال (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)) هنا حدد التكذيب بالآيات، إذن السياق في الأعراف هو إطلاق وفي يونس تخصيص هذا واضح. نأتي الآن بعد كل الآيتين قال في الأعراف (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)) وفي يونس قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75)) زاد هارون كما زاد (به) هناك لم يذكر هارون فلم يذكر به، هذه مناسبة أخرى لاحظ تخصيص السياق قبلها وبعدها. نلاحظ أمراً آخر قال في الأعراف (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وفي يونس قال (كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس) المعتدي قال (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ) يعني هم كفروا واعتدوا وهناك كفروا، أيُّ الأعمّ كفروا واعتدوا أو كفروا؟ كفروا أكثر لأن كفروا جزء من أولئك إذن الأعم والأكثر كفروا فلما قال كافرين وهو الأعم عمم وقال (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ (101) الأعراف) لم يذكر بماذا كذبوا، ناسب العموم. الآخرون كذبوا ورغم الكفر اعتدوا إذن صاروا أخص قسم من أولئك ليس كلهم كفروا واعتدوا، لم يعطف (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس) وهناك (كفروا واعتدوا) هم أنفسهم كفروا واعتدوا وأولئك كفروا أي الأكثر؟ كفروا، أي الأشكل والأعم؟ كفروا، إذن اعتدوا أخص فلما قال (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ) خصص (به) جاء بالتخصيص لما أطلق التكذيب به أو بغيره (بِمَا كَذَّبُواْ) قال (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وهي أعمّ فناسب الكافرين (بِمَا كَذَّبُواْ) وناسب المعتدين (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ)، فإذن من كل ناحية السياق وخاتمة الآية.

وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)

1-             قوله {وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} في هذه السورة وفي غيرها {فساء مطر المنذرين} لأن في هذه السورة وافق ما بعده وهو قوله {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}. ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين الآيتين (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) الأعراف) (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) يونس)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيتين الأولى (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) الأعراف) والثانية (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) يونس). ما هو الاختلاف؟ لاحظ في آية الأعراف قدّم (بِآَيَاتِنَا) قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ) قدّم (بِآَيَاتِنَا) على قوله (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ)، في يونس قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا) قدّم (إلى فرعون وملئه) على (بِآَيَاتِنَا) هذا هو الإشكال. هذا الإشكال في التقديم والتأخير هنا تقديم الآيات على فرعون ملئه وهناك تأخير الآيات على فرعون وملئه. طبعاً التقديم والتأخير معلوم أنه بحسب الأهمية في السياق وليس الأهمية للذات وإنما في السياق. نحن نعرف قد يقدم المفضول على الفاضل كما ذكرنا سابقاً يقدم ما هو الأفضل أو ما هو المفضول. ابتداء لو طالب في البلاغة يقول أيّ الأهم من دون السياق حسب القاعدة التي يعرفها أنه يقدم الأهم نسأله أيّ الأهم في الأعراف؟ سيقول (بآياتنا) وأيّ الأهم في يونس؟ يقول (إلى فرعون وملئه)، إذن هذا حكم. هل هذا ينطبق على السياق؟ الحكم العام واضح تقديم ما هو أهم، هنا قدّم الآيات وهنا أخّرها. نلاحظ في آية الأعراف ذكر الآيات أمام فرعون وملئه يعني ماذا فعل قال (قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)) ثم ذكر إلقاء العصى أمام السحرة (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117))، في يونس لم يذكر أنه ألقى العصى قال (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76)) ولم يذكر تفصيلاً لما حدث. حتى أمام السحرة هناك ذكر (فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)) أما في يونس فلم يقل وإنما قال (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)) إذن لم يذكر آيات ولم يفصلها أما في الأعراف ذكر الآيات أمام فرعون وأمام السحرة فأيّ الأهم؟ عندما يذكر الآيات قدّمها في الأعراف بينما في يونس أخّرها لأنه لم يذكرها حتى تلاءم السياق العام هذا قانون البلاغة فناسبت ما واحدة، لا يقال الكلام تغير أو الأسلوب اختلف، هذا كلام عام لكن ضعها في سياقها يتضح الأمر. في الأعراف ذكر الآيات أمام فرعون والسحرة بينما في يونس لم يذكر الآيات.

وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)

حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)

1-             مسألة: قوله تعالى:، (فأرسل معي بني إسرائيل (105)) وفى طه: (فأرسل معنا) ؟ ، جوابه: أن المرسل هنا: موسى عليه السلام فقط، فقال: (معى) وفى طه: موسى وهارون عليهما السلام فقال: (معنا) . ( كشف المعاني )

قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)

1-             مسألة: قوله تعالى: (تهتز كأنها جان) ، والجان صغار الحيات. وقال تعالى في الأعراف: (فإذا هي ثعبان مبين (107) والثعبان أكبر الحيات؟ . جوابه: معناه كأنها جان في سرعة حركتها لا في عظمها، ولذلك قال تعالى: (تهتز) وحيث قال تعالى: (ثعبان) إشارة إلى عظمها فكانت في الحركة كالجان، وفى العظم ثعبان. ( كشف المعاني )

2-             ثعبان / جان / حيَّة : الثعبان يتميز بملمح الضخامة، ولذا جاء لوصف وقع المعجزة في نفوس فرعون وملئه وبيان ضخامة تلك المعجزة. والحية يتميز بملمح الحياة, ولذلك جاء في سياق وصف المعجزة التي هي انقلاب الميت حياً، وهذا لم يره فرعون وملؤه  بل أراه الله عز وجل لنبيه موسى عليه السلام.

والجان يتميز بملمح الخفاء ، ولذلك استعمل لبيان الحالة التي انتابت  موسى عليه السلام من الفزع والخوف والعجب من هذا الشيء الذي يبدو وكأنه من عالم الجن  ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-ورد في القرآن الكريم ذكر عصى موسى عليه السلام بأوصاف مختلفة مرة جان ومرة ثعبان ومرة حية فما الفرق بينها؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المعنى اللغوي للكلمات: الجان هي الحية السريعة الحركة تتلوى بسرعة، الثعبان هو الحية الطويلة الضخمة الذَّكَر، الحية عامة تشمل الصغيرة والكبيرة فالثعبان حية والجان حية. الحية عامة تطلق على الجميع أما الثعبان فهو الذكر الضخم الطويل والجان هو الحية سريعة الحركة. ننظر كيف استعملها؟

كلمة ثعبان لم يستعملها إلا أمام فرعون في مكانين (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) الأعراف) (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (32) الشعراء) وذلك لإخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون.

كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى في القصص (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)) وفي النمل (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)) تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ) في القصص (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والإنسان يخاف من الجان والخوف والفزع. الجان دلالة الحركة السريعة، عصاه تهتز بسرعة. الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لأنه يستتر بمقابل الإنس (الإنس للظهور والجن للستر) هذا من حيث اللغة.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)

1-             قوله {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم} وفي الشعراء {قال للملإ حوله} لأن التقدير في هذه الآية قال الملأ من قوم فرعون وفرعون بعض لبعض فحذف فرعون لاشتمال الملأ من آل فرعون على اسمه كما قال {وأغرقنا آل فرعون} أي آل فرعون وفرعون فحذف فرعون لأن آل فرعون اشتمل على اسمه فالقائل هو فرعون وحده بدليل الجواب وهو {قالوا أرجه وأخاه} بلفظ التوحيد والملأ هم المقول لهم إذ ليس في الآية مخاطبون بقوله {يخرجكم من أرضكم} غيرهم فتأمل فيه فإنه برهان للقرآن شاف . ( أسرار التكرار )

1-             قوله {بكل ساحر عليم} وفي الشعراء {بكل سحار} لأنه راعى ما قبله في هذه السورة وهو قوله {إن هذا لساحر عليم} وراعى في الشعراء الإمام فإنه فيه {بكل سحار} بالألف وقرئ في هذه السورة {سحار} أيضا طلبا للمبالغة وموافقة لما في الشعراء. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم (109) وفى الشعراء: (قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم (34)) . فظاهر آية الأعراف أن الملأ قالوا ذلك، وظاهر آية الشعراء أن قائله فرعون. جوابه: أن كلا منهما قاله، لكن لما تقدم في الشعراء ابتداء مخاطبة فرعون لموسى بقوله: (قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا) الآيات، ناسب ذلك حكاية قول فرعون للملأ، لأنه المتكلم بذلك أولا تنفيرا لقومه عن متابعته كما تقدم قبل هذا، ولم يأتى في الأعراف مثل ذلك فحكى قولهم له. ( كشف المعاني )

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)

1-             مسألة: قوله تعالى: (يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون) وفى الشعراء: (من أرضكم بسحره) . جوابه: أن آية الأعراف من كلام الملأ، وآية الشعراء من كلام فرعون. ولما كان هو أشدهم في رد أمر موسى صرح بأنه “سحر”، ويؤيده: (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك) قاصدا بذلك كله تنفير الناس عن متابعة موسى عليه السلام. ( كشف المعاني )

2-             يريد أن يخرجكم من أرضكم/ يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره: الكلام في آية الأعراف جاء على لسان الملأ، وآية الشعراء من كلام فرعون، ولما كان هو أشدَّهم في رد أمر موسى عليه السلام صرَّح بأنه سحر، ويؤيده قوله عز وجل: {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ} طه/٥٧، قاصدًا بذلك كله تنفير الناس عن متابعة موسى عليه السلام. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)

1-             قوله {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم} وفي الشعراء {قال للملإ حوله} لأن التقدير في هذه الآية قال الملأ من قوم فرعون وفرعون بعض لبعض فحذف فرعون لاشتمال الملأ من آل فرعون على اسمه كما قال {وأغرقنا آل فرعون} أي آل فرعون وفرعون فحذف فرعون لأن آل فرعون اشتمل على اسمه فالقائل هو فرعون وحده بدليل الجواب وهو {قالوا أرجه وأخاه} بلفظ التوحيد والملأ هم المقول لهم إذ ليس في الآية مخاطبون بقوله {يخرجكم من أرضكم} غيرهم فتأمل فيه فإنه برهان للقرآن شاف . ( أسرار التكرار )

2-             قوله {يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون} وفي الشعراء {من أرضكم بسحره} لأن الآية الأولى في هذه السورة بنيت على الاقتصار وكذلك الآية الثانية ولأن لفظ الساحر يدل على السحر. ( أسرار التكرار )

3-             قوله {وأرسل} وفي الشعراء {وابعث} لأن الإرسال يفيد معنى البعث ويتضمن نوعا من العلو لأنه يكون من فوق فخصت هذه السورة به لما التبس ليعلم أن المخاطب به فرعون دون غيره. ( أسرار التكرار )

4-             مسألة: قوله تعالى في الأعوام: (وأرسل في المدائن حاشرين (111)) . وفى الشعراء: (وابعث) . كلاهما معلوم المراد، فما فائدة اختلاف اللفظين؟ وكذلك قوله تعالى هنا: (بكل ساحر) وفى الشعراء (بكل سحار) ؟ . جوابه: مع التفنن في الكلام، أن (أرسل) أكثر تفخيما من (ابعث) وأعلى رتبة لإشعاره بالفوقية. ففي الأعراف حكى قول الملأ لفرعون، فناسب خطابهم له بما هو أعظم رتبة، تفخيما له. وفى الشعراء: صدر الكلام بأنه هو. القائل لهم، فناسب تنازله معهم ومشاورته لهم، وقولهم (ابعث) . وأما قوله تعالى هنا: (بكل ساحر) وفى الشعراء (بكل سحار) فلتقدم قولهم: (بسحره) فناسب صيغة المبالغة ب (سحار) ( كشف المعاني )

5-              ما دلالة التقديم والتأخير فى (رب موسى وهارون) و (رب هارون وموسى)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

ننظر الآيتين: في سورة طه (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)) في الشعراء والأعراف قال (رب موسى وهارون). لو نلاحظ ذكر هارون تكرر كثيراً في سورة طه وجعله تعالى شريكاً في تبليغ الدعوة أما في الشعراء فلم يذكر هارون إلا قليلاً, في طه قال (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)) وخطاب فرعون كان موجهاً لهما معاً (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)) (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) بينما في الشعراء (فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13)) (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ (15)) وينتهي ولم يرد بعدها ذكر هارون ثم الخطاب من فرعون موجه لموسى وحده وهارون ليس له دور كبير في الشعراء وإنما الكلام كان بين موسى وفرعون وقال (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)) في الشعراء التركيز على موسى أما في طه فالتركيز مسترك وفي طه ذكر خوف موسى لما ألقى السحرة (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) طه) ولم يذكر خوف هارون فقدم هارون. بينما في الشعراء الكلام كله لموسى ولم يذكر الخوف فقدم موسى وفي الأعراف لم يرد ذكر لهارون إلا في قوله (قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ (111)) فقط فلا يستوي أن يقدم هارون في الأعراف والشعراء. إذن مسألة التقديم والتأخير تراعي سياق الحال الذي يتكلم عنه القرآن الكريم.

6– ما الفرق بين البعث والإرسال (وأرسل في المدائن حاشرين) الأعراف و (وابعث في المدائن حاشرين) الشعراء؟

/ اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

بعث فيه معنى الإرسال تقول بعثت شخصاً فيه معنى الإرسال لكن في بعث أيضاً معاني غير الإرسال. الإرسال أن ترسل رسولاً تحمّله رسالة لطرف آخر. البعث قد يكون فيه إرسال وفيه معاني أخرى غير الإرسال أي فيه إرسال وزيادة. تبعث بارِك أي الجمل، تبعث الموتى ليس بمعنى إرسال ولكن يقيمهم، فيه إثارة وإقامتهم (إن للفتنة بعثات) أي إثارات، فيها تهييج. (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا (247) البقرة) أي أقامه منكم. ولذلك عموماً أن البعث يستعمل فيما هو أشد. نضرب مثالاً: (قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) الشعراء) و (قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ (111) الأعراف) والقصة قصة موسى في الحالتين: الملأ يقولون لفرعون وابعث في المدائن وأرسل في المدائن. ننظر لتكملة كل آي من الآيتين (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) الشعراء) صيغة مبالغة والثانية (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) الأعراف) ليس فيها مبالغة ساحر ليس فيها مبالغة بينما سحار فيها مبالغة لأنه في الشعراء المحاجة أشد مما كانت في الأعراف. لو قرأنا قصة موسى وفرعون في الشعراء المواجهة أشد من الأعراف وفرعون كان غاضباً فقالوا وابعث في المدائن أنت أرسل وأقم من المدينة من يهيّج عليه أيضاً هذا معنى (ابعث) هذا البعث، أن تبعث أي تهيّج، تقيم لذا قال بعدها (بكل سحار عليم) ولما قال أرسل قال (بكل ساحر عليم). فالبعث هو أشد وفيه حركة أما الإرسال فلا، فالبعث هو الإرسال وزيادة ولهذا قال تعالى (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) الإسراء)) فيه قوة وقسوة وعمل.

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)

1-             قوله {بكل ساحر عليم} وفي الشعراء {بكل سحار} لأنه راعى ما قبله في هذه السورة وهو قوله {إن هذا لساحر عليم} وراعى في الشعراء الإمام فإنه فيه {بكل سحار} بالألف وقرئ في هذه السورة {سحار} أيضا طلبا للمبالغة وموافقة لما في الشعراء. ( أسرار التكرار )

2-             ساحر/ سحَّار: استُعملت صيغة اسم الفاعل (ساحر) في آية الأعراف؛ لعدم الحاجة إلى المبالغة في الوصف، حيث الآية السابقة لم يذكر فيها السحر، وهى قول الله عز وجل: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الأعراف:110]. بينما استُعملت صيغة المبالغة (سَحَّار) في آية الشعراء؛ لتقدم قول الله عز وجل: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} [الشعراء: 35]، فلما وصفه بالسحر كان جوابهم عليه أن يأتُوه بمن هو أعلى منه كعبًا في السحر، فاستُخدمت صيغة المبالغة للتعبير عن هذا..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف).( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)

1-             قوله {وجاء السحرة فرعون قالوا} وفي الشعراء {فلما جاء السحرة قالوا لفرعون} لأن القياس في هذه السورة فلما جاء السحرة فرعون قالوا أو فقالوا لا بد من ذلك لكن أضمر فيه {فلما} فحسن حذف الفاء وخص هذه السورة بإضمار فلما لأن ما في هذه السورة وقع على الاختصار والاقتصار على ما سبق وأما تقديم فرعون وتأخيره في الشعراء فلأن التقدير فيهما فلما جاء السحرة فرعون قالوا لفرعون فأظهر الأول في هذه السورة لأنها الأولى وأضمر الثاني في الشعراء لأنها الثانية. ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين (وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) الأعراف) و (فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) الشعراء)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أتمنى أن نأخذ القصتين في الشعراء والأعراف في حلقة خاصة لأن فيها أكثر من سؤال واختلاف. لكن الآن نجيب أنه إذا رجعنا إلى القصة في السورتين:

الأعراف

الشعراء

في الأعراف ذكر أن ملأ فرعون هم الذين قالوا أن موسى ساحر (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109))

في الشعراء تتسم القصة بسمتين بارزتين أولها التفصيل في سرد الأحداث والآخر قوة المواجهة والتحدي لأن موسى أمام فرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) الشعراء).

في الشعراء فرعون هو الذي قال وليس الملأ (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)) لأن الكلام كان شديداً بينه وبين موسى. في الشعراء ناسب أن يواجهوا فرعون بالقول لأن هو الذي قال.

في الأعراف قال (وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)) لم يقل قالوا لفرعون لأن المتكلم كان الملأ لأن القائل الأول ليس فرعون.

وفي الشعراء قالوا (فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41)).

إن لنا لأجراً استفهام لكن لم يذكروا همزة الإستفهام.

الفرق بين (إن) وأئن، أئن استفهام مضمر (هل تذهب؟) أحياناً حرف الإستفهام يضمر ولا يذكر لكن يفهم من السياق تذهب معي؟ أصلها أتذهب معي؟.

في الشعراء قالوا لفرعون (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41)) لم يقولوا إن زيادة في التوكيد وزيادة في سرد الأحداث لما كان التفصيل أكثر قال (أئن). الوضع فيه شدة وحدة وتفصيل أكثر والاستفهام أدل على هذا الأمر وصرحوا بالهمزة (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ).

حتى في الجواب قال في الأعراف (قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114))

وفي الشعراء قال (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42)) أضاف إذن لأن الموقف مختلف يريد أن ينتصر وكان الكلام شديداً مع موسى ولا يمكن أن يواجهه الحجة.

في الأعراف ما أقسموا بعزة فرعون لأن فرعون في مأزق في المناقشة وصار عصبياً فأقسموا بعزة فرعون ولم يقسموا في الأعراف. ونحتاج للنظر في السورتين بتفصيل.

في الشعراء أقسموا بعزة فرعون (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44))

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114)

1-             قوله {قال نعم وإنكم لمن المقربين} وفي الشعراء {إذا لمن المقربين} لأن إذا في هذه السورة مضمرة مقدرة لأن إذا جزاء ومعناه إن غلبتم قربتكم ورفعت منزلتكم وخص هذه السورة بالإضمار اختصارا . ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين (قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {114}) الأعراف و (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {42}) الشعراء ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الآيتين في سياق قصة موسى عليه السلام وهناك جملة اختلافات في التعبير في القصة. في سورة الأعراف تبدأ القصة بأحداث طويلة ممتدة من مجيء موسى إلى فرعون وحتى نهاية فرعون وفيها كلام طويل عن بني إسرائيل. أما في سورة الشعراء فالقصة تأخذ جانب من مقابلة موسى وفرعون وينتهي بنهاية فرعون. وفي كل قصة اختار التعبيرات المناسبة لكا منها. ونلاحظ أنه في سورة التفصيل في سرد الأحداث في سورة الشعراء أكثر والمواجهة والتحدي بين موسى وفرعون في الشعراء أكثر. وعليه فقد انطبعت كل التعبيرات بناء على هذين الأمرين.

في سورة الأعراف إذا استعرضنا الآيات (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {103} وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ {104}‏ حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ {105} قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {106} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ {107} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ {108} قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {109} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ {110} قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ {111} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ {112} وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ {113} قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {114} قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ {115} قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ {116} وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ {117} فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {118} فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ {119} وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ {120}‏ قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ {121} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ {122} قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ {123} لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ {124} قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ {125} وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ {126})

وإذا استعرضنا الآيات في سورة الشعراء (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {10} قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ {11} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ {12} وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ {13} وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ {14} قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ {15} فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {16} أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {17} قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ {18} وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ {19}‏ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ {20} فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ {21} وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ {22} قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ {23} قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ {24} قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ {25} قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ {26} قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ {27} قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {28} قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ {29} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ {30} قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {31} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ {32} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ {33} قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {34} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ {35} قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ {36} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ {37} فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ {38} وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ {39}‏ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ {40} فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ {41} قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {42} قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ {43} فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ {44} فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ {45} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ {46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ {48} قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ {49} قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ {50} إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ {51}) .

نلاحظ أن التفصيل في سورة الشعراء أكثر وحصلت محاورة بين موسى وفرعون أما في الأعراف فلم يرد ذلك. وفي الشعراء هدد فرعون موسى بالسجن. ونأخذ كل فرق على حدة ونبدأ بقول الملأ في الأعراف فالقائلون في الأعراف هم الملأ والقائل في الشعراء هو فرعون وعندما كانت المحاجة عند فرعون وانقطع الحجة بقول (بسحره). والفرق بين أرسل وابعث في اللغة كبير: أرسل وفعل الإرسال تردد في الأعراف أكثر مما تردد في الشعراء (ورد 30 مرة في الأعراف و17 مرة في الشعراء) هذا من الناحية اللفظية . وفعل بعث هو بمعنى أرسل أو هيّج ويقال في اللغة بعث البعير أي هيّجه  وفي البعث إنهاض كما في قوله تعالى (ويوم يبعث من كل أمة شهيداً) (إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) أي أقامه لكم وليست بنفس معنى أرسله. فلما كانت المواجهة والتحدّي في الشعراء أكثر جاء بلفظ بعث ولم يمتفي بالإرسال إنما المقصود أن ينهض من المدن من يواجه موسى ويهيجهم وهذا يناسب موقف المواجهة والتجدي والشدة. وكذلك في اختيار كلمة ساحر في الأعراف وسحّار في الشعراء لأنه عندما اشتد التحدي تطلّب المبالغة لذا يحتاج لكلّ سحّار وليس لساحر عادي فقط ونلاحظ في القرآن كله حيثما جاء فعل أرسل جاء معه ساحر وحيثما جاء فعل بعث جاء معه سحّار. وفي سورة الأعراف وردت كلمة السحر 7 مرات بينما وردت 10 مرات في سورة الشعراء مع العلم أن سورة الأعراف أطول من الشعراء.

وكذلك قوله تعالى في سورة الأعراف (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين) أما في سورة الشعراء فقال تعالى (قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين) ففي الأعراف لم يقل (قالوا لفرعون) أما في الشعراء فقال (قالوا لفرعون) أي أصبح القول موجهاً إلى فرعون لأن التحدي أكبر في الشعراء وفيها تأكيد أيضاً بقوله (أئن لنا لأجراً)، أما في الأعراف (إن لنا لأجراً) المقام يقتضي الحذف لأن التفصيل أقلّ.

وفي الشعراء قال تعالى (قال نعم إنكم إذاً لمن المقربين) فجاء بـ (إذاً) حرف جواب وجزاء وتأتي في مقام التفصيل لأن سياق القصة كلها في الشعراء فيها كثر من التفصيل بخلاف الأعراف.

وفي الشعراء أقسموا بعزّة فرعون ولم يرد ذلك في الأعراف.

وفي الشعراء قال (فألقوا حبالهم وعصيهم) ولم يرد ذلك في الأعراف.

وفي الشعراء ولأن التحدي كبير ألقي السحرة ساجدين فوراً ولم يرد ذلك في الأعراف.

في الأعراف ورد (آمنتم به قبل أن آذن لكم ) و(فسوف تعلمون) الضمير يعود إلى الله تعالى هنا. أما في الشعراء (آمنتم به قبل أن آذن لكم) (فلسوف تعلمون) أي أنقدتم لموسى فالهاء تعود على موسىولهذا قال تعالى هنا (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) واللام في (فلسوف) هي في مقام التوكيد.

وفي الأعراف قال (ثم لأصلبنّكم) وفي الشعراء (ولأصلبنكم) وهذا يدل على أنه أعطاهم مهلة في الأعراف ولم يعطهم مهلة في الشعراء.

وفي الأعراف قال (إنا إلى ربنا منقلبون) أما في الشعراء (لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون) دلالة عدم الإكتراث بتهديد فرعون مع شدة التوعد والوعيد ثم مناسبة لمقام التفصيل.

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)

1-             قوله {إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين} وفي طه {إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى} راعى في السورتين أو أخر الآية ومثله {فألقي السحرة ساجدين} في السورتين وفي طه {سجدا} وفي السورتين أيضا {آمنا برب العالمين} وليس في طه {رب العالمين} وفي السورتين {رب موسى وهارون} وفي هذه {فسوف تعلمون} {لأقطعن} وفي الشعراء {فلسوف تعلمون} {لأقطعن} وفي طه {فلأقطعن} وفي السورتين {لأصلبنكم أجمعين} وفي طه {ولأصلبنكم في جذوع النخل} وهذا كله مراعاة لفواصل الآي لأنها مرعية تنبنى عليها مسائل كثيرة. ( أسرار التكرار )

2-             أن نكون نحن الملقين/ أن نكون أوَّل من ألقَى: اختلفت فاصلتا الآيتين في سورتي الأعراف و طه لتُناسِبَ كلٌّ منهما ما قبلها وما بعدها من فواصل:

فآيات الأعراف السابقة واللاحقة تقوم فواصلها على المدِّ بالواو “أو الياء” ثم النون غالبًا أو الميم في النادر، ولننظر إلى كلمات الفواصل للآيات “106- 125″، وهى: {الصَّادِقِينَ}، {مُبِينٌ}، {لِلنَّاظِرِينَ}، {عَلِيمٌ}، {تَأْمُرُونَ}، {حَاشِرِينَ}، {عَلِيمٍ}، {الْغَالِبِينَ}، {الْمُقَرَّبِينَ}، {الْمُلْقِينَ}، {عَظِيمٍ}، {يَأْفِكُونَ}، {يَعْمَلُونَ}، {صَاغِرِينَ}، {سَاجِدِينَ}، {الْعَالَمِينَ}، {وَهَارُونَ}، {تَعْلَمُونَ}، {أَجْمَعِينَ}، {مُنْقَلِبُونَ} .. إلخ.

أما آيات سورة طه السابقة واللاحقة فتعتمد فواصلها على المد بالألف اللينة، ومن ذلك فواصل الآيات “55-70″، وهى على النحو التالي:

{أُخْرَى}، {وَأَبَى}، {مُوسَى}، {سُوًى}، {ضُحًى}، {أَتَى}، {افْتَرَى}، {النَّجْوَى}، {اسْتَعْلَى}، {أَلْقَى}، {تَسْعَى}، {مُوسَى}، {الْأَعْلَى}، {أَتَى}، {وَمُوسَى}.. إلخ. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)

1- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- أعين/ عيون: إن الاستخدام القرآني للكلمتين (أعين/ عيون) يظهر في معنى جمع عين. وكلمة(عين) من المشترك اللفظي الدال على مدلولات كثيرة كحاسة البصر، وعين الماء وعين الجيش “الجاسوس” … الخ

وقد خصص الاستخدام القرآني الجمع ( أعين) في أحد معاني هذا المشترك اللفظي ، وهو جمع العين التي هي حاسة البصر ، بينما خصص الجمع (عيون) في أحد معاني هذا المشترك اللفظي ، وهو جمع عين ماء.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)

1-             مسألة: قولهم هنا، وفى الشعراء: (قالوا آمنا برب العالمين (121) رب موسى وهارون (122)) وفى طه: (آمنا برب هارون وموسى) ؟ . جوابه: لما تقدم في الأعراف: (إني رسول من رب العالمين (104)) وفى الشعراء: (إنا رسول رب العالمين) ناسب ذلك (آمنا برب العالمين) . ثم خصصوا. المراد بأنه رب موسى وهارون: الذي جاء برسالته لا غير. وفى طه: لمراعاة رؤوس الآن اكتفى برب هارون وموسى، فلم يحتج إلى إعادة ” رب ” ثانيا. ( كشف المعاني )

رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)

مسألة: قولهم هنا، وفى الشعراء: (قالوا آمنا برب العالمين (121) رب موسى وهارون (122)) وفى طه: (آمنا برب هارون وموسى) ؟ . جوابه: لما تقدم في الأعراف: (إني رسول من رب العالمين (104)) وفى الشعراء: (إنا رسول رب العالمين) ناسب ذلك (آمنا برب العالمين) . ثم خصصوا. المراد بأنه رب موسى وهارون: الذي جاء برسالته لا غير. وفى طه: لمراعاة رؤوس الآن اكتفى برب هارون وموسى، فلم يحتج إلى إعادة ” رب ” ثانيا. ( كشف المعاني )

قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)

1-             قوله {قال فرعون} وفي السورتين {قال آمنتم} لأن هذه السورة متعقبة على السورتين فصرح في الأولى وكنى في الأخريين وهو القياس قال الخطيب لأن في هذه السورة بعد عن ذكر فرعون بآيات فصرح وقرب في السورتين من ذكره فكنى. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قال فرعون آمنتم به) ؟ . وفى الشعراء: (آمنتم له) جوابه: أن الضمببر في (به) يرجع إلى رب العالمين أو إلى موسى وفى (له) يجوز رجوعه إلى موسى، أو إلى ما جاء به من الآيات، أي: لأجل ما جاء به من ذلك. ( كشف المعاني )

3-             آمن له / آمن به: الضمير في {بِهِ} يرجع إلى رب العالمين، وفى {لَهُ} يجوز رجوعه إلى موسى أو إلى ما جاء به من الآيات، أي: آمنتم لأجل ما جاء به.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)

1-             قوله {ثم لأصلبنكم} وفي السورتين {ولأصلبنكم} لأن ثم تدل على أن الصلب يقع بعد التقطيع وإذا دل في الأولى علم في غيرها ولأن موضع الواو تصلح له ثم . ( أسرار التكرار )

                 قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125)

1-             قوله {إنا إلى ربنا منقلبون} وفي الشعراء {لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} بزيادة {لا ضير} لأن هذه السورة اختصرت فيها هذه القصة وأشبعت في الشعراء وذكر فيها أول أحوال موسى مع فرعون إلى آخرها فبدأ بقوله {ألم نربك فينا وليدا} وختم بقوله {ثم أغرقنا الآخرين} فلهذا وقع فيها زوائد لم تقع في الأعراف وطه فتأمل وتدبر تعرف إعجاز القرآن ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قالوا إنا إلى ربنا منقلبون (125) . وفى الشعراء: (لا ضير) الآية بزيادة (لا ضير) . جوابه: لما كان الوعيد في الشعراء أشد ناسب مقابلتهم له بعدم التأثر به فى مقابلة ما يرجونه عند الله تعالى. ( كشف المعاني )

وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)

قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131)

1- الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)

1- إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:

الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)

1-             قوله {بل أنتم قوم مسرفون} في هذه السورة بلفظ الاسم وفي النمل {قوم تجهلون} بلفظ الفعل لأن كل إسراف جهل وكل جهل إسراف ثم ختم الآية بلفظ الاسم موافقة لرءوس الآيات التي تقدمت وكلها أسماء {العالمين} {الناصحين} {جاثمين} {المرسلين} {كافرون} {مؤمنون} {مفسدين} وفي النمل وافق ما قبلها من الآيات وكلها أفعال {يبصرون} {يتقون} {تعلمون}. ( أسرار التكرار )

2-             الصَّنَم/ الوَثَن: إن لفظي “الصنم ـ الوثن” بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنهما يشتركان في عدة ملامح دلالية هي: أن كليهما جسم مادِىّ. وأنه يتخذ إلهًا معبودًا من دون الله. ويختلفان في بعض الملامح الفارقة، حيث إن الصنم: لا بُدَّ أن يكون مُصَوَّرًا منحوتًا. ولا بد أن يُصنع من خشب أو نحاس أو فضة أو ذهب. أما الوثن فهو مجرد حجر لا صورة له ولا نقش. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)

1-             قوله {يسومونكم سوء العذاب يقتلون} بغير واو على البدل وقد سبق. ( أسرار التكرار )

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

1-ما الفرق بين قوله تعالى (وواعدنا موسى أربعين ليلة) وقوله (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى

قال تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ {51}) وقال في سورة الأعراف (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ {142}) آية فيها إجمال وآية فيها تفصيل لكن لماذا الإحمال في موضع والتفصيل في موضع آخر؟ لو عدنا إلى سياق سورة البقرة نجد أنه ورد فيها هذه الآية فقط في هذا المجال بينما في المشهد نفسه في سورة الأعراف فيه تفصيل كبير من قوله تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ {142}) إلى قوله (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ {145}) الكلام طويل والقصة والأحداث في المواعدة مفصلة أكثر في الأعراف ولم تذكر في البقرة لأن المسألة في البقرة فيها إيجاز فناسب التفصيل في سورة الأعراف والإيجاز في سورة البقرة لذا جاء في الأعراف أن موسى صام ثلاثين يوماً ثم أفطر فقال تعالى صم فصام عشرة أيام أخرى أما في سورة البقرة فجاءت على سبيل الإجمال (أربعين يوماً).

وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)

1- جَبَل / طَوْد / عَلَم : تشترك جميع معانيها في الدلالة على الجِرْم الضخم الغليظ الثابت في الأرض ولكن جاء كل لفظ منها مناسباً لسياقه بما له من ملمح دلالي مميز : فالجبل هو الاسم العام لهذه المرتفعات ، وجاء في سياقات وصف ملامح الأرض . والطود أعظم من الجبل ، ولذلك ورد في سياق وصف المعجزة . والعَلَم جاء في سياق الامتنان بالاهتداء والإنجاء ، بما له من أصل دلالي يقتضي العلم والاهتداء والاستدلال . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- أول المسلمين/ أول المؤمنين/ من المسلمين: المراد في آية الأنعام: أول المسلمين من أهل مكة المكرمة.

وفى آية يونس: أن أكون واحدًا من المسلمين؛ لأن نوحًا عليه السلام لم يكن أول المسلمين.

وفى آية الأعراف: أول المصدِّقين بامتناع رؤية الله عز وجل في الدنيا، وليس المراد بالإيمان الدين(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

3- ما دلالة ذكر موسى عليه السلام باسمه فى الآية وليس عبدنا كما قال تعالى عن الرسول فى سورة الإسراء؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

فى سورة الإسراء قال (بعبده) لم يقل بمحمد ولم يقل بالرسول ليدل على أن الإنسان مهما عظم ومهما كبر فلا يعدو أن يكون عبداً لله. هذا مقام تشريف ولا ينبغي لأحد أن يتعالى ويدّعي أنه أرفع من سائر العباد ولئلا يعظم محمد على غير ما ينبغي فيُدعى له منزلة أعلى من العبودية فهو عبد ثم العبودية أعلى وسام، أعلى وسام للخلق هو مقام العبودية، ربنا تعالى لما أثنى على نوح قال (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) الإسراء) وعلى أيوب قال (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) ص). نلاحظ أولاً أنه لما ذكر ربنا موسى عند المناجاة فقال (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ (143) الأعراف) ذكره باسمه ولم يقل عبدنا موسى ولا الرسول موسى (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) كان عاقبة ذلك أن خر موسى صعقاً لو قال عبدنا كيف يخر صعقاً؟ مناسبة المقام، قال موسى باسمه العلم (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا (143) الأعراف) لم يقل وخر عبدنا موسى هذه ليست مناسبة للتكريم وكأن مقام العبودية عند الله سبحانه وتعالى مقام عظيم.. ذكر عبد أقوى من ذكر الإسم المجرد (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف) هذه العبودية الاختيارية هي أعلى وسام.

قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ (144)

1-             قوله {رسالات ربي} في جميع القصص إلا في قصة صالح فإن فيها {رسالة} على الواحدة لأنه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمروا قومهم بها إلا في قصة صالح فإن فيها ذكر الناقة فصار كأنها رسالة واحدة وقوله {برسالاتي وبكلامي} مختلف فيها. ( أسرار التكرار )

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)

1-ما الفرق بين الرُشد والرَشَد مع أن الرَشَد مستخدمة في القرآن الكريم ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هم يفرّقون بين الرُشد والرَشَد، الرُشد معناه الصلاح والاستقامة وهم قالوا الرُشد يكون في الأمور الدينية والدنيوية، في أمور الدين وفي أمور الدنيا، في الأمور الدنيوية والأخروية والرَشد في أمور الآخرة، يعني الرُشد يكون في أمور الدنيا والآخرة والرَشَد في أمور الآخرة. في القرآن ورد الرُشد (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) أمر دنيوي، (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) الكهف) أمر دنيوي موسى تتبع الرجل الصالح، (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة) و (وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً (146) الأعراف) إذن الرُشد يستعمل في أمور الدنيا والدين. أما الرَشد فالكثير أنه يستعمل في أمور الدين أكثر ما يكون في الدين (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) الكهف) (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) الكهف) أغلب ما تستعمل في أمور الدين، أما الرُشد فهي عامة. هذا ما قاله قسم من اللغويين وإن كان قسم قالوا أن هاتان لغتان لكن هما في القرآن هكذا، يستعمل الرُشد في أمور الدنيا والدين والرَشَد في أمور الدين. قسم قالوا هذه لغة ولكن قسم قالوا هذا من خصوصيات الاستعمال القرآني.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)

1- البَدَن / الجَسَد / الجسم : جميعها تشترك في ملمح عام وهو وصف هيئة كائن ذي ثلاثة أبعاد ولكل منها ملمح دلالي  يميزه عن غيره فالبدن يتميز بالضخامة، والجسد يتميز بالخلو من الروح، والجسم يتميز بالحياة والروح والجمال. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2 – الحلية / الزينة : إن لفظي “حلية ـ زينة” في القرآن الكريم بينهما عموم وخصوص: فالحلية: لفظ خاصٌّ يُراد به الزينة الخارجية الظاهرة، وهى مادّيَّةٌ دائمًا، وأكثرها من الذهب والفضة ونحو ذلك. والزينة: لفظ عامٌّ يشمل الزينة الخارجية كالثياب والحلى، وكالنبات زينة للأرض، والنجوم والكواكب زينة للسماء، والمال والجاه والقامة وغير ذلك زينة خارجية للإنسان … كما يشمل الزينة الباطنة التي تدركها العقول والزينة النفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة … إلخ..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3- ألم / أو لم / أفلم : جاءت الاستفهامات القرآنية التي تشير الى القدرة والعظمة الإلهية والاعتبار بذلك، على ثلاث صور: بالهمزة فقط {ألم} لأن هذه الآيات يقتضي سياقها النظر والاعتبار والاستدلال. بالهمزة والواو{أولم} لأن سياق هذه الآيات يقتضي الاعتبار بالمُشاهد الحاضر فقط . ومثلها الآيات التي جاء الاستفهام فيها مقروناً بالفاء{أفلم} إلا أن الفاء أوثق اتصالا بما قبلها.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (149)

1- سقط / وقع: إن كلمتي “سقط ـ وقع” بينهما تقارب دلالي، حيث يشتركان في معنى: النزول من أعلى إلى أسفل، وهو أصل معناهما. ثم يفترق كلٌّ منهما بملامح تخصُّه وتميزه عن الآخر. فيأتي السقوط بمعنى الندم. ويأتي الوقوع بمعنى: نزول الشدائد، وثبوت الأجر، ووقوع العذاب. وعلى ذلك يمكن القول إن الوقوع أخصُّ من السقوط.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)

1- الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- ما لالة ذكر وحذف (يا) في قوله تعالى (ابن أوم) في سورة الأعراف و(يبنؤم) في سورة طه؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة الأعراف (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُومَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {150}) وقال في سورة طه (قَالَ يَبْنَؤمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي {94}) وذكر الحرف وعدم ذكره له دوافع والقاعدة العامي فيه أنه عندما يكون السياق في مقام البسط والتفصيل يذكر الحرف سواء كان ياء أو غيرها من الأخرف كما في سورة طه وإذا كان المقام مقام إيجاز يوجز ويحذف الحرف إذا لم يؤدي ذلك إلى التباس في المعنى كما جاء في سورة الآعراف .وكذلك في قوله (أئن لنا لآجراً) وقد يكون مقام التوكيد بالحرف. ففي سورة الآعراف حذف الحرف لأن الموقف جاء ذكره باختصار (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُومَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {150}) أما في سورة طه فالآيات جاءت مفصلة ومبسّطة وذُكرت فيها كل الجزئيات لذا اقتضى ذكر (يا) (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي {86} قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ {87}‏ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {88} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً {89} وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي {90} قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى {91} قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا {92} أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي {93}).

قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)

1-مرة يقول تعالى (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) الأعراف) و(فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) الأعراف) فما الفرق؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الرحمة موجودة في الحالتين في الأولى قال أرحم الراحمين وفي الثانية خير الغافرين في آية جعل خاتمة الآية رحمة والثانية مغفرة فإذا ذكر ذنباً عقّب بالمغفرة وإذا لم يذكر ذنباً عقّب بالرحمة. في الآية الأولى (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)) هذا قول موسى لم يذكر لهما ذنباً فقال وأنت أرحم الراحيمن بينما الآية (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)) عندما ذكر ذنباً قال (خير الغافرين). في آية (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) المؤمنون) لم يذكر ذنباً إذن عموماً هذا خط عام في ذكر هاتين الفاصلتين إذا ذكر ذنباً ذكر الغافرين وإذا لم يذكر قال الراحمين.

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)

1- سكت / أصغى: إن اللفظين “سكت-أصغى” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى ترك الكلام، ولكن الاستعمال القرآني للفظين كان مرتبطًا بالأصل اللغوي لكلٍّ منهما، حيث استعمل السكوت بمعنى السكون وهدوء الغضب، كأنه كان ناطقًا فسكت. بينما استعمل الإصغاء بمعنى الميل، وهو الأصل الدلالي للمادة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)

1- الغافر/ الغفور/ الغفار/ذو المغفرة/ أهل المغفرة : تشترك جميع هذه الألقاط في إثبات المغفرة لله عز وجل، وتختلف فيما بينها بملامح دلالية تميزها: فالغافر: تتميز بالجمع بين وصف المغفرة ،ووقوع هذه المغفرة وفاعلها هو الله، وهذه يدل على الثبات والتجدد معاً.( الغفور):تفيد دوام المغفرة وكثرتها ، وقدرة الله على ذلك.( الغفار): تفيد كثرة المغفرة وتكرارها ،وتجددها، وملازمتها، وتعدد متعلقاتها ودواعيها. والتعبير(ذو المغفرة) يفيد ملكية الله عز وجل للمغفرة مع قدرته على منعها أو منحها. أما التعبير( أهل المغفرة): يفيد الجدارة والاستحقاق لهذا الوصف       .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما) وقال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء) والكافر شىء ولا يدخلها؟ . جوابه: المراد بعموم (كل شيء) الخصوص وهم المؤمنون كقوله (تدمر كل شيء) أو أن المراد: رحمته في الدنيا فإنها عامة. .( كشف المعاني )

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157)

1-  الخبائث/ الخبيثات: إن “الخبيثات- الخبائث” كليهما جمع “خبيثة “. إلَّا أن “الخبيثات” جمع مؤنث سالم؛ لذلك استُعْمِل لوصف العاقل. أمَّا “الخبائث” فهي جمع تكسير؛ ولذلك استعمل لوص/ اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا سؤال قديم وأجبنا عنه في حلقات سابقة. السيئات هي الصغائر صغار الذنوب والذنب أكبر والخطيئة عامة. لماذا يستعمل مع السيئات التكفير والمغفرة مع الذنوب (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا (193) آل عمران)؟ قلنا السيئات الصغائر والذنوب الكبائر، التكفير في الأصل الستر وكفر الشيء أي ستر وأصلها كفر البذرة أي غطاها وسترها بتراب والليل سمي كافراً لأنه يستر الناس (لي فيك أجر مجاهد إن صح أن الليل كافر) من أسماء الليل الكافر لأنه يستر. نأتي إلى المِغفر هو الغفر والستر، المِغفر الآلة التي تتقي بها السهام في الحرب تحفظه. الليل كافر هل إذا ضربت أحدهم بالسهم هل سيحفظه الليل؟ لا لكن المِغفر يحفظه فلما كان الذنب أكبر يصيب الإنسان يراد له ستر أكبر والأخف يحتاج لأخف. عندما تكفر البذرة في التربة تحتاج حفرة صغيرة وتسترها لكن المغفرة أكبر. إذن الذنب هو أكبر من السيئة ولذلك يستعمل معه المغفرة لأنه لما كان أكبر احتاج لوقاية أكبر والخطيئة عامة قد تكون لأكبر الذنوب وقد تكون للصغائر. قال (حُط عنا خطايانا) الحط هو الإنزال من فوق (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ (157) الأعراف) هذه أحمال وأوزار يحطها عنهم أي يضعها عنهم. الخطايا عامة تستعمل فيها كلها، السيئة صغائر والذنب أكبر، يستعمل كفر عنا سيئاتنا لأنها صغيرة ومع الذنوب يقول غفران.

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)

وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)

1-             قوله {فانفجرت} وفي الأعراف {فانبجست} لأن الانفجار انصباب الماء بكثرة والانبجاس ظهور الماء وكان في هذه السورة {كلوا واشربوا} فذكر بلفظ بليغ وفي الأعراف {كلوا من طيبات ما رزقناكم} وليس فيه واشربوا فلم يبالغ فيه ( أسرار التكرار )

2-             مسألة:قوله تعالى: (فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) وفى الأعراف: (فانبجست) ؟ جوابه: قيل إن الانبجاس دون الانفجار، وأن الانفجار أبلغ في كثرة الماء فعلى هذا: أن سياق ذكر نعمته اقتضى ذكر الانفجار، ونسبه. وقيل: هما بمعنى واحد، فيكون من تنويع الألفاظ والفصاحة. ( كشف المعاني )

3-             انبجس / انفجر : الانبجاس أول ظهور الماء وبدايته وفيه دلالة على ضيق المخرج وقلة ما ينبع من الماء . الانفجار: المرحلة الثانية بعد ظهور الماء وفيه دلالة على القوة والسعة والكثرة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَإِذْ قِيلَ لَهُمْ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين . وفى الأعراف: (وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين.
جوابه:
هي اختلاف ألفاظ الآيتين، وفائدة مناسبتهما مع قصد التنويع في الخطاب. أما آية البقرة: فلما افتتح ذكر بنى إسرائيل بذكر نعمه عليهم بقوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ناسب ذلك نسبة القول إليه، وناسب قوله (رغدا لأن النعم به أتم. وناسب تقديم (وادخلوا الباب سجدا*، وناسب (خطاياكم لأنه جمع كثرة، وناسب الواو في (وسنزيد المحسنين* لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في (فكلوا) لأن الأكل مترتب على الدخول فناسب مجيئه بالواو. وأما آية الأعراف: فافتتحت بما فيه توبيخهم وهو قولهم: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، ثم اتخاذهم العجل، فناسب ذلك ة (وإذ قيل لهم*. وناسب ترك (رغدا* والسكنى بجامع الأكل، فقال: (كلوا*. وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا، وترك الواو في (سنريد). ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية) الآيات. تقدم في البقرة. ( كشف المعاني )

3-                  الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             خطايا / خطيئات: إن دقة الاستخدام القرآني للجموع المختلفة، حيث استخدم جمع الكثرة “خطايا” في حال إسناد القول إلى الله عز وجل “قلنا”، وفى حال وصف النعمة بالرغد، ولمَّا أُسْنِد الخطاب لمجهول، ولم تُوصَف النعمة بالرغد؛ لَمْ يقتضِ ذلك غفران الذنوب الكثيرة.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5-              ما الفرق من الناحية البيانية بين (انفجرت) في سورة البقرة و(انبجست) في سورة الأعراف في قصة موسى؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

جاء في سورة البقرة (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {60}) وجاء في سورة الأعراف (‏ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {160}).

والسؤال ماذا حدث فعلاً هل انفجرت أو انبجست؟ والجواب كلاهما وحسب ما يقوله المفسرون أن الماء انفجرت أولاً بالماء الكثير ثم قلّ الماء بمعاصيهم وفي سياق الآيات في سورة البقرة الذي يذكر الثناء والمدح والتفضّل على بني إسرائيل جاء بالكلمة التي تدل على الكثير فجاءت كلمة (انفجرت) أما في سورة الأعراف فالسياق في ذمّ بني إسرائيل فذكر معها الإنبجاس وهو أقلّ من الإنفجار وهذا أمرٌ مشاهد فالعيون والآبار لا تبقى على حالة واحدة فقد تجفّ العيون والآبار فذكر الإنفجار في موطن والإنبجاس في موطن آخر وكلا المشهدين حصل بالفعل.

إذا لاحظنا سياق الآيات في سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ {58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ {59} وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {60})

أما سياق الآيات في سورة الأعراف (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ {161})

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)

1-             مسألة: قوله تعالى: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا. وفى الأعراف: فبدل الذين ظلموا منهم. وقال: (فأرسلنا عليهم. وقال هنا: (يفسقون ) وفى الأعراف: (يظلمون) ؟
جوابه:
لما سبق في الأعراف تبعيض الهادين بقوله تعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق) ناسب تبعيض الظالمين منهم بقوله تعالى: (الذين ظلموا منهم. ولم يتقدم مثله في البقرة. وقوله: عليهم (1) . ليس فيه تصريح بنجاة غيرهم. وفى البقرة إشارة إلى سلامة غير (الذين ظلموا) لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال. فناسب سياق ذكر النعمة ذلك في البقرة. وختم آية البقرة ب (يفسفون ولا يلزم منه الظلم، والظلم يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ منهما سياقه. ( كشف المعاني )

2-             فبدَّل الذين ظلموا قولاً غير الذى قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا… يفسقون  فبدَّل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم … يظلمون: لما سبق في الأعراف تبعيض الهادين بقوله عز وجل: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} الأعراف/159؛ ناسب تبعيض الظالمين منهم بقوله عز وجل: {الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، ولم يتقدَّم مثل ذلك في البقرة، وقوله عز وجل: {عَلَيْهِمْ} ليس فيه تصريح بنجاة غيرهم، وفى البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا؛ لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم، والإرسال أشد وقعًا من الإنزال؛ فناسب سياق ذكر النعمة ذلك في البقرة، وختم آية البقرة بـ {يَفْسُقُونَ} ولا يلزم منه الظلم، والظلم يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ سياقه. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)

1-             قوله {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} وقال في الأعراف {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} لأن ما في هذه السورة وقع بعد قوله {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وقوله {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} فقيد قوله {غفور رحيم} باللام ترجيحا للغفران على العقاب ووقع ما في الأعراف بعد قوله {وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس} وقوله {كونوا قردة خاسئين} فقيد رحمة منه للعباد لئلا يرجح جانب الخوف على الرجاء وقدم سريع العقاب في الآيتين مراعاة لفواصل الآية . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (إن ربك سريع العقاب) . وفى الأعراف: (لسريع العقاب) ؟ . جوابه: أنه لما تقدم ما يؤذن بالكرم والإحسان في قوله: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) الآيات ناسب ترك التوكيد في جانب العقاب. وفى الأعراف: لما تقدم ما يؤذن بغضب الله وعذابه من اتخاذهم العجل، وحل السبت، ناسب توكيد جانب العذاب بدخول اللام. ( كشف المعاني )

3-             بمسألة: (إن ربك لسريع العقاب) . تقدم في الأنعام( كشف المعاني )

4-             إن ربك سريع العقاب / إن ربك لسريع العقاب: لم يؤكد خبر إن باللام في آية الأنعام، لأنه تقدم عليه قول الله تعالى (ومن جاء بالحسنة… يظلمون) وهذا يشير الى الكرم والإحسان، فناسبه توكيد المغفرة وترك توكيد العقاب. أما آية الأعراف فقد تقدم عليها ذكر ارتكابهم ما يغضب الله وعذابه ( من استحلال السبت واتخاذهم العجل.. الخ) فناسب هنا أن يؤكد العقاب باللام. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169)

1-             قوله {ولدار الآخرة خير} وفي الأعراف {والدار الآخرة خير} على الصفة لأن في هذه السورة تقدم ذكر الساعة وصار التقدير ولدار الساعة الآخرة فحذف الموصوف وفي الأعراف تقدم قوله {عرض هذا الأدنى} أي المنزل الأدنى فجعله وصفا للمنزل والدار الدنيا والدار الآخرة بمعناه فأجرى مجراه تأمل في هذه السورة فإن فيها برهانا لأحسن القصص. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ولدار الآخرة) . وفى الأعراف: (والدار الآخرة) ؟ . جوابه: أن هنا تقدم ذكر الساعة، فكأنه قال تعالى: ولدار الساعة الآخرة وفى الأعراف: تقدم قوله: (يأخذون عرض هذا الأدنى) فناسب: (والدار الآخرة) . ( كشف المعاني )

3-             وللدار الآخرةُ خيرٌ/ ولدار الآخرةِ خيرٌ: في آية الأنعام عُرِّفت “الدار” ووصفت بالآخرة، في مقابل ما تقدم أول الآية: {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}؛ ليكون هناك تناسق في التراكيب، فلمَّا وصفت {الْحَيَاةُ} مُعَرَّفةً بـ {الدُّنْيَا} ناسب أن يأتى في مقابله تركيب وصفى مكون من الموصوف والوصف “الدار + الآخرة” أما في آية يوسف فنُكِّرت كلمة “دار” وأضيفت إلى “الآخرة”؛ حيث لم يتقدَّمها وصف الحياة الدنيا، وكذا قول الله عز وجل: – {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} النحل/30.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)

1-ما دلالة ذكر وحذف الياء في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) الإسراء) و(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المهتدي أطول من المهتدِ. لما يكون أطول يكون فيه هداية أكثر إضافة إلى أمر آخر. نضرب مثالاً: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف) قبلها قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) هذا الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هل كان مهتدياً أول مرة أم لا؟ كان مهتدياً لكن كان يحتاج إلى قدر من الهداية أكبر حتى لا ينسلخ لذلك عقّب عليها بـ (المهتدي) لأن الهداية التي كانت عنده ما عصمته من الإنسلاخ فكان يريد هداية أكثر وأطول حتى يرسخ ولا يزل ولا يضل لذلك عقب (فهو المهتدي) مثل قوله تعالى (ذلك ما كنا نبغي). أما في سورة الإسراء (فهو المهتدِ) في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء) هؤلاء من أصحاب النار. ما الذي ينجي من الخلود في النار؟ أن يكون عنده هداية بسيطة (شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقسم من الفروض. كانت تكفيهم قدر بسيط من الهداية يخرجهم من هذا. أما ذاك فكان يحتاج إلى هداية كبيرة حتى لا ينسلخ، أما هؤلاء فتكفيهم هداية قليلة.

من الناحية النحوية الإعرابية (المهتدِ) تقدّر الحركة على الياء المحذوفة (فهو المهتد: المهتد خبر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة).

ثم هناك إضافة إلى ما ذكرنا ما نسميه السمة التعبيرية للسورة مثلاً سورة مريم فيها الرحمة من أولها إلى آخرها. لو أخذنا سورة الأعراف وسورة الإسراء والكهف نلاحظ لفظ الهداية تردد في الأعراف أكثر من ما تردد في الإسراء وفي الكهف. في الأعراف 17 مرة وفي الإسراء 8 مرات وفي الكهف 6 مرات أي مجموع ما تردد في السورتين الإسراء والكهف 14 مرة فلما تردد لفظ الهداية أكثر في الأعراف زاد الياء. **مداخلة من إحدى المشاهدات حول ما ذكره الدكتور فاضل في مسألة المهتدي والمهتدِ أن المهتدي هو الذي يهتدي ويسير على هدى الله وهي تكون بمقام إسم الفاعل وفيه الاستمرارية أما في قوله (فهو المهتدِ) من تم له الاهتداء إلى الله تعالى فصار مهتدياً وهنا ينطبق عليه الحديث القدسي (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها) وذلك بدليل ما لحق بالآية (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً).

أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (178)

1-             قوله {من يهد الله فهو المهتدي} بإثبات الياء على الأصل وفي غيرها بغير ياء على التخفيف. ( أسرار التكرار )

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (179)

1- أعين/ عيون: إن الاستخدام القرآني للكلمتين (أعين/ عيون) يظهر في معنى جمع عين. وكلمة(عين) من المشترك اللفظي الدال على مدلولات كثيرة كحاسة البصر، وعين الماء وعين الجيش “الجاسوس” … الخ

وقد خصص الاستخدام القرآني الجمع ( أعين) في أحد معاني هذا المشترك اللفظي ، وهو جمع العين التي هي حاسة البصر ، بينما خصص الجمع (عيون) في أحد معاني هذا المشترك اللفظي ، وهو جمع عين ماء.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)

1- إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:

الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)

1- العَمَه/ العَمَى: إن لفظي “العمه ـ العمى” بينهما تقارب دلالي، حيث يشتركان في معنى: عدم الاهتداء. ويختصُّ العَمَه بالبصيرة. بينما يستعمل العمى في فقد حاسة البصر، وفقد البصيرة أيضًا، أي في الماديَّات والمعنويَّات.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187)

1-             قوله تعالى: ” أكاد أخفيها “، وقال تعالى: (إنما علمها عند ربي) فظاهر قوله تعالى: (آتية أكاد) أنه أظهرها، وقوله تعالى: (إنما علمها عند ربي) إخفاء لها؟ . جوابه:. أن معناه: أكاد لشدة الاعتناء بإخفاء وقتها أن أخفى علمها ووقوعها عن الخلق، وهذا قد أظهره للخلق بقوله: (إن الساعة آتية) دليل على أن المراد: أكاد أخفى إتيانها. وقوله: (إنما علمها عند ربي) أي حقيقة وقتها بعينه لأن ذلك مما اختص الله تعالى به. . (كشف المعاني )  

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)

1-  قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} في هذه السورة وفي يونس {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله} لأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ثم طمعا في ثوابه ثانيا يقويه قوله {يدعون ربهم خوفا وطمعا} وحيث تقدم النفع على الضر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا وذلك في ثمانية مواضع ثلاثة منها بلفظ الاسم وهي ههنا والرعد وسبأ وخمسة بلفظ الفعل وهي في الأنعام {ينفعنا ولا يضرنا} وآخر في يونس {ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء {ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} والفرقان {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وفي الشعراء {ينفعونكم أو يضرون} أما في هذه السورة فقد تقدمه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل} فقدم الهداية على الضلالة وبعد ذلك {لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} فقدم الخير على السوء فلذلك قدم النفع على الضر وفي الرعد {طوعا وكرها} فقدم الطوع وفي سبأ {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} فقدم البسط
وفي يونس قدم الضر على الأصل ولموافقة ما قبلها {ما لا يضرهم ولا ينفعهم} وفيها {وإذا مس الإنسان الضر} فيكون في الآية ثلاث مرات وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا أما سورة الأنعام ففيها {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} ثم وصلها بقوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وفي يونس تقدمه قوله {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين} ثم قال {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء تقدم قول الكفار لإبراهيم في المجادلة {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفي الفرقان تقدمه قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} وعد نعما جمة في الآيات ثم قال {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} فتأمل فإنه برهان القرآن. ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: قوله تعالى: (ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) قدم الضر على النفع هنا، وفى مواضع أخر قدم النفع على الضر كما في سورة الأنعام والأنبياء؟ . جوابه: أن دفع الضر أهم من جلب النفع وإن كانا مقصودين ولأنه يتضمنه أيضا فإذا تقدم سياق الملك والقدرة كان ذكر دفع الضر أهم، وإذا كان السياق في الدعاء والعبادة والسؤال كان ذكر النفع أولى وأهم، لأنه المقصود غالبا بالسؤال، ولذلك قال في الحج: (يدعو لمن ضره أقرب من نفعه) أي يدعوه لنفع لمن ضره أقرب من نفعه المطلوب بالدعاء. ( كشف المعاني )

3-  قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا) . وفى يونس: (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا) قدم النفع هنا، وأخره في يونس؟ . أن آية الأعراف تقدمها ذكر الساعة، فناسب في حقه تقديم النفع الذي هو ثواب الآخرة، وأخر الضر الذي هو عقابها. وآية يونس تقدمها ذكر استعجال الكفار العذاب في قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الوعد) الآية، فناسب تقديم الضر على النفع، ولذلك قال تعالى بعده: (قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا) ، وكذلك كلما قدم فيه النفع والضر فلتقدم ما يناسب ذلك التقديم أو تأخيره وذلك ظاهر لمن ينظر فيه. ( كشف المعاني )

4- ضُرّ/ ضَرّ/ ضَرَر/ ضِرار/ ضَرَّاء: تشترك جميعها في معنى الشدة والبلاء . ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه: الضُرّ : اسم لحالة البلاء وهو عام .الضَرّ: إحداث البلاء وإلحاقه بالغير. الضَرَر: العاهة ” والعمى خاصة” . أما الضَرَّاء فهو البلاء الذي يصيب البدن خاصة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5- ضرًّا ولا نفعًا / نفعًا ولا ضرًّا: من صور التقديم والتأخير في القرآن الكريم تقديم أحد المعطوفين في موضع، وتأخيره مرة أخرى، مع ثبات المعطوفين. إن القرآن الكريم يقدِّم النفع على الضر في سياقات الدعاء والعبادة؛ لأن النفع في هذه الأحوال أهمُّ، بينما يقدِّم الضر على النفع في سياق المُلك والقدرة؛ لأن دفع الضر في هذه الحال أوجب وأولَى من جلب النفع. والقاعدة الأصولية تُقرِّر أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع إن التقديم في الألفاظ القرآنية مرتبط بمعنى الآيات السابقة واللاحقة، فيقدم اللفظ الذي يقتضي المعنى تقديمه ،وي}خر ما يستحق تأخيره.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-  متى يأتي الضر قبل النفع في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

القدامى بحثوا في هذه المسألة وقالوا حيث يتقدم ما يتضمن النفع يسبق النفع وحيث يتقدم ما يتضمن الضر يقدم الضر. (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الأعراف) قدم النفع على الضر وقال قبلها (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف) فلما قدم الهداية قدم النفع (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي). وقال بعدها في نفس السياق (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) قدم النفع على الضر إذن مناسب هنا تقديم النفع على الضر لأن تقدّمها. في تقديم الضر: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (49) يونس) هنا قدم الضر وقبلها قال تعالى (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ (11) يونس) هذا ضر، (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ (12) يونس) وبعدها قال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا (50) يونس) تقديم الضر أنسب.

مثال آخر في الرعد (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا (16)) قبلها (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) الرعد). (فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا (42) سبأ) قبلها قال (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ (39) سبأ) بسط الرزق نفع ويقدر ضر فقالوا حيث يتقدم ما يتضمن النفع يقدم النفع وحيث يتقدم ما يتضمن الضر يقدم الضر.

        7- ما الفرق بين الضُرّ والضَر والضرر ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الضُر يكون في البدن من مرض وغيره (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ (83) الأنبياء). الضَر مصدر بما يقابل النفع (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا (188) الأعراف). الضرر الإسم أي النقصان يدخل في الشيء يقال دخل عليه ضرر (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ) أي الذين فيهم عِلّة أما الضر فهو ما يقابل النفع. الضرر هو الإسم عام والضرّ مصدر. الضُر ما يحصل في البدن من سقم والضَر المصدر لما يقابل النفع والضرر إسم. نحن عندنا المصدر وأحياناً يكون التغيير في المصدر بحركة أو بشيء آخر يسمى إسماً.

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (189)

1-قوله {أنشأكم} وفي غيرها {خلقكم} و4 1 و6 2 و7 189 الخ لموافقة ما قبلها وهو {وأنشأنا من بعدهم} وما بعدها {وهو الذي أنشأ جنات معروشات}. ( أسرار التكرار )

2- جعل/ خلق: إن الاستخدام القرآني لكلمتي “جعل- خلق”: يُظهِر اشتراكهما في معنى: إحداث الشيء.

والملمح الدلالي المميِّز لكلمة “خلق” هو: التقدير والأوليَّة. في حين أن الملمح الدلالي المميِّز لكلمة “جعل” هو: التضمين والتهيئة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-وخلق منها زوجها / وجعل منها زوجها: آية النساء في آدم وحواءـ؛ عليهما السلام ـ؛ لأنها خلِقَتْ منه؛ فناسب التعبير بقوله عز وجل: {وَخَلَقَ}.

وآية الأعراف قيل: في قصى أو غيره من المشركين، ولم تخلق زوجته منه، فقال عز وجل: {وَجَعَلَ}؛ لأن الجعل لا يلزم منه الخلق، فمعناه: جعل من جنسها زوجها. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

4– ماذا يقصد بالسوءة؟ وما وجه الشبه بين هذه السوءة وظن السوء في سورة الفتح (12))؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

السوءة هي العورة.

قال تعالى:(بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) الفتح) السَوْء يعني السيء، السوْء مصدر ساءه سوءاً والسُوء هو الإسم (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (22) طه) من غير سُوء أي من غير مرض أو علة أما السوْء فهو المصدر وهناك فرق بين المصدر والإسم مثلاً نقول الذبح والذِبح، الحمل والحِمل، الوضوء والوَضوء. الحَمْل مصدر والحِمل ما يُحمل (خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) طه) يحمل على الظهر، (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ (31) الأنعام) أما الحَمل هو المصدر أو ما لا يرى بالعين (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا (189) الأعراف)، الذَبح هي عملية الذَبح أما الذِبح فهو ما يُذبح كبش أو غيره (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) الصافات)، الوُضوء عملية التوضؤ والوَضوء هو الماء الذي يُتوضأ به.

5– (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء (1) النساء) وفي الأعراف قال (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا (189)) وفي الزمر (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (6)) فما اللمسة البيانية في الاختلاف بين الآيات؟ وما الفرق بين الخلق والجعل؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

الجعل في الغالب حالة بعد الخلق فالخلق أقدم وأسبق. جعل الزرع حطاماً ليست مثل خلق الزرع حطاماً. جعل بمعنى صيّر، هو خلقه ثم جعله (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ (60) المائدة) لا يعني خلقهم وإنما يعني صيّرهم. إذن في الغالب الجعل بعد الخلق (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124) البقرة) صيّره إماماً وليس خلقه إماماً. إذن هذا الأمر العام ولذلك كل (جعل زوجها) بعد الخلق، نلاحظ في سورة النساء قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء (1)) هذا في آدم وحواء، هذا خلق. (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) الأعراف) هذه ليس آدم وحواء وإنما بعد، ذاك خلق وهذا جعل، جعل هذه زوج هذه. في سورة الزمر قال (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)) خلقكم من نفس واحدة آدم وهذا الأصل لكن جعل زوجة جعل فلان زوج فلان، (خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) يقصد حواء و (جعل منها زوجها) الكلام عن الذرية فلما ذكر حواء قال (خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) ولما ذكر الذرية قال (جعل منها زوجها).

فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193)

1-             قوله {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} في هذه السورة وفي آل عمران {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} وكذلك في الروم 19 ويونس 31 {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} لأن ما في هذه السورة وقعت بين أسماء الفاعلين وهو {فالق الحب والنوى} {فالق الإصباح وجعل الليل سكنا} واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه فيدخله الألف واللام والتنوين والجر وغير ذلك ويشبه الفعل من وجه فيعمل عمل الفعل ولا يثنى ولا يجمع إذا عمل وغير ذلك ولهذا جاز العطف عليه بالفعل نحو قوله {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا} وجاز عطفه على الفعل نحو قوله {سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فلما وقع بينهما ذكر {يخرج الحي من الميت} لفظ الفعل { ومخرج الميت من الحي} بلفظ الاسم عملا بالشبهين وأخر لفظ الاسم لأن الواقع بعده اسمان والمتقدم اسم واحد بخلاف ما في آل عمران لأن ما قبله وما بعده أفعال فتأمل فيه فإنه من معجزات القرآن . ( أسرار التكرار )

2-              قال تعالى (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) الأعراف وقال تعالى (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَن)هود، جاثمين والأخذ والإصباح واحد فلماذا اختلاف في البنية بين دارهم وديارهم؟(د.فاضل السامرائى)

أنا في ذهني لم يقل الصيحة مع دارهم ولا مرة لأن الصيحة يبلغ مداها أكثر من الرجفة فأنت تسمع صوتاً  لم تكن فيه كانفجار أو زلزال يحصل في مكان لكن الصوت يُسمع في مكان آخر. الصوت لما كان يُسمع في مدى أوسع قال ديارهم أما الرجفة فهي أقل مدى فقال دارهم وهذا عائد إلى طبيعة العقاب الموجود.

(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) الأعراف).

الأصل هم الصمت وليس الحديث عندما ينام أو يخلو الانسان إلى نفسه يكون صامتاً هو لا يتحدث إلا إذا عرض له أمر أما إذا لم يعرض له أمر فهو صامت. إذن الصمت هو الحالة الثانية الدائمة لذلك لا يسوي بين الطرفين (أدعوتموهم أو صمتم) 

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)

1- الإبصار / الرؤية / النظر : تشترك جميعها فأَرسَلَ: مل الشيء لإدراكه ، لكن لكل منها درجة في الإدراك أعلاها( الرؤية ) التي تتميز باليقين ، ثم ( الإبصار) الذي يتميز بالوضوح ، وأدناها( النظر) الذي قد يكون توجه العين الى الشيء دون رؤيته ، وقد يكون تدبراً مع رؤية الشيء.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-ما الفرق بين تنظرون وتبصرون؟(د.فاضل السامرائى)

أبصرت الشيء رأيته، النظر قد يكون فيه رؤية وقد يكون من غير رؤية يعني توجيه الحاسة إلى مكان معين تقول أنا أنظر إليه الآن لكن ليس بالضرورة أنك تبصره. (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) الغاشية) فيها احتمالين النظر فيه معنيين: إحتمال الإبصار يُحسِّه ببصره ويحتمل توجيه الحاسة إلى مكان معين لكن لم تحدث الرؤية كما في قوله تعالى (وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (198) الأعراف) إذن يبصر من الرؤية إدراك الحاسة والنظر فيها احتمالين قد يكون النظر إدراك وقد يكون النظر من دون رؤية وإنما توجيه النظر إلى مكان معين.

خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)

1-             مسألة: قوله تعالى: (فاستعذ بالله إنه سميع عليم (200) . وفى حم السجدة: (إنه هو السميع العليم (36) ، بلام التعريف. جوابه: أن آية الأعراف نزلت أولا، وآية السجدة نزلت ثانيا، فحسن التعريف أي: هو السميع العليم الذي تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان. ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (إنه هو السميع العليم (36) وفى الأعراف: (سميع عليم) تقدم جوابه في الأعراف. ( كشف المعاني )

3-             إنَّه سميع عليم/ إنَّه هو السميع العليم: وذلك لأنَّ آية الأعراف نزلت أولًا، وآية فصلت نزلت ثانيًا، فحَسُنَ التعريف في آية فصلت، أي: هو السميع العليم الذى تقدَّم ذكره أولًا عند نزوغ الشيطان. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202)

1- مدَّ/ أمدَّ: إن استعمال القرآن الكريم في الأعم الأغلب ـ الفعل (مَدَّ) في الخير، والمهموز (أَمَدَّ) في الشر. والصيغة الصرفية لها وظيفة دلالية مهمَّة في التعبير القرآني.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)

1- استمع / أنصت: إن لفظي “استمع- أنصت” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى الإدراك بحاسة الأذن. ويتميَّز الاستماع بأنه أعمُّ من الإنصات؛ لأنه قد يصاحبه كلام وعدم اهتمام بما يُسْمَع. أما الملمح الفارق للإنصات فهو السكوت، ويصاحبه اهتمام بما يُسْمَع له.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ (205)

1-             قوله {وخيفة} ذكرت في المتشابه وليست منه لأنها من الخوف {وخفية} من قوله تعالى {تدعونه تضرعا وخفية} من خفي الشيء إذا استتر. ( أسرار التكرار )

      2-             الإخبات/ الخشوع / الخضوع/ التضرُّع / القنوت: تشترك جميعها في معنى الامتثال لأوامر الله ، وينفرد كلٌّ منها بملمح فارق على النحو التالي: حيث ينفرد الأخبات بملمح الخفاء. وينفرد الخشوع بظهور أثر ذلك في الصوت والبصر. وينفرد الخضوع بظهور أثر ذلك في البدن كله. وينفرد التضرُّع بملمح التذلُّل. وينفرد القنوت بملمح الطاعة والاستقامة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved