سورة آل عمران

3- سورة آل عمران

(بسم الله الرحمن الرحيم)

الم (1) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)

نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3)

1-             قوله تعالى: (نزل عليك الكتاب) ، وقال: (وأنزل التوراة والإنجيل) ؟ . وجوابه: أن القرآن نزل منجما مرة بعد مرة فحسن التضعيف، والتوراة والإنجيل نزلا دفعة واحدة فحسن التخفيف لعدم التكرار. فإن قيل: قد قال بعده: (هو الذي أنزل عليك الكتاب) ؟. جوابه: أمام الفرقان فقيل: هو نصره على أعدائه. وقيل: هو القرآن، فعلى هذا: لما قال: (وأنزل التوراة) حسن وأنزل الفرقان وأنزل عليك الكتاب: أي كما أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى أنزل عليك القرآن والكتاب. ولأن التلون في اللفظ مع قرب العهد أحسن من إعادته بلفظه وإن اتحد قصده. (كشف المعاني )

2-             الكِتاب: إن الملمح الدلالي المميز للفظ(كتاب) بوصفه علماً على القرآن الكريم هو ملمح الجمع والضم عن طريق الخط ،وفيه اشارة الى تعظيم القرآن وحفظه وأنه أول كتاب نال هذه المنزلة عند العرب حتى كتبوه حفاظاً عليه من التبديل والتحريف ، بل هو أول كتاب عربي على الإطلاق ، إذ لم يكن للعرب قبل نزول القرآن كتاب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

3-              ما الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن؟ (د.فاضل السامرائى)

من ناحية اللغة كلمة قرآن هي في الأصل في اللغة مصدر الفعل قرأ مثل غفران وعدوان. ثم استعملت عَلَماً للكتاب الذي أُنزل على الرسول (القرآن).

أما الكتاب فهي من الكتابة وأحياناً يسمى كتاباً لأن الكتاب متعلق بالخط، وأحياناً يطلق عليه الكتاب وإن لم يُخطّ (أنزل الكتاب) لم يُنزّل مكتوباً وإنما أُنزل مقروءاً ولكنه كان مكتوباً في اللوح المحفوظ قبل أن ينزّل على رسول الله .

أما من ناحية الإستعمال فيلاحظ أنه يستعمل عندما يبدأ بالكتاب يكون يتردد في السورة ذكر الكتاب أكثر بكثير مما يتردد ذكر القرآن أو قد لا تذكر كلمة القرآن مطلقاً في السورة. أما عندما يبدأ بالقرآن يتردد في السورة ذكر كلمة القرآن أكثر الكتاب أو قد لا يرد ذكر الكتاب مطلقاً في السورة وإذا اجتمع القرآن والكتاب فيكونان يترددان في السورة بشكل متساو تقريباً ونأخذ بعض الأمثلة:

في سورة آل عمران بدأ السورة بالكتاب (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3}) وورد الكتاب 33 مرة في السورة ولم ترد كلمة القرآن ولا مرة في السورة كلها.

مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)

1- العذاب/ العقاب: إن لفظي “العذاب ـ العقاب” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى: النَّكال والمجازاة. لكن يتميَّز العقاب بأنَّه قد يكون شديدًا وقد يكون يسيرًا، وأنَّه يُنبئ عن الاستحقاق؛ لأنه لا يكون إلا عَقِبَ الذنوب. بينما يتميز العذاب بملمحين هما: الشدَّة، وكَوْنه عامًّا فيمن يستحقُّه ومَنْ لا يستحقه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7)

1- الأم / الوالدة: يشترك اللفظان في الدلالة على الاصل فكلمة ( أم ) تدل على معانٍ شتى : الوالدة , المرضعة , الحامل ، الأصل ، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . بينما استعملت كلمة 0 والدة ) في القرآن الكريم بدلالة أخص، فاقتصر استعمالها في وصف الوالدة ، وذلك في سياقات ترتب أحكاما شرعية خاصة بهذه الصفة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

1- التأويل/ التفسير: يشتركان في ملمح التوضيح والبيان إلا أن التأويل يختص ببيان ما غمض معناه واشتبهت مقاصده واحتاج الى تعمق وتبصر. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما دلالة آيات متشابهات في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة آل عمران (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7}. هذه الآيات لا يعلمها إلا الله تعالى وقد تكون متعلقة بالله تعالى أو القدر أو أمور أخرى لسنا مكلّفين بها ولا نعلمها. أما الآيات المحكمات فهي التي تكون متعلقة بالبشر فعلينا إتّباع المحكمات والإيمان بالمتشابهات.

5- ما الفرق بين الاجتهاد والتأويل والتفسير؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الاجتهاد هو بذل الجهد والوسع في الوصول إلى الحكم في طلب الأمر. إجتهد أي بذل جهده للوصول إلى الحكم. يقولون المراد بها رد القضية التي تعرض للحاكم الذي يفتي بالقضية ويصل بها إلى الحكم الصحيح ويردّها عن طريق القياس إلى الكتاب والسُنّة ولا يقول من رأيه ويقول أنا اجتهدت. هنك شروط للمجتهد، ماذا ورد في الكتاب والسُنّة يحاول القياس عليها ويستخلص الحكم. الاجتهاد إذن بذل الجهد للوصول إلى الحكم (الحكم الشرعي) في رد الأمر عن طريق القياس إلى الكتاب والسُنّة ولا يرده إلى رأيه مباشرة. يُسأل ما حكم هذه؟ فالإجتهاد بذل الوسع والجهد في طلب الأمر للوصول إلى الحكم الصحيح عن طريق القياس بردّه إلى الكتاب والسُنّة فينظر ماذا ورد في الكتاب والسُنّة في أمر مشابه للمسألة فمثلاً يقيس حكم المحدرات على حكم الخمر.

التأويل هو نقل ظاهر اللفظ إلى دلالة أخرى. ظاهر اللفظ شيء وأنت تنقله إلى شيء آخر لسبب من الأسباب. سورة النصر مثلاً تأويلها عند ابن عباس أنها نعي رسول الله ، هذا أمر غير مصرّح به في الآية وإنما ينقله إلى معنى آخر لسبب من الأسباب. قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ (7) آل عمران) هذا للمتشابه ينقل ظاهر اللفظ إلى دلالة أخرى. يقال مثلاً لشخص: في بيتك فأر، لا يقصد به الفأر الحيوان وإنما في بيتك فاسق لأن الرسول سمّى الفأر بالفويسقات. وتقول لشخص: يلغ في إنائك كلب وهو ما عنده كلب أصلاً لكنك تقصد شخص يدخل على بيته فيفعل كذا. لا بد أن تكون لها قرينة تفهم منها. المتكلم يضبط ولا يتأول كما شاء وله شروط ولا يمكن لأي كان أن يأوّل كيف يشاء. تأويل الأحلام يسمى تأويلاً (هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ (100) يوسف)  أوّل الشمس والقمر إلى الأبوين والكواكب للإخوة، ينقل ظاهر الأمر إلى دلالة أخرى. هذا له ضوابط يعرفها أهل العلم.

التفسير كشف المراد عن اللفظ، كشف مفردات، ما معنى هذه الكلمة؟ تفسير عبارة غير واضحة لشخص تفسرها له، آية غير واضحة تشرحها وتفسرها. إذا كان المعنى العام لا يعرفه أو لا يعرف معنى مفردات نقول يفسر القرآن.

هل لهذه الكلمات مراتب؟ أهل الشأن يذكرون ضوابط خاصة لكل واحد منهم وليس لكل واحد أن يفسر هكذا. ومن أول الضوابط التبحّر في علم اللغة ويقولون ولا تُغني المعرفة اليسيرة، ثم يذكرون أموراً تتعلق بالحديث والسُنّة وأسباب النزول.

رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)

1-             قوله تعالى {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد} أو السورة وفي آخرها {إنك لا تخلف الميعاد} فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة في أول السورة واستمر على الخطاب في آخرها لأن ما في أول السورة لا يتصل بالكلام الأول كاتصال ما في آخرها فإن اتصال قوله تعالى {إن الله لا يخلف الميعاد} بقوله {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} معنوي واتصال قوله {إنك لا تخلف الميعاد} بقوله {ربنا وآتنا ما وعدتنا} لفظي ومعنوي جميعا لتقدم لفظ الوعد ويجوز أن يكون الأول استئنافا والآخر من تمام الكلام. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: إن الله لا يخلف الميعاد) . وفى آخر السورة (إنك لا تخلف الميعاد) جوابه: أن الأول: خبر من الله تعالى بتحقيق البعث والقيامة. والثاني: في سياق السؤال والجزاء، فكان الخطاب فيه أدعى إلى الحصول. (كشف المعاني )

3-              ريب/شك/ مِرْيَة:   تشترك جميعها في ملمح عام مشترك وهو انتفاء العلم. وتفترق كل منها بملمح دلالي مميز: فالريب : يتميز بالخوف والكراهة ويستعمل بمعنى آخر وهو الحدث أو النائبة . والشك: أعم هذه الألفاظ وهو استواء الطرفين أو الاحتمالين دون ترجيح لأحدهما. أما المرية فتتميز بملمح الجدال والعناد..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             إنَّ الله لا يخلف الميعاد/ إنَّك لا تخلف الميعاد: قول الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}. وفى آخر السورة: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} الأول خبر من الله عز وجل بتحقُّق البعث والقيامة، والثاني في سياق السؤال والجزاء، فكان الخطاب فيه أدعَى إلى الحصول. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)

1-             قوله {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله} كان القياس فأخذناهم لكن لما عدل في الآية الأولى إلى قوله {إن الله لا يخلف الميعاد} عدل في هذه الآية أيضا لتكون الآيات على منهج واحد. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (كدأب آل فرعون) . قال هنا: (كذبوا بآياتنا) إلى قوله: (والله شديد العقاب) وفى أول الأنفال: (كفروا بآيات الله) الآية. وفي الثانية (كذبوا بآيات ربهم) الآية أما الكاف هنا: فترجع إلى قوله: (لن تغني عنهم أموالهم) الآية. كلم تغني عن آل فرعون من العذاب. أو معناه: دأبهم كدأب آل فرعون. وفى الأنفال يتعلق بقوله تعالى: (يضربون وجوههم) كدأب آل فرعون. والثانية فيها تعلق. بقوله: (حتى يغيروا ما بأنفسهم) كدأب آل فرعون، والله تعالى أعلم.
وأما قوله تعالى: (بآياتنا … والله شديد العقاب) لتجانس ما تقدم. قيل: وهو قوله: (إنك جامع الناس) ثم قال: (إن الله لا يخلف الميعاد) جاء بالظاهر بعد المضمر. وأما آية الأنفال الأولى: فلتناسب ما تقدمها من إبراز الظاهر في قوله: (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم) (وأن الله ليس بظلام للعبيد) فقال: (كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي) الآية. وأما الثانية: فجاءت بعد قوله تعالى: (لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم) الآية. أي: كذبوا بآيات من ربهم بنعمه عليهم التي لا تحصى. فلما ذكر نعمه التي رموا بها ناسب قوله: (بآيات ربهم) المنعم عليهم. وكرر ذلك في الأنفال مع قرب العهد: للتنبيه على عقاب الآخرة في الآية الأولى، وعلى عقاب الدنيا في الآية الثانية. (كشف المعاني )

3-              ما الفرق بين الآيات (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ  (11) آل عمران) و(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) الأنفال) و (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54) الأنفال)؟ما الفرق بين كذبوا بآياتنا وكفروا بآياتنا؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

لا شك أن الكفر أعمّ من التكذيب لأن التكذيب حالة من حالات الكفر. ننظر كيف يكون التعبير مع كذبوا وميف يكون التعبير مع كفروا ولما اختار هنا كذبوا وهنا كفروا؟ في آل عمران قال تعالى (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) آل عمران) وفي الأنفال قال (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) الأنفال) أكّد بـ (إنّ) وأضاف كلمة (قوي) لأنه لما كان الكفر أعمّ وأشدّ شدد وأكّد (إن الله قوي شديد العقاب) وهناك قال (والله شديد العقاب) فإن أولاً لما قال كفروا وكفروا أعمّ من كذبوا فعمم (إن الله قوي شديد العقاب) أكّد قوته وشدد عقابه ولو قال شديد العقاب في الآية الثانية لا تدل على أنه قوي فقد يكون شديد العقاب ولكن غير قوي.

في سورة الأنفال نفسها آية أخرى (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54) الأنفال) عرفنا كيف ختم الآية (والله شديد العقاب) (إن الله قوي شديد العقاب) لم اختار هنالك كذبوا وهنا كفروا وهنا في الأنفال كذبوا؟ نلاحظ قلنا أن الكفر أعمّ من التكذيب، ننظر في الآيات: ذكر في آل عمران حالة جزئية (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا (10) آل عمران) ذكر أمرين: الأموال والأولاد ولكن هل عدم الإغناء هذا فقط؟ هناك الأتباع، الآلهة، السلطان والله تعالى ذكر كثيراً من حالات الاستغناء (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ (21) إبراهيم) هذا غير الأولاد، (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29) الحاقة) السلطان، (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ (101) هود) الآلهة، (لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا (26) النجم) الشفعاء. إذن ذكر حالة جزئية فلما ذكر حالة جزئية ذكر حالة جئية من الكفر وهي التكذيب.

(وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) الأنفال) حالة عامة ليس فيها ذكر حالة جزئية. لما ذكر حالة جزئية وصفهم بحالة جزئية وهو التكذيب ولما ذكر حالة عامة ذكر بأمر عام وختم كل آية بما يناسبها. التكذيب جزء من الكفر بآيات الله. رب العالمين قال (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام) إذن الجحود غير التكذيب، هناك جحود وتكذيب وكفر. لا يكذب لكن يرى أن لله ولداً! هناك فرق. (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) حالة جزئية لأن حالات الكفر ليست محددة بهذه الجزئية. التكذيب من الكفر وهو حالة جزئية من الكفر.

هل يستقيم المعنى اللغوي السليم أن يأتي بجالة عامة ثم يأتي بالتكذيب؟ هذا ليس من اللغة وإنما من البلاغة. الأحمق العربي يتكلم كلاماً صحيحاً لكن ليست بليغاً. أي جملة على السياق النحوي صحيحة لكن هل هي بليغة؟ فرق أن يأتي بالكلام صحيحاً وبين هل هو بلاغة؟ هل هذا ما يقتضيه السياق والمقام؟ وجمال القرآن يكمن في هذه الأشياء وليس في النحو.

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ (13)

1- التأمل / التدبر/ الاعتبار/ التفكر: التأمل هو التثبت من الأمر ويكون بالنظر بالعين وهو مرتبط بالبدايات وتفاصيل الأمر. والتدبر هو أن يدبر الانسان أمره وهو مرتبط بالنهايات والعواقب , أما الاعتبار فهو مساواة شيء بشيء أو الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد الى ما ليس بمشاهد. وأما التفكر فهو أعم من ذلك فهو لا يقتصر على معرفة ما غاب وبطن قياسا على ما ظهر بل التفكر يكون في آيات الله وخلق السماوات والارض وخلق الانسان ، وفي قصص الاقوام السابقة وأحوالهم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)

1-الحب/ الود: إن لفظي “الحب ـ الود” بينهما تقارب دلالي؛ إذ يشتركان في بعض الملامح الدلالية، وهى الميل وتعلُّق القلب. ويختص الودّ بملمح: الشعور الخالص بالحب والإقبال، كما يختص الود بدلالته على التمني. ويختص الحب بملمح الدوام والثبات، واستعماله في معانٍ كثيرة لا يستعمل فيها الود، كالتعظيم والخضوع، كما يتميز الحبُّ بأنه يستعمل في الميل إلى الخير، ويستعمل في الميل إلى الشرِّ. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2– ما دلالة بناء الفعل زُين للمجهول؟ / اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

في القرآن خط تعبيري واضح أن ربنا سبحانه وتعالى لا يسند العيب لنفسه وإنما ينسب له الخير وذكرنا أمثلة كثيرة في القرآن (وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا (83) الإسراء) لم يقل مسسناه بالشر وإن كان الكل من عند الله سبحانه وتعالى لكن تأدباً (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ (14) آل عمران) لم يقل زين لهم بينما يذكر (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (7) الحجرات) (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) الصافات).

3- ما دلالة تقديم الأولاد على الأموال فى قوله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14}) سورة آل عمران؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

في مواطن الحُبّ يقدّم الأولاد على غيرهم وفي حبّ الشهوات قدّم النساء على باقي الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ{14}).

أما فى مواطن الالهاء كقوله تعالى فى سورة المنافقون (لاتلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) قدّم الأموال على الأولاد مع أنّ حُبّ الأولاد أكثر لكن الإلتهاء بالمال يكون أكثر لذا قدّم الأموال على الأولاد للتحذير.

4– (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ (14) آل عمران) لِمَ لم يقل زُيّن للرجال طالما ذكر في الآية (من النساء)؟ /اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

الآية (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)) عندما ذكر البنين هذا ألمح إلى رغبة النساء في ذلك، هن يحملن البنين ويرغبن فيه. إذن البنين ليست خاصة بالرجال، عندما ذكر البنين هذا إلماح وليس تصريح إلى رغبة النساء فيه لكن لم يشأ أن يخدش حياءها ولم يقل زُين للنساء حب الشهوات من الرجال، كلمة البنين فيها إشارة إلى معاشرة الرجال وإلا كيف يأتي الأولاد؟ بمعاشرة الرجال فلما قال البنين دخل فيه النساء تضميناً لا تصريحاً. الناس يحبون شهوة النساء والبنين والذهب والفضة، البنين يحبها الرجال والنساء إذن دخلت النساء في الآية تلميحاً وليس تصريحاً ولكن لم يصرِّح حتى لا يخدش حياءها ما قال زين للنساء حب الشهوات من الرجال، لما ذكر البنين دخل فيه النساء تلميحاً. لم يقل زُيّن للرجال حب الشهوات من النساء لأن الرجال يسعون في ذلك وينفقون في ذلك والناس هذه أعم لأن البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ليست خاصة بالرجال ولو قال الرجال فأين يذهب النساء؟ ألا يحبون القناطير المقنطرة؟! فعمم لكن دخل فيه النساء تلميحاً يعني حب النساء للرجال دخله تلميحاً بذكر البنين لأنه لا يحسن أن يذكر أن يحب النساء الرجال لكن الرجال ليس عندهم مانع يجهرون بذلك ويتحدثون بذلك ويسعون في هذا الأمر وينفقون المال في هذا الأمر فلا مانع أن يصرّح بهم في الآية لكن النساء في الغالب يتعففن عن ذكر ذلك لا يُحسن أن يقال فيهن ما يقال في الرجال لكن الآية شملت النساء أولاً دخلت تحت العموم في كلمة الناس وذكرها تلميحاً بحبِّ البنين والقناطير المقنطرة إذن دخلت النساء في الآية تلميحاً لكن لم يخدش حياءها وكلمة الناس تضم الجنسين الرجال والنساء.

قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)

1-             قوله {شهد الله أنه لا إله إلا هو} ثم كرر في هذه الآية فقال {لا إله إلا هو} لأن الأول جرى مجرى الشهادة وأعاده ليجري الثاني مجرى الحكم بصحة ما شهد به الشهود. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة) الآية. ما فائدة تكرير لفظ التوحيد؟ . أن الأول: منشهود به، والثاني: حكم بما تمت به الشهادة. فالأول: بمنزلة قيام البينة، والثانية: بمنزلة الحكم بذلك. (كشف المعاني )

3-             العدل/ القِسْط: كلا اللفظين يعني : الإنصاف والمساواة لكن القسط يختص بملمح دلالي مميز وهو ظهور هذا الانصاف وتلك المساواة ظهوراً بيناً، كأنما قٌدِّر الأمر بالميزان الذي توزن به الأشياء المادية .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-              ما الفرق بين القسط والعدل؟(د.فاضل السامرائى)

القسط يكون أولاً في الوزن وغيره وله معنيان العدل والحِصّة والنصيب ولذلك كلمة القسط تستعمل في القرآن في الوزن وفي غيره (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (42) المائدة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135) النساء) . أولاً لم يستعمل العدل مع الميزان مطلقاً في القرآن كله لم يستعمل إلا القسط لأن القسط هو الحصة والنصيب والغرض من الميزان أن يأخذ الإنسان نصيبه ولذلك لم ترد في القرآن كلمة العدل مع الوزن (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (152) الأنعام) ومن أسماء الميزان القسطاس (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (35) الإسراء) باعتبار يأخذ حقه. القسط عامة لكن مع الميزان لم تستعمل إلا كلمة القسط لأن من معاني القسط الحصة والنصيب والغرض من الميزان الحصة والنصيب. وللعلم كلمة يقوم لم ترد في القرآن مع العدل (قوامين بالقسط) فقط (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) الحديد) (وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ (127) النساء) (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ (18) آل عمران ) (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) الرحمن) (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (85) هود).

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)

1-             قوله تعالى {كل يجري لأجل مسمى} وفي سورة لقمان {إلى أجل} لا ثاني له لأنك تقول في الزمان جرى ليوم كذا وإلى يوم كذا والأكثر اللام كما في هذه السورة وسورة الملائكة 13 وكذلك في يس {تجري لمستقر لها} لأنه بمنزلة التاريخ تقول لبثت لثلاث بقين من الشهر وآتيك لخمس تبقى من الشهر وأما في لقمان فوافق ما قبلها وهو قوله {ومن يسلم وجهه إلى الله} والقياس لله كما في قوله {أسلمت وجهي لله} لكنه حمل على المعنى أي يقصد بطاعته إلى الله وكذلك {يجري إلى أجل مسمى} أي يجري إلى وقته المسمى له. ( أسرار التكرار )

2-              ما هو السلوك التركيبي للفعل يُسلم من حيث التعدّي واللزوم؟ هنا جاء الفعل يُسلم متعدياً بـحرف الجر (إلى) وفي مواطن أخرى في القرآن متعدياً بحرف الجر اللام (فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الحج) (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ (20) آل عمران) فما الفرق بين تعديه باللام وتعديه بإلى؟ / اللمسات البيانية(د.فاضل السامرائى)

أكثر ما ورد في القرآن متعدياً باللام ولم ترد بإلى إلا فقط في سورة لقمان (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ)، البقية باللام أو من دون حرف جر (وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا (14) الحجرات). ما الفرق بين أسلم إلى وأسلم لـ؟ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة) (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) غافر) ما الفرق بينهما في الدلالة؟ أسلم إليه معناه دفعه إليه، تسليم دفعه إليه أو فوّض أمره إليه هذ المشهور، من التوكل. أسلم بمعنى انقاد وخضع ومنها الإسلام الإنقياد. أسلم الشيء إليه أي دفعه إليه، أعطاه إليه بانقياد هذه أسلمه إليه أو فوض أمره إليه وهذا أشهر معنى لأسلم إليه. أسلم لله معناه انقاد له وجعل نفسه سالماً له أي خالصاً له، جعل نفسه لله خالصاً أخلص إليه. لما قالت ملكة سبأ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) انقدت له وخضعت وجعلت نفسي سالمة له خالصة ليس لأحد فيه شيء. وإبراهيم قال (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) أسلم له أي انقاد له وجعل نفسه خالصة له أما أسلم إليه معناها دفعه إليه لذا يقولون أسلم لله أعلى من أسلم إليه لأنه لم يجعل معه لأحد شيء، ومن يسلم وجهه إلى الله اختلفت الدلالة أسلم إليه أي فوّض أمره إليه يعني في الشدائد (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ (44) غافر) أو في الانقياد أما أسلم لله فجعل نفسه خالصاً ليس لأحد شيء. لذلك قال القدامى أسلم له أعلى من أسلم إليه لأنه إذا دفعه إليه قد يكون لم يصل لكن سلّم له اختصاص واللام للملك (أسلم لله) ملّك نفسه لله ولذلك قالوا هي أعلى.

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)

1-  قوله {ويقتلون النبيين بغير الحق} في هذه السورة وفي آل عمران {ويقتلون النبيين بغير حق} وفيها وفي النساء {وقتلهم الأنبياء بغير حق} لأن ما في البقرة إشارة إلى الحق الذي أذن الله أن تقتل النفس به وهو قوله {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} فكان الأولى أن يذكر معرفا لأنه من الله تعالى وما في آل عمران والنساء نكرة أي بغير حق في معتقدهم
ودينهم فكان هذا بالتنكير أولى وجمع النبيين جمع السلامة في البقرة لموافقة ما بعده من جمعى السلامة وهو {النبيين} {الصابئين} وكذلك في آل عمران {إن الذين} وناصرين ومعرضون بخلاف الأنبياء في السورتين . ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: قوله تعالى: (بغير الحق) .وقد قال في آل عمران: (بغير حق) فعرف هنا ونكر ذلك؟
جوابه: أن آية البقرة: نزلت في قدماء اليهود بدليل قوله تعالى: ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله.
والمراد ” بغير الحق ” الموجب للقتل عندهم، بل قتلوهم ظلما وعدوانا. وآيات آل عمران: في الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وسلم. بدليل قوله تعالى: (فبشرهم بعذاب أليم، وبقوله تعالى: إن الذين يكفرون بآيات الله ويقولون وبدليل قوله تعالى في الثانية: لن يضروكم إلي أذى –
الآية. لأنهم كانوا حرصاء على قتل النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولذلك سموه، ولكن الله تعالى. عصمه منهم فجاء منكرا ليكون أعم فتقوى الشناعة عليهم والتوبيخ لهم، لأن قوله تعالى: (بغبر حق) بمعنى قوله ظلما وعدوانا. وهذا هو جواب من قال: ما فائدة قوله: بغير الحق، أو: بغير حق والأنبياء لايقتلن إلا بغير حق. ( كشف المعاني )

3-  متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (واخشوني، واخشون)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذا التعبير له نظائر في القرآن (اتّبعني، إتبعنِ، كيدوني، كيدونِ، أخّرتني، أخرتنِ). أما إخشوني واخشونِ فوردت الأولى في سورة البقرة والثانية وردت في المائدة. عندما تحذّر أحدهم التحذير يكون بحسب الفِعلة قد تكون فِعلة شديدة. مثلاً لو أحدهم اغتاب آخر تقول له إتقِ ربك وقد يريد أن يقتل شخصاً فتقول له إتقي الله، فالتحذير يختلف بحسب الفعل إذا كان الفعل كبيراً يكون التحذير أشد. فعندما يُطهِر الياء يكون التحذير أشد في جميع القرآن عندما يُظهِر الياء يكون الأمر أكبر.

مثال آخر في غير التحذير (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف) بالياء (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران) بدون ياء. ننظر أي الذي يحتاج إلى اتّباع أكثر؟ الذي يدعو إلى الله على بصيرة أو مجرد أن يكون مسلماً فقط؟ لا شك أن الداعية ينبغي أن يكون متّبعاً أكثر في سلوكه وعمله لأنه داعية إلى الله ينبغي أن يكون مثلاً في سلوكه ومعرفته هذا يحتاج للياء (فاتبعوني). المتبعين ليسوا كالدعاة الذين يحتاجون لاتّباع أكثر لذا قال (ومن اتبعني) أما عموم المسلمين فلا يعرفون إلا القليل من الأحكام. إذن موطن الدعوة إلى الله على بصيرة تحتاج لمقدار اتّباع أكثر فقال (فاتبعوني) بالياء.

4-  في سورة البقرة (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61) البقرة) وفي آل عمران (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)) وفي آل عمران (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112))) فما اللمسة البيانية في الآيات؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

وردت في أكثر من آية وردت في البقرة (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) وفي آل عمران (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ) يعني هناك نبيين وأنبياء وتنكير الحق وتعريفه، وفي آية أخرى في آل عمران (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ). (الحق) المعرَّف المعرفة تدل على أنه كانوا يقتلون الأنبياء بغير الحق الذي يدعو إلى القتل، ما يدعو إلى القتل معلوم إذن هم يقتلونهم بغير الحق الذي يستوجب القتل إذن إذا كان أي واحد يقتل واحداً بغير الحق الذي يستوجب القتل كان ظالماً هذا (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) يعني بغير الأسباب الداعية إلى القتل. (بغير حق) أصلاً ليس هنالك ما يدعو إلى هذه الفعلة لا سبب يدعو إلى القتل ولا غيره من الأسباب، أحياناً واحد يقسوعل واحد بالكلام يقول له أنت سفيه فيقتله هذا بغير حق الذي يدعو للقتل قد يكون أثاره، حتى أحياناً تحصل عندنا مشادات إذن هذا بغير الحق الذي يستوجب القتل هذه (يقتلون النبيين بغير الحق) يعني ليس هنالك سبب يدعو إلى القتل، إعتداء هكذا فأيُّ الأسوأ؟ بغير حق أسوأ. هذا أمر

والأمر الآخر النبيين جمع مذكر سالم جمع قلة والأنبياء جمع كثرة إذن هم يقتلون كثرة من الأنبياء بغير حق، أيُّ الأسوأ؟ (يقتلون الأنبياء بغير حق) أسوأ من ناحيتين من ناحية الكثرة ومن ناحية بغير حق يقتلون كثيراً من الأنبياء بدون داعي.

وهناك أمر آخر هو عندما يذكر معاصي بني إسرائيل يذكر الأنبياء.

نقرأ سياق الآيتين (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61) البقرة) هذه آية البقرة.في آل عمران (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112)) هذه عامة، كرر (ضربت). في البقرة قال (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) جمعهما في كلام واحد بينما في آل عمران أكّد وكرر وعمم قال (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) ما قال المسكنة، ثم قال (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) ضربت مرة أخرى، كرر أعاد فصار تكرار وتعميم وتأكيد لأنهم فعلوا أسوأ فإذن استحقوا هذا الكلام التأكيد في ضرب الذلة والمسكنة. هل يجوز في البيان أن نضع واحدة مكان أخرى؟ لا يمكن. في آل عمران قال (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) هذه عامة هذه ليست في بني إسرائيل أما (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112)) هذه في بني إسرائيل تحديداً في بينما الآية الأخرى هذا حكم عام (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)) هذا حكم آخر ثم يتكلم عن الآخرة (أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (22)) أولئك كانت عقوبة الدنيا بينما هنا الحكم عام في الدنيا والآخرة، هذا فيمن قتل النبيين فما بالك بمن قتل الأنبياء؟! لو قال الأنبياء يعني لم يشمل النبيين فلما قال النبيين شمل الأنبياء فالذي قتل القلة هذا أمره فما بالك بمن قتل أكثر، هو قتل قلة بدون داعي فما بالك بمن قتل أكثر؟! كل واحدة مناسبة في مكانها. الألف واللام في اللغة ربما تحول الدلالة بغير حق وبغير الحق وجمع الكثرة وجمع القلة، جمع المذكر السالم وجمع التكسير. جمع التكسير فيه جمع قلة وجمع كثرة، جمع التكسير أفعُل أفعال أفعِلة فُعلة جموع قلة وما عداها جمع كثرة 23 وزن جموع كثرة.

يمكن قراءة ما جاء حول هذا الموضوع في كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل في موضوع التشابه والاختلاف

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)

1- أنصار/ ناصرون: صيغة “أنصار” جمع نصير، نحو شريف وأشراف. فهو جمع لصيغة المبالغة الدالة على ثبوت الصفة مع المبالغة فيها؛ ولذا أُطلِق على أهل المدينة ممن نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه. وصيغة “ناصرين” جمع مذكر سالم مفرده “ناصر”، ويدل على مجرد إثبات الصفة دون مبالغة فيها؛ ولذلك جاء في أكثر سياقاته لنفى النصرة عن الظالمين، فنفى عنهم مجرد النصر .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)

1- صَدَّ/صَدَفَ/ أعرض/تولَّى: تشترك جميع هذه الألفاظ في معنى عام هو البعد والترك ، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه عن غيره .فالصد: يتميز بدلالته عن صرف الغير ومنعه. والصدف أو ( الصدوف): يتميز بملمح الشدة والنفور. و(الإعراض):قد لا يكون في الشر ، فقد يكون المعرض تاركاً للشر ومجانباً له. و(التولي ) : كالإعراض إلا أن فيه ملمح التباعد ، فهو أشد من الإعراض . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) وفى آل ” عمران:، معدودات. ومعدودة: جمع كثرة، ومعدودات: جمع قلة؟ جوابه: أن قائلي ذلك من اليهود فرقتان: إحداهما قالت: إنما نعذب بالنار سبعة أيام، وهي عدد أيام . الدنيا. وقالت فرقة: إنما نعذب أربعين يوما، وهي أيام عبادتهم العجل. فآية البقرة يحتمل قصد الفرقة الثانية، وآية آل عمران
يحتمل قصد الفرقة الأولى.
( كشف المعاني )

2-             خَدَعَ / غَرَّ: إن لفظي “الخداع ـ الغرور” بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنهما يشتركان في معنى عام هو الوقوع في الشر، ويختص كل منهما بملمح دلالي يميزه عن الآخر: فالخداع يعتمد على ذكاء المخادع. والغرور يعتمد على غفلة المغرور ونقص فطنته .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25)

ما الفرق بين (ماعملت) و (ماكسبت)؟(د.فاضل السامرائى)

الآيتان هما (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)) قال وتوفى كل نفس ما عملت وفي آيات أخرى قال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة) وآل عمران (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (25)). في آية النحل قال ماعملت. في سياق الأموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت). في آل عمران (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (161) آل عمران) الغل هو الأخذ من المغنم قبل اقتسام الغنائم، وهو متعلق بالأموال والكسب فقال(ما كسبت)، في البقرة في سياق الأموال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة) وقبلها أمور مادية من ترك الربا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) البقرة) الربا كسب حرام، آية المعسِر (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (280))، آية الدين ((282) البقرة) في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110) النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عمل. الكسب منوط بالمال في الغالب ولهذا يقول تعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ (134) البقرة) جعلها كالأموال وككسب الإنسان.

قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)

1-  ما الفرق بين مِلك بكسر الميم ومُلك بضم الميم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هناك فرق بين مُلك ومِلك، المُلك الحُكم فرعون قال (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ (51) الزخرف) يعني الحكم وليس مملوكة له. والمِلك من التملّك فصاحب المُلك مَلِك وصاحب المِلك مالك في الفاتحة نقول ملك يوم الدين ومالك يوم الدين لأنه تعالى الملك والمالك. لما يقول (ملك السموات والأرض) يعني هو الحاكم ولما يقول (له ما في السموات والأرض) هذا التملك مملوكة له. فإذن في مجموعة هذه الآيات أنه هو المالك وهو الملك، كل آية لا تدل على الأخرى (له ما في السموات) من التملك فهو ملكهما ومالكهما كما قال تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ (26) آل عمران) المُلك هو مِلكه (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء) بيده التصرف فهي ملكه. في الفاتحة هنالك قراءتان متواتران ملك يوم الدين ومالك يوم الدين، الآية نزلت مرتين مرة ملك يوم الدين ومرة مالك يوم الدين وهي قراءات نزل بها جبريل وأقرها رسول الله بأمر من ربه. هناك عشر قراءات متواترة عن الرسول أقرها الرسول بأمر من ربه.

تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)

1-             قوله {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} في هذه السورة وفي آل عمران {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} وكذلك في الروم 19 ويونس 31 {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} لأن ما في هذه السورة وقعت بين أسماء الفاعلين وهو {فالق الحب والنوى} {فالق الإصباح وجعل الليل سكنا} واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه فيدخله الألف واللام والتنوين والجر وغير ذلك ويشبه الفعل من وجه فيعمل عمل الفعل ولا يثنى ولا يجمع إذا عمل وغير ذلك ولهذا جاز العطف عليه بالفعل نحو قوله {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا} وجاز عطفه على الفعل نحو قوله {سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فلما وقع بينهما ذكر {يخرج الحي من الميت} لفظ الفعل { ومخرج الميت من الحي} بلفظ الاسم عملا بالشبهين وأخر لفظ الاسم لأن الواقع بعده اسمان والمتقدم اسم واحد بخلاف ما في آل عمران لأن ما قبله وما بعده أفعال فتأمل فيه فإنه من معجزات القرآن . ( أسرار التكرار )

2-              *(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) آل عمران) ما اللمسات البيانية في الآيتين؟ وفي الآية (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)) هل هناك رابط بين الآيتين لأنهما ختمتا بنفس الخاتمة؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

تكلمنا في حلقة قديمة عن قوله تعالى (يرزق من يشاء بغير حساب) ذكرنا في حينها أن ربنا لا يُسأل عما يفعل ولا أحد يحاسبه يرزق من يشاء من دون أن يحاسبه أحد، هذا أمر  ثم إنه لا يحاسب المرزوق لا يرزق على قدر الطاعة (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) الإسراء) ثم لا يخشى أن تنفذ خزائنه، بغير حساب يعطي كيفما تقتضي الحكمة بينما الناس والحكومات كلها تنظر إلى الخظينة والموازنة ولو أنها ترى أن هذا ينبغي لكن ربما ليس عندها ما تنفق عليه لكن ربنا تعالى يعطي بما تقتضي حكمته لا يخشى أن تنفذ الخزائن. ثم أحياناً العبد لا يعلم من أين يأتي الرزق (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) الطلاق) لا يحسب لذلك حساباً قد يأتيه الرزق من غير أن يعلم كيف وصله الرزق. وبالنسبة إلى مريم هو تطبيق لهذه القاعدة العامة تلك حالة عامة وهذه حالة فردية تطبيق على الواقع أن الله تعالى يرزق من غير حساب أن يأتي الرزق من غير السبل المعروفة (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا) إذن من غير السبل المعروفة (إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)) هذه تطبيق على ما ذكر.

3-              ما اللمسة اليانية في استخدام فعل (يخرج) وليس الصيغة الاسمية كما فى سورة الأنعام؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قاعدة نحوية: الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد. وهذه الآية تدخل في هذه القاعدة.

فى سورة الأنعام قال تعالى (إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)) و (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)) أبرز صفات الحيّ الحركة والتجديد (من الحياة) وقد قال تعالى مع الحيّ (يُخرج الحي من الميت) جاء بالصيغة الفعلية التي تدل على الحركة. ومن صفات الميّت هو السكون لذا جاء بالصيغة الإسمية مع ما تقتضيه من السكون.

وكلمة (يُخرج) لا تأتي دائماً مع الحركة وإنما تأتي حسب سياق الآيات كما في سورة آل عمران (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {27}) لأن سياق الآيات كلها في التغييرات والتبديلات والأحداث التي تتجدد (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {26})(إيتاء الملك ونزعه، تعز من تشاء وتذل من تشاء، تولج الليل وتولج النهار) كلها في التغيرات وليست في الثبات وهذا ما يُعرف بمطابقة الكلام لمقتضى الحال.

لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)

1-             قوله {ويحذركم الله نفسه} كرره مرتين لأنه وعيد عطف عليه وعيد آخر في الآية الأولى فإن قوله {وإلى الله المصير} معناه مصيركم إلى الله والعذاب معد لديه فاستدركه في الآية الثانية بوعد وهو قوله تعالى {والله رؤوف بالعباد} والرأفة أشد من الرحمة وقيل من رأفته تحذيره. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ويحذركم الله نفسه) . ما فائدة تكراره؟ . جوابه: أن الأول في سياق الوعيد لقوله: (فليس من الله في شيء) . والثاني: في سياق حذر التفويخا للخبر، ولذلك خصه بقوله: (والله رءوف بالعباد) . (كشف المعاني )

قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)

1-  ما دلالة تقديم وتأخير كلمة (تخفوا) في آية سورة البقرة وسورة آل عمران؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284}) وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {29}). المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)

1-             قوله {ويحذركم الله نفسه} كرره مرتين لأنه وعيد عطف عليه وعيد آخر في الآية الأولى فإن قوله {وإلى الله المصير} معناه مصيركم إلى الله والعذاب معد لديه فاستدركه في الآية الثانية بوعد وهو قوله تعالى {والله رؤوف بالعباد} والرأفة أشد من الرحمة وقيل من رأفته تحذيره. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ويحذركم الله نفسه) . ما فائدة تكراره؟ . جوابه: أن الأول في سياق الوعيد لقوله: (فليس من الله في شيء) . والثاني: في سياق حذر التفويخا للخبر، ولذلك خصه بقوله: (والله رءوف بالعباد) . (كشف المعاني )

3-             صُنْع/ عَمَل: إن العمل عام يشمل: الخير والشرَّ. وأنه قد لا يحتاج إلى الإتقان والمهارة، وكل ما هناك أن العمل فعلٌ مقصود من فاعله كما نقلنا عن الراغب. أمَّا آية “سبأ” فيما يتعلق بالجن، فقد جاءت كلمة {يَعْمَلُونَ} بدلًا من “يصنعون” على الرغم مما تحتاج إليه هذه الأشياء من مهارة وإحكام وإتقان؛ لبيان أن هذا شيء سهلٌ على الجن فهم “يعملونه” بيُسر وبساطة، كما تُعْمَل الأشياء التي لا تحتاج إلى إحكام ومهارة وإتقان، ولعل المراد بيان أنهم ممتهنون بالعَمَل، فهم يقومون بهذه العجائب على وجه التسخير والامتهان، لا لأنهم صَنَعةٌ مهرة، والله أعلم بمراده. أما الصنع فيتميز بالمهارة والإتقان سواء أكان خيرًا أم شرًا. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)

1-             قوله {قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر} قدم في هذه السورة ذكر الكبر وأخر ذكر المرأة وقال في سورة مريم {وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا} فقدم ذكر المرأة لأن في مريم قد تقدم ذكر الكبر في قوله {وهن العظم مني} وتأخر ذكر المرأة في قوله {وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا} ثم أعاد ذكرها فأخر ذكر الكبر ليوافق {عتيا} ما بعده من الآيات وهي {سويا} و {عشيا} و {صبيا}. ( أسرار التكرار )

2- يغفر لكم ذنوبكم / يغفر لكم من ذنوبكم: هناك ثلاثة مواضع في القرآن الكريم خوطب بها الكافرون بشأن غفران ذنوبهم، “مِن” في هذه الآيات مستعملة للدلالة على التبعيض؛ لأن الخطاب للكفار، فلم يُسَوِّ القرآن بينهم وبين المؤمنين، وإنما خاطب المؤمنين في شأن غفران الذنوب فلم تستعمل “مِن” كما في قول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا) ثم قال: (وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) ؟ . جوابه: أن الأولين: جميع الأنبياء والرسل من نسلهم. وآل إبراهيم: إما نفسه، أو من تبع ملته. وآل عمران: موسى وهارون، ولم يكن عمران نبيا. (كشف المعاني )

2-              ما الفرق بين اصطفى واختار؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

3-              الإختيار هو أن تختار من غير متشابهات كأن أختار قلماً من بين ورقة وكتاب وقلم (وربك يخلق ما يشاء ويختار). أما الإصطفاء فهو أن أختار من بين أشياء متناظرة متشابهة (إن الله اصطفى آدم) اصطفاه من متناظرين.

ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)

1- ابْتَهَلَ / دَعا : كلا اللفظين  يشتركان في معنى الطلب والسؤال ، إلا أن الابتهال خاص باجتماع القوم يدعون على الظالم أو الكاذب من الفريقين . بينما الدعاء عام في عدة معاني هي: (  التسمية – السؤال- الحث على قصد الشيء – الاستجابة)  . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق التعبيري والبياني بين قصة زكريا عليه السلام في سورتي مريم وآل عمران ولماذ جاء في إحداها ثلاث ليال وفي الأخرى ثلاثة أيام؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

إذا استعرضنا الآيات في كلتا السورتين نجد فروقات منها: ثلاث ليال وثلاثة أيام، وسبحوا بكرة وعشيا (نكرة) واذكر اسم ربك وسبح بالعشي والإبكار (معرّفة)، وتقديم مانع الذرية من جهة زكريا على جهة زوجته في آية وتأخيرها في الثانية، وذكر الكبر مرة أنه بلغه ومرة أن زكريا بلغه، وتقديم العشي على الإبكار مرة وتأخيرها مرة، وطلب الله تعالى من زكريا التسبيح له مرة وطلب زكريا من قومه التسبيح لله، وسياق الآيات في السورتين يدل على أمور أخرى، وهنالك أكثر من مسألة تجعل المشهدين متقابلين تقابل الليل والنهار وسنستعرض كل منها على حدة فيما سيتقدم:

قال تعالى في سورة مريم (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا {2} إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً {3} قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً {4} وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً {5} يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً {6} يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً {7} قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً {8} قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً {9} قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً {10} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً {11}) وقال في سورة آل عمران (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ {39} قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ {40} قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ {41})

الفرق بين ليال وأيام: اليوم هو من طلوع الشمس إلى غروبها (باختلاف المفهوم المستحدث السائد أن اليوم يشكل الليل والنهار)، أما اليلل هو من غروب الشمس إلى بزوغ الفجر. وقد فرّق بينها القرآن في قوله تعالى في سورة الحاقة (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ {7}) وهذا هو التعبير الأصلي للغة. وفي آية سورة آل عمران لا يستطيع زكريا أن يكلّم الناس ثلاث أيام بلياليهن لكن جعل قسم منها في سورة آل عمران وقسم في سورة مريم.

هناك مقدمات للقصة جعله يختار الليل في سورة مريم وهي:

النداء الخفي (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً {3}) هذا النداء الخفي يذكّر بالليل لأن خفاء النداء يوحي بخفاء الليل فهناك تناسب بين الخفاء والليل.

ذكر ضعفه وبلوغ الضعف الشديد مع الليل (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) وكلمة عتيّا تعني التعب الشديد وقد ذكر في آيات سورة مريم مظاهر الشيخوخة كلها مع الليل مل لم يذكره في آل عمران لأن الشيخوخة تقابل الليل وما فيه من فضاء وسكون والتعب الشديد يظهر على الإنسان عندما يخلد للراحة في الليل، أما الشباب فيقابل النهار بما فيه من حركة.

ويذكر في سورة مريم (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) يعني بعد الموت والموت عو عبارة عن ليل طويل ولم يذكر هذا الأمر في آل عمران.

والآن نأتي إلى صلب الموضوع:

      هناك أمر أساسي لو نظرنا في ورود الآيتين في السورتين نجد أن البشارة بيحيى في سورة آل عمران (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ) أكبر وأعظم مما جاء في سورة مريم (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً {7}) كان التفصيل بالصفات الكاملة في آل عمران ليحيى أكثر منها في سورة مريم وهذه البشارة لها أثرها بكل ما يتعلق بباقي النقاط في الآيتين.

      ومما لا شك فيه أن عِظم البشارة يقتضي عظم الشكر لذا قال في آل عمران (آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً) وفي مريم (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً) فاليوم أبين من الليل بلإظهار هذه الآية والذكر في الليل أقل منه في النهار والآية أظهر وأبين في النهار من الليل.

      طلب الله تعالى من زكريا ذكر ربه والتسبيح في آل عمران (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)، وفي مريم زكريا هو الذي طلب من قومه أن يسبحوا الله بكرة وعشيا (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) وتسبيح زكريا أدلّ على شكره لله تعالى من تسبيح قوم زكريا.

      طلب الله تعالى من زكريا أن يذكره كثيرا (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً) وهذا مناسب لعِظم البشارة وطلب منه الجمع بين الذكر الكثير والتسبيح (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار) أما في مريم فقال تعالى على لسان زكريا مخاطباً قومه (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً). إذن في آية آل عمران ذكر وتسبيح كثير ويوقم به زكريا نفسه وهو أدلّ على عِظم الشكر لله تعالى.

      زكريا قدّم مانع الذرية في آل عمران من جهته على جهة زوجته (قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ {40}) وهذا ناسب أمره هو بالذكر والتسبيح، أما في مريم فقدّم مانع الذرية من زوجته على الموانع فيه (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً {8}) وهذا ناسب الأمر لغيره بالتسبيح

      وفي آل عمران قال (وَامْرَأَتِي عَاقِر) أما في سورة مريم فقال (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً) ونسأل ما الداعي لتقديم المانع في كل سورة على الشكل الذي ورد في السورتين؟ نقول أن العقر إما أن يكون في حال الشباب أو أنه حدث عند الكبر أي انقطع حملها وفي آل عمران (وامرأتي عاقر) يحتمل أنه لم تكن عاقراً قبل ذلك هذا من حيث اللغة، أما في سورة مريم (وكانت امرأتي عاقرا) تفيد أنها كانت عاقراً منذ شبابها فقدّم ما هو أغرب. والعقيم في اللغة هي التي لا تلد مطلقاً.

      البشارة جاءت في آية آل عمران لزكريا وهو قائم يصلي في المحراب (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى) ولم ترد في آيو سورة مريم فلم يذكر فيها أنه كان قائماً يصلي في المحراب وإنما وردت أنه خرج من المحراب (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ) فذكر في آل عمران الوضعية التي تناسب عِظم البشارة.

      قدّم العشي على الإبكار في آية سورة آل عمران (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار) على خلاف آية سورة مريم (بُكْرَةً وَعَشِيّاً). لمّا ذكر الليل في سورة مريم (ثلاث ليال) قدّم بكرة على عشيا (ان سبحوا بكرة وعشيا) لأن البكرة وقتها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس والعشي وقتها من صلاة الظهر إلى المغرب فعندما ذكر الليل ناسب ذكر البكرة لأنها تأتي مباشرة بعد الليل ثم تأتي العشية ولو قال عشياً أولاً لكانت ذهبت فترة بكرة بدون تسبيح. أما في آل عمران (ثلاثة أيام) وجب تقديم العشي على الإبكار ولو قال بكرة وعشيا لذهبت البكرة والعشي بدون تسبيح فقدّم ما هو أدلّ على الشكر في الآيتين.

      لماذا جاءت بكرة وعشيا نكرة في سورة مريم ومعرفة في آل عمران (بالعشي والإبكار)؟ ال تفيد العموم لا الخصوص والمقصود بـ (العشي والإبكار) على الدوام وهي أدلّ على الدوام عظم الشكر لذا ناسب مجيئها في آية آل عمران لتناسب عظم البشارة وما تستوجبه من عظم الشكر.

   ونسأل لماذا لم يقل صباحاً ومساء؟ لأن الصباح والمساء يكون في يوم بعينه.

   وذكر في آل عمران أن الكِبر بلغه (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) فكأن الكبر يسير وراءه حثيثاً حتى بلغه فالكِبر هنا هو الفاعل، أما في سورة مريم (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً) فكأنه هو الذي بلغ الكِبر وهذا يدل على اختلاف التعبير بين السورتين.

فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (39)

1-  ما سبب التذكير مرة والتأنيث مرة مع الملائكة في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة ص (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {73}) بالتذكير، وفي سورة آل عمران (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ {39}) جاءت الملائكة بالتأنيث.

الحكم النحوي: يمكن أن يؤنّث الفعل أو يُذكّر إذا كان الجمع جمع تكسير كما في قوله تعالى (قالت الأعراب آمنا) و(قالت نسوة في المدينة) فيجوز التذكير والتأنيث من حيث الحكم النحوي.

اللمسة البيانية: أما لماذا اختار الله تعالى التأنيث في موطن والتذكير في موطن آخر فهو لأن في الآيات خطوط تعبيرية هي التي تحدد تأنيث وتذكير الفعل مع الملائكة. وهذه الخطوط هي:

1.      في القرآن الكريم كله كل فعل أمر يصدر إلى الملائكة يكون بالتذكير (اسجدوا، أنبئوني، فقعوا له ساجدين)

2.      كل فعل يقع بعد ذكر الملائكة يأتي بالتذكير أيضاً كما في قوله تعالى (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) و(الملائكة يشهدون) (الملائكة يسبحون بحمد ربهم)

3.      كل وصف إسمي للملائكة يأتي بالتذكير (الملائكة المقرّبون) (الملائكة باسطوا أيديهم) (مسوّمين، مردفين، منزلين)

4.      كل فعل عبادة يأتي بالتذكير (فسجد الملائكة كلهم أجمعين) (لا يعصون الله ما أمرهم) لأن المذكر في العبادة أكمل من عبادة الأنثى ولذلك جاء الرسل كلهم رجالاً.

5.      كل أمر فيه شِدّة وقوة حتى لو كان عذابين أحدهما أشدّ من الآخر فالأشدّ يأتي بالتذكير (ولو ترى إذا يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) (يتوفى) جاءت بالتذكير لأن العذاب أشد (وذوقوا عذاب الحريق) أما في قوله تعالى (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) (تتوفاهم) جاءت بالتأنيث لأن العذاب أخفّ من الآية السابقة. وكذلك في قوله تعالى (ونزّل الملائكة تنزيلا) بالتذكير وقوله تعالى (تتنزّل عليهم الملائكة) بالتأنيث وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر) بالتأنيث.

6.      لم تأت بشرى بصيغة التذكير أبداً في القرآن الكريم فكل بشارة في القرآن الكريم تأتي بصيغة التأنيث كما في قوله تعالى (فنادته الملائكة) و(قالت الملائكة)

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر) وفى مريم: قدم ذكر المرأة؟ . جوابه: لتناسب رؤوس الآية في مريم بقوله: عتيا، وعشيا، وجنيا. وأيضا: لما قدمه بقوله: (وهن العظم مني) و (كانت امرأتي عاقرا) أخره ثانيا تفننا في الفصاحة. (كشف المعاني )

قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41) وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)

1- الإخبات/ الخشوع / الخضوع/ التضرُّع / القنوت: تشترك جميعها في معنى الامتثال لأوامر الله ، وينفرد كلٌّ منها بملمح فارق على النحو التالي: حيث ينفرد الأخبات بملمح الخفاء. وينفرد الخشوع بظهور أثر ذلك في الصوت والبصر. وينفرد الخضوع بظهور أثر ذلك في البدن كله. وينفرد التضرُّع بملمح التذلُّل. وينفرد القنوت بملمح الطاعة والاستقامة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45)

1-  ما الفرق بين كلمة ولد وغلام واستخدام الفعل يفعل ويخلق في قصتي زكريا ومريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة آل عمران (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)) في تبشير زكريا بيحيى .

وقال تعالى في سورة آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)) في تبشير مريم بعيسى .

*وإذا سألنا أيهما أيسر أن يفعل أوأن يخلق؟ الجواب أن يفعل ونسأل أحدهم لم تقعل هذا فيقول أنا أفعل ما أشاء لكن لا يقول أنا أخلق ما أشاء. فالفعل أيسرمن الخلق .

*ثم نسأل سؤالاً آخر أيهما أسهل الإيجاد من أبوين أو الإيجاد من أم بلا أبّ؟ يكون الجواب بالتأكيد الإيجاد من أبوين وعليه جعل تعالى الفعل الأيسر (يفعل) مع الأمر الأيسر وهو الإيجاد من أبوين، وجعل الفعل الأصعب (يخلق) مع الأمر الأصعب وهو الإيجاد من أم بلا أبّ.

أما ما يتعلق باستخدام كلمة ولد أو غلام: إن الله تعالى لمّا بشّر زكريا بيحيى قال تعالى (أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى (39)) فكان ردّ زكريا (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ (40)) لأن البشارة جاءت بيحيى ويحيى غلام فكان الجواب باستخدام كلمة غلام. أما لمّا بشرمريم بعيسى قال تعالى (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (45)) فجاء ردّها (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ (47))جاء في الآية (كلمة منه) والكلمة أعمّ من الغلام ولمّا كان التبشير باستخدام (كلمة منه) جاء الردّ بكلمة ولد لأن الولد يُطلق على الذكر والأنثى وعلى المفرد والجمع وقد ورد في القرآن استخدامها في موضع الجمع (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) الكهف).

2- ما اللمسة البيانية في ذكر عيسى مرة والمسيح مرة وابن مريم مرة في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

لو عملنا مسحاً في القرآن الكريم كله عن عيسى نجد أنه يُذكر على إحدى هذه الصيغ:

     المسيح: ويدخل فيها المسيح ، المسيح عيسى ابن مريم، المسيح ابن مريم (لقبه)

     عيسى ويدخل فيها: عيسى ابن مريم وعيسى (إسمه)

     ابن مريم (كُنيته)

حيث ورد المسيح في كل السور سواء وحده أو المسيح عيسى ابن مريم أو المسيح ابن مريم لم يكن في سياق ذكر الرسالة وإيتاء البيّنات أبدأً ولم ترد في التكليف وإنما تأتي في مقام الثناء أو تصحيح العقيدة. (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) آل عمران) (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء) (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة) وكذلك ابن مريم لم تأتي مطلقاً بالتكليف (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) المؤمنون) (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) الزخرف).

أما عيسى في كل أشكالها فهذا لفظ عام يأتي للتكليف والنداء والثناء فهو عام (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) المائدة) (ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مريم) ولا نجد في القرآن كله آتيناه البينات إلا مع لفظ (عيسى) (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) الزخرف) ولم يأت أبداً مع ابن مريم ولا المسيح. إذن فالتكليف يأتي بلفظ عيسى أو الثناء أيضاً وكلمة عيسى عامة (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) المائدة) فالمسيح ليس اسماً ولكنه لقب وعيسى اسم أي يسوع وابن مريم كنيته واللقب في العربية يأتي للمدح أو الذم والمسيح معناها المبارك. والتكليف جاء باسمه (عيسى) وليس بلقبه ولا كُنيته.

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)

1-             قوله {قالت رب أنى يكون لي ولد} وفي مريم {قال رب أنى يكون لي غلام} لأن في هذه السورة تقدم ذكر المسيح وهو ولدها وفي مريم تقدم ذكر الغلام حيث قال {لأهب لك غلاما زكيا}.( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (قالت رب أنى يكون لي ولد) وفي مريم، (أنى يكون لي غلام) ؟ . جوابه: لتقدم قوله في مريم (لأهب لك غلاما زكيا) (كشف المعاني )

3-             الأنام / البشر / الناس: ألفاظ متقاربة دلالياً لاشتراكها في معنى المخلوق الحي . واختص كل منها بملمح دلالي مميز, ,فالأنام يشمل الإنس والجن . والبشر يختص بالإنسان ولكن باعتبار ظهوره، ولذل استعمل في سياقات دالة على القدرة والإعجاز في تخليق بشر ظاهر الهيئة من الماء أو الطين . والناس ام عام لبي آدم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             صبى/ غلام/ فتى/ ولد: إن الألفاظ (صبى- غلام- فتى- ولد) بينهما تقارب دلالي ، حيث تشترك جميعها في معنى حداثة السن. ولكن حداثة السن تتدرج : فالصبي : من لحظة الولادة الى الفطام. والغلام من عامين الى سبعة عشر عاماً .والشاب: الذي بلغ مبلغ الرجال. أما الولد فيطلق على الولد صغيراً كان أم كبيراً، إذ كل مولود ولد ،وذلك بالقياس الى والديه . ولا يراد به في القرآن الكريم تحديد السن، بل علاقة القرابة والنسب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5-              في سورة آل عمران قال تعالى (كذلكِ الله يخلق ما يشاء) وقال في آية أخرى (كذلكَ الله يفعل ما يشاء) فلماذا جاءت (كذلكِ) الأولى بالكسر؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى )

كذلك هو في الأصل لمخاطبة المذكر وقد تستعمل عامة لكن الأصل أن يقال ذلكَ بفتح الكاف للمخاطب المذكر وذلكِ للمخاطبة وذلكما للمثنى وذلكنّ لجمع المؤنث وذلكم لجمع المذكر.قال الشاعر (قد ظفرت بذلكِ) يخاطب المرأة. ذا إسم الإشارة للمشار إليه والكاف للمخاطب، ذلكَ المخاطب رجل وذلكِ المخاطب أنثى وليس له علاقة بالمشار إليه نفسه. (فذلكن الذي لمتنني فيه) في سورة يوسف المخاطب جمع النسوة، ذا إسم الإشارة ليوسف و (لكنّ) لمجموعة النسوة، (فذانك برهانان من ربك). أسماء الإشارة هي التي تتغير أما الكاف فهي للمخاطب (أولئكَ رجال) المخاطب واحد. قد تستعمل الكاف المفتوحة للجمع لكن إذا أراد أن يخصص يستعمل الكاف المفتوحة للمخاطب المفرد وذلكِ للمخاطبة المفردة وليس لها علاقة بالمشار إليه.

6-              في سورة الصف قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ (14)) وفي آل عمران تكررت الآية (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)) عيسى ينسب النصرة إليه وهم يقولون نحن أنصار الله مباشرة فما دلالة هذا؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً ما معنى (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ)؟ هذا التعبير يحتمل معنيين الأول أنا أنصر الله (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ (7) محمد) ينصر دينكم، فمن يكون معي في نصرة دين الله؟ أنا أنصر حتى أنتهي إلى الله، حتى أفضي إلى ربي حتى نصل إلى ربنا. فمن يكون معي في نصرة الله (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ)؟ أنا أنصر الله أنصر دينه فمن يكون معي في ذلك؟ هذا شكل والشكل الثاني إن الله ينصرني في هذا الأمر فمن يكون معي في نصرة الله إياي؟ ينصرني يعني يؤيدني فمن يكون معي في هذا الأمر؟ وهذه يعبر عنها بـ (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) يعني أنا سأفعل وينصرني الله بشكل ما فمن يكون معي في ذلك؟، أنا أنصره وهو ينصرني فمن يكون معي؟ هذا السؤال يحتمل المعنيين وقد ذكرهما المفسرون والآية تستوعب المعنيين.

ومن ينصر دين الله ينصره الله هي متلازمة وفي الحالتين يجمعهما قوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) ولذلك الأمران مطلوبان والمعنيين ذكرهما المفسرون لأن (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) فيها المعنيين من يكون نصيراً معي لدين الله والله ينصره؟ نصر الله له صور كثيرة وليس له صورة واحدة، التثبيت هو نوع من النصر وكون الإنسان ثابتاً على دينه والفتنة لا تضره هذا نصر. إذن هذان المعنيان هما مما يجمعهما قوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ). يبقى السؤال لماذا قال نحن أنصار الله؟ ولم يقل نحن أنصارك إلى الله؟ هم للإعلام بأنهم سينصرونه وإن لم يكن معهم حتى لو مات أو قتل لأنهم لو قالوا نحن أنصارك إلى الله سيتعلق التصر بوجوده إذا كان معهم (أنصارك) فإذا أفضى انفضوا، نحن أنصارك انتهى ما بينهما، نحن أنصار فلان فإذا ذهب انتهى الأمر. قالوا (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ) يعني سنكون سواء كنت معنا أو لم تكن معنا على الإطلاق. لو قالوا نحن أنصارك إلى الله معناه أن النصرة ستنقطع بعد ذهابه لكن لما قالوا نحن أنصار الله النصرة لا تنقطع حتى بعد ذهابه. حتى هو لم يقل من أنصار الله؟ وإنما قال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) لأنه لو قال من أنصار الله؟ لادّعى كل واحد أنه أنصار الله وحتى اليهود تقول نحن أنصاره. إذن هو يريد نصرة الله عن طريق الدين الذي جاء به فهو مكلف ورسول ولم يرد أن يعمم السؤال وإلا لقال كل واحد نحن أنصار الله من وجهة نظرهم. إذن السؤال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) ولم يقل من أنصار الله؟ السؤال فيه نظر والإجابة فيها نظر أيضاً. والإجابة (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ) لم يقولوا نحن أنصارك يعني هو ما يسأل من أنصار الله؟ لأنه سيجيب كثيرون وسيدّعون أنهم أنصار الله وإن لم يكونوا من أتباعه. الكل أنصار الله والإجابة لم تكن نحن أنصارك إلى الله حتى لا تكون متعلقة به وإنما بالله مباشرة حتى لو ذهب وهذا يعلم صدقهم من خلال هذا الكلام فهم فعلاً صادقون ولم يربطوا الإجابة به شخصياً وإنما بأصل الرسالة وأصل الدعوة.

وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48)

وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ (49)

1-  قوله {فأنفخ فيه} وفي المائدة {فتنفخ فيها} قيل الضمير في هذه السورة يعود إلى الطير وقيل إلى الطين وقيل إلى المهيأ وقيل إلى الكاف فإنه في معنى مثل وفي المائدة يعود إلى الهيئة وهذا جواب التذكير والتأنيث لا جواب التخصيص وإنما الكلام وقع في التخصيص وهل يجوز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أم لا فالجواب أن يقال في هذه السورة إخبار قبل الفعل فوحده وفي المائدة خطاب من الله تعالى له يوم القيامة وقد تقدم من عيسى عليه السلام الفعل مرات والطير صالح للواحد وصالح للجميع. ( أسرار التكرار )

2-  قوله {بإذن الله} ذكر في هذه الآية مرتين وقال في المائدة {بإذني} أربع مرات لأن ما في هذه السورة كلام عيسى فما يتصور أن يكون من فعل البشر أضافه إلى نفسه وهو الخلق الذي معناه التقدير والنفخ الذي هو إخراج الريح من الفم وما يتصور إضافته إلى الله تعالى أضافه إليه وهو قوله {فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص} بما يكون في طوق البشر فإن الأكمة عند بعض المفسرين الأعمش وعند بعضهم الأعشى وعند بعضهم الذي يولد أعمى وإحياء الموتى من فعل الله فأضافه إليه. وما في المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى فأضاف جميع ذلك إلى صنعه إظهارا لعجز البشر ولأن فعل العبد مخلوق لله تعالى وقيل {بإذن الله} يعود إلى الأفعال الثلاثة وكذلك الثاني يعود إلى الثلاثة الأخرى . ( أسرار التكرار )

3-  مسألة: قوله تعالى: (فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله) . وفى المائدة: (فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني) ذكرها وأنث في المائدة (؟) ؟ . جوابه: أن آية آل عمران من كلام المسيح عليه السلام في ابتداء تحديه بالمعجزة المذكورة ولم تكن صورة بعد فحسن التذكير والإفراد. وأية المائدة من كلام الله تعالى له يوم القيامة معددا نعمه عليه بعد ما مضت وكان قد اتفق ذلك منه مرات، فحسن التأنيث لجماعة ما صوره من ذلك ونفخ فيه. (كشف المعاني )

4- فأنفخ فيه / فننفخ فيه: ذكر الضمير في آية آل عمران، لآنها تذكير كلام المسيح عليه السلام قبل ان تكون للطير صورة، فناسب ذلك إعادة الضمير إلى الطين وهو مذكر. أما آية المائدة فتذكر كلام الله يوم القيامة للمسيح عليه السلام ، وقد سبق له مرات عديدة أن صنع من الطين طيراً بإذن الله ، فناسب ذلك تأنيث الضمير ليدل على جماعة الطير التي سبق أن صورها ونفخ فيها.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)

1-             قوله {إن الله ربي وربكم} وكذلك في مريم {ربي وربكم} وفي الزخرف في هذه القصة {إن الله هو ربي وربكم} بزيادة هو. قال الشيخ إذا قلت زيد هو قائم فيحتمل أن يكون تقديره وعمر قائم فإذا قلت زيد هو القائم خصصت القيام به فهو كذلك في الآية وهذا مثاله لأن هو يذكر في مثل هذه المواضع إعلاما أن المبتدأ مقصور على هذا الخبر وهذا الخبر مقصور عليه دون غيره والذي في آل عمران وقع بعد عشر آيات من قصتها وليس كذلك ما في الزخرف فإنه ابتداء كلام منه فحسن التأكيد بقوله هو ليصير المبتدأ مقصورا على الخبر المذكور في الآية وهو إثبات الربوبية ونفى الأبوة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (إن الله ربي وربكم فاعبدوه) ، وكذلك في مريم. وفى الزخرف: (إن الله هو ربي وربكم) بزيادة (هو) ؟ . جوابه: أن آية آل عمران ومريم تقدم من الآيات الدالة على توحيد الرب تعالى وقدرته وعبودية المسيح له ما أغنى عن التأكيد. وفى الزخرف: لم يتقدم مثل ذلك، فناسب توكيد انفراده بالربوبية وحده. (كشف المعاني )

3-             إن الله ربي وربكم / إن الله هو ربي وربكم : زيد لفظ ( هو) في آية الزخرف ، لأنها لم تسبق بما يدل على توحيد الله وعبودية المسيح عليه السلام لله، فجاء لفظ (هو)   لتوكيد انفراد الله عز وجل بالربوبية وحده. أما آية آل عمران وكذا آية مريم (ان الله ربي وربكم فاعبدوه … ) فتقدمها آيات دالة على توحيد الله وقدرته وعبوديته المسيح له ، مما أغنى عن التوكيد بالضمير . ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)

1-             قوله {بأنا مسلمون} في هذه السورة وفي المائدة {بأننا} لأن ما في المائدة أول كلام الحواريين فجاء على الأصل وما في هذه السورة تكرار لكلامهم فجاز فيه التخفيف لأن التخفيف فرع والتكرار فرع والفرع بالفرع أولى. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) وفى المائدة: (واشهد بأننا مسلمون) ؟ . جوابه: أن آية المائدة في خطاب الله تعالى لهم أولا، وفى سياق تعدد نعمه عليهم أولا، فناسب سياقه تأكيد انقيادهم إليه أولا عند إيحائه إليهم. وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم فاكتفى ثانيا بـ (أنا) لحصول المقصود. (كشف المعاني )

3-             آَنَسَ / أحسّ /شَعَرَ: يختص (آَنَسَ ) بمعنى بداية العلم بالشيء . ويختص (أحسّ ) بمعنى التأكيد واليقين, ويختص (شَعَرَ) بمعنى العلم الدقيق الخفي . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)

1-             قوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقال تعالى: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وقد سماه تعالى في الجزاء سيئة؟ . جوابه: ليس المراد بالسيئة ضد الحسنة الشرعية، وإنما المراد جزاء من عمل ما يسوء غيره أن يعامل بما يسوءه، والمشاكلة في الألفاظ من بديع الفصاحة، فسمى المباح سيئة لمقابلته للسيئة كقوله تعالى: (ومكروا ومكر الله) . ( كشف المعاني )

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) . ومثله في النحل: (وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة) الآية. وفى لقمان: (إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) ، وفيها: (إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا) الآية. جوابه: لما تقدم في السورتين ذكر الاختلاف ناسب ذكر الحكم. بخلاف سورة لقمان لأنها عامة في الأعمال. (كشف المعاني )

فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)

1- أنصار/ ناصرون: صيغة “أنصار” جمع نصير، نحو شريف وأشراف. فهو جمع لصيغة المبالغة الدالة على ثبوت الصفة مع المبالغة فيها؛ ولذا أُطلِق على أهل المدينة ممن نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه. وصيغة “ناصرين” جمع مذكر سالم مفرده “ناصر”، ويدل على مجرد إثبات الصفة دون مبالغة فيها؛ ولذلك جاء في أكثر سياقاته لنفى النصرة عن الظالمين، فنفى عنهم مجرد النصر .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)

1- الذِّكر: ورد هذا الاسم في عدة مواضع علماً على القرآن الكريم. فالذكر في اللغة: حفظ الشيء، وعدم نسيانه، ثم أطلق على الشرف وبُعد الصيت، وبه وُصِفَ كتاب الله تعالى، لكونه محفوظاً شريف القدر، ولما فيه من تذكير بما تضمن من قصص ومواعظ. والملمح الدلالي المميز لهذا الاسم هو: الشرف والعلاء. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60)

1-             قوله {الحق من ربك فلا تكن} في هذه السورة وفي البقرة {فلا تكونن} لأن ما في هذه السورة جاء على الأصل ولم يكن فيها ما أوجب إدخال نون التوكيد في الكلمة بخلاف سورة البقرة فإن فيها في أول القصة {فلنولينك قبلة ترضاها} بنون التوكيد فأوجب الازدواج إدخال النون في الكلمة فيصير. التقدير فلنولينك قبلة ترضاها فلا تكونن من الممترين والخطاب في الآيتين للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فلا تكونن من الممترين) . وفى البقرة: (فلا تكن) ؟ . جوابه: أن آية البقرة تقدمها (فلنولينك قبلة ترضاها) فناسب: ولا تكونن، ولم يتقدم هنا ما يقتضيه. (كشف المعاني )

3-             فلا تكونَنَّ من المُمْتَرِين / فلا تَكُنْ من المُمْتَرِين : أُكِّد الفعل بالنون في آية البقرة ليناسب ما تقدم من كلام مؤكَّد بالنون ولام القسم ولم يتقدم ذلك في آل عمران؛ فجاء الفعل خاليًا من نون التوكيد. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)

1- ابْتَهَلَ / دَعا : كلا اللفظين  يشتركان في معنى الطلب والسؤال ، إلا أن الابتهال خاص باجتماع القوم يدعون على الظالم أو الكاذب من الفريقين . بينما الدعاء عام في عدة معاني هي: (  التسمية – السؤال- الحث على قصد الشيء – الاستجابة)  . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)

1- ليوم القيامة في القرآن الكريم أسماء كثير: ( الآزفة): وردت في القرآن مرتين، وسميت آزفة، لأزوفها، أي لقربها، وإن استبعد الناس مداها.(الحاقة): روعي في هذا الاسم من أسماء القيامة: تحقق وقوعها بلاسك في ذلك، وكشف حقائق الأمور فيها، إحقاق الحقوق لكل عامل وعدالة الحساب والجزاء فيها، كونها قاطعة غالبة لكل معاند مجادل.( الراجفة الرادفة) الراجفة: هي الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهمجيتها، الأولى، والرادفة هي النفخة الثانية لأنها تردف الأولى. ( الساعة):إن سر إطلاق اسم الساعة على يوم القيامة أقوال عدة، منها:1-سرعة مجيئها ، فكأن الوقت الذي بين الدنيا وبين القيامة لم يستغرق سوى هذا الجزء اليسير من الزمان .2-لسرعة انقضاء الحساب فيها.( الصاخة): يدل اسم الصاخة على لحظة من لحظات يوم القيامة، وهي لحظة النفخ في الصور وما يصاحب ذلك من صمم عن الدنيا وذهول عنها، والإقبال على شأن الآخرة وماقيها من ثواب وعقاب.( الطامة) جاءت كلمة الطامة وصفاً للقيامة في سياق الامتنان على الإنسان بخلق الله في السماوات والأرض والجبال وماقيها من متاع للإنسان ودلائل على قدرة الله عز وجل.( الغاشية) سياق هذه الكلمة في القرآن الكريم يقطع بأن المراد يوم القيامة، بما يغشى الناس فيه من أهوال وشدائد ، وما يعلو وجوههم من خشوع ونصب، أو نضرة وإشراق. (القارعة):داهية تقرعهم بما يحل الله بهم من صنوف البلايا والمصائب ،وسميت القيامة بالقارعة لأنها تقرع الناس” تصيبهم وتضربهم”  بالأهوال كانشقاق السماء والأرض ودك الجبال وطمس النجوم.(القيامة): وهو أشهر الأسماء الدالة على يوم البعث والحساب. وهو قيام الناس من قبورهم، ويكون ذلك دفعة واحدة لشدة النفخة التي تصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله . ولهذا المعنى ينطوي اسم القيامة على كل الأوصاف الواردة في الأسماء الأخرى الدالة على هذا اليوم العظيم.( الواقعة): معنى الواقعة” الحادثة” ، وإن تسمية القيامة ” بالواقعة” إشارة الى ثبوتها وتأكيداً لوجوبها وحلولها. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- ما الفرق بين الرُشد والحق؟ (د.فاضل السامرائى)

الحق ليس مناقضاً للرُشد ولا الرُشد مناقضاً للحق. الحق أعم من الرُشد، يعني يوصف بالحق أحياناً ما لا يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما لا يخبر بالحق يعني (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) هل يمكن أن يقال آنستم منهم حقاً؟ كلا. (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ (61) البقرة) (إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (62) آل عمران) (وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (86) آل عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة) كلها لا يصح فيها الرُشد، الحق أعم من الرشد (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ (57) الأنعام) لا يصح أن يقال يقص الرُشد، (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ  (62) الأنعام) (فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ (32) يونس) الحق أعمّ. وهذا أول فرق بين الحق والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور لا يصح فيها ذكر الرُشد.

الأمر الآخر أن الرُشد لا يقال إلا في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام، نقول القتل بالحق، هذا المال حق لك، إذن الله هو الحق، الجنة حق والنار حق. هنالك أمران حقيقة: أولاً الحق أعمّ من الرُشد يُخبر به عن الإنسان وغيره ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل، إذن الرشد قسم من الحق وليس الحق كله، كل رشد هو حق لكن ليس حق رشداً باعتبار الحق أعمّ.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)

1- اشهدوا بأنَّا مسلمون / واشهد بأنَّنا مسلمون: آية المائدة في خطاب الله عز وجل لهم أولًا، وفى سياق تعدد نعمه عليهم أولًا؛ فناسب سياقُها تأكيد انقيادهم إليه أولًا عند إيحائه إليهم.

وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم، فاكتفى ثانيًا بـ {بِأَنَّا}؛ لحصول المقصود به. (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65)

هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66)

1- المُجادلة /   المُحاجّة / المحاورة : المجادلة تتميز بملمح الشدة في مراجعة الكلام . والمحاجة مصاحبة الكلام للحجج التي يراد بها الغلبة على الخصم ، أما المحاورة تتميز بملمح الهدوء .  ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)

1-             قوله {قل إن الهدى هدى الله} في هذه السورة وفي البقرة {قل إن هدى الله هو الهدى} لأن الهدى في هذه السورة هو الدين وقد تقدم في قوله {لمن تبع دينكم} وهدى الله الإسلام فكأنه قال بعد قولهم {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قل إن الدين عند الله الإسلام كما سبق في أول السورة والذي في البقرة معناه القبلة لأن الآية نزلت في تحويل القبلة وتقديره قل إن قبلة الله هي الكعبة. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: قل إن هدى الله هو الهدى وفى آل عمران: إن الهدى هدى الله؟ . جوابه: أن المراد بالهدى في البقرة: تحويل القبلة، لأن الآية نزلت فيه. والمراد بالهدى في آل عمران: الدين لتقدم قوله تعالى (لمن تبع دينكم، ومعناه: أن دين الله الإسلام. ( كشف المعاني )

3-             قل إنَّ هدى الله هو الهدى/ قل إنَّ الهدى هدى الله: المراد بالهدى في البقرة تحويل القبلة؛ لأن الآية نزلت فيه. والمراد بالهدى في آل عمران الدين؛ لتقدم قول الله عز وجل: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ}، ومعناه أن دين الله هو الإسلام. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)

1-             قوله {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} الآية في السورة على هذا النسق وفي آل عمران {أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} لأن المنكر في هذه السورة أكثر فالمتوعد فيها أكثر وإن شئت قلت زاد في آل عمران {ولا ينظر إليهم} في مقابلة {ما يأكلون في بطونهم إلا النار} . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) الآية. وفى آل عمران فإن منذ – (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم) الآية. فوعد في البقر بأكل النار. وفى آل عمران بأنه لا خلاق لهم أي: لاحظ ولا نصيب؟ جوابه: أن الذنب في البقرة أكبر فكان الوعيد أشد لأن في كتمانهم إضلال غيرهم مع كفرهم في أنفسهم. وآية آل عمران: لا يتضمن ظاهر لفظها ذلك لظهور اللفظ في معنى تأثير ليس كعدمه. . ( كشف المعاني )

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)

1-ما الفرق بين النفى ب(ما) و (لم)؟ (د.فاضل السامرائى)

(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست بالضرورة أن تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من باب الإخبار والتعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) الفرقان) هذا من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ عليه وإنما تعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) يخبرنا إخباراً . بينما نلاحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون). لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ) و(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ (78) آل عمران) يقولون هو من عند الله فيرد عليهم (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ (78) آل عمران). (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة).

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ (81)

1-             قوله {وما أنزل إلينا} في هذه السورة وفي آل عمران {علينا} لأن {إلى} للانتهاء إلى الشيء من أي جهة كانت والكتب منتهية
إلى الأنبياء وإلى أممهم جميعا والخطاب في هذه السورة لهذه الأمة لقوله تعالى {قولوا} فلم يصح إلى {إلى} و {على} مختص بجانب الفوق وهو مختص بالأنبياء لأن الكتب منزلة عليهم لا شركة للأمة فيها وفي آل عمران {قل} وهو مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته فكان الذي يليق به {على} وزاد في هذه السورة {وما أوتي} وحذف من آل عمران لأن في آل عمران قد تقدم ذكر الأنبياء حيث قال {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة}
.( أسرار التكرار )

2-             العقد/العهد/ الميثاق: إن الألفاظ “عقد- عهد-ميثاق” بينها تقارب دلالي؛ حيث تشترك في معنى الالتزام والمحافظة. وتتدرَّج في الشدة: فأعلاها الميثاق، ثم العقد، ثم العهد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)

1- كَرْه/ كُرْه: إن الملامح الدلالية المميِّزة للكَرْه في هذه الآيات: المشقة، والإجبار (ضد الطَّوْع والإرادة)، وعدم قبول النفس للأمر عن رضا. والملمح الأخير هو الملمح خاصة”. الفارق بين الكُره والكَرْه، حيث يشتركان في ملمحين هما:

الشدة والمشقة، كونه مفروضًا من الخارج. ويتميز المضموم بملمح الرِّضا، بينما يتميز المفتوح بعدم الرِّضَا. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف(

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)

1-             مسألة: – قوله تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) . وفى آل عمران: قل آمنا بالله وما أنزل علينا. جوابه: لما صدر آية البقرة بقوله: (قولوا) وهو خطاب المسلمين ردا على قول أهل الكتاب: (كونوا هودا أو نصارى) قال: (إلينا) . ولما صدر آية آل عمران بقوله: قل قال: (علينا) . والفرق بينهما: أن (إلى) ينتهي بها من كل جهة، و (على) لا ينتهى بها إلا من جهة واحدة وهي: العلو. والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها، وإنما أتى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جهة العلو خاصة، فحسن وناسب قوله: (علينا لقوله: قل مع فضل تنويع الخطاب. وكذلك أكثرها جاء في جهة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ب (على) ، وأكثر ما جاء ق جهة الأمة ب (إلى) . (كشف المعاني )

2-             قوله {وما أنزل إلينا} في هذه السورة وفي آل عمران {علينا} لأن {إلى} للانتهاء إلى الشيء من أي جهة كانت والكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أممهم جميعا والخطاب في هذه السورة لهذه الأمة لقوله تعالى {قولوا} فلم يصح إلى {إلى} و {على} مختص بجانب الفوق وهو مختص بالأنبياء لأن الكتب منزلة عليهم لا شركة للأمة فيها وفي آل عمران {قل} وهو مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته فكان الذي يليق به {على} وزاد في هذه السورة {وما أوتي} وحذف من آل عمران لأن في آل عمران قد تقدم ذكر الأنبياء حيث قال {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة}( أسرار التكرار )

3-             مسألة: قوله تعالى. (وما أوتي النبيون) وفى آل عمران: (النبيون) . جوابه: أن آل عمران تقدم فيها: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة) فأغنى عن إعادة إيتائهم ثانيا، ولم يتقدم مثل ذلك فى البقرة، فصرح فيه بإيتائهم ذلك. (كشف المعاني )

4-             وما أُوتِىَ النبيُّون/ والنبيُّون: آية آل عمران تقدَّم عليها قول الله عز وجل:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} فأغنى عن إعادة إيتائهم ثانيًا. بينما لم يتقدَّم مثل ذلك في البقرة، فصرّح فيه بإيتائهم ذلك. . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

5-             أُنْزِلَ على/ أُنْزِلَ إلى: ورد الفعل “أنزل” مركبًا مع حرف الجر “على” في كثير من المواضع القرآنية، وكذا مع الحرف “إلى”. “إلى” تدل على انتهاء الغاية، والانتهاء يكون من جميع الجهات. أما “على” فهي حرف استعلاء، وتركيبها مع الفعل “أنزل” يفيد النزول من جهة العلو دون سائر الجهات. والمتأمِّل للسياقات القرآنية التي ورد فيها التركيب “نزل/أنزل ـ على” يجد أن الخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم ، والقرآن أنزل “عليه” من جهة العُلُوِّ. أما التركيب “نزل/أنزل ـ إلى” فسياقاته إمَّا في خطاب الأمة كلها، أو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالتبليغ، أي تبليغ آيات الله عز وجل “إلى” الناس، ويكون ذلك من جميع الجهات، وهو ما يناسبه حرف انتهاء الغاية “إلى” .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-              ما الفرق بين أنزل وأوتي ؟/ اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هذه الآية فيها إنزال وإيتاء. نسأل سؤالاً: مَنْ من الأنبياء المذكورين ذُكرت له معجزة تحدّى بها المدعوين؟ موسى وعيسى عليهما السلام ولم يذكر معجزان للمذكورين الباقين. هل هذه المعجزة العصى وغيرها إنزال أو إيتاء؟ هي إيتاء وليست إنزالاً ولذلك فرّق بين من أوتي المعجزة التي كان بها البرهان على إقامة نبوّته بالإيتاء وبين الإنزال، هذا أمر. كلمة (أوتي) عامة تشمل الإنزال والإيتاء. الكُتب إيتاء. أنزل يعني أنزل من السماء وآتى أعطاه قد يكون الإعطاء من فوق أو من أمامه بيده. لما يُنزل ربنا تبارك وتعالى الكتب من السماء هي إيتاء فالإيتاء أعمّ من الإنزال لذلك لما ذكر عيسى وموسى عليهما السلام ذكر الإيتاء لم يذكر الإنزال ثم قال (وَمَا أُوتِيَ موسى وعيسى والنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ) دخل فيها كل النبييبن لأنه ما أوتوا من وحي هو إيتاء. (وَمَا أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ) قد يكون إنزالاً ويكون إيتاء لكن ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام في هذه الآية هذا إيتاء وليس إنزالاً لأنه يتحدث عن معجزة ولأنهما الوحيدان بين المذكورين اللذين أوتيا معجزة. الآخرون إنزال وعندما يتعلق الأمر بالمعجزة قال إيتاء

7- لماذا لا يُذكر سيدنا اسماعيل مع ابراهيم واسحق ويعقوب في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

توجد في القرآن مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل ولم يُذكر اسحق وهناك 6 مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل واسحق ومنها:(قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران

وكل موطن ذُكر فيه اسحق ذُكر فيه اسماعيل بعده بقليل أو معه مثل (49) و (54) مريم. إلا في موطن واحد  في سورة العنكبوت (27).

وفي قصة يوسف لا يصح أن يُذكر فيها اسماعيل لأن يوسف من ذرية اسحق وليس من ذرية اسماعيل

وقد ذُكر اسماعيل مرتين في القرآن بدون أن يُذكر اسحق في سورة البقرة (125) (127) لأن اسحق ليس له علاقة بهذه القصة وهي رفع القواعد من البيت أصلاً.

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)

1- رهط / قوم / نفر: إن هذه الألفاظ (رهط – قوم – نفر) تشترك جميعها بالدلالة على معنى الجماعة. إلا أن لفظ ( رهط) ينفرد بملمح قلة العدد ، ودلالته على القرابة القريبة. وينفرد لفظ ( القوم ) بدلالته على القرابة عموما وبدلالته على الكثرة. وينفرد لفظ ( النفر) بدلالته على الذكور الذين ينفرون في الحرب، ولا يشترط أن يكونوا من عشيرة الرجل وأقاربه. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق من الناحية البيانية بين (جاءهم البيّنات) و(جاءتهم البيّنات) في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

هناك حكم نحوي مفاده أنه يجوز أن يأتي الفعل مذكراً والفاعل مؤنثاً. وكلمة البيّنات ليست مؤنث حقيقي لذا يجوز تذكيرها وتأنيثها. لماذا جاء بالاستعمال فعل المذكر (جاءهم البيّنات) مع العلم أنه استعملت في غير مكان بالمؤنث (جاءتهم البيّنات)؟

جاءتهم البيّنات بالتأنيث: يؤنّث الفعل مع البيّنات إذا كانت الآيات تدلّ على النبوءات فأينما وقعت بهذا المعنى يأتي الفعل مؤنثاً كما في قوله تعالى في سورة البقرة (فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {209}).

أما جاءهم البيّنات بالتذكير: فالبيّنات هنا تأتي بمعنى الأمر والنهي والتذكير فيه معنى القوة إختيار القوة وحيثما وردت كلمة البيّنات بهذا المعنى من الأمر والنهي يُذكّر الفعل كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {86}) و (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {105}) وفي سورة غافر (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ {66}).

أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)

1-ما الفرق بين استخدام كلمة (يُنصرون) في سورة البقرة وكلمة (يُنظرون) في سورة البقرة وآل عمران؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة البقرة (أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ {86}) وقال في سورة البقرة أيضاً (خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {162}) وفي سورة آل عمران (خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {88})

لو نظرنا في سياق الآيات في سورة البقرة التي سبقت آية 86 لوجدنا الآيات تتكلم عن القتال والحرب والمحارب يريد النصر لذا ناسب أن تختم الآية 86 بكلمة (ينصرون) أما في الآية الثانية في سورة البقرة وآية سورة آل عمران ففي الآيتين وردت نفس اللعنة واللعنة معناها الطرد من رحمة الله والإبعاد والمطرود كيف تنظر إليه؟ كلمة يُنظرون تحتمل معنيين لا يُمهلون في الوقت ولا يُنظر إليهم نظر رحمة فإذا أُبعد الإنسان عن ربه وطُرد من رحمة الله فكيف يُنظر إليه فهو خارج النظر فلما ذكر الأيتين في سورة البقرة وسورة آل عمران استوجب ذكر (يُنظرون).

إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ (90)

ما وجه الإختلاف من الناحية البيانية بين قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (90) آل عمران) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91) آل عمران)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

ينبغي أن نعلم الفرق بين الواو والفاء في التعبير حتى نحكم. الواو لمطلق الجمع، الجمع المطلق، قد يكون عطف جملة على جملة (فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) الأنعام). الفاء تفيد السبب، هذا المشهور في معناها (درس فنجح) فإذا كان ما قبلها سبباً لما بعدها أي الذي قبل يفضي لما بعدها يأتي بالفاء ولا يأتي بالواو لأنه لمطلق الجمع. هذا حكم عام ثم إن الفاء يؤتى بها في التبكيت أي التهديد. لو عندنا عبارتين إحداهما فيها فاء والأخرى بغير فاء وهو من باب الجواز الذِكر وعدم الذِكر نضع الفاء مع الأشد توكيداً. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137) النساء) ليس فيها فاء. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) محمد) لأنهم لا تُرجى لهم توبة. وفي الأولى هم أحياء قد يتوبون. لما لم يذكر الموت لم يأت بالفاء ولما ذكر الموت جاء بالفاء (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (90) آل عمران) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91) آل عمران) الآيتان فيهما نفس التعبير: النفي بـ (لن) واحدة جاءت بالفاء فالآية الآولى تتحدث عن قوم ماتوا وانتهوا ولن يقبل منهم توبة بعد الموت(وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ) انتهى عملهم أما الآية الثانية فهي تتحدث عن قوم كفروا ولم يموتوا ومجال التوبة ما زال مفتوحاً أمامهم. الفاء هنا تقع في جواب اسم الموصول لشبهه بالشرط فجاءت الفاء زيادة للتوكيد.. النُحاة يقولون قد تأتي الفاء للتوكيد.

هناك أمران: الأول أن الفاء تكون للسبب (سببية) ” درس فنجح” سواء كانت عاطفة “لا تأكل كثيراً فتمرض” يُنصب بعدها المضارع. ينبغي أن نعرف الحكم النحوي حتى نعرف أن نجيب. التبكيت والتهديد بالفاء أقوى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ (85) آل عمران) (ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) محمد) في القرآن وغير القرآن إذا كان ما قبلها يدعو لما بعدها، يكون سبباً لما بعدها، أو يفضي لما بعدها يأتي بالفاء (السببية) ولا يؤتى بالواو. في غير القرآن نقول لا تأكل كثيراً فتمرض، ذاك أفضى لما بعد، الزيادة في الأكل سبب المرض. إذن هذا كحكم لغوي. ما قبلها سبب لما بعدها وإذا كان الأمر كذلك يؤتى بالفاء وإذا كان مجرد إخبار تقول فلان سافر وفلان حضر، تخبر عن جملة أشياء وليس بالضرورة أن هناك أسباب. هذا المعنى اللغوي العام في القرآن (بلسان عربي). إذا كان ما قبلها يفضي لما بعدها يأتي بالفاء ونضرب أمثلة ومنها السؤال عن الفرق بين أولم يسيروا وأفلم يسيروا.

سؤال: لماذا لا نفهم نحن القرآن الآن كما فهموه في السابق؟ لأنهم كانوا يتكلمون اللغة على سجيتها ونحن نتعلم لا نعرف النحو ولا البلاغة. علم اللغة نفسها لا نأخذه إلى على الهامش ولا نُحسن الكلام أصلاً. علم النحو مفيد في فهم نص القرآن الكريم. والعلماء يضعون للذي يتكلم في القرآن ويفسره شروطاً أولها التبحر في علوم اللغة وليس المعرفة ولا تغني المعرفة اليسيرة في هذا الأمر. النحو والتصريف وعلوم البلاغة من التبحّر فيها يجعلك تفهم مقاصد الآية فإذا كنت لا تعرف معنى الواو والفاء ولا تعرف ما دلالة المرفوع والمنصوب لن تفهم آيات القرآن.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَباً وَلَوْ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91)

1- أنصار/ ناصرون: صيغة “أنصار” جمع نصير، نحو شريف وأشراف. فهو جمع لصيغة المبالغة الدالة على ثبوت الصفة مع المبالغة فيها؛ ولذا أُطلِق على أهل المدينة ممن نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه. وصيغة “ناصرين” جمع مذكر سالم مفرده “ناصر”، ويدل على مجرد إثبات الصفة دون مبالغة فيها؛ ولذلك جاء في أكثر سياقاته لنفى النصرة عن الظالمين، فنفى عنهم مجرد النصر .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (94)

1-  قال تعالى (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)) آل عمران عرف كلمة الكذب مع أن القرآن الكريم استخدمها نكرة كما في سورة يونس (17) ما دلالة تنكير الكذب أو تعريفه؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

المعرفة هى ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد شيئاً معيناً بأمر معين هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب مثل قوله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) آل عمران) الكلام عن الطعام، أمر معين، هو حرّم على نفسه وكذب على الله وقال حرّم كذا قال فاتوا بالتوراة في هذه المسألة مسألة الطعام فقال (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ) لأن الكذب في مسألة معينة محددة.

التنكير كذب يشمل كل كذب وليس الكذب في مسألة معينة (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس) لم يذكر مسألة معينة حصل كذب فيها فالكذب عام.إذن التنكير في اللغة يفيد العموم والشمول

قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95) إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)

1- بكّة / مكة : بكة هي الاسم القديم ثم ابدلت الباء ميماً في الاسم الحديث فصارت (مكة ) واستقر هذا الاسم الجديد علما على أم القرى . لكن القرآن لما ذكر أولوية البيت الحرام وكونه أول بيت مقدس ناسب ذلك الاسم القديم ، ولما تعرض القرآن للوقائع الحديثة كما في آية الفتح التي تقص وقائع فتح مكة ، جاء بالاسم العربي الذي استقر علماً على ام القرى . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97)

1-             سبيل/صراط/ طريق: جميع هذه الألفاظ تشترك في الدلالة على المسلك. إلا أن هناك ملامح فارقة تميزها. ف(السبيل) يتميز بالسهولة والوضوح، كما يتميز بإضافته الى كلمة (ابن).(والصراط) يتميز بالاستقامة والبعد عن الزيغ والضلال . و(الطريق) أعم هذه الألفاظ لأنه يشمل ما كان محمودا ً أو مذموماّ، سهلا أو صعباً.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              قال تعالى في سورة آل عمران (فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) وقال في سورة ابراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)) فما سبب الاختلاف؟(د.فاضل السامرائى)

في سورة آل عمران(فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) باستخدام صيغة الماضي وفي آية سورة ابراهيم (وإن تكفروا) بصيغة المضارع. فعل الماضي بعد إداة الشرط مع المستقبل يفترض الحدث مرة واحدة أما فعل المضارع فيدلّ على تكرار الحدث.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)

1-             قوله {من آمن تبغونها عوجا} ليس ههنا به ولا واو العطف وفي الأعراف {من آمن به وتبغونها} بزيادة به وواو العطف لأن القياس آمن به كما في الأعراف لكنها حذفت في هذه السورة موافقة لقوله {ومن كفر} فإن القياس فيه أيضا كفر به وقوله {تبغونها عوجا} ههنا حال والواو لا تزداد مع الفعل إذا وقع حالا نحو قوله {ولا تمنن تستكثر} و {دابة الأرض تأكل منسأته} وغير ذلك وفي الأعراف عطف على الحال والحال قوله {توعدون} و {تصدون} عطف عليه وكذلك {تبغونها عوجا} . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا) . وفى الأعراف: (من آمن به و تبغونها عوجا) بزيادة (به وبالواو) ؟ . جوابه: أن (تصدون) هنا: حال، وإذا كان الفعل حالا لم يدخله الواو. وفى الأعراف جملة معطوفة على جملة كأنه قال: توعدون، وتصدون، وتبغون. (كشف المعاني )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)

1-لماذا قال تعالى (أوتوا الكتاب) ولم يقل (آتيناهم الكتاب)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

القرآن الكريم يستعمل أوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح. قال تعالى (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101) البقرة) هذا ذم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) آل عمران) هذا ذم . بينما آتيناهم الكتاب تأتي مع المدح (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) مدح،(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) القصص) مدح . هذا خط عام في القرآن على كثرة ما ورد من أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب حيث قال أوتوا الكتاب فهي في مقام ذم وحيث قال آتيناهم الكتاب في مقام ثناء ومدح. القرآن الكريم له خصوصية خاصة في استخدام المفردات وإن لم تجري في سنن العربية. أوتوا في العربية لا تأتي في مقام الذم وإنما هذا خاص بالقرآن الكريم. عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه (آتيناهم الكتاب) لما كان فيه ثناء وخير نسب الإيتاء إلى نفسه، أوتوا فيها ذم فنسبه للمجهول (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا (5) الجمعة) (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى)، أما قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) هذا مدح.

وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)

1- التَّفَرُّق/ التنازُع: إن لفظي “التفرُّق- التنازع” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يجتمعان في معنى الاختلاف. ويختص التفرُّق بملمح الشدَّة بما يفضى إلى التمزُّق والعداوة. كما أن للتفرق معنى ماديًّا خاصًّا به هو مفارقة الأبدان، بينما للتنازع معنى مادىٌّ آخر خاص به هو: التجاذب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما اللمسة البيانية في استعمال تفرقوا و تتفرقوا في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة آل عمران(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103).

نلاحظ في القرآن كله وليس فقط في هذه الآية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل وتتنزّل، تبدّل وتتبدّل- توفاهم وتتوفاهم) وهذا الحذف في عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لأحد أمرين:

1.      للدلالة على أن الحدث أقلّ.

2.      أن يكون في مقام الإيجاز.

في آية (103) آل عمران فالكلام هنا عن أمة واحدة لكل المسلمين وقد نهاهم الله تعالى عن أي جزء من التفرّق ولو كان قليلاً فقال تفرقوا، أما في قوله تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى) فالكلام لكل البشر وذكر كل الأنبياء من زمن نوح إلى قيام الساعة فقال تتفرقوا.

وفى إجابة أخرى:(د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة الشورى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)) وقال في سورة آل عمران (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)) في الآية الأولى الوصية خالدة من زمن سيدنا نوح إلى خاتم الأنبياء فجاء الفعل (تتفرقوا) أما في الآية الثانية فهي خاصة بالمسلمين لذا جاء الفعل (تفرّقوا). السبب واضح لأن الأمة المحمدية هي جزء من الأمم الاسلامية المذكورة في الآية الأولى وآية آل عمران هي جزء والأمة المخاطبة فيها جزء من الأمم المخاطبة في آية سورة الشورى. وكذلك فالحدث ممتد في الأولى قال (تتفرقوا) والحدث محدد في الثانية فقال (تفرقوا). والملاحظ في الآية فالأولى وصية خالدة لأمة الإسلام على مدى الأزمان من زمن نزح إلى خاتم الأنبياء (ولا تتفرقوا فيه) لأن هذا هو المأتى الذي يدخل إليه أعداء الإسلام فيتفرقون به لذا جاءت الوصية خالدة مستمرة فنهاهم عن التفرّق، ونلاحظ أنه تعالى وصّى الأمم مرة ووصّى الأمة الإسلامية مرتين. والآية الأولى أشد تحذيراً للأمة الإسلامية (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك) لم يكتف بـ(شَرَع لكم) بل زاد (والذي أوحينا إليك). شرعه لنا في الوصية العامة لنوح وخصّ بالذي أوحينا إليك ثم خصّ الأمة الإسلامية في الآية الثانية.والحذف له سببان هنا الأول لأن الأمة المحمدية أصغر. ونهانا عن التفرّق مهما كان قليلاً وأراد ربنا تعالى أن نلتزم بهذا الأمر (لا تفرقوا) وقال (واعتصموا بحبل الله جميعا) جاء بالحال المؤكِّدة (جميعاً) وأراد التشديد على الالتزام بهذا الأمر. أكد على الجمع الكامل وعلى سبيل العموم والاستغراق كأنه فرض عين على الجميع فلا يُعفى أحد من المسؤولية أن لا نتفرق وأن نعتصم بحبل الله الفرد قد يهدم أمّة كما أنه قد يبني أمة وأن لا نتفرّق هو فرض عين وليس فرض كفاية، وذكرهم بنعم الله عليهم ونهاهم عن التشبّه بمن تفرّق واختلف (ولا تكونوا كالذين تفرقوا) وتوعدهم على الإختلاف بالعذاب العظيم وأطلق العذاب ولم يحصره في الآخرة إنما قد يطالهم في الدنيا والآخرة. المصدر لا يعمل بعد وصفه وصِف بـ عظيم بمعنى اذكروا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) ليست متعلقة بالعذاب العظيم. التفرّق يكون عذابه عظيماً في الدنيا والآخرة.

وقوله تعالى (والذي أوحينا إليك) اختار الإسم الموصول (الذي) عندما ذكر شريعة محمد ولم يقل (وما أوحينا إليك) مع أن كليهما اسم موصول لأن (الذي) أعرف وأخصّ من (ما) التي تشترك في المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث والعاقل وغير العاقل أما (الذي) فهي للمفرد وتسمى مختص. وقد بيّن تعالى شريعتنا وعرفناها وعرفنا الأوامر والنواهي فجاء بالأعرف (إسم الموصول الذي)، لا نعلم على وجه التفصيل ما وصّى الله تعالى نوحاً وعيسى وموسى وابراهيم لذا اختار سبحانه (ما) إسم الموصول غير المعرّف.

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)

1-             التَّفَرُّق/ التنازُع: إن لفظي “التفرُّق- التنازع” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يجتمعان في معنى الاختلاف. ويختص التفرُّق بملمح الشدَّة بما يفضى إلى التمزُّق والعداوة. كما أن للتفرق معنى ماديًّا خاصًّا به هو مفارقة الأبدان، بينما للتنازع معنى مادىٌّ آخر خاص به هو: التجاذب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              ما الفرق بين جاءهم البينات وجاءتهم البينات؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى :

القرآن أحياناً يستعمل معنى الكلمة فيذكر ويؤنث بحسب المعنى. البيّنات حيث كانت بمعنى العلامات الدالّة والآيات والمعجزات أنّثها وحيث كانت بمعنى الأمر والنهي ذكّرها. (فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ (210) سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211) البقرة) هذه آيات. (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) البقرة) هذه آيات. (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم …من بعد ما جاءتهم البينات) هذه معجزات. في التذكير (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) آل عمران) ذكّر لأنها بمعنى الدين أو الأمر والنهي وليست بمعنى المعجزات وإنما هي أوامر بمعنى الأمر والنهي أو الدين وحبل الله.

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

1-             قوله {أرسلنا نوحا إلى قومه فقال} بالفاء في هذه السورة وكذلك في المؤمنين في قصة نوح {فقال} وفي هود في قصة نوح {إني لكم} بغير {قال} وفي هذه السورة في قصة عاد بغير فاء لأن إثبات الفاء هو الأصل وتقديره أرسلنا نوحا فجاء فقال فكان في هذه السورة والمؤمنين على ما يوجبه اللفظ وأما في هود فالتقدير فقال إني فأضمر قال وأضمر معه الفاء وهذا كما قلنا في قوله تعالى {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} أي فيقال لهم أكفرتم فأضمر الفاء والقول معا
وأما قصة عاد فالتقدير وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا فقال فأضمر {أرسلنا} وأضمر الفاء لأن داعي الفاء أرسلنا.
( أسرار التكرار )

وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (109) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ (110)

1-  فى قوله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران)ما فائدة البناء للمجهول؟(د.فاضل السامرائى)

ما قال خرجت لأن ربنا أخرجها إخراجاً، هذه الأمة الإسلامية ربنا أخرجها بالصورة التي أرادها أُخرجت للناس ولم يقل خرجت من تلقاء نفسها. (خرجت) يعني خرجت من نفسها وليست برسالة، أخرج فعل متعدي (أخرجته)، خرج فعل لازم (خرجت من البيت). (أُخرجت للناس) أي أن الله سبحانه وتعالى أخرجها على نمط معيّن كما يريد ولم تخرج من تلقاء نفسها كما تخرج الحشائش والأدغال في النبات. الزارع ينتقي ويعلم ما يزرع وهذه الأمة أُخرِجت إخراجاً إلى الناس ولم تخرج من تلقاء نفسها وفق منهج معين معدّ واختيار دقيق. هذه الأمة أُخرجت بهذا المنهج لهذا الغرض للناس كافة.

2- فى سورة الحديد قال تعالى (وكثير منهم فاسقون) وفي آل عمران استخدم إسم التفضيل (أكثر) فلماذا؟(د.فاضل السامرائى)

قال سبحانه وتعالى فى سورة الحديد (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)) ثم قال (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (27))

كثير على وزن فعيل وهي صفة مشبهة، أكثر إسم تفضيل. يعبّر بـ (أكثر) إذا كان السياق في تعداد أسوأ الصفات والإطالة في ذكرها. (أكثرهم) جاءت صيغة التفضيل هذه في مكانين في المائدة وآل عمران. في آية الحديد ذكر وانتقل إلى كلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب، فالكلام عن أهل الكتاب جزء من آية ثم انتقل بكلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب.. في آل عمران الآيات من (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)) ومن (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)) (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)) آيات كثيرة أفاض فيها فقال (أكثر). أما التي لا يطيل فيها فيقول (كثير). قد تشترك صيغة فعيل في المبالغة والصفة المشبهة وإسم المفعول من حيث الصيغة فقط أما إذا كان أصل الفعل متعدياً تصير مبالغة وإذا كان أصل الفعل لازماً تصير صفة مشبهة. مثال: سميع من سمع وهو فعل متعدي إذن سميع صيغة مبالغة، عليم من علم وهو فعل متعدي إذن عليم مبالغة، حتى في رحيم قالوا إذا كانت من رحِم فعل متعدي فهي مبالغة وإذا كانت من رَحُم فعل لازم تصير صفة مشبهة. وعندنا فعُل أبلغ من فعِل وأحياناً نحوِّل إلى فعُل بقصد المبالغة. طويل من طال فعل لازم فطويل صفة مشبهة وكذلك قصير وقبيح وجميل صفة مشبهة.

لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)

1- بغير الحق/ بغير حق: في سورة البقرة جاءت كلمة “الحق” معرفة، و “ألـ” فيها لتعريف العهد، أي: الحق الموجب للقتل، ذلك الحق المعهود في الشريعة اليهودية، وإنما كان قتلهم الأنبياء ظلمًا وعدوانًا، وذلك في شأن اليهود الأقدمين.

أمَّا آية آل عمران فهي في شأن اليهود المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا حريصين على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وسعوا لذلك كثيرًا، حتى دسُّوا له السمَّ، ولكن الله نجَّاهُ من كيدهم. وقد جاءت كلمة {حَقٍّ} نكرة لتفيد معنى الشمول والعموم، أي: يقتلون الأنبياء من غير أن يكون لجُرمهم هذا أيُ حقٍّ يُذْكَر.

ولا شك أن قتل الأنبياء يكون دائمًا على غير حقٍّ، فلماذا ذُيِّلت الآيات بعبارتَي: {بِغَيْرِ الْحَقِّ}، {بِغَيْرِ حَقٍّ}؟! إن ذلك لمزيد من التشنيع والتقبيح لجريمتهم؛ إذ إنهم يقتلون أنبياء الله، وفوق ذلك يقتلونهم بغير موجبٍ لذلك (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)

1-  ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {117})

أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الأعراف (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {57})

وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)

1- البغضاء /الشنآن / القِلى / الكُرُه / المقت : تشترك جميع هذه الألفاظ أنها تناقض الحب، وفيها عدم رضا . إلا أن الكره هو أعم هذه الألفاظ. ولسائرها العدوان ملامح دلالية تميز بعضها عن بعض : فالبغضاء : شدة الكراهية ، والشنآن بغض شديد وتجنب وتقذر، والقِلى بغض شديد مع ترك ونفور ،أما المقت فهو بغض شديد مع قبح الممقوت ومنافاته للمروءة . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)

1- السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)

1-  يأتي الضر مع فعل مسّ ومع الرحمة يأتي الفعل أذقنا فما الفرق بين المسّ والإذاقة في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً هذا التفريق غير دقيق فالذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم والمسّ هو أي إتصال. أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح لأن المس يأتي مع الرحمة أيضاً (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) المعارج) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل عمران) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (17) الأنعام) وكذلك الإذاقة تأتي مع العذاب ومع الرحمة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة) (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (48) الشورى) (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) الفرقان) ليس هنالك تقييد في الاستعمال.

وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)

1-  لماذا جاءت (يضرُّكم) بالرفع في آية سورة آل عمران (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120))؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً من يقول أن (يضُرُّكم) مرفوعة؟ ومن يقول إنها حالة رفع؟ هذا الفعل مجزوم وللآية قراءتان متواترتان إحداها بالفتح (يضرَّكم) والثانية بالرفع (يضرُّكم). هذا الفعل مجزوم بالسكون حُرِّك لالتقاء الساكنين وكانت الحركة الضمّ للاتباع. وهذا الفعل (ضرّ) فعل ثلاثي مضعّف إذا جُزِم وكان مضموم العين في المضارع مثل عدّ يعُدّ وشدّ يشدّ إذا جُزم فعليه أربعة أحوال:

  1. 1.فكّ الادغام مع الجزم (يضرر) مثل قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) الانفال) و قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة) وهذا يسري على جميع المضعّفات في حالة الجزم إذا أُسند إلى ضمير مستتر أو اسم ظاهر.
  2. 2.الادغام والفتح كأن نقول لن يضُرَّك كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (المائدة 54) بالفتح وهذا مجزوم لكن لمّا صار ادغام التقى ساكنان فعندما ادغمنا الأول يصير ساكناً والثاني ساكن فلا بد من الحركة وعندنا أوجه تحريك إما أن نحركه بالفتح لأنها أخفّ الحركات مثل (يرتَّد) مجزوم وعلامة جزمه السكون لكن حُرِّك لالتقاء الساكنين وحُرِّك بالفتح لأنها أخف الحركات.
  3. 3.الادغام مع الكسر كقولنا لا يُضِّر ومثل قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) الحشر).
  4. 4.الادغام مع الضمّ إذا كانت العين مضمومة مثل يضُر، يعُد، يمّد يصِحّ أن نقول لم يمّدَّ ولم يمِدّ ولم يمَدّ.

فالفعل إذن ليس مرفوعا ولكنه ًمجزوم وعلامة جزمه السكون وحُرِّك لالتقاء الساكنين وكانت الحركة الضمّ للاتباع هذا من ناحية التفضيل النحوي. لكن يبقى السؤال لماذا اختير في هذه القراءة الضم؟ مع أن الأكثر والأشيع هو الفتح لأن الفتحة أخف الحركات وهو ما عليه الكثير من القُرّاء ؟

قراءة حفص هي التي تقرأ بالضمّ. من المُسلّمات أن الضمّ أثقل الحركات والفتحة أخفّها عندما نقول يضُرَّكم بالفتح تعني كأنه ليس هناك ضرر أصلاً لكن إذا قلنا يضرُّكم بالضم فهي تعني أنه هناك أذى ولكن لا يضركم كما في قوله تعالى (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) آل عمران) ولذا قال تعالى في هذه الآية (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) إشارة إلى أن يضرُّكم بالرفع لا تعني مسح الضرر ولكن يبقى شيء من مخلّفاته التي لا ترقى إلى الضرر مما يؤذي النفس ولهذا جاءت الآية بعدها بالصبر. فحالة الرفع هنا حالة ثقيلة أما حالة الفتح فهي أخف منها فناسب حركة الاعراب الحالة التي تأتي فيها.

وقد يسأل سائل لماذا تختلف القراءات والآية نفسها وفيها قراءتان متواترتان بالرفع والفتح؟ قالوا هناك مواقف في الزمن ومواقف في الأشخاص والناس ليسوا على وتيرة واحدة فيلاقي بعضهم حالات أشد من حالات والزمن ليس واحداً فقد تكون حالة أثقل من حالة وقد يكون ما يلقاه شخص غيرما يلقاه شخص آخر فلذلك خالف وهي إشارة إلى الحالة الواقعية للحياة فلا تكون على وتيرة واحدة لذا جاءت في القراءات احداها أثقل من الأخرى.

ومن هذا كله نقول أن (يضرُّكم) في الآية مجزومة لأنه فعل مضعّف عينه مضمومة وجاءت للاتّباع. ونلخّص ما قلناه في أحوال جزم الفعل الثلاثي المضعّف وكان مضموم العين ونقول أن كلها ممكنة سواء كان الفعل أمر أو فعل مجزوم إذا أُسند إلى ضمير مستتر أو اسم ظاهر حالات فك الادغام، الادغام مع الفتح أو الكسر كلها جائزة والادغام مع الضمّ هذا الذي فيه الشرط فلو كان فعل الشرط ماضياً يمكن أن يكون مرفوعاً ويُعدّ ماضياً (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) آل عمران) ولو كان الفعل مضارعاً لا يحتمل الرفع.

إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (122) وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)

1-             الحمد / الشكر: إن اللفظين “الحمد-الشكر” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى عام هو: الثناء بالجميل. ويتميَّز كلٌّ منهما بملامح دلالية فارقة: فالحمد: يكون على النعمة والعطاء، وعلى الصفات الذاتية. ويكون على النعمة الواصلة إليك أو إلى غيرك، وفيه محبة وإجلال ويكون باللسان دون غيره. أما الشكر: لا يكون إلَّا على النعمة والعطاء، ولا يكون إلَّا على النعمة الواصلة إليك، ويكون بالقلب واللسان والجوارح، ليس فيه معنى المحبة والإجلال.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              ما فائدة (قد) مع الفعل الماضي هل تفيد التأكيد؟(د.فاضل السامرائى)

(قد) تفيد التحقيق والتحقيق لا ينفك عنها إذا دخلت على الماضي وأحياناً يجتمع معها التقريب والتوقّع. التحقيق لا ينفك، لا محالة واقع إذا دخلت على الماضي وقد يكون مع التحقق التقريب أو التوقّع أو تجتمع كلها لكن يبقى التحقيق معها. (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ (26) الأعراف) (قد) هنا لا فيها توقّع من بني آدم ولا فيها تقريب لكن فيها معنى التحقيق. (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ (123) آل عمران) فيها توقّع لأن الله تعالى وعدهم بالنصر (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ (7) الأنفال) وفيها تقريب. التحقيق لا يفارق (قد). إذا دخلت على الفعل المضارع قد يكون للتحقيق والتكثير. (قد) حرف وإعرابها حرف تحقيق مبني (سائر الحروف مبنية).

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)

1- آلاف/ ألوف: إن اللفظين “آلاف ـ ألوف” قد وردا في القرآن الكريم جمعًا للعدد “ألْف”، ولكن بينهما فارقًا دلاليًّا يتمثل في: دلالة “آلاف” على القلة. ودلالة “ألوف” على الكثرة.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

2-  ما الفرق بين آلآف وألوف (وهم ألوف) في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

آلآف من أوزان القِلّة، جمع قلة. (أفعال) من أوزان القِلّة: أفعُل، أفعال، أفعِلة، فِعلة. من أوزان القِلّة وألوف من الكثرة. لذلك قال ربنا سبحانه وتعالى (أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) آل عمران) (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران) لأن القلة من الثلاثة إلى العشرة فإن تجاوزها دخل في الكثرة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ (243) البقرة) قال بعضهم قطعاً أكثر من عشرة آلآف وقسم أوصلهم إلى أربعين ألفاً. آلآف إلى حد العشرة جمع قلة، ألوف ما تجاوز العشرة وهي جمع كثرة.

3-  قال تعالى في سورة آل عمران (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)) وفي الأنفال قال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) فما هو العدد النهائي للملائكة في معركة بدر؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

نقرأ الآيات حتى يتضح الأمر قال (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) مردفين يعني متبعين يعني ألف يتبعهم ألفاً، ألف يتبعهم ألف يعني صاروا ألفين، ألف من الملائكة مردفين يعني ألف يتبعهم ألف، مردفين من ردف يعني تبعه وليس معناها الركوب وإنما جاء بعده، خلفه، إذن صاروا ألفين. (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124)) ألفان وثلاثة آلآف صاروا خمسة آلآف فقال (بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران) ألف مردفين يعني ألفين وثلاثة آلآف صاروا خمسة آلآف.

وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به) . وفى الأنفال: (إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم) ؟ . جوابه: أن آية آل عمران ختم فيها الجملة الأولى بجار ومجرور وهو قوله (لكم) فختمت الجملة التي تليها بمثله وهو قوله (به) لتناسب الجملتين. وآية الأنفال: خلت الأولى عن ذلك فرجع إلى الأصل وهو إيلاء الفعل لفعله، وتأخير الجار الذي هو مفعول.
وجواب آخر: – وهو أنه لما تقدم في سورة الأنفال: (لكم) في قوله: (فاستجاب لكم) علم أن البشرى لهم، فأغنى الأول عن ثان، ولم يتقدم في آل عمران مثله وأما (به) فلأن المفعول قد تقدم على الفاعل لغرض صحيح من اعتناء، أو اهتمام، أو حاجة إليه في سياق الكلام، فقدم (به) هنا اهتماما، وجاء في آل عمران على الأصل. وجواب آخر: وهو التفنن في الكلام. (كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) معرفا. وفى الأنفال: (من عند الله إن الله عزيز حكيم) منونا. جوابه: أن آية الأنفال نزلت في قتال بدر أولا، وآية آل عمران نزلت في وقعة أحد وثانيا. فبين أولا: أن النصر من عنده لا بغيره من كثرة عدد أو عدد، ولذلك علله بعزته وقدرته وحكمته المقتضية لنصر من يستحق نصره. وأحال في الثانية على الأولى بالتعريف، كأنه قيل: إنما النصر من عند الله العزيز الحكيم الذي تقدم إعلامكم أن النصر من عنده، فناسب التعرف بعد التنكير. (كشف المعاني )

3-               وما النصر إلاَّ من عند الله العزيز الحكيم / وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: آية الأنفال نزلت في قتال بدر أولًا، مبيِّنةً أولًا أن النصر من عنده لا بغيره من كثرة عَدَدٍ أو عُدَد، ولذلك علَّلهُ بعزته وقدرته وحكمته المقتضية لنصر من يستحق نصره. وآية آل عمران نزلت في وقعة أُحُد ثانيًا، فأحال في الثانية على الأولى بالتعريف، كأنه قيل: إنما النصر من عند الله العزيز الحكيم الذى تقدم إعلامُكم أن النصر من عنده؛ فناسب التعريف بعد التنكير (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

4- ولتطمئنَّ قلوبكم به / ولتطمئنَّ به قلوبكم: في آية آل عمران قُدِّم لفظ {قُلُوبُكُمْ} على متعلق الفعل؛ لإحداث تناسق وازدواج بين الجملتين: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ}، {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} . أما آية الأنفال فلم يذكر لفظ “لكم” ولا مجال ـ إذن ـ للازدواج، فجاء ترتيب الجملة على الأصل، وهو: الفعل، ثم الجار والمجرور المتعلقان به؛ لأن الفعل و متعلقاته في حكم وحدة لغوية واحدة، ثم جاء الفاعل..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5- ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في آية (10)الأنفال وآية (126) آل عمران؟ / اللمسات البيانية د.فاضل السامرائى:

قال تعالى في سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {10} ) وفي سورة آل عمران (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {126}) لماذا جاءت قلوبكم مقدّمة على به في الأنفال ومتأخرة في آل عمران؟ يجب أن نرى أولاً سياق الآيات في السورتين، سياق آية آل عمران فيه ذكر لمعركة بدر وتمهيد لمعركة أحد وما أصاب المسلمون من حزن وقرح والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}) وغيرها من آيات التصبير والمواساة وخصص البشرى بهم (بشرى لكم) وبه تعود على الإمداد السماوي لذا قدّم القلوب (قلوبكم) على (به) لأن المقام مقام تصبير ومواساة والكلام مسح على القلوب. أما في آية الأنفال قدّم (به) على (قلوبكم) لأن الكلام على الإمداد السماوي الذي هو محور آيات سورة الأنفال وكذلك لم يخصص البشرى وجعلها عامة (وما جعله الله إلا بشرى).

لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)

1-             قوله {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} {يغفر} مقدم في هذه السورة وغيرها إلا في المائدة فإن فيها {يعذب من يشاء ويغفر} لأنها نزلت بعدها في حق السارق والسارقة وعذابهما يقع في الدنيا فقدم لفظ العذاب وفي غيرها قدم لفظ المغفرة رحمة منه تعالى وترغيبا للعباد في المسارعة إلى موجبات المغفرة جعلنا الله تعالى منهم يمنه وكرمه سورة آل عمران . ( أسرار التكرار )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)

1- أَعَدَّ / أَعْتَدَ: يشترك اللفظين في معنى التهيئة. ويختص (أَعَدَّ) بتعدد معانيه ، مما يشير الى اتساع المدى الدلالي له، حيث يرد مع الجنة ، والنار، والرزق، والأجر، والمغفرة، والعدة، وآلة الحرب. بينما اقتصر استعمال (أَعْتَدَ) في القرآن الكريم على النار والعذاب في أكثر المواضع (14مرة) وندر استعماله مع الرزق(مرة واحدة) ، ومع المجلس أو المتكأ ( مرة واحدة أيضاً). وهذا يعني أن ( أَعْتَدَ) أخص من (أَعَدَّ) .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)

لماذا يرد في القرآن أحياناً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحياناً أخرى يرد وأطيعوا الله والرسول؟(د.فاضل السامرائى)

في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون لله وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول في السياق أو أي إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {132}). والأمر الآخر أنه إذا تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعياً قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} النساء) و (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} النور) وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

1-  ما الفرق البياني بين آية 133 من سورة آل عمران وآية 21 من سورة الحديد؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة آل عمران (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) وقال تعالى في سورة الحديد (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .

في الآيتين أكثر من وقفة: قضية الواو وانعدامها، السموات والسماء، عرضها وكعرض، للمتقين و للذين آمنوا بالله ورسله، ذلك فضل الله ولم ترد في الآية الثانية.

*السماء والسموات :

السماء في اللغة وفي المدلول القرآني لها معنيان:

1ـ واحدة السموات السبع، كقوله تعالى: “ولقد زَيّنا السّماءَ الدنيا بِمَصابيح ” الملك.

2ـ كل ما علا وارتفع عن الأرض ـ  فسقف البيت في اللغة يسمى سماء.

قال تعالى: ” مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ”الحج:15يقول المفسرون :(أي ليمد حبلا إلى سقف بيته ثم ليخنق نفسه) فالسماء هنا بمعنى السقف.

ـ وقد تكون بمعنى السحاب: “أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ” ّالرعد:17.

ـ وقد تكون بمعنى المطر : ” ينزل السماء عليكم مدرارا” نوح.

ـ وقد تكون بمعنى الفضاء والجو : “أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ “النحل:79 .

ـ وذكرهذا الارتفاع العالى(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)(الأنعام:125) .

 فالسماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف ، وبهذا تكون السموات والسموات موطن الملائكة جزءا من السماء ، لأن السماء كل ما علا وارتفع مما عدا الأرض، والسموات جزء منها بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الفضاء والسقف والمطر والسحاب، فإن (السماء) تكون أوسع من (السموات) فهي تشملها وغيرها.

قال تعالى: ” قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (الفرقان:6)  وقال: “ربي يعلم القول في السماء والأرض” لأن القول أوسع من السر، فهو قد يكون سرا أوجهرا والسر جزء منه،

فلما وسع قال (القول) وسع وقال (في السماء). ولما ضيق وقال (السر) قال (السموات) .

*عرضها، كعرض :

ولذلك لما قال (السموات) قال (عرضها السموات)، ولكن عندما اتسعت اتساعا هائلا جاء بأداة التشبيه (عرضها كعرض السماء) لأن المشبه به عادة أبلغ من المشبه، فهي لا تبلغ هذا المبلغ الواسع الذي يشمل كل شيء.

كلمة (السماء) تأتي عامة “والسماء بنيناها بأيد” ، “وفي السماء رزقكم وما توعدون” ، “أأمنتم من في السماء..” ثم تتسع لأشياء أخرى، فعندما يقول: “سبع سموات طباقا” فهي ليست الفضاء ولا السقف ولا السحاب، فعندما اتسعت قال (كعرض السماء)لأنها أقوى وأوسع وأشمل وعلى هذا بني التعبير كله في الآيتين .

هناك استعمل الكاف للتشبيه وهنا لم يستخدمها. السموات جمع السماء. صحيح هي مفرد لكن حينما يأتي وحدها تأتي لعدة مصالح. السماء والأرض عظيمة جداً فاستعمل لها التشبيه لأنها غير محدودة لكن لما استعمل السموات إستعمل التحديد (عرضها السموات والأرض) للتقريب. لكن العربي لما يسمع عرضها عرض السموات والأرض قد يفهم منها السماء الأولى الواحدة لكن لما قال (كعرض السماء والأرض) يفهم أن هذا إطلاق. (كعرض) أقوى من (عرضها) وأشمل وأوسع هكذا يُفهم.

*أعدت للمتقين، أعدت للذين آمنوا :

عندما ضيق حددها للمتقين ثم وصفهم في الآيات التالية، وعندما وسع عمم القول ليسع الخلق (الذين آمنوا بالله ورسله) وهؤلاء المتقون جزء من الذين آمنوا، ولم يحدد عملا محددا لهؤلاء.

*سابقوا، سارعوا :

عندما قال (سارعوا) قال (عرضها السموات والأرض)، وعندما قال (سابقوا) قال (كعرض السماء والأرض) 

كثرة الخلق المتجهين لمكان واحد تقتضي المسابقة، فإن قلّوا اقتضى ذلك المسارعة فقط ، وليس المسابقة.

اتسع المكان فاتسع الخلق ، ذكر السماء التي تشمل السموات وزيادة ، وذكر الذين آمنوا بالله ورسله وهي تشمل المتقين وزيادة ، ثم زاد وقال: “ذلك فضل الله” .  لأن الفضل أوسع مما جاء في آل عمران بل الفضل واضح إذ جاءت عامة

*تكرار العطف :

وكذلك لو لاحظنا الناحية الفنية لرأينا وضع كل واحدة يناسب ما هي فيه، ففي سورة الحديد تتكرر عبارات (آمنوا بالله) و(الفضل العظيم) و(يضاعف لهم) ففيها تفضلات كثيرة. وكذلك وضع الواو في سارعوا ، آية آل عمران فيها تعاطفات، أماالأخرى فبلا عطف وفي آل عمران نرى المتقين والأمر بالتقوى يتكرر عدة مرات.

لما نأتي إلى سياق الآيات لذا نقول دائماً فهم الآيات يكون بالرجوع إلى السياق. نلاحظ الآية الأولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)) هناك تشريع ونهي عن ارتكاب إثم عظيم، ودعوة للتقوى، اتقوا ما يوصلكم إلى النار، لاحظ الواوات، ثم (وسارعوا إلى مغفرة) جاءت الآية في إطار العطف. بينما الآية الأخرى في سورة الحديد (أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)) فيها نوع من الإيضاح والشرح لقضية معينة ثم ما عندنا نهي أو أمر فجاءت (سابقوا) من غير الواو. (وسارعوا) لما يكون تشريع ويكون هناك إثم عظيم وهوالربا على ارتكاب المخالفة. وكان كثير من المسلمين يتعاطون بالربا قبل تحريمه فلما جاء التحريم طلب منهم أن يسارعوا وليست مسألة مسابقة وإنما كل واحد مسؤول عن فعله لأنه أمر شخصي فطلب إليه أن يُسرع إلى مغفرة. كيف يُسرع لها؟ بالتوبة والتوبة شخصية فجاءت كلمة سارعوا. ليس هناك مجال للمسابقة أنت وآخَر. الآن المناسبة تعنيك والكلام على الربا والربا شخصي. لكن (سابقوا) الكلام على الدنيا والدنيا فيها منافسات وتنافس ولعب وما من لعب إلا وفيه منافسة واللهو يتنافس فيه الناس والتفاخر الناس يتنافسون فيه. اللعب واللهو كلُ يريد أن يظهر شأنه فيه وتفاخر يتسابقون في الفخر. الموضوع ليس هنا ولكن المسابقة هي أن تتسابقوا إلى مغفرة من ربكم تلجأون إلى الله تعالى عن هذا اللهو والعبث لكن فيه تسابق والسباق قطعاً فيه سرعة وزيادة.

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)

1- السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

1- ضُرّ/ ضَرّ/ ضَرَر/ ضِرار/ ضَرَّاء : تشترك جميعها في معنى الشدة والبلاء . ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه: الضُرّ : اسم لحالة البلاء وهو عام .الضَرّ: إحداث البلاء وإلحاقه بالغير. الضَرَر: العاهة ” والعمى خاصة” . أما الضَرَّاء فهو البلاء الذي يصيب البدن خاصة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)

1- الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)

1-             {ونعم أجر العاملين} بزيادة الواو لأن الاتصال بما قبلها أكثر من غيرها وتقديره ونعم أجر العاملين المغفرة والجنات والخلود. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى (ونعم أجر العاملين) . وفى العنكبوت: (نعم أجر العاملين) بغير واو فى (نعم) جوابه: لما تقدم عطف الأوصاف المتقدمة وهى قوله (والكاظمين، والعافين، والذين إذا فعلوا، ولم يصروا، جزاؤهم مغفرة، وجنات، وخلود) ناسب ذلك العطف بالواو المؤذنة بالتعدد والتفخيم. ولم يتقدم مثله في العنكبوت فجاءت بغير واو، كأنه تمام الجملة. (كشف المعاني )

3-             نعم أجر العاملين/ ونعم أجر العاملين: زيدت الواو في آية آل عمران، لاتصالها بما سبق من آيات تذكر صفات المؤمنين ، فناسب ذلك ورود واو العطف، إشارة الى التعدد والتفخيم، ولم يتقدم ذلك في آية العنكبوت فجاء ختامها خالياً من الواو . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)

1- دَمْدَم / دَمَّر/ مَحَقَ/ مَحَا / أهلك: تشترك جميع هذه الألفاظ بمعنى الإطباق، إلا أن الدمدمة تختص بملامح الإطباق والمبالغة، والضيق. ويختص التدمير بملمح الهجوم ،وفيه مباغتة ومفاجئة ، وأيضاّ بملمح الإبادة الكاملة . ويختص المحق بمعنى النقص وإذهاب البركة . ويختص المحو بمعنى الإزالة والاستئصال التام. ويختص الهلاك بتعدد معانيه واتساعها حيث يشمل : العدم المطلق ، والعدم النسبي ( أي الافتقاد ) ،والموت ، والصيرورة الى الفساد والبطلان ، والعذاب بألوانه ( الفقر ، الجوع ، الخوف … الخ ) .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما دلالة ذكر وحذف اللام فى آيتى آل عمران (140-141)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

في قوله تعالى (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران) هذه معطوفة (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) آل عمران) إحداها فيها لام والأخرى ليس فيها لام، قسم فيها عطف. الذي فيه لام يكون أقوى وآكد (وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء) أيُّها الأكثر يعلم الله الذين آمنوا أو يتخذ شهداء؟ يعلم الله الذين آمنوا أكثر. (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) أيُّ الأكثر تمحيص الذين آمنوا أو محق الكافرين؟ تمحيص الذين آمنوا فجاء باللام والأخرى لم يذكر فيها اللام، هذا المتعلق بالآية. وعندنا قاعدة الذكر آكد من الحذف.

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)

1-             قوله {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} وقال في آل عمران {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} وقال في التوبة {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} الآية الخطيب أطنب في هذه الآيات ومحصول كلامه أن الأول للنبي والمؤمنين والثاني للمؤمنين والثالث للمخاطبين جميعا . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة [ولما يأتكم] الآية. وفى آل عمران: (ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) الآية. وفى التوبة: (أم حسبتم أن تتركوا) الآية.
جوابه: أن آية البقرة في الصبر على ما كان النبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه عليه من أذى الكفار وتسلية لهم عنه، وكذلك قال: (في الذين خلوا مستهم البأساء والضراء) ليكون الصحابة مثلهم في الصبر وانتظار الفرج. وآية آل عمران: وردت فى حق المجاهدين وما حصل لهم يوم أحد من القتل والجراحات والهزيمة، فوردت الآية تصبيرا لهم على ما نالهم ذلك اليوم مما ذكرناه والآية الثالثة في التوبة: وردت في الذين كانوا يجاهدون مع النبى – صلى الله عليه وسلم – ويباطنون أقاربهم وأولياءهم من الكفار المعاندين لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولذلك قال: (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) وقال بعده (لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء) الآية (كشف المعاني )

وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وهل نجازي إلا الكفور) وقال تعالى: (كذلك نجزي من شكر) وقال: (وسيجزي الله الشاكرين) ؟ . جوابه: المراد: هل يجازى بالظلم والمعاصى حتما إلا الكفور، لأن المؤمن قد يعفى عنه، فلا يجازى بمعصية تفضلا عليه، ولشرف الإيمان. (كشف المعاني)

2-              (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران) و(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) آل عمران) ما الفرق بين سيجزي وسنجزي؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الآية توضح المسألة (وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران) (فلن يضر – وسيجزي الله) هو لم يتكلم بضمير المتكلم أما الآية الثانية (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) آل عمران) بالإسناد إلى ضمير المتكلم (نؤته منها – وسنجزي) الفعل في الحالين مسند إلى ضمير المتكلم الله أما تلك فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين يعني لا ينقلب على عقبيه هذا شخص والذي يجزي هو آخر وهو الله سبحانه وتعالى أما الثانية الفاعل واحد والمؤتي واحد والمجازي واحد وسنجزي الشاكرين هو لله سبحانه وتعالى. الفرق أنه صرّح بالفاعل في آية وأضمر في الأخرى.

3-              (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران) ما اللمسة البيانية في ختام الآية؟ وما دلالة استخدام الشكر بدل الصبر؟(د.فاضل السامرائى)

السؤال كان لماذا الشاكرين وليس الصابرين؟ سيجزي الله الشاكرين معناها سيثيب الثابتين على دين الإسلام أي صبروا فثبتوا فشكروا الشكر مرحلة أخرى، صبر فثبت فشكر على صبرهم ، الشكر مرحلة بعد الصبر وأعمّ منها، الصبر على المصيبة والثبات والشكر على صبرهم وثباتهم أنهم لم يضلوا فشكروا. فالشكر يكون مرحلة بعد الصبر لأن الشكر اقتضى الصبر وزيادة. الصبر فقط صبر على الفراق مرحلة لكن المطلوب ما بعد هذه المرحلة ليس مجرد الصبر ولكن أن يثبتوا ويشكروا ربهم على أنهم ثبتوا وشكروا ربهم على إتمام النعمة لأن الرسول لا يرحل إلا بعد إكمال النعمة فإذا ذهب الرسول ومات فإنما يكون بعد إتمام الدين فيشكروا الله تعالى على أمرين على ثباتهم وعلى إتمام الدين فربنا سبحانه وتعالى سيجزي الشاكرين. وقبل هذه الآية السياق في الشكر (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)) السياق في الشكر. الشاكرين الذين شكروا الله سبحانه وتعالى على أنه صبّرهم وثبّتهم فشكروا ويشكرون الله تعالى على أنه أتمّ الدين كله لأن الرسول لا يذهب إلا بعد تمام الدين، اقتضى الشكر على تمام الدين، فاقتضى الشكر من أكثر من جهة أعمّ وهي مرحلة بعد الصبر وعلى تمام الدين إذن ذكر ما هو أعمّ وأهمّ والمرحلة الأخرى فالله تعالى يريد منا الشكر في كل شيء، إذا كنت قد صبرت على البلية فلك أجر الصابرين فإن شكرت كان أجرك أعلى، شكرته على صبرك هذه عبادة وشكرته على العبادة هذه صارت عبادة أخرى. الصبر على المصيبة عبادة هذا له أجر فإن شكرته على أن ثبتك على هذا الصبر صارت عبادة أخرى وكأن الشكر مرحلة الرضا عما حدث لهم بقضاء الله وقدره وهذه مرحلة أعلى (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ).

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)

1-              ما الفرق بين صيغة الفعل بالماضى مرة وبالمضارع مرة فى قوله تعالى(وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً(19) الاسراء و(وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145) آل عمران؟(د.فاضل السامرائى)

2-              فى قوله تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً(19) الاسراء، ذكر الآخرة وجاء بالفعل الماضي لأن الآخرة واحدة وهي تراد. لكن عندما تحدث عن الدنيا قال: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145) آل عمران.

لأن إرادة الثواب تتكرر دائما. كل عمل تفعله تريد الثواب، فهو إذن يتكرر والشيء المتكرر جاء به بالمضارع يشكر، فالشكر يتكرر لأن النعم لا تنتهي ” وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ 34″ إبراهيم

فالشكر يتكرر، كلما أحدث لك نعمة وجب عليك أن تحدث له شكرا أما الكفر فهو أمر واحد حتى إن لم يتكرر، فإن كفر الإنسان بأمر ما فقد كفر، إن كفر بما يعتقد من الدين بالضرورة فقد كفر، لا ينبغي أن يكرر هذا الأمر لأنه إن أنكر شيئا من الدين بالضرورة واعتقد ذلك فقد كفر وانتهى ولا يحتاج إلى تكرار، أما الشكر فيحتاج إلى تكرار لأن النعم لا تنتهي. وفيه إشارة إلى أن الشكر ينبغي أن يتكرر وأن الكفر ينبغي أن يقطع، فخالف بينهما في التعبير  فجاء بأحدهما  في الزمن الحاضر الدال على التجدد والاستمرار وجاء بالآخر في الزمن الماضي الذي ينبغي أن ينتهي.

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) الآية. وقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) . وقال جوابه: تعالى: (ويقتلون الأنبياء بغير حق) . وقال تعالى: (وكأين من نبي قاتل) عند من وقف على ” قاتل “. جوابه: تقدم وهو إما عام أريد به رسل مخصوصون، وهم الذين أمروا بالقتال. فقد قيل: ليس رسول أمر بذلك إلا نصر على من قاتله، وإما أريد به العاقبة إما لهم أو لقومهم بعدهم وإما يراد به النصر عليهم بالحجة والدليل، أو بالسيف، أو بهما. ( كشف المعاني )

وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)

1-آتى / أعطى: يستعمل الإيتاء: للشيء الكثير والعظيم الشأن كالملك والحكمة والرحمة والخير والقرآن العظيم. بينما يكون الاعطاء للشيء القليل ويكون عن كره . الاعطاء يتوقف على القبول بينما الايتاء لا يتوقف على القبول ويكون عن طيب خاطر. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)

1- أنصار/ ناصرون: صيغة “أنصار” جمع نصير، نحو شريف وأشراف. فهو جمع لصيغة المبالغة الدالة على ثبوت الصفة مع المبالغة فيها؛ ولذا أُطلِق على أهل المدينة ممن نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه. وصيغة “ناصرين” جمع مذكر سالم مفرده “ناصر”، ويدل على مجرد إثبات الصفة دون مبالغة فيها؛ ولذلك جاء في أكثر سياقاته لنفى النصرة عن الظالمين، فنفى عنهم مجرد النصر .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)

1-             مسألة: قوله تعالى: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) الآية. وقال في آل عمران في يوم أحد: (منكم من يريد الدنيا) الآية وهم أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم -؟ . جوابه: من وجوه: قيل: هو عام ومعناه خاص في الكفار من أهل الكتاب والربانيين وغيرهم. وقيل: هو في العصاة من المؤمنين، ويكون قوله تعالى: (ليس لهم في الآخرة إلا النار) إن جازاهم على ذلك، لكنه يعفو عنهم إذا شاء. وقيل: المراد من كان يريد الدنيا فقط خاصة دون الآخرة لعدم إيمانه بها أو إهماله لشأنها. ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) وقال تعالى في آل عمران في بعض الصحابة: (منكم من يريد الدنيا) ونصيبهم في الآخرة وافر؟ . جوابه: أن المراد من يريد الدنيا خاصة دون الآخرة، لعدم ايمانه بها لا مطلقا. ( كشف المعاني )

3-             أَفَكَ / صَرَفَ: الأفك هو نوع من الصرف والتحويل ولكن باستخدام الإِفْك ( أي الكذب ) وسيلة لذلك. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في ذم الكفار والمكذبين. بينما استعمل الصَرْفْ في القرآن الكريم لمطلق الرد والتحويل. فالأفْك وسيلته هي الكذب وهو أخصّ من الصرف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

4-             التَّفَرُّق/ التنازُع: إن لفظي “التفرُّق- التنازع” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يجتمعان في معنى الاختلاف. ويختص التفرُّق بملمح الشدَّة بما يفضى إلى التمزُّق والعداوة. كما أن للتفرق معنى ماديًّا خاصًّا به هو مفارقة الأبدان، بينما للتنازع معنى مادىٌّ آخر خاص به هو: التجاذب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)

1-الأجر – الثواب: كلاهما قد يكون في الدنيا أو في الآخرة لكن الأجر يسبقه جهد أو بذل وقد يكون من الله أو الإنسان ولا يكون الا بالخير, بينما الثواب لا يكون الا من الله وقد يستعمل في الشر.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-              ما دلالة كتابة كلمة (كي لا) منفصلة مرة في آية سورة الحشر و(لكيلا) موصولة في آية سورة آل عمران؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً خط المصحف لا يقاس عليه أصلاً لكن يبدو في هذا الرسم ملحظ بياني والله أعلم في أكثر من موطن. فمرة تكتب (لكي لا) مفصولة ومرة (لكيلا) موصولة. وأقول أن هذا ليس فقط للخط وإنما لأمر بياني

في آية سورة آل عمران (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) جاءت لكيلا متصلة لأن المعنى يدل على أن الغمّ متصل بالغمّ غمّ الهزيمة وغمّ فوات الغنائم وهذا اقتضى الوصل فوصل (لكيلا).وفي آية سورة الحشر (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (7) فصل (لكي لا) هنا لأنه يريد أن يفصل الأموال لأنها لا ينبغي أن تبقى دُولة بين الأغنياء وإنما يجب أن تتسع الأموال لتشكل الفقراء فاقتضى الفصل في رسم (لكي لا) في هذه الآية.

وهذا الأمر نقول أنه من باب الجواز فهو جائز أن تكتب لكيلا متصلة أو منفصلة (لكي لا) لكنها تُرسم أيضاً بما يتناسب مع الناحية البيانية والبلاغية بحيث تتناسب مع الأحكام

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)

1- بدا / بَرَزَ / ظَهَرَ : تشترك جميعها في معنى الوضوح والانكشاف، لكن يختص البدو بملمح البيان، بينما يختص البروز بملمح الشدة والبأس، ويختص الظهور بإطلاقه على معنى آخر وهو الغلبة والقوة. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)

1-الإثم – الجناح – الحوب- الخطيئة – الذنب – الذلل – السيئة – الفاحشة والفحشاء  – المنكر – الوزر :

ان الإثم في الاستعمال القرآني هو فعل قبيح يستوجب الذم واللوم تنفر منه النفوس ولا تطمئن اليه القلوب وهو لفظ عام يشمل صغائر المعاصي وكبائرها.

الجناح : هو أعم من الإثم والذنب ويقتضي العقاب أو ما دون العقاب كالزجر , وفيه ميل الى المعصية وان لم يقع فيها ، ويلاحظ انه استعمل منفياً في جميع مواضعه في القرآن الكريم  وهذا يعني التخيير بين الفعل والترك.

الحوب : وردت هذه الكلمة في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة النساء , والحوب هنا الذنب العظيم الكبير .

الخطأ والخطيئة والخِطء: وردت كلمة خَطَأ مرتين في القرآن الكريم في سورة النساء , فالخطأ هو فعل غير اختياري أما الخطيئة فهي صغائر الذنوب والخطء ورد مرة واحدة في القرآن بمعنى ذنباَ عظيمَ وفيه عمد .

الذنب: يشمل الصغائر والكبائر كما يشمل كل ما لا يحمد عقباه. وفي الأغلب يكون بين الإنسان وربه.

الزلل: الخطأ الصغير غير المقصود الذي يجر فاعله الى ما هو أعظم.

السيئة: الفعلة القبيحة بين الإنسان والآخرين تشين صاحبها وهي ضد الحسنة .

الفاحشة والفحشاء:  هي ما تجاوز الحد في القبح من المعاصي والذنوب.

المنكر:  أشد الذنوب وأفظعها بعد الفاحشة هي اسم جامع لكل عمل تستفظعه النفوس لفساده من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق …

الوزر:  الإحساس المصاحب للذنب ووطأته على نفس صاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)

1-الأسف – الأسى – البث – الحزن- الحسرة – الغم:

الأسف في القرآن الكريم يجمع بين عدة معانٍ: الحزن والغضب والجزع ودوام هذه الحال وشدتها.

الأسى: حزن شديد فيه جزع وذهول وهو مستنكر.

البث: أشد الحزن وسمي كذلك لأن من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أي ينشره .

الحزن: مفهوم عام يشمل الثقيل منه والخفيف وما يذهل الإنسان وما لا يذهله .

الحسرة: أشد الحزن ويصحبها الندم وانكشاف الحال والضعف والإعياء مع ملمح الدوام .

الغم: حزن شديد ثقيل يذهل صاحبه ويطبق عليه.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)

1-  ورد في آل عمران قوله تعالى (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (158)) بضم الميم وفي سورة المؤمنون (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35)) بكسر الميم. من الناحية اللغوية لا إشكال في ذلك لأنه في (مات) لغتان كما يذكر أهل اللغة عندنا مات يموت مثل قال يقول ومات يمات مثل خاف يخاف ونام ينام، الأشهر مات يموت. من العرب الذي يقول مات يمات يقول مِتُ مثل خاف يخاف خِفت ونام ينام نِمت والذي يقول مات يموت يقول مُت مثل قال يقول قُلت. إذن من حيث اللغة ليس فيها إشكال لأن فيها لغتان مات يموت مُت ومات يمات مِت. يبقى من الناحية البيانية لماذا اختار مثلاً هذه اللغة في آل عمران مُت وفي المؤمنون مِت؟. الضمة كما هو مقرر أثقل الحركات. حالة الموت المذكورة في آل عمران أثقل وأشد مما هو مذكور في آية المؤمنون. ذكر أولاً معركة أحد وما أصابهم من قتل ثم ذكر الموت في الغزوات والضرب في الأرض يعني الموت في الغربة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (158)) بينما في سورة المؤمنون يتحدث عن الموت على الفراش (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35))، أيها الأصعب الموت في الغربة والجهاد أو الموت على الفراش بين الأهل؟ الموت في الغربة أصعب إذن يأتي الحركة الأثقل (مُتم) يأتي بالعلامة المناسبة.

استطراد من المقدم: هذه تحتاج إلى بحث في القرآن بعض الكلمات التي فيها لغتان ويختار لغة عن لغة هنا هذا شيء مقصود بذاته.

كلما يقول (إِذَا مِتُّمْ) (أَئِذَا مِتْنَا (82) المؤمنون) مِتنا بالكسر وفي آل عمران أثقل (مُتم) بالضم.

وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإٍلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)

1- التسليم / التفويض/ التوكُّل: إن الألفاظ ” تسليم – تفويض- توكُّل” بينها تقارب دلالي؛ حيث تشترك في معنى: ردّ الأمر إلى الله عز وجل. ويتميز كلٌّ بملامح فارقة: فالتسليم: إذعان تامٌّ ورضا بالحكم. والتفويض: تسليم الأمر إلى الله، في أحوال مخصوصة يكون فيها ظلم ووعيد واقعٌ على المفُوِّض. والتوكُّل: فيه معنى الكفاية، وملاحظة عظمة الله وقدرته، وعدم الاستغناء عنه قَطّ..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ثم توفى كل نفس ما كسبت) ومثله في آل عمران. وقال في النحل والزمر: (ما عملت) * جوابه: هو من باب التفنن في الألفاظ والفصاحة. وأيضا: لما تقدم في الزمر لفظ الكسب في مواضع مثل (وبدا لهم سيئات ما كسبوا، وأصابهم سيئات ما عملوا. فعدل إلي لفظ (عملوا) تركا للتكرار، ولم يتقدم ذلك في البقرة وآل عمران. وأنه: إشارة إلى أن الأعمال كسب العبد خيرا – كان أو شرا. (كشف المعاني )

أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)

1- السخط/ الغضب/الغيظ: إن السخط والغيظ لا تظهر آثارهما على الجوارح، والفرق بينهما أن الغيظ انفعال بسوء لحقه من الغير، أما السخط فهو مجرد الكراهة وعدم الرضا بالشيء وإن لم يلحقه سوء. وأما الغضب فيختلف عن السخط والغيظ بملمحين: الشدة، وظهور أثر ذلك على الجوارح. وقد جاز اسناد السخط والغضب الى الله عز وجل ، وامتنع اطلاق الغيط عليه سبحانه وتعالى.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين ختام الآيتين(وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) و(مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)الحديد؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

3-  كل الآيات التي ورد فيها (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا والدنيا لا تزال غير منقضية وأما فى سورة الحديد (مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)فإنه قيل وهم في الآخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين وأتاهم العذاب من قبله فالنار قريبة منهم فقال (هي مولاكم).

4-  (وبئس المصير) هذه أنسب خاتمة لهم فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير الحسن والمستقبل المشرق فكانت لهم الظلمة والمصير الأسوأ.

هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)

1-             قوله {رسولا من أنفسهم} بزيادة الأنفس وفي غيرها {رسولا منكم} لأنه سبحانه من على المؤمنين به فجعله من أنفسهم ليكون موجب المنة أظهر وكذلك قوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} لما وصفه بقوله {عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} جعله من أنفسهم ليكون موجب الإجابة والإيمان أظهر وأبين. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) . وقال في آل عمران والتوبة (من أنفسهم) و (من أنفسكم* (4) ؟ . جوابه: أن آية البقرة في سياق دعاء إبراهيم. وفى آل عمران والتوبة في سياق المنة عليهم، والرحمة والإشفاق منه عليهم، فناسب ذكر ومن أنفسهم لمزيد الحنو والمنة، وكذا بالمؤمنين رؤوف رحيم. (كشف المعاني )

3-             رسولاً منهم/ رسولاً من أنفسهم/ رسولٌ من أنفسكم: جاءت آية البقرة في سياق دعاء إبراهيم عليه السلام أثناء بنائه الكعبة المشرفة. أما الآيتان الأخريان فهما في سياق تعداد المنن والنعم الإلهية على عباده المؤمنين، فناسب ذلك ذكر الوصف “من أنفسهم” لمزيد من الرحمة والحنوِّ والإنعام عليهم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ولينصرن الله من ينصره) وقال تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الآية. وقال تعالى: (والذين قتلوا في سبيل الله) وأشباه ذلك كوقعة أحد وحنين وبئر معونة. جوابه: أن ناصر دين الله منصور بإحدى الحسنيين، أو أنه النصر في العاقبة، أو هو عام مخصوص كغيره من العمومات المخصوصة، والله أعلم. ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين (47) وفى آل عمران: (أولما أصابتكم مصيبة) الآية؟ . جوابه: تقدم في سورة الحج، وأن المراد به أن العاقبة لهم وإن تقدم وهن فلتمحيصهم وأجورهم. . ( كشف المعاني )

وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)

1- الرِّياء/ النفاق: إن النفاق أَخَصُّ من الرياء، فالرياء: أن يُظهر المرء خلاف ما يُبْطِن، والنفاق: إظهار الإيمان وكتمان الكفر.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ولينصرن الله من ينصره) وقال تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الآية. وقال تعالى: (والذين قتلوا في سبيل الله) وأشباه ذلك كوقعة أحد وحنين وبئر معونة. جوابه: أن ناصر دين الله منصور بإحدى الحسنيين، أو أنه النصر في العاقبة، أو هو عام مخصوص كغيره من العمومات المخصوصة، والله أعلم. ( كشف المعاني )

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

1- الاستبشار / البهجة / الحبور / السرور / الفرح: إن الاستبشار والبهجة والحبور تأتي مترادفة ، حيث تشترك هذه الألفاظ الثلاثة في الحسن والجمال وظهور أثر ذلك على ظاهر الانسان ، ولعل في الحبور ملمحاً زائداً هو النعمة . بينما يتميز السرور عن هذه الألفاظ بكونه خفياً لاشتقاقه من السر فهو فرح خالص مكتوم في القلب ، ويختلف الفرح عنها بدلالته عن معنى مغاير هو البَطَر فهو مموماً وإن لم يصاحبه بطراً فهو محمود . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)

1- الاستبشار / البهجة / الحبور / السرور / الفرح: إن الاستبشار والبهجة والحبور تأتي مترادفة ، حيث تشترك هذه الألفاظ الثلاثة في الحسن والجمال وظهور أثر ذلك على ظاهر الانسان ، ولعل في الحبور ملمحاً زائداً هو النعمة . بينما يتميز السرور عن هذه الألفاظ بكونه خفياً لاشتقاقه من السر فهو فرح خالص مكتوم في القلب ، ويختلف الفرح عنها بدلالته عن معنى مغاير هو البَطَر فهو مموماً وإن لم يصاحبه بطراً فهو محمود . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)

1-  ختمت آية (29)سورة الحديد بالتعريف (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وفي آل عمران (وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)) فما الفرق؟ (د.فاضل السامرائى)

في آل عمران في أُحد وفي نجاتهم مما كان يراد بهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)) هذا أكبر أو النور والرحمة والمغفرة؟ انقلبوا لم يمسسهم سوء، المغفرة والرحمة والنور أكبر لذا قال ذو الفضل العظيم.أما  لو مسهم سوء لهم أجر. أما فى سورة الحديد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)) كفلين من رحمته ويغفر لكم ويجعل لكم نوراً هذه أكبر إذن والله ذو الفضل العظيم. التعريف يفيد العموم والشمول والتنكير يفيد التقليل

إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)

1- الحظ/ النصيب: إن لفظي “حظ- نصيب” بينهما تقارب دلالي، فكلاهما مشتركان في ملمح القَسْم المُعَيَّن. ولكن النصيب عامُّ في الخير والشَّرِّ، بينما الحظُّ مختصٌّ بالفضل والخير.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين خواتيم الآيات في سورة آل عمران (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))؟(د.فاضل السامرائى)

3-  نقرأ الآيات ونوضح سبب الاختيار. (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)) ذكر أن هؤلاء يعجلون في الكفر، يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة لا في الآخرين فإذن ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب. إنما الآية الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  (177)) الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان يعني تركوا الإيمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر يتألم فله عذاب أليم. (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178)) هؤلاء أملى لهم من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق الله، هذا المستطيل يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا، كان يعتز ويفخر فيهان. العذاب متحقق في الثلاثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن قيل فيه.

إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)

1- البٌخْل/ الشُّح : البخل ضد الكرم وهو إمساك المال والمقتنيات عما لا يحق حبسها عنه. والشح أشد البخل وفيه حرص، ويشمل المال والمعروف كما أنه عادة متأصلة ثابتة في نفس الشحيح. ( معجم الفروق الدلاليةَ تصرف )

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)

1-  قوله {ويقتلون النبيين بغير الحق} في هذه السورة وفي آل عمران {ويقتلون النبيين بغير حق} وفيها وفي النساء {وقتلهم الأنبياء بغير حق} لأن ما في البقرة إشارة إلى الحق الذي أذن الله أن تقتل النفس به وهو قوله {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} فكان الأولى أن يذكر معرفا لأنه من الله تعالى وما في آل عمران والنساء نكرة أي بغير حق في معتقدهم
ودينهم فكان هذا بالتنكير أولى وجمع النبيين جمع السلامة في البقرة لموافقة ما بعده من جمعى السلامة وهو {النبيين} {الصابئين} وكذلك في آل عمران {إن الذين} وناصرين ومعرضون بخلاف الأنبياء في السورتين . ( أسرار التكرار )

ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182)

1- عباد/ عبيد: إن لفظ “عِباد” جمع للعبد بمعنى العابد لربه. ولفظ “عبيد” جمع للعبد المملوك الرَّقيق.

وقد أضيف إلى الله عز وجل لأن الله هو المالك الحق لرقاب الناس، وهو المستحِقُّ للعبودية دون سواه.

أما “العِباد” فلم يُستعمَل في القرآن إلا بمعنى العابدين المخلصين، وإن ورد في بعض المواضع مضافًا إلى غير الله عز وجل فالمراد بذلك التنبيه على المساواة بين “العبيد المملوكين” وسادتهم؛ لأن الجميع عبادٌ لله عز وجل وذلك لحكمة هي الإشارة إلى أنه يجب معاملة هؤلاء العبيد كبشر لهم كامل الحق في الحياة، وبخاصة لما يتميزون به من صلاح وطاعة لله عز وجل .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)

1-  ما دلالة التذكير والتأنيث في قوله تعالى(الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) آل عمران)و(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) الأعراف) ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

بحسب القاعدة النحوية المعروفة أنه جائز باعتبار أن جمع التكسير يجوز تذكيره وتأنيثه. يؤنّث الفعل عندما يكون الفاعل أكثر وإذا كان أقل يُذكّر الفعل. كما جاء في قوله أيضاً (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا ..(14) الحجرات) استخدم الفعل قالت مؤنثاً لأن الأعراب كُثُر. وكذلك في قوله تعالى (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) آل عمران) هؤلاء مجموعة من الرسل أما في قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) الأعراف) المذكورون هم جميع الرسل وهم أكثر من الأولى لذا جاء الفعل مؤنثاً.

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)

1-             قوله {جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير} ههنا بباء واحدة إلا في قراءة ابن عامر وفي فاطر {بالبينات وبالزبر وبالكتاب} بثلاثة باءات لأنه في هذه السورة وقع في كلام مبني على الاختصار وهو إقامة لفظ الماضي في الشرط مقام لفظ المستقبل ولفظ الماضي أخف وبني الفعل للمجهول فلا يحتاج إلى ذكر الفاعل وهو قوله {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك} لذلك حذفت الباءات ليوافق الأول في الاختصار بخلاف ما في فاطر فإن الشرط فيه بلفظ المستقبل والفاعل مذكور مع الفعل وهو قوله {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم} ثم ذكر بعدها الباءات ليكون كله على نسق واحد. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير) . وفى فاطر: (بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير) بالباء في الثلاثة؟ جوابه: أن آية آل عمران سياقها الاختصار والتخفيف بدليل حذف الفاعل في “كذب ” وورود الشرط ماضيا وأصله المستقبل، فحذف الجار تخفيفا لمناسبة ما تقدم. وأية فاطر سياقها البسط بدليل فعل المضارع في الشرط، وإظهار فاعل التكذيب، وفاعل ومفعول (جاءتهم رسلهم) ، فناسب البسط ذكر الجار في الثلاثة. (كشف المعاني )

3-             بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ / جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ: في آية آل عمران أُثبِتَت الباءُ في أول الأسماء الثلاثة المعطوفة: {بِالْبَيِّنَاتِ} فقط؛ وذلك لأنها في سياق الاختصار والإيجاز، وكذا حُذِفَ فاعل {كُذِّبَ} وبُنِىَ الفعل للمجهول، كما جاء فعل الشرط ماضيًا .. وكل هذا من طرق بناء الكلام على الإيجاز والتخفيف، فناسب ذلك أن تحذف الباء من المعطوفين ليكون نظم الجمل متناسبًا ومطبوعًا بسمة أسلوبية موحَّدة. أما في آية فاطر فأثبتت الباء في المعطوفات الثلاثة: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}؛ لأن نظم الآية كلها مبنىٌّ على التفصيل والبسط، فقد ذُكِرَ الفاعلُ، كما جاء فعل الشرط في صورة المضارع، وهذا من طرق البسط والتفصيل؛ فناسبه إثبات الباءات الثلاث ليكون الكلام على نسق أسلوبي واحد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)

1-  (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (185) آل عمران) (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) الزمر) ما دلالة استخدام كلمة ذائقة مع الموت؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً الذوق هو إدراك الطعم واستعمله هنا من باب المجاز لأن الموت لا يُذاق كالطعام وشاع في كلام العرب إطلاق الذوق على الخير والشر والقرآن استعمله في العذاب والرحمة ولم يخصصه بشيء فقال تعالى (فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) آل عمران) (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا (50) فصلت) لا يختص الذوق بالموت تحديداً.

لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)

لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)

1- الاستبشار / البهجة / الحبور / السرور / الفرح: إن الاستبشار والبهجة والحبور تأتي مترادفة ، حيث تشترك هذه الألفاظ الثلاثة في الحسن والجمال وظهور أثر ذلك على ظاهر الانسان ، ولعل في الحبور ملمحاً زائداً هو النعمة . بينما يتميز السرور عن هذه الألفاظ بكونه خفياً لاشتقاقه من السر فهو فرح خالص مكتوم في القلب ، ويختلف الفرح عنها بدلالته عن معنى مغاير هو البَطَر فهو مموماً وإن لم يصاحبه بطراً فهو محمود . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190)

1-             مسألة: قوله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات) وفى يونس: (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات) . قدم هنا خلق السموات، وأخر عنه في يونس؟ . جوابه: لما قال هنا (ولله ملك السماوات والأرض) أتبعه بخلقها، ثم ب: (اختلاف الليل والنهار) . وفى يونس لما قال: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) إلى قوله: (لتعلموا عدد السنين والحساب) ، وإنما ذلك باختلافهما: ناسب ذلك اتباعه بذكر اختلاف الليل والنهار. (كشف المعاني )

2-             خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار / اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض: في آية آل عمران قُدِّم خلق السماوات والأرض؛ ليناسب ما تقدم في الآية السابقة فأُتْبِعَ مُلكُ السماوات والأرض بخلقهما، ثم اختلاف الليل والنهار. أما في آية يونس فقُدِّم اختلاف الليل والنهار؛ ليناسب ما تقدم في الآية السابقة . والشمس والقمر آيتا الليل والنهار، وعدد السنين والحساب إنما يعرف باختلاف الليل والنهار. ثم تلا ذلك ذكر {وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193)

1- أبرار/ بَرَرَة

الملاحظ أن الجمع “أبرار” في القرآن الكريم ورد في وصف البشر، بينما ورد الجمع “بررة” وصفًا للملائكة، وهذا يرجِّح ما ذهب إليه الدكتور فاضل السامرائي، حيث يرى أن “الأبرار” جمع قلة، فهو وإنْ وُصِفَ به الناس “وهم كثرة” فهؤلاء قِلَّة بالقياس إلى الفُجَّار من الناس.

أما الجمع “بررة” فهو جمع كثرة؛ ولذلك استُعْمِل وصفًا للملائكة لأنهم جميعًا بَرَرة هذا بالإضافة إلى ملاءمة الصيغة للفاصلة القرآنية، فجاءت صيغة “بررة” في سورة عبس لموافقة الفواصل قبلها وبعدها: [تذكِرَة ـ ذَكَرَه ـ مكرَّمة ـ مطهَّرة ـ سَفَرة ـ برَرَة ـ أكفَرَه ـ فقدَّره … إلخ]. .(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

2-ما الفرق بين كفّر عنهم سيئاتهم وغفر لهم ذنوبهم وحطّ عنهم خطاياهم؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

السيئات هي الصغائر صغار الذنوب والذنب أكبر والخطيئة عامة. لماذا يستعمل مع السيئات التكفير والمغفرة مع الذنوب (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا (193) آل عمران)؟ قلنا السيئات الصغائر والذنوب الكبائر، التكفير في الأصل الستر وكفر الشيء أي ستر الكافر في الشريعة هو الذي خرج عن الملة هذا في الاصطلاح وفي اللغة يعني ستر. وأصلها كفر البذرة أي غطاها وسترها بتراب ومأخوذ أصلاً من الزرع فالزارع يسمونه الكافر لأنه يستر البذرة في الأرض، كفرها أي سترها والليل سمي كافراً لأنه يستر الناس (لي فيك أجر مجاهد إن صح أن الليل كافر) من أسماء الليل الكافر لأنه يستر. نأتي إلى المغفرة من المِغفَر والمِغفر هو الغفر والستر، المِغفر وهو الذي يُلبس في الحرب حتى يمنع السِهام.أيها الأمنع من الإصابة المِغفر أو التراب في الأرض؟ المِغفر أمنع. الليل يستر لكن لا يمنع سهماً أو إصابة وإنما يستر على العموم لكن لو جاءت ضربة لا تمنع أما المِغفر يمنع، فلما كان الذنب أكبر فهو يحتاج إلى مانع أكبر لذا قال معه مغفرة لأن الذنب أكبر، الذنب يصيب الإنسان إصابة كبيرة فيحتاج إلى مغفرة كما يحتاج المِغفر في الحرب. لما كان الذنب أكبر إحتاج لمانع أكبر ولمغفرة أشدّ. كفر ستر قد تكون بدون منع أو قد تكون بمانع خفيف لذا قال (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا).

عندما تكفر البذرة في التربة تحتاج حفرة صغيرة وتسترها لكن المغفرة أكبر. إذن الذنب هو أكبر من السيئة ولذلك يستعمل معه المغفرة لأنه لما كان أكبر احتاج لوقاية أكبر والخطيئة عامة قد تكون لأكبر الذنوب وقد تكون للصغائر تستعمل فيها كلها، السيئة صغائر وقد تكون من اللمم ,أنت تقول أسأت إلى فلان ولا تقول له أذنبت معه. والذنب أكبر، يستعمل كفر عنا سيئاتنا لأنها صغيرة ومع الذنوب يقول غفران.

3-قال تعالى (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) آل عمران) وقال (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران) لماذا اختلاف الخاتمة؟ (د.فاضل السامرائى)

كيف تأتي الخاتمة؟ الخاتمة تختلف بحسب السياق والغرض.الآية (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران) قبلها مباشرة (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)) هل يمكن في القتال أن تقول توفّنا؟ تقول في القتال انصرنا، لذا لا يجوز أن نقتطعها ونضع لها خاتمة. ولا يمكن أن تضع خاتمة تلك الآية في هذه الآية لأن كل منها في سياق واحدة في سياق حرب وقتال وطلب الثبات. والقدامى يضربون لنا مثالاً (ون تعدوا نعمت الله لا تحصوها) وردت مرتين كل مرة بخاتمة، الآية الواردة في سورة النحل (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)) هي في بيان صفات الله فختمها بقوله (إن الله لغفور رحيم) أما الثانية ففي بيان صفات الإنسان وجحوده، فلما كانت في بيان صفات الإنسان وجحوده ختمها (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) النعم لا تحصى لكن الإنسان ظلوم كفار مع أن نِعَم الله إن الإنسان متتالية عليه ومتتابعة لكنه ظلوم كفار، السياق هكذا واحدة في صفات الله وواحدة في صفات الإنسان فلا يصح أن تؤخذ الآية مقتطعة من سياقها. حتى في حياتنا اليومية نذكر أمراً لكن الغرض من ذكره يختلف، مثلاً تذكر حادثة غريبة تدل على كسل شخص لكنك تذكر الحادثة لبيان صفة الشخص أو للتندر منها أو لبيان أن هذا الشخص لا يصلح في المكان الذي عُهِد به إليه أو سيفرِّط في المسألة، هي مسألة واحدة لكن ما الغرض من الذي ذكرته؟ التعقيب يكون بحسب الغرض من الذكر في حادثة واحدة يمكن أن نذكرها في أماكن متعدة وفي جلسات متعددة وهكذا ينبغي أن يكون النظر في خواتيم الآيات عموماً لا نقتطعها وإنما نضعها في سياقها وننظر الغرض في هذه الآية.

رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)

1-             قوله تعالى {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد} أو السورة وفي آخرها {إنك لا تخلف الميعاد} فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة في أول السورة واستمر على الخطاب في آخرها لأن ما في أول السورة لا يتصل بالكلام الأول كاتصال ما في آخرها فإن اتصال قوله تعالى {إن الله لا يخلف الميعاد} بقوله {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} معنوي واتصال قوله {إنك لا تخلف الميعاد} بقوله {ربنا وآتنا ما وعدتنا} لفظي ومعنوي جميعا لتقدم لفظ الوعد ويجوز أن يكون الأول استئنافا والآخر من تمام الكلام. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {أنظرني إلى يوم يبعثون} وفي الحجر وص {رب فأنظرني} لأنه سبحانه لما اقتصر في السؤال على الخطاب دون صريح الاسم في هذه السورة اقتصر في الجواب أيضا على الخطاب دون ذكر المنادى وأما زيادة الفاء في السورتين دون هذه السورة فلأن داعية الفاء ما تضمنه النداء من أدعو أو أنادى نحو {ربنا فاغفر لنا} أي أدعوك وكذلك داعية الواو في قوله {ربنا وآتنا} فحذف المنادى في هذه السورة فلما حذفه انحذفت الفاء . ( أسرار التكرار )

3-             مسألة:قوله تعالى: إن الله لا يخلف الميعاد) . وفى آخر السورة (إنك لا تخلف الميعاد) جوابه: أن الأول: خبر من الله تعالى بتحقيق البعث والقيامة. والثاني: في سياق السؤال والجزاء، فكان الخطاب فيه أدعى إلى الحصول. (كشف المعاني )

4-             إنَّ الله لا يخلف الميعاد/ إنَّك لا تخلف الميعاد:قول الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}. وفى آخر السورة: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} الأول خبر من الله عز وجل بتحقُّق البعث والقيامة، والثاني في سياق السؤال والجزاء، فكان الخطاب فيه أدعَى إلى الحصول. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)

1- الأجر – الثواب: كلاهما قد يكون في الدنيا أو في الآخرة لكن الأجر يسبقه جهد أو بذل وقد يكون من الله أو الإنسان ولا يكون الا بالخير, بينما الثواب لا يكون الا من الله وقد يستعمل في الشر.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)

1-  قوله {ثم مأواهم جهنم} ههنا وفي غيرها {ومأواهم جهنم} و66 9 لأن ما قبلها في هذه السورة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} {متاع قليل} أي ذلك متاع في الدنيا قليل والقليل يدل على تراخ وإن صغر وقل وثم للتراخي فكان طبقا له والله تعالى أعلم . ( أسرار التكرار )

2-  مسألة: قوله تعالى هنا: (ثم مأواهم جهنم) بثم. وفى غيره: ((ومأواهم جهنم)) بالواو؟ .
جوابه: لما تقدم قوله تعالى: تقلبهم فى البلاد و (متاع قليل) والمراد في الدنيا، وجهنم إنما هي في الآخرة، فناسب: (ثم التي للتراخي. وأية الوعد: عطف جهنم على (سوء الحساب) وهما جميعا في الآخرة، فناسب العطف بالواو. (كشف المعاني )

3- ثم مأواهم جهنم / ومأواهم جهنم : جاءت (ثم) في آية آل عمران، لأن هذه الآية قد سبقت بقوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد). وتقلبهم في البلاد يستغرق وقتاً وإن كان قليلاً، فذكر حرف العطف الدال على التراخي: (ثم). أما الآيات الأخرى فقد عطفت بالواو زمني. لم تتضمن ما يدل على التراخي أو وجود فاصل زمني، فناسب ذلك العطف بالواو الدالة على الاشتراك في الحكم دون الدلالة على التراخي. وهذان في الآخرة وليس بينهما فاصل زمني . وفي الآيات الأخرى لم تذكر الحياة ومتاعها، فجيء فيها بالواو دون( ثم)، لإفادة وقوع هذه الأحكام جميعها عليهم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)

1-  ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل أنزل ونزّل وبين أُنزل إليك وأُنزل عليك؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أنزل على صيغة أفعل ونزّل على صيغة فعّل وهي تفيد التكثير كقوله تعالى (تفجُر لنا من الأرض ينبوعا) وقوله (فتفجّر الأنهار) استعمل صيغة تفجر للينبوع والصيغة التي تفيد التكثير تفجّر للأنهار لأنها أكثر. كم أن فعّل تفيد التدرج كما جاء في سورة آل عمران (نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لمل بين يديه من التوراة والإنجيل، آية 2) وقوله تعالى (وأنزل التوراة والإنجيل) وقوله تعالى (والكتاب الذي نزّل على رسوله) هنا التنزيل كان منجمّاً وصيغة نزّل تفيد الإهتمام، أما في قوله تعالى (وأنزل التوراة والإنجيل) جاء الفعل أنزل لأنه نزل جملة واحدة.

وعلى هذا النحو الفرق بين فعل وصّى التي يستخدم للأمور المعنوية وقعل أوصى للأمور المادية.

ثم إن استخدام أنزل إليك أو أنزل عليك لها دلالتها أيضاً. نزله إليك لم تستعمل إلاّ للعاقل كما جاءت في القرآن للتعبير عن الرسول (نُزّل إليكم)، أما عليك فتستعمل للعاقل وغير العاقل كما في قوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) وقوله تعالى (نزّله على قلبك).

وفي العقوبات لم يستعمل إلا على ولم تأتي إلى مع العقوبات.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

1- الفلاح/ النجاح: إن النجاح يقتصر أمره على الظفر بالحاجة فهو إذن دنيوي، وفى جانب واحد. أمَّا الفلاح فيجمع بين الدنيا والآخرة، فهو ثمرة لنجاحات متعددة، وفيه جَنْىٌ لثمار النجاح، وفيه إدراك كل مأمول، وفيه معنى السعة، ومعنى التيسير، ومعنى البقاء، والخير. وقد ينجح الإنسان ولا يكون مفلحًا؛ لأن النجاح مجرد الظفر بالحاجة، أمَّا الفلاح فيتضمن كل الملامح الدلالية المذكورة، ومن هنا جاء في القرآن الكريم للتعبير عن هذه المعاني المذكورة، جمعها الله عز وجل لعباده المؤمنين المتقين.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين اصبروا وصابروا؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى )

صابروا أعلى من اصبروا تحتاج إلى صبر أكثر ثم صابروا فيها أيضاً معنى اصبروا على ما هو أشدّ وصابروا لو كنت في الحرب وكان أمامك مقاتل صابر فينبغي أنت أن تغلبه في الصبر، أنت تصابره، يعني هو أمامك ليس يجزع ويفرّ أمامك واحد صابر فلا تفرّ من أمامه وينبغي أن تغلبه في الصبر.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved