مسؤولية الزوجة
( تهديد الزوجات )
وَإِذۡ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَٰجِهِۦ حَدِيثا فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ وَأَظۡهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ ﴿٣﴾ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ﴿٤﴾ عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰت مُّؤۡمِنَٰت قَٰنِتَٰت تَٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰت سَٰٓئِحَٰت ثَيِّبَٰت وَأَبۡكَارا ﴿٥﴾
ما هو موضوع هذا المقطع، وما مناسبته لما قبله، وما مناسبته لمقصد السورة؟
هذا الفصل كالتفصيل للإجمال في الفصل السابق، فإن النفوس تتطلع إلى معرفة أسباب هذا العتاب، وحقيقة التحريم، وكيفية وقوعه، خاصة وأن الأمر متعلق بتشريع الأمة وتربيتها، فبعد عتاب النبي صلى الله عليه وسلم عتابا لطيفا، يتوجه الكلام في هذه السورة إلى نساءه رضوان الله عليهن، إلا أن المتأمل طبيعة الكلام يرى اختلافا في شدة الكلام، فبعد أن كان العتاب رقيقا في حق النبي صلى الله عليه وسلم صار الكلام هنا شديدا، وانتهى بتهديد في غاية القوة، وليس ذلك لهوان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على الله، حاشا وكلا، بل هن في أعلى المراتب، يكفيك أن الله أختارهن ليكن أزواج أحب الخلق إليه، وما فعلن رضوان الله عليهن إنما هو جزء من تركيبة المرأة عموما، وهذه التركيبة تحتاج فعلا إلى هذه الشدة في الخطاب، ولأجل ذلك عندما اختص النبي صلى الله عليه وسلم النساء بموعظة، لم يقل لهن: أنتن شقائق الرجال، ولا أنتن نصف المجتمع ولا الإسلام حفظ حقوق المرأة وكرمها، بل قال لهن: اتقين الله فإني رأيتكن أكثر أهل النار، كلام واضح صريح مباشرة، والمتأمل في سورة الأحزاب يجد هذا المستوى من الخطاب مع أزواجه صلى الله عليه وسلم، على الرغم من بساطة ما طالبن به رضوان الله عليهن.
وتأمل كيف جاء هذا الخطاب كرد على أمر نراه في غاية البساطة بميزاننا، إذ أن هاتين الزوجتين تمالأتا على النبي صلى الله عليه وسلم لحرمانه من العسل عند زوجة غيرهما، أو أن إحدى زوجاته غارت من سريته إذ أتاها في بيتها فحرمها على نفسه ابتغاء مرضاتها، فما بالك بما يحصل اليوم من قبل بعض الأزواج:
منهن: من تمنع زوجها أصلا من التعدد، وتطالبه بالطلاق، وتستقوي عليه بالمحاكم والمحامين وبالقانون الجاهلي الذي يعطي المرأة أكثر مما أعطاها الله، فتفسد حياتها وحياته وحياة أولادهما، وبدل أن تتوجه الأسرة إلى تخريج أفراد ربانيين في المجتمع يضيع الأب وتضيع الأم ويضيع الأولاد في خضم هذه المعركة.
بل وصل الأمر في حالات كثيرة إلى قتل الزوج: كحادثة المرأة التي اتفقت مع أهلها واستدرجوا زوجها وأجبروه على التوقيع على التنازل عن أملاكه ثم رموه من الطابق الخامس، وأخرى أغرت ابنها بقتل زوجها لأنه تزوج عليها، فخسرت ابنها وزوجها في الدنيا وخسرت آخرتها أخسرت ابنها آخرته لأجل هذه الغيرة الغير معتبرة، وثالثة قتلت زوجها ودفتته في حظيرة المنزل ولم يعثروا عليه إلا بعد مدة وتحقيقات تطول، فخسرت زوجها في الدنيا وخسرت آخرتها، ولعذاب الآخرة أشد وأخزى.
وأحسنهن حالا: من تسعى حياتها كلها في تكدير حياة زوجها، من غير سبب مفهوم، ولا منطق واضح إلا لمجرد اصطناع المعارك الوهمية اتباعا للهوى.
فجاء القرآن هنا ليحدد لنا الخطوط العامة ومستوى الخطاب الذي يجب أن تعالج فيه مثل هذه القضايا التي تبدو بسيطة في بدايتها، ثم تتطور شيئا فشيئا لتتحول إلى مشوار طويل من النكد والنكايات والمناكفات التي تفسد المودة والرحمة بين الزوجين، وتفسد السكينة التي يفترض أن ينشأ بها الأولاد في محضن تربوي مهم، ليتحول البيت إلى ساحة معركة بين مختلف الأطراف.
وانتبه يا رعاك الله أن هذه الشدة في الخطاب إنما هي لمصلحة المرأة وأهم ما في هذه المصلحة هي النجاة من النار يوم القيامة كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قوله للنساء (اتقين الله فإني رايتكن أكثر أهل النار)، وكما سيأتي أيضا في مطلع الفصل التالي مباشرة من قوله جل وعلا: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)، ثم المصلحة التالية لهذا وهي الهناء والسعادة في الدنيا، وتفريغ الذهن والوقت من المشاكل والمناكفات والصراعات الجانبية الدنيوية التافهة، وتحويل كل الطاقات إلى الصراع الأكبر وهو الانتصار على الشيطان، ومن ثم القيام بسمؤولية هذه الأمة في تبليغ الوحي للناس وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
والإنسان طاقة محدودة ووقت محدود، إما أن ينفقه في هذا أو يستهلك في هذا.
ناهيك عن الجريمة الكبرى في إفشاء أسرار الزوج والبيت، فالزوجة موطن سر الزوج دائما، وألصق الناس به وأعرفهم بخصائصه ودخيلة نفسه وهي أولى الناس بمعرفة ذلك.
ولا بد لكل إنسان من مكمن سر، يبث همومه واستشاراته الخاصة، بل هناك من الأسرار ما لا يرد كشفها حالا، ولا يريد كتمانها طيلة الوقت، فلا بد من شخص يودعه هذا السر، فلئن كان إفشاء السر من الصفات الذميمة من أي شخص كان صدوره، فكونه من أحد الزوجين أعظم بكثير.
وهذا يقودنا إلى تلمس الدوافع التي تكون وراء إفشاء السر:
منها: إظهار النفس بامتيازها عن الآخرين في نظر صاحب السر.
ومنها: الرغبة في إدخال الغيرة على قلوب الآخرين.
ومنها: الرغبة في الإضرار بصاحب السر.
ومنها التقرب للآخرين لأجل منفعة.
والدافع وراء الحادثة هذه بعينها هو من النوع الأول في حادثة الجارية، لأن حفصة أرادت إظهار مكانتها إذ أسر لها النبي تحريم الجارية، أو الاربع في حادثة العسل، إذ أنها ارادت التقرب إلى عائشة رضي الله عنها بمثل هذا، وكانت تثق بها وكانتا متصافيتين رضي الله عنهما، ولأجل ذلك استغربت كيف علم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
ما مناسبة إغضاء اسم حفصة رضي الله عنها وذكر: بعض أزواجه بدلا منها؟
عدل عن التصريح باسمها رضي الله عنها ترفعا عن أن يكون القصد هو الحديث عن الأعيان، بدل التركيز على الفعل والحادثة نفسها، واستنباط العبر من القصة.
فليس المهم من حصلت معها الحادثة وإنما المهم من العبر المستخلصة منها.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها قوله: عرف بعضه وأعرض عن بعض؟
فيه إشارة إلى كرم خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وتنبيه للمسلمين إلى الاتساء به في هذه النقطة، فليس المراد من عتابه صلى الله عليه وسلم للمفشية من أزواجه تأنيبها، أو استقصاء حق منها، وإنما المراد تنبيهها على الخطأ الذي ارتكبته فحسب، فلا فائدة من ذكر كل التفاصيل وقد قيل: مازال التغافل من فعل الكرام، وقيل: ما استقصى كرم قط وما زاد على المقصود بقلب العتاب إلى تقريع.
ولكن هذا بكل حال لا يعني السكوت عن الأخطاء وعدم معالجتها، بل إن السورة نزلت لغرض رئيس وهو وأد أي مشكلة في مهدها، ولكن المعنى المراد: أنه في حال وقع خطأ ألا يحصر المخطئ في زاوية ضيقة لا يتمكن بعدها من الخروج، بل يترك له متنفس يستطيع أن يخرج منه حتى لا نضطره إلى حلول تدميرية، أو ندفعه إلى المكابرة، فليس القصاص هو المراد في حال وقوع خطأ وإنما المراد أن يتم تقويم هذا الخطأ وضمان عدم تكراره، واللبيب بالإشارة يفهم.
ما مناسبة استخدام أسلوب الشرط في الدعوة إلى التوبة؟
هذا فيه تلطف زائد عن الأمر المباشر، وحق لأمهات المؤمنين التلطف معهن في الأمر بالتوبة فهن خير النساء رضي الله عنهن.
ما مناسبة الابتداء بالحض على التوبة؟
المتدبر في الخطاب هنا يرى أنه اشتمل على أمرين:
الأول: ترغيبها بالتوبة
الثاني: تهديدهما في حال عدم المسارعة على التوبة بالطلاق.
وهذا جار على سنن القرآن في الترغيب والترهيب، وتقديم الترغيب على الترهيب، فإن بيت النبوة – وبيوت المسلمين – من وراءه ليس مسرحا للغيرة والتحاسد والمنكافات والكيد، إنما هو صومعة عبادة، ومجال إقبال على الآخرة، ومصنع دعوة إلى الله وتعبيد الناس له.
ما مناسبة الانتقال من أسلوب الغيبة إلى أسلوب الخطاب المباشر؟
ابتدأ الحديث بأسلوب الغيبة (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) ثم انتقل إلى أسلوب الخطاب المباشر ( إن تتوبا، عسى ربه إن طلقكن)، وهذا:
فيه: تدرج بالعتاب من الأدنى إلى الأعلى فإن المعاتب يتحاشى مواجهة المعاتب،حتى لا ينفر منه، فإن بدت علهي إمارات الاستجابة توجه بالحديث المباشر وعاتبه بما يريد.
وفيه: الإبلاغ بالموعظة مع رجاء الانتفاع بها.
وفيه: تشريفا للنبي صلى الله عليه وسلم بعتاب نساءه لأجله وحفظا لخاطره الشريف.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها إسناد الإصغاء إلى القلب؟
هذا فيه تأكيد على أهمية القلب، والحفاظ عليه، وأنه ملك الجوارح، إن صغى صغت كل السلوكيات، وإن استقام استقام حال الإنسان وكل أفعاله وجوارحه، وهذا الإسنادي يحمل رسالة: أن اهتموا بقلوبكم وانظروا حالها فإن ما بعدها تبع لها.
وتقدير الكلام: إن تتوبا إلى الله فهو خير لكما فقد أتيتما ما يستوجب التوبة من الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمواطأة عليها والسرور بما يكرهه من تحريم ما أحل الله له، وبالغيرة عليه غيرة تجاوزت الحد الشرعي المطلوب، وأذاه في ذلك، وهذا كله دليل على أنه قد مالت قلوبكما عن الحق.
وعدل عن تثنية القلب لثقل اللفظ والعرب تجمع المثنى إذا أضيف وهذا أسهل للفظ وفيه شواهد.
هل قوله تعالى: فإن الله هو مولاه.. الآية، خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لجميع الأزواج الذين تمالأت عليهم أزواجهم؟
الكلام هنا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه خارج من رحم قوله تعالى في أول السورة: والله مولاكم كما بينا سابقا، وهذا جاء في سورة الأحزاب وافيا وقلنا أن الأصل أن الكلام عام للأمة ما لم يدل دليل على أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، من مثل ما جاء في هذه الآية.
فالحديث عنا عن الولاية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان خارجا من رحم الولاية العامة التي أسستها الآية الثانية في السورة.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها تهديد نساءه صلى الله عليه وسلم بالطلاق؟
هذا فيه إشارة إلى أن أشد الأمور على نفس المرأة العاقلة تهديدها بالطلاق، فهو هدم لمملكتها وعرشها الذي تتربع عليه، وتبخر لأحلامها التي تخطط لها في المستقبل السعيد، وقطع لوشائج المودة التي نسجت خيوطها من مشاعرها.
ويكون الوقع أعظم والمصيبة أشد إذا علمت المرأة أن طلاقها يستتبع الاستبدال بها ويكون هذا البدل خيرا منها.
إنها طبيعة المرأة وتكوينها العاطفي والذي خلقها وأودع فيها هذه الطاقات والقوى عليم بما يصلح شأنها.
والقارئ المتدبر لهذه السورة يرى أن الذي يحصل في هذا العصر الحالي – عصر انتكاس القيم والمفاهيم – أن النساء صرن هن اللواتي يهددن أزواجهن بالطلاق مستقويات بالقوانين الجاهلية التي أقرت على حين غفلة من العقلاء والمصلحين، تحت تأثير موجة النسوية العالية وتسيد النساء للمشهد ونسونته من قبل شتى الجهات، تحت غطاء سيداو والأمم المتحدة وشعارات حقوق المرأة البراقة.
بل إن البعض منهن صرن يسعين للطلاق بأنفسهن حتى تتحرر – زعمن – من ربقة الزواج ومسؤولياته، ولا تنتبه لخطأها الجسيم إلا بعد انقضاء العمر وذهاب حلاوته فلا يبقى معها أنيس ولا رفيق.
فلله در القرآن كم بين لنا من عوار أحوالنا، وقبح الله الجاهلية قديمها وحديثها ماذا فعلت بنا.
ما هي مناسبة خطاب الجمع في قوله: عسى ربه إن طلقكن؟
هذا فيه إشعار لجميع الأزواج بالتحذير من مثل سلوك حفصة وعائشة رضي الله عنهما، ولا شيء أصعب على المرأة من الطلاق ثم الاستبدال ثم أن تكون الأخرى أحسن منها، وقد روى البخاري عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ «فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ»
وقد يكون الخطاب لحفصة وعائشة رضي الله عنهما من باب التغليب.
وهذا الخطاب وإن كان موجها إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عام لجميع نساء المسلمين، فإياك أعني واسمعي يا جارة، فلتع النساء مثل هذا وهن يقرأن هذه السورة، وليقرأنها وكأنها موجهة لهن بأعيانهن واحدة فواحدة، ولا يقرأنها بانفصال وكأنها نزلت على قوم آخرين، وما ضر المسلمين شيئا كما ضرهم أن يقرؤوا القرآن وهم منفصلون عنه، وكأنه لا يعنيهم أو كأنه أنزل على قوم آخرين يخاطبهم وهم لا علاقة لهم به سوى حروفه وحسناته.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها ذكر الصفات التي ذكرتها السورة للنساء البديلات؟ وما مناسبة الترتيب؟
أهم ما في هذه الصفات: أن السورة لم تذكر السياق أي صفة خلقية للنساء البديلات، وإنما ذكر صفات كلها خلقية، وهذا فيه دليل على أن حقيقة الخيرية إنما تكون في أخلاق المرأة لا في شكلها.
وذكر هذه الصفات تعريض للنساء بوجوب الاتصاف بها، وتنبيه للرجال على الحرص على اتصاف النساء بها واتخاذ من تتصف بها زوجة دون غيرها من الصفات.
وتأمل الترقي في ذكر هذه الصفات:
مسلمات: أي ملتزمات بأحكام الإسلام الظاهرية، أو دليل على الانقياد والتسليم ومناكفة الزوج وشغله بأي أمر عن مهامه وأعماله، وهذا التفسير وجيه ويحمله السياق، ولو جمعنا المعنيين لم يكن بعيدا.
مؤمنات: أي مصدقات بقلوبهم بأركان الإيمان، فإن المرء قد يلتزم ظاهرا وهو منافق في الباطن، فجمع الإيمان مع الإسلام تحرزا من هذا، ويمكن القول أن المؤمنات فيه إشارة إلى أن التسليم الذي يتمتعن به نابع من روح يقظة وقلب مؤمن، تنقاد له الجوارح انقيادا، وتصغي له إصغاء.
قانتات: أي طائعات، لقوله تعالى (ومن يقنت منكن لله ورسوله) وقالوا القنوت الطاعة المطلقة،
تائبات: وفيه تلميح للذنب الذي كان والتوبة والإنابة هي الرجوع مرة بعد مرة.
عابدات: لكل أنواع العبادات، منشغلات بها ممتلئة بها قلوبهن وأوقاتهن، لا بالأفلام ولا بالمسلسلات ولا بالقيل والقال.
سائحات: قيل صائمات وشبه الصائم بالسائح لأن السائح لا زاد معه وإنما يأكل من حيث يجد الطعام، وقيل مهاجرات وقيل باذلات لأرواحهن في سبيل الله، وأجمل ما قيل ما ذكره البقاعي من قوله (متصفات بصفات الملائكة من التخلي عن الدنيا والاستغراق في الآخرة).
ثيبات وأبكارا: والثيب من ثاب لها زوجها أي امرأة سبق لها الزواج، وأما البكر فهي الي لم يسبق لها الزواج، وقدمت الثيبات لأن كل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن ثيبات رضي الله عنهن ما عدا عائشة رضي الله عنها.
وانتبه يا رعاك الله فإن هذه الصفات لم يتوعد بها الله عز وجل نساء النبي صلى الله عليه وسلم لخصوصيته، وإنما هي خارطة طريق لكل من أراد الارتباط، فعليه أن يبحث عن هذه الصفات لا عن سواها، ودع عنك أوهام التكثر من العلم والحفظ والكتب،
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved