سورة الفرقان
(بسم الله الرحمن الرحيم)
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1)
1- قوله تعالى {تبارك} هذه لفظة لا تستعمل إلا لله ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي وجاءت في هذه السورة في ثلاث مواضع {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} و {تبارك الذي إن شاء جعل} و {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} تعظيما لذكر الله وخصت هذه المواضع بالذكر لأن ما بعدها عظائم الأول ذكر الفرقان وهو القرآن المشتمل على معاني جميع كتب الله والثاني ذكر النبي والله خاطبه بقوله لولاك يا محمد ما خلقت للكائنات والثالث ذكر للبروج والسيارات والشمس والقمر والليل والنهار ولولاها ما وجد في الأرض حيوان ولا نبات ومثلها {فتبارك الله رب العالمين} و {فتبارك الله أحسن الخالقين} و {تبارك الذي بيده الملك} . ( أسرار التكرار )
2- قوله {أأنزل عليه الذكر من بيننا} وفي القمر {أؤلقي الذكر عليه من بيننا} لأن ما في هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا صلى الله عليه وسلم حين قرأ عليهم {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس} فقالوا {أأنزل عليه الذكر من بيننا} ومثله {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} و {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} وهو كثير وما في القمر حكاية عن قوم صالح وكان يأتي الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة وألواح مسطورة كما جاء إبراهيم وموسى فلهذا قالوا {أؤلقي الذكر عليه} مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال . ( أسرار التكرار )
3- الفرقان: تكرر ذكر الاسم فيفي القرآن الكريم علماً عليه، ومن أشهر مواضعه سورة كاملة سميت باسم ( الفرقان).إن اشتراك الكتب السماوية الأخرى مع القرآن الكريم في الوصف بالفرقان، هو اشارة الى الأصل الدلال للمادة ، أي الفرق بين الحق و الباطل، ولكن اسم الفرقان صار علماً بالغلبة على القرآن الكريم، بحيث لا يفهم من اسم الفرقان سوى انه علمٌ على القرآن ،والملمح الدلالي المميز لهذا العلم هو معنى الفصل والتمييز.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
4- ما خصوصية استعمال القرآن لكلمة القرآن والفرقان (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) وفي الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
الفرقان هو الفارق بين الحق والباطل والتوراة يسمى فرقاناً والقرآن يسمى فرقاناً والكتب السماوية فرقان. والله تعالى يقول (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) البقرة) البعض يقول الفرقان هي المعجزات، الكتاب التوراة والفرقان المعجزات وإما قالوا الكتاب والفرقان يقصد التوراة نفسها. نقول هذا أبو حفص وعمر، (فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) طه) الظلم هو الهضم. هذا الأصل وليس القاعدة المطلقة. يقولون الكتاب والفرقان الكتاب التوراة والفرقان المعجزات ويقولون الكتاب والفرقان هو نفس الكتاب التوراة وأضاف ذكر كلمة الفرقان كون هذا الكتاب فرقان، أضاف شيئاً آخر لكلمة الكتاب. (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان) القرآن، (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً (29) الأنفال) هم مؤمنون يجعل لكم فرقاناً وعندها ستميز بين الحق والباطل وتعرف ما يصح وما لا يصح “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب. القرآن هو الإسم العلم على الكتاب الذي أنزل على محمد واسم الكتاب الذي أنزل على محمد القرآن وهذا القرآن فرق بين الحق والباطل إذن القرآن فرقان والإنجيل فرقان والتوراة فرقان والمعجزات فرقان تفرق بين الحق والباطل. (وقرآناً فرقناه) هذا يعني منجّماً.
5- ما الفرق بين(مَا اتَّخَذَ) و(لَمْ يَتَّخِذْ) ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست بالضرورة أن تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من باب الإخبار والتعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) الفرقان) هذا من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ عليه وإنما تعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) يخبرنا إخباراً . بينما نلاحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون). لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ).
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً (3)
1- قوله {من دونه} في هذه السورة وفي مريم 48 ويس 74 {من دون الله} لأن في هذه السورة وافق ما قبله وفي السورتين لو جاء {من دونه} لخالف ما قبله لأن ما قبله في السورتين بلفظ الجمع تعظيما فصرح . ( أسرار التكرار )
2- قوله {ضرا ولا نفعا} قدم الضر موافقة لما قبله وما بعده فما قبله نفي وإثبات وما بعده موت وحياة وقد سبق . ( أسرار التكرار )
3- مسألة: قوله تعالى: (ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا) وفى الرعد: (نفعا ولا ضرا) وقد تقدم جوابه في سورة الرعد. ( كشف المعاني )
4- مسألة: قوله تعالى: (واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون) وفى مريم (ليكونوا لهم عزا (81) كلا) وقال تعالى في الفرقان: (واتخذوا من دونه) مضمرا. جوابه: أن آية مريم ويس وردتا بعد ضمير المتكلم فناسب الإظهار. وأية الفرقان: وردت بعد تكرار ضمير الغائب، فناسب الإضمار للغائب لتناسب الضمائر، والله أعلم. (كشف المعاني)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً (4)
1- الإِفْك / الكَذب: اللفظان يشتركان في معنى الكذب والفارق بينهما فارق في الدرجة حيث اختص الإفك بوصف المبالغة في الكذب وشدته ، وذلك بتصوير الباطل في صورة الحق ، أو تصوير الحق في صورة الباطل.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (6)
1- ما الفرق بين قوله تعالى (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (4))الأنبياء، وقوله تعالى(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (6))الفرقان؟؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
السماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف .
قال تعالى: ” قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6) وقال: “ربي يعلم القول في السماء والأرض” لأن القول أوسع من السر، فهو قد يكون سرا وقد يكون جهرا فهو أوسع من السر والسر جزء منه.
فلما وسع قال (القول) وسع وقال (في السماء). ولما ضيق وقال (السر) قال (السموات).
وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10)
1- قوله تعالى {تبارك} هذه لفظة لا تستعمل إلا لله ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي وجاءت في هذه السورة في ثلاث مواضع {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} و {تبارك الذي إن شاء جعل} و {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} تعظيما لذكر الله وخصت هذه المواضع بالذكر لأن ما بعدها عظائم الأول ذكر الفرقان وهو القرآن المشتمل على معاني جميع كتب الله والثاني ذكر النبي والله خاطبه بقوله لولاك يا محمد ما خلقت للكائنات والثالث ذكر للبروج والسيارات والشمس والقمر والليل والنهار ولولاها ما وجد في الأرض حيوان ولا نبات ومثلها {فتبارك الله رب العالمين} و {فتبارك الله أحسن الخالقين} و {تبارك الذي بيده الملك} . ( أسرار التكرار )
بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (11) إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً (13) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (14) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً (16) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً (19)
1-ما الفرق بين المسّ والإذاقة في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
الذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم والمسّ هو أي إتصال. أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح لأن المس يأتي مع الرحمة أيضاً (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) المعارج) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل عمران) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (17) الأنعام) وكذلك الإذاقة تأتي مع العذاب ومع الرحمة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة) (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (48) الشورى) (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) الفرقان) ليس هنالك تقييد في الاستعمال.
وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20)
1- قوله {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا} وبعده {وما أرسلنا من قبلك} كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم إلا أن {من} إذا دخل دل على الحصر بين الحدين وضبطه بذكر الطرفين ولم يأت {وما أرسلنا قبلك} إلا هذه وخصت بالحذف لأن قبلها {ما آمنت قبلهم من قرية} فبناه عليه لأنه هو وأخر {من} في الفرقان {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم} وزاد في الثاني {من قبلك من رسول} على الأصل للحصر. ( أسرار التكرار )
وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)
1- سُدَى/عبث/ هباء: إن الألفاظ “سُدى ـ عبث ـ هباء” متقاربة في الدلالة؛ حيث اشتركت في معنى الانتفاء. ولكن السدى: انتفاء الرعاية والمراقبة. والعبث: انتفاء القصد والغاية. أما الهباء: انتفاء النفع والقيمة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31)
1- البَغي / الطغيان /الظلم/ العُتُو / العدوان : جميعها تشرك في معنى مجاوزة الحد ولكنها على درجات فأشدها الطغيان لاشتماله على مجاوزة الحد والمبالغة في الكبر والمعصية والشر والكفر . ويليه في الشدة البغي لاشتماله على التعدي والفساد والظلم ، ثم العتو لأنه مبالغة في الكبر أو الفساد أو الكفر، ثم العدوان لأنه تعد لحدود الله وظلم صُراح ، ثم الظلم وهو أدناها وتتفاوت درجاته من صغائر الذنوب الى كبائرها الى الشرك بالله . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
2- ما الفرق بين الهداية والضلالة: / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
فعل الهداية والضلالة: (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم) (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) الفرقان) (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) المائدة)
الهداية جاءت بالاسم والفعل أما الضلالة فجاءت بالفعل (ويضل الله من هو مسرف مرتاب) أما في الحديث عن الشيطان (إنه عدو مضل) (إنه يضل) (لأضلنّهم)
صفة الله تعالى الثابتة والمتجددة هي الهداية (وكفى بربك هادياً ونصيرا) وهو يهدي حالته الثابتة والمتجددة هي الهداية ولا يضل إلا مجازاة للظالم. أما صفة الشيطان الثابتة والمتجددة هي الإضلال فجاءت مضلّ بالاسم الثابت وبفعل التجدد. ولم يقل تعالى عن نفسه مُضلّ وإنما قال (يُضل الله الظالمين) مجازاة لهم.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً (32)
1- ما الفرق بين نزّل وأنزل؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
قسم غير قليل يفرق بينهما أنه نزّل تفيد التدرج والتكرار وأنزل عامة ويستدلون بقوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) آل عمران) وقالوا لأن القرآن نزل منجماً مفرقاً والتوراة والانجيل أنزلتا جملة واحدة فقال أنزل. ردوا التدرج بقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان)لأن أنزل عامة سواء كان متدرجاً أو غير متدرجاً، كلمة أنزل لا تختص بالتدرج ولا بدون تدرج. السؤال يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. ردوا التدرج في نزّل التدرج في نزّل وقالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) هذا ليس فيه تدريج (لولا هنا من حروف التحضيض). لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ (نزّل) والتي دونها يأتي بـ (أنزل). نضرب أمثلة: قال تعالى في الأعراف (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71)) وقال في يوسف (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40)) وقال في النجم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)). ننظر السياق في الأعراف فيها محاورة شديدة حيث قال (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)) فيها تهديد، كلام شديد من أولئك كيف تتركنا نترك آلهتنا ونعبد الله فقال (نزّل). في سورة يوسف قال تعالى (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40)) لم يردّ عليه السجينان وليس فيها تهديد إذن الموقف يختلف عن آية سورة الأعراف فقال أنزل. في النجم (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)) لم يردّوا عليه ولم يكن هنالك محاورة ولا تهديد، إذن الأشد (نزّل)، هذا أمر. إذن نزّل آكد وأقوى في موطن الاهتمام أشد من أنزل.
وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (33)
1- التأويل/ التفسير: يشتركان في ملمح التوضيح والبيان إلا أن التأويل يختص ببيان ما غمض معناه واشتبهت مقاصده واحتاج الى تعمق وتبصر. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (34) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً (37) وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً (38) وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41)
1- قوله {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} وفي الفرقان {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} لأنه ليس في هذه الآية التي تقدمتها ذكر الكفار هنا فصرح باسمهم وفي الفرقان قد سبق ذكر الكفار فخص الإظهار بهذه السورة والكناية بتلك. ( أسرار التكرار )
إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (42) أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (45)
1- قوله {وهو الذي يرسل الرياح} في هذه السورة وفي الروم بلفظ المستقبل وفي الفرقان وفاطر بلفظ الماضي لأن ما قبلها في هذه السورة ذكر الخوف والطمع وهو قوله {وادعوه خوفا وطمعا} وهما يكونان في المستقبل لا غير فكان {يرسل} بلفظ المستقبل أشبه بما قبله وفي الروم قبله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره} فجاء بلفظ المستقبل لفقا لما قبله. وأما في الفرقان فإن قبله {كيف مد الظل} الآية وبعد الآية {وهو الذي جعل لكم} و {مرج} و {خلق} فكان الماضي أليق به وفي فاطر مبني على أول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة} وهما بمعنى الماضي لا غير فبنى على ذلك فقال {أرسل} بلفظ الماضي ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذي خص به. قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} في هذه السورة وفي يونس {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله} لأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ثم طمعا في ثوابه ثانيا يقويه قوله {يدعون ربهم خوفا وطمعا} وحيث تقدم النفع على الضر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا وذلك في ثمانية مواضع ثلاثة منها بلفظ الاسم وهي ههنا والرعد وسبأ وخمسة بلفظ الفعل وهي في الأنعام {ينفعنا ولا يضرنا} وآخر في يونس {ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء {ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} والفرقان {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وفي الشعراء {ينفعونكم أو يضرون}
أما في هذه السورة فقد تقدمه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل} فقدم الهداية على الضلالة وبعد ذلك {لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} فقدم الخير على السوء فلذلك قدم النفع على الضر وفي الرعد {طوعا وكرها} فقدم الطوع وفي سبأ {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} فقدم البسط وفي يونس قدم الضر على الأصل ولموافقة ما قبلها {ما لا يضرهم ولا ينفعهم} وفيها {وإذا مس الإنسان الضر} فيكون في الآية ثلاث مرات وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا ( أسرار التكرار )
2- أما سورة الأنعام ففيها {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} ثم وصلها بقوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وفي يونس تقدمه قوله {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين} ثم قال {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء تقدم قول الكفار لإبراهيم في المجادلة {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفي الفرقان تقدمه قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} وعد نعما جمة في الآيات ثم قال {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} فتأمل فإنه برهان القرآن. ( أسرار التكرار )
3- البُرهان / الحُجة / الدليل : البرهان: الحجة الفاصلة والدليل الذي لاشك فيه، والحجة هي الدليل الذي يستخدم في مواجهة الخصم، أما الدليل فهو العلامة المبينة لصدق الدعوى. والحجة احتفاظ الثلاثة في ملمح الوضوح والصدق، بينما تختلف في فروق دلالية دقيقة: فالبرهان: أخص من الدليل والحجة لتوكيده بصفة القطعية واليقين. والحجة أخص من الدليل، خصصت بملمح مواجهة الخصم أما الدليل فهو أعم هذه الألفاظ الثلاثة، وهو بمعنى العلامة التي تُرشد وتهدي. ( معجم الفروق الدلالية . بتصرف )
ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً (46)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً (48)
1- بَعَثَ / أَرسَلَ : كلا اللفظين يشتركان بملمح دلالي عام هو ( التوجيه) ، إلا أن هنالك ملامح دلالة فارقة بين الكلمتين ف (البعث ) يتميز بملمح التنبيه والإيقاظ والإثارة . أما الإرسال فيتميز بملمح الرفق والرحمة، إلا في المواضع التي جاء مركباً فيها مع حرف الاستعلاء ( على). ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
2- يرسل الرياح/ أرسل الرياح: استعمل الفعل المضارع “يرسل” في آية الأعراف؛ لمناسبة ما تقدَّم من قول الله عز وجل: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} الأعراف/ ٥٤، وقوله عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ}، لأن الدعاء إنَّما يكون لما يأتى. وكذلك في آية الروم؛ لمناسبة ما تقدَّم عليها من قول الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ}. أما آية الفرقان فتقدَّم عليها أفعال ماضية في قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}. وأما آية فاطر فتقدَّم عليها قوله عز وجل: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ}. وهو المطر، وإنما يُذَكَّر بشكر النعم الماضية؛ فناسب استعمال الفعل الماضي: {أَرْسَلَ} ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)
لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً (49)
1- قوله تعالى: (لنحيي به بلدة ميتا) وقال تعالى في سبأ: (بلدة طيبة) . ذكر الأول وأنث الثاني؟ . جوابه: أن التذكير تارة يكون باعتبار اللفظ وتارة باعتبار معناه كقوله تعالى: (السماء منفطر به) ، وقال تعالى: (إذا السماء انفطرت (1) . وأيضا فإن ما لا روح فيه يقال فيه ميت، وما فيه روح يقال له ميتة. ( كشف المعاني )
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (51) فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (53)
1- قوله {وهو الذي يرسل الرياح} في هذه السورة وفي الروم بلفظ المستقبل وفي الفرقان وفاطر بلفظ الماضي لأن ما قبلها في هذه السورة ذكر الخوف والطمع وهو قوله {وادعوه خوفا وطمعا} وهما يكونان في المستقبل لا غير فكان {يرسل} بلفظ المستقبل أشبه بما قبله وفي الروم قبله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره} فجاء بلفظ المستقبل لفقا لما قبله. وأما في الفرقان فإن قبله {كيف مد الظل} الآية وبعد الآية {وهو الذي جعل لكم} و {مرج} و {خلق} فكان الماضي أليق به وفي فاطر مبني على أول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة} وهما بمعنى الماضي لا غير فبنى على ذلك فقال {أرسل} بلفظ الماضي ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذي خص به. ( أسرار التكرار )
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54)
1- قوله {وهو الذي يرسل الرياح} في هذه السورة وفي الروم بلفظ المستقبل وفي الفرقان وفاطر بلفظ الماضي لأن ما قبلها في هذه السورة ذكر الخوف والطمع وهو قوله {وادعوه خوفا وطمعا} وهما يكونان في المستقبل لا غير فكان {يرسل} بلفظ المستقبل أشبه بما قبله وفي الروم قبله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره} فجاء بلفظ المستقبل لفقا لما قبله. وأما في الفرقان فإن قبله {كيف مد الظل} الآية وبعد الآية {وهو الذي جعل لكم} و {مرج} و {خلق} فكان الماضي أليق به وفي فاطر مبني على أول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة} وهما بمعنى الماضي لا غير فبنى على ذلك فقال {أرسل} بلفظ الماضي ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذي خص به. ( أسرار التكرار )
2- الأنام / البشر / الناس: ألفاظ متقاربة دلالياً لاشتراكها في معنى المخلوق الحي . واختص كل منها بملمح دلالي مميز, ,فالأنام يشمل الإنس والجن . والبشر يختص بالإنسان ولكن باعتبار ظهوره، ولذل استعمل في سياقات دالة على القدرة والإعجاز في تخليق بشر ظاهر الهيئة من الماء أو الطين . والناس ام عام لبي آدم. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
3- صِهْر/ نَسَب: إن كلمتي “صهر ـ نسب” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى: القرابة. ويتميز كلُّ منهما بملمح دلالي خاص جاء من الاستعمال الاصطلاحي لهما، وهو: دلالة الصهر على: ما يحلُّ تزوُّجه من القرابة وغيرها. ودلالة النسب على: ما لا يحلُّ تزوُّجه من القرابة وغيرها. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً (55)
1- مسألة: قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم) ؟ . جوابه: قد يقال زائدا على ما قدمناه في يونس عليه السلام وغيرها أنه لما كان النفى بالإثبات أنسب لأنه مطلوب مطلقا، والضر من باب النفى لأنه يطلب نفيه عند حصوله فالنفي فيه أنسب. ولما تقدم في أول السورة: (لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) قدم النفى على الإثبات فكان تقديم ما يناسب النص أنسب لتناسب الجملتين. وههنا، وفى الرعد لم يتقدم جملة تقدم نفيها على إثباتها فكان تقديم ما هو من باب الإثبات أنسب مما هو من باب النفي. فإن قيل: فقد قدم الضر على النفع في سورة يونس عليه السلام؟ . قلنا: قد أجبنا ثم عن الموضعين. ( كشف المعاني )
2- قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} في هذه السورة وفي يونس {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله} لأن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ثم طمعا في ثوابه ثانيا يقويه قوله {يدعون ربهم خوفا وطمعا} وحيث تقدم النفع على الضر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا وذلك في ثمانية مواضع ثلاثة منها بلفظ الاسم وهي ههنا والرعد وسبأ وخمسة بلفظ الفعل وهي في الأنعام {ينفعنا ولا يضرنا} وآخر في يونس {ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء {ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} والفرقان {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وفي الشعراء {ينفعونكم أو يضرون}
أما في هذه السورة فقد تقدمه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل} فقدم الهداية على الضلالة وبعد ذلك {لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} فقدم الخير على السوء فلذلك قدم النفع على الضر
وفي الرعد {طوعا وكرها} فقدم الطوع وفي سبأ {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} فقدم البسط
وفي يونس قدم الضر على الأصل ولموافقة ما قبلها {ما لا يضرهم ولا ينفعهم} وفيها {وإذا مس الإنسان الضر} فيكون في الآية ثلاث مرات وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا أما سورة الأنعام ففيها {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} ثم وصلها بقوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وفي يونس تقدمه قوله {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين} ثم قال {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وفي الأنبياء تقدم قول الكفار لإبراهيم في المجادلة {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفي الفرقان تقدمه قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} وعد نعما جمة في الآيات ثم قال {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} فتأمل فإنه برهان القرآن. ( أسرار التكرار )
3- مسألة: قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) . وفى الفرقان: (ما لا ينفعهم ولا يضرهم) . جوابه: لما تقدم هنا: (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (15) ناسب تقديم الضر، أي: لا يضرهم إن عصوه ولاينفعهم إن أطاعوه. وفى الفرقان: تقدم ذكر النعم وعدها، فناسب تقديم النفع، أي: ما لا ينفعهم بنعمة من النعم، ومثله قوله فيها: (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل) ، قدم الضر لتقدم قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الوعد) . ( كشف المعاني )
4- ضرًّا ولا نفعًا / نفعًا ولا ضرًّا: من صور التقديم والتأخير في القرآن الكريم تقديم أحد المعطوفين في موضع، وتأخيره مرة أخرى، مع ثبات المعطوفين. إن القرآن الكريم يقدِّم النفع على الضر في سياقات الدعاء والعبادة؛ لأن النفع في هذه الأحوال أهمُّ، بينما يقدِّم الضر على النفع في سياق المُلك والقدرة؛ لأن دفع الضر في هذه الحال أوجب وأولَى من جلب النفع. والقاعدة الأصولية تُقرِّر أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع إن التقديم في الألفاظ القرآنية مرتبط بمعنى الآيات السابقة واللاحقة، فيقدم اللفظ الذي يقتضي المعنى تقديمه ،وي}خر ما يستحق تأخيره.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً (58)
1- مسألة: قوله تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت) وقال في الشعراء: (وتوكل على العزيز الرحيم (217) . جوابه: أنه أشار ههنا إلى الصفة التي يدوم معها نفع المتوكل عليه وهي في دوام الحياة، لأن من يموت ينقطع نفعه. وأشار في آية الشعراء إلى الصفتين اللتين ينفع معهما التوكل، وهي العزة التي يقدر بها على النفع، والرحمة التي بها يوصله إلى المتوكل وخص آية الشعراء بختمها بذلك مع ما ذكرناه أي (على العزيز الرحيم (217) الذي تقدم وصفه مرة بعد مرة في إنجاء الرسل وإهلاك أعدائهم. ( كشف المعاني )
الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً (59)
1- قوله {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن} ومثلها في السجدة يجوز أن يكون الذي في السورتين مبتدأ والرحمن خبره في الفرقان و {ما لكم من دونه} خبره في السجدة وجاز غير ذلك . ( أسرار التكرار )
2- الرَّحمن / الرَّحيم: إن تجاور الصفتين (- الرَّحمن / الرَّحيم) يراد به : الثبوت واللزوم المفهوم من صيغة فعيل في اسم الله ( الرحيم)، والتجدد والاستمرار والمبالغة المفهومة من الصيغة الصرفية فعلان في اسم الله ( الرحمن). ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً (60) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً (61)
1- قوله تعالى {تبارك} هذه لفظة لا تستعمل إلا لله ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي وجاءت في هذه السورة في ثلاث مواضع {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} و {تبارك الذي إن شاء جعل} و {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} تعظيما لذكر الله وخصت هذه المواضع بالذكر لأن ما بعدها عظائم الأول ذكر الفرقان وهو القرآن المشتمل على معاني جميع كتب الله والثاني ذكر النبي والله خاطبه بقوله لولاك يا محمد ما خلقت للكائنات والثالث ذكر للبروج والسيارات والشمس والقمر والليل والنهار ولولاها ما وجد في الأرض حيوان ولا نبات ومثلها {فتبارك الله رب العالمين} و {فتبارك الله أحسن الخالقين} و {تبارك الذي بيده الملك} . ( أسرار التكرار )
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً (62)
1- ما الفرق بين استعمال كلمة (شكورا) و (شكرا)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
الشكور تحتمل الجمع والإفراد في اللغة وهي تعني تعدد الشكر والشكر في اللغة يُجمع على الشكور ويحتمل أن يكون مفرداً مثل القعود والجلوس، وفى آية الإنسان الجمع يدل على الكثرة أي لا نريد الشكر وإن تعدد وتكرر الإطعام باعتبار الجمع.
وقد استعمل القرآن الكريم كلمة الشكور في الحالتين وإذا اردنا الشكور مصدراً فهو أبلغ من الشكر واستعمال المصادر في القرآن عجيب والذي يُقوي هذه الوجهة استعمال الشكور لما هو أكثر من الشكر. ولقد استعملت كلمة الشكور في القرآن مرتين في هذه الآية فى سورة الإنسان (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9}) وفي آية سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}) فقط واستعمل الشكر مرة واحدة في قصة آل داوود (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13}سبأ) ومن ملاحظة الآيات التي وردت فيها كلمتي الشكور والشكر نرى أن استعمال الشكر جاء في الآية التي خاطب بها تعالى آل داوود وهو قلّة بالنسبة لعموم المؤمنين المخاطبين في سورة الفرقان أو في سورة الإنسان التي فيها الإطعلم مستمر إلى يوم القيامة والشكر أيضاً سيمتد إلى يوم القيامة ما دام هناك مطعِمين ومطعَمين. إذن هو متعلقات الشكر في هاتين الآيتين أكثر من متعلقات الشكر في قصة آل داوود. وفي سورة الفرقان قال تعالى (لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا) وكلمة (يذّكّر) فيها تضعيفين فالذي يبالغ في التذكر هو مبالغ في الشكر فيبدو والله أعلم أن استعمال الشكور أبلغ من استعمال الشكر في آية سورة الإنسان.
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63)
1- ما الفرق بين كلمتي عباد وعبيد في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفاً فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63})، أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً وعادة تضاف إلى الناس والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}). العبد يُجمع على عباد وتاعبد يُجمع على عبيد
2-*ما الفرق بين هونا وهُون في القرآن؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63}) وقال في سورة النحل (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ {59}) الهَون هو الوقار والتؤدة أما الهُون فهو الذلّ والعار.
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) ليست في سياق الأعمال.
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65)
1- أَفَكَ / صَرَفَ: الأفك هو نوع من الصرف والتحويل ولكن باستخدام الإِفْك ( أي الكذب ) وسيلة لذلك. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في ذم الكفار والمكذبين. بينما استعمل الصَرْفْ في القرآن الكريم لمطلق الرد والتحويل. فالأفْك وسيلته هي الكذب وهو أخصّ من الصرف.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً (67)
1- التبذير / الإسراف : كليهما يشتركان في لفظ مذموم وعلى الإفراط ومجاوزة الحد، إلا أن التبذير خاص بإضاعة المال بينما الإسراف عام في المال وغيره من الذنوب والمعاصي والقتل وغير ذلك. فبين اللفظين عموم وخصوص.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69)
إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)
1- قوله {وعمل صالحا} وفي الفرقان {وعمل عملا صالحا} لأن في هذه السورة أوجز في ذكر المعاصي فأوجز في التوبة وأطال هناك فأطال. ( أسرار التكرار )
2- قوله {وعمل عملا} بزيادة {عملا} قد سبق ( أسرار التكرار )
3- مسألة: قوله تعالى: (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) الآية. ثم قال تعالى: (ومن تاب وعمل صالحا) ما معناهما حتى تكرر ذلك؟ . جوابه: أنه من تاب فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه رجوعا أي رجوع . ( كشف المعاني )
4- مسألة:قوله تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) وقال تعالى في مريم: (فأولئك يدخلون الجنة) . “
جوابه: أنه ذكر هنا السبب في دخول الجنة وهي الحسنات. وذكر في مريم المسبب عن ذلك وهو دخول الجنة. ( كشف المعاني )
وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)
1- مسألة: قوله تعالى: (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) الآية. ثم قال تعالى: (ومن تاب وعمل صالحا) ما معناهما حتى تكرر ذلك؟ . جوابه: أنه من تاب فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه رجوعا أي رجوع . ( كشف المعاني )
وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً (75)
1- حُجْرة/ غرفة: إن لفظي “حجرة – غرفة” بينهما تقارب دلالي؛ إذ يشتركان في الدلالة على المكان. ويختص لفظ “الغرفة” بملامح: السَّعة والارتفاع والعِزَّة والأمن. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
2- إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:
الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً (77)
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved