الأسرار البيانية
ذلك أن الكلمات ومفردات التركيب تتجه برمتها لخدمة مقصود السورة وتتأثر في صياغتها وسبكها بروحها ومن ثم تجد المعنى الواحد يرد في أكثر من سورة ولكن يعبر عنه في كل واحدة منها بما يلائم سياقها ويناسب مقصودها وجوها الخاص ومن هنا كان سر اختلاف الآيات المتشابهات في ألفاظها واختصاص كل واحدة بموضعها
ومن أمثلة ذلك توجيه أبي جعفر بن الزبير للفرق التعبيري بين قوله تعالى إن تبدوا خيرا أو تخفوه أوتعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا وبين قوله تعالى ( إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما ) حيث يعزو التعبير بإبداء الخير في آية سورة النساء إلى مناسبة الطابع العام الذي يغلب عليها فقال ( والجواب عن الأول أن قوله مقصود به خصوص طرق الخير وعمل البر جريا على ما دارت عليه سورة النساء وتردد فيها من إصلاح ذات البين والندب إلى العفو والتجاوز عن السيئات ومن هنا لم يتعرض فيها لأحكام الطلاق وإن كانت مبنية على أحكام النساء لكن خص من ذلك ما فيه التألف والإصلاح ولم يرد فيها من أحكام الطلاق إلا ما أشار إليه بقوله وإن يتفرقا .. فذكر القدر عند استدعاء معنى الكلام وتمام المقصود به إليه بأوجز لفظ وبما يؤنس الفريقين ولم يذكر فيها اللعان ولا الظهار ولا الخلع ولا طلاق الثلاث بل ذكر فيها ما استصحب العشرة إلى التوارث )
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved