الوقوف على المناسبات الجزئية
فكثيرا ما كان المفسرون الذين عنوا بذلك يحاولون الربط بين بعض الآيات غافلين عن نظام السورة المعنوي فلا تظهر لهم وجوه قريبة للمناسبة وقد تنبه البقاعي بفضل قاعدة شيخه المشذالي إلى أن معرفة الغرض الذي سيقت لأجله السورة هو السبيل إلى إراك وجه النظم مفصلا بين كل آية وآية وأن من حقق المقصود منها عرف تناسب آيها وقصصها وجميع أجزائها بل إنه أكد أن الإجادة في علم المناسبات متوقفة على معرفة مقصود السورة الذي يفيد معرفة مقاصد جميع جملها وأجزائها ( ولذلك كان هذا العلم في غاية النفاسة وكانت نسبته من علم التفسير نسبة علم البيان من النحو )
وقد تفطن دراز إلى أهمية النظر الشمولي إلى مواضيع السورة ووحداتها الصغرى لاكتشاف الروابط الجزئية فقرر وهو يمهد لبيان نظام معاني سورة البقرة ( أن السياسة الرشيدة في دراسة النسق القرآني تقضي بأن يكون هذا النحو من الدرس هو الخطوة الأولى فيه فلا يتقدم الناظر إلى البحث في الصلاة الموضعية بين كل جزء وجزء منه وهي تلك الصلاة المبثوثة في مثاني الآيات ومطالعها ومقاطعها إلا بعد أن يحكم النظر في السورة كلها بإحصاء أجزاءها وضبط مقاصدها على وجه يكون معوانا له على السير في تلك التفاصيل على بينة )
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved