استنباط معان زائدة
وهذا يوكد على أن القرآن لا تنقضي عجائبه مع كثرة الرد فإن نظرت إلى الآية في بنائها اللفظي بقطع النظر عن سياقها استفدت معنى معينا وإن امتد نظرك إلى سوابقها ولواحقها القريبة استفدت معنى آخر وإن أشرفت على مقصود السورة ونظرت إلى موقع الآية في بنائها الكلي استفدت معنى آخر وهذا دليل من دلائل عظمة القرآن واتساع مدلولاته ومن أمثلة ذلك ما بينه سعيد حوى في تفسير قوله تعالى ( ولا تلقوا بإيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )
يقول رحمه الله ( وأما النهي عن إهلاك النفس فإذا نظرنا إلى النص مجردا كان له معنى وإذا نظرنا إليه من خلال الآية التي هو فيها أعطانا معنى آخر وإذا نظرنا إليه أنه جزء من السياق أعطانا معنى جديدا وكل هذه المعاني مرادة وكلها قد ذكرها أئمة التفسير عند شرح الآية فإذا نظرنا إلى النص مجردا فهمنا منه أنه نهى عن قتل أنفسنا أي لا تقتلوا أنفسكم بأيديكم كما يقال أهلك فلان نفسه بيده : إذا تسبب في هلاكها : )
وإذا نظرنا إلى هذا النهي ووروده بعد الأمر بالإنفاق فهمنا منه أنه نهى عن ترك الإنفاق في سبيل الله لأنه سبب للإهلاك ويؤيد ذلك ما رواه البخاري عن حذيفة رضي الله عنه ( نزلت في النفقة )
وأورد أقوالا أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك وسعيد بن جبير والحسن البصري رحمهم الله تؤيج ذلك ثم عقبها بقوله (وإذا نظرنا إلى هذا النهي من خلال وروده بعد آيات القتال فهمنا منه أنه نهى عن ترك الجهاد وأورد في ذلك حديثا لأبي أيوب الأنصاري يؤيد ذلك .
وقد لا حظنا في هذه الاتجاهات الثلاثة الرئيسية في فهم هذا النص سببها ملاحظة النص مجردا أو مع السياق القريب أو مالسياق العام وهذا قد يكون أبرز مثال من خلال كلام أئكمة التفسير لما حاولنا إبرازه سابقا من أن هذا القرآن لا تتناهى معانيه فمن خلال المعنى المجرد ومن خلال السياق القريب والسياق العام والوحدة القرآنية ومن خلال عبارة النص ومن خلال إشارة النص تتولد معان لا تتناهى وكل يأخذ من كتاب الله على قدر ما قسم الله له وهذه المعاني كلها حق )
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved