الأحزاب والنساء والفتح
المناسبات بين سور النساء والأحزاب والفتح:
المتأمل في السور الثلاثة يلاحظ الكثير من التشابه بين السور الثلاثة ( النساء والأحزاب والفتح ) عموما وبين كل واحدة منهن والأخرى على حدى، وهذا التشابه كما سنرى في عدة مواضع وسيأتي شرحه، لكن يبقى السؤال: ما هي الرسالة التي يحملها مثل هذا التشابه؟
لننظر في مقصد كل سورة من هذه السور:
النساء: في حفظ حقوق الضعفاء في المجتمع وتنظيمه بما يضمن هذه الحقوق.
الأحزاب: إبطال عادات الجاهلية في المجتمع
الفتح: تتحدث عن النصر عموما.
والذي نراه أن السور الثلاثة ترسم لنا خطا للنصر لا يكون إلا بحفظ حقوق الضعفاء في المجتمع أولا، ثم إبطال عادات الجاهلية ثانيا ثم يكون الفتح والنصر، ولا نصر بغيرها.
ولا عجب أن تكون الأحزاب واسطة العقد بين النساء والفتح.
أولأ: بين النساء والأحزاب
التماثل بين السورتين يتضح في محورين :
الأول: موضوعي
الثاني: لفظي
أما الموضوعي فظاهر في عدة نواح:
أولا : الحديث عن النساء وأحكامهن عموما، مع الفارق حيث جاء الحديث في سورة النساء عن أحكام عموم النساء بينما جاء الحديث في سورة الأحزاب عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة كما هو جو السورة.
ثانياً : الحديث عن المنافقين كان ظاهرا في السورتين بشكل واضح وموسع.
أما من الناحية اللفظية فاشتركت السورة في ألفاظ وجمل انفردتا بها عن باقي السور وبعض هذه العبارات اشتركت معهما سورة أو سورتين:
من الألفاظ المشتركة الت لم ترد إلا في النساء والأحزاب:
وكفى بالله وكيلا
ميثاقا غليظا
عذابها مهينا
بهتانا واثما مبينا
جملتي : ومن يطع الله ورسوله و ومن يعص الله ورسوله لم تجتمعا إلا في هاتين السورتين
وكان ذلك على الله يسيرا
قولا سديدا
رقيبا
وكفى بالله حسيبا
وأما :
معروفا
كريما
إن الله كان عزيزا حكيما
فقد جاءت في السورتين وشاركتهما في الأولى البقرة ولقمان وفي الثانية الإسراء وفي الثالثة الإنسان.
و من ذلك قوله تعالى:
{إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سواء فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً} [النساء: 149] .
وقوله: {إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 54] .
فقد قال في آية النساء: {إِن تُبْدُواْ خَيْراً} [النساء: 149] وفي الأحزاب: {إِن تُبْدُواْ شَيْئاً} [الأحزاب: 54] ، وذلك أن آية النساء وردت بعد قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ … } [النساء: 148] فذكر أنّ الله لا يحب الجهر بالسوء، ولذا قال بعدها: {إِن تُبْدُواْ خَيْراً} [النساء: 149] أي: إن تُظهروا خيراً، هو عكس الجهر بالسوء. فالله سبحانه لا يحب السوء ولا الجهر به بخلاف الجهر بالخير.
وأما في آية الأحزاب فالسياق يتعلق بعلم الله بالأشياء الخافية والظاهرة فقد قال قبلها: {والله يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ … } [الأحزاب: 51] . وقال: {وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً} [الأحزاب: 52] وختم الآية بقوله: {فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 54] ومعنى الآية إنه يستوي عنده السر والجهر، فناسبَ أن يقول: {إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ} [الأحزاب: 54] لا أن يقول: {إِن تُبْدُواْ خَيْراً} [النساء: 149] هذه علاوة على مناسبة كلمة (شيء) الواقعة قبلها وبعدها، فوضع كل لفظة في مكانها المناسب لها.
هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى إن الجو التعبيري لكل سورة في هاتين السورتين يقتضي وضع كل لفظة من هاتين اللفظتين في موضعها. ذلك أن كلمة (خير) ترددت في سورة النساء اثنتي عشرة مرة ولم ترد سورة الأحزاب إلا مرتين.
ون كلمة (شيء) ترددت في سورة النساء اثنتي عشرة مرة وترددت في سورة الأحزاب ست مرات، فإذا كان الكلام يقتضي اختيار إحدى هاتين اللفظتين لكل آية فمن الواضح أن تختار كلمة (خير) لآية النساء وكلمة (شيء) لآية الأحزاب.
فاقتضى التعبير اختيار كل لفظة من جهتين: جهة المعنى والسياق. وجهة اللفظ.
ثانيا: بين الأحزاب والفتح:
التناسب اللفظي:
انفردت السورتان في ألفاظ مثل:
إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا
وكان الله بما تعملون بصيرا
المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات
بكرة وأصيلا
ولن تجد لسنة الله تبديلا
التناسب الموضوعي:
من المواضيع التي اشتركت فيها السورتان الحديث عن الظن فقد جاء الحديث عنه في موضع في سورة الأحزاب وموضعين في سورة الفتح.
ثالثا: بين النساء والفتح:
التناسب اللفظي:
اشتركت السورتين في عبارتين لم ترد إلا فيهما فانفردتا عن باقي السور بهما وهما:
وكان الله عزيزا حكيما
وكان الله عليما حكيما
ثالثا: بين النساء والأحزاب والفتح:
التناسب اللفظي: يظهر التناسب اللفظي في موضعين
الأول : وكفى بالله ولم يأت إلا في هذه السورة الثلاث.
الثاني وكان الله غفورا رحيما وشاركتهم فيه الفرقان
أما التناسب المعنوي : ففي الجهاد حيث ذكر في السور الثلاث مجتمعة.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved