( توحيد الألوهية )
( توحيد الألوهية )
يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)
ما هو موضوع هذه الآية وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هي مناسبته لما قبله من الكلام؟
هذا أول المطاف بعد المقدمة، وأول كلام بعد الآيتين التين تشكلان محور السورة، وكأن الكلام هنا جاء بمنزل النتيجة بد المقدمة، وكأن الآيات تقول للناس:
طالما أن الله بيده مفاتح الرحمة – باعتباره مبتدئ الخلق والمتفضل عليه بالزيادة -، ثم إنه هو الوحيد الذي يرزقكم، فهو ربكم، فالأولى بكم ألا تنسوا نعمه وأن تعبدوه وحده وألا تتخذوا إلها معه البتة، وهذا هو توحيد الألوهية، فالآية دعوة إلى توحيد الألوهية أي صرف العبادة كله لله، باعتبار توحيد الربوبية أي كون الله عز وجل هو الوحيد السيد المصلح المربي.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها ذكر الخالق مع يرزقكم؟
ظهر فيها نقطتان الثانية أهم من الأولى:
أما الأولى: فإن الخالق هنا إشارة إلى نعمة الابتداء والرزق إشارة إلى نعمة الإبقاء، فذكر الخالق مع الرزق هنا فيه التنبيه على النعمتين، ولو أنه قال ( هل من رازق غير الله يرزقكم ) لفات التنبيه إلى معنى الإبتداء ولبقي الكلام في نعمة الإبقاء.
وأما الثانية: ففيها إشارة إلى أن الرزق المساق إلى الناس يتم وفق تقدير مسبق، فإن الخلق بمعنى التقدير والقياس قبل القطع كما قال الشاعر: ( وأنت تخلق ثم تفري ) يعني تقيس الجلد وتقدره ثم تقطعه كناية عن المضي في الأمر، فالخلق هو التقدير والقياس قبل القطع، فكأن هذا اللفظ هذا يشير إلى أن الأرزاق مقسمة معلومة بتقدير الله عز وجل وحده، فهو الذي يقدر الأرزاق وهو الذي يحبو الناس بها.
ما هي مناسبة قوله ( لا إله إلا هو)؟
كما سبق فإن توحيد الألوهية هنا يشبه أن يكون نتيجة لسبب وهو توحيد الربوبية.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها صياغة فعل ( تؤفكون ) هنا؟
لم يقل الله تعالى فأنى تنصرفون أو فأنى تنأفكون، أو ما شابه ذلك من الصيغ التي تدل على الانفعال الذاتي أي أن الفعل لم يأت من أنفسهم، بل جاء بصيغة ( تؤفكون ) بمعنى : أنى تستجيبون لمن يريد صرفكم عن الحق، ولعب بعقولكم إلى درجة الانصراف عن هذه الحقيقة الخالدة وهي أن المفاتح بيد الله وحده، فالآية تلفت عناية الناس إلى وجود من يريد صرفهم عن الحق، فتنبههم لذلك، حتى يعرفوا من أين يأتي العدو، وهذا المعنى يأتي كثيرا في السورة.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved