( دلائل الربوبية في الأفلاك )
( دلائل الربوبية في الأفلاك )
( الباب السادس: في الأفلاك )
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)
ما هو موضوع هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هي مناسبته لما قبله من الكلام؟
ثم انتقل الكلام إلى باب سادس وهو تدبير الأفلاك، وكأن الآيات بدأت بالحديث عن الرزق وتدبيره ، ثم عادت إلى نفس الإنسان لتنبهه على ما فيه، ثم غاصت به في أعماق البحار ثم سحبته من أعماق البحار لتطوف به في نواحي الأفلاك، من أعماق البحار إلى أعالي السماء ، وفيه أيضا ما جاء من معنى في الحديث السابق من الزيادة في الخلق، فكلمة يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل جاءت مثالا عن الزيادة البطئية في الضوء والعتمة، وجريان الشمس والقمر جاء للبيان النقيض وهو عدم التباين في الخلق، فالله عز وجل هو يزيد أحيانا بعض الخلق على بعض، وهو يقدر إن شاء أن لا يزيد الخلق كما في جريان الشمس والقمر بحركة منضبطة لا تزيد ولا تنقص.
وتأمل أيها القارئ المتدبر كيف أن الآيات تغوص بك في أعماق البحار ثم تصعد بك إلى الأفلاك لتستعرض آيات الله في الآفاق.
كل ما سبق جاء للاستدلال على نتيجة – كما حصل في الباب الثاني – أن:
الله ربكم له الملك
وأن ما تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، وأنهم لا يسمعوا الدعاء، وأنهم لو سمعوا ما أعطوكم ما تسألونهم إياه، ولو رددت هذه المعاني إلى قوله تعالى (فاطر السموات والأرض- يزيد في الخلق ما يشاء – ما يفتح من رحمة فلا ممسك لها ) ثم ردتتها إلى ما تبع هذه الآيات من توحيد الألوهية في قوله ( ذلكم الله لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) لوجدتها تخرج من هذه الآيات وتعود إليها.
وكعادة ما سبقها من الآيات ينتهي الحديث بيوم القيامة ( كذلك النشور- وإلى الله ترجع الأمور- إن وعد الله حق ).
ما مناسبة التذييل بقوله ولا ينبئك مثل خبير؟
المعنى ولا ينبئك بهذا الخبر أحد مثلي لأني خبرته، فالخبير هو الذي يعرف ما تؤول إليه الأمور لكثرة ما جربها، أما الله عز وجل فهو خبير لأنه خلق الخلق فلا يحتاج إلى التجربة ليعلم، فخبرته جل وعلا نابعة من كونه الخالق المدبر، بخلاف الناس فإنهم محتاجين إلى التجربة حتى يصبحوا خبراء في الأمر.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved