(آية التخفيف)
(آية التخفيف)
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)
ما مناسبة هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟ وما هو سر تأخير نزوله حولا كاملا؟
في هذا المقطع نزل التخفيف فصار القيام نافلة بعد أن كان فريضة كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واللافت في النظر ليس موقع المقطع فحسب بل تاريخ نزوله، حولا كاملا، وذلك حتى تعتاد نفوس المؤمنين هذا القيام وليكون تربية وتجهيزا للمؤمنين السابقين قبل أن يحملوا أعباء الدعوة، فلما صار القيام عادة عندهم نزل نسخ الوجوب عنهم، وقيل أنه بقي فرضا في حق النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
والمرء يشعر حقيقة بالخجل والحياء والامتنان لله عز وجل وهو يقرأ هذا المقطع
ما مناسبة الأمر بالقرآن هنا بعد الحديث عن القيام في أول السورة؟
المراد به الإشارة إلى أن المراد بالقيام هو قراءة القرآن وترديده وتكراره من حفظ الصدور
ما مناسبة وصف القائمين مع النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى ( وطائفة من الذين معك )؟
هذه من أعظم البشريات في هذه السورة وهي البشارة بالمعية مع النبي صلى الله عليه وسلم لمن استن بسنته في القيام، ولمن التفتوا وانتبهوا وشمروا.
ولا يوجد ثناء مثل هذا الثناء على القائمين.
ما مناسبة ذكر المرض والضرب في الأرض والقتال ؟
جاءت هذه الأمور الثلاثة تعليلا للتخفيف، فكم من مريض لا يستطيع القيام، وكم من ساع على أهل وعيال يشق عليه الاجتهاد فيه، وكم من مجاهد أشغله الجهاد عن الاجتهاد التام في العبادة، فالحمد لله الذي رحم عباده فخفف عنهم، وربما كان في ذكر السعي على العيال مع الجهاد إشارة إلى فضيلة السعي على العيال وأنه كالجهاد، وإن كان الجهاد أفضل ولا شك، ولكن ذكرهما مقترنين فيه ما فيه.
ما مناسبة الأمر بإلإنفاق في هذه السورة؟
القيام للقرآن كالزكاة للمال، فكما أن حق المال الزكاة بمعنى الإنفاق بعمومه وليس المقصود منها الزكاة المعروفة بالفرض فكذلك حق القرآن القيام به، فمن زكى ما يحفظ من الكتاب بالقيام بورك له فيه ويدل على ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” لاَ حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الكِتَابَ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ” وبوب عليه باب ( اغتباط صاحب القرآن ) ويا له من تبويب، وخرج في الباب حديثا آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلاَنٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلاَنٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ “.
ولمثل هذا فليعمل العاملون.
ما مناسبة قول الله تعالى ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) ؟
الذي يظهر أن المقصود بالخير هنا هو محور السورة وهو ( قيام الليل )، ومهما تكلم البلغاء في الترغيب بأمر لما جاؤوا بأحسن مما في هذه الآية، ولقد رأينا أن الكلام فيه يفسد جمالها، ونترك للقارئ المتدبر تأمل هذا الكلام وما فيه ونكتفي بلفت النظر إليه وحسب.
ما دلالة استخدام الضمير قبل كلمة خيرا؟
لم يقل ( تجدوه عند الله خيرا ) وإنما قال ( تجدوه عند الله هو خيرا )، وهذا الأسلوب يفيد التأكيد والمبالغة.
ما هي المعاني التي ينتهي إليها الانتهاء بالحديث عن المغفرة؟
الآية فيها توجيهات ظهر لنا:
منها: أنها توجيه للمؤمنين بلزوم القيام فإنه باب من أبواب المغفرة
ومنها: توجيههم بالاستغفار في حال قصروا بالقيام وليس هذا بغريب فالآية كلها آية تخفيف ورحمة.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved