استهلال
بسم الله الرحمن الرحيم
( استهلال )
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
ما مناسبة البداءة بالتسبيح في هذه السورة؟
تبدأ هذه السورة بتقرير الحقيقة المطلقة في تنزيه الله تعالى
والتسبيح تعظيم له وإقرار بربوببيته وألوهيته، وهذا المعنى العظيم وهو ( تعظيم الله جل وعلا ) يدور حوله القرآن وأنت ترى التعظيم في كل الكتاب:
في أول القرآن الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ..
وفي أعظم آية الله لا إله إلا هو الحي القيوم ..
وفي السورة التي تعدل ثلث القرآن قل هو الله أحد ..
فالموفق الذي يلفت نظره ويضع قلبه حيثما يرد تعظيم الله سبحانه وتعالى فذاك سبب للإيمان والاستجابة له، فكلما زاد التعظيم زد الامتثال للأمر الذي سيأتي لاحقا وستدور السورة كلها حوله.
ومناسبة التسبيح لمقصد السورة: أنه هو الدافع الذي يعين على البذل والجهاد في سبيل الله، فكلما زاد تعظيم الله في النفوس زاد إقبالها وبذلها في سبيله، فالقرآن لا يكتفي بالأمر بالأفعال ولكنه يحرص كل الحرص على تربية البواعث والدوافع والعقائد المغذية لهذه الأفعال الحميدة التي يحبها الله ليعتني بها الإنسان.
والمسبحات: هي سور افتتحت بالتسبيح وبصيغ مختلفة:
منها ما افتتح بالمصدر: كما في سورة الإسراء
ومنها ما افتتح بالفعل الماضي: كما في سورة الحشر والصف
ومنها ما افتتح بالفعل المضارع : مثل الجمعة والتغابن
ومنها ما افتتح بفعل الأمر: كما في سورة الأعلى
ومن مناسبات تعدد الصيغ الإشارة إلى أن التسبيح بجميع حالاته وأوقاته إنما هو لله فقط.
ما مناسبة التذييل لموضوعها ولموضوع المقطع؟
ذيلت الآية بوصف الله بوصفين:
الأول: العزيز أي الغالب الممتنع
والثاني: الحكيم وهو الذي يضع الأمور في محلها المناسب ولا يفعل شيئا سدى أو عبثا.
وقد جاء الوصف الأول ليمهد للحديث عن نصرة الدين لاحقا، وأن دينه غالب ظاهر لا يحتاج من ينصره.
وقد جاء الوصف الثاني للفت نظر المسلمين بأن الله لم يأمر بنصرة هذا الدين وبذل الأموال والأنفس في سبيله إلا لحكمة يقتضيها كمال خلقه.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved