سورة الأنبياء

(بسم الله الرحمن الرحيم)

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)

1- ليوم القيامة في القرآن الكريم أسماء كثير: ( الآزفة): وردت في القرآن مرتين، وسميت آزفة، لأزوفها، أي لقربها، وإن استبعد الناس مداها.(الحاقة): روعي في هذا الاسم من أسماء القيامة: تحقق وقوعها بلاسك في ذلك، وكشف حقائق الأمور فيها، إحقاق الحقوق لكل عامل وعدالة الحساب والجزاء فيها، كونها قاطعة غالبة لكل معاند مجادل.( الراجفة الرادفة) الراجفة: هي الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهمجيتها، الأولى، والرادفة هي النفخة الثانية لأنها تردف الأولى. ( الساعة):إن سر إطلاق اسم الساعة على يوم القيامة أقوال عدة، منها:1-سرعة مجيئها ، فكأن الوقت الذي بين الدنيا وبين القيامة لم يستغرق سوى هذا الجزء اليسير من الزمان .2-لسرعة انقضاء الحساب فيها.( الصاخة): يدل اسم الصاخة على لحظة من لحظات يوم القيامة، وهي لحظة النفخ في الصور وما يصاحب ذلك من صمم عن الدنيا وذهول عنها، والإقبال على شأن الآخرة وماقيها من ثواب وعقاب.( الطامة) جاءت كلمة الطامة وصفاً للقيامة في سياق الامتنان على الإنسان بخلق الله في السماوات والأرض والجبال وماقيها من متاع للإنسان ودلائل على قدرة الله عز وجل.( الغاشية) سياق هذه الكلمة في القرآن الكريم يقطع بأن المراد يوم القيامة، بما يغشى الناس فيه من أهوال وشدائد ، وما يعلو وجوههم من خشوع ونصب، أو نضرة وإشراق. (القارعة):داهية تقرعهم بما يحل الله بهم من صنوف البلايا والمصائب ،وسميت القيامة بالقارعة لأنها تقرع الناس” تصيبهم وتضربهم”  بالأهوال كانشقاق السماء والأرض ودك الجبال وطمس النجوم.(القيامة): وهو أشهر الأسماء الدالة على يوم البعث والحساب. وهو قيام الناس من قبورهم، ويكون ذلك دفعة واحدة لشدة النفخة التي تصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله . ولهذا المعنى ينطوي اسم القيامة على كل الأوصاف الواردة في الأسماء الأخرى الدالة على هذا اليوم العظيم.( الواقعة): معنى الواقعة” الحادثة” ، وإن تسمية القيامة ” بالواقعة” إشارة الى ثبوتها وتأكيداً لوجوبها وحلولها. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)

1-             قوله تعالى {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} وفي الشعراء {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} خصت هذه السورة بقوله {من ربهم} بالإضافة لأن الرحمن لم يأت مضافا ولموافقته ما بعد وهو قوله {قال ربي يعلم} وخصت الشعراء بقوله {من الرحمن} لتكون كل سورة مخصوصة بوصف من أوصافه وليس في أوصاف الله اسم أشبه باسم الله من الرحمن لأنهما اسمان ممنوعان أن يسمى بهما غير الله عز وجل ولموافقة ما بعده وهو قوله {لهو العزيز الرحيم} لأن الرحمن الرحيم مصدر واحد . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) وقال في الشعراء: (من ذكر من الرحمن) ؟ .جوابه: لما تقدم هنا: (اقترب للناس حسابهم) وذكر إعراضهم وغفلتهم وهو وعيد وتخويف فناسب ذكر الرب المالك ليوم القيامة المتوفى ذلك الحساب. وفى الشعراء: تقدم (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية) لكن لم يفعل ذلك لعموم رحمته للمؤمنين والكافرين لم يشأ ذلك، ويقوى ذلك تكرير قوله تعالى في السورة: (وإن ربك لهو العزيز الرحيم) . ( كشف المعاني )

3-             مسألة: قوله تعالى: (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن) وفى الأنعام والأنبياء (من ربهم) و (فسيأتيهم) و (فسوف يأتيهم) ؟ تقدم ذلك في الأنعام. وأيضا: فتقدم قوله تعالى هنا: (لعلك باخع نفسك) ناسب فسيأتيهم، أي: لا تقتل نفسك فسيأتيهم أنباء ذلك. ( كشف المعاني )

4-             جَديد / مُحدث : يشترك اللفظين في وجود الشيء . ويتميز لفظ ( الجديد ) بملمح دلالي فارق هو وجود جنس الشيء من قبل وكونه امتداداً للقديم واستمراراً له . بينما لفظ( محدث) يدل على ايجاد الشيء بعد أن لم يكن ، فهو دال على الأولوية لا على الاستمرار و الاتصال.  ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

5-             اللَّعِب/ اللَّهْو: يشترك اللفظين في معنى الخُلُو من الحكمة والمقصد الصحيح . ويتميز اللعب بملمح دلالي فارق حيث إنه لابد أن يكون فعلاً. بينما يتميز اللهو بملمح دلالي فارق هو انه قد لا يكون فعلاً، فقد يكون تشاغلاً وغفلة عن الجد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

6-             ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدَث / ما يأتيهم من ذكر من الرحمن: في آية الأنبياء تقدَّم قول الله عز وجل: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} ، وذكر إعراضهم وغفلتهم، وهو وعيد وتخويف؛ فناسب ذكر الرب المالك ليوم القيامة، المتولِّي ذلك الحساب.وفى آية الشعراء تقدَّم قول الله عز وجل: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً} .لكن لم يفعل ذلك، لعموم رحمته للمؤمنين والكافرين، لم يشَأ ذلك، ويقوِّى ذلك تكرير قوله عز وجل في السورة: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} الشعراء/ 9، 68، 104، 122، 140، 159، 175، 191. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)

1-اللَّعِب/ اللَّهْو: يشترك اللفظين في معنى الخُلُو من الحكمة والمقصد الصحيح . ويتميز اللعب بملمح دلالي فارق حيث إنه لابد أن يكون فعلاً. بينما يتميز اللهو بملمح دلالي فارق هو انه قد لا يكون فعلاً، فقد يكون تشاغلاً وغفلة عن الجد.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلْ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5)

1- الحلم/ الرؤيا: إن الاستخدام القرآني لكلمتي “الحلم ـ الرؤيا” يُظهر اشتراكهما في معنى: ما يراه النائم في منامه. والملمح الدلالي المميز لكلمة “الحلم”: الاضطراب والاختلاط والقبح. في حين أن الملمح الدلالي المميِّز لكلمة “رؤيا” هو: الصدق والخير والحسن.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2- أضغاث/ أمشاج: إن كلمتي “أضغاث ـ أمشاج” بينهما تقارب دلالي، حيث يشتركان في ملمح الاختلاط. والملامح الدلالية المميِّزة للأضغاث هي: الالتباس والتداخل، عدم الوضوح، مناقضة الحقائق. بينما الملامح الدلالية المميِّزة لكلمة “أمشاج” هي: الاختلاف والتنوع، الدلالة على المرحليَّة، أشياء لها حقائق.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7)

1-             قوله {وما أرسلنا من قبلك} وفي الأنبياء {وما أرسلنا قبلك} بغير {من} لأن {قبل} اسم للزمان السابق على ما أضيف إليه و {من} تفيد استيعاب الطرفين وما في هذه السورة للاستيعاب وقد يقع {قبل} على بعض ما تقدم كما في الأنبياء في قوله {ما آمنت قبلهم من قرية} ثم وقع عقيبها {وما أرسلنا قبلك} بحذف {من} لأنه بعينه {قوله} {أفلم يسيروا في الأرض} بالفاء وفي الروم 9 والملائكة 44 بالواو لأن الفاء تدل على الاتصال والعطف والواو تدل على العطف المجرد وفي السورة قد اتصلت بالأول لقوله {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا} حال من كذبهم وما نزل بهم من العذاب وليس كذلك في الروم والملائكة. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا} وبعده {وما أرسلنا من قبلك} كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم إلا أن {من} إذا دخل دل على الحصر بين الحدين وضبطه بذكر الطرفين ولم يأت {وما أرسلنا قبلك} إلا هذه وخصت بالحذف لأن قبلها {ما آمنت قبلهم من قرية} فبناه عليه لأنه هو وأخر {من} في الفرقان {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم} وزاد في الثاني {من قبلك من رسول} على الأصل للحصر. ( أسرار التكرار )

3-              ما دلالة ذكر وحذف (من) في قوله تعالى (وما أرسلنا من قبلك رجالاً) وقوله (وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً)؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة يوسف (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {109}) وذكر (من) تفيد الإبتداء أي ابتداء الغاية وهو امتداد من الزمن الذي قبل الرسول مباشرة. وليس هناك فاصل كما جاء في قوله تعالى (يُصبّ من فوق رؤوسهم الحميم). أما في سورة الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {7}) وهي تحتمل البعيد والقريب.

وهذا الذكر او الحذف يعتمد على سياق الآيات ففي سورة الأنبياء (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ {6}) فهي قائمة على التبليغ فناسب حذف (من). هذه دقائق تجدها في كتب اللغة.

وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)

1- البَدَن / الجَسَد / الجسم : جميعها تشترك في ملمح عام وهو وصف هيئة كائن ذي ثلاثة أبعاد ولكل منها ملمح دلالي  يميزه عن غيره فالبدن يتميز بالضخامة، والجسد يتميز بالخلو من الروح، والجسم يتميز بالحياة والروح والجمال. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

ثُمَّ صَدَقْنَاهُمْ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (10) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ (11)

1- فصم/ قَصَفَ/ قَصَمَ: إن الألفاظ “فصم- قصف- قصم” بينها تقارب دلالي، إذْ تشترك جميعها في معنى: القطع والكسر. ويتميز الفَصْم بكونه أهْوَنَها؛ لأنه قطع لا تَبِين معه أجزاء الشيء المكسور أو المقطوع. بينما يتميز القصف بشدة الصوت المصاحب للكسر، وقد استُعْمِل في سياق التخويف، فتظاهرت شدة الكسر مع شدة الصوت لهذا الغرض. وأمَّا القَصْمُ فاستُعْمِلَ في وصف إهلاك الله للقُرَى الظالمة، وهو إهلاك قد حدث بالفعل، ولم يترك من آثار تلك القرى شيئًا؛ والملمح الدلالي الذى يميز القصم: إبانة أجزاء الشيء بعضها عن بعض.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12)

1- آَنَسَ / أحسّ /شَعَرَ: يختص (آَنَسَ ) بمعنى بداية العلم بالشيء . ويختص (أحسّ ) بمعنى التأكيد واليقين, ويختص (شَعَرَ) بمعنى العلم الدقيق الخفي . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ (15) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (16)

1-             قوله {وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو} قدم اللعب على اللهو في هذه السورة في موضعين وكذلك في سورتي القتال 36 والحديد 20 وقدم اللهو على اللعب في الأعراف والعنكبوت وإنما قدم اللعب في الأكثر لأن اللعب زمانه الصبا واللهو زمانه الشباب وزمان الصبا مقدم على زمان الشباب يبينه ما ذكر في الحديد {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب} كلعب الصبيان ولهو كلهو الشبان وزينة كزينة النسوان وتفاخر كتفاخر الإخوان وتكاثر كتكاثر السلطان , وقريب من هذا في تقديم لفظ اللعب على اللهو قوله تعالى {وما بينهما لاعبين} {لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا}
وقدم اللهو في الأعراف لأن ذلك في القيامة فذكر على ترتيب ما انقضى وبدأ بما به الإنسان انتهى من الحالتين وأما العنكبوت فالمراد بذكرها زمان الدنيا وأنه سريع الانقضاء قليل البقاء {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}. 64 أي الحياة التي لا أمد لها ولا نهاية لأبدها بدأ بذكر اللهو لأنه في زمان الشباب وهو أكثر من زمان اللعب وهو زمان الصبا.
( أسرار التكرار )

لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)

1-             قوله {وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو} قدم اللعب على اللهو في هذه السورة في موضعين وكذلك في سورتي القتال 36 والحديد 20 وقدم اللهو على اللعب في الأعراف والعنكبوت وإنما قدم اللعب في الأكثر لأن اللعب زمانه الصبا واللهو زمانه الشباب وزمان الصبا مقدم على زمان الشباب يبينه ما ذكر في الحديد {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب} كلعب الصبيان ولهو كلهو الشبان وزينة كزينة النسوان وتفاخر كتفاخر الإخوان وتكاثر كتكاثر السلطان , وقريب من هذا في تقديم لفظ اللعب على اللهو قوله تعالى {وما بينهما لاعبين} {لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا}
وقدم اللهو في الأعراف لأن ذلك في القيامة فذكر على ترتيب ما انقضى وبدأ بما به الإنسان انتهى من الحالتين وأما العنكبوت فالمراد بذكرها زمان الدنيا وأنه سريع الانقضاء قليل البقاء {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}. 64 أي الحياة التي لا أمد لها ولا نهاية لأبدها بدأ بذكر اللهو لأنه في زمان الشباب وهو أكثر من زمان اللعب وهو زمان الصبا.
( أسرار التكرار )

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (20) أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)

أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)

1- البُرهان / الحُجة / الدليل :

البرهان: الحجة الفاصلة والدليل الذي لاشك فيه، والحجة هي الدليل الذي يستخدم في مواجهة الخصم، أما الدليل فهو العلامة المبينة لصدق الدعوى. والحجة احتفاظ الثلاثة في ملمح الوضوح والصدق، بينما تختلف في فروق دلالية دقيقة: فالبرهان: أخص من الدليل والحجة لتوكيده بصفة القطعية واليقين. والحجة أخص من الدليل، خصصت بملمح مواجهة الخصم أما الدليل فهو أعم هذه الألفاظ الثلاثة، وهو بمعنى العلامة التي تُرشد وتهدي. ( معجم الفروق الدلالية . بتصرف )

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)

1-             قوله {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا} وبعده {وما أرسلنا من قبلك} كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم إلا أن {من} إذا دخل دل على الحصر بين الحدين وضبطه بذكر الطرفين ولم يأت {وما أرسلنا قبلك} إلا هذه وخصت بالحذف لأن قبلها {ما آمنت قبلهم من قرية} فبناه عليه لأنه هو وأخر {من} في الفرقان {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم} وزاد في الثاني {من قبلك من رسول} على الأصل للحصر. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {فاعبدون} {وتقطعوا} وفي المؤمنين {فاتقون} {فتقطعوا} لأن الخطاب في هذه السورة للكفار فأمرهم بالعبادة التي هي التوحيد ثم قال {وتقطعوا} بالواو لأن التقطع قد كان منهم قبل هذا القول لهم ومن جملة خطاب المؤمنين فمعناه داوموا على الطاعة وفي المؤمنين الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بدليل قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} والأنبياء والمؤمنون مأمورون بالتقوى ثم قال {فتقطعوا أمرهم} أي ظهر منهم التقطع بعد هذا القول والمراد أممهم. ( أسرار التكرار )

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29) أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)

1-  ماالفرق بين (جعلنا فى الأرض رواسى) و (ألقينا فيها رواسي) ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة ق (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)) وفى سورة الإنبياء (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31))هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالاعجاز العلمي. لكن الملاحظ أنه تعالى يقول أحياناً ألقينا وأحياناً يقول جعلنا في الكلام عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحداً وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين (جبال بركانية) والزلازل أو قد تأتي بها الأجرام المساوية على شكل كُتل، وهذا يدل والله أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال. وكينونة الجبال تختلف عن كينونة الأرض فالجبال ليست نوعاً واحداً ولا تتكون بطريقة واحدة هذا والله أعلم.

من آيات الإعجاز العلمى:

بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض . وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل ، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية.

وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) ثم قال تعالى: (كل في فلك يسبحون (33) والسقف: المستوى، والفلك: هو المستدير؟ . جوابه: أن السقف لا يلزم منه الاستواء، بل يقال لكل بناء عال على هواء سقف سواء كان مستويا أو مستديرا، كقولهم: “سقف الخباء ” وإن كان مستديرا. ( كشف المعاني )

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) ثم قال تعالى: (كل في فلك يسبحون (33) والسقف: المستوى، والفلك: هو المستدير؟ . جوابه: أن السقف لا يلزم منه الاستواء، بل يقال لكل بناء عال على هواء سقف سواء كان مستويا أو مستديرا، كقولهم: “سقف الخباء ” وإن كان مستديرا. ( كشف المعاني )

         وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ (34)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) . وقال في إدريس وعيسى عليهما السلام أنه: رفعهما إليه فهما حيان باقيان وهم من البشر؟ . جوابه: أن المراد من الخلد في الدنيا التي هي عالم الفناء المعهود عندهم. وإدريس وعيسى عليهما السلام في عالم آخر غير المعهود عنده. ( كشف المعاني )

2-              ما دلالة الآية (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) بين آيات الجعل في سورة الأنبياء (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34))؟ وما الفرق بين الجعل والخلق؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الجعل كما يقول أهل اللغة هو إخبار عن ملابسة مفعولة بشيء آخر أن يكون فيه أو معه أو بحالة أخرى. خلق الله الليل والنهار وخلق الشمس والقمر، لكن جعل فهي ليست هكذا جعل الماء ولكن جعل منه أو جعل فيه أو جعل حالة من حالاته (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) جعل منه، (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ) هي لبيت هكذا تأتي وإنما تقتضي أكثر من شيء، (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا) هذه حالة من الحالات لم يجعلها هكذا وإنما يمكن أن نقول خلق السموات، يتعدى بنفسه لكن لا بشيء آخر لا نقول جعلنا الماء كل شيء حي. قال تعالى (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ (12) الإسراء) لما قال آيتين قال جعل وفي آية أخرى قال (خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). في الغالب الجعل يتعلق بشيء آخر وليس فقط جعل أي خلق هكذا لكن هنالك شيء آخر في المفعول يتعلق به. جعل تقتضي أكثر من شيء وأكثر من أن تذكر المفعول وحده وهذا ما نص عليه أهل اللغة. الجعل هو إخبار عن ملابسة مفعوله بشيء آخر بأن يكون له أو منه أو فيه أو حالة من الحالات (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ) (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا) رواسي مفعول جعل ملابسة مفعوله بشيء آخر (في الأرض). هذا هو الفرق بين الجعل والخلق. لما قال (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ولم يلابسه بشيء آخر قال خلق، (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ (12) الإسراء) خلق أعمّ (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) ملابسة لـ في الأرض. خلق ليس خاصاً بالله تعالى (أََنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ (49) آل عمران). فَطَر هو فعل خاص بالله تعالى.

               كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)

1-             قوله {كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} وفي العنكبوت {ثم إلينا ترجعون} لأن ثم للتراخي والرجوع هو الرجوع إلى الجنة أو النار وذلك في القيامة فخصت سورة العنكبوت به وخصت هذه السورة بالواو لما حيل بين الكلامين بقوله {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} وإنما ذكرا لتقدم ذكرهما فقام مقام التراخي وناب بالواو منابه. ( أسرار التكرار )

2-             الابتلاء / الفتنة : الابتلاء في اللغة  الاختبار والتجريب  والامتحان ويكون بالخير والشر ، والفتنة أشد من الابتلاء بل هي أثر من آثاره قد يحدث وقد لا يحدث ، فالأموال والأولاد والأزواج وغير ذلك من النعم هي ابتلاءات ، قد تؤول الى فتن إذا اغتر بها المنعم عليه ،و قد لا تكون كذلك إذا ما أدى الإنسان حق الشكر لله عليها . كما أن الفتنة أخص من الابتلاء إذا كان الفاعل لها غير الله ، فهي دائماً محن ومضار مهلكة كالعذاب والإحراق والإضلال .. أما الابتلاء فيكون بالخير كما يكون بالشر سواء كان الفاعل الله عز وجل أم كان من المخلوقين . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)

1-             قوله {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} وفي الفرقان {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} لأنه ليس في هذه الآية التي تقدمتها ذكر الكفار هنا فصرح باسمهم وفي الفرقان قد سبق ذكر الكفار فخص الإظهار بهذه السورة والكناية بتلك. ( أسرار التكرار )

خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمْ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ (40) وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (41)

1- السخرية / الاستهزاء: إن لفظي “السخرية ـ الاستهزاء” متقاربان جدًّا في الدلالة، حيث يشتركان في معنى: طلب الهوان والحقارة. تتميز السخرية بالشِّدَّة، ووجودا سبب يدعو إليها. بينما يتميز الاستهزاء بأنه لا يقتضى وجود سبب يدعو إليه، وإنما هو إلصاق للعيب والذم بمن لا يستحقُّه حسدًا أو حقدًا.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمْ الْغَالِبُونَ (44) قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون (45) وفى النمل والروم: (ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) . والصم كاف فما فائدة ولوا مدبرين؟ . جوابه: أن آية الأنبياء نسب فيها السماع إليهم فلم يحتج إلى توكيد ومبالغة فيه، ولذلك قال: (إذا ما ينذرون (45) أي يتشاغلون عن سماعه، فهم كالصم الذين لا يسمعون. وفى آية الروم والنمل نسب الإسماع إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – فبالغ في عدم القدرة على إسماعهم بقوله تعالى: (ولوا مدبرين) لأن المولى عن المتكلم أجدر بعدم القدرة على إسماعه من الماكث عنده، ولذلك شبههم بالمولى، وفيه بسط عذر النبى – صلى الله عليه وسلم -.( كشف المعاني )

2-             ولا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ/ ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ: في آية الأنبياء استعمل الفعل المتعدي لواحد: “يَسْمَع”، فنسب السماع إليهم؛ لذا لم يحْتَجْ إلى توكيد، والمعنى أنهم لا يسمعون الدعاء لتشاغلهم عن ذلك، فهم كالصُّم. أما في آيتي النمل والروم، فاستعمل الفعل المتعدي لمفعولين: “تُسْمِع”؛ فنسب الإسماع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذا بالغ في إظهار عدم القدرة على إسماعهم دعوته؛ فختم الآية بقوله عز وجل: {إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} مشبهًا إياهم تشبيهين: أنهم كالصمِّ، وأنهم كالمولِّى عمن يدعوه لكى لا يسمع كلامه. وهذه المبالغة مرادٌ بها بسط العذر للنبي صلى الله عليه وسلم، كما قال له الله عز وجل: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} القصص/ 56. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (48)

1- الفرقان: تكرر ذكر الاسم فيفي القرآن الكريم علماً عليه، ومن أشهر مواضعه سورة كاملة سميت باسم ( الفرقان).إن اشتراك الكتب السماوية الأخرى مع القرآن الكريم في الوصف بالفرقان، هو اشارة الى الأصل الدلال للمادة ، أي الفرق بين الحق و الباطل، ولكن اسم الفرقان صار علماً بالغلبة على القرآن الكريم، بحيث لا يفهم من اسم الفرقان سوى انه علمٌ على القرآن ،والملمح الدلالي المميز لهذا العلم هو معنى الفصل والتمييز.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)

                   وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50)

1-             مسألة: قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) . وفى الأنبياء: (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) قدم الإنزال ههنا وأخره في الأنبياء؟ . جوابه: قدم الإنزال ههنا ردا على قول فنحاص بن عازوراء: (ما أنزل الله على بشر من شيء) فبدأ به اهتماما به، ولأن الكتب سماوية فناسب البداءة بالإنزال.وأية الأنبياء في الذكر، فجاءت على الأصل في تقديم الوصف المفرد في النكرة على الجملة. . ( كشف المعاني )

2-             مسألة: قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء) و (ثم) تقتضي الترتيب، فظاهره أن تسوية السماء بعد دحي الأرض وأقواتها وبركاتها، وقد قال تعالى في النازعات: (والأرض بعد ذلك دحاها) ؟ . جوابه: أن (ثم) قد تأتى لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقائع المخبر عنها، فيكون تقديره: ثم يخبركم أنه: (استوى إلى السماء وهي دخان) الآية، ونحوه قوله تعالى في سورة الأنعام: (ثم آتينا موسى الكتاب) بعد قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) وهو كثير فى القرآن وكلام العرب، ومنه البيت المشهور وهو أن: من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد بعد ذلك جده ( كشف المعاني )

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)

           إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)

1-             قوله {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} {قالوا وجدنا آباءنا} وفي الشعراء {قالوا بل وجدنا} بزيادة {بل} لأن قوله {وجدنا آباءنا} جواب لقوله {ما هذه التماثيل} وفي الشعراء أجابوا عن قوله {ما تعبدون} بقولهم {نعبد أصناما} ثم قال {هل يسمعونكم إذ تدعون} {أو ينفعونكم أو يضرون} فأتى بصورة الاستفهام ومعناه النفي قالوا {بل وجدنا} أي قالوا لا بل وجدنا عليه آباءنا لأن السؤال في الآية يقتضي في جوابهم أن ينفوا ما نفاه السائل فأضربوا عنه إضراب من ينفي الأول ويثبت الثاني فقالوا بل وجدنا فخصت السورة به. ( أسرار التكرار )

قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)

1- قالوا وجدنا / قالوا بل وجدنا : بزيادة (بل) في الجواب في آية الشعراء، وهو حرف إضراب يراد به نفي الأول وإثبات الثاني لأنه قال لهم (قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعوكم أو يضرون)، وهو استفهام استنكاري يراد به النفي، فجاءت إجابتهم مصدرة بحرف الإضراب . أما في آية الأنبياء فلم تصدر الجملة بحرف الإضراب، لأنها إجابة مباشرة عن سؤال إبراهيم عليه السلام. .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ اللاَّعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)

1- الصَّنَم/ الوَثَن: إن لفظي “الصنم ـ الوثن” بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنهما يشتركان في عدة ملامح دلالية هي: أن كليهما جسم مادِىّ. وأنه يتخذ إلهًا معبودًا من دون الله. ويختلفان في بعض الملامح الفارقة، حيث إن الصنم: لا بُدَّ أن يكون مُصَوَّرًا منحوتًا. ولا بد أن يُصنع من خشب أو نحاس أو فضة أو ذهب. أما الوثن فهو مجرد حجر لا صورة له ولا نقش. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)

1- صبى/ غلام/ فتى/ ولد: إن الألفاظ (صبى- غلام- فتى- ولد) بينهما تقارب دلالي ، حيث تشترك جميعها في معنى حداثة السن. ولكن حداثة السن تتدرج : فالصبي : من لحظة الولادة الى الفطام. والغلام من عامين الى سبعة عشر عاماً .والشاب: الذي بلغ مبلغ الرجال. أما الولد فيطلق على الولد صغيراً كان أم كبيراً، إذ كل مولود ولد ،وذلك بالقياس الى والديه . ولا يراد به في القرآن الكريم تحديد السن، بل علاقة القرابة والنسب.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)

                          

                     وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ (70)

1-             قوله {وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} وفي الصافات {الأسفلين} لأن في هذه السورة كادهم إبراهيم عليه السلام بقوله {لأكيدن أصنامكم} وكادوا هم إبراهيم بقوله {وأرادوا به كيدا} فجرت بينهم مكايده فغلهم إبراهيم لأنه كسر أصنامهم ولم يغلبوه لأنهم لم يبلغوا من إحراقه مرادهم فكانوا هم الأخسرين وفي الصافات {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} فأججوا نارا عظيمة وبنوا بنيانا عاليا ورفعوه إليه ورموه منه إلى أسفل فرفعه الله وجعلهم في الدنيا من الأسفلين وردهم في العقبى أسفل سافلين فخصت الصافات بالأسفلين. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله معا. إى: (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين (70) وقال تعالى في الصافات: (فجعلناهم الأسفلين (98)) ؟ . جوابه: أنهم أرادوا كيده بإحراقه فنجاه الله تعالى وأهلكهم وكسر أصنامهم، فخسروا الدنيا والآخرة. وفى الصافات قالوا: (قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه) أي من فوق البناء في الجحيم، فناسب ذكر الأسفلين لقصدهم العلو لإلقائه في النار والله أعلم. ( كشف المعاني )

3-             فجعلناهم الأخسرين/ فجعلناهم الأسفلين: وصفهم بالأخسرين في آية الأنبياء؛ لأنهم أرادوا إهلاك نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم بالإحراق فنجَّاهُ الله وأهلكهم، فخسروا الدنيا والآخرة؛ فعُبِّر عن ذلك بوصفهم بالأخسرين. أما آية الصافات فوصفتهم بالأسفلين؛ لما تقدَّم من قوله عز وجل: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} فرفعه الله سبحانه وتعالى، وجعلهم من الأسفلين في الدنيا والآخرة؛ لأنهم قصدوا العلوَّ على نبي الله إبراهيم عليه السلام (معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)

1-             قوله {ونجيناه} بالفاء سبق في يونس ومثله في الشعراء {فنجيناه وأهله أجمعين} {إلا عجوزا في الغابرين}. ( أسرار التكرار )

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)

1- دَلَّ / أَرْشَدَ / هَدَى: إن لفظ “الهُدَى” ومشتقاته في القرآن الكريم يتميز بملامح دلالية ليست للدلالة و والإرشاد، وهذه الملامح الفارقة هي: اللطف، قد يكون بالبيان والتعريف كالدلالة والإرشاد، ولكن تختص الهداية بالتوفيق والإلهام. تستعمل الهداية في معنى الثواب وحسن الخاتمة. بينما الدلالة عامَّة في معنى البيان والتعريف، بقصد أو بغير قصد، إلى الخير أو إلى الشر. والإرشاد أخص من الدلالة؛ لأنه مقصور على بيان الخير والحق والنفع، دون الشر ). معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)

1- الخبائث/ الخبيثات: إن “الخبيثات- الخبائث” كليهما جمع “خبيثة “. إلَّا أن “الخبيثات” جمع مؤنث سالم؛ لذلك استُعْمِل لوصف العاقل. أمَّا “الخبائث” فهي جمع تكسير؛ ولذلك استعمل لوصف غير العاقل…(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)

وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)

1-             قوله {بما كذبوا من قبل} في هذه السورة وفي يونس {بما كذبوا به} لأن أول القصة في هذه السورة {ولو أن أهل القرى آمنوا} وفي الآية {ولكن كذبوا فأخذناهم} وليس بعدها الباء فختم القصة بمثل ما بدأ به وكذلك في يونس وافق ما قبله {فكذبوه فنجيناه} {كذبوا بآياتنا} فختم بمثل ذلك فقال {بما كذبوا به} وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما في حق العقلاء من التكذيب فبغير الباء نحو قوله {فكذبوا رسلي} و {كذبوه} وغيره وما في حق غيرهم بباء نحو {كذبوا بآياتنا} وغيرها وعند المحققين تقديره فكذبوا رسلنا برد آياتنا حيث وقع. ( أسرار التكرار )

2-             قوله {فنجيناه} سبق ومثله في الأنبياء والشعراء. ( أسرار التكرار )

وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)

1- الفقه/ الفهم: إن كلمتي “الفقه- الفهم” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في معنى: العلم بالشيء وإدراكه. ويتميز الفقه بملامح دلالية فارقة هي:- التأمُّل، إطالة النظر والتريُّث، الاستنباط والإحاطة، غموض جوانب المسألة المنظور فيها وتشعُّبها. بينما يتميز( الفهم ) بملمح السرعة.( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)

1-             مسألة: قوله تعالى: (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره) وقال في سورة ص: (تجري بأمره رخاء) والعاصفة ة الشديدة، والرخاء: الرخوة؟ . جوابه: أنها كانت رخوة طيبة في نفسها، عاصفة في مرورها كما. قال تعالى: (غدوها شهر ورواحها شهر) . أو أن ذلك كان باعتبار حالين على حسب ما يأمرها سليمان عليه السلام. ( كشف المعاني )

2-             عاصف/ عاصفة: إن لفظي (عاصف ـ عاصفة) بينهما تقارب دلالي؛ حيث إنَّ كليهما دالٌّ على شدَّة هبوب الريح. ولكن كلمة (عاصف) في وصف الريح ذاتها، أمَّا كلمة (عاصفة) فهي في وصف حركة الريح..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

3-             ولسليمان الريح عاصفة / فسخَّرنا له الريح تجرى بأمره رخاءً: العاصفة: الشديدة، والرخاء: الرخوة. فكيف اجتمع له الضدَّان؟   والجواب أنها كانت رخوة طيبة في نفسها، عاصفة في مرورها كما قال عز وجل: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}، أو أنَّ ذلك كان باعتبار حالين على حسب ما يأمرها سليمان عليه السلام. ( معجم الفروق الدلالية/ بتصرف)

وَمِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)

1-             قوله {وأيوب إذ نادى ربه} ختم القصة بقوله {رحمة من عندنا} وقال في ص {رحمة منا} لأنه هنا بالغ في التضرع بقوله {وأنت أرحم الراحمين} فبالغ سبحانه في الإجابة وقال {رحمة من عندنا} لأن عند حيث جاء دل على أن الله سبحانه تولى ذلك من غير واسطة وفي ص لما بدأ القصة بقوله {واذكر عبدنا} ختم بقوله {منا} ليكون آخر الآية لفقا بالأول الآية . ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين الضُرّ (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ (83) الأنبياء) والضَر (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا (49) يونس) والضرر (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ (95) النساء) والحديث الشريف “لا ضرر ولا ضرار”؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الضُر يكون في البدن من مرض وغيره (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ (83) الأنبياء). الضَر مصدر بما يقابل النفع (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا (188) الأعراف). الضرر الإسم أي النقصان يدخل في الشيء يقال دخل عليه ضرر (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ) أي الذين فيهم عِلّة أما الضر فهو ما يقابل النفع. الضرر هو الإسم عام والضرّ مصدر. الضُر ما يحصل في البدن من سقم والضَر المصدر لما يقابل النفع والضرر إسم. نحن عندنا المصدر وأحياناً يكون التغيير في المصدر بحركة أو بشيء آخر يسمى إسماً. مثلاً: الدّهن والدُهن، الدَهن هو المصدر دهن جسمه دهناً، والدُهن هو المادة المستخلصة من النبات للدهن. الحَمل والحِمل، الحَمل مصدر حمل والحِمل هو الشيء المحمول تغير المعنى بالحركة من مصدر إلى إسم. الوَضوء هو الماء والوُضوء هو عملية التوضؤ نفسها. هذا تغيير بالحركة.

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)

1-             قوله {ومثلهم معهم رحمة منا} وفي الأنبياء {رحمة من عندنا} لأن الله سبحانه وتعالى ميز أيوب بحسن صبره على بلائه بين أنبيائه فحيث قال لهم {من عندنا} قال له {منا} وحيث لم يقل لهم من عندنا قال له {من عندنا} فخصت هذه السورة بقوله {منا} لما تقدم في حقهم {من عندنا} في مواضع وخصت سورة الأنبياء بقوله {من عندنا} لتفرده بذلك . ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين( إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) يس) و(وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) الأنبياء)؟ (د.فاضل السامرائى)

في القرآن يستعمل رحمة من عندنا أخص من رحمة منا، لا يستعمل رحمة من عندنا إلا مع المؤمنين فقط أما رحمة منا فعامة يستعملها مع المؤمن والكافر. (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) يس) عامة، (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً (50) فصلت) عامة،(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) الأنبياء) (من عندنا) يستعملها خاصة و (منا) عامة. حتى لو ورد هذان التعبيران في نبي واحد يختلف السياق، مثلاً في سيدنا أيوب (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) ص) في سيدنا أيوب في سورة الأنبياء (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)) قصة واحدة لكن مرة قال رحمة منا ومرة رحمة من عندنا. ننظر السياق في ص قال (إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ) وقال في الأنبياء (إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) لم يقل (وأنت أرحم الراحمين) في ص، لم يذكر رحمته، أرحم الراحمين يوسع عليه يعطيه أكثر وكأنه يستجدي من الله، يطلب رحمته سؤال برحمته، قال ربنا (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) ولم يقلها في ص، قال (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) ما قالها في ص، لم يقل فاستجبنا له ولم يقل فكشفنا ما به من ضر. قال (وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ) وفي ص قال (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ) الإيتاء يشمل الهبة وزيادة في اللغة، الإيتاء يشمل الهبة وقد يكون في الأموال وهو يشمل الهبة وغيرها فهو أعم، (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (22) يوسف) (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً (59) الإسراء) لا يمكن أن نقول وهبنا (آتيناه الكتاب) آتينا أعم من وهبنا. قال في الأنبياء (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) وفي ص قال (وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) العابدون يشملون أولي الألباب وزيادة، المكلَّف يجب أن يكون عنده عقل وإلا كيف يكلّف مجانين ليس عندهم عقل إذن العابدون أولي الألباب وزيادة. (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) العابدين فيها خصوصية يعني ليس فقط أولي الألباب، أولو الألباب وزيادة فصار عندنا أرحم الراحمين واستجبنا له وفكشفنا له والعابدين وآتيناه فأين نضع رحمة من عندنا؟ نضعها مع كل هذا في آية الأنبياء.

سؤال: النبي واحد والرب واحد والموقف واحد وهو المرض ولكن السياق ليس واحداً فلماذا هذا التغير؟

هل حصل تناقض رحمة منا أو رحمة من عندنا؟ من أين الرحمة؟ الضمير عائد على الله سبحانه وتعالى إذن ليس هناك تناقض لكن الاختيار بحسب السياق، اختيار المفردات بحسب السياق لم تتناقض القصتان لكن اختيار الكلمات بحسب السياق الذي ترد فيه.

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنْ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنْ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ                فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)

1- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

             وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)

1-             قوله {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها} وفي التحريم {فنفخنا فيه} لأن المقصود في هذه السورة ذكرها وما آل إليه أمرها حتى ظهر فيها ابنها وصارت هي وابنها آية وذلك لا يكون إلا بالنفخ في حملها وتحملها والاستمرار على ذلك إلى ولادتها فلهذا اختصت بالتأنيث وما في التحريم مقصور على ذكر إحصانها وتصديقها بكلمات ربها وكأن النفخ أصاب فرجها وهو مذكر والمراد به فرج الجيب أو غيره فخصت بالتذكير . ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (فنفخنا فيها من روحنا) وفى التحريم: (فنفخنا فيه من روحنا) ؟ .
جوابه: أن لفظ التذكير عند العرب أخف من التأنيث، وها هنا لم يتكرر لفظ التأنيث كتكريره في التحريم فجاء فيها مؤنثا. وفى التحريم تكرر لفظ التأنيث بقوله تعالى: (ومريم) و (ابنت) و (أحصنت) و (فرجها) فناسب التذكببر تخفيفا من زيادة تكرر التأنيث. ( كشف المعاني )

3-             فنفخنا فيها / فنفخنا فيه: جاء الضمير التالي لحرف الجر في آية الأنبياء مؤنثاً ، بينما جاء مذكراً في آية التحريم ، وذلك لان المقصود في سورة الانبياء ذكر مريم عليها السلام فأعاد الضمير عليها ، بينما المقصود في آية التحريم ذكر إحصانها وعفتها ، فعاد الضمير على الفرج ، وهو مذكر.(معجم الفروق الدلالية / بتصرف)

4-              ما دلالة ضمير التعظيم في قوله تعالى (فنفخنا فيها من روحنا)و الإفراد فى قوله تعالى (ونفخت فيه من روحى) ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

إذا كان في مقام التعظيم يسنده إلى مقام التعظيم وإذا كان في مقام التوحيد يكون في مقام الإفراد، يقول تعالى (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه) إذا كان في مقام التوحيد يُفرِد وإذا كان في مقام التعظيم يجمع. (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) مريم). وقسم أيضاً يقول أنه إذا كان أمر الله بواسطة المَلَك يلقيه يأتي بضمير الجمع وإذا لم يكن كذلك يُفرِد. على سبيل المثال: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91) الأنبياء) لأن النافخ تمثل لها بشراً سوياً بواسطة ملك أما عن آدم فقال تعالى (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) ص). إذا كان الأمر بواسطة الملك يجمع (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (40) هود) الملك يبلِّغ هذا. هذا أمر عام، لكن هناك أمر آخر نذكره وهو أنه في كل مقام تعظيم لا بد أن يسبقه أو يأتي بعده ما يدل على الإفراد في القرآن كله. لا تجد مكاناً للتعظيم إلا وسبقه أو جاء بعده ما يدل على الإفراد (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)) هذه تعظيم ثم يقول بعدها (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) رب واحد إفراد ما قال بأمرنا. لو قرأنا في سورة النبأ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا، وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا) ثم قال (جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا (36)) بعد كل جمع تعظيم إفراد. ليس هناك في القرآن موطن تعظيم إلا سبقه أو جاء بعده ما يدل على المفرد (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) الكوثر) لم يقل فصلِّ لنا. هذا لم يتخلّف في جميع القرآن مطلقاً. إذن عندنا مقام تعظيم ومقام توحيد، يجمع في مقام التعظيم ويفرد في مقام التوحيد ويقال أنه إذا كان بواسطة المَلَك يجمع مع إحتراز أنه ليس هنالك مقام تعظيم إلا وقبله أو بعده إفراد.

إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)

1-             قوله {فاعبدون} {وتقطعوا} وفي المؤمنين {فاتقون} {فتقطعوا} لأن الخطاب في هذه السورة للكفار فأمرهم بالعبادة التي هي التوحيد ثم قال {وتقطعوا} بالواو لأن التقطع قد كان منهم قبل هذا القول لهم ومن جملة خطاب المؤمنين فمعناه داوموا على الطاعة وفي المؤمنين الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بدليل قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} والأنبياء والمؤمنون مأمورون بالتقوى ثم قال {فتقطعوا أمرهم} أي ظهر منهم التقطع بعد هذا القول والمراد أممهم. ( أسرار التكرار )

2-             مسألة: قوله تعالى: (وأنا ربكم فاعبدون (92) وتقطعوا) وفى المؤمنين: (فاتقون (52) فتقطعوا) ؟ . جوابه: أما قوله: (فاعبدون) فلأنه خطاب لسائر الخلق، فناسب أمرهم بالعبادة والتوحيد ودين الحق. وقوله: ((فاتقون) خطاب للرسل فناسب الأمر بالتقوى، ويؤيده: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) و (يا أيها النبي اتق الله) . وأما ” الواو”، و ” الفاء”، فلأن ما قبل ” الواو” لا يتعلق بما
بعدها، وما قبل “الفاء” متعلق بما بعدها لأن ذكر الرسل يقتضي التبليغ ولم يسمعوا، فكأنه قيل: بلغهم الرسل دين الحق فتقطعوا أمرهم، ولذلك قيل هنا: (كل إلينا راجعون (93)) وفى المؤمنين: (كل حزب بما لديهم) أي من الخلاف بينهم فرحون. ( كشف المعاني )

فَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)

1- ليوم القيامة في القرآن الكريم أسماء كثير: ( الآزفة): وردت في القرآن مرتين، وسميت آزفة، لأزوفها، أي لقربها، وإن استبعد الناس مداها.(الحاقة): روعي في هذا الاسم من أسماء القيامة: تحقق وقوعها بلاسك في ذلك، وكشف حقائق الأمور فيها، إحقاق الحقوق لكل عامل وعدالة الحساب والجزاء فيها، كونها قاطعة غالبة لكل معاند مجادل.( الراجفة الرادفة) الراجفة: هي الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهمجيتها، الأولى، والرادفة هي النفخة الثانية لأنها تردف الأولى. ( الساعة):إن سر إطلاق اسم الساعة على يوم القيامة أقوال عدة، منها:1-سرعة مجيئها ، فكأن الوقت الذي بين الدنيا وبين القيامة لم يستغرق سوى هذا الجزء اليسير من الزمان .2-لسرعة انقضاء الحساب فيها.( الصاخة): يدل اسم الصاخة على لحظة من لحظات يوم القيامة، وهي لحظة النفخ في الصور وما يصاحب ذلك من صمم عن الدنيا وذهول عنها، والإقبال على شأن الآخرة وماقيها من ثواب وعقاب.( الطامة) جاءت كلمة الطامة وصفاً للقيامة في سياق الامتنان على الإنسان بخلق الله في السماوات والأرض والجبال وماقيها من متاع للإنسان ودلائل على قدرة الله عز وجل.( الغاشية) سياق هذه الكلمة في القرآن الكريم يقطع بأن المراد يوم القيامة، بما يغشى الناس فيه من أهوال وشدائد ، وما يعلو وجوههم من خشوع ونصب، أو نضرة وإشراق. (القارعة):داهية تقرعهم بما يحل الله بهم من صنوف البلايا والمصائب ،وسميت القيامة بالقارعة لأنها تقرع الناس” تصيبهم وتضربهم”  بالأهوال كانشقاق السماء والأرض ودك الجبال وطمس النجوم.(القيامة): وهو أشهر الأسماء الدالة على يوم البعث والحساب. وهو قيام الناس من قبورهم، ويكون ذلك دفعة واحدة لشدة النفخة التي تصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله . ولهذا المعنى ينطوي اسم القيامة على كل الأوصاف الواردة في الأسماء الأخرى الدالة على هذا اليوم العظيم.( الواقعة): معنى الواقعة” الحادثة” ، وإن تسمية القيامة ” بالواقعة” إشارة الى ثبوتها وتأكيداً لوجوبها وحلولها. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99)

                         لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (100)

1-             -مسألة: قوله تعالى: (وهم فيها لا يسمعون (100)) وقال تعالى: (وإذ يتحاجون في النار) وقال تعالى: (قالوا وهم فيها يختصمون (96) إلى غير ذلك مما يدل على سماعهم؟ . جوابه: لعل ذلك باعتبار حالين: فحال السماع والمحاجة والمخاصمة قبل اليأس من الخلاص من النار. وحال اليأس لا يسمعون، لما روى أنهم يجعلون في توابيت من نار ويسد عليهم أبوابها فحينئذ لا يسمعون. ( كشف المعاني )

                 إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)

1-             قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها) وقد قال تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (101)) ؟ . جوابه: أدن ورود المؤمنين: الجواز على الصراط، والكفار والعصاة يدخلونها أو أن الخطاب لمن تقدم ذكرهم في قوله (أيهم أشد على الرحمن عتيا (69) إلى قوله تعالى: (صليا (70) . (كشف المعاني )  

2-             مسألة: قوله تعالى: (لترون الجحيم) وفيه توكيد الخبر وقال تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) . الآيتين جوابه: تقدم في سورة الأنبياء. وقيل: هو خطاب للمشركين خاصة، والمراد رؤية دخول وحلول فيها، وهو عين اليقين. وقيل: هو الخطاب للناس كقوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها) فالمؤمن ناج منها والكافر داخل فيها. ( كشف المعاني )

3-             إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:

الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

1- الشهوة / اللَّذَّة / الهوَى: إن هذه الألفاظ بينها تقارب دلالي حيث تشترك جميعها في معنى الحب والرغبة، ويختص كل منها بملمح دلالي يميزه : فالشهوة: تختص بالمحسوسات ولا يظهر أثر ذلك على البدن فهي الميل للذة ، وهو أمر نفسي لا بدني ، كما أن الشهوة تكون محمودة آناً ، وتكون مذمومة آناً أخرى .

واللذة: تختص بالمحسوسات التي تظهر آثارها على البدن كلذة الطعم ،ولذة النظر وغيرها. أما الهوى : فهو مصدر اللذة والشهوة ،ولذلك يختص بالآراء والأفكار والاعتقادات ،وهو مذموم دائماً لأنه يهوي بصاحبه .( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

لا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103)

1- الخَشْيَة / الخوف/ الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الرَّوْع / الفَرقَ / الفزع / الوَجَل:

تشترك جميع الألفاظ في معنى توقع المكروه، وانقباض النفس لذلك. وتشترك أربعة من هذه الألفاظ في ملمح الشدة وهي ( الرُّعْب/ الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع )، وتشترك ثلاثة منها في معنى الاضطراب وهي (الرَّهْبَة / الفَرقَ / الفزع)، وتتميز بعض هذه الألفاظ بملامح دلالية فارقة : فالخشية تمتاز بملمح العلم بموجبات الخوف ، وفيها انقياد وامتثال . والرعب: بملمح الهيئة الناشئة عن أمر خارق للمألوف. والرهبة: تمتاز بملمح الاضطراب والضعف معاً . أما الروع : يصحبه إنكار وقلق . أما الفَرق ففيه جبن واضطراب معاّ. والوجل : فيه سكون ظاهري . ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)

1- بَعَثَ / أَرسَلَ : كلا اللفظين يشتركان بملمح دلالي عام هو ( التوجيه) ، إلا أن هنالك ملامح دلالة فارقة بين الكلمتين ف (البعث ) يتميز بملمح التنبيه والإيقاظ والإثارة . أما الإرسال فيتميز بملمح الرفق والرحمة، إلا في المواضع التي جاء مركباً فيها مع حرف الاستعلاء ( على). ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

2-  ما الفرق بين الرأفة والرحمة ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

الرأفة أخصّ من الرحمة والرحمة عامة. الرأفة مخصوصة بدفع المكروه وإزالة الضرر والرحمة عامة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء)، (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا (65) الكهف) ليست مخصوصة بدفع مكروه. تقول أنا أرأف به عندما يكون متوقعاً أن يقع عليه شيء. الرحمة عامة (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (48) الشورى) فالرحمة أعمّ من الرأفة. عندما نقول في الدعاء يا رحمن ارحمنا هذه عامة أي ينزل علينا من الخير ما يشاء ويرفع عنا من الضر ما يشاء وييسر لنا سبل الخير عامة.

قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنْ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved